المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب اللقيط (1) بمعنى ملقوط (2) (وهو) اصطلاحا: (طفل (3) لا - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٥

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب السلم

- ‌الذي يجمع أخلاطًا أربعة أقسام

- ‌ الشرط (الثالث ذكر قدره)

- ‌ الشرط (الرابع ذكر أجل معلوم)

- ‌ الشرط (السابع أن يسلم في الذمة

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان

- ‌فصل في الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌المليء: القادر بماله، وقوله، وبدنه

- ‌باب الحجر

- ‌فصلفي المحجور عليه لحظه

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإجارة

- ‌ يصح استئجار آدمي لعمل معلوم

- ‌ الشرط (الثاني معرفة الأجرة)

- ‌الشرط (الثالث الإباحة في) نفع (العين)

- ‌كون المنفعة مقصودة

- ‌ الثالث (القدرة على التسليم)

- ‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌ الشفعة (على الفور وقت علمه

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌ لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها)

- ‌باب اللقيط

-

- ‌كتاب الوقف

- ‌ الثاني: (أن يكون على بر)

- ‌ الرابع: أن يقف ناجزا

- ‌صفات ترتيب الاستحقاق

- ‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا

الفصل: ‌ ‌باب اللقيط (1) بمعنى ملقوط (2) (وهو) اصطلاحا: (طفل (3) لا

‌باب اللقيط

(1)

بمعنى ملقوط (2)(وهو) اصطلاحا: (طفل (3) لا يعرف نسبه ولا رقه (4) نبذ) أي طرح في شارع أو غيره (5)(أو ضل (6) وأخذه فرض كفاية) (7) لقوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (8) .

(1) أي باب ذكر أحكام اللقيط ووجوب أخذه، ومن يقر في يده.

(2)

فعيل بمعنى مفعول، كقتيل وجريح، وهو طفل منبوذ.

(3)

وهو ممن لم يميز من ذكر وأنثى، وصبي وغلام، ويافع ويتيم: من لم يبلغ، فالطفل إلى تمييزه، وعند أكثر الأصحاب إلى البلوغ، وقال ابن رشد: هو الصبي الصغير غير البالغ، وإن كان مميزًا ففيه في مذهب الشافعي تردد.

(4)

أي لا يعرف ممن هو، ولا لمن هو.

(5)

كمسجد.

(6)

أي ضل الطريق فيما بين ولادته إلى سن التمييز، أو إلى البلوغ عند الأكثر.

(7)

إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، فلو تركه جماعة أثموا مع إمكان أخذه.

(8)

فعموم الآية يدل على وجوب التقاطه، ولأن فيه إحياء نفسه، فكان واجبا كإطعامه إذا اضطر، وإنجائه من الغرق؛ وروى سعيد عن أبي جميلة أنه وجد لقيطًا، فجاء به إلى عمر، فقال: هو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته.

ص: 518

ويسن الإشهاد عليه (1)(وهو حر) في جميع الأحكام (2) لأن الحرية هي الأصل، والرق عارض (3)(وما وجد معه) من فراش تحته (4) أو ثياب فوقه (5) أو مال في جيبه (6)(أو تحته ظاهرًا (7) أو مدفونًا طريا (8) أو متصلاً به كحيوان وغيره) مشدودا بثيابه (9) .

(1) كاللقطة، ودفعا لنفسه، لئلا تراوده باسترقاقه، والإشهاد على ما معه إن كان معه شيء.

(2)

أي واللقيط حر، قال الموفق: في قول عامة أهل العلم؛ وقال ابن المنذر: أجمع عليه عوام أهل العلم في جميع الأحكام، حتى في قود وقذف على الصحيح من المذهب، وقال الوزير: اتفقوا أنه حر وأن ولاءه لجميع المسلمين.

(3)

أي لأن الحرية في بني آدم الأصل، لأن الله خلق آدم وذريته أحرارًا، والرق عارض، فإذا لم يعلم فالأصل عدمه.

(4)

كوطاء ووسادة وسرير.

(5)

أو غطاء عليه، أو حلي، ونحو ذلك.

(6)

أو مجعولا معه كالسرير.

(7)

أي أو تحت اللقيط أو تحت فراشه أو وسادته، ظاهرا غير مدفون.

(8)

أي أو وجد المال مدفونًا تحته، تجدد حفره طريا، لأنه إذا كان طريا، فالأقرب أن واضع اللقيط حفره وإلا فلا.

(9)

أو سريره، وكذا ما بيده من عنان دابة، أو مربوط عليها، أو مربوطة به، لأن يده عليه.

ص: 519

(أو) مطروحًا (قريبا منه فـ) ـهو (له) عملاً بالظاهر (1) ولأن له يدا صحيحة كالبالغ (2)(وينفق عليه منه) ملتقطه بالمعروف، لولايته عليه (وإلا) يكن معه شيء (فمن بيت المال) (3) لقول عمر رضي الله عنه: اذهب فهو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته (4) . وفي لفظ: وعلينا رضاعه (5) . ولا يجب على الملتقط (6) .

(1) فما كان متصلا به أو متعلقًا به منفعته، فهو تحت يده، ويثبت بذلك ملكه عملا بالظاهر.

(2)

أي لأنه كالمكلف ويمتنع التقاطه بدون التقاط المال الموجود، لما فيه من الحيلولة، بين المال ومالكه.

(3)

وهذا مذهب الجمهور، قال الوزير: اتفقوا على أنه إن وجد معه مال أنفق عليه منه، فإن لم يوجد معه نفقة أنفق عليه من بيت المال.

(4)

«ولاؤه» أي ولايته «وعلينا نفقته» ، يعني من بيت مال المسلمين، وفي رواية: من بيت المال.

(5)

يعني في بيت المال؛ والخبر رواه سعيد بن منصور عن سنين أبي جميلة، وكان أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد عام الفتح.

(6)

أي ولا يجب على الملتقط نفقته، ولا رضاعه، قال الموفق: في قول عامة أهل العلم، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه، على أن نفقة اللقيط غير واجبة على الملتقط، كوجوب نفقة الولد، لأن الالتقاط تخليص له من الهلاك، وتبرع بحفظه فلا يوجبها.

ص: 520

فإن تعذر الإنفاق من بيت المال (1) فعلى من علم حاله من المسلمين (2) فإن تركوه أثموا (3)(وهو مسلم) إذا وجد في دار الإسلام (4) وإن كان فيها أهل ذمة، تغليبا للإسلام والدار (5) وإن وجد في بلد كفار لا مسلم فيه فكافر تبعًا للدار (6) .

(1) ككون البلد ليس له بيت مال، أو به ولا مال به ونحوه، وتعذر اقتراض حاكم على بيت المال.

(2)

لقوله {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ولما في ترك الإنفاق عليه من هلاكه.

(3)

أي فإن تركه المسلمون مع العلم به أثموا، لأن النفقة عليه فرض كفاية، والنفقة عليه وجبت للمواساة، كقرى الضيف، وإذا أنفق الملتقط أو غيره عليه نفقة المثل، بنية الرجوع إذا أيسر، بأمر الحاكم، لزمه، وبدون إذن من بيت المال.

(4)

محكوم بإسلامه وحريته، لخبر «كل مولود يولد على الفطرة» الحديث وقال الوزير: اتفقوا على أنه إذا وجد لقيط في دار الإسلام فهو مسلم، إلا أبا حنيفة، قال: إن وجد في كنيسة أو بيعة، أو قرية من قرى أهل الذمة فهو ذمي. واتفقوا على أنه يحكم بإسلام الصغير بإسلام أبيه، وأنه يحكم بإسلام أمه كأبيه.

(5)

أي حيث كانت دار إسلام، فيحكم بإسلامه إذا كان فيها مسلم أو مسلمة يمكن كونه منه.

(6)

أو فيه مسلم، كتاجر فكافر رقيق، لأن الدار لهم، وإن كثر المسلمون بدار حرب، فلقيطها مسلم، تغليبًا للإسلام. وإن كان في بلد إسلام، كل أهله أهل ذمة فكافر، لأنه لا مسلم فيها.

ص: 521

(وحضانته لواجده الأمين)(1) لأن عمر أقر اللقيط في يد أبي جميلة حين قال له عريفه: إنه رجل صالحه (2)(وينفق عليه) مما وجد معه (3) من نقد أو غيره (4)(بغير إذن حاكم) لأنه وليه (5) فإن كان فاسقًا أو رقيقًا أو كافرًا واللقيط مسلم (6) أو بدويًّا ينتقل في المواضع (7) أو وجده في الحضر فأراد نقله إلى البادية لم يقر بيده (8) .

(1) أي أولى الناس بحضانته وحفظ ماله، واجده، لأنه وليه «الأمين» أي العدل ولو ظاهرا الحر المكلف الرشيد، وقال ابن رشد: هو كل حر عدل رشيد.

(2)

وقال: لك ولاؤه؛ أي ولايته، ولسبقه إليه، فكان أولى به.

(3)

لأنه وليه، وما وجد معه ملك له، فينفق عليه.

(4)

فيبيع نحو دابة وينفق عليه من ثمنها.

(5)

ويكون إنفاقه عليه بالمعروف، والمستحب بإذنه إن وجد، لأنه أبعد من التهمة، وخروج من الخلاف، وحفظ لماله من أن يرجع عليه.

(6)

لم يقر بيده، لانتفاء ولاية الفاسق ظاهر الفسق، وأهلية حضانة الرقيق على الأحرار بدون إذن سيده، ولأنه لا ولاية لكافر على مسلم ولا يؤمن فتنته في الدين، ولا يقر بيد صبي، ولا مجنون ولا سفيه، وإن أذن السيد فنائب عن رقيقه.

(7)

لم يقر بيده، لأنه إتعاب للطفل بتنقله، فيؤخذ منه ويدفع إلى من في قرية، لأنه أرفه له وأخف عليه.

(8)

لأن مقامه في الحضر أصلح له في دينه ودنياه، وأرفه له وأرجى لكشف نسبه وظهور أهله.

ص: 522

(وميراثه وديته) كدية حر (لبيت المال)(1) إن لم يخلف وارثًا (2) كغير اللقيط، ولا ولاء عليه (3) لحديث «إنما الولاء لمن أعتق» (4)(ووليه في) القتل (العمد) العدوان (الإمام (5) يخير بين القصاص والدية) لبيت المال (6) لأنه ولي من لا ولي له (7) وإن قطع طرفه عمدا انتظر بلوغه ورشده (8) .

(1) قال الموفق: وهو قول مالك، والشافعي وأكثر أهل العلم، ولا يرثه الملتقط، وقول عمر: ولك ولاؤه. أي ولايته، وأما ميراث الولاء فلمن أعتق، وديته كسائر ماله، كما أن مال الحر الذي لا وارث له لبيت المال.

(2)

أي بفرض أو تعصيب، وإن كان له زوجة فلها الربع.

(3)

فاللقيط إذا لم يخلف وارثًا كالحر، ماله لبيت مال المسلمين، فإنهم خولوه كل مال لا مالك له.

(4)

ولأنه لم يثبت عليه رق، ولا ولاء على آبائه، فلم يثبت عليه، كالمعروف نسبه، والأصل الحرية، كما تقدم.

(5)

لأن المسلمين يرثونه والإمام ينوب عنهم.

(6)

ومعنى التخيير هنا: تفويض النظر إليه في أصلح الأمرين، بل يتعين عليه فعل الأصلح، ولا يجوز له العدول عنه، فليس التخيير هنا حقيقة، وعلى هذا يقاس ما ذكره الفقهاء من قولهم: يخير الإمام في كذا، ويخير الولي والوصي في كذا، فليكن منك على بال.

(7)

كما في الحديث «السلطان ولي من لا ولي له» .

(8)

وحبس الجاني إلى أوان البلوغ والرشد، لئلا يهرب.

ص: 523

ليقتص أو يعفو (1) وإن ادعى إنسان أنه مملوكه (2) ولم يكن بيده، لم يقبل إلا ببينة تشهد أن أمته ولدته في ملكه ونحوه (3)(وإن أقر رجل (4) أو امرأة) ولو (ذات زوج مسلم (5) .

(1) لأنه المستحق للاستيفاء، وهو حال صغره لا يصلح للاستيفاء، فانتظرت أهليته، إلا أن يكون فقيرا فيجب على الإمام العفو على مال ينفق عليه.

(2)

وهو في يده، صدق بيمينه لدلالة اليد على الملك، هذا إن كان اللقيط طفلاً أو مجنونًا، وإن ادعى على بالغ فأنكر خلي سبيله.

(3)

لأن الغالب أنها لا تلد في ملكه إلا ملكه، أو تشهد بينة أن اللقيط بيده، وحلف أنه ملكه، أو تشهد أنه ملكه أو جار في ملكه، أو أنه عبده أو رقيقه، ونحو ذلك، وإن ادعاه الملتقط، لم يقبل إلا ببينة.

(4)

يمكن كون اللقيط منه أنه ولده لحقه؛ قال الموفق: بغير خلاف بين أهل العلم.

(5)

أي أو أقرت امرأة ذات نسب معروف، أنه ولدها – ولو كانت ذات زوج، لأنها تأتي به من زوج. ومن وطء شبهة – لحقها، هذا المذهب، ويلحقها دون زوجها، وعنه: لا يثبت بدعوتها، لإفضائه إلى إلحاق النسب بزوجها، وفيه ضرر عليه، وعنه: إن كان لها نسب معروف فلا تصدق، لما فيه من تعييرهم بولادتها.

قال الموفق: ويحتمل أن لا يثبت النسب بدعوتها بحال، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن النسب لا يثبت بدعوة المرأة، لأنها يمكنها إقامة البينة على الولادة، فلا يقبل قولها بمجرده.

ص: 524

أو كافر أنه ولده لحق به) (1) لأن الإقرار به محض مصلحة للطفل لاتصال نسبه (2) ولا مضرة على غيره فيه (3) وشرطه أن ينفرد بدعوته (4) وأن يمكن كونه منه (5) حرا كان أو عبدًا (6) وإذا ادعته المرأة لم يلحق بزوجها، كعكسه (7)(ولو بعد موت اللقيط) فيلحقه (8) وإن لم يكن له توأم او ولد احتياطا للنسب (9) .

(1) في النسب لا في الدين، ولا حق له في حضانته، ولا يسلم إليه، لأنه لا ولاية للكافر على المسلم، ولأنه محكوم بإسلامه، فلا يقبل قول الذمي في كفره، وإن أقام بينة أنه ولد على فراشه، وقياس المذهب لا يلحقه في الدين، إلا أن تشهد البينة أنه ولد كافرين حيين.

(2)

ولوجوب نفقته ولأنه استلحاق لمجهول النسب، ادعاه من يمكن أنه منه.

(3)

ولا دافع عنه، ولا ظاهر يرده فوجب اللحاق.

(4)

فلو ادعاه اثنان فأكثر، قدم من له بينة، فإن تساووا فيها أو عدمت، عرض على القافة، فإن ألحقته بواحد أو اثنين لحق، ويأتي.

(5)

أي وأن يمكن كون اللقيط من المقر.

(6)

رجلا كان المقر أو امرأة، ولو كانت أمة، حيًّا كان اللقيط أو ميتًا.

(7)

أي لم يلحق بزوجها، ما ادعته أنه ولد على فراشه، ما لم يصدقها، كما لا يلحق بزوجة المقر بدون تصديقها، لأن إقرار أحدهما لا يسري على الآخر بدون بينة.

(8)

أي يلحق المقر به من رجل فيرثه أو امرأة على المذهب أو الكافر في نسبه.

(9)

أي وإن لم يكن للمقر توأم، أو لم يكن له ولد احتياطًا لنسب المقر به.

ص: 525

(ولا يتبع) اللقيط (الكافر) المدعي أنه ولده (في دينه (1) إلا) أن يقيم (بينة تشهد أنه ولد على فراشه)(2) لأن اللقيط محكوم بإسلامه بظاهر الدار، فلا يقبل قول الكافر في كفره بغير بينة (3) وكذا لا يتبع رقيقا في رقه (4)(وإن اعترف) اللقيط (بالرق مع سبق مناف) للرق من بيع ونحوه (5) أو عدم سبقه لم يقبل (6) لأنه يبطل حق الله تعالى من الحرية المحكوم بها (7) سواء أَقر ابتداء لإنسان (8) أو جوابا لدعوى عليه (9)

(1) فلا يتأثر بدعوى الكافر، ولما فيه من الإضرار باللقيط.

(2)

فيلحقه في دينه، لثبوت أنه ولد ذميين، استمر أبواه على الحياة والكفر إلى بلوغه عاقلا، وكما لو لم يكن لقيطا ما داما حيين كافرين.

(3)

تشهد بأنه ولد على فراشه، وإلا فيتبعه نسبا لا دينا، إن لم تكن له بينة.

(4)

لأنه خلاف الأصل، وإضرار بالطفل، إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه.

(5)

كتزويج، أو إصداق، ونحوه.

(6)

أي أو اعترف بالرق مع عدم سبق مناف للرق، ولو صدقه المقر له لم يقبل إقراره.

(7)

لما يترتب عليها من وظائف شرعية، وعبادات لا توجد مع الرق.

(8)

بأن قال: إنه ملك زيد. لم يقبل.

(9)

بأن ادعى عليه زيد بالرق، فقال: نعم هو رقيق له؛ لم يقبل إقراره، وكما لو أقر قبل ذلك بالحرية، لأن الطفل المنبوذ لا يعرف رق نفسه، ولا حريتها، ولم يتجدد له حال يعرف به رق نفسه، وإن قامت به بينة قبلت وحكم بها.

ص: 526

(أو قال) اللقيط بعد بلوغه: (إنه كافر، لم يقبل منه)(1) لأنه محكوم بإسلامه (2) ويستتاب فإن تاب وإلا قتل (3)(وإن ادعاه جماعة قدم ذو البينة)(4) مسلما أو كافرًا، حرًا أو عبدًا (5) لأنها تظهر الحق وتبينه (6)(وإلا) يكن لهم بينة (7) أو تعارضت عرض معهم على القافة (8)(فمن ألحقته القافة به) لحقه (9) .

(1) وإن كان قد نطق بالإسلام، أو مسلما حكما.

(2)

بأن كان وجد في دار إسلام، فيه مسلم يمكن كونه منه، لأن دليل الإسلام وجد عريا عن المعارض، وثبت حكمه، فلم يجز إزالة حكمه بقوله، وحكمه حكم المرشد.

(3)

كما لو بلغ سنا يصح إسلامه فيه، ونطق بالإسلام، وهو يعقله، ثم قال: إنه كافر؛ فإن تاب وإلا قتل لأن إسلامه متيقن.

(4)

أي وإن ادعى اللقيط اثنان فأكثر سمعت دعواهم، وإذا كان لأحدهم بينة، قدم ذو البينة منهم.

(5)

لا فرق، لأن العرب وغيرهم في أحكام الله ولحوق النسب سواء.

(6)

أي سميت البينة بينة، لأنها تظهر الحق بعد خفائه وتوضحه، وقال ابن القيم: وإذا وصفه أحدهما بعلامة خفية بجسده، حكم له به عند الجمهور.

(7)

عرض على القافة فمن ألحقته به لحقه.

(8)

أي: أو إن يكن مع كل واحد منهم بينة وتساووا فيها، والطفل بأيديهم، أو ليس بيد واحد منهم عرض على القافة.

(9)

لما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة مسرورًا،

فقال «ألم تري أن مجززا نظر إلى أقدام زيد وأسامة، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» ولحديث الملاعنة.

ص: 527

لقضاء عمر به بحضرة الصحابة رضي الله عنهم (1) وإن ألحقته باثنين فأكثر لحق بهم (2) وإن ألحقته بكافر أو أمة لم يحكم بكفره ولا رقه (3) ولا يلحق بأكثر من أم (4) والقافة: قوم يعرفون الأنساب بالشبه، ولا يختص ذلك بقبيلة معينة (5) ويكفي واحد (6) .

(1) ولم ينكر، فكان إجماعًا، بل هي دليل من أدلة ثبوت النسب، ومن العجب إنكار لحوق النسب بالقافة التي اعتبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل بها الصحابة من بعده. وحكم بها عمر الخليفة الراشد، وأقره الصحابة.

(2)

لما رواه سعيد عن عمر في امرأة وطئها رجلان في طهر، فقال: القائف قد اشتركا فيه جميعًا، فجعله بينهما، وله عن علي نحوه، وقال أحمد: إذا ألحقته بهما ورثاه، يعني إرث أب واحد، ويرث كل منهما إرث ولد، فإن لم يخلفا غيره، ورث جميع مالهما.

(3)

ويلحق به نسبا، ولا يلزم من لحقوق النسب لحوق الدين والرق.

(4)

لأنه محال، فلا يجوز الحكم به، بخلاف الرجلين، فإنه يمكن كونه منهما، لإمكان اجتماع نطفتي الرجلين في رحم امرأة.

(5)

فلا يختص ببني مدلج، بل من عرف منه المعرفة بذلك، وتكررت منه الإصابة، فهو قائف، ويذكر أن إياس بن معاوية وشريحًا، قائفان.

(6)

لأنه من باب الخبر، ولخبر مجزز المدلجي، فإنه واحد، ونص أحمد: أنه يكتفى بالطبيب والبيطار الواحد، إذا لم يوجد سواه، والقائف مثله بل أولى، لأنهما أكثر وجودا منه.

ص: 528

وشرطه أن يكون ذكرا عدلا (1) مجربًا في الإصابة (2) ويكفي مجرد خبره (3) وكذا إن وطيء اثنان امرأة بشبهة في طهر واحد (4) وأتت بولد يمكن أن يكون منهما (5) .

(1) لأنه كحاكم، فاعتبرت فيه الذكورة، والعدالة.

(2)

لأنه أمر علمي، فلا بد من العلم بعلمه له، وطريقه التجربة فيه، ويكفي أن يكون مشهورا بالإصابة وصحة المعرفة.

(3)

قال ابن القيم – في الإخبار بالنسب والقافة – المخبر من حيث هو منتصب للناس انتصابًا عامًا، يستند إلى قوله إلى أمر يختص به دونهم، من الأدلة والعلامات، جرى مجرى الحاكم، فقوله حكم لا رواية، وذكر أن الشاهد مخبر، وأن المخبر شاهد، وأن الشرع لم يفرق بين ذلك أصلا.

(4)

أو وطئت امرأة رجل أو أم ولده، أو وطئا جارية مشتركة بينهما.

(5)

أري القافة، سواء ادعياه، أو جحداه؛ أو أحدهما.

ص: 529