الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبناء حائط يذكر طوله، وعرضه، وسمكه، وآلته (1)
الشرط (الثاني معرفة الأجرة)
بما تحصل به معرفة الثمن (2) لحديث أحمد: عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره (3) .
(1) أي وبوصف بناء حائط، يذكر طول الحائط، وهو ارتفاعه، وعلوه ويذكر عرضه، لاختلاف الغرض، فيقول من حجارة، أو آجر، أو لبن، أو بالطين، أو الجص ونحوه، بلا نزاع، فلو بناه ثم سقط، فله الأجرة، لأنه وفى بالعمل، إلا إن كان سقوطه بتفريطه، نحو أن بناه محلولا، فعليه إعادته، وغرم ما تلف به، وإن استأجره لبناء أذرع معلومة، فبنى بعضها، وسقط، فعليه إعادته وتمام الأذرع، ليفي بالمعقود عليه، وإن استأجره لضرب لبن، ذكر عدده، وقالبه، وموضع الضرب، وتصح إجارة أرض معينة لزرع كذا، أو غرس ما شاء كآجرتك لتزرع ما شئت، أو لغرس ويسكت، أو آجره الأرض وأطلق، وهي تصلح للزرع وغيره، قال الشيخ: فتصح الإجارة في جميع هذه الصور، للعلم بالمعقود عليه. وقال: إن أطلق، أو قال: انتفع بها بما شئت. فله زرع، وغرس وبناء.
(2)
أي قياسًا عليه، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا. لأنه عوض في عقد معاوضة فوجب أن يكون معلومًا برؤية أو صفة، كالثمن.
(3)
ورواه ابن ماجه، ولفظ عبد الرزاق «من استأجر أجيرًا فليسم له أجرته» لئلا يكون مجهولا، ولا يجب عند الجمهور، للعرف، واستحسان
المسلمين، وقال ابن القيم: وإن كانت الأجرة غير معلومة صح، تبعا لمدة الإجارة، فقد صح عن علي أنه آجر نفسه كل دلو بتمرة، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك التمر.
فإن آجره الدار بعمارتها (1) أو عوض معلوم، وشرط عليه عمارتها خارجا عن الأجرة لم تصح (2) ولو أجرها بمعين، على أن ينفق المستأجر ما تحتاج إليه، محتسبًا به من الأجرة صح (3)(وتصح) الإجارة (في الأَجير والظئر بطعامهما وكسوتهما)(4) روي عن أبي بكر، وعمر، وأبي موسى في الأجير (5) .
(1) أي التي تحدث، لم تصح للجهالة، وأما عمارة شيء معلوم حال العقد فجائز.
(2)
أي الإجارة، لجهالة المشروط، فقد تزيد العمارة، وقد تنقص، وقد يقول المؤجر: أردت عمارة أحسن من هذا.
(3)
لأن الإصلاح على المالك، وقد وكله فيه، وإن دفع غلامه إلى نحو خياط ليعلمه بعمل الغلام سنة جاز.
(4)
الظئر هي المرضعة، وهذا استثناء من اشتراط معرفة الأجرة، فتصح هنا وإن لم يصف الطعام والكسوة، أو بأجرة معلومة وطعامهما، وكسوتهما.
(5)
أي أنهم استأجروا الأجراء بطعامهم وكسوتهم، ولم يظهر له نكير، فكان كالإجماع، وهذا مذهب مالك وغيره، ولابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم لما قرأ قصة موسى، قال «آجر نفسه ثماني سنين أو عشرا، على عفة فرجه، وطعام بطنه» وشرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يثبت نسخه، وثبت في الظئر، فغيره بالقياس عليها، ولأنه عوض منفعة، فقام العرف فيه مقام التسمية.
وأما الظئر فلقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (1) ويشترط لصحة العقد العلم بمدة الرضاع (2) ومعرفة الطفل بالمشاهدة، وموضع الرضاع (3) ومعرفة العوض (4) .
(1) أي (وعلى المولود له) وهو الأب (رزقهن) طعامهن (وكسوتهن) لباسهن (بالمعروف) أي على قدر الميسرة، وبما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن، من غير إسراف ولا إقتار، ويأتي قول الشيخ: فدلت الآية على صحتها في الظئر بطعامها وكسوتها، وقياسها الأجير، وهما عند التنازع كزوجة.
(2)
لأنه لا يمكن تقديره إلا بها، لأن السقي والعمل فيها يختلف.
(3)
أي ويشترط معرفة الطفل بالمشاهدة، لأن الرضاع يختلف باختلاف كبره، وصغره، ونهمته، وقناعته، وصوب في الإنصاف أنه تكفي صفته، ويشترط معرفة موضع الرضاع، هل هو عند المرضعة، أو عند وليه، لأنه يختلف فيشق عليها في بيت المستأجر، ويسهل في بيتها.
(4)
أي ويشترط معرفة العوض لما تقدم، جزم بذلك الموفق وغيره، وقال الشيخ: لا يفتقر إلى تقدير عوض، ولا إلى صيغة، بل ما جرت العادة بأنه إجارة فهو إجارة يستحق فيه أجرة المثل، في أظهر قولي العلماء، لعموم ما تقدم من قوله (بالمعروف) وأجمع العلماء على استئجار الظئر للآية، ودعاء الحاجة، وإن أطلق العقد على الرضاع دخلت فيه الحضانة، صوبه في الإنصاف، لأن العرف جار بأن المرضعة تحضن، فحمل الإطلاق عليه.
وقال ابن القيم – في قول من قال: إن الرضاع يتبع الحضانة -: الله يعلم والعقلاء قاطبة أن الأمر ليس كذلك، وأن وضع الطفل في حجرها ليس مقصودًا أصلاً، ولا ورد عليه عقد الإجارة، لا عرفًا، ولا حقيقة، ولا شرعا، ولو أرضعت الطفل وهو في حجر غيرها، أو في مهده لاستحقت الأجرة ويأتي،
وأما الزوجة. فقال القاضي: لا يستأجر زوجته لرضاع، وقال الشيرازي: لأنه استحق نفعها. وعند الشيخ لا أجرة لها مطلقًا.
(وإن دخل حماما، أو سفينة) بلا عقد (1)(أو أعطى ثوبه قصارا، أو خياطا) ليعملاه (بلا عقد، صح بأجرة العادة)(2) لأن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول (3) وكذا لو دفع متاعه لمن يبيعه (4) أو استعمل حمالا ونحوه فله أجرة مثله (5) ولو لم يكن له عادة بأخذ الأجرة (6) .
(1) صح بأجرة العادة مطلقًا، لأن شاهد الحال يقتضيه، والشارع أجرى الشرط العرفي كاللفظي.
(2)
وكذا حلق رأسه، وتغسيله، وشربه من مائه، أو قهوته، أو نحو ذلك من المباحات، إذا كان معدا نفسه لذلك، على الصحيح من المذهب.
(3)
وإن لم يعد نفسه لذلك لم يستحق إلا بشرط، أو عقد، أو تعريض، لأنه لم يوجد عرف يقوم مقام العقد، فهو كما لو عمل بغير إذن مالكه.
(4)
يعني وكان منتصبا يبيع للناس بأجرة مثله، فهو كالقصار والخياط، له أجرة العادة نص عليه.
(5)
أي أو استعمل إنسان حمالا – ونحوه كدلال – بلا عقد معه، فله أجرة مثله على عمله، سواء وعده، كقوله: اعمله وخذ أجرته. أو عرض له، كقوله: اعلم أنك لا تعمل بلا أجرة. أو لا.
(6)
لأنه عمل له بإذنه ما لمثله أجرة، ولم يتبرع، وهذا في المنتصب لذلك، وإلا فلا شيء له إلا بعقد أو شرط، أو تعريض كما تقدم، قال ابن القيم: لو دفع ثوبه إلى من يعرف أنه يغسل أو يخيط بالأجرة أو عجينه لمن يخبزه، أو لحما لمن يطبخه، أو حبا لمن يطحنه، أو متاعًا لمن يحمله، ونحو ذلك لمن نصب نفسه للأجرة على ذلك، وجب له أجرة مثله، وإن لم يشترط معه ذلك لفظًا، عند جمهور أهل العلم، حتى عند المنكرين لذلك، فإنهم ينكرونه بألسنتهم، ولا يمكنهم العمل إلا به.
وقال: إن قال: إن ركبت هذه الدابة إلى أرض كذا فلك عشرة أو إلى أرض كذا فلك خمسة عشر؛ أو إن خطت هذا القميص اليوم فلك درهم، أو غدا فنصف درهم. أو زرعت أرضي حبا فمائة، أو شعيرا فمائتان. هذا كله جائز صحيح، لا يدل على بطلانه كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس صحيح، ولا نزاع فيه في عصر الصحابة، بل الثابت عنهم جوازه كما ذكره البخاري عن عمر: أنه إذا دفع أرضه إلى من يزرعها، قال: إن جاء عمر بالبذر فله كذا، وإن جاؤوا به فلهم كذا، ولم يخالفه صحابي، ولا محذور فيه، ولا غرر، ولا جهالة، ولا يقع إلا معينا، والخيرة إلى الأجير.