المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٥

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب السلم

- ‌الذي يجمع أخلاطًا أربعة أقسام

- ‌ الشرط (الثالث ذكر قدره)

- ‌ الشرط (الرابع ذكر أجل معلوم)

- ‌ الشرط (السابع أن يسلم في الذمة

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان

- ‌فصل في الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌المليء: القادر بماله، وقوله، وبدنه

- ‌باب الحجر

- ‌فصلفي المحجور عليه لحظه

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإجارة

- ‌ يصح استئجار آدمي لعمل معلوم

- ‌ الشرط (الثاني معرفة الأجرة)

- ‌الشرط (الثالث الإباحة في) نفع (العين)

- ‌كون المنفعة مقصودة

- ‌ الثالث (القدرة على التسليم)

- ‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌ الشفعة (على الفور وقت علمه

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌ لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها)

- ‌باب اللقيط

-

- ‌كتاب الوقف

- ‌ الثاني: (أن يكون على بر)

- ‌ الرابع: أن يقف ناجزا

- ‌صفات ترتيب الاستحقاق

- ‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا

الفصل: ‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا

وإن عين إماما ونحوه تعين (1) والوصية في ذلك كالوقف (2) .

(1) كأن يشترط أن لا يؤم في مسجد وقفه إلا فلان، أو الأهل من أولاده، وكذا شرط الخطابة ونحو ذلك، وكذا لو عين الإمامة بمذهب، ما لم يكن في شيء من أحكام الصلاة، مخالفًا لصريح السنة. وقال الشيخ: يجب أن‌

‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا

، وأن يعمل ما قدر عليه من عمل الواجب، وليس للناس أن يولوا عليهم الفاسق، وإن نفذ حكمه، وصحت الصلاة خلفه. واتفق الأئمة على كراهة الصلاة خلفه، واختلفوا في صحتها، ولم يتنازعوا في أنه لا ينبغي توليته، ومن لم يقم بوظيفته فلمن له الولاية أن يولي من يقوم بها، إلى أن يتوب الأول، ويلتزم بالواجب، والنيابة في مثل هذه الأعمال المشروطة جائزة، ولو عينه الواقف، إذا كان مثل مستنيبه.

قال: ومن وقف على مدرس وفقهاء، فللناظر، ثم الحاكم تقدير أعطيتهم، ولو زاد النماء فهو لهم، ولو عطل وقف مسجد سنة تقسط الأجرة المستقبلة عليها، وعلى السنة الأخرى، لأنه خير من التعطيل، ولا ينقص الإمام بسبب تعطيل الزرع بعض العام، والأرزاق التي يقدرها الواقفون ثم يتغير النقد، يعطى المستحق من نقد البلد ما قيمته قيمة المشروط، وله أن يفرض له على عمله بما يستحقه مثله. وقال: ممن أكل المال بالباطل، قوم لهم رواتب أضعاف حاجاتهم، وقوم لهم جهات معلومها كثير، يأخذونه ويستنيبون بيسير.

(2)

فيما ذكر، لأن مبناها على لفظ الموصي، أشبهت الوقف. وفي الإنصاف هي أعم من الوقف.

ص: 562

فصل (1)

(والوقف عقد لازم) بمجرد القول (2) وإن لم يحكم به حاكم كالعتق (3) لقوله عليه السلام «لا يباع أصلها، ولا يوهب ولا يورث» (4) قال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم (5) . فـ (ـلا يجوز فسخه) بإقالة ولا غيرها (6) لأنه مؤبد (7)

(1) أي في لزوم الوقف، وبيعه لمصلحة، أو إبداله وصرف فاضله، وغير ذلك.

(2)

أو ما يدل عليه، لأنه تبرع يمنع البيع والهبة.

(3)

أي أنه يثبت من غير حكم حاكم، ونص أحمد وغيره على أنه يصح من غير أن يتصل به حكم حاكم، أو يخرج مخرج الوصايا.

(4)

وتقدم قوله «حبس أصلها» وورد غيره مما يدل على لزوم عقد الوقف، وعدم نقضه.

(5)

من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافًا.

(6)

من واقف أو غيره.

(7)

فلم يجز فسخه، وذكر الحميدي أوقافا للصحابة كانت باقية إلى عصره، واستمر عمل المسلمين على ذلك في سائر الأقطار.

ص: 563

(ولا يباع) ولا يناقل به (1)(إلا أن تتعطل منافعه) بالكلية (2) كدار انهدمت (3) أو أرض خربت، وعادت مواتا، ولم تمكن عمارتها (4) فيباع، لما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد – لما بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب – أن انقل المسجد الذي بالتمارين (5) .

(1) فيحرم بيعه ولا يصح، ولا يبدل بغيره، وإن باعه فقال الشيخ: لو وقف على أولاده، ثم باعه وهم يعلمون أنه قد وقفه، فهل سكوتهم تغرير؟ فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم في السلعة المبيعة «لا يحل لمن يعلم ذلك إلا أن يبينه» يقتضي وجوب الضمان، وتحريم السكوت، فيكون قد فعل فعلاً محرمًا، تلف به مال معصوم، فهذا قوي جدًا.

قال: ولو كان مات معسرًا أو هو معسر في حياته، فهل يؤخذ من ريع الوقف؟ هذا بعيد، لكن باعتبار هذا الدين على الواقف بسبب تغريره بالوقف، فكان الواقف هو الآكل ريع وقفه، وقد يتوجه ذلك إذا كان الواقف قد احتال، بأن وقف ثم باع، فإن قصد الحيلة إذا كان متقدمًا على الوقف، لم يكن الوقف لازمًا في المحتال عليه، الذي هو أكل مال المشتري المظلوم.

(2)

قال أحمد: يجوز بيعه، وصرف ثمنه في مثله، وفي المسجد إذا كان لا يرجى عوده كذلك، واتفقوا على أنه إذا خرب لم يعد إلى ملك الواقف.

(3)

ولم تكن عمارتها في ريع الوقف.

(4)

وعود نفعها، وذلك بحيث لا يكون في الوقف ما يعمرها.

(5)

يعني بالكوفة.

ص: 564

واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل (1) . وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه، فكان كالإجماع (2) ولو شرط الواقف أن لا يباع إذا ففاسد (3)(ويصرف ثمنه في مثله)(4) لأنه أقرب إلى غرض الواقف (5)

(1) فلا يجترئ أحد على النقب على بيت المال.

(2)

وقال الموفق: فكان إجماعًا، ولأن فيه استبقاء للوقف بمعناه، عند تعذر إبقائه بصورته، فوجب ذلك، واختاره الشيخ وغيره، وقال ابن عقيل: إذا لم يمكن تأييده على وجه تخصيصه، استبقينا الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، وإيصال الإبدال جرى مجرى الأعيان، وجمودنا على العين تضييع للغرض. وقال الشيخ: يجوز بيع الوقف أو المناقلة به لنقص أو رحجان مغله، واختار هو وتلميذه جواز المناقلة به للمصلحة بشرط أن يكون صادرًا لمن له الولاية على الوقف، من جهة الواقف، أو من جهة الحاكم.

(3)

أي لو شرط أن لا يباع في الحال التي جاز أن يباع فيها فشرطه فاسد، لحديث «ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله» وتقدم، ومثله شرط عدم إيجاره فوق مدة بعينها. بل إذا دعت الضرورة إيجاره زيادة عليها كخرابه مثلا، ولم يوجد ما يعمر به، ولا من يستأجره إلا بزيادة عليها، إذ هي أولى من بيعه، وأفتى به المرداوي، ونقل عن الشيخ أنه أفتى به، وعن المؤلف أنه حكم به.

(4)

إن أمكن، للنهي عن إضاعة المال، وفي إبقائه إذًا إضاعة له، فوجب الحفظ بالبيع.

(5)

لأن في إقامة البدل مقامه تأبيدًا له، ولأن المقصود انتفاع الموقوف عليه بالثمرة لا بعين الأصل.

ص: 565

فإن تعذر مثله ففي بعض مثله (1) ويصير وقفًا بمجرد الشراء (2) وكذا فرس حبيس لا يصلح لغزو (3)(ولو أنه) أي الوقف (مسجد) ولم ينتفع به في موضعه (4) فيباع إذا خربت محلته (5)(وآلته) أي ويجوز بيع بعض آلته، وصرفها في عمارته (6)(وما فضل عن حاجته) من حصره، وزيته، ونفقته ونحوها (7) .

(1) يصرف في جهته، لامتناع تغيير المصرف مع إمكان مراعاته، وإن تعطلت صرف في جهة مثلها، تحصيلاً لغرض الواقف حسب الإمكان.

(2)

كبدل أضحية، ورهن، لأنه كالوكيل في الشراء، والاحتياط وقفه، لئلا ينقضه بعد ذلك من لا يرى وقفه.

(3)

يباع ويصرف في ثمن أخرى، وإن لم يكف أعين به في شراء حبيس يكون بعض الثمن، لأن المقصود استيفاء المنفعة.

(4)

ولو بضيقه على أهله، أو خراب محلته.

(5)

ويصح بيع بعضه لإصلاح ما بقي، إن اتحد الواقف والجهة إن كان عينين أو عينا، ولم تنقص القيمة، وإلا بيع الكل، وأفتى بعض الأصحاب بجواز عمارة الوقف من آخر على جهته، وعليه العمل، والوقف على قوم بعينهم أحق بجواز نقله إلى مدينتهم من المسجد.

(6)

إن احتاج إلى ذلك، لأنه إذا جاز بيع الجميع عند الحاجة إلى بيعه، فبيع بعضه مع بقاء البعض أولى، ويجوز اختصار آنية إلى أصغر منها.

(7)

أو فضل من خشبه، أو شيء من نقضه.

ص: 566

(جاز صرفه إلى مسجد آخر)(1) لأنه انتفاع به في جنس ما وقف له (2)(والصدقة به على فقراء المسلمين)(3) لأن شيبة بن عثمان الحبي (4) كان يتصدق بخلقان الكعبة (5) وروى الخلال بإسناده أن عائشة أمرته بذلك (6) ولأنه مال الله تعالى، لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين (7) .

(1) محتاج إليه، ونص أحمد: يعان به في مسجد آخر. وهو أولى من بيعه، وإن بيع فثمنه.

(2)

ولامتناع تغيير المصرف، مع إمكان مراعاته.

(3)

أي وجاز الصدقة به على فقراء المسلمين، لأنه في معنى المنقطع، وقال الشيخ: يجوز صرف الفاضل في مثله، وفي سائر المصالح، وفي بناء مساكن لمستحق ريعه، القائم بمصلحته.

(4)

أي ابن أبي طلحة العبدري المكي، من مسلمة الفتح، وله صحبة وأحاديث مات سنة 59هـ. والحجبي نسبة إلى حجابة بيت الله الحرام.

(5)

بضم الخاء، جمع خلق بفتحتين، أي ما بلي من ثيابها.

(6)

ولفظه: عن علقمة عن أمه، أن شيبة بن عثمان الحجبي جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تكثر عليها، فننزعها فنحفر لها آبارًا، فندفنها فيها حتى لا تلبسها الحائض والجنب؛ قالت عائشة: بئسما صنعت ولم تصب. إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب، ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين، قال: فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن، فتباع، فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، قال الموفق: وهذه قضية مثلها ينتشر، ولم تنكر، فتكون إجماعًا.

(7)

كالوقف المنقطع، قال الحارثي: وإنما لم يرصد لما فيه من التعطل،

فيخالف المقصود، ولو توقعت الحاجة في زمن آخر، ولا ريع يسد مسدها، لم يصرف في غيرها، لأن الأصل الصرف في الجهة المعينة، وإنما سومح بغيرها حيث لا حاجة، حذرا من التعطل.

ص: 567

وفضل موقوف على معين (1) استحقاقه مقدر، يتعين إرصاده (2) ونص فيمن وقف على قنطرة فانحرف الماء: يرصد لعله يرجع (3) وإن وقف على ثغر فاختل صرف في ثغر مثله (4) وعلى قياسه مسجد، ورباط، ونحوهما (5) .

(1) كأن يقول: هذا وقف على زيد، يعطى منه كل سنة مائة.

(2)

كما لو قال الواقف: يعطى من أجرة هذه الدار كل شهر عشرة دراهم؛ وأجرة الدار أكثر من ذلك، قال في الإنصاف: وهو واضح. وقطع به في المنتهى، وقال الشيخ: إن علم أن ريعه يفضل دائمًا وجب صرفه، لأن بقاءه فساد له، وإعطاؤه فوق ما قدر له الواقف جائز، قال: ولا يجوز لغير الناظر صرف الفاضل.

(3)

أي الماء إلى القنطرة، فيحتاجون، فيصرف عليها ما وقف عليها، وقال بعضهم: يصرف إلى أخرى، كما تقدم نحوه.

(4)

أي مثل الثغر الذي اختل أي وهن وفسد، أخذًا من بيع الوقف إذا خرب، لأن المقصود الصرف إلى المرابط، فوجب الصرف إلى ثغر آخر.

(5)

كسقاية إذا تعذر الصرف فيها، صرف في مثلها، تحصيلاً لغرض الواقف قاله في التنقيح، وصرح به الحارثي، وقال: الشرط قد يخالف للحاجة، كالوقف على المتفقهة على مذهب معين، فإن الصرف يتعين عند عدم المتفقهة على ذلك المذهب إلى المتفقهة على مذهب آخر.

ص: 568

ولا يجوز غرس شجرة، ولا حفر بئر بالمسجد (1) وإذا غرس الناظر أو بنى في الوقف من مال الوقف (2) أو من ماله ونواه للوقف فللوقف (3) قال في الفروع: ويتوجه في غرس أجنبي أنه للوقف بنيته (4) .

(1) ولو للمصلحة العامة، لأن البقعة مسحقة للصلاة، فتعطيلها عدوان، وإن فعل قلعت الشجرة، وطمَّت البئر، ما لم يكن في حفرها مصلحة، ولم يحصل به ضيق.

(2)

فللوقف، نواه أو لا.

(3)

وإن غرس من ماله ولم ينوه للوقف فله غير محترم، وفي الفروع: يتوجه إن أشهد، وإلا فللوقف.

(4)

أي غرس غير الناظر والواقف، ونواه للوقف فللوقف، وإلا فله - إن أشهد - غير محترم.

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم

آخر المجلد الخامس من حاشية الروض المربع ويليه المجلد السادس

وأوله «باب الهبات والعطية»

ص: 569