الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب السبق
(1)
وهو بتحريك الباء: العوض الذي يسابق عليه (2) وبسكونها المسابقة (3) .
(1) وهو جائز بالكتاب، والسنة، والإجماع، قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وقال {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} وسابق سلمة رجلا من الأنصار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام «ألا إن القوة الرمي» وقال «فلا يعجز أحدكم أن يلهو بسهمه» وقال «من علم الرمي ثم تركه فليس منا» وحكى الإجماع على جوازه في الجملة غير واحد من أهل العلم، وقال الشيخ: السباق بالخيل، والرمي بالنبل ونحوه من آلات الحرب، مما أمر الله به ورسوله، لأنه مما يعين على الجهاد في سبيل الله.
وقال: السبق، والصراع، ونحوهما طاعة إذا قصد به نصرة الإسلام، وأخذ السبق عليه أخذ بالحق، ويجوز اللعب بما قد يكون فيه مصلحة بلا مضرة، ويكره لعبه بأرجوحة ونحوها، قال في الفروع: وظاهر كلام الشيخ لا يجوز اللعب المعروف بالطاب والنقيلة، وقيل: هي اللعب بالودع، وكل ما أفضى إلى المحرم، إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة، لأنه يكون سببًا للشر والفساد.
قال الشيخ: وما ألهى، وشغل عما أمر الله به فهو منهي عنه، وإن لم يحرم جنسه، كالبيع والتجارة، وأما سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو، وسائر ضروب اللعب، مما لا يستعان به في حق شرعي فكله حرام.
(2)
يعني يجعل رهنا على المسابقة.
(3)
وبلوغ الغاية قبل غيره.
أي المجاراة بين حيوان وغيره (1)(يصح) أي يجوز السباق (على الأقدام (2) وسائر الحيوانات (3) والسفن (4) والمزاريق) جمع مزراق وهو الرمح القصير (5) وكذا المناجيق (6) ورمي الأحجار بمقاليع ونحو ذلك (7) لأنه عليه السلام سابق عائشة، رواه أحمد وأبو داود (8) .
(1) كسفن، ورماح، ومناجق، وكذا السباق بالسهام، ويقال له المناضلة، ويأتي.
(2)
للخبر، وتقدم أنه طاعة إذا قصد به نصرة الإسلام، وأنه يجوز بالعوض، وهو كالاستباق على الخيل، وكانوا يجربون بذلك أنفسهم، ويدربونها على العدو، لأنه كالآلة في محاربة العدو.
(3)
كإبل، وخيل، وبغال، وحمير، وفيلة، وكذا بطيور وغيرها.
(4)
أي يجوز السباق على السفن، ويكون طاعة إذا قصد به نصرة الإسلام.
(5)
أخف من العنزة، وزرقه به: رماه، فيجوز المسابقة به، وكذا برمح وعنزة.
(6)
آلة ترمى بها الحجارة، ويقال لها «مجانيق» و «منجنيقات» فارسية معربة، معناهما ما أجودني.
(7)
كرمي أحجار بيد لمعرفة الأشد، ولما في ذلك من التدريب على الحرب، قال القرطبي: لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل، وغيرها من الدواب، وعلى الأقدام، وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة، لما في ذلك من التدريب على الحرب، ويجوز عند الشيخ بعوض إذا قصد به نصرة الإسلام.
(8)
والنسائي، وابن ماجه، ولفظ أبي داود: أنها كانت مع النبي صلى الله
عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال «هذه بتلك السبقة» فدل على جواز السبق على الأقدام، ولا خلاف في ذلك.
وصارع ركانة فصرعه، رواه أبو داود (1) وسابق سلمة بن الأكوع رجلا من الأنصار، بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم (2)(ولا تصح) أي لا تجوز المسابقة (بعوض (3) إلا في إبل، وخيل، وسهام) (4) لقوله صلى الله عليه وسلم «لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر» (5) .
(1) أي وصارع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة – بن عبد يزيد، بن هشام، بن المطلب، بن عبد مناف، المشهور بالقوة – على شاة، فصرعه، فأخذها، وذلك أنه قال «هل لك أن تصارعني؟» قال «ما تسبقني؟» قال: شاة من غنمي، فصارعه فصرعه، فأخذها، فقال ركانة: هل لك في العود؟، ثم عاد مرارًا فصرعه، فقال: يا محمد ما وضع جنبي أحد إلى الأرض، وما أنت بالذي تصرعني فأسلم، فرد عليه غنمه، رواه البيهقي وغيره، ولفظ أبي داود ما ذكره المصنف، وله طرق فيها مقال، وقال الشيخ: هي أمثل ما روي في مصارعه النبي صلى الله عليه وسلم. فدل على جواز المصارعة بين المسلم والكافر، وبين المسلمين.
(2)
وذلك في مسيره إلى المدينة، وكان الأنصاري لا يسبق شدا، فجعل يقول: ألا مسابق؟ قال سلمة: فسبقته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدل على جواز المسابقة، ولا نزاع في ذلك.
(3)
أي بمال لمن سبق، سوى ما استثناه، عند جمهور العلماء.
(4)
وذكر ابن عبد البر تحريم الرهن في غير الثلاثة إجماعا، ونوقش.
(5)
«لا سبق» أي لا جعل للسابق لسبقه «إلا في خف» كناية عن الإبل أي
ذي خف «أو نصل» أي ذي نصل، يعني سهمًا من نشاب ونبل «أو حافر» أي ذي حافر، وهو للخيل، وفسره بعضهم بأنه لا سبق كاملا ونافعا ونحوه، وقالوا أيضًا: الحديث يحتمل أن يراد به أن أحق ما بذل فيه السبق هذه الثلاثة، لكمال نفعها، وعموم مصلحتها، فيدخل فيها كل مغالبة جائزة، ينتفع بها في الدين، لقصة ركانة، وأبي بكر، وقال ابن القيم: الرهان على ما فيه ظهور أعلام الإسلام، وأدلته، وبراهينه، من أحق الحق، وأولى بالجواز من الرهان على النضال، وسباق الخيل والإبل.
رواه الخمسة عن أبي هريرة، ولم يذكر ابن ماجه: أو نصل. وإسناده حسن، قاله في المبدع (1) .
(1) وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، والحاكم، وابن القطان، وابن دقيق. والحديث دليل على جواز بذل العوض، وأخذه فيها، لأنها من آلات الحرب، المأمور بتعلمها وإحكامها، وفي بذل الجعل عليها ترغيب في الجهاد، وتحريض عليه، قال الخطابي وغيره: ويدخل في معنى الخيل البغال، والحمير، لأنها كلها ذوات حوافر، وقد يحتاج إلى سرعة سيرها، ونجاتها، لأنها تحمل أثقال العساكر، فتكون معها في المغازي. اهـ. وظاهر المذهب، ومذهب أبي حنيفة وغيره: جواز المراهنة بعوض، في باب العلم، لقيام الدين بالجهاد، والعلم، واختاره الشيخ، واستظهره في الفروع، واستحسنه في الإنصاف.
وقال الشيخ: المغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما ينتفع به في الدين، كما في مراهنة أبي بكر، قال ابن القيم: والصديق أخذ رهنه بعد تحريم القمار، وقال: الدين قيامه بالحجة والجهاد، فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد، ففي العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح، فإن القصد الأول إقامته بالحجج، والسيف منفذ.
(ولا بد) لصحة المسابقة (من تعيين المركوبين) لا الراكبين (1) لأن القصد معرفة سرعة عَدْو الحيوان الذي يسابق عليه (2)(و) لا بد من (اتحادهما) في النوع (3) فلا تصح بين عربي وهجين (4)(و) لا بد في المناضلة من تعيين (الرماة)(5) لأن القصد معرفة حذقهم (6) .
(1) أي لا بد لصحة المسابقة من خمسة شروط، تعيين المركوبين في المسابقة بالرؤية، بلا نزاع، سواء كانا اثنين أو جماعتين، لا الراكبين، لأنهما آلة للمقصود، كالسرج، فلو اشترط أن لا يركب غير هذا الرجل، لم يصح الشرط.
(2)
ولا يحصل ذلك إلا بالتعيين بالرؤية، ليظهر عدو المركوب بعينه، لا في الجملة، وكل ما تعين لا يجوز إبداله لعذر وغيره.
(3)
لأن التفاوت بين النوعين معلوم بحكم العادة، أشبها الجنسين.
(4)
أي فلا تصح المسابقة بين فرس عربي وفرس هجين، وهو ما أبوه عربي فقط، هذا المذهب.
(5)
قال في الإنصاف: بلا نزاع. والمناضلة من النضل وهو المباراة في الرمي، ونضله غلبه فيه، والرمي به عمل بالنضل.
(6)
أي مهارتهم في الرمي لا رام ما، وأصل السبق في الرمي بالسهم، والسنة شهيرة بذلك، ونكايته في العدو مشهورة، واختلفوا أيما أفضل ركوب الخيل أو رمي بالنشاب؟، وقال ابن القيم: كل واحد منهما يحتاج في كماله إلى الآخر، والرمي أنفع في البعد، وإذا اختلط الفريقان، قامت سيوف الفروسية، والأفضل منهما ما كان أنكى في العدو، وأنفع للجيش، ويختلف باختلاف الجيش، ومقتضى الحال.
ولا يحصل إلا بالتعيين بالرؤية (1) ويعتبر فيها أيضًا كون القوسين من نوع واحد (2) فلا تصح بين قوس عربية وفارسية (3)(و) لا بد أيضًا من تحديد (المسافة)(4) بأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيه (5) ويعتبر في المناضلة تحديد مدى رمي (بقدر معتاد)(6) فلو جعلا مسافة بعيدة، تتعذر الإصابة في مثلها غالبًا – وهو ما زاد على ثلاثمائة ذراع – لم يصح (7) .
(1) أي رؤية الرماة، وكذا بأسمائهم إن كانوا معلومين، لا القوسين، ولا السهام، ولا عينوها لم تتعين، فإن شرط أن لا يرمي بغير هذا القوس، أو بغير هذا السهم، فهو فاسد، لأنه ينافي مقتضى العقد.
(2)
لأن التفاوت بينهما معلوم بحكم العادة.
(3)
القوس العربية قوس النبل، والقوس الفارسية قوس النشاب، ولا يكره الرمي بها، وما روي في كراهتها فلعله لحمل العجم لها في ذلك العصر، ولعدم معرفة العرب لها، وإن لم يذكروا أنواع القسي في الابتداء لم يصح، كما لا يصح بين قوس يد، وقوس رجل.
(4)
ليعلم السابق والمصيب، وهذا الشرط الثالث.
(5)
لأن الغرض معرفة الأسبق، ولا يحصل إلا بالتساوي في الغاية، لأن من الحيوان ما يقصر في أول عَدْوه، ويسرع في أثنائه، وبالعكس، فيحتاج إلى غاية تجمع حاليه.
(6)
لأن الإصابة تختلف بالقرب والبعد، ويعرف ذلك بالمشاهدة أو بالذراع.
(7)
أي عقد السبق، والعلة تعذر الإصابة في ذلك غالبًا، وإذا كانت المسافة
تقرب الإصابة فيها غالبًا صح تعيينها، وإلا فلا يجوز على البعد، وهذا المقدار في الرمي بالقوس، وكان في الجاهلية وصدر الإسلام، وصنفوا في الرمي به المصنفات المشهورة، وسموها بالفروسية.
والفروسية «أربعة» أنواع: ركوب الخيل، والكر والفر بها، «والثاني» الرمي بالقوس، ويذكرون صفته، والرمي به، وغير ذلك، واستعمل الآن آلات للرمي أنكى منه، وأبعد مدى، فيعتبر لها، ما تقرب الإصابة فيه غالبًا، «والثالث» المطاعنة بالرماح، «والرابع» المداورة بالسيوف، ومن استكملها استكمل الفروسية.
لأن الغرض يفوت بذلك، ذكره في الشرح وغيره (1) .
(1) وقال عمر: أرسلوا الأغراض، ففيه قصد الإصابة، وقالوا: لا يصح تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميا، واختار الشيخ الصحة، قال في الإنصاف وغيره: وهو المعمول به عند الرماة، في أماكن كثيرة، وقال ابن القيم: ظاهر الحديث يقتضيه، وهو في اقتضائهما معا أظهر من الاقتصار على الإصابة، «والشرط الرابع» كون العوض معلوما مباحا، بلا نزاع، «والخامس» الخروج عن شبه القمار، فأما من غير المتسابقين فبلا نزاع، ومن أحدهما عند الجمهور، وأما منهما فقيل: إلا بمحلل، وأجازه الشيخ وتلميذه وغيرهما من غير محلل.
وقال: عدم المحلل أولى، وأقرب إلى العدل، من كون السبق من أحدهما، وأبلغ في تحصيل مقصود كل منهما، وهو بيان عجز الآخر، وأكل المال بهذا أكل للمال بحق، وأن هذا العمل للمسلمين مأمور به، وليس في الأدلة الشرعية ما يوجب تحريم كل مخاطرة، وأن الميسر والقمار منه لم يحرم بمجرد المخاطرة، بل لأنه أكل للمال بالباطل، أو للمخاطرة المتضمنة له، فقال في خبر «من أدخل فرسا بين فرسين» : إنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. بل من كلام سعيد بن المسيب، وجوازه بغير محلل هو مقتضى المنقول عن أبي عبيدة بن الجراح، وما علمت في الصحابة من اشترط المحلل، وإنما هو معروف عن سعيد بن المسيب، # وعنه تلقاه الناس، ولهذا قال مالك: لا نأخذ بقول سعيد. وذكر ابن القيم وغيره من الحفاظ: أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقال رجل عند جابر بن زيد: إن أصحاب محمد لا يرون بالدخيل بأسا، فقال: هم كانوا أعف من ذلك، قال ابن القيم: انظر إلى فقه الصحابة وجلالهم، أنهم كانوا أعف من أن يحتاجوا إلى دخيل، ونحن نقول كما قال جابر. وذكر المذاهب، ثم قال: ونتولى علماء المسلمين، ونتخير من أقوالهم ما وافق الكتاب والسنة، ونزنها بهما، وبهذا أوصانا أئمة الإسلام.
وقال في الخبر على تقدير صحته: الذي يدل عليه لفظه أنه إذا استبق اثنان، وجاء ثالث دخل معهما، فإن كان يتحقق من نفسه سبقهما كان قمارا، لأنه دخل على بصيرة أنه يأكل ما لهما، وإن دخل معهما وهو لا يتحقق أن يكون سابقًا، بل يرجو ما يرجوانه، ويخاف ما يخافانه، كان كأحدهما، ولم يكن أكله سبقهما قمارا، وأما اشتراط الدخيل الذي هو شريك في الربح، بريء من الخسران، فكالمحلل في النكاح، والخبر يدل على جواز حل السبّق من كل باذل، وإذا كان منهما لم يختص أحدهما ببذل ماله لمن يغلبه، بل كل منهما باذل مبذول له باختيار فهما سواء في البذل والعمل، ويسعد الله بسبقه من شاء من خلقه. وقال: والعقد المشتمل على الإخراج منهما أحل من العقد الذي انفرد أحدهما فيه بالإخراج.
(وهي) أي المسابقة (جعالة (1)
(1) قالوا: لأن الجعل في نظير عمله وسبقه؛ وقال الشيخ: الجعالة تجوز على العمل المباح، لكن المقصود بالجعل هنا أن يظهر أنه الأقوى، والجعالة الغرض بها العمل من العامل، وقال ابن القيم: المسابقة عقد جائز، وهو المشهور عند أصحاب أحمد، ومذهب أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، وقال أيضًا: هو عقد مستقل بنفسه، له أحكام يختص بها، ويتميز بها عن الإجارة، والجعالة، والنذور، والعدات، ونحوها، وليس من باب الجعالة، ولا الإجارة، ومن أدخله في أحد البابين تناقض، إلا أن يقصد الباذل تمرين من يسابقه كولده، والمعلم للمتعلم، فهذا هو الجعالة المعروفة، وهو نادر، والغالب فيها مسابقة النظراء بعضهم لبعض. اهـ. وقالوا أيضًا: السابق لا يطعم السبق، وقال الشيخ وابن القيم وغيرهما: يصح شرطه للأستاذ، وشراء قوس، وكرى الحانوت، وإطعام الجماعة، لأنه مما يعين على الرمي.
لكل واحد) منهما (فسخها)(1) لأنها عقد على ما لا تتحقق القدرة على تسليمه (2) إلا أن يظهر الفضل لأحدهما، فله الفسخ دون صاحبه (3)(وتصح المناضلة) أي المسابقة بالرمي (4) من النضل وهو السهم التام (5)(على معينين) سواء كانا اثنين أو جماعتين (6) .
(1) ولو بعد الشروع فيها، ما لم يظهر الفضل لأحدهما.
(2)
وهو السبْق أو الإصابة، فكان العقد جائزًا لا لازما، قال ابن القيم: على القول أنه جائز فلكل فسخها قبل الشروع اتفاقًا.
(3)
يعني المسبوق، لئلا يفوت غرض المسابقة، بفسخ من ظهر له فضل صاحبه، بنحو سبق فرسه في بعض المسافة، أو إصابة بسهامه أكثر، ومذهب أحمد، وأبي حنيفة، والشافعي وغيرهم: أنه يقضى به إذا امتنع المسبوق من بذله.
(4)
وهو أجل أبواب الفروسية على الإطلاق وأفضلها، وكان الصحابة والسلف يفعلونه كثيرًا، وفي السنن «إنه من الحق» وتقدم «أن القوة الرمي» وغيره، وقال تعالى {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} وقرئ (ننتضل) .
(5)
لأن السهم التام بريشه وقدحه ونصله يسمى نضالاً.
(6)
اتفق عدد الجماعتين أو اختلف، وإن عقدوا قبل التعيين على أن ينقسموا بعد العقد جاز، لا بقرعة.
لأن القصد معرفة الحذق كما تقدم (1)(يحسنون الرمي) لأن من لا يحسنه وجوده كعدمه (2) ويشترط لها أيضًا تعيين عدد الرمي (3) والإصابة (4) ومعرفة قدر الغرض طوله، وعرضه، وسمكه (5) .
(1) وأنه لا تعرف مهارتهم إلا بالتعيين.
(2)
هذا أحد الشروط الأربعة، وهي زيادة على الشروط المتقدمة، فإن كانا اثنين، وعلم أحدهما أن الآخر غالب له ولا بد، أو مغلوب معه ولا بد، فإن كان للمغلوب غرض صحيح كولده جاز، وإن تضمن بذل ما له فيما لا منفعة له فيه، لا دنيا ولا أخرى، فقال ابن القيم: مثل ذلك يمنع منه الشرع والعقل، وإن كانوا حزبين، وفي أحدهما من لا يحسنه، بطل العقد فيه، وأخرج من الحزب الآخر مثله، وإن عقد ليقتسموا بعد جعل لكل حزب رئيس، فيختار كل واحد واحدا حتى يفرغا.
(3)
لئلا يؤدي إلى الاختلاف، فقد يريد أحدهما القطع، ويريد الآخر الزيادة، إلا في رمي المبادرة، فقال ابن القيم وغيره: لا يشترط، لأنه إذا قال: أينا بَدَر إلى خمس إصابات فهو السابق. فمتى بدر لها أحدهما تعين سبقه، سواء كان من الرمي أو لا، أما في المفاضلة والمحاطة، فإذا لم يكن معلوما، لم يحصل مقصود العقد، ولم ينقطع التنازع. اهـ. ويشترط معرفة نوع الرمي.
(4)
بأن يقول: عشرون والإصابة خمسة، ونحوه، ويشترط استواؤهما في عدده، وعدد الإصابة، وصفتها، وسائر أحوال الرمي.
(5)
أي ارتفاعه، وطوله: امتداده، والعرض عكس الطول، فيعتبر ذلك، لأن الإصابة تختلف باختلافه، والغرض ما ينصب في الهدف من خشب أو غيره، سمي غرضًا لأنه يقصد، ويسمى شارة.
وارتفاعه من الأرض (1) والسنة أن يكون لهما غرضان (2) إذا بدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالثاني (3) لفعل الصحابة رضي الله عنهم (4) .
(1) أي ويعتبر أيضًا ارتفاع الغرض من الأرض، وكذا انخفاضه، لاختلاف الإصابة أيضًا بذلك.
(2)
جزم به ابن القيم وغيره، قال: ويرميان كلاهما إلى أحدهما، ثم يرميان كلاهما إلى الآخر، فيأخذان السهام، ويرميان الأول، وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أراد أحدهما التطويل، والتشاغل عن الرمي بما لا حاجة إليه منع، وطولب بالرمي، ولا يزعج بالاستعجال بالكلية، بحيث يمنع من تحري الإصابة.
(3)
تعديلا بينهما، وهكذا حتى يقضيا رميهما، لأنه العرف، وإن رميا سهمين سهمين فحسن، وإن شرطا أن يرمي أحدهما عددا، ثم الآخر مثله جاز، وإن تشاحا في البادئ أقرع.
(4)
وروي مرفوعًا «ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة» وكان حذيفة، وابن عمر يشتدان بين الغرضين، وإن جعلا غرضا واحدا جاز، لأن المقصود يحصل به، ويكره للأمين، والشهود، وغيرهم ممن حضر مدح أحدهما، أو المصيب، وعيب المخطيء، لما فيه من كسر قلب صاحبه، وفي الفروع: يتوجه في شيخ العلم وغيره مدح المصيب من الطلبة، وعيب غيره كذلك، وفي الإنصاف: إن كان مدحه يفضي إلى تعاظم الممدوح، أو كسر قلب غيره، قوي التحريم، وإن كان فيه تحريض على الاشتغال بالعلم ونحوه، قوي الاستحباب، ويمنع كل منهما من الكلام الذي يغيض صاحبه.