الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث منهج المؤلف في الكتاب ومصادره
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: شرط المؤلف في الكتاب
.
المطلب الثَّاني: منهج المؤلف في الكتاب.
المطلب الثَّالث: مصادره.
* * *
المطلب الأول: شرط المؤلف في الكتاب
أشار المؤلف في مقدمة الكتاب إلى اطَّلاعه على كتاب المحب الطَّبريِّ المشهور "ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القُربى". ثم سجَّل انتقادَه الصَّريح للمحبِّ، حيث إنه -أعني المحبَّ- فصَّل وطوَّل في ذكر فضائل بني هاشم -مع أنَّ فضائلهم مشهورة-، وكان هذا غاية غرضه ونهاية منتهضه! مع عدم تنبيهه على الموضوع والمنكر فضلًا عن الضَّعيف
…
إلى غير ذلك من التَّساهل والمسامحة.
وقد أيَّد ما ذهب إليه بالإشارة كلام حافظ مكة التَّقيّ الفاسي، وشيخه الحافظ ابن حجر، وصلاح الدِّين العلائي رحمهم الله
(1)
.
وهذا الذي ذكره المؤلف يفيد أنه لن يُورد في كتابه أحاديث انتقدها على صاحب كتاب "ذخائر العُقبى"، وإنما سيعتمد على الصَّحيح الثابت، ولو أورد الضَّعيف أو الموضوع أو المنكر فسوف يشير إلى ضعفه أو وضعه أو نكارته.
(1)
انظر: مقدَّمة المؤلف في القسم المحقق (ص 224).
وقد جاء هذا في كلامه الذي نقلته آنفًا: "
…
لجاء في عدة مجلدات، فيها الكفاية والمقنع، مع بيان السَّمين من الهَزيل، والثَّابت المَكين من المُزَلزَل العليل"
(1)
.
فهو بهذا الكلام يشترط على نفسه ألا يُورد إلَّا الكافي والمقنع، مع بيانه السَّمِين من الهزيل، والثَّابتَ المَكين من المُزَلزَل العليل، كما هي عبارته.
ولقد تبيَّن لي بعد دراسة الكتاب دراسةً وافيةً أن المؤلف التزم بهذا الشرط في أكثر الأحاديث والآثار فيما يتصل ببيان الصَّحيح من الضَّعيف، فهو لا يكاد يُورد حديثا إلَّا ويُعلِّق عليه بما يناسبه صحةٌ وضعفًا
…
إلَّا أنه فرَّط في هذا الشرط في روايات ليست بالقليلة، خصوصًا تلك الرِّوايات التي يسوقها تبعًا للمحبِّ الطَّبريِّ في كتابه، وكان الأولى -في نظري- أن يُنبِّه عليها، طالما أنه انتقدها في الأصل، وهو من المؤاخذات التي تُسجَّل على المؤلف.
ومن أمثلة ذلك:
• إيراده حديث: "استوْصُوا بِأهْلِ بيتي خيرًا فإنِّي أُخاصِمُكُم عنهم غدًا، ومَنْ أكُنْ خَصمه أخصِمُهُ، ومَنْ أخصِمُه دخل النَّار"(رقم 116)، وهو حديث ليس له أصل.
وحديث: "لا يُحِبُّنَا أهْلَ البَيْتِ إلَّا مُؤمِنٌ تَقيٌّ، ولا يُبْغِضُنَا إلَّا منافقٌ شقيٌّ". (رقم 148).
• وحديث: "يرد الحوض أهْلُ بَيتي، ومَن أحبَّهم مِن أُمَّتِي كهاتين السَّبَّابتين". (رقم 154).
• وحديث: "من حفظني في أهلِ بَيْتِي فقد اتَّخَذَ عند الله عَهدًا". (رقم 164).
فمثل هذه الأحاديت كان الأولى عدم إيرادها، لأنه لا يُعرف لها أصلٌ يُعتمد عليه، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، إن المؤلف وقع فيما عابه على المحبِّ من التسامح والتساهل! حتى إنه عقَّب على حديث (رقم 116) بقوله:"ولم أقِف له على أصلٍ أعتَمِدُه! "
…
فيكون بذلك من المتسامحين في الرِّواية! اللَّهُمَّ إلَّا أن يُقال: إنه أراد بذلك إيراد جميع ما في الباب من أجل العلم به، سواء أكان صحيحًا أم ضعيفًا أم موضوعًا، واكتفى بالتنبيه عليه.
(1)
انظر: القسم المحقق (ص 225).