المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٥

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب السلم

- ‌الذي يجمع أخلاطًا أربعة أقسام

- ‌ الشرط (الثالث ذكر قدره)

- ‌ الشرط (الرابع ذكر أجل معلوم)

- ‌ الشرط (السابع أن يسلم في الذمة

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان

- ‌فصل في الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌المليء: القادر بماله، وقوله، وبدنه

- ‌باب الحجر

- ‌فصلفي المحجور عليه لحظه

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإجارة

- ‌ يصح استئجار آدمي لعمل معلوم

- ‌ الشرط (الثاني معرفة الأجرة)

- ‌الشرط (الثالث الإباحة في) نفع (العين)

- ‌كون المنفعة مقصودة

- ‌ الثالث (القدرة على التسليم)

- ‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌ الشفعة (على الفور وقت علمه

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌ لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها)

- ‌باب اللقيط

-

- ‌كتاب الوقف

- ‌ الثاني: (أن يكون على بر)

- ‌ الرابع: أن يقف ناجزا

- ‌صفات ترتيب الاستحقاق

- ‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا

الفصل: ‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة

(فلا تصح إجارة) العبد (الآبق و) الجمل (الشارد) والطير في الهواء (1) ولا المغصوب ممن لا يقدر على أخذه (2) ولا إجارة المشاع مفردًا لغير الشريك (3) ولا يؤجر مسلم لذمي ليخدمه (4) وتصح لغيرها (5)(و) الشرط‌

‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة

(6) فلا تصح إجارة بهيمة زمنة للحمل (7) .

(1) والسمك في الماء، ونحو ذلك مما لا يقدر على تسليمه.

(2)

أي من الغاصب، لأنه لا يمكنه تسليمه، فلم تصح إجارته كبيعه، قولا واحدا.

(3)

لأنه لا يقدر على تسليمه، وعنه: تصح، وهو مذهب الجمهور مالك، والشافعي، وغيرهما، واختاره جمع، منهم أبو الخطاب، وصاحب الفائق، والحافظ ابن عبد الهادي، قال في التنقيح: وهو أظهر، وعليه العمل، وصوبه في الإنصاف.

(4)

لأنه عقد يتضمن حبس المسلم عند الكافر، وإذلاله له، واستخدامه أشبه البيع، بل عقد الإجارة للخدمة يتعين فيها حبسه مدة الإجارة واستخدامه.

(5)

أي غير الخدمة كإجارة نفسه منه في عمل معين في الذمة، كخياطة ثوب ونحوه، قال الموفق: بغير خلاف، وفي الإنصاف: بلا نزاع. لأن عليا أجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة، ولأنه عقد معاوضة، لا يتضمن إذلاله، ولا استخدامه.

(6)

المعقود عليها عند الجمهور.

(7)

أو الركوب، قال الشيخ: ولو قال: إنها خشنة المشي أو تتعب راكبها؛ فليس له الفسخ، وإن قالوا: هو عيب. فله الفسخ. اهـ. ولا تصح إجارة أعمى

للحفظ لأنه لا يمكن تسليم المنفعة، ولا تصح إجارة كافر لعمل في الحرم، ولا تصح على تعليم السحر، والفحش، أو تعليم التوراة، والكتب المنسوخة، والعلوم المحرمة، لأن المنع الشرعي كالحسي.

ص: 309

ولا أَرض لا تنبت للزرع) (1) لأَن الإجارة عقد على المنفعة، ولا يمكن استيفاء هذه المنفعة من هذه العين (2)(و) الشرط الخامس (أن تكون المنفعة) مملوكة (للمؤجر (3) أو مأذونا له فيها) (4) فلو تصرف فيما لا يملكه بغير إذن مالكه لم يصح كبيعه (5)(وتجوز إجارة العين) المؤجرة بعد قبضها (6) .

(1) كأرض سبخة، لتعذر النفع، قال الشيخ: وإجارة الأرض التي لا منفعة فيها باطلة.

(2)

فلم تصح الإجارة، كالعبد الآبق.

(3)

إما بملك العين، أو استئجارها.

(4)

من مالك أو حاكم يؤجر مال نحو سفيه، أو غائب، أو وقف لا ناظر له، أو من قبل شخص بعين، كناظر خاص، ووكيل في إجارة، لأنها بيع منافع، فاشترط فيها ذلك، كبيوع الأعيان.

(5)

ولو أجازه مالكه، وفيه احتمال: يجوز، ويقف على إجازة المالك، بناء على بيع العين بغير إذن مالكها.

(6)

نص عليه، وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي، والوجه الثاني تجوز قبل القبض، جزم به في الإقناع والمنتهى، لأن قبضها لا ينتقل به الضمان، فلا يقف جواز التصرف عليه، وقال الشيخ: يجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير المستأجر، في مدة الإجارة، ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول، وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد الأجرة الثانية، ظنا منه أن هذا كبيع المبيع قبل قبضه، وأنه تصرف فيما لا يملك، وليس كذلك، بل هو تصرف فيما استحقه على المستأجر.

ص: 310

إذا آجرها المستأجر (لمن يقوم مقامه) في الانتفاع أو دونه، لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز أن يستوفيها بنفسه ونائبه (1)(لا بأكثر منه ضررا)(2) لأنه لا يملك أن يتسوفيه بنفسه، فبنائبه أولى (3) .

(1) وذلك لأن موجب عقد الإجارة ملك المنفعة، والتسلط على استيفائها بنفسه، وبمن يقوم مقامه، وقال الشيخ: يجوز أن يؤجرها لمن يقوم مقامه، بمثل الأجرة وزيادة، وهو ظاهر مذهب أحمد، والشافعي، فإن شرط المؤجر على المستأجر أن لا يستوفي المنفعة إلا بنفسه، أو أن لا يؤجرها إلا لعدل، أو أن لا يؤجرها لزيد، فقياس المذهب أنها شروط صحيحة، لكن لو تعذر على المستأجر الاستيفاء بنفسه لمرض، أو تلف مال، أو إرادة سفر، ونحو ذلك، فينبغي أن يثبت له الفسخ، كما لو تعذر تسليم المنفعة. اهـ. وينبغي أن يقيد فيما إذا آجرها لمؤجرها، ما لم تكن حيلة كعينة، وليس لمستأجر حر أن يؤجره، لأن اليد لا تثبت عليه، وإنما هو يسلم نفسه.

(2)

ولا بمن يخالف ضرره ضرره، قال في الإنصاف: بلا نزاع في الجملة فمن اكترى أرضًا لزرع بر، فله زرع شعير، ونحوه مما ضرره ضرر الحنطة، بالاتفاق، ولا يجوز بأكثر منه ضررا كذرة وقطن، ويعم إن أطلق، وتقدم، وإن استكرى دابة فله أن يؤجرها لغيره، ممن يساويه في الطول، والسمن، والرفق في السير، ونحو ذلك.

(3)

فليس له إجارة العين المؤجرة لمن يخالف ضرره ضرره، كما أنه لا يملك

أن يفعله بنفسه، فلو استأجر أرضا لغرس أو بناء، لا يؤجرها لغير ما استأجرها له، كما أنه ليس له فعله بنفسه، لاختلاف ضررهما، وإن تقبل أجير عملا في ذمته بأجرة، كخياطة أو غيرها، فلا بأس أن يقبله غيره بأقل منها، ولو لم يعن فيه بشيء.

ص: 311

وليس للمستعير أن يؤجر إلا بإذن مالك، والأجرة له (1)(وتصح إجارة الوقف)(2) لأن منافعه مملوكة للموقوف عليه، فجاز له إجارتها كالمستأجر (3)(فإن مات المؤجر فانتقل) الوقف (إلى من بعده لم تنفسخ)(4) لأنه آجر ملكه في زمن ولايته، فلا تبطل بموته، كمالك الطلق (5) .

(1) أي المالك دون المستعير، لانفساخ العارية بورود الإجارة عليها، وإن اضطر قوم إلى السكنى في بيت إنسان لا يجدون سواه، أو النزول في خان مملوك، أو رحى للطحن، أو غير ذلك من المنافع، وجب بذله بأجرة المثل، قال الشيخ: بلا نزاع، واستظهر أنه يجب بذله مجانا.

(2)

قولا واحدا في الجملة، ولا يخلو إما أن يكون المؤجر ناظرًا عاما، أو خاصًا، أو مستحقًا للنظر والمنافع، أو المنافع.

(3)

أو بطريق الولاية، كالولي يؤجر عقار موليه.

(4)

أي الإجارة، لكون الوقف عليه، هذا أحد الوجهين، وقال القاضي: هذا قياس المذهب.

(5)

أي كما لا تنفسخ إجارة مؤجر الملك الذي لم يوقف، قال في الإنصاف: هو الأشهر، وعليه العمل، وقدمه في الفروع وغيره.

ص: 312

(وللثاني حصته من الأجرة) من حين موت الأول (1) فإن كان قبضها رجع في تركته (2) بحصته. لأنه تبين عدم استحقاقه لها (3) فإن تعذر أخذها فظاهر كلامهم أنها تسقط، قاله في المبدع (4) وإن لم تقبض فمن مستأجر (5) .

(1) أو حين انتقال الاستحقاق، كمن وقف دارا على ابنته ما دامت عزبا، ثم على زيد، فآجرتها مدة وتعجلت الأجرة، ثم تزوجت في أثنائها، فيأخذ زيد ما يقابل استحقاقه.

(2)

أي فإن كان المؤجر قبض الأجرة، رجع الثاني المستحق للمنافع في تركة المؤجر الأول بحصته من الاستحقاق.

(3)

أي حصة الثاني، فرجع على تركة القابض لها، بما يقابل زمنه، باستحقاقه من الأجرة، لأنه تبين عدم استحقاق الأول لها.

(4)

وقال الشيخ: لا يجوز للموقوف عليهم أن يستلفوا الأجرة، لأنهم لم يملكوا المنفعة المستقبلة، ولا الأجرة عليها، فالتسلف لهم قبض مالا يستحقونه، بخلاف المالك، وعلى هذا: فللبطن الثاني أن يطالب بالأجرة المستأجر الذي سلف، لأنه لم يكن له التسليف، ولهم أن يطالبوا الناظر إن كان هو المسلف، وهذا هو الحق بلا ريب. وقال: إن قبضها المؤجر ففي تركته، فإن لم يكن تركة، فأفتى بعض أصحابنا بأنه إذا كان الموقوف عليه هو الناظر فمات، فللبطن الثاني فسخها، والرجوع بالأجرة على من هو في يده.

(5)

أي فإن لم تقبض الأجرة، فالمنتقل إليه الاستحقاق، يأخذ حصته من مستأجر، لعدم براءته منها.

ص: 313

وقدم في التنقيح أنها تنفسخ إن كان المؤجر الموقوف عليه بأصل الاستحقاق (1) وكذا حكم مقطع أجر إقطاعه ثم أُقطع لغيره (2) وإن أَجر الناظر العام (3) أو من شرط له، وكان أجنبيًا لم تنفسخ الإجارة بموته ولا بعزله (4) .

(1) وهو من يستحق النظر، لكونه موقوفًا عليه، والمراد فيما بقي من المدة، لأنه آجر ملكه وملك غيره، فصح في ملكه، دون ملك غيره، واختاره ابن عقيل، والشيخ تقي الدين، وقال: هذا أصح الوجهين. وقال ابن رجب: هو المذهب الصحيح، لأن الطبقة الثانية تستحق العين بمنافعها، تلقيا عن الواقف بانقراض الطبقة الأولى. وصوبه في الإنصاف، وقال: هو المذهب.

(2)

أي وكحكم موقوف عليه، حكم مقطع أرضا وغيرها، إقطاع نفع أجر إقطاعه مدة، ثم انتقل ما أجره إلى غيره، وجزم به ابن رجب وغيره. وإجارتها جائزة، قال الشيخ: ما علمت أحدًا من علماء الإسلام – الأئمة الأربعة وغيرهم – قال: لا تجوز، حتى حدث في زماننا من قال بعدم الجواز، ولم تزل تؤجر، من زمن الصحابة إلى الآن، وعليه، فحكمه حكم الوقف، إذا انتقل إلى بطن ثان، وأن الصحيح أنها تنفسخ.

(3)

وهو الحاكم، أو من جعل له الإمام ذلك، لعدم الناظر الخاص، الذي يعينه الواقف ناظرا، لم تنفسخ الإجارة بموته، ولا بعزله، قولاً واحدًا. قاله الشيخ وغيره، لأنه بطريق الولاية، ومن يلي النظر بعده إنما يملك التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول.

(4)

أي أو كان الناظر، من شرط له النظر على الوقف، وكان أجنبيًا، وذلك بأن كان الوقف على غيره، لم تنفسخ الإجارة بموته، ولا بعزله، قبل مضي مدتها، قولاً واحدًا، حكاه الموفق، والشيخ، وابن رجب وغيرهم كما تقدم.

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: القول بانفساخ الإجارة أو المساقاة، قول ضعيف، رده أهل العلم، بالنص الثابت، من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ساقى أهل خيبر، لم يجدد الخلفاء بعده عقدًا، وقد أمر الله بالوفاء بالعقود، فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} فمن ادعى في صورة من العقود أنه لا يجب الوفاء لأجل الموت أو غيره، فعليه الدليل. اهـ. وكذا من شرط له النظر وكان مستحقًا، لا تنفسخ الإجارة بموته، ولا بعزله، على الصحيح. لأنه أجر بطريق الولاية، أشبه الأجنبي.

ص: 314

وإن أجر الولي اليتيم أو ماله، أو السيد العبد (1) ثم بلغ الصبي ورشد، أو عتق العبد (2) أو مات الولي أو عزل، لم تنفسخ الإجارة (3) .

(1) أي وإن أجر الولي اليتيم مدة، أو أجر الولي مال اليتيم، كداره أو بهائمه، أو أجر السيد العبد مدة معلومة.

(2)

يعني قبل انقضاء مدة الإجارة، لم تنفسخ الإجارة، أما في الولي فلأنها عقد لازم، عقده بحق الولاية، فلم يبطل بالبلوغ، كما لو باع داره أو زَوَّجه. وأما في السيد فلأنها عقد صدر منه على ما يملكه، فلا تنفسخ بزوال ملكه بالعتق أو غيره، كما لو زوج أمته ثم باعها.

(3)

لأنه تصرف وهو من أهل التصرف، في محل ولايته، فلم تنفسخ الإجارة بموته أو عزله، كناظر وقف أو حاكم.

ص: 315

إلا أن يؤجره مدة يعلم بلوغه، أو عتقه فيها، فتنفسخ من حينهما (1)(وإن أَجر الدار ونحوها) كالأرض (مدة معلومة (2) ولو طويلة يغلب على الظن بقاء العين فيها صح) (3) ولو ظن عدم العاقد فيها (4) ولا فرق بين الوقف والملك (5) لأَن المعتبر كون المستأجر يمكنه استيفاء المنفعة منها غالبًا (6) .

(1) أي حين البلوغ أو العتق، لئلا يفضي إلى أن تصح الإجارة على جميع منافعهما طول عمرهما، وإلى أن يتصرف كل منهما في غير زمن ولايته على المأجور، وذلك كما لو أجره سنتين وهو ابن أربع عشرة سنة، أو علق عتقه بعد سنة ثم أجره سنتين، فتنفسخ الإجارة فيهما. قال ابن رجب: ولو أجره مدة ثم أعتقه في أثنائها، لم تنفسخ على المذهب؛ وعند الشيخ تنفسخ إلا أن يستثنيها في العتق.

(2)

لأن المدة هي الضابط للمعقود عليه، المعرفة له، فاشترط العلم بها.

(3)

قال الموفق وغيره: هذا قول عامة أهل العلم. وفي الإنصاف: بلا نزاع في الجملة، قال تعالى {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} ويعتبر أن لا يظن عدم العين المؤجرة في أمد الإجارة، فلإجارة العين صورتان «إحداهما» أن تكون إلى أمد كما مثل، وكإجارة الآدمي للخدمة ونحو ذلك، فإن إجارة العين تكون تارة في الآدمي، وتارة في المنازل، والدواب، ونحوها بالإجماع و"الثانية" أن تكون لعمل معلوم كما يأتي.

(4)

أي في مدة الإجارة، قاله صاحب الفروع وغيره.

(5)

يعني في طول مدة الإجارة وقصرها، إذا غلب على الظن بقاء العين فيها.

(6)

ولأن ما جاز العقد عليه سنة، جاز أكثر، كالمساقاة على شجر يغرسه، ويعمل عليه حتى يثمر، والتقدير بسنة أو ثلاثين، أو نحو ذلك، لا دليل عليه.

ص: 316

وليس لوكيل مطلق إجارة مدة طويلة (1) بل العرف كسنتين ونحوهما (2) قاله الشيخ تقي الدين (3) ولا يشترط أن تلي المدة العقد (4) فلو أجره سنة خمس في سنة أَربع صح (5) ولو كانت العين مؤجرة، أو مرهونة حال عقد، إن قدر على تسليمها عند وجوبه (6) .

(1) أي وليس لوكيل مطلق غير مقدر له أمدًا الإجارة مدة طويلة كخمس سنين.

(2)

كثلاث سنين، لأنه المتبادر مع الإطلاق.

(3)

أي قال: ليس للوكيل أن يطلق في الإجارة مدة طويلة، بل العرف كسنتين ونحوهما. وفي الإنصاف: الصواب الجواز إن رأى المصلحة؛ وتعرف بالقرائن، والذي يظهر أن الشيخ لا يمنع ذلك.

(4)

أي عقد الإجارة، سواء كانت العين مشغولة وقت العقد أو لم تكن، وهذا مذهب أبي حنيفة.

(5)

لجواز العقد عليها مع غيرها، فجاز العقد عليها مفردة، كالتي تلي العقد.

(6)

أو لم تكن مشغولة، لأنه إنما يشترط القدرة على التسليم عند وجوبه، كالسلم، لا تشترط القدرة عليه حال العقد. وذكر في الفروع: أن مراد الأصحاب متفق، وهو أنه يجوز إجارة المؤجر، ويعتبر التسليم وقت وجوبه. وقال الشيخ: يجوز في أحد القولين، وهو المختار.

وقال – فيمن استأجر أرضا من جندي وغرسها قصبا، ثم انتقل الإقطاع عن الجندي – إن الجندي الثاني لا يلزمه حكم الإجارة الأولى، وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره، وإذا كان الشاغل لا يدوم، كالزرع ونحوه، أو كان

الشغل بما يمكن فصله عنه، كبيت فيه متاع، أو مخزن فيه طعام ونحوه، جازت إجارته وجهًا واحدًا، وأما إذا كانت مشغولة بغرس أو بناء، أو أمتعة كثيرة، يتعذر تحويلها، لم تصح لغير صاحب الغرس، أو البناء، أو نحوهما.

قال الشيخ: وإذا ركن المؤجر إلى شخص ليؤجره، لم يجز لغيره الزيادة عليه فكيف إذا كان المستأجر ساكنا في الدار، فإنها لا تجوز الزيادة على ساكن الدار، وإذا وقعت الإجارة صحيحة فهي لازمة من الطرفين، ليس للمؤجر الفسخ لأجل زيادة حصلت باتفاق الأئمة، وما ذكره بعض متأخري الفقهاء – من التفريق بين أن تكون الزيادة بقدر الثلث، فتقبل الزيادة، أو أقل فلا تعتبر – فهو قول مبتدع، لا أصل له عن أحد من الأئمة، لا في الوقف، ولا في غيره. وإذا التزم المستأجر بهذه الزيادة، على الوجه المذكر، لم تلزمه اتفاقًا، كلخوفه من الإخراج اتفاقا، بل له استرجاعها، ولا عبرة بما يحدث في أثناء المدة، من ارتفاع الكراء، أو انخفاضه.

ص: 317

(وإن استأجرها) أي العين (لعمل، كدابة لركوب إلى موضع معين (1) أو بقر لحرث) أرض معلومة بالمشاهدة (2) .

(1) أو يحمل عليها شيئًا إليه، وهو صحيح بلا نزاع، ويذكر المركوب، فرسًا أو بعيرًا، أو نحوه بلا نزاع. ويشترط معرفة الراكب، وتوابعه العرفية ويشترط معرفة الموضع، لأن الإجارة عقد معاوضة فوجب أن يكون العوض فيها معلومًا، قطعًا للتنازع، ويلزم الشروع فيه عقب العقد، فلو ترك ما يلزمه بلا عذر، فتلف، فقال الشيخ: يضمن. وله الاستنابة، إلا أن يشترط المباشرة.

(2)

أي أو كاستئجار بقر معينة أو موصوفة، لحرث أرض معلومة لهما بالمشاهدة.

ص: 318

لاختلافها بالصلابة، والرخاوة (1)(أَو دياس زرع) معين أو موصوف (2) لأنها منفعة مباحة مقصودة (3)(أَو) استأجر (من يدُلُّه على طريق، اشترط معرفة ذلك) العمل (وضبطه بمالا يختلف)(4) لأَن العمل هو المعقود عليه فاشترط فيه العلم كالمبيع (5) .

(1) ولا تنضبط بالصفة، فتحتاج إلى الرؤية، لئلا تكون صلبة تتعب البقر، والحراث، وتكون رخوة يسهل حرثها، أو لإدارة رحى، اشترط علمه بالحجر، إما بالمشاهدة أو الصفة، أو إدارة دولاب ونحوه، فلا بد من مشاهدته، ومشاهدة دلائه، وتقدير ذلك بالزمن، أو ملء نحو حوض، وكذا إن اكتارها للسقي بالغرب.

(2)

أو مدة معلومة، لكن يحتاج إلى معرفة الحيوان، لأن الغرض يختلف به في القوة والضعف، وعلى غير مدة يحتاج إلى معرفة جنسه، لأن منه ما روثه نجس.

(3)

ويجوز أن يستأجر البقر ونحوها مفردة، ليتولى رب الأرض الحرث بها، وأن يستأجرها مع صاحبها، وبآلتها وبدونها.

(4)

لأنه إن لم يكن كذلك كان مجهولاً، فلم تصح. أو استأجره لخياطة، أو قطع سلعة، أو قلع سن، أو ختن أو مداواة، أو نحو ذلك، اشترط معرفة ذلك العمل، وضبطه بما لا يختلف، وتقدير المدة في نحو مداواة، هذا المذهب، وقال غير واحد: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء، لأن أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء. قال أبو محمد: والصحيح جوازه، لكن يكون جعالة.

(5)

أي كما يشترط العلم في المبيع، فلا يصح بدونه.

ص: 319

(ولا تصح) الإجارة (على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القربة) أي مسلما (1) كالحج والأَذان وتعليم القرآن (2) لأَن من شرط هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى، فلم يجز أَخذ الأجرة عليها (3) .

(1) أما ما لا يتعدى نفعه فاعله، من العبادات المحضة، كالصيام، وصلاة الإنسان لنفسه، وحجه عن نفسه، وأداء زكاة نفسه، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه بلا خلاف، لأن الأجر عوض للانتفاع، ولم يحصل لغيره ههنا انتفاع، وأما ما يقع تارة قربة، وتارة غير قربة كتعليم الخط، والحساب، والشعر، وشبهه، وبناء المساجد، والقناطر، فيجوز أخذ الأجرة عليه قولاً واحدًا، لأن صاحبه لا يختص أن يكون من أهل القربة، واختلفوا فيما مثل به.

(2)

وكذا إقامة، وإمامة، وقضاء، وتعليم فقه، وحديث فلا تصح، هذا مذهب أبي حنيفة، لخبر «اقرؤا القرآن، ولا تأكلوا به» رواه أبو داود. وخبر «اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرًا» .

(3)

والاستئجار يخرجها عن ذلك. وعنه: يجوز، وقال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، أو لرجل من عامة الناس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر، لعله لا يقدر على الوفاء، فيلقى الله بأمانات الناس، التعليم أحب إلي، ويدل على أن منعه منه للكراهة لا التحريم.

وأجازه مالك والشافعي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا بما معه من القرآن، وقال «أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» وبه استدل الجمهور، ولخبر الرقية بالفاتحة، وقوله «كلوا واضربوا لي معكم بسهم» ولأنه يجوز أخذ الرزق والجعل عليه، فجاز أخذ الأجر، كبناء المساجد، ولحاجة الاستنابة في الحج، عمن وجب عليه، وعجز عن فعله، وجوزه شيخ الإسلام للحاجة، وقال: من جوزه فلأنه نفع يصل إلى المستأجر، كسائر النفع، وجوز إيقاعها عبادة في هذه الحال، لما فيها مع النفع، واستثنى الأكثر الإمامة.

ص: 320

كما لو استأجر قوما يصلون خلفه (1) ويجوز أَخذ رزق على ذلك من بيت المال (2) وجعالة (3) وأَخذ بلا شرط (4)

(1) أي فإنه لا يجوز بالإجماع، فكذا الاستئجار على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القربة، لا يجوز، وتقدم، ولا بأس بأخذ الأجرة على الرقية، نص عليه للخبر، وتقدم أخذ الحاج عن غيره ليحج، لا أن يحج ليأخذ. واختار الموفق والشيخ وغيرهما جواز أخذ الأجرة على تعليم الفقه، والحديث، ونحوهما، وقال: الأخذ في الرقية على عافية المريض، لا على التلاوة. وقال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء، وصححه غير واحد لكن يكون جعالة.

(2)

أي ويجوز أخذ رزق – على ما يتعدى نفعه، كالحج، والأذان، والإمامة، وتعليم القرآن، والفقه، والحديث، والقضاء والفتيا، ونحو ذلك – من بيت المال، لأنه ليس بعوض، بل القصد به الإعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يدخل في الإخلاص، لا على صوم أو صلاة وأداء زكاة ونحوه، ولا أن يصلى عنه نافلة، ولا فريضة في حياته، ولا بعد وفاته، قال الشيخ وغيره: والفقهاء متفقون على الفرق بين الاستئجار على القرب، وبين رزق أهلها، فرزق المقاتلة، والقضاة، والمؤذنين، والأئمة جائز بلا نزاع، وأما الاستئجار فلا يجوز عند أكثرهم.

(3)

أي ويجوز أخذ جعالة على ما تقدم، لأنها أوسع من الإجارة، ولهذا جازت مع جهالة العمل والمدة.

(4)

أي ويجوز أخذ على ما تقدم بلا شرط، لخبر «ما أتاك من هذا المال، وأنت

غير مشرف، ولا سائل، فخذه، وتموله، فإنه رزق ساقه الله إليك» ولأنه إذا كان بغير شرط كان هبة مجردة فجاز، كما لو لم يعمل شيئًا، وكذا الوقف على من يقوم بهذه المصالح المتعدي نفعها، قال الشيخ: وما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا وأجرة، بل رزقا للإعانة على الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذه رزق للإعانة على الطاعة، وكذلك الموقوف على أعمال البر والموصى به كذلك، والمنذور له ليس كالأجرة.

ص: 321

ويكره للحر أكل أجرة على حجامة (1) ويطعمه الرقيق والبهائم (2)

(1) تنزيها له، لدناءة صناعته، وليس عن أحمد نص في تحريم كسبه، ولا استئجاره عليها، وإنما قال: نحن نعطيه، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: يجوز. ويباح للحر، ولأنها منفعة مباحة، لا يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة.

وقال الشيخ: اتخاذ الحجامة صناعة يتكسب بها، هو مما نهي عنه عند إمكان الاستغناء عنه، فإنه يفضي إلى كثرة مباشرة النجاسات، والاعتناء بها، لكن إذا عمل ذلك العمل بالعوض استحقه، فلا يجتمع عليه استعماله في مباشرة النجاسة، وحرمانه أجرته، ونهى عن أكله مع الاستغناء عنه، مع أنه ملكه. وإذا كان محتاجًا إلى هذا الكسب، ليس له ما يغنيه عنه، إلا المسألة للناس، فهو خير له من مسألة الناس، كما قال بعض السلف: كسب فيه دناءة خير من مسألة الناس.

(2)

لخبر «أطعمه ناضحك ورقيقك» حسنه الترمذي. قال الموفق: يطعمه الرقيق والبهائم، كما جاء في الأخبار الصحيحة. وقال الشيخ: إذا كانت عليه نفقة رقيق، أو بهائم يحتاج إلى نفقتها، أنفق عليها من ذلك، لئلا يفسد ماله، وكذا يكره أكل أجرة على كسح كنيف، لا على إلقاء ميتة وإراقة خمر، لعدم مباشرة النجاسة غالبًا.

ص: 322

(و) يجب (على المؤجر كل ما يتمكن به) المستأجر (من النفع (1) كزمام الجمل) وهو الذي يقوده به (2)(ورحله وحزامه) بكسر الحاء المهملة (3)(والشد عليه) أي على الرحل (4)(وشد الأَحمال والمحامل (5) والرفع والحط (6) ولزوم البعير) لينزل المستأجر لصلاة فرض (7) . وقضاء حاجة إنسانٍ، وطهارة (8)

(1) أي ويجب على المؤجر – مع إطلاق عقد الإجارة – كل ما يتمكن به المستأجر من النفع، مما جرت به عادة أو عرف، من آلات وفعل، قال في الإنصاف: بلا نزاع في الجملة.

(2)

ليتمكن به من التصرف فيه، والبرة التي في أنف البعير إن جرت العادة بها.

(3)

وقتبه وحزامه، ولفرس لجام وسرج. ولحمار وبغل برذعة وإكاف. لأنه العرف فيحمل عليه الإطلاق.

(4)

الذي يركب عليه، كالسرج للفرس وتوطئته.

(5)

أي وشد الأحمال على الجمل، والمحامل التي يركب فيها.

(6)

لمحمول، وقود، وسوق، ونحو ذلك، مما به يتمكن المكتري من الانتفاع، وجرى به العرف، فإن العمل في هذه الأمور ونحوها على العرف والعادة.

(7)

لا نافلة لأنها تصح على الراحلة، ولا لأكل وشربٍ، لأنه يمكن فعلهما عليها بلا مشقة.

(8)

أي ويلزم المؤجر حبس البعير للمستأجر، لينزل لقضاء حاجة الإنسان، وهي البول والغائط. ويلزمه أيضًا: حبسه لينزل لأجل الطهارة، لأنه لا يمكنه فعله على ظهر الدابة.

ص: 323

ويدع البعير واقفًا حتى يقضي ذلك (1)(ومفاتيح الدار) على المؤجر (2) لأن عليه التمكين من الانتفاع، وبه يحصل (3) وهي أمانة في يد المستأجر (4)(و) على المؤجر أيضًا (عمارتها)(5) فلو سقط حائط أو خشبة فعليه إعادته (6)(فأما تفريغ البالوعة، والكنيف)(7) .

(1) أي حاجته، ويتطهر ويصلي الفرض، لأنه لا يمكنه فعله على ظهر الدابة ولا بد له منه، ويلزمه تبريكه لشيخ ضعيف، وامرأة وسمين ونحوهم، ممن يعجز عن الركوب والنزول والبعير واقف، لأنه المعتاد لهم، وهذا إذا كان الكرى على أن يذهب معه المؤجر، أما من أكرى بعيرا ونحوه لإنسان، ليركبه بنفسه، وسلمه إليه لم يلزم سوى ذلك، وفي الإنصاف: الأولى أن يرجع في ذلك إلى العرف والعادة.

(2)

أي يلزمه مفاتيح الدار المؤجرة وتسليمها إلى مكنز.

(3)

أي وبتسليم مفاتيحها يحصل الانتفاع.

(4)

فإن ضاعت أو تلفت بغير تفريط المستأجر، فعلى المؤجر بدلها.

(5)

أي الدار المؤجرة، قال الشيخ: وللمستأجر مطالبة المؤجر بالعمارة التي يحتاج المكان الموجور إليها. فإن كان الموجور وقفا فالعمارة واجبة من وجهين: من جهة حق أهل الوقف، ومن جهة حق المستأجر.

(6)

وعليه عمل باب، وتطيين ونحوه، مما تدعو الحاجة إليه. وتبليط حمام وإصلاح مجرى ماء ونحوه، لأن بذلك يحصل الانتفاع، وإن لم يفعل فللمستأجر الفسخ. وفي التلخيص: يجبر على الترميم، بإصلاح مكسر، وإقامة مائل؛ واختاره الشيخ، وصوبه في الإنصاف.

(7)

البالوعة: بئر تحفر، يجري فيها ماء المطر، والمستحم ونحوه، والكنيف: المرحاض. فيلزم المستأجر تفريغها إذا تسلمها فارغة، قال في الإنصاف: بلا نزاع.

ص: 324

وما في الدار من زبل، أو قمامة (1) ومصارف حمام (فيلزم المستأجر إذا تسلمها فارغة) من ذلك (2) لأنه حصل بفعله فكان عليه تنظيفه (3) ويصح كراء العقبة، بأن يركب في بعض الطريق، ويمشي في بعض (4) مع العلم به، إما بالفراسخ أو الزمان (5) وإن استأجر اثنان جملا يتعاقبان عليه صح (6) وإن اختلفا في البادئ منهما أقرع بينهما في الأَصح، قاله في المبدع (7) .

(1) أو رماد، أو تراب ونحوه، إن حصل بفعل المستأجر لزمه تنظيفها منه.

(2)

أي الذي في البالوعة، والكنيف، والزبل، والقمامة، وما في مصارف الحمام، ونحو ذلك.

(3)

وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي. وفي الإنصاف: الأولى أن يرجع في ذلك إلى العرف والعادة. ولعله مراد الأصحاب وغيرهم، وتقدم.

(4)

لأنه إذا جاز اكتراؤها في الجميع جاز في البعض، وإطلاقها يقتضي ركوب نصف الطريق، حملا على العرف، ولا خلاف في جواز كراء الإبل وغيرها إلى مكة وغيرها.

(5)

كأن يركب فرسخا، ويمشي فرسخا، أو يركب ليلاً ويمشي نهارًا، ويعتبر زمان السير، دون زمان النزول.

(6)

ويكون كراؤهما كل الطريق، والاستيفاء بينهما على ما يتفقان عليه، وإن تشاحا قسم بينهما، لكل واحد منهما فراسخ معلومة، أو لأحدهما بالليل، والآخر بالنهار، وإن كان لذلك عرف رجع إليه.

(7)

لأنه لا مرجح لأحدهما على الآخر، فتعينت القرعة.

ص: 325

فصل (1)

(وهي) أي الإجارة (عقد لازم) من الطرفين (2) لأنها نوع من البيع (3) فليس لأحدهما فسخها لغير عيب أو نحوه (4) .

(1) أي في لزوم عقد الإجارة، وما يوجب الفسخ، ويلزم الأجير، وغير ذلك.

(2)

من جهة المؤجر، وجهة المستأجر، فتقتضي تمليك المؤجر الأجرة، والمستأجر المنافع، وهذا مذهب جمهور العلماء، مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم.

(3)

أي فأعطيت حكمه، وإنما اختصت باسم، كالصرف، والسلم.

(4)

أي فليس للمؤجر ولا المستأجر فسخ الإجارة، بعد انقضاء خيار المجلس، أو الشرط، إن كان خيار، على ما تقدم، لغير عيب، لم يكن المستأجر علم به حال عقد، فله الفسخ. قال الموفق وغيره: بغير خلاف. أو نحو عيب، كتدليس، والعيب الذي يفسخ به، ما تنقص به المنفعة، ويظهر به تفاوت الأجرة، هذا فيما إذا كان العقد على عين المعيبة، فإن كانت المؤجرة موصوفة في الذمة، لم ينفسخ العقد، وعلى المؤجر إبدالها. فإن عجز أو امتنع فللمستأجر الفسخ، وظاهره: أن الإجارة الصحيحة، ليس للمؤجر ولا غيره فسخها، لزيادة حصلت، ولو كانت العين وقفا؛ قال الشيخ: باتفاق الأئمة. وتقدم.

وإن تصرف المؤجر في العين المؤجرة، حال كون المستأجر عليها، قبل انقضاء المدة، مثل أن يسكن المالك الدار، أو يؤجرها لغيره لم تنفسخ، وعلى المستأجر جميع الأجرة، وله على المالك أجرة المثل، لما سكن، او تصرف فيه، اختاره الموفق وغيره، وصوبه في الإنصاف.

ص: 326

(فإن آجره شيئًا ومنعه) أي منع المؤجر المستأجر الشيء المؤجر (كل المدة أو بعضها)(1) بأن سلمه العين، ثم حوله قبل تقضي المدة (فلا شيء له) من الأجرة (2) لأنه لم يسلم له ما تناوله عقد الإجارة، فلم يستحق شيئًا (3)(وإن بدأ الآخر) أي المستأجر فتحول (قبل انقضائها) أي انقضاء مدة الإجارة (فعليه) جميع الأجرة (4) لأنها عقد لازم، فترتب مقتضاها، وهو ملك المؤجر الأجر والمستأجر المنافع (5) .

(1) فلم يسلم له كل ما تناوله عقد الإجارة أو بعضه.

(2)

قبل أن يحوله المؤجر، نص عليه، إلا أن يرد المؤجر العين، قبل انقضاء المدة، فله الأجرة، ويسقط أجر مدة المنع. وإن تصرف أو امتنع من التسليم، حتى انقضت المدة، انفسخت، وجهًا واحدًا.

(3)

كما لو استأجره لحمل كتاب إلى بلد، فحمله بعض الطريق، ونحو ذلك. وقاسوا من اكترى دابة فامتنع المكري من تسليمها بعض المدة – أو آجر نفسه للخدمة مدة، وامتنع من إتمامها – على بيع العقار إذا امتنع من تسليمه؛ وقال الموفق وغيره، يحتمل أن له من الأجر بقسطه، وأنه قول أكثر الفقهاء، لأنه استوفى ملك غيره، على وجه المعاوضة، فلزمه عوضه، كالمبيع إذا استوفى بعضه، وهو ظاهر كلام الشيخ.

(4)

المسماة، ولا يزول ملكه عن المنافع، بل تذهب على ملكه، وليس للمؤجر التصرف فيها، سواء ترك المستأجر الانتفاع بها أو لا، لأنها صارت مملوكة لغيره.

(5)

فلزمت الأجرة كاملة، كما لو اشترى شيئًا وقبضه ثم تركه. قيل لأحمد: رجل اكترى بعيرًا مدة، فلما قدم قال: فاسخني، قال: ليس له ذلك، قد لزمه الكراء فإن فسخ المستأجر، لم يسقط العوض الواجب، للزوم العقد، وإن كانت الإجارة على عمل موصوف بذمة، كخياطة ثوب، أو بناء حائط، أو حمل إلى محل معلوم وهرب الأجير، استؤجر من ماله من يعمله، فإن تعذر، خير مستأجر بين فسخ وصبر إلى قدرة عليه.

ص: 327

(وتنفسخ) الإجارة (بتلف العين المؤجرة) كدابة وعبد ماتا (1) لأن المنفعة زالت بالكلية (2) وإن كان التلف بعد مضي مدة لها أجرة انفسخت فيما بقي، ووجب للماضي القسط (3)(و) تنفسخ الإجارة أيضًا (بموت المرتضع)(4) .

(1) فإن كان التلف قبل قبض العين المؤجرة، انفسخت الإجارة بلا خلاف، حكاه الموفق وغيره، لأن المعقود عليه تلف قبل قبضه. وإن كان التلف بعد القبض. انفسخت أيضًا؛ قال الموفق: في قول عامة الفقهاء.

(2)

يعني بتلف المعقود عليه، قبضت أو لم تقبض، لأن قبضها إنما يكون باستيفائها، أو التمكن منه، ولم يحصل ذلك، ولو كان المتلف المستأجر.

(3)

لأن المعقود عليه المنافع، وقد تلف بعضها قبل قبضه، فبطل العقد فيما تلف، دون ما قبض. فإن كان أجر المدة متساويا، فعليه بقدر ما مضى، إن كان قد مضى النصف، فالنصف، أو الثلث، فالثلث، كما يقسم الثمن على المبيع المتساوي. وإن كان مختلفا، رجع في تقويمه إلى أهل الخبرة، ويقسط الأجر المسمى، على حسب قيمة المنفعة؛ وهذا مذهب الشافعي وغيره، إن كان العقد على عينها، وإن لم يكن العقد على عينها، بل استأجره ليحمله إلى موضع معين، ووصف له مركوبا، لزمه إقامة غيرها إذا ماتت.

(4)

أو امتناعه من الرضاع منها، ذكره المجد وغيره.

ص: 328

لتعذر استيفاء المعقود عليه (1) لأن غيره لا يقوم مقامه، لاختلافهم في الرضاع (2)(و) تنفسخ الإجارة أيضًا بموت (الراكب إن لم يخلف بدلا) أي من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة، بأن لم يكن له وارث، أو كان غائبًا (3) كمن يموت بطريق مكة ويترك جمله (4) فظاهر كلام أحمد أنها تنفسخ في الباقي (5) لأنه قد جاء أمر غالب، منع المستأجر منفعة العين أشبه ما لو غصبت، هذا كلامه في المقنع (6) .

(1) يعني بموت الصبي، وهذا مذهب الشافعي، وكذلك امتناعه.

(2)

وتقدم اشتراط معرفة المرتضع، ولأنه قد يدر اللبن على واحد دون الآخر. وكذا إن ماتت مرضعة، لفوات المنفعة بهلاك محلها.

(3)

لفوات انتفاعه بنفسه ونائبه، وقال أحمد – في رجل اكترى بعيرا، فمات المكتري في بعض الطريق – فإن رجع البعير خاليا، فعليه بقدر ما وجب له، وإن كان عليه ثقله ووطاؤه، فله الكراء إلى الموضع. وظاهره: الحكم بفسخ العقد فيما بقي، واختاره الموفق وغيره.

(4)

يعني وليس له عليه شيء يحمله، ولا وارث له حاضر، يقوم مقامه.

(5)

يعني من المدة، في ظاهر كلامه المتقدم.

(6)

والمغني، ووافقه الشارح، وجزم به جماعة من الأصحاب، وقالا في المغني والشرح: لأن بقاء العقد ضرر في حق المكتري والمكري، لأن المكتري يجب عليه الكراء من غير نفع، والمكري يمتنع عليه التصرف في ماله، مع ظهور امتناع الكراء عليه؛ وشبهاه بما لو اكترى من يقلع له ضرسه، فبرأ أو انقلع قبل قلعه؛ أو اكترى كحالاً ليكحل عينه، فبرأت أو ذهبت.

ص: 329

والذي في الإقناع والمنتهى وغيرهما: أنها لا تبطل بموت راكب (1)(و) تنفسخ أيضًا بـ (انقلاع ضرس) اكتري لقلعه (أو برئه)(2) لتعذر استيفاء المعقود عليه (3) فإن لم يبرأ وامتنع المستأجر من قلعه لم يجبر (4) .

(1) قدمه في الفروع، وقال الموفق وغيره: هذا قول مالك والشافعي. لأنه عقد لازم، فلا ينفسخ بموت العاقد مع سلامة المعقود عليه. وقال الزركشي: هذا المنصوص، وعليه الأصحاب، إلا أبا محمد. اهـ. وسواء كان له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة أو لا، وسواء كان هو المكتري أو غيره، لأن المعقود عليه منفعة الدابة، وذكر الراكب لتتقدر به المنفعة.

وقال ابن منجا: فإن قيل كيف الجمع بين قول المصنف: تنفسخ بموت الراكب وبين قوله بعد: لا تنفسخ بموت المكري ولا المكترى؟ قيل: يجب حمل قوله: لا تنفسخ بموت المكري. على أنه مات وله وارث، وهناك صرح بأنها تنفسخ إذا لم يكن له من يقوم مقامه، وفي الإنصاف: يحتمل أنه قال هذا متابعة للأصحاب، وقال هذا لأجل اختياره.

(2)

أي أو ببرئه، اختاره الموفق وغيره، وتنفسخ بذهاب عين أو برئها اكتري كحَّال ليكحلها ونحو ذلك.

(3)

أشبه ما لو تعذر بالموت.

(4)

ولزمته أجرة المثل، قال المجد: الأجير إذا بذل العمل، ومكن منه، استحق الأجرة في مذهب الشافعي، ومذهبنا على ما ذكر قبل، وذكر عن أبي الطيب نحو ذلك. أما إن شارطه على البرء، فتقدم جوازه، وأنه يكون جعالة، له أحكامها.

ص: 330

(ونحوه) أي تنفسخ الإجارة بنحو ذلك، كاستئجار طبيب ليداويه فبرئ (1) و (لا) تنفسخ (بموت المتعاقدين أو أحدهما) مع سلامة المعقود عليه، للزومها (2) و (لا) تنفسخ (بـ) عذر لأَحدهما (3) مثل (ضياع نفقة المستأجر) للحج (4)(ونحوه) كاحتراق متاع من اكترى دكانا لبيعه فيه (5)(وإن اكترى دارًا فانهدمت (6) .

(1) أو مات انفسخت فيما بقي، فإن امتنع المريض مع بقاء المرض، استحق الطبيب الأجر بمضي المدة، فإن شارطه على البراء فهي جعالة على ما تقدم؛ قال في الإنصاف: ولا يستحق شيئًا من الأجرة حتى يوجد البرء.

(2)

ولأن المعقود عليه منفعة الدابة دون الراكب، وتقدم قريبًا؛ وهو مذهب مالك والشافعي، وابن المنذر وغيرهم، من أنها لا تبطل مع إمكان استيفاء المنافع وكما لو زوج أمته ثم مات.

(3)

وهذا مذهب مالك والشافعي، لأنها عقد لا يجوز فسخه لغير عذر، فلم يجز لعذر في غير المعقود عليه، كالبيع.

(4)

فلا يمكنه الحج، لم تنفسخ، لأنه لو جاز فسخه لعذر المكتري، لجاز لعذر المكري، تسوية للمتعاقدين، ودفعا للضرر عن كل واحد منهما.

(5)

فلا يمكنه الانتفاع به، فالجمهور أنها لا تنفسخ في حقه كالمكري.

(6)

أي وإن اكترى دارا ليسكنها، فانهدمت قبل انقضاء مدة الإجارة، انفسخت فيما بقي من المدة، لتعطل النفع فيه، وإن انهدم البعض، خير مكتر بين فسخ وإمساك، فإن أمسك فبالقسط من الأجرة.

ص: 331

أو) اكترى (أَرضا لزرع فانقطع ماؤها أَو غرقت (1) انفسخت الإجارة في الباقي) من المدة (2) لأَن المقصود بالعقد قد فات، أشبه ما لو تلف (3) .

(1) أي انقطع ماؤها مع الحاجة إليه، قبل زرعها، أو بعده، أو غرقت، بأن زاد النهر مثلاً ودام فيها، فامتنع الانتفاع، أو هلك الزرع أو بعضه.

(2)

وسقط عن المستأجر قسطه من الأجرة؛ قال الشيخ: وقياس أصول أحمد ونصوصه إذا عطل نفع الأرض بآفة، انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة، كاستهدام الدار، ولو يبست الكروم بجراد أو غيره، سقط من الخراج بحسب ما تعطل من النفع. وإذا لم يمكن النفع به، ببيع أو إجارة أو عمارة، أو غير ذلك، لم تجز المطالبة بالخراج.

(3)

أي المعقود عليه، وتقدم. وإن بقي نفع غير ما استأجرها له – مثل أن يمكن الانتفاع بعرصة الدار، أو الأرض، لوضع حطب فيها، أو خيمة أو نحو ذلك – انفسخت أيضًا، لأن المنفعة التي وقع العقد عليها تلفت، فانفسخت الإجارة، كما لو أستأجر دابة ليركبها فزمنت، بحيث لا تصلح إلا لنحو تدوير رحىّ. ولو كان النفع الباقي في العين، مما لا يباح استيفاؤه بالعقد، كدابة استأجرها للركوب، فصارت لا تصلح إلا للحمل، انفسخت وجهًا واحدًا.

وفي الفروع: وإن تعذر زرعها لغرقها، فله الخيار، وكذا لقلة ماء، قبل زرعها أو بعده، أو غابت بغرق يعيب به بعض الزرع؛ واختار شيخنا: أو برد، أو فأر، أو عذر. قال: فإن أمضى فله الأرش، كعيب الأعيان؛ وإن فسخ فعليه القسط قبل القبض، ثم أجرة المثل إلى كماله. وقال: وإذا تقايلا الإجارة أو فسخها المستأجر، وكان قد حرثها، فله قيمة حرثه بالمعروف، وليس لأحد أن يقطع غراس المستأجر وزرعه، سواء كانت الإجارة صحيحة أو فاسدة، بل إذا بقي فعليه أجرة المثل.

ص: 332

وإن أجره أرضا بلا ماء صح (1) وكذا إن أطلق مع علمه بحالها (2) وإن ظن وجوده بالأمطار، وزيادة الأنهار صح كالعلم (3) وإن غصبت المؤجرة خير المستأجر بين الفسخ، وعليه أجرة ما مضى (4) وبين الإمضاء، ومطالبة الغاصب بأجرة المثل (5) .

(1) لأنه يتمكن من الانتفاع بها، بالنزول فيها، ووضع رحله فيها، وجمع الحطب، وغير ذلك. وله أن يزرعها رجاء الماء، وبعد حصوله، اختار ذلك الموفق وغيره. وإن كان لها ماء دائم، من نحو نهر، أو بئر، صح الاستئجار للغرس والزرع، بلا خلاف.

(2)

لأنهما دخلا في العقد على أنها لا ماء لها، فأشبه ما لو شرطاه، لأن العلم بالحال يقوم مقام الاشتراط، كالعلم بالعيب يقوم مقام شرطه؛ وله الانتفاع بها، كالأولى.

(3)

لأن حصوله معتاد، والظاهر وجوده بالأمطار، أو زيادة النيل ونحوه. ولا تصح لأرض لا ماء لها، إن ظن إمكان تحصيله، أو لم يعلم أنها لا ماء لها، وكذا الأرض التي يندر مجيء الأمطار إليها، كالتي لا يكفيها إلا المطر الكثير الذي يندر وجوده، أو تشرب من فيض واد مجيئه نادر، أو من زيادة نادرة في نهر، أو عين عالية، لتعذر النفع المعقود عليه ظاهرا؛ وتصح بعد وجوده. وقال الشيخ: ما لم يرو من الأرض فلا أجرة له اتفاقًا.

(4)

أي وإن غصبت العين المؤجرة، لمدة معلومة، خير المستأجر بين الفسخ للإجارة، لتعذر تسليم المعقود عليه، وعليه أجرة ما مضى قبل الفسخ، من المسمى، لاستقراره عليه.

(5)

أي وخير المستأجر بين إبقاء العقد بلا فسخ، ومطالبة الغاصب بأجرة المثل. ولا ينفسخ العقد بمجرد الغصب، لأن المعقود عليه لم يفت مطلقًا، بل إلى بدل، وهو القيمة، أشبه ما لو تلفت الثمرة المبيعة. وإن كانت على عين معينة لعمل، خير بين فسخ، وصبر إلى أن يقدر عليها، لأن الحق له، فجاز تأخيره. وإن كانت على عين موصوفة في الذمة، لزمه بدلها، وإن تعذر فله الفسخ. وإن ردت العين في أثناء المدة، قبل الفسخ، استوفى ما بقي.

ص: 333

ومن استؤجر لعمل شيء فمرض، أقيم مقامه من ماله من يعمله (1) ما لم تشترط مباشرته (2) أو يختلف فيه القصد كالنسخ (3) فيخير المستأجر بين الصبر والفسخ (4)(وإن وجد) المستأجر (العين معيبة (5) أو حدث بها) عنده (عيب)(6) وهو ما يظهر به تفاوت الأجر (7) .

(1) ليخرج من الحق الواجب في ذمته، كالمسلم فيه؛ ولا يلزم المستأجر انظاره، لأن العقد بإطلاقه يقتضي التعجيل.

(2)

أي ما لم يشترط المستأجر في العقد على الأجير مباشرة العمل، فإن اشترطها لم يلزمه قبول عمل غيره، لأن الغرض قد لا يحصل به.

(3)

لأنه يختلف باختلاف الخطوط، ولا يلزم المستأجر قبول عمل غيره، لأن الغرض لا يحصل به، وكذا تجارة، لاختلافها باختلاف الحذق، أو وقعت الإجارة على عنيه كالأجير الخاص، فلا يلزم المستأجر قبول الاستنابة.

(4)

لتعذر وصوله إلى حقه.

(5)

بأن كان بها حين العقد، ولم يعلم به، كما لو وجد الدابة جموحًا، أو جار سوء، فله الفسخ، كما لو وجد المبيع معيبًا، وتقدم.

(6)

أي أو حدث بمؤجرة عنده عيب، كجنون أجير أو مرضه ونحوه.

(7)

بأن تكون الأجرة معه، دونها مع عدمه، كمبيع وجد به عيب ينقص قيمته.

ص: 334

(فله الفسخ) إن لم يزل بلا ضرر يلحقه (1)(وعليه أجرة ما مضى) لاستيفائه المنفعة فيه (2) وله الإمضاء مجانا (3) والخيار على التراخي (4) ويجوز بيع العين المؤجرة (5) .

(1) أي فله الفسخ، لأنه عيب في المعقود عليه، ولأن المنافع لا يحصل قبضها إلا شيئًا فشيئًا. فإذا حدث العيب، فقد وجد قبل قبض الباقي من المعقود عليه. فثبت الفسخ فيما بقي، إن لم يزل بلا ضرر يلحق المستأجر، فلو انسدت البالوعة مثلا، وفتحها مؤجر في زمن يسير، لا تتلف فيه منفعة تضر بالمستأجر، فلا خيار له.

(2)

قبل الفسخ واستقرارها عليه.

(3)

أي بلا أرش للعيب، لأنه رضي به ناقصًا، هذا المذهب. وقيل: يملك الإمساك مع الأرش، وهو قياس المذهب، كالبيع. قال ابن نصر الله: لم نجد بينهما فرقا.

وإن اختلف في الموجود، هل هو عيب، رجع فيه إلى أهل الخبرة، وإن لم يعلم بالعيب، حتى فرغت المدة، لزمته الأجرة كاملة، وصوب في الإنصاف لزوم الأرش. وإن علم، فلا، كمبيع.

(4)

ولو مضى فيه بعد العلم، بخلاف المبيع.

(5)

سواء باعها للمستأجر أو غيره، وسواء أجرها مدة لا تلي العقد، ثم باعها قبل دخولها، أو باعها في أثناء المدة، لأن الإجارة عقد على المنافع، فلم تمنع الصحة، كبيع الأمة إذا زوجها، والبيع على غير المعقود عليه في الإجارة، والمشتري يملك المبيع، مسلوب المنفعة، إلى حين انقضاء الإجارة، فصح. وكذا الهبة والأجرة للبائع، وهو ظاهر الإنصاف؛ وقيده في الغاية إذا لم يعلم المشتري أنها مؤجرة، فإن علم فلا أجرة له ولا فسخ.

ص: 335

ولا تنفسخ الإجارة به (1) وللمشتري الفسخ إن لم يعلم (2)(ولا يضمن أجير خاص)(3) وهو من استؤجر مدة معلومة، يستحق المستأجر نفعه في جميعها (4) سوى فعل الخمس بسننها في أوقاتها، وصلاة جمعة وعيد (5) .

(1) أي ببيع العين المؤجرة، ولو كان البيع لمستأجر، لأنه ملك المنفعة بعقد الإجارة، ثم ملك العين بعقد البيع، وكذا الهبة والوقف، والانتقال بإرث ونحوه، لورود ذلك على ما يملكه المؤجر من العين المسلوبة النفع زمن الإجارة، وقال الشيخ: نقل الملك في العين المؤجرة كالبيع، فلو وهبها أو وقفها، فينبغي أن يكون كالبيع، لا يسقط حق المستأجر.

(2)

أي بأن العين المبيعة مؤجرة. وجزم في التنقيح: بأن الأجرة له. وفي الإقناع وغيره: للبائع، وله الإمضاء مجانا. وقال أحمد: هو عيب، أي فله الأرش كالبيع.

(3)

لأن عمله غير مضمون عليه، فلا يضمن ما تلف فيه، وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، وظاهر مذهب الشافعي. والأجراء على ضربين: خاص، ومشترك، وبدأ بالخاص.

(4)

لا يشاركه فيها أحد، كمن استؤجر لخدمة، أو خياطة، أو رعاية شهرًا أو سنة، فإن لم يستحق نفعه في جميع الزمن، فمشترك. ولو استأجر واحد أو جماعة شخصًا، ليرعى لهم عددًا معلومًا من الماشية شهرًا، أو سنة، فخاص؛ قاله شيخنا وغيره، وإن تقبل ماشية من شاء، فمشترك، كما يأتي.

(5)

فإن أزمنة تلك مستثناة شرعًا، فلا تدخل في العقد، لوجوب تقديم حق الله تعالى.

ص: 336

وسمي خاصًا لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة، ولا يستنيب (1)(ما جنت يده خطأ)(2) لأنه نائب المالك في صرف منافعه فيما أَمر به، فلم يضمن كالوكيل (3) وإن تعدى أو فرط ضمن (4)(ولا) يضمن أيضًا (حجام، وطبيب، وبيطار) وختان (لم تجن أيديهم (5) إن عرف حذقهم) أي معرفتهم صنعتهم (6) .

(1) أي وسمي الأجير المستحق نفعه في جميع الزمن خاصا، لأجل اختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة، دون سائر الناس، سواء سلم بنفسه للمستأجر أو لا. ولا يستنيب لوقوع العقد على عينه. فلو مرض لم يقم غيره مقامه؛ وليس له أن يعمل لغيره، فإن عمل وأضر بالمستأجر، فله قيمة ما فوته عليه.

(2)

كما لو انكسرت منه الجرة التي يستقي بها، أو الآلة التي يحرث بها، أو المكيال الذي يكتال به ونحوه، وهذا مذهب الجمهور.

(3)

وكالمضارب إذا لم يتعد، أو يفرط، ويستحق الأجرة بتسليم نفسه، عمل أو لم يعمل.

(4)

أي فإن تعمد إتلافًا ضمن، لإتلافه مال غيره على وجه التعدي أو فرط – يعني قصر في الحفظ – ضمن، كسائر الأمناء، ولأنه إذًا كالغاصب.

(5)

فيتجاوزوا ما ينبغي أن يقطع.

(6)

بأن كانوا يعرفون العلة ودواءها، ولهم معلمون شهدوا لهم بالحذق، وأجازوا لهم المباشرة، فلا يضمنوا إذا فعلوا ما أمروا به، بهذين الشرطين، أن يكونوا ذوي حذق في صنعتهم، وأن لا تجني أيديهم.

ص: 337

لأنه فعل فعلا مباحا فلم يضمن سرايته (1) ولا فرق بين خاصهم ومشتركهم (2) فإن لم يكن لهم حذق في الصنعة ضمنوا (3) لأنه لا يحل لهم مباشرة القطع إذًا (4) وكذا لو كان حاذقًا وجنت يده (5) بأن تجاوز بالختان إلى بعض الحشفة (6) أو بآلة كالة (7) .

(1) كقطع الإمام يد السارق، لأنه لا يمكن أن يقال: اقطع قطعا لا يسري. وقيل: إن أذن فيه مكلف أو ولي غيره.

(2)

في عدم الضمان، إن عرف حذقهم، ولم تجن أيديهم.

(3)

ما حصل من الجناية بسبب العلاج، كالتعدي به.

(4)

لأنه إذا قطع مثلا، فقد فعل محرما، فضمن سرايته، لقوله «من تطبب بغير علم فهو ضامن» رواه أبو داود.

(5)

أي وكذا لو كان الحجام – والطبيب، والبيطار، والختان، والكحال ونحوه – حاذقًا في صنعته، ولكن جنت يده ضمن.

(6)

قال ابن رشد: أجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية، مثل أن يقطع الحشفة في الختان، وما أشبه ذلك، لأنه في معنى الجاني. وقال ابن أبي موسى: إن ماتت طفلة من الختان، فديتها على عاقلة خاتنها، قضى به عمر. اهـ. وكذا لو قطع في غير محل القطع، أو في وقت لا يصلح القطع فيه ضمن.

وقال ابن القيم: إن أذن له أن يختنه في زمن حر مفرط، أو برد مفرط، أو حال ضعف يخاف عليه منه، فإن كان بالغًا عاقلاً لم يضمنه، لأنه أسقط حقه بالإذن فيه. وإن كان صغيرا ضمنه، لأنه لا يعتبر إذنه شرعا. اهـ. وإن أذن فيه وليه، فالقاعدة تقتضي تضمين المباشر ما لم يعذر.

(7)

أي أو قطع بآلة كآلة يكسر ألمها ضمن.

ص: 338

أو تجاوز بقطع السلعة موضعها ضمن (1) لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ (2) ، (ولا) يضمن أيضا (راع لم يتعد)(3) لأنه مؤتمن على الحفظ كالمودع (4) فإن تعدى أو فرط ضمن (5) .

(1) قال ابن رشد: لا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنه يضمن، لأنه متعد. وقال الخطابي: لا أعلم خلافًا في المعالج، إذا تعدى فتلف المريض، كان ضامنا، والمتعاطي علمًا أو عملاً لا يعرفه متعد، فإذا تولد من فعله التلف، ضمن الدية، وسقط عنه القود، لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض، وجناية الطبيب في قول عامة الفقهاء على عاقلته.

(2)

فأشبه إتلاف المال، وكذا الحكم في البزَّاغ – وهو البيطار – والقاطع في القصاص، وقاطع يد السارق، وهو مذهب الجمهور، وقال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا.

(3)

أو يفرط بنوم، أو غيبة عنها، ونحوه، بلا خلاف، وقال الوزير وغيره: اتفقوا على أن الراعي ما لم يتعد فلا ضمان عليه، وإن اختلفا في التعدي وعدمه، فقول الراعي، وإن اختلفا في كونه متعديًا رجع فيه إلى أهل الخبرة، وإن ادعى موت شاة ونحوها، قبل قوله، ولو لم يأت بجلدها أو شيء منه، ومثله مستأجر الدابة.

(4)

لأنه يتعذر عليه إقامة البينة في الغالب، ولأنها عين قبضت بحكم الإجارة أشبهت العين المستأجرة.

(5)

قال الموفق وغيره: بلا خلاف. مثل أن ينام عن الماشية، أو يغفل عنها، أو يتركها تتباعد عنه، أو تغيب عن نظره، وحفظه؛ أو يسرف في ضربها، أو يضربها في غير موضع الضرب، أو من غير حاجة إليه، أو يسلك بها موضعا تتعرض

فيه للتلف، وأشباه ذلك، مما يعد تفريطا وتعديا فتتلف به، فيضمن الراعي التالف: وقال في المبدع: بلا خلاف.

ص: 339

(ويضمن) الأجير (المشترك)(1) وهو من قدر نفعه بالعمل (2) كخياطة ثوب، وبناء حائط (3) سمي مشتركًا لأنه يتقبل أعمالاً لجماعة في وقت واحد يعمل لهم، فيشتركون في نفعه (4) كالحائك، والقصار، والصباغ، والحمال (5) فكل منهم ضامن (ما تلف بفعله)(6) كتخريق الثوب، وغلطه في تفصيله (7) .

(1) ما جنت يده، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، وأحد قولي الشافعي.

(2)

ويتقبل أعمالاً لجماعة في وقت، لا يختص بنفعه واحد، وكون عمله مقدرًا بمدة لا يخرجه عن كونه مشتركا.

(3)

وكحمل شيء إلى مكان معين، أو على عمل في مدة لا يستحق نفعه في جميعها.

(4)

فتتعلق الإجارة بذمته، ولا يستحق الأجرة إلا بتسليم عمله، لأنه مضمون عليه.

(5)

وكالخباز، والطباخ، والملاح، وكالخياط، والكحال ونحوهم.

(6)

ولو بخطئه أو غلطه عند الجمهور، وقيل: لا يضمن إذا لم يتعد، وهو تخريج لأبي الخطاب، وقال في الإنصاف: النفس تميل إليه.

(7)

أي كتخريق القصار الثوب بدقه، أو مدة أو عصره، أو بسطه، وغلط خياط في تفصيل الثوب، وكإفساد طباخ من طبيخه، وخباز من خبزه، وكإفساد حياك وحمال وجمال وملاح ونحوه، فيضمن ما تلف بفعله.

ص: 340

روي عن عمر، وعلي، وشريح والحسن رضي الله عنهم (1) لأن عمله مضمون عليه (2) لكونه لا يستحق العوض إلا بالعمل (3) وأن الثوب لو تلف في حرزه بعد عمله لم يكن له أجرة فيما عمل به (4) بخلاف الخاص (5) والمتولد من المضمون مضمون (6) وسواء عمل في بيته أو بيت المستأجر (7) أو كان المستأجر على المتاع أو لا (8) .

(1) وعبد الله بن عتبة والحكم، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحد قولي الشافعي. وروي أن عليا يضمن الأجراء، ويقول: لا يصلح الناس إلا هذا.

(2)

أي فما تولد منه يجب أن يكون مضمونا، كالعدوان بقطع عضو.

(3)

يعني فيكون عمله مضمونا عليه.

(4)

فكان ذهاب عمله من ضمانه. وعن الشافعي: لا يضمن، ما لم يتعد. وكذا إن كان غير مستطاع، كزلق ونحوه، وقواه في الإنصاف. وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: لا يضمن الأجير إلا إن فرط. فالله أعلم.

(5)

أي فإنه إذا أمكن المستأجر من استعماله، استحق العوض بمضي المدة وإن لم يعمل، وما عمل فيه من شيء فتلف من حرزه، لم يسقط أجره بتلفه.

(6)

فلو دفع إلى خياط ثوبا يساوي عشرة، فخاطه فصار يساوي خمسة عشر، ثم تلف عند الخياط بفعله، ضمن الخمسة عشر.

(7)

لأن ضمانه لجنايته، وإن استأجر مشترك خاصًا، فلكل حكم نفسه.

(8)

أي أو كان المستأجر حاضرا قائما على المتاع، أو غائبًا، فإن الأجير يضمن إذا تلف المتاع بفعله، وإن تبرع قصار، ونحوه بعمله، لم يضمن جناية يده، لأنه أمين محض.

ص: 341

(ولا يضمن) المشترك (ما تلف من حرزه (1) أو بغير فعله) لأن العين في يده أمانة كالمودع (2)(ولا أجرة له) فيما عمل فيه (3) لأنه لم يسلم عمله إلى المستأجر، فلم يستحق عوضه (4) سواء كان في بيت المستأجر أو غيره (5) بناء كان أو غيره (6) وإن حبس الثوب على أجرته فتلف ضمنه (7) لأنه لم يرهنه عنده (8) ولا أذن له في إمساكه (9) . فلزمه الضمان كالغاصب (10) .

(1) بغير تعد منه ولا تفريط، كما لو تلف بأمر غالب.

(2)

ومقوبضة بعقد إجارة لم يتلفها بفعله، فلم يضمنها كالمستأجرة، وقبضها بإذن مالكها، لنفع يعود إليهما، فكالمضارب والشريك.

(3)

وأفتى إمام هذه الدعوة: بأنه إذا صار الخلل منه، فلا أجرة له. وكالراعي المشترك لا يستحق الأجرة حتى يسلم المواشي.

(4)

كراع لماشية لم يسلمها، وكمكيل بيع وتلف قبل قبضه.

(5)

أي غير بيت المستأجر، إذ لا يمكن تسلميه إلا بتسليم المعمول، وعنه: له الأجرة في بيت ربه؛ وفي الفنون: مطلقًا. قال في الإنصاف: وهو قوي.

(6)

أي سواء كان العمل بناء ونحوه، أو غير بناء، كخياطة ثوب ونحوه وتلف، فلا أجرة له.

(7)

حكاه الموفق وغيره قولاً واحدًا، ما لم يظهر فلس مستأجر، فله حبسه على أجرته.

(8)

يعني على أجرته، فيكون إذنا في حبسه عليها.

(9)

حتى يجوز له حبسه، ولأنه لا يتضرر بدفعه قبل أخذ أجرته.

(10)

أي في ضمان ما غصبه، على ما يأتي. ويخير مالك بين تضمينه غير

معمول ولا أجرة أو معموًا وللعامل الأجرة. وذكر ابن القيم: أن للمستأجر حبس العين، حتى تسلم له الأجرة، وعلل ذلك بأن العمل يجرى مجرى الأعيان، ولهذا يقابل بالعوض، فصار كأنه شريك لمالك العين بعمله، فأثر عمله قائم بالعين، فلا يجب عليه تسليمها قبل أن يأخذ عوضه، وعليه: لو تلفت العين فلا ضمان عليه، لكونه مأذونا فيه شرعا.

ص: 342

وإن ضرب الدابة بقدر العادة لم يضمن (1)(وتجب الأجرة بالعقد)(2) كثمن، وصداق (3) وتكون حالة (إن لم تؤجل) بأجل معلوم (4) فلا تجب حتى يحل (5) .

(1) لأن له ذلك بما جرت به العادة، وكذا معلمها السير، فإن زاد على العادة ضمن، لأنه غير مأذون فيه نطقا ولا عرفا.

(2)

مع الإطلاق، لأنه عوض أطلق ذكره في عقد معاوضة، فيستحق بمطلق العقد، وهذا مذهب الشافعي سواء كانت إجارة عين، أو في الذمة.

(3)

أي كما يجب ثمن المبيع بعقد البيع، وكما يجب الصداق بعقد النكاح، فيجوز الوطء إذا كانت الأجرة أمة، ويعتق قن، ويصح تصرف.

(4)

وفي الإنصاف: لو أجلت فمات المستأجر، لم تحل الأجرة، لأن حلها مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم، قاله الشيخ. وإن أجلت بأجل مجهول لم تصح.

(5)

أي الأجل المعلوم، كالثمن والصداق. وقال الشيخ وغيره: إذا مات المستأجر، لم يلزم ورثته تعجيل الأجرة، في أصح قولي العلماء. وهذا على قول من يقول: لا يحل الدين بالموت، ظاهر، وكذا على قول من يقول بحلوله، في أظهر قوليهم، إذ هم يفرقون بين الإجارة وغيرها، كما يفرقون في الأرض المحتكرة إذا بيعت أو ورثت، فإن الحكر يكون على المشتري، والوارث، وليس لأصحاب الحكر أخذ الحكر من البائع، وتركة الميت في أظهر قولي العلماء.

ص: 343

(وتستحق) أي يملك الطلب بها (1)(بتسليم العمل الذي في الذمة)(2) ولا يجب تسليمها قبله (3) وإن وجبت بالعقد لأنها عوض، فلا يستحق تسليمه إلا مع تسليم المعوض كالصداق (4) وتستقر كاملة باستيفاء المنفعة (5) وبتسليم العين ومضي المدة، مع عدم المانع (6) أو فراغ عمل ما بيد مستأجر، ودفعه إليه (7) .

(1) أيضًا فيجب على المستأجر تسليمها.

(2)

عينا كانت أو موصوفة، لجريان تسليمها مجرى تسليم نفعها، وكذلك يملك الطلب بها ببذل العين.

(3)

أي ولا يجب تسليم أجرة العمل في الذمة، حتى يتسلمه المستأجر، لأن الأجير إنما يوفى أجره إذا قضى عمله، كما جاءت السنة بذلك.

وفارق الإجارة عن الأعيان، لأن تسليمها أجري مجرى تسليم نفعها، ومتى كانت على عمل في الذمة، لم يحصل تسليم المنفعة، ولا ما يقوم مقامها.

(4)

وكالثمن في المبيع، لا يجب تسليمهما إلا بتسليم معوضهما.

(5)

أي وتستقر الأجرة كاملة باستيفاء المستأجر المنفعة، لأنه قبض المعقود عليه، فاستقر عليه البدل، كما لو قبض المبيع.

(6)

أي وتستقر الأجرة كاملة بتسليم العين المؤجرة، ومضي المدة، حيث سلمت إليه العين، ولا مانع له من الانتفاع، لتلف المعقود عليه تحت يده.

(7)

أي وتستقر بفراغ عمل ما استؤجر لعمله، وهو ما بيد مستأجر، ودفعه إليه بعد عمله، وعبارة المنتهى وغيره: وتستقر بعمل ما بيد مستأجر، كطباخ استؤجر لطبخ ببيت مستأجر، فوفى به، لأنه أثم ما عليه، وهو بيد ربه، فاستقرت الأجرة، وتستقر بدفع غير ما بيد مستأجر، كخياط استؤجر ليخيط ثوبا بدكانه، فخاطه وسلمه لربه معمولا، لأنه سلم ما عليه، فاستقرت الأجرة.

قال الشيخ: وإذا عمل الأجير بعض العمل، أعطي من الأجرة بقدر ما عمل، وقال الشيخ أبا بطين: إن ترك لعذر شرعي يستحق، وإلا فلا، وقال حسن بن حسين بن علي ابن الشيخ: الذي يفتى به أنه إن ترك لعذر فله أجرة الماضي، وإن تركه لغير عذر فلا، إلا بعد كمال المدة، وهذا المشهور في المذهب.

ص: 344

وإن كانت لعمل فببذل تسليم العين (1) ومضي مدة يمكن الاستيفاء فيها (2)(ومن تسلم عينا بإجارة فاسدة (3) وفرغت المدة (4) لزمه أجرة المثل) لمدة بقائها في يده (5) .

(1) كأن يقول: دابتي في مكان كذا، خذها منه.

(2)

أي استيفاء العمل في المدة، كما لو اكترى دابة ليركبها إلى بلد، وسلمها إليه المؤجر، ومضت مدة يمكنه فيها ذهابه إلى ذلك البلد، ورجوعه على العادة، ولم يفعل، لأن المنافع تلفت تحت يده باختياره، فاستقرت الأجرة، وقال أبو حنيفة: لا أجر عليه، قال الموفق: وهو أصح عندي، لأنه عقد على ما في الذمة، فلم يستقر عوضه ببذل التسليم، كالمسلم فيه، ولأنه عقد على منفعة غير مؤقتة بزمن، فلم يستقر عوضها بالبذل.

(3)

كأن يستأجر دابة لم يرها ولم توصف له.

(4)

أي مدة الإجارة أو بعضها، أو مدة يمكن استيفاء المنفعة فيها أو لا.

(5)

وهذا مذهب الشافعي.

ص: 345

سكن أو لم يسكن (1) لأن المنفعة تلفت تحت يده بعوض لم يسلم للمؤجر، فرجع إلى قيمتها (2) .

(1) انتفع المستأجر بالعين المؤجرة، أو لم ينتفع بها، لا فرق.

(2)

كما لو استوفاها، واختار الشيخ فيما إذا وضع يده على العين جميع المدة، أن عليه الأجر المسمى، وذكر أنه قياس المذهب، أخذًا له من النكاح، وإن استوفى المنفعة فعليه أجرة المثل عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: أقل الأمرين، من المسمى، أو أجرة المثل، وإن لم يتسلم العين المؤجرة لم يلزمه أجرة، ولو بذل المالك العين، لأن المنافع لم تتلف تحت يده، والعقد الفاسد لا أثر له.

ص: 346