المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٥

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌باب السلم

- ‌الذي يجمع أخلاطًا أربعة أقسام

- ‌ الشرط (الثالث ذكر قدره)

- ‌ الشرط (الرابع ذكر أجل معلوم)

- ‌ الشرط (السابع أن يسلم في الذمة

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان

- ‌فصل في الكفالة

- ‌باب الحوالة

- ‌المليء: القادر بماله، وقوله، وبدنه

- ‌باب الحجر

- ‌فصلفي المحجور عليه لحظه

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإجارة

- ‌ يصح استئجار آدمي لعمل معلوم

- ‌ الشرط (الثاني معرفة الأجرة)

- ‌الشرط (الثالث الإباحة في) نفع (العين)

- ‌كون المنفعة مقصودة

- ‌ الثالث (القدرة على التسليم)

- ‌ الرابع (اشتمال العين على المنفعة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌ الشفعة (على الفور وقت علمه

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌ لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها)

- ‌باب اللقيط

-

- ‌كتاب الوقف

- ‌ الثاني: (أن يكون على بر)

- ‌ الرابع: أن يقف ناجزا

- ‌صفات ترتيب الاستحقاق

- ‌ يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق شرعا

الفصل: ‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها

(تبقى بعد استيفائه) ليردها على مالكها (1) و‌

‌تنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها

(2) ويشترط أهلية المعير للتبرع شرعا (3) وأهلية المستعير للتبرع له (4) وهي مستحبة (5) .

(1) أي تبقى العين بعد استيفاء النفع الحاصل بها، كالدور، والعبيد، والثياب، والدواب ونحوها، ليردها على صاحبها، لاستعارته صلى الله عليه وسلم الفرس، والأدراع وغيرها، وخرج ما لا ينتفع به إلا مع تلف عينه، كالأطعمة، والأشربة وإن أعطاها بلفظ الإعارة احتمل أن يكون إباحة الانتفاع على وجه الإتلاف، ويجوز استعارة الدراهم والدنانير للوزن، فإن استعارها لينفقها فقرض.

(2)

أي وتنعقد الإعارة اتفاقًا بكل لفظ، كأعرتك هذا الشيء، أو أبحتك الانتفاع به، أو أعطنيه أركبه، أو أحمل عليه، فيسلمه إليه ونحوه، وتنعقد بكل فعل يدل على الإعارة، كدفع الدابة لرفيقه عند تعبه، وتغطيته بكسائه لبرد ونحوه، فإذا ركب الدابة أو استبقى الكساء كان قبولا، بخلاف تغطية ضيفه بلحاف، أو إركاب منقطع لله، لأن يد رَبَّهِ عليها.

(3)

أي ويشترط لصحة الإعارة: أربعة شروط «أحدها» أهلية المعير للتبرع بالعارية شرعا، لأن الإعارة نوع من التبرع، فلا تصح من صغير، ومجنون، وسفيه، ومفلس، وقن، وولي يتيم من ماله، ولا من مكاتب، وناظر وقف.

(4)

أي والشرط الثاني أهلية مستعير للتبرع له بتلك العين المعارة، بأن يصح منه قبولها هبة، لشبه الإباحة بالهبة.

(5)

بإجماع المسلمين، حكاه الموفق وغيره، وقال الوزير: اتفقوا على أنها جائزة، وقربة، مندوب إليها وأن للمعير فيها ثوابا، وتقدم قول بوجوبها، فتأكد الاستحباب.

ص: 359

لقوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1)(وتباح إعارة كل ذي نفع مباح)(2) كالدار، والعبد، والدابة، والثوب، ونحوها (3)(إلا البضع)(4) لأن الوطء لا يجوز إلا في نكاح، أو ملك يمين، وكلاهما منتف (5)(و) إلا (عبدا مسلما لكافر)(6) لأنه لا يجوز له استخدامه (7) .

(1) والعارية داخلة في عموم الآية، وتقدم قوله {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} .

(2)

غير محرم، مع بقائه على الدوام، لاستعارة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره، وذكر ابن مسعود وغيره عارية القدر، والميزان، وغير ذلك، ولأن ما جاز للمالك استيفاؤه من المنافع، ملك إباحته، إذا لم يمنع منه مانع، وهذا الشرط الثالث كون نفع العين مباحا.

(3)

مما يعرف بعينه كالدلو، والفحل، والمنيحة، والحلي، والكلب للصيد، ونحو ذلك، لا الدار ونحوها لمن يعصي الله فيها.

(4)

بضم الباء يعني الفرج، فلا يعار للاستمتاع به، لأنه لا يستباح بالبذل، ولا بالإباحة بالإجماع.

(5)

فلا يباحان بالبذل، ولا بالعارية، قال تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} ولو أبيحا بالبذل أو العارية لم يحرم الزنا.

(6)

فلا تباح إعارته له لخدمته خاصة.

(7)

كما تحرم إجارته لها، فإن أعاره أو أجره لعمل في الذمة غير الخدمة صحتا، كما تقدم في الإجارة.

ص: 360

(و) إلا (صيدا ونحوه) كمخيط (لمحرم)(1) لقوله تعالى {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2)(و) إلا (أمة شابة لغير امرأة أو محرم)(3) لأنه لا يؤمن عليها (4) ومحل ذلك إن خشي المحرم، وإلا كره فقط (5) ولا بأس بشوهاء، وكبيرة لا تشتهي (6) .

(1) أي وإلا صيدا فلا تباح إعارته لمحرم، لأن إمساكه محرم عليه، وكذا نحو الصيد مما يحرم استعماله له في الإحرام، كمخيط، وطيب لمحرم، وينبغي أن يقيد بما يلبسه لبس المخيط، وفي الإقناع: إن أعار صيدًا لمحرم، فتلف بيده، ضمنه لله بالجزاء، وللمالك بالقيمة.

(2)

وإعارته له من الإثم والعدوان، ولا نبيح له إلا ما أباحه الشرع، ولا تصح إعارة لغناء، أو زمر ونحوه، ولا إناء من أحد النقدين، ولا حلي محرم، وتجب إعارة مصحف لمحتاج لقراءة مع عدم غيره، وخرج ابن عقيل وجوب الإعارة في كتب علم للمحتاج إليها من القضاة، والحكام، وأهل الفتاوى، وينبغي إفادة الطالب بالدلالة على الأشياخ، وتفيهم المشكل.

(3)

أي وإلا أمة شابة يعني جميلة ولو كبيرة، فلا تباح إعارتها للخدمة لرجل إن كان يخلو بها، وينظر إليها، إلا لامرأة، أو محرم للمعارة، فيجوز للأمن عليها وقال الشيخ: لا تجوز الخلوة بأمرد، ولا النظر إليه لشهوة.

(4)

خصوصًا العزب، وتحرم إعارة أمة وأمرد، وإجارتهما لغير مأمون، لأنه إعانة على الفاحشة.

(5)

أي ومحل عدم جواز إعارة الشابة لرجل إن خشي المحرم، فلم يؤمن عليها، وإلا كره فقط إعارة الشابة لرجل، مع أمن الوقوع في المحرم، إن لم يخل بها، ولم ينظر إليها.

(6)

أي ولا بأس بإعارة امرأة شوهاء – وهي قبيحة المنظر – للخدمة لرجل، ولا بأس بإعارة امرأة كبيرة لا تشتهى، لأنه مأمون عليها.

ص: 361

ولا بإعارتها لامرأة أو ذي محرم (1) لأنه مأمون عليها (2) وللمعير الرجوع متى شاء (3) ما لم يأذن في شغله بشيء يستضر المستعير برجوعه فيه (4) كسفينة لحمل متاعه فليس له الرجوع ما دامت في لجة البحر (5) وإن أعاره حائطًا ليضع عليه أطراف خشبه، لم يرجع ما دام عليه (6)(ولا أجرة لمن أعار حائطًا) ثم رجع (حتى يسقط)(7) .

(1) أي من الأمة المعارة للخدمة.

(2)

أي عندهما، فجازت إعارتها لهما، وتقدم.

(3)

مطلقة كانت العارية أو مؤقتة، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، لأن المنافع المستقبلة لم تحصل في يد المستعير، فلم يملكها بالإعارة، كما لو لم تحصل العين الموهوبة في يده، أو لأن المنافع إنما تستوفى شيئًا فشيئًا، فكل ما استوفى شيئًا فقد قبضه، والذي لم يستوفه لم يقبضه، فجاز الرجوع فيه كالهبة قبل القبض.

(4)

أي في الشيء المشغول، فلم يجز له الرجوع، لما فيه من الإضرار بالمستعير "وشغْل" بفتح الشين وسكون الغين، مصدر: شغل يشغل، وفيهما أربع لغات.

(5)

حتى ترسي، لما فيه من الضرر، فإذا رست جاز الرجوع، لانتفاء الضرر، وله الرجوع قبل دخولها البحر، لعدم الضرر، وإن أعاره أرضا للدفن، لم يرجع حتى يبلى الميت، ويصير رميما، وله الرجوع قبل الدفن.

(6)

لما في ذلك من الضرر بهدم البناء، وله الرجوع قبل الوضع وبعده، ما لم يبن عليه، لانتفاء الضرر، إلا أن تكون العارية لازمة الابتداء.

(7)

ولا أجرة للمعير أيضًا في سفينة في لجة البحر، ولا في أرض أعارها لدفن، حتى ترسي السفينة ويبلى الميت.

ص: 362

لأن بقاءه بحكم العارية، فوجب كونه بلا أجرة (1) بخلاف من أعار أرضا لزرع ثم رجع (2) فيبقى الزرع بأجرة المثل لحصاده، جمعا بين الحقين (3)(ولا يرد) الخشب (إن سقط) الحائط لهدم أو غيره (4) لأن الإذن تناول الأول فلا يتعداه لغيره (5)(إلا بإذنه) أي إذن صاحب الحائط (6) .

(1) ولأنه لا يملك الرجوع في عين المنفعة المذكورة، لإضراره بالمستعير إذًا فلا يملك بدلها، كالعين الموهوبة.

(2)

أي في الإعارة للأرض قبل كمال الزرع، قاله بعض الأصحاب.

(3)

أي فيبقى الزرع في الأرض المعارة بأجرة المثل، من حين الرجوع عن الإعارة، إلى حصاد الزرع، لأن الأصل جواز الرجوع، وإنما منع القلع لما فيه من الضرر، ففي دفع الأجر جمع بين الحقين، وعليه فيخرج في سائر المسائل مثل هذا، وفيه وجه: لا يجب الأجر في شيء من المواضع، وجزم الموفق وغيره أنه إن أعاره أرضًا للزرع لم يرجع إلى الحصاد، إلا أن يكون مما يحصد قصيلا، فيحصده لعدم الضرر، واختار المجد وغيره أنه لا أجرة له، وصححه الناظم، وجزم به في الوجيز.

(4)

كأن أزاله المستعير باختياره، أو زال الخشب والحائط بحاله.

(5)

أي غير المأذون في وضعه وقد زال، ولزوال الضرر الذي لأجله كان امتنع الرجوع.

(6)

لوضع الخشب على حائطه ثانيا، واستظهر ابن نصر الله أنه إنما يحتاج إلى إذن جديد إذا كان المعير قد طالب بإزالته، وإلا فالأصل بقاء الإباحة.

ص: 363

أو عند الضرورة إلى وضعه إذا لم يتضرر الحائط، كما تقدم في الصلح (1)(وتضمن العارية) المقبوضة إذا تلفت في غير ما استعيرت له (2) لقوله عليه السلام «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (3) رواه الخمسة، وصححه الحاكم (4) .

(1) أي أو عند الضرورة إلى وضعه، بأن لا يمكن التسقيف إلا به، إذا لم يتضرر الحائط بوضع الخشب عليه، للخبر، كما تقدم في الصلح مفصلا، قال الموفق وغيره: وإن أعار الأرض للغراس والبناء، وشرط عليه القلع في وقت، أو عند رجوعه ثم رجع، لزمه القلع، لقوله «المسلمون على شروطهم» ولا يلزمه تسوية الأرض إلا بشرط، وإن لم يشرطه لم يلزمه، إلا أن يضمن له المعير النقص، فإن قلع فعليه تسوية الأرض، وإن أبى القلع فللمعير أخذه بقيمته، فإن أبى بيعا لهما، فإن أبياه ترك، وللمعير التصرف في أرضه على وجه لا يضر بالشجر، وللمستعير الدخول للسقي، والإصلاح، وأخذ الثمر، وذكر أنه مثل الزرع في الأجرة، وتقدم.

(2)

سواء تعدى المستعير فيها أو لم يتعد، نص عليه، وهو مذهب الشافعي، وذلك مثل ما إذا ماتت الدابة، أو انكسرت، أو احترق الثوب، أو سرق المتاع، ونحو ذلك، لا فيما استعيرت له، فلا يضمن انسحاق الثوب بلبسه، ولا سمن الدابة باستعمالها بمعروف، وحكى الحافظ عن الجمهور ضمانها إذا تلفت في يد المستعير، إلا فيما إذا كان على الوجه المأذون فيه.

(3)

فدل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه، أو من يقوم مقامه، وهو يعم العارية.

(4)

ولأبي داود وغيره من حديث صفوان «بل عارية مضمونة» .

ص: 364

وروي عن ابن عباس وأبي هريرة (1)

(1) أن العارية مضمونة، ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه، منفردًا بنفعه، من غير استحقاق، ولا إذن في الإتلاف، فكان مضمونا، كالمغصوب، والمأخوذ على وجه السوم، وعنه: لا تضمن. وحكاه الشيخ وغيره إذا لم يجر منه تعد، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، وطوائف من السلف، وقالوا: هي أمانة، لا تضمن إلا بالتعدي فيها، لخبر صفوان، وقوله صلى الله عليه وسلم «بل مؤداة» بدل «مضمونة» رواه أبو داود، وغيره، واختاره ابن القيم، وغيره، لأوجه ذكرها في قوله:«مضمونة» .

«أحدها» هذه الرواية، فإنه أراد بقوله «مضمونة» يعني بالرد، و «الثاني» أنه لم يسأل عن تلفها، وإنما سأله: هل تأخذها مني أخذ غصب، أو أخذ رد؟ فقال «بل عارية مضمونة» أي أؤديها إليك، وأردها لك، و «الثالث» أنه جعل الضمان صفة لها نفسها، ولو كان ضمان تلف لكان الضمان لتلفها، فلما وقع الضمان على ذاتها، دل على أنه ضمان أداء، ولو كان ضمان تلف لكان لما ضاع بعضها لم يعرض عليه أن يضمنها ولقال هذا حقك. كما لو كان الذاهب بعينه موجودًا، فإنه لا يعرض عليه رده.

وللترمذي وحسنه من حديث أبي أمامة «العارية» مؤداة والمؤداة هي التي تجب تأديتها مع بقاء عينها، فدل على أنها لا تضمن إلا بالتعدي، ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة، ويشهد له الرواية الثانية، وهي قوله «مؤداة» بدل:«مضمونة» قال: والقول بعدم الضمان قوي متجه، وإن كنا لا نقبل قوله في دعواه التلف، لأنه ليس بأمين، لكنه إذا صدقه المالك في التلف، بأمر لا ينسب فيه إلى تفريط، فعدم التضمين قوي، وأفتى عبد الله بن الشيخ محمد أنها لا تضمن إلا بالتفريط فيها، واختار الشيخ أنها تضمن بالتضمين فيها، فقال: هي مضمونة بشرط ضمانها، وهو رواية عن أحمد.

ص: 365

لكن المستعير من المستأجر (1) أو لكتب علم ونحوها موقوفة، لا ضمان عليه إن لم يفرط (2) وحيث ضمنها المستعير فـ (بقيمتها يوم تلفت) إن لم تكن مثلية (3) وإلا فبمثلها، كما تضمن في الإتلاف (4)(ولو شرط نفي ضمانها) لم يسقط (5) لأَن كل عقد اقتضى الضمان لم يغيره الشرط (6) وعكسه نحو وديعة لا تصير مضمونة بالشرط (7) .

(1) لا ضمان عليه إن لم يفرط، وهذا أحد الأربعة المستثنى عدم ضمانهم.

(2)

أي ولكن أيضًا المستعير لكتب علم موقوفة ونحوها، كأدراع موقوفة على الغزاة فتلفت، لا ضمان على مستعيرها، إن لم يتعد أو يفرط، ويضمن ما تلف منها بتعديه أو تفريطه.

(3)

لأن يوم التلف يتحقق فيه فوات العارية، فوجب اعتبار الضمان به، إن كانت متقومة، ولم تكن مثلية.

(4)

أي وإن كانت مثلية، كصنجة من نحاس لا صناعة بها، استعارها ليزن بها فتلفت، فعليه مثل وزنها من نوعها، كما تضمن في الإتلاف بمثلها، لأنه أقرب من القيمة.

(5)

أي الضمان، وهذا مذهب الشافعي.

(6)

وعنه: يسقط إن شرط نفيه، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، واختاره الشيخ، وابن القيم، وغيرهما، لخبر «المسلمون على شروطهم» فدل على نفي الضمان بشرطه.

(7)

أي وعكس وجوب ضمان العارية – ولو شرط نفيه – كل ما كان أمانة نحو وديعة، ورهن وشركة، ومضاربة لا تصير مضمونة، بشرط الضمان، لأن مقتضى العقد كونه أمانة، فإذا شرط ضمانه فقد التزم ضمان ما لم يوجد سبب ضمانه، فلم يلزمه، وأشار أحمد إلى الفرق بينهما، بأن العارية أخذتها اليد، والوديعة دفعت إليك.

ص: 366

وإن تلفت هي أو أجزاؤها (1) في انتفاع بمعروف لم تضمن (2) لأن الإذن في الاستعمال تضمن الإذن في الإتلاف (3) وما أذن في إتلافه غير مضمون (4)(وعليه) أي وعلى المستعير (مؤونة ردها) أي رد العارية (5) لما تقدم من حديث «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» (6) .

(1) أي التي لا تذهب بالاستعمال.

(2)

أي العارية ولا أجزاؤها، حيث كان الانتفاع بمعروف، وهو ما جرت به العادة، كخمل المنشفة، والقطيفة، وكثوب بلي باللبس.

(3)

أي الحاصل بالاستعمال، وكذا بمرور الزمان.

(4)

كما لا تضمن المنافع، وإن حمل في الثوب ترابا فتلف به ضمنه، لتعديه به، وإن جرح ظهر الدابة بالحمل ضمن، ويقبل قوله بيمينه أنه لم يتعد الاستعمال بالمعروف.

(5)

قولا واحدا، إلى الموضع الذي أخذها منه، إن لم يتفقا على ردها إلى غيره ويبرأ بردها إلى من جرت عادته به على يده، كسائس، وزوجة متصرفة في ماله، وخازن، ووكيل عام في قبض حقوقه.

(6)

فدل عمومه على لزوم مؤونة الرد، وكذا قوله «أد الأمانة إلى من ائتمنك» وقال تعالى {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} .

ص: 367

وإذا كانت واجبة الرد وجب أن تكون مؤنة الرد على من وجب عليه الرد (1)(لا المؤجرة) فلا يجب على المستأجر مؤونة ردها، لأنه لا يلزمه الرد (2) بل يرفع يده إذا انقضت المدة (3) ومؤونة الدابة المؤجرة، والمعارة على المالك (4) وللمستعير استيفاء المنفعة بنفسه (5) وبوكيله لأنه نائبه (6)(ولا يعيرها) ولا يؤجرها (7) .

(1) لأنه من لازمه، وكمغصوب.

(2)

وإذا لم يلزمه الرد فمؤنته من باب الأولى.

(3)

ويتسلمها مالكها.

(4)

وصرح به ابن المنجا في شرح الهداية، وفي الاختيارات عن قديم خط الشيخ أن قياس المذهب فيما يظهر له أنها تجب على المستعير، لأنهم قد قالوا: إنه يجب عليه مؤونة ردها، وضمانها إذا تلفت، وهذا دليل على أنه يجب عليه ردها إلى صاحبها، كما أخذها منه، سوى نقص المنافع المأذون له فيها، ثم إنه خطر له أنها تخرج على الأوجه في نفقة الجارية الموصى بنفقتها فقط، «أحدها» تجب على المالك، ونَظَّره «وثانيها» على مالك النفع «وثالثها» في كسبها، وقال الحلواني: إنها على المستعير. فالله أعلم.

(5)

بلا خلاف، لأنه ملك التصرف بإذن المالك، أشبه المستأجر.

(6)

أي وللمستعير استيفاء المنفعة بوكيله، لأنه نائب عنه في الاستيفاء، ويده كيده، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، وأجمعوا على أن للمستعير استعمال المعار فيما أذن له فيه.

(7)

أي العين المعارة، لأنه لم يملك المنافع، فلم يكن له أن يملكها إلا بإذن، أما إيجارها فقال الموفق وغيره: بلا خلاف. وقال الوزير وغيره: اتفقوا على أنه لا

يجوز للمستعير أن يؤجر ما استعاره. اهـ. وليس له أن يرهن ما استعاره إلا بإذن مالكه، وله ذلك بإذنه، بشروط تقدمت في الرهن، وأجمعوا على أن المستعير لا يملك العين، وأما إعارتها فهذا الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر، وصوبه في تصحيح الفروع.

ص: 368

لأنها إباحة المنفعة، فلم يجز أن يبيحها غيره، كإباحة الطعام (1)(فإن) أعارها و (تلفت عند الثاني، استقرت عليه قيمتها) إن كانت متقومة (2) سواء كان عالما بالحال أو لا (3) لأن التلف حصل في يده (4)(و) استقرت (على معيرها أجرتها) للمعير الأول (5) .

(1) لأن من أبيح له ليس له أن يبيحه لغيره، وعنه: له أن يعيرها. وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد الوجهين للشافعي، وقال مالك: إذا لم يعمل بها إلا الذي كان يعمل فلا ضمان، وقطع في القواعد بجواز إعارة العين المعارة المؤقتة، إذا قيل بلزومها، وملك المنفعة بها.

(2)

أو مثلها إن كانت مثلية.

(3)

أي سواء علم المستعير الثاني أن للعين مالكا لم يأذن في إعارتها، أو لم يعلم ذلك.

(4)

فعليه قيمتها أو مثلها، لدخوله على ضمانها، إن علم الحال بأنها ليست ملكا للمعير، ولا مأذونا له فهو غاصب، وإن لم يعلم الحال فلأنه قبضها على أنها عارية، والعارية مضمونة.

(5)

لأنه غر الثاني بدفعها له، على أن يستوفي منافعها بغير عوض، فاستقر عليه ضمان المنفعة، دون الثاني.

ص: 369

إن لم يكن المستعير الثاني عالما بالحال (1) وإلا استقرت عليه أيضًا (2)(و) للمالك أن (يضمن أيهما شاء)(3) من المعير، لأنه سلط على إتلاف ماله (4) أو المستعير، لأن التلف حصل تحت يده (5)(وإن أركب) دابته (منقطعًا) طلبا (للثواب لم يضمن)(6) لأن يد ربها لم تزل عليها (7) كرديفه ووكيله (8) .

(1) وهو أن للعين مالكا لم يأذن في إعارتها، كما تقدم، فوجبت الأجرة على الغار بدفعها، بدون إعلام بالحال.

(2)

أي وإلا استقرت أجرة العين المعارة على المستعير الثاني أيضًا، مع قيمة العين، لعلمه بأن العين لم تكن ملكا لمعيره، مثال ذلك: لو أعار زيد دابة لعمرو، فأعارها بكرا، فتلفت عنده، ضمنها مطلقا، وأجرتها إن كان عالما بالحال، وإلا كانت الأجرة على عمرو.

(3)

أي أي الشخصين شاء، المستعير أو الآخذ منه.

(4)

أي فله تضمنيه، كما لو سلط على مال غيره دابة فأكلته.

(5)

فلزمه ضمانها، وإن ضمن الأول رجع على الثاني، وإن ضمن الثاني لم يرجع على الأول، ومن استعار شيئًا فظهر مستحقا فلمالكه أجر مثله، لأنه لم يأذن في استعماله، يطالب به من شاء منهما، أما الدافع فلتعديه بالدفع، وأما القابض فلقبضه مال غيره بغير إذنه.

(6)

أي المنقطع تلف الدابة تحته، لأن المالك هو الطالب لركوبه تقربًا إلى الله، ولأنها غير مقبوضة.

(7)

وراكبها لم ينفرد بحفظها.

(8)

أي كما لا يضمن رديف ربها، بأن أركب إنسانا خلفه، فتلفت الدابة

تحتهما، لأنها بيد مالكها، وكما لا يضمن وكيل رب الدابة إذا تلفت في يده، لأنه ليس بمستعير، وكرائض الدابة إذا تلفت تحته، لأنه أمين، وكموصى له بنفع حيوان تلف في يده، ولو قال آخذ الدابة: لا أركب إلا بأجرة، وقال الدافع: لا آخذ أجرة، ولا عقد بينهما، فعارية.

ص: 370

ولو سلم شريك لشريكه الدابة، فتلفت بلا تفريط ولا تعد لم يضمن (1) إن لم يأذن له في الاستعمال (2) فإن أذن له فيه فكعارية (3) وإن كان بإجارة فإجارة (4) فلو سلمها إليه ليعلفها، ويقوم بمصالحها لم يضمن (5) (وإذا قال) المالك (آجرتك) و (قال) من هي بيده (بل أعرتني (6) أو بالعكس) بأن قال: أعرتك. قال: بل آجرتني (7) .

(1) قاله الشيخ وغيره، وصوبه في الإنصاف، لأنه أمين.

(2)

وإنما سلمها له ليحفظها بلا استعمال.

(3)

لها أحكام العارية، على ما تقدم، وإن استعملها بلا إذن فغصب.

(4)

أي وإن سلم شريك لشريكه دابة بإجارة، فهو إجارة، له أحكام الإجارة.

(5)

لأنها حينئذ أمانة في يده، أو سلمها لشريكه، ليكون استعماله لها في نظير إنفاقه عليها، أو تناوبه معه لم يضمن، ويجب رد عارية بطلب مالك، وبانقضاء الغرض منها، وبانتهاء التوقيت، وبموت معير أو مستعير، فإن أخر الرد فعليه أجرة المثل، لعدم الإذن فيه.

(6)

أي وإن دفع إليه دابة ونحوها، ثم اختلف المالك والقابض، فقال المالك آجرتك هذه الدابة. فقال القابض: بل أعرتنيها.

(7)

أي بأن قال المالك للقابض: أعرتك هذه الدابة ونحوها. قال القابض: بل أجرتنيها.

ص: 371

فقول المالك في الثانية (1) وترد إليه في الأول إن اختلفا (عقب العقد) أي قبل مضي مدة لها أجرة (قبل قول مدعي الإعارة) مع يمينه (2) لأن الأصل عدم عقد الإجارة (3) وحينئذ ترد العين إلى مالكها إن كانت باقية (4)(و) إن كان الاختلاف (بعد مضي مدة) لها أجرة فالقول (قول المالك) مع يمينه (5) لأن الأصل في مال الغير الضمان (6) ويرجع المالك حينئذ (بأجرة المثل) لما مضى من المدة (7) .

(1) أي فيقبل قول المالك للقابض أعرتك بيمينه، قولا واحدا، لأن الأصل عدم عقد الإجارة.

(2)

أي أنه لم يستأجرها، قال في الإنصاف: بلا نزاع.

(3)

وبراءة الذمة منها.

(4)

وكان لا مستحق لها غيره، وإن كانت العين تالفة سقطت مطالبته.

(5)

فيما مضى من المدة، وحكي عن مالك، وجزم به الموفق وغيره، وقال: لأنهما اختلفا في كيفية انتقال المنافع إلى ملك الراكب، فكان القول قول المالك، كما لو اختلفا في عين، فقال المالك: بعتكها. وقال الآخر: وهبتنيها، ولأن المنافع تجرى مجرى الأعيان في الملك، والعقد عليها، ولو اختلفا في الأعيان، كان القول قول المالك، فكذا هنا.

(6)

فكان القول قول المالك، حيث لا بينة، والمراد فيما مضى من المدة، دون ما بقي، فلا يقبل قول المالك فيه، لأن الأصل عدم العقد.

(7)

هذا الصحيح من المذهب، واختاره الموفق وغيره، لأنهما لو اتفقا على وجوبه، واختلفا في قدره، وجب أجر المثل، فمع الاختلاف في أصله أولى،

وقيل الأقل من المسمى أو أجرة المثل، وكذا لو ادعى بعد زرع الأرض أنها عارية، وقال رب الأرض: بل إجارة، فالقول قول المالك، ذكره الشيخ وغيره.

ص: 372

لأن الإجارة لم تثبت (1)(وإن قال) الذي في يده العين (أعرتني، أو قال: أجرتني (2) قال) المالك (بل غصبتني) فقول مالك (3) كما لو اختلفا في ردها (4)(أو قال) المالك (أَعرتك) و (قال) من هي بيده (بل آجرتني (5) والبهيمة تالفة) فقول مالك (6) .

(1) أي بمجرد دعوى المالك بلا بينة، وإنما يستحق بدل المنفعة، وهو أجرة المثل.

(2)

المراد: وقد مضى بعد العقد مدة لها أجرة.

(3)

أي بيمينه أنه ما أجر، ولا أعار، قال في الإنصاف: بلا نزاع. لأن الأصل عدم الإجارة والعارية.

(4)

يعني أن القول في الرد قول المالك، فكذا هنا، لخبر «البينة على المدعين واليمين على من أنكر» ونحوه، والاختلاف هنا في وجوب الأجرة، فلذلك قيل: إن القول قول القابض. لأن الأصل براءة ذمته، ولكن رجح أكثر الأصحاب أن القول قول المالك، لكونه ينكر انتقال المنافع في العين إلى القابض، والقابض يدعيه، والقول قول المنكر، لأن الأصل عدم الانتقال، فيحلف مع عدم البينة، ويستحق الأجرة، وإن لم يكن مضى مدة لها أجرة فلا معنى للاختلاف، ويأخذ المالك دابته بلا نزاع.

(5)

وكذا لو قال المالك: آجرتك، وقال من هي بيده: بل أعرتني.

(6)

قال في الإنصاف: بلا نزاع، فإن كان الأجر بقدر قيمتها أو أقل، فالقول قول المالك بغير يمين، قاله الموفق وغيره، وإن كان ما يدعيه المالك أكثر، بأن تكون قيمة الدابة أكثر من أجرها، فادعى المالك أنها عارية، أو كان أكثر فادعى أنه آجرها، فالقول قوله في الصورتين مع يمينه، وهذا مذهب الشافعي وغيره.

ص: 373

لأنها اختلفا في صفة القبض والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان، للأثر (1) ويقبل قول الغارم في القيمة (2)(أو اختلفا في رد، فقول المالك)(3) لأن المستعير قبض العين لحظ نفسه، فلم يقبل قوله في الرد (4) وإن قال: أودعتني. فقال: غصبتني (5) أو قال: أودعتك. قال: بل أعرتني (6) صدق المالك بيمينه (7) . وعليه الأجرة بالانتفاع (8) .

(1) وهو قول صلى الله عليه وسلم «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» .

(2)

لخبر «لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى رجال دماء قوم وأموالهم» .

(3)

للقاعدة العظيمة المتقدمة، وهي أن كل من أقر بوصول مال إليه، أو ثبت ببينة، ثم ادعى وصوله إلى صاحبه، لم يقبل إلا ببينة.

(4)

إلا ببينة، ومفهومه: أنه لو قبضها لا لحظ نفسه، قبل قوله في الرد، وتقدم أنه لا فرق بين متطوع أو بجعل، وأن هذا القول هو الصحيح، الذي لم يدل على خلافه كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، بل دل على أن القول قول المنكر بيمينه.

(5)

صدق المالك بيمينه، لأن الأصل عدم الإيداع، وحكمها حكم الغصب.

(6)

أو قال: أعرتك. قال: بل أودعتني.

(7)

لما تقدم إن لم يكن بينة.

(8)

أي وعلى قابض العين الأجرة بالانتفاع بالمقبوض، ويرد العين إن كانت باقية، وإلا فقيمتها إن كانت متقومة، أو مثلية فمثلها.

ص: 374