الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط ولاية أهل السُّنَّة لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
-:
يظهر من خلال معتقد أهل السُّنَّة والجماعة أنهم يشترطون لموالاة قرابة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شرطين، لا بدَّ من تحقُّقهما لتكون الموالاة لهم، وإلَّا فإنهم لا يجدون ذلك الاحترام وتلك المكانة، فإنَّ فيهم المؤمن والكافر، والبرَّ والفاجر، والسُّنِّيَّ والرَّافضيَّ، وغير ذلك.
الشرط الأول: أن يكونوا مؤمنين مستقيمين على الملة:
فإنْ كانوا كفارًا فلا حقَّ لهم في الحبِّ والتعظيم والإِكرام والولاية، ولو كانوا من أقرب الناس إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، كعمِّه أبي لهب.
يقول الشَّيخ العُثيمين في تقرير هذا الشرط: "فنحن نحبُّهم لقرابتهم من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولإِيمانهم بالله، فإن كفروا فإننا لا نحبُّهم ولو كانوا أقارب الرَّسول عليه الصلاة والسلام، فأبو لهب عمُّ الرَّسول عليه الصلاة والسلام لا يجوز أن نحبَّه بأي حال من الأحوال، بل يجب أن نكرهه لكفره، ولإيذائه النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو طالب، فيجب علينا أن نكرهه لكفره، ولكن نحبُّ أفعاله التي أسداها إلى الرَّسول عليه الصلاة والسلام من الحماية والذَّبِّ عنه"
(1)
.
الشرط الثاني: أن يكونوا متَّبعين للسُّنَّة النَّبويَّة الصَّحيحة:
فإن فارقوا السُّنَّه، وتركوا الجادَّة، وخالفوا هدي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتلبَّسوا بالبدع والمحدثات، فإنه ليس لهم حقٌ في الحبِّ والتعظيم والإِكرام والولاية، حتى يرجعوا إلى السنة، ويتمسكوا بها، والواجب في هذه الحالة دعوتُهم إلى العودة إلى الكتاب والسُّنَّة، ونبذ ما سواهما من الأهواء والبدع، وأن يكونوا على ما كان عليه سلفهم، كعليٍّ رضي الله عنه وسائر بنيه، والعبَّاس رضي الله عنه وأولاده.
يقول العلَّامة صديق حسن خان في تقرير هذا الشرط في معرض التعليق على حديث: "تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي"
(2)
: "المراد بهم من
= رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستوصون بهم خيرًا، ويرعون لهم حقوقهم، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم".
(1)
"شرح العقيدة الواسطية"(2/ 274 - 275).
(2)
أخرجه الترمذي (5/ 621)، رقم (3786)، وسنده حسن بالمتابعة، فيه زيد بن الحسن الأنماطي (ضعيف)، وقد تابعه حاتم بن إسماعيل، انظر الحديث والحكم عليه برقم (60).
هو على طريقة الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلم وسَمته ودَلَّه
(1)
وهَديه، ولا يستقيم المقارنة بكتاب الله إلَّا إذا كانوا موافقين له عاملين به. فمعيار الأخذ بالعترة اتِّفاقهم بالقرآن في كلِّ نفير وقطمير
…
".
إلى أن قال: "وأمَّا من عاد منهم مبتدعًا في الدِّين فالحديث لا يشمله، لعدم المقارنة، هذا أوضح من كلِّ واضح، لا يخفى إلَّا على الأعمى. وكم من رجال ينسبونهم إليه صلى الله عليه وآله وسلم في اتِّحاد الطِّين قد خرجوا من نسبة الدِّين، ودخلوا في عداد المنتحلين والغالين والجاهلين، وسلكوا سبيل المبتدعين المشركين، كالسَّادة الرَّافضة، والخارجة، والمبتدعة، ونحوهم. فليس هؤلاء مصداق هذا الحديث أصلًا وإنْ صحَّت نسبتهم الطِّينية إليه صلى الله عليه وآله وسلم فقد فارقوه في النِّسبة الدِّينية.
"فالحاصل أنَّ نفس هذا الحديث يُخرج الخارجين عن الطريقة المثلى المأثورة التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمارةً للفرقة النَّاجية في حديث الافتراق، قال: "هم ما أنا عليه اليوم وأصحابي". فمن كان من أهل البيت على هذه الشِّيمة الشَّريفة فهو المستحق لما في الحديث، ومن لم يكن كذلك فليس أهلًا بما هنالك"
(2)
.
ويقول الشيخ الفوزان في تقرير شرطي تولّي أهل السُّنَّة لقرابة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "
…
وذلك إذا كانوا متَّبعين للسُّنَّة، مستقيمين على الملة كما كان عليه سلفهم، كالعبَّاس وبنيه، وعليٍّ وبنيه، أمَّا من خالف السُّنَّة ولم يستقم على الدِّين فإنه لا تجوز محبّته، ولو كان من أهل البيت"
(3)
.
وبهذا تعلم أنَّ قول المقريزيِّ رحمه الله: "فليست بدعة المبتدع مهم، أو تفريط المفرِّط منهم في شيء من العبادات، أو ارتكابه محرَّمًا من المحرَّمات مُخرجٌ له من بنوَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل الولدُ ولدٌ على كلِّ حال عَقَّ أو فَجَرَ"
(4)
؛ لا يستقيم على ما قرَّره أهل السُّنَّة،
(1)
الدَّلُّ: الحالة التي يكون عليها الإِنسان من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل وغير ذلك. انظر: "المعجم الوسيط"(ص 294)، مادة (دَلَّ).
(2)
"الدين الخالص"(3/ 348).
(3)
"شرح العقيدة الواسطية"(ص 196).
(4)
انظر: "السلوك في معرفة الملوك"(7/ 199).