الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دون ولد البنات إلا بنص أو قرينة (1) والعطف بثم للترتيب (2)
(1) كمن مات عن ولد، فنصيبه لولده. ونحوه، وتقدم. وقال الشارح: وممن قال: لا يدخل ولد البنات – في الوقف الذي على أولاده، وأولاد أولاده – مالك ومحمد بن الحسن. وكذلك إذا قال: على ذريته ونسله. وروي عن أحمد أنهم يدخلون في الوصية، وذهب إليه بعض أصحابنا، وهذا مثله. وقال أبو بكر وابن حامد: يدخل فيه ولد البنات، وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف، لأن البنات أولاده، فأولادهن أولاد أولاده حقيقة.
فيجب أن يدخلوا في اللفظ المتناول لهم، بدليل قوله {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} إلى قوله {وَعِيسَى} وهو ولد بنته، فجعله من ذريته، ولذلك ذكر الله قصة عيسى وإبراهيم وموسى، ثم قال:{أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ} الآية، وعيسى معهم، ودخل أبناء البنات في الحلائل، وقال صلى الله عليه وسلم «إن ابني هذا سيد» ثم قال: والقول بأنهم يدخلون، أصح وأقوى دليلاً، وقدمه في المحرر، واختاره أبو الخطاب، وأفتى به حمد بن عبد العزيز، وقال إنه الراجح في الدليل، من الكتاب والسنة، وأن قول المتأخرين: لا يدخلون في الذرية مخالف للدليل، وهذا قول شيخ الإسلام، وقدماء الأصحاب، وهو الذي يفتي به شيخنا، عبد الرحمن ابن حسن.
(2)
كما هو معروف، و
صفات ترتيب الاستحقاق
ثلاث: ترتيب جملة، كون البطن الأول ينفرد بالوقف عمن دونه، ما دام منهم واحد، ثم البطن الثاني، وهكذا. وترتيب أفراد، كون الشخص من أهل الوقف، لا يشاركه ولده، ولا يتناول من الوقف شيئًا، ما دام أبوه حيا، فإذا مات انتقل ما بيده إلى ولده، والثالث استحقاق جميع الموجودين من البطون، من غير توقف على شيء، بل هم على حد سواء، فيشارك الولد والده، وكذا ولد الولد.
فلا يستحق البطن الثاني شيئًا حتى ينقرض الأول (1) إلا أن يقول: من مات عن ولد فنصيبه لولده (2) والعطف بالواو للتشريك (3)(ولو قال: على بنيه، أو: بني فلان. اختص بذكورهم)(4) .
(1) وذلك فيما إذا وقف على ولده أو ولد غيره، أو ذريته أو نسله، كقوله: وقفت على أولادي، بطنا بعد بطن. وقال الشيخ: الأظهر فيمن وقف على ولديه، بطنا بعد بطن، ثم على أولادهما وأولاد أولادهما، وعقبهما بعدهما، بطنا بعد بطن، أنه ينتقل نصيب كل إلى ولده، وإن لم ينقرض جميع البطن الأول، وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد.
(2)
استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه، لأنه صريح في ترتيب الأفراد، ويدخل فيه أولاد بناته، كما تقدم. قال الشيخ: وقول الواقف: من مات عن ولد فنصيبه لولده، يشمل الأصلي لا العائد، والمذهب: يشمل الأصلي والعائد؛ قال الشيخ: أحد الوجهين في المذهب؛ وإذا مات شخص من مستحقي الوقف، وجهل شرط الواقف، صرف إلى جميع المستحقين بالسوية.
(3)
قال في الاختيارات: "الواو" كما لا تقتضي الترتيب، فلا تنفيه، فهي ساكتة عنه، نفيا وإثباتا، ولكن تدل على التشريك، وهو الجمع المطلق، فإن كان في الوقف ما يدل على الترتيب، مثل أن رتب أو لا عمل به، ولم يكن ذلك منافيا لمقتضى الواو، لأنها لمطلق الجمع، فيشتركون فيه بلا تفضيل، ولأنه دل على الترتيب بلا قرينة.
(4)
دون الأناثي والخناثى، قال الموفق: عند الجمهور. وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي.
لأن لفظ البنين وضع لذلك حقيقة (1) قال تعالى {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (2)(إلا أن يكونوا قبيلة) كبني هاشم، وتميم، وقضاعة (3)(فيدخل فيه النساء)(4) لأن اسم القبيلة يشمل ذكرها وأُنثاها (5)(دون أولادهن من غيرهم)(6) لأنهم لا ينتسبون إلى القبيلة الموقوف عليها (7) .
(1) قالوا: فاختص الوقف بهم، وتقدم رجحان دخولهم، وإن وقف على بناته دخل فيهن البنات، دون غيرهن، لا الخنثى المشكل، قال الشارح: لا نعلم في ذلك خلافًا.
(2)
وقال {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} وقال {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وتقدم أن عيسى من ذرية آدم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن «إن ابني هذا سيد» الحديث.
(3)
إلا أن يكون من وقف عليهم – من بنيه أو بني فلان – قبيلة كما مثل.
(4)
أي يدخل النساء في الوقف، مع الذكور والخناثى، لقوله:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} .
(5)
وإنما دخلوا في الاسم إذا صاروا قبيلة، لأن الاسم نقل فيهم عن الحقيقة إلى العرف، ولهذا تقول المرأة – إذا انتسبت – أنا من بني فلان. وقلن:
نحن جوار من بني النجار
…
يا حبذا محمدًا من جار
(6)
أي غير قبيلة بني فلان الموقوف عليهم، فلا يدخلون في الوقت.
(7)
وإنما ينسبون لآبائهم، ويدخل أولادهن منهم، لوجود الانتساب حقيقة وتقدم القول بدخولهم بدليله ولا يدخل مواليهم لأنهم ليسوا منهم.
(والقرابة) إذا وقف على قرابته أو قرابة زيد (وأهل بيته، وقومه) . ونسباؤه (1)(يشمل الذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه و) أولاد (جده و) أولاد (جد أبيه) فقط (2) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى (3) ولم يعط قرابة أمه وهم بنو زهرة شيئًا (4) ويستوي فيه الذكر والأنثى، والكبير والصغير، والقريب والبعيد، والغني والفقير لشمول اللفظ لهم (5) ولا يدخل فيهم من يخالف دينه (6) .
(1) وآله وعترته، وهم عشيرته الأدنون، وأهل البيت عند العرب، كما قال ثعلب، آباء الرجال وآباؤهم كالأجداد، والأعمام وأولادهم، وقوم الرجل قبيلته، وهم نسباؤه، ويقال: هم بمثابة أهل بيته.
(2)
هذا المذهب، اختاره الموفق وغيره.
(3)
فلم يعط منه من هو أبعد، كبني عبد شمس، وبني نوفل.
(4)
وعنه: يعطى كل من يعرف بقرابته، وهو مذهب الشافعي، ووقف أبي طلحة مشهور، دخل فيه حسان، وأبي، وبين أبي وأبي طلحة ستة أجداد، ولما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} قال «يا بني كعب بن لؤي، يا بني مرة
…
» الخ، فجميع من ناداهم يطلق عليهم لفظ الأقربين، ولأنهم قرابة، فيتناولهم الاسم، ويدخلون في عمومه، ويقويه أيضًا إذا كان عرف أهل البلد.
(5)
وعموم القرابة، ولا يفضل أعلى، ولا فقيرا، ولا ذكرا على من سواه.
(6)
أي الواقف، فإن كان الواقف مسلمًا، لم يدخل في قرابته كافرهم، وإن كان كافرا، لم يدخل المسلم في قرابته إلا بقرينة.
وإن وقف على ذوي رحمه (1) شمل كل قرابة له من جهة الآباء، والأمهات، والأولاد (2) لأن الرحم يشملهم (3) والموالي يتناول المولى من فوق وأسفل (4)(وإن وجدت قرينة تقتضي إرادة الإناث (5) أو) تقتضي (حرمانهن عمل بها) أي بالقرينة (6) لأن دلالتها كدلالة اللفظ (7) .
(1) كأن يقول: وقف على رحمي أو أرحامي.
(2)
أما جهة الآباء، فكالآباء، والأعمام وبنيهم، وكالعمات، وبنات العم، وأما الأمهات، فكأمه وأبيها وأخواله وخالاته، وأما الأولاد فكابنه وبنته وأولادهم.
(3)
ولو جاوزوا أربعة آباء، فيصرف إلى كل من يرث بفرض أو تعصيب أو برحم.
(4)
أي وإذا وقف على الموالي، وله موال من فوق أعتقوه، وموال من أسفل أعتقهم، تناول اللفظ المولى من فوق، والمولى من أسفل، واستووا في الاستحقاق إن لم يفضل بعضهم على بعض، وإن لم يكن له إلا أحدهما أخذه، ومتى عدم مواليه فلعصبتهم، وإن لم يكن له موال فلموالي عصبته.
(5)
كمن مات عن ولد، فنصيبه لولده، أو على أولادي فلان وفلان، ثم على أولادهم، أو على أولاده وفيهم بنات. وقال: من مات عن ولد فنصيبه لولده.
(6)
كقوله: أولادي لصلبي أو من ينتسب إلي.
(7)
أي لأن دلالة القرينة، كدلالة اللفظ، كما لو قال: وقف على بناتي وأولادهن. أو قال: على أبنائي وأبنائهم دون البنات.
(وإذا وقف على جماعة يمكن حصرهم)(1) كأولاده، أو أولاد زيد وليسوا قبيلة (2)(وجب تعميمهم والتساوي) بينهم (3) لأن اللفظ يقتضي ذلك، وقد أمكن الوفاء به، فوجب العمل بمقتضاه (4) فإن كان الوقف في ابتدائه على من يمكن استيعابه (5) فصار ممن لا يمكن استيعابه كوقف علي رضي الله عنه (6) وجب تعميم من أمكن منهم، والتسوية بينهم (7)(وإلا) يمكن حصرهم واستيعابهم، كبني هاشم وتميم (8) .
(1) واستيعابهم بالوقف.
(2)
أو مواليه، أو موالي غيره.
(3)
أي وجب تعميمهم بالوقف، والتساوي بينهم فيه، ذكرهم وأنثاهم، صغيرهم وكبيرهم.
(4)
كما لو أقر لهم بشيء، يوضحه قوله تعالى {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ} أي من اثنين {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} .
(5)
كرجل وقف على ولده، وولد ولده، ونسله.
(6)
أي فصاروا قبيلة كثيرة، تخرج عن الحصر، لا يمكن استيعابهم، بالوقف كوقف علي رضي الله عنه على ولده ونسله، صاروا قبيلة كثيرة لا يمكن استيعابهم.
(7)
لأن التعميم والتسوية واجبان في الجميع، فإذا تعذرا في بعض، وجبا فيما لم يتعذرا فيه، كواجب عجز عن بعضه.
(8)
والقبيلة الكبيرة، والمساكين، وأهل إقليم أو مدينة.
لم يجب تعميمهم لأنه غير ممكن (1) و (جاز التفضيل) لبعضهم على بعض (2) لأنه إذا جاز حرمانه جاز تفضيل غيره عليه (3)(والاقتصار على أحدهم)(4) لأن مقصود الواقف بر ذلك الجنس (5) وذلك يحصل بالدفع إلى واحد منهم (6) وإن وقف مدرسة أو رباطا ونحوهما على طائفة (7) اختصت بهم (8)
(1) لتعذره بكثرة أهله، وحكاه الموفق إجماعًا.
(2)
ويراعى الأحق به.
(3)
وأولى من الحرمان، قال تعالى {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .
(4)
ويحتمل أن لا يجزئه أقل من ثلاثة، وهو مذهب الشافعي.
(5)
من القبيلة، أو أهل المدينة.
(6)
وإن كان على الفقراء أو المساكين، أو على أي صنف من أصناف أهل الزكاة، لم يدفع إليه أكثر مما يدفع منها، وما يأخذه الفقهاء منه، كرزق من بيت المال، قال الشيخ: ما أخذ من بيت المال فليس عوضا وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة، وكذلك المال الوقف على أعمال البر، والموصى به والمنذور له، ليس كالأجرة والجعل.
(7)
كأهل بلد، أو أهل مذهب، أو قبيلة.
(8)
أي اختصت المدرسة أو الرباط أو نحوهما، كالخانات بأهل البلد، أو أهل المذهب أو القبيلة. وإن وقف على العلماء فهم حملة الشرع أهل التفسير والحديث والفقه، أو على المتفقهة فهم طلبة الفقه، أو أهل الحديث، فهم من اشتغل بالحديث.