الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفخر إنما أوله نطفة وآخره جيفة).
[الحل]:
(وأما الحل فهو أن ينثر نظم) وإنما يكون مقبولا إذا كان سبكه مختارا لا يتقاصر عن سبك النظم، وأن يكون حسن الموقع غير قلق
…
===
أنلنى بالذى استقرضت خطا
…
وأشهد معشرا قد شاهدوه
فإنّ الله خلّاق البرايا
…
عنت لجلال هيبته الوجوه
يقول إذا تداينتم بدين
…
إلى أجل مسمّى فاكتبوه (1)
فقد نبه على أنه من القرآن بقوله يقول، ومثال عقد الحديث مع التغيير الكثير والتنبيه، إذ لا منافاة بينهما فصح جمعهما فى مثال واحد قول الإمام الشافعى- رضى الله عنه-:
عمدة الخير عندنا كلمات
…
أربع قالهنّ خير البريّة
اتّق الشّبهات وازهد ودع ما
…
ليس يعنيك واعملنّ بنيّة (2)
فقد عقد قوله صلى الله عليه وسلم: " الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات فمن تركها سلم ومن أخذها كان كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه (3) "، وقوله صلى الله عليه وسلم:" ازهد فى الدنيا يحبّك الله، وازهد فيما فى أيدى الناس يحبّك الناس (4) "، وقوله صلى الله عليه وسلم:" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (5) "، وقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (6) "، ولا يخفى ما يقابل كل حديث من الكلمات الشعرية على هذا الترتيب كما لا يخفى ما فى العقد المذكور من التغيير الكثير
(قوله: والفخر) مفعول معه أى: أى شىء ثبت لابن آدم مع الفخر؟ (وقوله: أوله) أى: أصله، (وقوله: وآخره جيفة) أى: حاله الأخيرة، حال جيفة فمن أين يأتيه الافتخار؟
[الحل]:
(قوله: فهو أن ينثر نظم) أى: أن يجعل النظم نثرا
(قوله: وإنما يكون مقبولا إلخ)
(1) فى شرح المرشدي لعقود الجمان (2/ 191)، والإيضاح ص 364.
(2)
شرح المرشدي 2/ 191، وفي الإيضاح، وهما من قول أبي الحسن طاهر بن معوذ والإشبيلي وليسا للإمام الشافعي على ما زعم بعضهم.
(3)
أخرجه البخارى في الإيمان (52) بنحوه، ومسلم فى المساقاة (1599) بنحوه كذلك.
(4)
أخرجه ابن ماجه فى الزهد (4102) بلفظ" يحبوك" بدل" يحبك الناس".
(5)
أخرجه الترمذى فى الزهد (2317) وقال: هذا حديث غريب.
(6)
أخرجه البخارى فى بدء الوحى (1)، ومسلم فى الإمارة (1907) بلفظ" النية" بدل" النيات".
(كقول بعض المغاربة: فإنه لما قبحت فعلاته وحنظلت نخلاته) أى صارت ثمار نخلاته كالحنظل فى المرارة (لم يزل سوء الظنّ يقتاده) أى يقوده إلى تخيلات فاسدة وتوهمات باطلة (ويصدق) هو (توهّمه الذى يعتاده) من الاعتياد
…
===
أشار الشارح إلى أن شرط كون الحل مقبولا أمران: - أحدهما راجع للفظ، والآخر للمعنى، الأول: أن يكون سبك ذلك النثر مختارا أى: أن يكون تركيبه حسنا بحيث لا يقصر فى الحسن عن سبك النظم وذلك بأن يشتمل على ما ينبغى مراعاته فى النثر بأن يكون كهيئة النظم لكونه مسجعا ذا قرائن مستحسنة فلو لم يكن النثر كذلك لم يقبل كما لو قيل فى حل البيت الآتى: إن الإنسان لا يظن بالناس الأمثل فعله ونحو ذلك، والآخر أن يكون ذلك النثر حسن الوقوع غير قلق، وذلك بأن يكون مطابقا لما تجب مراعاته فى البلاغة مستقرّا فى مكانه الذى يجب أن يستعمل فيه، فلو كان قلقا لعدم مطابقته أى: مضطربا لعدم موافقته لمحله لم يقبل وليس من شرطه أن يستعمل فى نفس معناه، بل لو نقله من هجو لمدح مثلا مع كونه مطابقا قبل
(قوله: بعض المغاربة) جمع مغربىّ، فالتاء فى الجمع عوض عن ياء النسبة التى فى المفرد (وقوله: كقول بعض المغاربة) أى: فى وصف شخص يسىء الظن بالناس لقياسه غيره على نفسه
(قوله: فعلاته) أى:
أفعاله
(قوله: وحنظلت نخلاته) أى: ثمار نخلاته فهو على حذف مضاف والمراد بأثمار نخلاته نتائج أفكاره، كما أن المراد بالنخلات الأفكار، والمراد بحنظلة النتائج: قبحها أو هذه الجملة أعنى قوله: وحنظلت نخلاته تمثيلية، فقد شبه حال من تبدلت أوصافه الحسنة بغاية ما يستقبح من الأوصاف بحال من له نخلات تثمر الحلو، ثم انقلبت تثمر مرّا فى كون كلّ منهما فيه تبدل ما يستلمح بما يستقبح، واستعمل الكلام الدال على الحالة الثانية فى الحالة الأولى على طريق الاستعارة التمثيلية
(قوله: لم يزل سوء الظن يقتاده) أى: أنه لما كان قبيحا فى نفسه، وقاس الناس عليه ظانّا بهم كل قبيح صار سوء الظن يقوده إلى ما لا حاصل له فى الخارج من التخيلات الفاسدة والتوهمات الباطلة
(قوله: ويصدق توهمه) حال من مفعول يقتاده أى: لم يزل سوء الظن يقوده فى حال كونه مصدقا لتوهمه الذى يعتاده أى: يعاوده ويراجعه، فيعمل على مقتضى توهمه