المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الوصية الصريحة بأهل البيت - استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذوي الشرف - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌شكر وثناء

- ‌تقريظ الدكتور الشيخ عبد المجيد محمود عبد المجيد

- ‌تقريظ الأستاذ الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر

- ‌المقدِّمة

- ‌ بواعث ودواعي اختياري للكتاب لتحقيقه

- ‌منهج دراسة الكتاب وتحقيقه

- ‌خطَّة البحث

- ‌روايتي للكتاب عن المؤلف

- ‌ الدِّراسة

- ‌الفصل الأول دراسة حياة المؤلف

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأوَّل اسمه ونسبه و‌‌مولده ونشأتهوأسرته ووفاته

- ‌مولده ونشأته

- ‌اسمه ونسبه وكنيته:

- ‌لقبه:

- ‌أُسرته:

- ‌أولاده:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث الثَّاني طلبه للعلم ورحلاته وشيوخه وتلاميذه وأعماله

- ‌مروياته ومسموعاته:

- ‌رحلاته العلمية:

- ‌شيوخه وتلاميذه والأعمال التي قام بها

- ‌أولًا: شيوخه:

- ‌شيوخه في القراءات والتفسير:

- ‌شيوخه في الحديث الشَّريف وعلومه:

- ‌شيوخه في الفقه والأصول:

- ‌شيوخه في العربية:

- ‌ثانيًا: تلاميذه والآخذون عنه:

- ‌ثالثًا: الأعمال والوظائف التي قام بها المؤلف:

- ‌التدريس:

- ‌عقد مجالس الإملاء:

- ‌القضاء:

- ‌المبحث الثالث مكانته العلمية وذكر أشهر مؤلفاته المطبوعة

- ‌مكانة المؤلف عند شيخه الحافظ ابن حجر:

- ‌ثناء العلماء عليه بعد شيخه:

- ‌أشهر مؤلفاته المطبوعة

- ‌عدد مؤلفاته:

- ‌ما كتبه في الحديث وعلومه:

- ‌ما كتبه في ختم بعض الكتب

- ‌ما كتبه على الأبواب والمسائل

- ‌الفصل الثاني دراسة الكتاب

- ‌المبحث الأول تحقيق اسم الكتاب ونسبته للمؤلف ووصف النُّسخ الخطية وبيان منهجي في التحقيق

- ‌المطلب الأول: تحقيق اسم الكتاب

- ‌بيان معنى اسم الكتاب:

- ‌المطلب الثاني: تحقيق نسبة الكتاب للمؤلِّف

- ‌المطلب الثالث: وصف النُّسخ الخطيَّة

- ‌المطلب الرابع: منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌المبحث الثانيالتعريف بالكتاب وموضوعاته وقيمته العلمية

- ‌المطلب الأول: موضوعات الكتاب ومحتوياته ومسائله

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌ترتيب الكتاب:

- ‌أبرز القضايا الواردة في ثنايا الكتاب:

- ‌المطلب الثَّاني في الكلام على ثلاث قضايا متعلّقة بموضوع الكتاب

- ‌القضية الثانية: (في الشَّرَافة وتاريخها):

- ‌القضية الثالثة: (في التعريف بنقابة الأشراف):

- ‌المطلب الثَّالث: قيمة الكتاب العلمية

- ‌المبحث الثالث منهج المؤلف في الكتاب ومصادره

- ‌المطلب الأول: شرط المؤلف في الكتاب

- ‌المطلب الثاني: منهج المؤلف في الكتاب

- ‌أبرز معالم هذا المنهج:

- ‌أولًا: منهج المؤلف في عرض أبواب الكتاب ومسائله:

- ‌ثانيًا: منهج المؤلف في عرض الأحاديث والآثار في الأبواب وعزوها:

- ‌ثالثًا: منهجه في بيان صحة الأحاديث والآثار

- ‌المطلب الثالث: مصادر المؤلف في الكتاب

- ‌القسم الأول: مصادر أساسية:

- ‌ أولًا: مصادر حديثية أساسية

- ‌ ثانيًا: الأجزاء الحديثية والمشيخات:

- ‌ ثالثًا: مصادر أساسية من كتب التفسير:

- ‌(أ) المصادر التي صرَّح بالنقل عنها:

- ‌(ب) المصادر التي لم يُصرِّح بالنقل عنها:

- ‌المبحث الرَّابع في بيان مذهب السَّلف في أهل البيت

- ‌مجمل معتقد السَّلف في أهل بيت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌أقوال أئمة السَّلف وأهل العلم والإيمان من بعدهم:

- ‌شروط ولاية أهل السُّنَّة لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الشرط الأول: أن يكونوا مؤمنين مستقيمين على الملة:

- ‌الشرط الثاني: أن يكونوا متَّبعين للسُّنَّة النَّبويَّة الصَّحيحة:

- ‌آل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأولياؤه

- ‌هل القول بتفضيل بني هاشم يعدُّ تفضيلًا مطلقًا

- ‌المبحث الخامس أشهر الكتب المطبوعة في مناقب وفضائل أهل البيت النَّبويِّ

- ‌أولًا: "صحيح البخاري

- ‌ثانيًا: "صحيح مسلم

- ‌المبحث السَّادس موازنة بين كتاب "اسْتِجْلابِ ارْتِقَاءِ الغُرَف" وكتاب "ذخائر العُقْبى في مناقب ذوي القرْبى" للمحبِّ الطَّبريِّ

- ‌المبحث السابع أثر كتاب "استجلاب ارتقاء الغرف" فى الكتب التي أُلِّفت بعده

- ‌المبحث الثامن المآخذ على الكتاب

- ‌المقدِّمة فيمَن حَضَرَنِي مِنْ أقْرِبَاء رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم المنْسُوبِينَ إلى جَدِّهِ الأقْرَبِ عَبْدِ المطَّلب

- ‌تَتمَّةٌ

- ‌1 - بَابُ وَصِيَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وخَلِيْفتِهِ بِأهْلِ بَيْته المُشَرَّفِ كُلٌّ مِنْهُمْ بانْتمَائِهِ إليْه وَنِسْبَتِهِ

- ‌ الوَصِيَّةَ الصَّريحةُ بأهْلِ البَيْتِ

- ‌2 - بَابُ الحَثِّ على حُبّهِمْ والقيامِ بواجب حَقِّهمْ

الفصل: ‌ الوصية الصريحة بأهل البيت

• وإذْ قد بَان لك الصَّحيحُ في تفسير هذه الآية، فأقول:

قد جاءتِ‌

‌ الوَصِيَّةَ الصَّريحةُ بأهْلِ البَيْتِ

في غيرها من الأحاديث:

60 -

فعن سليمان بن مِهْرَان الأعمش، عن عطيةَ بنِ سعد

(1)

العَوْفيِّ، وحبيب بن أبي ثابت، أولهما عن أبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه، وثانيهما عن زيد بن أرْقم رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتم به لنْ تَضِلُّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتابُ الله، حبلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى الأرض، وعِتْرَتي أهْلُ بَيتِي، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ، فَانْظرُوا كيف تَخْلُفُوْني فيهما". أخرجه التِّرمذيُّ في "جامعه"

(2)

، وقال:"حسن غريب"

(3)

، انتهى.

= ويؤيِّد ضعفه ما جاء عن ابن عبَّاس في "الصحيح"، كما سبق، مِن أن المقصود بالآية؛ (إلَّا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة). ولذا صدَّر السَّخاوي الحديثَ بقوله:"يُروى"، وفي (م):"رُوِي"، مما يشير إلى تضعيفه له.

قلتُ: وأمَّا قول الحسن البصري في تفسير الآية، فقد أخرجه الطبري في "تفسيره"(25/ 25)، بإسنادٍ صحيح، ش طريق محمد بن جعفر -غندر-، عن شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن.

ومنصور بن زاذان، هو الواسطي، أبو المغيرة الثقفي. "ثقة ثبت عابد". التقريب" (ص 972). وغُنْدَر وشعبة سبقا.

ورواه أيضًا (25/ 26)، من طريق يعقوب، حدَّثنا هُشَيْم، قال: أخبرنا عوف، عن الحسن.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ أيضًا.

يعقوب شيخ الطبري، هو ابن إبراهيم بن كثير، أبو يوسف الدَّورقي، إمام حافظ، روى عنه الجماعة. قال في "التقريب" (ص 1087):"ثقة". وهُشَيْم سبق أنه ثقة كثير التدليس، وقد صرَّح ههنا بالتحديث. وعوف، هو ابن أبي جَميلة العَبْدي البصري "ثقة". "التقريب"(ص 757).

(1)

في الأصل و (م): عطية بن سعيد، والصواب ما أثبتُّه من (ز).

(2)

(5/ 622)، رقم (3788).

(3)

إسنادهُ حسنٌ شواهده ومتابعاته.

أخرجه في كتاب المناقب، باب مناقب أهل البيت، من طريق علي بن المنذر، عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه. وبالإسناد نفسه عن الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم.

وأخرجه أبو الشَّيخ في "عواليه" رقم (19) من طريق غسَّان بن الرَّبيع، عن أبي إسرائيل، عن عطية به. =

ص: 336

61 -

وحديث أبي سعيدٍ عند أحمد في "مسنده" من حديث الأعمش، وكذا من حديث أبي إسرائيل الملآئي إسماعيل بن خليفة، وعبد الملك بن أبي سليمان

(1)

.

62 -

ورواه الطَّبراني في "الأوسط"

(2)

من حديث كثير النَّواء، أربعتُهم عن عطيّة.

= وفيه غسَّان بن الرَّبيع، ضعَّفه الدَّارقطنيُّ، ووثَّقه ابن حبَّان. انظر:"الإكمال"(ص 333)، و "تعجيل المنفعة"(ص 360). وسيأتي التنبيه على ضعف عطية العوفي. وعزاه السيوطي في "الدُّرّ المنثور"(5/ 702) لابن الأنباري في "المصاحف" من حديث زيد بن أرقم. وفي إسناده عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف، سبق الكلام عليه عند حديث رقم (27).

وفيه أيضًا حبيب بن أبي ثابت، فهو وإنْ كان ثقة إلَّا أنه كثير الإرسال والتدليس، وقد عنعنه. وسيأتي للحديث شواهد ومتابعات كثيرة، بمجموعها يكون الحديث صحيحًا إنْ شاء الله تعالى.

(1)

• حديث الأعمش أخرجه أحمد في (3/ 17):

من طريق أبي النضر، عن محمد بن طلحة، عن الأعمش، عن عطية به.

أبو النَّضر، هو هاشم بن القاسم الليثي البغدادي، الملقَّب (قيصر). "ثقة ثبت". "التقريب" (ص 1017). روى عنه الإمام أحمد في "المسند" ستمائة وستة وسبعين حديثًا. انظر:"معجم شيوخ أحمد في المسند"(ص 361). ومحمد بن طلحة، هو ابن مصرِّف اليامي "صدوق له أوهام". و"التقريب"(ص 857).

• وحديث أبي إسرائيل الملائي أخرجه في (3/ 14):

من طريق أسود بن عامر، عن أبي إسرائيل، عن عطية.

الأسود بن عامر، هو الشامي، نزيل بغداد، الملقَّب (شاذان). "ثقة". "التقريب"(ص 146)، روى عنه الإمام أحمد في "المسند" أربعمائة وأربعة عشر حديثًا. انظر:"معجم شيوخ أحمد في المسند"(ص 133). وأبو إسرائيل الملائي، اسمه إسماعيل بن خليفة العبسي. قال في "التقريب" (ص 138):"صدوق سيء الحفظ، نُسب إلى الغلو في التَّشيُّع".

• وأما حديث عبد الملك بن أبي سليمان فأخرجه في (3/ 26): من طريق ابن نُمَير، عن عبد الملك، عن عطية به. ابن نُمَير -بالتصغير-، هو عبد الله بن نُمَير الهمداني، أبو هشام الكوفي. "ثقة، صاحب حديث، من أهل السنة". "التقرب"(ص 553). روى عنه الإمام أحمد في "المسند" ثلاثمائة وثلاثة وأربعين حديثًا. انظر: "معجم شيوخ أحمد في المسند"(ص 133). وعبد الملك بن أبي سليمان، "صدوق له أوهام". "التقريب"(ص 623).

(2)

(4/ 81)، رقم (3439)، من طريق الحسن بن محمد الأُشناني، عن عباد بن يعقوب، عن أبي عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء، عن عطية به، قال الطبراني عقبه:"لم يروه عن كثير النواء إلَّا أبو عبد الرحمن المسعودي". =

ص: 337

ورواه أبو يعلى

(1)

، وآخرون

(2)

.

وتعجَّبت من إيراد ابن الجوزيِّ

(3)

له في "العلل المتناهية"

(4)

، بل أعجب من ذلك قوله:"إنه حديث لا يصحُّ"، مع ما [ح 22/ ب] سيأتي من طرقه التي بعضها في "صحيح مسلم".

= قلتُ: كثير بن إسماعيل النواء، ضعيفٌ كما في "التقريب"(ص 807). والمسعودي ثقة، إلَّا أنه اختلط في آخر حياته. وعطية سبق أنه ضعيف. ولذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 163):"في إسناده رجالٌ مختلفٌ فيهم".

وللحديث شواهد كثيرة، مضى بعضها برقم (60 و 61)، وسيأتي أكثرها.

(1)

في "مسنده"(2/ 297)، رقم (1021)، من طريق بشر بن الوليد، عن محمد بن طلحة بمثل إسناد أحمد السابق، وكذا أخرجه في (2/ 303) رقم (1027). وبشر بن الوليد، هو الكندي الفقيه.

قال الآجري في "سؤالاته"(2/ 286): "سألتُ أبا داود: قلتُ له: بشر بن الوليد ثقة؟ قال. لا". وقال صالح جَزَرَة: هو صدوق، ولكنه لا يعقل، كان قد خرف. وروى السَّلمي عن الدَّارقطنيِّ أنه قال:(ثقة). انظر: "ميزان الاعتدال"(2/ 40). وهو عنده أيضًا من طريق سفيان بن وكيع، عن محمد بن فُضيل، عن عبد الملك بن أبي سليمان بنحو إسناد أحمد.

(2)

كالفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 536)، من حديث عيد الله، عن أبي إسرائيل، عن عطية، والطبراني في "الكبير"(3/ 65)، رقم (2679)، من طريق الأعمش، عن عطية به. وفي (3/ 65)، رقم (2678)، من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية به. ورواه في "الصغير"(1/ 131)، وابن أبي شيبة في "مصنَّفه"(6/ 134)، رقم (30072)، من طريق زكريا، عن عطية به. وأبو القاسم البغوي في "الجعديات"(2/ 302)، رقم 2722)، من طريق بشر بن الوليد، بنحو إسناد أبي يعلى السابق، وعزاه المتقي الهندي في "كنز العمال"(1/ 185 - 186)، رقم (945)، للبارودي.

(3)

هو الإمام الحافظ المفسِّر الواعظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن أبي الحسن، القرشي التيْمي البكريّ، نسبة لأبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه. صاحب التصانيف المشهورة. ولد ببغداد سنة (510 هـ). من مؤلفاته:"زاد المسير" في التفسير، و "الموضوعات" في الحديث. مات في رمضان سنة (597 هـ). "تذكرة الحفاظ"(4/ 1342)، و "شذرات الذهب"(4/ 330).

(4)

أورده في (1/ 268)، رقم (432)، وأعلَّه بعطية العوفي، وعبد الله بن عبد القدوس، وعبد الله بن داهر.

قلتُ: ابن الجوزي مسبوقٌ بذلك، فقد سبقه العقيلي فأورده في "الضعفاء"(2/ 250)، في ترجمة ابن داهر الرازي وقال:"رافضي خبيث! عن عبد الله بن عبد القدوس أشرّ منه، كلاهما رافضيان! ! ". فابن الجوزي إنما رواه من طريق العقيلي وحكم على هذا الطريق.

ص: 338

63 -

فقد أخرج في "صحيحه"

(1)

حديث زيد من طريق سعيد بن مسروق، وأبي حيَّان يحيى بن سعيد بن حيَّان، كلاهما -واللفظ للثاني-، عن يزيد بن حيَّان عمِّ ثانيهما، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا بماءٍ يُدْعَى خُمًّا

(2)

بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، وَوَعَظَ وذَكَّرَ.

ثم قال:

"أمَّا بعدُ: ألا أيُّها النَّاسُ! فإنَّمَا أنا بشرٌ يوشك أن يأتِي رسولُ ربِّي فأُجيبَ، وإنِّي تاركٌ فيكم ثَقَلين: أَولهما كتابُ اللهِ فيه الهُدَى والنُّور، فخذوا بكتاب الله، واسْتَمْسِكُوا به"، فحثَّ على كتاب الله، ورغَّبَ فيه ثم قال:

(1)

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، بابٌ من فضائل علي بن أبي طالب (4/ 1873)، رقم (2408)، بالإسناد المذكور.

(2)

غَدِيرُ خُمّ: بضم أوله وتشديد ثانيه، وموضع على ثلاثة أميال من الجُحْفة يَسْرةً عن الطريق، وهذا الغدير تصبُّ فيه عين، وحوله شجر كثير ملتف، وهي الغيْضة التي تُسمَّى خمّ. وبين الغدير والعين مسجد النَّبي صلى الله عليه وسلم. انظر:"معجم ما استعجم"(2/ 510) و (2/ 368)، و"معجم البلدان"(2/ 389).

قلتُ: وكان نزول النَّبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع وخطبته في يوم الأحد، اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة حجَّته. انظر:"البداية والنهاية"(5/ 183). وجديرٌ بالذكر: أن الرَّافضة أحدثت في هذا اليوم "عيد غدير خُمٍّ". وسمَّوه "العيد الأكبر"، وفضَّلوه على عيدي الفطر والأضحى! ولذا قال بعض الشِّيعة:

ويومًا بالغديرِ غديرِ خُمٍّ

أبان له الولايةَ لو أُطيعا

ذكر ذلك العلامة شاه عبد العزيز غلام الدهلوي في "مختصر التحفة الإثنى عشرية"(ص 208).

وقد رتَّبوا لذلك العيد أدعة وأذكارًا -ما أنزل الله بها من سلطان- سمُّوها (عمل ليلة الغدير! ) يقولها الواحد منهم في ليلة الثامن عشر من ذي الحجة في كلِّ عام. وأخرى في نهار ذلك اليوم سمَّوها (عمل يوم الغدير! )، واستحبُّوا للعبد أن يغتسل في صدر نهار ذلك اليوم، فإذا بقي إلى الزوال نصف ساعة شُرع له أن يُصلِّي ركعتين، يقرأ في كلِّ ركعة منهما فاتحة الكتاب مرَّة واحدة، وقل هو الله أحد عشر مرّات! وآية الكرسي عشر مرّات! وإنا أنزلناه عشر مرّات!

فإذا سلَّم عقَّب بعدهما بما ورد من تسبيح الزهراء عليها السلام! ! )

إلخ بدَعِهم وخُزعْبلاتهم التي لا تنتهي. وانظر في ذلك: كتاب "ماذا في التاريخ؟ " لمحمد حسن القبيي العاملي (74/ 201 - 220)، و "مفتاح الجنة"، لحسن الشيخ الكتبي (ص 257 - 264)، وكلاهما من كتب الرَّافضة. وكذا "طائفة النُّصيرية -تاريخها وعقائدها-"، للدكتور سليمان الحلبي (ص 71 - 72).

ص: 339

"وأهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّركم اللهَ في أهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّركم اللهَ -ثلاثًا- في أهْلِ بَيْتِي".

فقيل لزيد: مَنْ أهلُ بيته؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟

قال: "نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته مَن حُرِمَ الصَّدقة بعده".

قيل: "ومَنْ هم؟

(1)

".

قال: "هم آل عليٍّ، وآل عقيلٍ، وآل جعفرٍ، وآل عبَّاسٍ رضي الله عنهم

(2)

".

قيل: "كلُّ هؤلاء حُرِمَ الصَّدقة"؟ قال: "نعم".

وفي لفظٍ قيل لزيدٍ رضي الله عنه

(3)

: "مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ نِسَاؤُهُ؟ ".

فقال: "لا، وَايْمُ الله، إنَّ المرأة تكون مع الرَّجل العَصْرَ من الدَّهر، ثم يطلِّقها فترجعُ إلى أُمِّها"

(4)

-وفي رواية غيره: "إلى أبيها وأُمِّها"- أهْلُ بيته: أصْلُه وعَصَبَتُه الذين حُرِمُوا الصَّدقةَ بعده".

64 -

وأخرجه مسلمٌ أيضًا

(5)

، وكذا النَّسائيُّ -باللفظ الأول-، وأحمدُ

(6)

، والدَّارميُّ

(7)

، في "مسنديهما"، وابنُ خزيمة في "صحيحه"

(8)

،

(1)

في (م): ومنهم!

(2)

في (م): رضي الله عنه.

(3)

من قوله: (آل عليٍّ

) إلى هنا سقط من (م).

(4)

رواية مسلم في المطبوع: "إلى أبيها وقومها".

(5)

أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب (4/ 1874)، من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، ح ومن طريق إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، كلاهما عن أبي حيان به.

(6)

في "المسند"(4/ 367)، من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي حيان التيمي، عن عمّه يزيد به.

(7)

في "السنن" كتاب فضائل القرآن -باب فضل من قرأ القرآن (2/ 524) - رقم (3316)، من طريق جعفر بن عون، عن أبي حيان به.

(8)

(4/ 62)، رقم (2357)، في كتاب الزكاة، في جماع أبواب قسم المصدقات وذكر أهل سهمانها، باب ذكر الدليل على أن بني (عبد المطلب! ) هم من آل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الذين حرموا الصدقة لا كما =

ص: 340

وآخرون

(1)

، كلُّهم من حديث أبي حيَّان التَّيميِّ يحيى بن سعيد بن حيَّان،

= قال من زعم أن آل النَّبي صلى الله عليه وسلم الذين حُرموا الصدقة آل علي وآل جعفر وآل العبَّاس، من طريق يوسف بن موسى، عن جرير ومحمد بن فُضيل، عن أبي حيان به.

• تنبيه: هكذا جاءت ترجمة الباب في المطبوع من "صحيح ابن خزيمة": (باب ذكر الدليل على أن بني عبد المطب هم من آل النَّبي صلى الله عليه وسلم

إلخ)! ! وهو خطأ بيِّن، يظهر أنه وقعت زيادة كلمة (عبد) على (المطلب)، فصارت هكذا:(عبد المطَّلب! )، فصار المراد (عبد المطَّلب بن هاشم) جدّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم! وهو ما لا يريده ابن خزيمة! وإنما المراد (المطلب بن عبد مناف) أخو هاشم، وعمّ عبد المطَّلب جدّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك أمور:

1 -

ما ثبت في "الصحيح"(3140): "إنَّما بنو هاشم وبنو المطَّلب شيء واحد". فقد جعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الهاشمين والمطَّلبيين شيء واحد، وذلك في تحريم الصدقة عليهم، وفي إشتراكهم في سهم ذوي القربى.

2 -

ما جاء في الترجمة نفسها: (

لا كما قال من زعم أن آل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الذين حُرموا الصدقة آل علي وآل جعفر وآل العبَّاس)، فإنَّ ابن حزيمة رحمه الله يريد بهذه الترجمة أن لا يحصر الآل في هؤلاء المذكورين (آل علي وآل جعفر وآل العبَّاس)، ومعلوم أن هؤلاء جميعًا هاشميون. وهم بنو عبد المطلب بن هاشم، وإنما أراد إدخال (بني المطَّلب) في الآل.

3 -

أن ابن خزيمة لو أراد في الترجمة المذكورة بني عبد المطَّلب! لكان ذلك تناقضًا منه، فإنه قال عقب الترجمة! (في خبر عبد المطلب بن ربيعة دلالة على أن آل (عبد المطَّلب! )[هكذا في المطبوع، وصوابه آل المطَّلب]، يحرم عليهم الصدقة كتحريمها على غيرهم من ولد هاشم).

وهذا غلط، فإنَّ ولد هاشم هم آل عبد المطلب بن هاشم، فكيف يُكرِّر الكلام؟ ! وإنما صوابه كما مضى (آل المطَّلب).

4 -

ومما يؤكِّد ذلك قول ابن خزيمة نفسه: (

وكان المطَّلبي [يريد الإمام الشافعي] يقول: إنَّ

آل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بنو هاشم وبنو المطَّلب [هكذا على الصواب] الذين عوَّضهم الله من الصدقة سهم الصدقة من الغنيمة. فبيَّن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقمسة سهم ذي القربى من بني هاشم وبني المطَّلب [هكذا على الصواب] أن الله أراد بقوله: {ذَوِي الْقُرْبَى} بني هاشم وبني المطَّلب [هكذا على الصواب]، دون غيرهم من أقارب النَّبي صلى الله عليه وسلم). اهـ. فليُّحرَّر هذا الموضع من "صحيح ابن خزيمة" المطبوع، فإنه مهم جدًّا، وبالله تعالى التوفيق.

(1)

كالبيهقي في "الكبرى"(2/ 148)، و (7/ 30)، و (10/ 114)، من طريق الدارمي، والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 536)، من طريق ابن أبي شيبة وعلي بن المنذر، عن ابن فُضيل، عن أبي حيان به. والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 254)، رقم (3797)، من طريق ابن نُمير، عن ابن فُضيل به. والشجري في "الأمالي"(1/ 149)، من طريق يحيى بن حماد، عن عوانة، عن الأعمش، عن يزيد بن حبان، عن زيد بن أرقم.

ص: 341

[ح 23/ أ] عن يزيد

(1)

بن حيَّان.

65 -

وأخرجه الحاكم في "المستدرك"

(2)

من حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، ولفظه: لمَّا رجع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من حجَّة الوداع، ونزل

(3)

غَدِيرَ خُمٍّ، مرَّ بدَوْحَاتٍ فَقُمَّتْ ثم قام فقال:

"كأنِّي قد دُعِيتُ فأجَبْتُ، إنِّي قد تركتُ فيكم الثَّقَلين، أحدهما أكبر من الآخر

(4)

: كتابَ الله عز وجل، وعِتْرَتي، فانظروا كيف تَخْلُفُوْنِي فيهما، فإنَّهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوْضَ".

ثم قال: "إنَّ الله عز وجل مولاي، وأنَا وليُّ

(5)

كلِّ مؤمن".

66 -

ومن حديث سلمة بن كُهَيْل، عن أبيه، عن أبي الطُّفيل أيضًا بلفظ:

نزل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند سَمُرَات خمسِ دَوْحَات عظام، فَكَنَسَ النَّاسُ ما تحت السَّمُرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيةً، فصَلَّى ثم قام خطيبًا، فحمد الله عز وجل، وأثنى عليه، وذكَّر وَوَعَظَ، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال:

"أيُّها النَّاسُ! إنِّي تاركٌ فيكم أمرين لن تَضِلُّوا إنْ اتَّبَعْتُمُوهما، وهما: كتابَ الله، وأهْلَ بَيْتِي عِتْرَتِي"

(6)

.

(1)

في (ح): زيد بن حبان، والتصويب من (م)، و (ز)، ومن مصادر تخريج الحديث.

(2)

(3/ 118)، رقم (4576)، من طريق الأعمش به. وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله". وسكت عنه الذهبي في "التلخيص". وبمثله أخرجه النسائي في "الكبرى"(5/ 130)، رقم (8464)، في كتاب الخصائص، باب قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"من كنت وليّه فعليٌّ وليّه". وكذا في (5/ 45)، رقم (8748)، في المناقب -باب فضائل علي رضي الله عنه. وانظر:"الخصائص" له- رقم (76). وبه أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 537).

(3)

في (م): ونزيل! وهو خطأ.

(4)

في (م): أحدهما أكبر من الأكبر! .

(5)

كذا بالأصل، وفي (م): مولى.

(6)

"المستدرك"(3/ 118)، رقم (4577)، من طريق حسَّان بن إبراهيم الكرماني، عن محمد بن =

ص: 342

67 -

ومن حديث أبي الضُّحى مسلم بن صُبَيْح، عن زيد بن أرقم مقتصرًا على قوله:

"إنِّي تاركٌ فيكم الثَّقَلين: كتابَ اللهِ، وأَهْلَ بَيْتِي، وإنَّهُمَا لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ"

(1)

.

وقال عقب كلٍّ من الطُّرق الثلاثة: "إنه صحيح على شرط الشَّيخين، ولم يخرِّجاه". وكذا أخرجه من طريق [ح 23/ ب] يحيى بن جَعْدَة، عن زيد بن أرقم

(2)

.

68 -

ووافقه على تخريج هذه الطَّريقِ الطَّبرانيُّ في "الكبير"

(3)

،

= سلمة بن كُهيل، عن أبيه به. وقال:"صحيح على شرطهما". وتعقَّبه الذهبي بقوله: "لم يخرجا لمحمد بن سلمة بن كهيل. وقد وهَّاه السَّعدي". قلتُ: وقال الجوزجاني: ذاهبٌ واهي الحديث".

ومن هذا الطريق أخرجه ابن عساكر في "التاريخ"(42/ 126)، رقم (8702)، في ترجمة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.

(1)

"المستدرك"(3/ 160)، رقم (4711)، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الحسن بن عبد الله النخعي، عن مسلم بن صُبيح، عن زيد بن أرقم. وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي. وبه أخرجه الطبراني في "الكبير"(5/ 169)، رقم (4980)، وكذا الفسوى في "المعرفة والتاريخ"(1/ 536). وأخرجه بهذا اللفظ أبو جعفر الطحاوي في "المشكل"(4/ 254)، رقم (3796)، من طريق فهد بن سليمان، عن أبي غسَّان مالك بن إسماعيل النَّهديِّ، عن إسرائيل بن يونس، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة الأسدي، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعًا.

وهذا إسنادٌ رجاله كُلُّهم ثقات، إلا فهد بن سليمان، وهو النَّحَّاس المصري، فإني لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، فقد أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(7/ 97)، وقال:"كتبت فوائده، ولم يُقض لنا السَّماع منه". وذكره ابن ماكولا في "الإكمال"(7/ 60)، ولم يذكر فيه شيئًا.

وأبو غسَّان النَّهديُّ (ثقة متقن)، أخرج له الجماعة. "التقريب"(ص 913). وإسرائيل بن يونس، هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي (ثقة)، تقدَّم برقم (48). وعثمان بن المغيرة، هو الثّقفي مولاهم (ثقة)، أخرج له البخاري والأربعة. "التقريب"(ص 669). وعلي بن ربيعة. هو ابن نضْلة الوالبيّ الكوفيّ (ثقة)، أخرج له الجماعة. "التقريب"(ص 696).

(2)

لم أقف على هذا الطريق في "المستدرك".

(3)

(5/ 171) - رقم (4986) من طريق كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم به، وكذا أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1/ 157) - رقم (118) مختصرًا. =

ص: 343

وفيها

(1)

وَصْفُ ذاك

(2)

اليوم بأنه: "ما أَتى علينا يَوْمٌ كان أَشدَّ حرًّا منه".

69 -

وأخرجه الطَّبرانيُّ -أيضًا

(3)

- من حديث حَكِيم بن جُبَيْر، عن أبي الطُّفيل، عن زيد، وفيه من الزيادة عقب قوله:"وإنَّهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوض":

"سألتُ ربِّي ذلك لهما، فلا تَقَدَّمُوهما فَتَهْلَكُوا، ولا تقصِّروا عنهما فَتَهْلَكُوا، ولا تُعَلِّمُوهم فإنهم أَعْلَمُ منكم"

(4)

.

وفي الباب عن جابر، وحذيفة بن أَسيد، وخُزَيْمَة بن ثابت، وزيد بن ثابت، وسَهْل بن سعد، وضُمَيْرة، وعامر بن ليلى، وعبد الرَّحمن بن عَوْف، وعبد الله بن عبَّاس، وعبد الله بن عمر، وعَدِيّ بن حاتم، وعُقْبَة بن عامر، وعلي بن أبي طالب، وأبي ذرٍّ، وأبي رافع، وأبي شُرَيح الخُزاعي، وأبي قُدامة الأنصاري، وأبي هريرة، وأبي الهيثم بن التَّيَّهان، ورجالٍ من قريش، وأُمِّ سلمة، وأُمِّ هانئ ابنة أبي طالب؛ الصَّحابة رضوان الله عليهم

(5)

.

= وفيه كامل بن العلاء أبو العلاء الكوفي، فيه كلام يسير، فهو (صدوق يُخطئ). "التهذيب"(8/ 356)، و"التقريب"(ص 807)، وفيه أيضًا عنعنة حبيب بن أبي ثابت، فهو تابعي كثير التدليس. "طبقات المدلسين"(ص 84)، ويحيى بن جعدة (ثقة). و "التقريب"(ص 1051).

(1)

في (م): وفيهما.

(2)

في (م): رضي الله عنه.

(3)

في "المعجم الكبير"(3/ 66) - رقم (2681) من طريق عبد الله بن بكير الغنوي، عن حكيم بن جبير به، وأخرجه بمثله في (5/ 166) - رقم (4971).

(4)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

فيه حَكيم بن جُبير الأسدي الكوفي، ضعيف، رُمِيَ بالتَّشْيُّع، كما قال الحافظ في "التقريب" (ص 265). وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 164):"فيه حكيم بن جبير، وهو ضعيف".

(5)

هكذا في جميع النُّسخ (ح)، و (م) ، و (ز)، و (هـ)، و (ك)؛ اللَّهُمَّ إلَّا (ل) فإنه جاء فيها:(عن أمِّ هانئ ابنة أبي طالب الصَّحابيَّة)، والظاهر أنه تصحيف، وستأتي تراجم الصحابة الرُّواة عند ذكر حديث كلِّ واحدٍ منهم على حِدَة.

ص: 344

70 -

فأمَّا حديثُ جابرٍ

(1)

.

فرواه التِّرمذيُّ في "جامعه"

(2)

من طريق زيد بن الحسن الأنْمَاطيِّ، عن جعفر ابن محمد بن عليِّ بن الحسين، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

(3)

قال:

رأيت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ وهو على ناقَتِهِ القَصْواء يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يقول:

"يا أيُّها النَّاسُ! إِني قد تَرَكْتُ فيكم ما إنْ [ح 24 / أ] أخَذْتُمْ به لن تَضِلُّوا: كتاب الله، وعِترَتي أهْلَ بيتي". وقال الترمذي بعده: "إنه حسن غريب"

(4)

.

71 -

ورواه أبو العبَّاس ابن عُقْدة في "الموالاة"

(5)

من طريق يونس بن عبد الله بن أبي فَرْوة

(6)

، عن أبي جعفرٍ محمَّد بنِ عليٍّ، عن جابرِ رضي الله عنه قال:

(1)

هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري صحابي جليل، وهو راوي أكثر أحاديث المعجزات. شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبيٌّ. روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1540 حديثًا) على ما ذكر ابن حزم. مات سنة (74 هـ)، وقيل:(77 هـ)، وكان عمره (94 سنة).

- "الإصابة"(1/ 546)، و "أسماء الصحابة الرواة" ص 41).

(2)

(5/ 621) - رقم 3786).

(3)

كذا بالأصل، وفي (م): رضي الله عنه بالإفراد.

(4)

إسنادُهُ حسنٌ بالمتابعة.

أخرجه في كتاب المناقب - باب مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من طريق نصر بن عبد الرحمن الكوفي، عن زيد بن الحسن، عن جعفر الصادق به.

- وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3/ 66) - رقم (2680) بنفس الطريق به.

فيه زيد بن الحسن الأنماطيّ، ضعيف كما في "التقريب"(ص 352)، وقد تابعه حاتم بن إسماعيل عن جعفر الصادق به. وهو عبد العقيلي (2/ 250)، وقال عقبه:"وحديث جعفر بن محمد أولى".

(5)

كتاب "الموالاة" لأبي العبَّاس ابن عُقْدة المتوفى سنة (333 هـ) جزءٌ حديثيٌّ جَمَعَ فيه مؤلفه طرق حديث: "مَنْ كنتُ مولاه فَعليٌّ مولاه"؛ ذكَرَ ذلك شيخ الإسلام في "منهاج السُّنَّةَ"(7/ 320).

وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح"(7/ 74) عند الكلام على حديث: "مَنْ كنتُ مولاه

"، وقال: "وهو كثير الطُّرق جدًّا، استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاحٌ وحسانٌ". اهـ. وانظر:"معجم المصنَّفات الواردة في فتح الباري" رقم (442).

(6)

كذا في (ح، ز، ك، ل، هـ)، وفي (م): عن أبي فروة.

ص: 345

كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجَّة الوداع، فلمَّا

(1)

رجع إلى الجُحْفة

(2)

أمَرَ بشَجَراتٍ فقُمَّ

(3)

ما تحتهنَّ، ثم خَطَبَ النَّاس فقال:

"أمَّا بَعْدُ: أيُّها الناسُ! فإنِّي لا أُراني إلَّا مُوشكًا أن أُدْعَى فأُجِيبَ، وإنِّي مسؤول، وأنتم مسؤولون؛ فما أنتم قائلون؟ "

قالوا: "نَشْهَدُ أنَّك قد بلَّغتَ، ونصحتَ، وأدَّيتَ".

قال: "إنِّي لكم فَرَطٌ، وأنتم واردون عليَّ الحَوْضَ، وإنِّي مُخَلِّفٌ فيكم الثَّقَلَيْن: كتابَ اللهِ

"

(4)

.

72 -

وأَمَّا حديثُ حُذَيْفَةَ بنِ أَسِيدٍ الغِفَاريِّ

(5)

:

فرواه الطبرانيُّ في "معجمه الكبير"

(6)

من طريق سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ، عن

(1)

(فلمَّا) ساقطة من (م).

(2)

الجُحْفَةُ: بالضمِّ ثم السكون والفاء، كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة، وهي ميقات أهل مصر والشَّام، صارت في الأزمنة الأخيرة خرابًا، وصار الناس يُحْرِمون من رابغ. كان اسمها (مَهْيَعة) فصارة (الجُحْفة)؛ وذلك لأنَّ السَّيل اجتحَفَها وحمل أهلها في بعض الأعوام. انظر:"معجم البلدان"(2/ 111). وممَّا يُضاف في هذا المقام أن موضع الميقات حاليًا لم يعُدْ خرابًا، فقد بَنَتْهُ حكومة خادم الحرمين الشريفين، وبه مسجد كبير.

(3)

القَمُّ: الكَنْسُ. والقمَامَةُ: الكُنَاسَةُ. والمِقَمَّةُ: المِكْنَسَةُ.

- "النهاية في غريب الحديث"(4/ 110)، مادة (قَمَمَ).

(4)

الإسنادُ المذكورُ حسنٌ، ولم أقفْ على مَنْ تحت ابنِ أبي فَرْوة.

يونس بن عبد الله بن أبي فروة حديثه لا بأس به.

قال الحافظ: "ما به بأس". "لسان الميزان"(6/ 428)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/ 649). وانظر:"تعجيل المنفعة"(ص 511).

وأبو جعفر، هو محمد الباقر بن علي بن الحسين (ثقة فاضل)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 879). ولم أقف على من تحت يونس لأحكم على بقية رجال الإسناد.

(5)

هو حُذيفة بن أسيد -بالفتح- بن خالد الغِفَاري، كنيته أبو سريحة شهد الحديبية، وبايع تحت الشجرة. نزل الكوفة وتُوفِّي بها سنة (42 هـ)، وصلَّى عليه زيد بن أرقم. روى (13 حديثًا).

- "الإصابة في تمييز الصحابة"(2/ 38)، و "أسماء الصحابة الرواة"(ص 144).

(6)

(3/ 180) - رقم (3053).

ص: 346

أبي الطُّفيْل، عنه، أو عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قال:

لمَّا صَدَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من حجَّة الوداع نهى أصحابَه عن شَجَرَاتٍ بالبطْحاءِ متقارباتٍ أن ينزلوا تحتهنَّ، ثم قام فقال:

"يا أَيُّها النَّاسُ! إِنِّي قد نَبَّأنِيَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أنه لن يُعَمَّرَ نَبِيٌّ إلَّا نِصْفَ عُمُرِ الذي يليه من قبله، وإِنِّي لأَظُنُّ أَنِّي يُوشكُ أَنْ أُدْعَى فأُجيب، وإِنِّي مسْؤولٌ، وإِنَّكم مسؤولون؛ فماذا أنتم قائلون؟ ".

قالوا: [ح 24/ ب]"نَشْهَدُ أنَّك قد بلَّغْتَ، وجاهَدْتَ، ونَصَحْتَ، فجزاك اللهُ خيرًا".

ففال: "ليس تَشْهدونَ أنْ لا إِله إِلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، وأَنَّ جَنَّته حقٌّ، وأَنَّ نارَهُ حقٌّ، وأَنَّ الموْتَ حقٌّ، وأَنَّ البعْثَ حقٌّ بعد الموْتِ، وأَنَّ السَّاعةَ آتِيةٌ لا ريْب فيها، وأَنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ في القُبُورِ".

قالوا: "نَشْهَدُ بذلك". قال: "اللَّهُمَّ اشهَد".

ثم قال: "يا أيُّها النَّاسُ! إنَّ الله مَوْلاي، وأَنَا مَوْلى المؤمنين، وأَنَا أوْلى بهم من أنْفُسِهِم، فمن كُنْتُ مَوْلاه فهذا مَوْلاه -يعني عَليًّا-، اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاه، وعَادِ مَنْ عَاداه".

ثم قال: "يا أَيُّهَا النَّاسُ! إنِّي فَرَطُكُمْ، وإِنَّكم واردون عليَّ الحَوْضَ؛ حَوْضٌ أَعْرَضُ مما بين بُصْرَى

(1)

إلى صَنْعَاء

(2)

، فيه عددُ النُّجُوم قُدْحَانٌ مِن فِضَّة، وإنِّي

(1)

بُصْرى -بالضم والقصر-: موضعان: إحداهما بالشام من أعمال دمشق، وهو قصبة كورة حوُران، وهي مشهورة عند العرب قديمًا وحديثًا. الموضع الثاني: بُصْرى من قُرى بغداد قرب عُكْبْراء. "معجم البلدان"(1/ 441).

(2)

صَنْعاء: منسوبة إلى جودة الصَنْعة في ذاتها، وهي مدينة باليمن معروفة، كان أول من نزلها أزال ابن يعير بن عابر؛ فسُمِّيت به. وقيل: إنَّ الحبشة لمَّا دخلتها فرأتْها مبنيَّة بالحجارة قالوا: (صَنْعة .. صَنْعَة! )، وتفسيره بلسانهم: حَصينة حصينة؛ فسُمِّيت بذلك، وهي بلاد طيِّبة الهواء، كثيرة الماء.

- "معجم البلدان"(3/ 425)، و "معجم ما استعجم"(3/ 843).

ص: 347

سَائِلُكُمْ حين تَرِدُون عليَّ عن الثَّقَلين، فانْظُروني كيف تَخْلُفُوني فيهما.

الثَّقَلُ الأكْبرُ كتابُ الله عز وجل سَبَبٌ طَرَفُهُ بيد اللهِ وطَرَفُهُ بأيْديكم، فاسْتَمْسِكُوا به لا تَضِلُّوا أو لا تُبَدِّلوا. وعِتْرَتي أهْلُ بيتي؛ فإنه قد نبَّأني اللَّطيفُ الخبيرُ أنَّهما لن ينقضيا حتى يَرِدَا عليَّ الحَوْضَ"

(1)

.

ومن هذا الوجه أورده الضِّياء في "المختارة"

(2)

. ورواه أبو نُعَيْم في "الحلية"

(3)

وغيره من حديث زيد بنِ الحسنِ الأنماطيِّ، عن معروفِ بن خَرَّبُوذ، عن الطُّفيل، عن حُذَيْفة وحده؛ به.

73 -

وأمَّا حديث خُزَيْمَة

(4)

:

فهو عند ابن عُقْدَة من طريق محمدِ بن كثيرٍ، عن فِطْرٍ، وأبي الجارود،

(1)

إسنادُهُ حسنٌ بما قبله وبعْده، فإنَّ فيه الأنْماطي وهو ضعيفٌ.

لم أجده في "المعجم الكبير" من هذا الطريق، وإنما من طريق زيد بن الحسن الأنماطي، عن معروف ابن خَرَّبُود، عن أبي الطُّفيْل، عن حذيْفة بن أسيد وحده.

- وبنفس الإسناد أخرجه بقيّ بن مخلد في "جزء أحاديث الحوض"(ص 88 - مرويات الصحابة في الحوض).

- وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(42/ 219) - رقم (8714) في ترجمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

قال الهيثمي في "المجمع"(9/ 165): "وفيه زيد بن الحسن الأنماطيّ".

"قال أبو حاتم: منكر الحديث. ووثَّقه ابن حبان، وبقية رجال أحد الإِسناديْن ثقات". اهـ.

(2)

لم أجده في "المختارة" المطبوع، ولعلَّه في الأجزاء التي لم يُعثر عليها بعد. وقد وقفتُ عليه في "الجزء الذي جمعه الضِّياء في أحاديث الحوض"، فيما عزاه ابن كثير في "النهاية في الفتن والملاحم"(1/ 194)، من طريق سعيد بن سليمان، عن زيد بن الحسن به. وهو في "جزء حنبل" برقم (52).

(3)

"حلية الأولياء"(1/ 355) من طريق الحسن بن سفيان، عن نصر بن عبد الرحمن الوشاء، عن زيد بن الحسن به، وأورده المؤلف من هذا الطريق في "رجحان الكفَّة في بيان نبذة من أخبار أهل الصُّفَّة"(ص 174 - 175).

(4)

هو خزيمة بن ثابت بن الفَاكِه الأنصاري الأوسي، ملقَّبٌ بـ (ذي الشهادتين). أسلم بالمدينة قديمًا، وشهد بدرًا والمشاهد بعدها، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (38 حديثًا)، واستشهد بصفين مع عليٍّ رضي الله عنه. "الإِصابة"(2/ 239)، و "أسماء الصحابه الرواة"(ص 94).

ص: 348

كلاهما [ح 5 / أ] عن أبي الطفيل: أن عليًّا رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

"أنْشُدُ اللهَ مَنْ شَهدَ يومَ غَديرِ خُمٍّ إلَّا قام، ولا يقومُ رجلٌ يقولُ نُبِّئْتُ أو بَلَغَنِي، إلَّا رجلٌ سَمِعَتْ أذُنَاه وَوَعَاة قلبُه".

فقام سبعة عشر رجلًا؛ منهم خُزَيْمةُ بنُ ثابت، وسَهْلُ بن سعد، وعديُّ بنُ حاتم، وعُقْبة بنُ عامر، وأبو أيوب الأنصاريُّ، وأبو سعيدٍ الخُدْريُّ، وأبو شُرَيحٍ الخُزاعيُّ، وأبو قدامة الأنصاريُّ، وأبو ليلى، وأبو الهيثم بن التَّيَّهان، ورجالٌ من قريش.

فقال عليٌّ رضي الله عنه وعنهم: "هَاتُوا ما سمعْتُم".

فقالوا: نشهد أنا أقبلنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من حجَّة الوداع حتى إذا كان الظُّهر خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأمر بشَجَراتٍ فَسُدِينَ

(1)

وألْقَى عليهنَّ ثوب، ثم نادى بالصَّلاة، فخرجْنا فصليْنا، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

"أيُّها النَّاسُ! ما أنتم قائلون؟ ". قالوا: "قد بلَّغت".

قال: "اللَّهُمَّ اشهد؛ ثلاث مرات".

قال: "إنِّي أُوشِكُ أن أُدْعَى فأُجيب، وإنِّي مسؤولٌ، وأنتم مسؤولون".

ثم قال: "ألا إنَّ دماءَكم وأموالكم حرامٌ كحرمةِ يومِكم هذا، وحرمةِ شهرِكم هذا، أُوصِيكُم بالنِّساء، أُوصِيكم بالجار، أُوصِيكُم بالمماليكِ، أُوصِيكُم بالعدل والإِحْسَان".

ثم قال: "أَيُّها النَّاسُ! إنِّي تاركٌ فيكم الثَّقَلين: كتابَ اللهِ، وعِتْرَتي أَهْلَ بيتي؛ فإنهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ، نبَّأني بذلك اللطيفُ الخبيرُ".

(1)

جاء في "لسان العرب"(13/ 308): "السَّدَن: السِّتْر، والجمع أسدان، وقيل: النون هنا بدل من اللام في أسدال. والأسْدَان، والسُّدُون: ما جُلِّل به الهودج من الثياب، واحدها سَدَن. ومنه قولهم: سَدَنَ الرجل ثوبه، وسَدَنَ السِّتْر إذا أرسله".

ص: 349

وذكَرَ [ح 25/ ب] الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه".

فقال عليٌّ رضي الله عنه: "صدقتم، وأنا على ذلك من الشَّاهدين"

(1)

.

74 -

وأمَّا حديثُ زيدٍ

(2)

:

(1)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

أخرجه ابن عقدة في "الموالاة" قال: حدثنا محمد بن مفضل بن إبراهيم الأشعري، أخبرنا رجاء بن عبد الله، أخبرنا محمد بن كثير

إلخ الإسناد. كما في "أسد الغابة"(6/ 246). وعزاه له ابن حجر في "الإِصابة"(7/ 274)، ومن طريقه أبو موسى المديني في "ذيله على الصحابة"، كما في المرجع السابق.

وفي محمد بن كثير القرشي الكوفي، أبو إسحاق. قال أحمد: خَرَقْنا حديثَهُ.

وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن المديني: كتبا عنه عجائب، وخططت على حديثه. ومشَّاه ابن معين. وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بيِّن. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث. انظر: "ميزان الاعتدال"(6/ 310)، و"تهذيب التهذيب"(9/ 361).

• وفيه أيضًا أبو الجارود الأعمى، واسمه زياد بن المنذر الكوفي.

قال عبد الله بن أحمد عن أبيه؛ متروك الحديث، وضعَّفه جدًّا. وقال ابن معين: كذاب، عدو الله، ليس يَسْوَى فَلْسًا. وقال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: ضعيف. "التهذيب"(3/ 337).

قلتُ: وقد تابعه فِطْر بن خليفة وهو صدوق، خرَّج له البخاري متابعة، وقد وثَّقه الإمام أحمد، وابن معين، ويحيى بن سعيد، والعجلي، والنسائي، وابن سعد، وابن حبَّان، والساجي. وضعَّفه الدارقطنيُّ والجوزجانيُّ. انظر:"التهذيب"(8/ 262)، و "التذكرة" للحُسيني (3/ 1363)، و "التعديل والتجريح"(3/ 1053).

• وحديث فِطْرٍ عن أبي الطُّفيل صحيح:

أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 370)، و "الفضائل"(2/ 682) - رقم (1167) من طريق حسين بن محمد وأبي نعيم الفضل بن دُكين، عن فطر به، مختصرًا. وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(2/ 606) - رقم (1367) و (1368) من طريق أبي مسعود الرازي، عن عبد الرحمن بن مصعب، عن فطر به، مختصرًا. وابن حبان كما في "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"(15/ 376) - (6931) من طريق أبي نُعيم ويحيى بن آدم، عن فطر به، مختصرًا. والنسائي في "الخصائص" - رقم (90) من طريق مصعب بن المقدام ومحمد بن سليمان، كلاهما عن فطر به، مختصرًا. والبزار في "مسنده"(3/ 192 - كشف) - رقم (2544) من طريق عبد الله بن موسى، عن فطر به. وقال عقبه:"رُوي عن عليٍّ من وجوه، ورواه عن أبي الطُّفيل عن عليٍّ فِطْرٌ، ورواه معروف بن خرَّبُوذ".

(2)

هو زيد بن ثابت بن الضَّحَّاك الأنصاري الخزرجي، استُصْغِرَ يوم بدر، ويُقال إنه شهد أحدًا، كان من علماء الصحابة المشهورين، وهو الذي جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه. مات سنة =

ص: 350

فرواه أحمد في "مسنده"

(1)

، ولفظه: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-:

"إنِّي تَارِكٌ فيكم خليفتين: كتابَ الله عز وجل؛ حَبْلٌ ممدودٌ ما بين السَّماءِ والأرْضِ، أوْ ما بين السَّماءِ إلى الأَرْضِ، وعِتْرَتي أهْلَ بَيْتِي، وإنَّهما لن يتفرقا حتى يَرِدَا عليَّ الحَوْضَ"

(2)

.

75 -

وأمَّا حديثُ سَهْل

(3)

فقد تقدَّم مع خُزَيْمَة

(4)

.

76 -

وأمَّا حديث ضُمَيْرة الاْسلمي

(5)

:

فهو في "الموالاة" من حديث إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن حسين بن

= (42 هـ)"الإِصابة"(2/ 490)، و "النبلاء"(2/ 246).

(1)

(5/ 189) و (5/ 182).

(2)

إسنادُه حسنٌ بشواهده.

أخرجه أحمد، وعبد بن حميد في "مسنده"(ص 107) - رقم (240)، وابن أبي شيبة في "المصنَّف"(6/ 313) - رقم (31670)، وعنه الطبرانيُّ في "الكبير"(5/ 153 - 154) - رقم (4921، 4922، 4923)، وابن أبي عاصم في "السنة"(2/ 642 - 643) - رقم (1548، 1549)، والفسوي في "المعرفة والتارِيخ"(1/ 537)، وابن الأنباري كما عزاه المتَّقي في "الكنز"(1/ 186) - رقم (945)؛ كلُهم من طريق شَريك، عن الرُّكين بن الرَّبيع، عن القاسم بن حسَّان، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعًا.

شريك بن عبد الله النَّخعيُّ (صدوق سيِّئ الحفظ)، روى له مسلم في الشواهد والمتابعات. "التقريب"(ص 436)، والرُّكين بن الرَّبيع (ثقة). "التقريب"(ص 329)، روى له مسلم وأصحاب السُّنن. والقاسم بن حسَّان، هو العامري الكوفي، ذكره ابن حبَّان في "الثقات" (5/ 305). قال الحافظ:"مقبول". "التقريب"(ص 790).

(3)

هو سهل بن سعد بن مالك الأنصاري السَّاعديُ، كان اسمه في أول الأمر حزنًا، فسمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم سهلًا. روى عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة. "الإِصابة"(3/ 167)، و"النبلاء"(3/ 422).

(4)

انظر حديث رقم (73).

(5)

هو ضمَيْرة بن أبي ضمَيرة، مولى رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، له ولأبيه أبي ضُميرْة صحبة، وهو جدُّ حسين بن عبد الله بن أبي ضميرة. قال ابن حبان: ضُمَيْرة بن أبى ضمَيْرة الليثي. "أسد الغابة"(3/ 136)، و"الإصابة"(3/ 401).

ص: 351

عبد الله بن ضُمَيْرة، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: لمَّا انصرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من حجَّة الوداع أمر بشَجَراتٍ فَقُمِمْنَ بوادي خُمٍّ. وهجَّر

(1)

، فخطب النَّاس فقال:

"أمَّا بعدُ: أيُّها النَّاسُ! فإنِّي مقبوضٌ، أوشك أُدْعى فأُجيبُ، فما أنتم قائلون؟ ".

قالوا: "نشهد أنك قد بلغتَ، ونصحتَ، وأدَّيتَ".

قال: "إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تَضِلُّوا: كتابَ اللهِ، وعِتْرَتي أهْلَ بيتِي، ألا وإنَّهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ؛ فانظروا كيف تَخْلُفُوني فيهما"

(2)

.

(1)

التَّهجير: التبكير إلى كلِّ شيء والمبادرة إليه. يُقال: هجَّر يُهجِّر تهجيرًا. فهو مُهَجِّر، وهي لغة حجازية؛ أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة. "النهاية في غريب الحديث"(5/ 246).

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي. قال في حقِّه يحيى بن سعيد القطان: سألت مالكًا عنه: أكان ثقة؟ قال: لا، ولا ثقة في دينه. وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله عنه: كان قدريًّا جهميًّا؛ كلُّ بلاء فيه!

وقال في رواية أبي طالب: لا يُكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس ويضعها في كتبه. وقال أبو داود: كان رافضيًّا، شتَّامًا، مأبونًا. وقال العجلي: كان قدريًّا معتزليًّا، رافضيًّا. وقال النسائي، ويعقوب بن سفيان، والدَّارقطني، وابن حجر: متروك. وقال البخاري: تركه ابن المبارك والناس. وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: كذَّاب. وقال بشر بن المفضل: سألت فقهاء المدينة عنه فكلُّهم قالوا: كذَّاب، . وقال الذهبي: أحد العلماء الضعفاء. انظر: "التهذيب"(1/ 142)، و "الميزان"(1/ 182)، و"التقريب"(ص 115).

قلتُ: ومع كلِّ ما تقدَّم فقد وثَّقه الشافعي -وكان حسن الرأي فيه-، ومحمد بن سعيد الأصبهاني، وابن عُقدة.

قال الشافعى: "لأنْ يخرَّ إبراهيمُ من بُعْد أحبُّ إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث". اهـ. وقد اعتذر أبو حاتم وابنُ حبان للشافعي أخذه عنه، ومجالسته له -مع ما ذُكر من شدة تضعيف حديثه واتَّهامه بالكذب-، بأنَّ ذلك في حال الصَّبي، فحفظ عنه، فلما دخل مصر في آخر عمره وصنَّف لم تكن كتبه معه، فأودع الكتب أحاديث من حفظه فروى عنه، فتارة يكنِّي عنه ولا يُسمِّيه. انظر:"المجروحين"(1/ 107)، و "ضعفاء ابن الجوزي"(1/ 51). =

ص: 352

77 -

وأمَّا حديث عامر

(1)

:

فأخرجه ابن عُقْدة في "الموالاة" من طريق عبد الله بن سِنَان، عن أبي الطُّفيل، عن عامر بن ليلى بن ضَمْرَة، وحذيفة بن أَسِيد رضي الله عنهما قالا:

لمَّا صَدَرَ رسول الله -صلي الله عليه وسلم- من حجَّة الوداع ولم يحجَّ [ح 26/ أ] غيرها، حتى إذا كان بالجُحْفة نهى عن سَمُرَاتٍ بالبطحاء متقارباتٍ لا ينزلوا تحتهنَّ، حتى إذا نزل القومُ وأخذوا منازلهم سواهن، أرسل إليهنَّ فقُمَّ ما تحتهنَّ وسدين على رؤوس القوم، حتى إذا نُودي للصَّلاة عدا إليهنَّ فصلَّى تحتهنَّ، ثم انصرف على النَّاس، وذلك يومَ غَدِيرِ خُمٍّ؛ -وخُمٌّ من الجُحْفَة-، وله بها مسجدٌ معروفٌ.

= وقال ابن عقدة -وهو ممن وثَّقه-: "نظرتُ في حديث إبراهيم بن أبي يحيى كثيرًا، وليس هو منكر الحديث". قال ابن عدي معقِّبًا على كلام ابن عُقْدة: "وقد نظرتُ أنا أيضًا في حديثه الكثير، فلم أجد فيه منكرًا، إلَّا عن شيوخ يحتملون". وقال في آخر ترجمته: "وقد نظرتُ أنا في حديثه، وتحرَّيتُها، وفتشتُ الكلَّ منها فليس فيها حديث منكر، وإنما المنكر إذا كان العهدة من قَبلِ الراوي عنه، أو من قِبَلِ شيخة؛ لا من قِبَلِهِ، وهو في جُملة من يُكتب حديثه. وقد وثَّقه الشافعي، وابن الأصبهاني، وغيرهما". انظر: "الكامل في الضعفاء" لابن عدي (1/ 222).

قلتُ: وهذا الحديت الذي نحن بصدد الكلام عليه، إنما رواه إبراهيم الأسلمي عن شيخه: الحسين ابن عبد الله بن ضُميْرة؛ وهو كذَّاب متروك.

على أنه بنبغي أن يُعلم أن ابن عدي نَفْسَهِّ حَكَم على إبراهيم بن محمد الأسلمي بالضَّعف. فقد قال عنه في آخر ترجمة أبي جابر البياضي (6/ 2190): "ضعيف". وأشار إلى ضعفه أيضًا في آخر ترجمة داود بن حصين (3/ 960).

• وهذه أقوال أئمة الجرح والتعديل في شيخه الحسين:

قال الإمام مالك: كذَّاب. وقال أحمد: لا يساوي شيئًا، متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: منكر الحديث كذَّاب. وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون. وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جدِّه نسخة موضوعة. "الميزان"(2/ 293)، و"الضعفاء الكبير" 1/ 246)، و"الإكمال فيمن له رواية في المسند"(ص 98).

(1)

هو عامر بن ليلى بن ضَمْرَة. قال ابن حجر في "الإصابة"(3/ 484): ذكره ابن عقدة في "الموالاة"، وجوَّز أبو موسي المديني أن يكون هو نفسه عامر بن ليلى الغفاري، وتبعه ابن الأثير.

قلتُ: ورجَّح الحافظ أنهما مختلفان. وانظر: "أسد الغابه"(3/ 136).

ص: 353

فقال: "أَيُّها النَّاسُ! إنه قد نبَّأني اللطيفُ الخبيرُ أنه لن يُعَمَّر نبيٌّ إلَّا نصف عمر الذي يليه مَنْ قبله

"، وذكر الحديث.

والقصد منه قوله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّها النَّاس! أنا فَرَطُكُم، وإنَّكم واردون عليَّ الحوضَ، أعرضُ مما بين بُصْرَى وصَنْعَاء، فيه عدد النُّجُومِ قُدْحَان من فضة.

ألا وإِنِّي سائِلُكم حين تَرِدُون عليَّ عن الثَّقَلين، فانْظُروا كيف تَخْلُفُوني فيهما حين تلقُوني".

قالوا: "وما الثَّقَلان يا رسولَ اللهِ؟ ".

قال: "الثقَلُ الأكبرُ كتابُ الله؛ سببٌ طَرَفٌ بيد الله، وطَرَفٌ بأيديكم، فاسْتَمْسِكُوا به لا تَضِلُّوا ولا تُبدِّلوا. ألا وعِتْرَتي؛ فإنِّي قد نبَّأني اللطيفُ الخبيرُ ألا يتفرَّقا حتى يلقياني، وسألتُ ربي لهم ذلك فأَعطاني؛ فلا تَسْبقُوهم فتهْلكُوا، ولا تُعَلِّمُوهم، فهم أَعلمُ منكم"

(1)

.

ومن طريق ابن عُقْدة أورده أبو موسى المدينيُّ في "ذيله في الصَّحابة"

(2)

. وقال: "إنه غريبٌ جدًّا".

78 -

وأمَّا حديث عبد الرَّحمن بن عوف

(3)

:

فهو عند ابن أبي شيبة

(4)

، وعنه أبو يعلى

(5)

في "مسنديْهما"، وكذا أخرجه

(1)

لم أقف على إسناده تامًّا.

عبد الله بن سنان، هو أبو سنان الأودي الكوفي، من ثقات التابعين. قال ابن معين، وابن سعد، وابن حبان: ثقة. "الإكمال"(ص 237)، و "الثقات"(5/ 11)، ولم أقف على من تحته لأحكم على بقية رجاله.

(2)

ذيَّل أبي موسى المديني (ت 581 هـ) ذيلٌ على كتاب "معرفة الصحابة" لأبي نُعيم، والظاهر أنه لم يُطبع بعد.

(3)

هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. انظر ترجمته في: "الإصابة"(4/ 290)، و "أسد الغابة"(3/ 475)، و "تهذيب الأسماء"(1/ 300)، و "الرياض النضرة"(2/ 281)، و "النبلاء"(1/ 68).

(4)

في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4/ 242) - رقم (3921).

(5)

"مسند أبي يعلى"(2/ 165) - رقم (859) من طريق ابن أبي شيبة.

ص: 354

البزَّار في "مسنده"

(1)

[ح 26/ ب] أيضًا، ولفظه:

لمَّا فتح رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مكَّة انصرف إلى الطَّائف فحاصرها سبع عشرة، أو تسع عشرة، ثم قام خطيبَا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

"أوصِيكُم بِعِتْرَتي خيرًا، وإِنَّ مَوْعِدُكُمْ الحَوْضَ، والذي نَفْسِي بيده! لتقِيمُنَّ الصَّلاةَ، وَلتُؤتُن الزَّكاةَ، أوْ لأَبْعثنَّ إليكم رجلًا مني، أوْ كنَفْسِي يَضربُ أعْناقَكم! ".

ثم أخذ بيد عليٍّ رضي الله عنه؛ فقال: "هذا"

(2)

.

79 -

وأَمَّا حديث ابن عبَّاس

(3)

فأشار إليه الدَّيلميّ في "مسنده"

(4)

.

80 -

وأمَّا حديث ابن عمر

(5)

:

(1)

(3/ 223 - كشف) - رقم (2618) واللفظ له.

(2)

إسنادُة ضعيفٌ، لأجلِ طلحةَ بنِ جبرٍ، ويشهد له ما قبله وما بعده.

أخرجه ابن أبي شيبة، وأبو يعلى، والبزار ثلاثتُهم من طريق طلحة، عن المطلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. قال البزار عقبه:"لا نعلمه يُروى عن عبد الرحمن بن عوف إلَّا بهذا الإِسناد، ولا نعلم روى مصعب عن أبيه إلَّا هذا".

وفيه طلحة بن جَبْر؛ مختلفٌ في الاحتجاج به، وقد وهَّاه الجوزجانيّ فقال:"مذموم في حديثه، غير ثقة"! وقال ابن جرير الطبري: "طلحة هذا ممن لا تثبت بنقله حجَّة". وقال ابن معين: "لا شيء". وقال مرة: "ثقة"، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر:"الشجرة في أحوال الرجال" رقم (47)، و "المغني في الضعفاء"(1/ 500)، ووقع فيه:(ابن خَير)، و "لسان الميزان"(3/ 251)، ووقع فيه (ابن جبير)، و"ثقات ابن حبان"(4/ 394).

والحديت أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 134) وعزاه لأبي يعلى وحده، وقال في حقِّ طلحة:"وثَّقه ابن معين في رواية، وضعَّفه الجوزجاني". وقال في (9/ 163): "ضعيف". وقد عزاه للبزار فقط.

(3)

سبقت الإشارة إلى مصادر ترجمته (ص 230).

(4)

لم أقف عليه في "الفردوس".

(5)

هو الصحابي الجليل، عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نُفيل القرشي العدوي. ولد في السنة الثالثة من البعثة، وأسلم مع أبيه، وهاجر إلى المدينة وهو ابن عشر سنين، كان من المشهورين بالورع والعبادة والفقه. مات رضي الله عنه سنة (73 هـ)."أسد الغابة"(3/ 336)، و "الإصابة"(4/ 155).

ص: 355

فهو في "المعجم الأوسط"

(1)

للطبرانيِّ بلفظ: "آخر ما تكلَّم به رسوُل الله صلى الله عليه وسلم: اخلُفُوني في أهْلِ بَيتِي"

(2)

.

(1)

(4/ 333) - رقم (3860).

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

أخرجه من طريق ابن كاسب، عن الزبير بن حبيب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن عاصم بن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن عبيد الله إلَّا الزبير بن حبيب، تفرَّد به يعقوب بن حميد".

قلتُ: عاصم بن عبيد الله، وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب. ضعَّفه الحافظ في "التقريب"(ص 472)، والهيثمي في "المجمع"(9/ 163)؛ فهو ضعيف.

والزبير بن حَبيب، أورده الذهبي في "الميزان" (3/ 98) وقال:"فيه لين". وذكره أبو أحمد بن عدي في "الكامل"(3/ 1081)، وأورده له حديثًا بنفس هذا الإسناد واللفظ، إلَّا أنه قال فيه:"احفظوني في أهل ذمَّتي". ثم قال ابن عدي عقبه: "وهذا وإنْ كان عاصم بن عبيد الله ضعيفًا؛ فإنَّ الرَّاوي عنه لهذا الحديث الزبير بن حبيب، ولا أدري من أيِّهما البلاء فيه؟ ! "، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 584)، ولم يذكر فيه جرحًا. وابن حبان في "ثقاته"(6/ 331).

• تنبيه: جاء في "الطبراني" و "الميزان" و "اللسان" و "الكامل" تسميته: (الزبير بن حَبيب)، هكذا بفتح المهملة وكسر الباء، بينما في "الجرح والتعديل" و "ثقات ابن حبان" و "تاريخ بغداد": الزبير بن خُبَيب، بضم المعجم وفتح الباء وسكون الياء.

قلت: ولحديث ابن عمر شاهد بنحوه، أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 419) - رقم (721) من طريق الحسين بن إسماعيل بن النقاد، عن أبى جعفر بن بنت مطر، عن هاشم بن قاسم، عن شعبة، عن ابن عيينة، عن عبد العزيز، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"احْفَظُوني في عِترَتي".

قال الشيخ حمدي السلفي تعليقًا عليه: "لم أرَ هذا الحديث في مصدر آخر مما لديَّ، كما أني لم أر ترجمة لمن تحت هاشم بن القاسم". اهـ. ولم يحكم على الرواية بشيء.

أقولُ: عرفت بحمد الله شخصًا واحدًا ممن تحت هاشم بن القاسم -وبه نستطيع الحكم على الحديث-، وهو ابن بنت مطر، واسمه محمد بن سليمان بن هشام، أبو جعفر الخزَّاز، معروف بـ "ابن بنت مطر الورَّاق".

قال فيه ابن حبان في "المجروحين"(2/ 204): "منكر الحديث بين الثقات، كأنه يَسْرق الحديث، يعمد إلى أحاديث معروفة لأقوام بأعيانهم حدَّث بها عن شيوخهم، لا يجوز الاحتجاج به بحال". ولذا قال الحافظ في "التقريب"(ص 850): "ضعيف". وانظر: "التهذيب"(9/ 173)؛ فالإسناد ضعيف، وهاشم ومن فوقه ثقات؛ والله أعلم.

ص: 356

81، 82 - وأمَّا حديث عديِّ بن حاتم

(1)

، وعُقْبَة بن عامر

(2)

؛ فقد تقدَّم حديثُهما في خزيمة

(3)

.

83 -

وأمَّا حديثُ عليٍّ:

فهو عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"

(4)

من طريق كثير بن زيدٍ، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالبٍ، عن أبيه، عن جدِّه علي رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"قد تركتُ فيكم ما إِنْ أَخَذْتُمْ به لنْ تَضِلُّوا: كتابَ الله، سَبَبُهُ بيده، وسَبَبُهُ بأيديكم، وأَهْلَ بَيتِي"

(5)

.

(1)

هو عدي بن حاتم بن عبد الله الطائي، صحابي جليل، أبوه حاتم الطائي سيد طيّ المشهور بالجود والكرم في الجاهية. أسلم عديٌّ رضي الله عنه في السنة التاسعة للهجرة، وشهد فتوح العراق، وسكن الكوفة، شهد صفين مع علىٍّ بن أبي طالب. مات سنة (68 هـ). "الإصابة"(4/ 388)، و"تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 327).

(2)

هو عُقْبة بن عامر بن عبس الجهني، صحابي مشهور، كان قارئًا، عالمًا بالفرائض، والفقه، فصيح اللسان، شاعرًا، كاتبًا، وهو أحد من جمع القرآن. شهد الفتوح، وشهد أيضًا صفين مع معاوية، وأمَّره بعد ذلك على مصر. مات في خلافة معاوية رضي الله عنه على الصحيح. "الإصابة"(4/ 429)، و "النبلاء"(2/ 467).

(3)

انظر حديث رقم (73).

(4)

كما في "المطالب العالية"(4/ 252) - رقم (3943).

(5)

إسنادُهُ صحيحٌ.

أخرجه إسحاق في "مسنده" من طريق أبي عامر العَقَدي، عن كثير بن زيد به.

كثير بن زيد الأسلمي فيه كلام يسير، وقد روى عنه الأئمة الكبار كمالك بن أنس، ووكيع بن الجرَّاح. ولذا قال الحافظ في "التقريب" (ص 808):"صدوق يخطئ". والحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الصَّحة.

- وعزاه في "المطالب العالية"(4/ 65) لإسحاق وقال: "هذا إسناد صحيح". وبمثله في النُّسخة المسندة (4/ 252). ورواه ابن أبي عاصم في "السنَّة"(2/ 644) - رقم (1558) من طريق أبي عامر العقدي، عن كثير بن زيد به. والطحاوي في "مشكل الآثار"(2/ 211) - رقم (1900) من طريق أبي عامر العَقَدي به. =

ص: 357

وكذا رواه الدُّولابيُّ في"الذريَّة الطَّاهرة"

(1)

.

84 -

ورواه الجِعَابيُّ في "الطَّالبيّين" من حديث عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن عبد الله بن حسن، عن أبيه، عن جدِّه، عن عليِّ رضى الله عنه، أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:

"إِني مُخَلِّفٌ [ح 27/ أ] فيكم ما إِنْ تمّسَّكتُم به لن تَضِلُّوا: كتابَ اللهِ عز وجل، طَرُفُهُ بيد اللهِ وطَرَفُهُ

(2)

بأيديكم، وعِتْرَتي أَهْلَ بَيْتِي، ولن يتفرَّقا حتى يَردَا عليَّ الحَوْضَ"

(3)

.

85 -

ورواه البزَّار

(4)

بلفظ:

"إنِّي مقبوضٌ، وإنِّي قد تركتُ فيكم الثَّقلين -يعني كتاب الله، وأَهل بيتي-، وإنَّكم لن تَضِلُّوا بعدهما، وإنه لن تقومَ السَّاعةُ حتى يبْتَغى أَصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كما تُبْتَغي الضَّالةُ فلا تُوجد"

(5)

.

= وقد تحرَّف في المطبوع (كثير بن زيد) أحد رجال الإسناد إلى (يزيد بن كثير)، وهو إما من الطابع أو الناسخ، وقد نبَّه عليه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(4/ 375).

(1)

إسنادُهُ منقطعٌ.

أخرجه في "الذريَّة الطاهرة"(ص 121) - رقم (237) من طريق إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر العقدي، عن كثير بن زيد، عن محمد بن عمر بن علي، عن جدِّه. وفيه انقطاع بين محمد بن عمر وعلي بن أبي طالب؛ فإنَّه لم يدرك جدَّه عليًّا، فروايته عنه مرسلة. انظر "جامع التحصيل"(ص 328)، و"التهذيب"(9/ 312)، و "التقريب"(ص 881).

(2)

(بيد الله وطرفه): سقط من (م).

(3)

هذا الإسناد مما أشكل عليَّ؛ فإن عبد الله بن موسي لم أستطع تحديده بدقة، ولعله عبد الله بن موسي بن إبراهيم التَّيمي الطلحي، من ولد طلحة بن عبيد الله، وهو صدوق كثير الخطأ، من الثامنة. "التقريب"(ص 550)، وأما أبوه فلم أعثر له على ترجمة، وبقية رجاله موثَّقون.

(4)

في "مسنده"(3/ 221 - كشف) - رقم (2612).

(5)

إسنادُهُ ضعيفٌ، لأجل الحارث الأعور.

أخرجه البزار من طريق علي بن ثابت، عن سعيد بن سليمان [هكذا في المطبوع! والصواب سَعَّاد بن سليمان، فهو يروي عن السَّبيعيّ، وعنه علي بن ثابت. أخرج له ابن ماجه حديثًا واحدًا]، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليٍّ مرفوعًا. وفيه الحارث، وهو ابن عبد الله الأعور الهمداني، كذَّبه =

ص: 358

86 -

وأمَّا حديث أبي ذرٍّ

(1)

؛ فأشار إليه الترمذيُّ في "جامعه"

(2)

.

87 -

وأخرجه ابن عُقْدَة من حديث سَعْدِ بنِ طَرِيف، عن الأصْبَغ بن نبَاتة، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، أنه أخَذَ بحَلْقةِ بابِ الكَعْبَةِ فقال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنِّي تَارك فيكم الثَّقَلين: كتابَ اللَّه، وعِتْرَتي؛ فإنَّهما لن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوْضَ، فانْظُروا كيف تَخْلُفُوني فيهما"

(3)

.

= الشَّعبي في رأيه، رُمي بالرفض، وفي حديثه ضعف. "التقريب" (ص 211). وقال أبو زرعة وأبو حاتم الرازيَّان: لا يحتجُّ بحديثه. "التهذيب"(2/ 134)، وضعَّفه في "المجمع" (9/ 163) بسببه؛ فإنه قال:"وفيه الحارث، وهو ضعيف".

ويشهد له الأحاديث السَّابقة واللاحقة.

(1)

هو جندب بن جنادة بن سكن الغفاريّ، صحابيّ جليل، مختلفٌ في اسمه، مشهور بكنيتة، وهو من السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى المدينة بعد بدر، كان صادق اللهجة. مات بالرَّبذة وحيدًا سنة (32 هـ)، وصلَّى عليه ابن مسعود رضي الله عنهما. "أسد الغابة"(4/ 216)، و "الإصابة"(7/ 105).

(2)

(5/ 61) عقب رواية جابر بن عبد الله رقم (3786) بقوله: "وفي باب عن أبي ذرٍّ، وأبي سعيدٍ، وزيد بن أرقم، وحُذيفة بن أسيد".

(3)

إسنادُهُ واهٍ.

في رافضيَّان متروكان متَّهمان.

الأول: سَعْد بن طَرِيف الإسكاف الحنظلي الكوفي. قال النسائي والدارقطني: متروك.

وقال البخارى: ليس بالقوي عندهم. وقال الذهبي: شيعيٌّ واهٍ، ضعَّفوه. وقال الحافظ: متروك، ورماه ابن حبان بالوضع، وكان رافضيًّا. وقال ابن حبان: كان يضع الحديثَ على الفور.

قلتُ: هو صاحب حديث: "شِرَارُكُم معلِّمُوكم، أقلُّهم رحمةً على اليتيم، وأغلظهم على المسكين".

فقد روى ابن عدي في "الكامل"(5/ 1986) في ترجمة عبيد بن إسحاق العطار، من طريق ميمون بن زيد الأصبغ، عن عبيد بن إسحاق العطار، عن سيف بن عمر التَّميمي قال: كنت جالسًا عند سعد بن طريف الإسكاف إذ جاءه ابنٌ له يبكي! فقال: يا بُنيَّ! ما لك؟ قال: ضربني المعلِّم، قال: والله لأخزينَّهم اليوم! حدَّثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: وذكره. ورواه أيضًا في (3/ 1188) في ترجمة سعد الإسكاف نفسه. انظر: "الميزان"(3/ 181)، و"التهذيب"(3/ 412)، و"الكاشف"(1/ 429)، و"التقريب"(ص 369).

الثاني: شيخه أصْبَغ بن نُباتة الحنظلي الكوفي، كان رافضيًّا من الغُلاة. =

ص: 359

88 -

وأمَّا حديث أبي رَافِع

(1)

:

فهو عبد ابن عُقْدَة أيضًا من طريق محمد بن عبيد الله

(2)

بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدِّه أبي رافع مَوْلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال:

= قال أبو بكر بن عيَّاش: كذَّاب. قال النسائي وابن حبان: متروك. وقال الذهبي: تركوه. وقال ابن حبان أيصًا: فتنَ بحبِّ علي فأتى بالطَّامات؛ فاستحقَّ أن يُترك. وقال ابن عدي: بيِّن الضَّعف. وقال الحافظ: متروك، رُمي بالرفض.

- "الميزان"(1/ 436)، و"التهذيب"(1/ 328)، و "الكاشف"(1/ 254)، و"التقريب"(ص 151).

• وله طريقان آخران عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه:

أولهما: عن عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رجل حدَّثه، عن حنش قال: رأيتُ أبا ذرٍّ آخذًا بحلقة الكعبة وهو يقول: يا أيها النَّاس! أنا أبو ذرٍّ، فمن عرفني ألا وأنا أبو ذرٍّ الغِفَاريّ، لا أحدِّثكم إلا ما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، سمعته وهو يقول: "يا أيُّها النَّاس! إنِّي قد تركتُ فيكم الثَّقَلين: كتابَ الله عز وجل، وعِترَتي أهل بيتي

"، الحديث. أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/ 538).

وهذا الطريق حسن الإسناد، لولا جهالة الراوي عن حنش، فإنَّ رجاله رجال الصحيح خلا حَنَش بن المعتمر، وهو "صدوق له أوهام" كما في "التقريب"(ص 278)، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي في "الخصائص".

ثانيهما: عن الحسين بن الخِبريّ، عن الحسن بن الحسين العربي، عن علي بن الحسين العبدريّ، عن محمد بن رستم أبي الصَّامت الضَّبِّيِّ، عن زاذان أبي عمر، عنه رضي الله عنه. أخرجه ابن الأبار في "معجمه"(ص 88).

ورجال هذا الطريق لم أحد تراجمهم، سوى زاذان، وهو أبو عمر الكندي البزاز، أخرج له مسلم والأربعة. وهو (ثقة).

وثقه ابن معين، والعجلي، وابن سعد، وابن حبَّان وقال: كان يُخطئ كثيرًا، والخطيب، والذهبيُّ. انظر:"التهذيب"(3/ 269)، و "الثقات"(4/ 265)، و "الكاشف"(1/ 400).

(1)

هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسمه إبراهيم، ويقال: أسلم، ويقال: ثابت، ويقال: هرمز. رُوي أنه كان عبدًا للعبَّاس بن المطلب، فوهبه للنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا بشَّره بإسلام العبَّاس أعتقه. شهد أحدًا، والخندق، وما بعدهما. مات بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وقيل قبله. وقيل في خلافة عليَّ. "الإصابة"(7/ 112)، و "تهذيب التهذيب"(12/ 82).

(2)

في الأصل (ح): محمد بن عبد الله، وفي سائر النسخ: محمد بن عبيد الله، وهو الصواب.

ص: 360

لمَّا نَزَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غَدِيرَ خُمٍّ مَصْدرَهُ من حجَّة الوداع قام خطيبًا بالنَّاس بالهَاجِرة فقال: "أَيُّها النَّاسُ!

" وذكر الحديث، ولفظه:

"إِنِّي تركتُ فيكم الثَّقَلين، الثَّقَل الأكبر، والثَّقَل الأَصغر: فأمَّا الثَّقَلُ الأكبرُ فَبيَدِ الله طرفه، والطرفُ الآخرُ بأيديكم، وهو كتابُ الله، إنْ تمسَّكتُم به فلن تَضِلُّوا، وَلَنْ تَذِلُوا أَبَدًا. وأمَّا الثَّقَلُ الأَصغرُ؛ فعِتْرَتي أهْلُ بَيْتِي.

إن الله [ح 27/ ب] هو الخبير أخبرني أَنهما لن يَفْتَرِقَا

(1)

حتى يَرِدَا عليَّ الحوض، وسألته ذلك لهما. والحوض عرضه ما بين بُصْرَى وصنعاء، فيه من الآنية عَدَدُ الكواكبِ، والله سائِلُكم كيف خَلَفْتُمُوني في كتابه وأهْلِ بَيْتِي

"، الحديث

(2)

.

(1)

في (م)، و (ز): يتفرَّقا.

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

فيه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع. قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا؛ ذاهب. وقال الدارقطني: متروك الحديث، له معضلات. وقال ابن عدي: هو في عداد شيعة الكوفة، يروي في الفضائل أشياء لا يُتابع عليها، وقال الهيثمي في "المجمع": منكر الحديث. وقال في موضع آخر: ضعيف عند الجمهور، ووثقه ابن حبان (7/ 400). وقال الحافظ: ضعيف. انظر: "التاريخ الكبير"(1/ 171)، و "الجرح والتعديل"(8/ 2)، و"التهذيب"(9/ 277)، و "الميزان"(6/ 246)، و"مجمع الزوائد"(1/ 131)، و (6/ 114)، و"التقريب"(ص 874).

قلتُ: وشطره الأخير أخرج نحوه ابن أبي عاصم في "السنَّة"(2/ 627) - رقم (1465) من طريق ابن كاسب، عن إبراهيم بن محمد بن ثابت، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن جبير بن مطعم مرفوعًا، ولفظه:"ألستُ مولاكم؟ ألستُ خيركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فإنِّي فَرَطكم على الحوض يوم القيامة، والله سائلكم عن اثنين: عن القرآن، وعن عتْرَتي".

وإسناده معلولٌ بالإرسال، فإنَّ المطلب بن حنطب تُكلّم في سماعه من الصحابة، وسيأتي الكلام مُستوفى على هذا الإسناد قريبًا -إن شاء الله- عند الحديث رقم (94).

- وعزا السُّيوطي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحوه في "مسند علي" من "الجامع الكبير" برقم (596) إلى أبي نُعيم في الحلية" وقال: "وفيه إبراهيم بن اليسع، واهٍ". اهـ. ولم أقف عليه في "حلية الأولياء".

ص: 361

89 -

وَأَمَّا حديثُ أبي شُرَيْح

(1)

، وأبي قُدَامة

(2)

؛ فقد تقدَّما في خُزَيْمَة

(3)

.

90 -

وَأَمَّا حديثُ أبي هريرة

(4)

:

فهو عند البزَّار في "مسنده"

(5)

بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني خَلَّفتُ فيكم اثنين لن تَضِلُّوا بعدهما أبدًا: كتابَ الله، ونَسَبِي، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحَوْضَ"

(6)

.

(1)

هو الصحابي الجليل أبو شُريح الخُزاعي، واسمه خويلد بن عمرو الخُزاعي، وقيل: غير ذلك. من بني عدي بن عمرو بن ربيعة. أسلم قبل الفتح، وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح. روى عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أحاديث، ومات بالمدينة سنة (68 هـ)."الإصابة"(7/ 173)، و "تهذيب الأسماء واللغات"(2/ 243).

(2)

هو أبو قُدامة الأنصاري، قيل: هو أبو قدامة بن الحارث، من بني عبد مناة من بني عُبيد. ويقال: أبو قدامة بن سهل بن الحارث. شهد أحدًا، وله فيها أثر حسن، وبقي بها حتى قُتل مع علي بصفين، رضي الله عنهما. "أسد الغابة"(6/ 246)، و"الإصابة"(7/ 274).

(3)

انظر حديث رقم (73).

(4)

هو صحابي شهير من دَوْس، أحفظ الصحابة لأخبار رسول الله -صلي الله عليه وسلم-. انظر ترجمته في:"الإصابة"(7/ 348)، و"أسد الغابة"(6/ 3131)، و"الاستيعاب"(4/ 332)، و "تهذيب التهذيب"(12/ 237)، و "حلية الأولياء"(1/ 376)، و "غاية النهاية في طبقات القراء"(1/ 370).

(5)

(3/ 223 - كشف) - رقم (2617).

(6)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

أخرجه البزار من طريق صالح بن موسي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم

وذكره.

قلتُ: مداره على صالح بن موسي بن إسحاق الطلحي، وهو متروك الحديث.

قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا، كثير المناكير عن الثقات. وقال النسائي وأبو نعيم والحافظ ابن حجر: متروك. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الذهبي: واهٍ. انظر: "التهذيب"(4/ 369)، و"المجروحين"(1/ 369)، و"التاريخ الكبير"(4/ 291)، و "التقريب"(ص 448)، و "الكاشف" (1/ 499). واضطرب الهيثمي في "المجمع" في حاله على عادته في الحكم على الرجال: فقال في (9/ 163): ضعيف! وهذا من تسامحه رحمه الله. ومثله في (2/ 280)! وقال في (2/ 32) و (9/ 148)، و (4/ 35): متروك؛ فأصاب في المواضع الثلاثة. وقال في (1/ 298): منكر الحديث.

ص: 362

91 -

وأَمَّا حديثُ أبي الهيثم

(1)

، ورجالٍ من قريش؛ فقد تقدَّموا في خُزَيمَة

(2)

.

92 -

وأَمَّا حديثُ أُمِّ سَلَمَةَ

(3)

:

فهو عند ابن عُقْدَة من حديث هارون بن خَارجة، عن فاطمة ابنة علي، عن أُمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عليٍّ رضي الله عنه بغَدِيرِ خُمٍّ فرفعها حتى رَأيْنَا بَيَاضَ إبطِهِ فقال: "مَنْ كنت مولاه

"، الحديث؛ وفيه، ثم قال:

"يا أَيُّها النَّاسُ! إِنِّي مُخَلِّفٌ فيكم الثَّقَلين: كتابَ اللهِ وعِتْرَتي، ولن يتفرَّقا حتى يَرِدَا عليَّ الحوضَ"

(4)

.

93 -

وأَمَّا حديثُ أُمِّ هانئ

(5)

:

فهو عنده

(6)

أيضًا من حديث عمرو بن سعيد بن عمرو بن جَعْدة بن هُبيْرة، عن أبيه، [ح 28 / أ] عن أبيه أنه سمعها تقول: رجع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- من حجَّته حتى إذا كان بغَدِير خُمٍّ أمَرَ بدَوْحَاتٍ

(7)

فَقُمِمْنَ، ثم قام خطيبًا بالهَاجِرة فقال:

"أَمَّا بعدُ: أيُّها النَّاسُ! فإنِّي مُوشِكٌ أنْ أُدْعَى فأُجيب، وقد تركتُ فيكم ما

(8)

لم

(1)

هو أبو الهيثم مالك بن التَّيَّهان بن مالك بن عتيك الأنصاري الأوسي. شهد العقبة، وكان أحد النقباء. شهد المشاهد مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، ومات سنة (20 هـ) أو (21 هـ). وقيل: إنه أدرك صفين وشهدها مع عليٍّ وقتل بها، وهو الأكثر. "الإصابة"(7/ 365)، و "أسد الغابة"(6/ 317).

(2)

انظر حديث رقم (73).

(3)

سبقت ترجمتها.

(4)

في إسناده مَنْ لا يُعرف.

هارون بن خارجة لم أجد له ترجمة، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب الراوي عنها (ثقة). التقريب" (ص 1367).

(5)

سبقت ترجمتها.

(6)

كذا بالأصل، وفي (ز)؛ فحديثها عنده.

(7)

الدَّوحَة: هي الشَّجرة العظيمة. "النهاية في غريب الحديث"(2/ 138).

(8)

(م) سقطت من الأصل، وأثبتناها من (م)، و (ز)، والسياق يقتضيها.

ص: 363

تَضِلُّوا بعده أبدًا؛ كتابَ اللَّهِ، طَرَف بيد الله، وطَرَفٌ بأيديكم، وعِتْرَتي أهْلَ بَيتِي؛ أُذَكركُم الله في أهْلِ بَيْتِي، ألا إنهما لن يتفرَّقا خى يَرِدا عليَّ الحوض"

(1)

.

• وهذه إشارةٌ إلى شيءٍ من فوائد هذا الحديث:

فالثَّقَلان -وهما كما تقدَّم-: كتابُ الله، والعِتْرَةُ الطيِّبةُ؛ إنَّما سمَاهما

(2)

بذلك إعظامًا لقدرهما، وتفخيمًا لشأنهما؛ فإنه يقال لكلِّ شيء خطيرٍ نفيسٍ: ثقيلٌ.

وأيضًا فلأنَّ الأخذَ بهما، والعملَ بهما ثقيل

(3)

.

ومنه قوله تعالى: {سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)}

(4)

؛ أي له وَزْن وقَدْرٌ، أو لأنه لا يؤدَّى إلَّا بتكلُّف

(5)

ما يَثْقُل

(6)

. وكذا قيل للجنِّ والإِنس الثَّقَلان؛ لكونهما قُطَّان الأرض

(7)

، وفُضِّلا بالتمييز على سائر الحيوان.

(1)

في إسناده مَنْ لا يُعرف.

عمرو بن سعيد بن عمرو لم أجد له ترجمة. وأبوه سعيد بن عمرو بن جعدة؛ وثَّقه ابن حبان (6/ 370)، وابن شاهين (426)، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 51) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وانظر:"الإكمال في ذكر من له رواية في المسند"(ص 166)، و "تعجيل المنفعة"(ص 185)، و "ذيل الكاشف"(ص 120).

وجدُّه عمرو بن جعدة بن هُبيرة الراوي عن جدَّته أمِّ هانئ لم أجد له ترجمة أيضًا. ونقل الشيخ الألباني عن الحافظ العراقي في كتابه "محجة القُرب في محبة العرب" أنه قال في عمرو بن جعدة: "لم أجد فيه تعديلًا ولا تجريحًا، وهو ابن أخت علي بن أبي طالب، وهو أخو يحيى بن جعدة بن هُبيرة أحد الثقات". انظر: "السلسلة الصحيحة"(4/ 586).

قلتُ: ولم يذكر المصنِّف عمرو بن جعدة هذا في ولد جَعْدَة بن هُبيرة لمَّا ذكر أولاده في المقدِّمة، وإنما ذكر يحيى بن جعدة آنف الذكر. راجع (ص 266).

(2)

في الأصل: (سمَّاها)، والتصويب من (م)، و (ز)، و (ك)، وذلك لمقتضي السياق.

(3)

انظر: "النهاية فى غريب الحديث والأثر"(1/ 216)، و "لسان العرب"(11/ 88) - مادة (ثَقَلَ).

(4)

المزمل (آية: 5).

(5)

كذا بالأصل، وفي (م)، و (ز)، و (ك): بتكليف. وفي (م): ما؛ مكررة.

(6)

انظر: "تفسير ابن كثير"(7/ 143).

(7)

القُطَّان: المقيمون، مأخوذ من قولهم: قطَنَ بالمكان، إذا أقام به وتوطَّن."لسان العرب" =

ص: 364

وناهِيك بهذا الحديثِ العظيمِ فَخْرًا لأهْلِ بَيتِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

(1)

؛ لأنَّ قوله صلى الله عليه وسلم:

= (13/ 343) - مادة (قَطَنَ). وذكر الكَفَوي في "الكليات"(ص 323) أن الجنَّ والإنس سُمِّيا ثقلين؛ لكونهما ثقلين على وجه الأرض، وهي كالحمولة لهما، أو لأنهما مُثْقَلان بالتكليف.

(1)

لديَّ ههنا أربعة تعليقات حول "حديث الثَّقلين"، أودُّ أنْ أختمَ بها تخريجه؛ فأقول مستعينًا بالله تعالى:

* التعليق الأول: أن المراد بالعِتْرة فى الحديث هم بنو هاشم، سواء كانوا علويين، أم جعفريين، أم عَقيليين، أم عبَّاسيين، ويُؤيِّد ذلك ماء جاء في بعض طرق الحديث:"وعِترَتي أهل بيتي"، خلافًا لما عليه جمهور الرَّافضة مِنْ أن المراد بهم الأئمة الإثني عشر عندهم!

قال محمد حسن المظفر -وهو رافضىٌّ معاصرٌ- في كتابه: "الثَّقلان! الكتاب والعتْرة"(ص 127) بعد كلام طويل في تأكيد هذا التخصيص"

فلا ريب إذن بعد إمعان النظر والفكر والرواية في أن الحديت الشَّريف لا يريد غير الأئمة الإثني عشر من أهل البيت، وهم الذين دلَّت الأخبار والآثار على ما لهم من علمٍ وفضلٍ، ومعرفه وصلاح لا يُدانيم فيها بشرٌ بعد الرسول (ص 1). وهم الذين ورثوا العلم والفضيلة عن الرَّسول عن الوحي عن الفيض الأعلى. وهم الذين بقيت سلسلتهم محفوظة بوجود المهدي المنتظر. وهم الذين يصدق عليهم إلى اليوم أنهم قرناء الكتاب، وأنَّ الثَّقَلين بوجود غائبهم ما زالا باقيين". اهـ كلامه.

ومثله كلام السَّيِّد مهدي الصدر -وهو رافضيٌّ أيضًا- في كتابه: "أخلاق أهل البيت"(ص 223)، إذ يقول:"ولا ريب أن المراد بأهل البيت عليهم السلام (! ) هم الأئمة الإثنا عشر المعصومون صلوات الله عليهم (! ) دون سواهم؛ لأنَّ هذه الخصائص الجليلة، والمزايا الفذّة، لا يستحقها إلَّا حجج الله تعالى على العباد، وخلفاء رسوله الميامين". وانظر ما قاله الشيخ الألباني في "الصحيحة"(4/ 359).

* التعليق الثاني: أنّ الثَّقَل الأصغرَ (العِتْرَة الطاهرة- أهل البيت) الذي أُمِرْنا بالتمسُّك به؛ هم العلماء منهم خاصة دون مَنْ سواهم.

قال الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"(1/ 164): "وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يتفرَّقا حتي يردا عليَّ الحوض)، وقوله صلى الله عليه وسلم:(وإنْ أخذتم به لن تضلوا) واقعٌ على الأئمة منهم السَّادة لا على غيرهم، وليس بالمسيء المخلِّط قدوة؛ وكانن منهم المخلِّطون والمسيئون؛ لأنهم لم يغْروا من شهوات الآدميين، ولا عُصِمُوا عصمة النبيِّين. وكذلك كتاب الله تعالى من قبل، ما منه ناسخ ومنسوخ، فكما ارتفع الحكم بالمنسوخ منه، كذلك ارتفعت القدوة بالمخذولين منهم؛ وإنما يلزمنا الاقتداء بالفقهاء العلماء منهم بالفقه والعلم الذي ضمن الله تعالى بين أحشائهم، لا بالأصل والعنصر.

فإنما يلي الأمر منا مَنْ فهم عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ما يهم الحاجة إليه من العلم في أمر شريعته

".

إلى أنْ قال رحمه الله تعالى: "وإنما أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نرى إليهم؛ لأن العنصر إذا طاب (في =

ص: 365

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المطبوع: طلب. والتصويب من "الشرف المؤبد" ص 51) كان معينًا لهم على فهم ما يحتاج إليه، وطيب العنصر يؤدي إلى محاسن الأخلاق، ومحاسن الأخلاق تؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته، وإذا نزه القلب وصفا كان النور أعظم، وأشرق (في المطبوع: أشرف) الصدر بنوره، فكان ذلك عونًا له على درك ما به الحاجة إليه من شريعته". اهـ.

وقال العلَّامة السَّمْهوديُّ رحمه الله تعالى، وهو من علماء أهل البيت ممن عاصر المؤلِّف (ت 911 هـ) في كتابه "جواهر العقدين في فضل الشَّرفين" (ص 243) ما نصُّه:"الذين وقع الحثّ على التَّمسُّك بهم من أهل البيت النَّبويِّ والعتْرة الطَّاهرة؛ هم العلماء بكتاب الله عز وجل، إذ لا يحثُّ صلى الله عليه وآله وسلم على التَّمسّك بغيرهم، وهم الذين لا يقع بينهم وبين الكتاب افتراق حتي يردوا على الحوض .. " إلخ كلامه. وأعاده في كتابه "الجوهر الشَّفَّاف في فضائل الأشراف"(ق 34/ أ) -مخطوط بمكتبة الحرم المكي برقم (2629).

وفي هذا السِّياق يقول الشَّيخ ملا علي قاري رحمه الله تعالى في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"(10/ 531)"أقول: الأظهر هو أنَّ أهل البيت غالبًا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم، المطَّلِعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته. وبهذا يصلح أن يكونوا مقابلًا لكتاب الله سبحانه كما قال: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2] ".

ووافقه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(4/ 360 - 361) وزاد رحمه الله مُعقِّبًا: "قلتُ: والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنة الخلفاء الراشدين مع سنته صلى الله عليه وسلم في قولة (فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الرَّاشدين) " اهـ. وانظر: "شرح الطيبي على مشكاة المصابيح"(11/ 298 - 299).

* التعليق الثالث: هذا الحديث -حديث الثَّقلين- لا يدلُّ من قريب ولا من بعيد على عصمة أهل البيت؛ فإنَّ العصمة لكتاب الله الكريم، وأنبيائه ورسله عليهم الصَّلاة والسَّلام؛ خلافًا لما عليه كافة الشِّيعة، المدَّعون عصمة عِترَة أهل بيت رسول الله -صلي الله عليه وسلم-. ومنهم صاحب كتاب "الثقلان -الكتاب والعِترة"، فقد عقد فصلًا سمَّاه:(أهل البيت معصومون)(ص 137).

وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن القول بعصمة أئمة أهل البيت وأنهم كالأنبياء في ذلك؛ خاصٌّ بالرَّافضة الإمامية لم يشركهم فيها أحد، لا الزيديَّة الشِّيعة ولا سائر طوائف المسلمين. ودعوى العصْمة تُضاهي المشاركة في النبوَّة؛ فإنَّ المعصومَ يجب اتباعه في كلِّ ما يقول، لا يجوز أن يخالف في شيء، وهذه خاصة بالأنبياء، ولهذا أُمِرنا أن نؤمنَ بما أنزل إليهم. انظر "منهاج السنَّة النبوية"(2/ 42 - بتصرف).

وقال الحكيم الترمذي في "النوادر"(1/ 163) في الكلام على أهل البيت: "

فهم صَفْوَة، =

ص: 366

"انظروا كيف تَخْلُفُوني فيهما"، وَ "أوصِيكُمْ بِعِترَتي خيرًا"، وَ "أُذكِّركُم اللَّهَ في أهْلِ بَيْتِي"، على اختلاف الألفاظ في الرِّوايات التي أوْرَدّتُها

(1)

؛ تتضمَّن الحثَّ على المودَّةِ لهم، والإِحسان إليهم، والمحافظةِ بهم، واحترامِهِم، وإكرامِهِم، وتأديةِ حقوقِهِم الواجبةِ والمستحبةِ؛ فإنهم من ذريّةٍ طاهرةٍ، [ح 28/ ب] من أشرفِ من وُجِدَ على وجهِ الأرضِ فَخْرًا وحَسَبًا ونَسَبًا، ولا سيَّما إذا كانوا متَّبعين للسُّنَّة النَّبويَّة الصَّحيحة الواضحة الجليَّة، كما كان عليه سَلَفُهم، كالعبَّاسِ وبَنِيه، وعليٍّ وآلِ بيته وذويه رضي الله عنهم

(2)

.

• وكذا يتضمَّن تقديم المتأهِّل منهم للولايات على غيره

(3)

، بل في قوله صلى الله عليه وسلم كما تقدَّم

(4)

: "لا تَقَدَّمُوهَا فتَهْلَكُوا، ولا تُقَصِّروا عنها فتَهْلَكُوا، ولا تُعَلِّمُوهم؛ فإنَّهم أَعلمُ منكم"؛ إشارة إلى ما جاءت به الأحاديث الصَّريحة من كون الخلافة في قريش،

= وليسوا بأهل عِصْمَة، وإنما العصمة للنبيين عليهم السلام".

* التعليق الرابع: جاء في بعض طرق الحديث (حديث الثَّقَلين): "مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه"، وفي ذلك سببٌ لطيفٌ؛ ذكره الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"(5/ 183)، وابن حجر المكي في "الصواعق المحرقة" (1/ 109)؛ ومفاده:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا بعث عليًّا إلى اليمن، حصل بينه وبين بعض رفاقه جفْوة وصدود! بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنَّها بعضهم جورًا وتضييقًا وبخلًا؛ والصواب كان معه في ذلك.

فتكلَّم فيه بعضهم، ونَقصَه إلى النبي صلى الله عليه وسلم! فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتغير وجهه ويقول:"يا بريدة! ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ". قال: بلى يا رسول الله! قال: "من كنت مولاه فعليٌّ مولاه".

ولهذا لمَّا تفرَّغ صلى الله عليه وسلم من بيان المناسك، ورجع إلى المدينة بين ذلك أثناء الطريق؛ فخطب خطبة عظيمة في يوم غدير خمٍّ، فبيَّن أشياء، وذكر من فضل عليٍّ، وأمانته، وعدله، وقربه إليه، ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه

ثم ساق ابن كثير رحمه الله تعالى (5/ 184 - 188) الأحاديث الواردة في ذلك، وبيَّن ما فيها من صحيح وضعيف؛ فانظرها في موضعها. وبالله تعالى التوفيق.

(1)

سبق ذكر تلك الروايات والكلام عليها -قريبًا- بحمد الله.

(2)

قارن هذا الموضع بـ "تفسير القرآن العظيم" للحافظ ابن كتير (6/ 199).

(3)

انظر "جواهر العقدين" للسَّمهودي (ص 244)، و "الصواعق المحرقة" للهيثمي

(2/ 442).

(4)

هذا سبق قلمٍ من المؤلف، فلم يسبق حديث بهذا اللفظ، وإنما ستأتي الأحاديث الدالة عليه قريبًا.

ص: 367

ووجوب الانقياد لهم فيما لا معصية فيه.

• فمن ذلك:

94 -

عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"يا أَيُّها النَّاسُ! لا تَقَدَّمُوا قريشا فتَهْلكُوا، ولا تَخَلَّفُوا عنها فَتَضِلُّوا، ولا تُعَلِّمُوها، وتَعَلَّمُوا منها؛ فإنَّهم أَعْلمُ مِنكُمْ. لولا أَنْ تَبْطَرَ قريشٌ لأَخْبَرْتهَا بالذي لها عند الله عز وجل"، أخرجه البيهقيُّ

(1)

.

(1)

إسنادُهُ معلولٌ بالإرسال، والحديثُ صحيحٌ كما سيأتي.

أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 22)، من طريق يعقوب بن حميد، عن إبراهيم بن محمد بن ثابت، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن جبير بن مطعم مرفوعًا. وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(2/ 636 - 637) - رقم (1518، 1521) بالإسناد نفسه مختصرًا.

يعقوب بن حميد، هو ابن كاسب، وقد يُنسب لجدِّه. قال في "التقريب" (ص 1088):"صدوق ربما وهم".

وإبراهيم بن محمد ثابت، هو ابن شراحيل، من بني عبد الدار بن قصي القرشي المدني. فيه كلام يسير. فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 5). وقال فيه أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (2/ 125):"صدوق". وذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 320)، ولم يذكر فيه جرحًا. وقال الذهبي في "الميزان" (1/ 181):"ذو مناكير". وقال المصنِّف في "التحفة اللطيفة"(1/ 85) في آخر ترجمته: "

وأنه صالح الحديث، وله ما يُنكر".

وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب. "ثقة ربما وهم". "التقريب"(ص 742). والمطلب بن عبد الله بن حنطب "صدوق كثير التدليس والإرسال""التقريب"(ص 949). ولا أدري هل سمع من جُبير بن مطعم أم لا؟

قال ابن أبي حاتم في "المراسيل"(ص 164): "سمعتُ أبي -وذكر المطلب بن حنطب- فقال: عامة روايته مرسل". اهـ. وتعجَّب أبو حاتم من روايته عن الصحابة وأنه أدركهم! وصرَّح بأنه إنما يروي عن التابعين. وأوضح في "الجرح والتعديل"(8/ 359) أن روايته عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي موسي، وأُمِّ سلمة، وعائشة، وأبي قتادة، وأبي هريرة، وأبي رافع؛ كلّها مرسلة، وجابر يشبه أن يكون أدركه؛ فهذه علة في الإسناد. وانظر:"جامع التحصيل في أحكام المراسيل"(ص 347).

قلتُ: وقد ذكر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى فى "تحقيقه لرسالة الشافعي"(ص 93 - 103) إشكالًا في المطَّلب بن حنطب، وذكر أنهم أربعة أشخاص، ولم يستطع الجزم بشيء، إلَّا أنه رجَّح أنَّ =

ص: 368

95 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"النَّاسُ تَبَعٌ لقريشٍ في هذا الشَّأن، مُسْلِمُهم تَبَعٌ لمسْلِمِهم، وكَافِرُهُم تَبَعٌ لِكَافِرِهِم، فالنَّاس مَعَادِن؛ خِيارُهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فَقُهُوا". متَّفق عليه

(1)

.

96 -

وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّ هذا الأمرَ في قريش، لا يُعَادِيهم أَحدٌ إلَّا أكبَّه الله على وَجْهِهِ؛ ما أَقاموا الدِّين". أخرجه البخاري

(2)

.

97 -

وعن [ح 29 / أ] جابرٍ رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

= المطلب الذي يروي عنه عمرو بن أبي عمرو من صغار الصحابة، من طبقة عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنه روى عن عمر بن الخطاب. وذكر أنَّ من اليقين الذي لا يدخله الشك -على حدِّ تعبيره- أنه إنْ لم يكن صحابيًّا فهو من كبار التابعين. هذا ملخص ما ذكره أبو الأشبال فى "الرسالة" فراجعه فإنه في غاية النَّفاسة. والله أعلم بالصواب.

• وله شاهدٌ أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، لكنه مرسل، كما قال الحافظ في "الفتح"(6/ 530).

قلتُ: هو في "المصنَّف"(11/ 54) - رقم (19893)، من طريق معمر، عن الزهري، عن سليمان ابن أبي حَثْمة أنَّ رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال:"لا تُعلَّموا قريشًا وتعلَّموا منها، ولا تتأخَّروا عنها".

وفيه سليمان بن أبي حَثمة، الصحيح أنه من كبار التابعين، لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم. انظر:"الإصابة"(3/ 200)، و "أسد الغابة"(2/ 547).

• ولقوله: "لولا أن تبطر قريش" شاهدٌ من حديث البراء رضي الله عنه؛ أخرجه أبو نُعيم في "تاريخ أصبهان"(2/ 235) - في ترجمة محمد بن عبيد الله بن شهاب.

- وقد أخرج البيهقي في "مناقب الشافعي" طُرقًا كثيرة للحديث؛ انظر: (1/ 28، 153)، و (1/ 24 - 25)، و (1/ 21، 33).

(1)

أخرجه البخاري في كتاب المناقب - باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى

} الآية (6/ 526 - فتح) - رقم (3495، 3496).

- ومسلم في كتاب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش (3/ 1451) - رقم (1818) كلاهما من طريق أبي الزَّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

في المناقب - باب مناقب قريش (6/ 533 - فتح) - رقم (3500)، من طريق الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

ص: 369

"النَّاس تَبَعٌ لقريش في الخيْر والشَّرِّ". أخرجه مسلم

(1)

.

98 -

وعن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "الأمَرَاءُ في قُرَيْش ثلاثًا، ما حَكَمُوا فَعَدَلُوا، واسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، وعَاهَدوا فَوَفُّوا"

(2)

.

(1)

في الإِمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش (3/ 1451) - رقم (1819)، من طريق ابن جُريج، عن أبي الزببر أنه سمع حابر بن عبد الله يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم

وذكره.

(2)

إسنادُهُ صحيحٌ، رجاله ثقات.

أخرجه أحمد (4/ 421)، من طريق أبى داود الطيالسي، عن سكيْن، عن سيَّار بن سلامة، عن أبي برزة مرفوعًا، وتمامه:"فمن لم يفعل ذلك منهم، فعليه لعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين".

أبو داود الطيالسي، إمام حافظ مجمع على توثيقه."التقريب"(ص 406).

وسكَيْن: هو ابن عبد العزيز العبدي، فيه كلام يسير. وقد وثَّقه ابن معين، والعجلي، وابن حبان. وقال أبو حاتم وابن عدي: لا بأس به. "التهذيب"(4/ 114). ولذا قال الحافظ في "التقريب"(ص 396): "صدوق يروي عن ضعفاء".

قلتُ: وروايته ههنا عن ثقة، وهو:

سيار بن سَلامة، هو أبو المِنْهال البصري الرِّياحي. قال في "التقريب" (ص 427):"ثقة".

قال الهيثمي في "المجمع"(5/ 193): "ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا سُكَين بن عبد العزيز، وهو ثقة".

- والحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في "المسند"(ص 125) - رقم (926) بلفظ: "الأئمة من قريش

". وأبو يعلى (6/ 323) - رقم (3645) من طريق إبراهيم بن الحجاج، عن سكيَن به. وفيه قصة.

- والبزار (2/ 230 - كشف) - رقم (1583)، من طريق محمد بن الفضل، عن سُكَين به. وقال:"لا نعلمه عن أبي برزة إلا بهذا الإسناد، وسُكَين بصري مشهور".

• والحديث مرويٌّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه بإسنادٍ صحيح أيضًا:

أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(ص 284) - رقم (2133)، وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 171)، وأبو يعلى في "مسنده"(6/ 321) - رقم (3644)، وكذا في "معجم شيوخه"(ص 205) - رقم (158)، والبزار في مسنده (2/ 228 - كشف) - رقم (1578)، وقال: لا نعلم أسند سعد عن أنس إلَّا هذا، والبيهقي في "الكبرى"(8/ 247 - ط دار الكتب العلمية) - رقم (16542) ، كتاب قال أهل البغي- باب الأئمة من قريش، جميعهم من طرقٍ عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أنس مرفوعًا.

وإبراهيم بن سعد، هو ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف؛ هو وأبوه ثقتان. "التقريب"(ص 108، 367).

ص: 370

99 -

وعن عُتْبَة بن عَبدٍ رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"الخِلافَةُ في قُرَيْشٍ، والحُكْمُ في الأَنْصَارِ، والدَّعْوةُ في الحَبَشَةِ، والهِجْرَة في المسلمين، والمهاجرين، بَعْدُ

(1)

". أخرجهما أحمد

(2)

.

(1)

في (ح)، و (م)، و (ل)، و (ك)، و (هـ):(والمهاجرين بعده)، والتصويب من (ز)، وهو على الصواب في سائر المصادر التي خرَّجت الحديث.

(2)

إسنادُهُ حسن.

وقد مضى الكلام على سابقه. أخرجه في (4/ 185)، من طريق الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبد، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد مرفوعًا.

الحكم بن نافع البَهراني "ثقة ثبت". "التقريب"(ص 264). وإسماعيل بن عياش، هو ابن سُليْم العَنسَي، عالم الشام. وثَّقه يحيى بن معين، وجرحه ابن حبان. وقال فيه أبو حاتم: هو ليِّن، يكتب حديثه، لا أعلم أحدًا كفَّ عنه إلَّا أبو إسحاق الفزاري.

قلت: أكثر العلماء على أن روايته عن أهل بلده الشامين صحيحة، وعن غيرهم ضعيفة.

قال ابن معين: إسماعيل بن عياش ثقة فيما يرويه عن الشامين، وأما روايته عن أهل الحجاز؛ فإنَّ كتابه ضاع، فخلَّط عن المدنيين. وقال عثمان الدارمي عن دحيم: إسماعيل بن عياش في الشاميين غاية، وخلَّط عن المدنيين. انظر:"تهذيب التهذيب"(1/ 290). ولذا قال الحافظ: صدوق في روايتة عن أهل بلده، مخلِّط في غيرهم. "التقريب"(ص 142).

وقال الخزرجي في "خلاصة تذهيب التهذيب"(ص 35): "وثَّقه أحمد، وابن معين، ودحيم والبخاري، وابن عدي، في أهل الشام، وضعَّفوه في الحجازين".

قلت: وروايته التي بين أيدينا عن شاميٍّ مثله؛ فإنَّ ضمضم بن زرعة الحضرمي من أهل الشام، فهو حمصيّ، وثَّقه يحيى بن معين، وابن حبان، وابن نُمير. وقال الخطيب البغدادي، وأحمد بن محمد بن عيسى صاحب "تاريخ الحمصيين": لا بأس به. وقال الحافظ: صدوق يهم. ولم يضعِّفه سوى أبو حاتم فقال: ضعيف الحديث. انظر: "تهذيب التهذيب"(4/ 425)، و "تهذيب تاريخ دمشق"(7/ 40).

وشُريح بن عبيد، هو الحضرمي الحمصي. وكثير بن مرة، وهو الحضرمي الحمصي. كلاهما ثقة.

"التقريب"(ص 434، 810). وعتبة بن عبد السلمي، صحابي جليل، عداده في أهل حمص. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنه ابنه يحيى، وخالد بن معدان، وحكيم بن عمير، وغيرهم. مات سنة (87 هـ)، وقيل (91 أو 92 هـ). "الجرح والتعديل"(6/ 371)، و "تهذيب الكمال"(19/ 314).

• فائدة في تخصيص الأنصار بالحُكم: قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 419):

"خصَّهم بالحُكم؛ لأن أكثر فقهاء الصَّحابة فيهم: منهم معاذ بن جبيل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وغيرهم".

ص: 371

100 -

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما

(1)

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَمَانٌ لأهلِ الأرضِ مِنَ الغَرَقِ القَوْسُ، وأمَانٌ لأهلِ الأرضِ مِنَ الاختلافِ الموالاةُ لقريشٍ. قريشٌ أهلُ الله، فإذا خَالَفَتْهَا قبيلةٌ من العَرَبِ صاروا حِزْبَ إِبليس". أخرجه الطَّبرانيُّ

(2)

.

101 -

وعن سَهلِ بن سَعْدٍ السَّاعديِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أَحِبُّوا قريشًا، فإنَّ من أحبَّهم أحبَّه الله". أخرجه ابنُ عَرَفَة

(3)

في "جزئه

(1)

في الأصل: رضي الله عنه، والمُثبت من (م)، و (ز)، و (ك)، وهي طريقة المؤلف في جميع الكتاب.

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(11/ 157) - رقم (11479)، و "الأوسط"(1/ 307) - رقم (747)، والحاكم (4/ 85) - رقم (6959) وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه! ". وتعقَّبه الذهبي بقوله: "قلت: واهٍ، وفي إسناده ضعيفان". وكذا في (3/ 162) - رقم (4715) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه! ". وتعقَّبه الذهبي بقوله: "بل موضوع، وابن أركون ضعَّفوه، وكذا خُليد ضعَّفه أحمد وغيره". وتمَّام في "فوائده"(4/ 365 - الروض البسّام) - رقم (1537)، و (1538)، وأبو نُعيم فى "الحلية"(9/ 65)؛ جميعهم من طرق عن إسحاق بن سعيد بن الأَرْكون، عن خُليد بن دَعلَج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعًا.

ومداره على إسحاق بن سعيد بن أركون، وخليد بن دَعلَج السدوسي.

• فأما الأول: فقد قال فيه الدارقطني: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بثقة. انظر: "الضعفاء والمتروكون"(ص 146)، و"لسان الميزان"(1/ 475).

• وأما الثاني: فهو مجمع على ضعفه كما قال الساجي.

قال ابن حبان: كان كثير الخطأ فيما يروي عن قتادة وغيره، يُعجبني التِّنكُّب عن حديثه إذا انفرد.

وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أحمد وابن معين وابن حجر: ضعيف. وقال أبو حاتم: صالح ليس بالمتين في الحديث. وعدَّه الدارقطني في جماعة من المتروكين، ولم يخرج له أحدٌ من الستة. انظر:"المجروحين"(1/ 285)، و"التهذيب"(3/ 143)، و"الميزان"(2/ 454)، و"التقريب"(ص 300).

(3)

هو الإمام المحدِّث الثقة، أبو علي الحسن بن عرفة العبدي. ولد سنة (150 هـ). روى عن إسماعيل بن عيَّاش، وعبد الرحمن بن مهدي، وجماعة. وعنه الترمذي، وابن ماجه صاحبا السُّنن، وغيرهما. كان من المعمَّرين. مات عام (257 هـ)"النبلاء"(11/ 547)، و "الشذرات"(2/ 136).

ص: 372

الشَّهير"

(1)

، من طريق عبد المهيمنِ بنِ عبَّاسِ بن سَهْلِ، عن أبيه، عن جدِّه به

(2)

.

(1)

(ص 95) - رقم (92).

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

أخرجه من طريق عُبَيْس بن مرحوم، عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا.

• عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد السَّاعديّ، أجمع الحفَّاظ على تضعيفه.

قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. وقال مرةً: ضعيف. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال في موضع آخر: متروك الحديث. وقال ابن حبان: ينفرد عن أبيه بأشياء مناكير لا يُتابع عليها من كثرة وَهْمه، فلمَّا فحش الوهم في روايتة بطل الاحتجاج به. وقال الحافظ: ضعيف. وبه أعلَّه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 27). انظر: "التهذيب"(6/ 377)، و"المجروحين"(2/ 148)، و"التقريب"(ص 630).

وأمَّا أبوه فهو من ثقات التابعين."الثقات"(5/ 258)، و "التقريب"(ص 486). وجدُّه صحابي.

وأمّا عُبَيس بن مرحوم الراوي عن عبد المهيمن، فهو ابن عبد العزيز العطار، مولى معاوية بن أبي سفيان. ذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 78)، ولم يذكر فيه تعديلًا ولا جرحًا. ووثَّقه ابن حبان (8/ 524)، والعجلي (ص 325).

• والحديث أخرجه:

البيهقيُّ في "شعب الإيمان"(2/ 231) - رقم (1611)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّةَ والجماعة"(8/ 1230) - رقم (2784) كلاهما من طريق الحسن بن عرفة بهذا الإسناد. وابن أبي عاصم في "السُّنَّة"(2/ 641) - رقم (1541)، والطبراني في "الكبير"(6/ 123) - رقم (5709)، كلاهما من طريق يعقوب بن حميد، عن عبد المهيمن به.

- وأخرجه الطبراني في "الكبير" أيضًا (17/ 86) - رقم (201) من طريق حصين السَّلولي، عن الأعمش، عن خيثمة، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، وفيه قصة طويلة؛ الشاهد منها قوله:"مَن أحبَّ قريشًا فقد أَحبني، ومَنْ أبغض قريشًا فقد أبغضني".

وفي إسناده حصين السَّلولي، وهو حصين بن مخارق بن ورقاء، أبو جنادة. قال الدَّارقطنيُّ: يضع الحديث. وقال ابن حبَّان: لا يجوز الاحتجاج به. انظر: "الميزان"(2/ 314)، و "اللسان"(2/ 364).

- ونحوه ما أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 363) - رقم (2602)، من طريق إبراهيم بن حمزة، عن معن بن عيسى، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن أبان بن عثمان، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أبغض قريشًا أبغضه الله، ومن أحبَّ قريشًا أحبَّه الله". قال ابن أبي حاتم عقبه: "قال أبي: هذا حديث لا أصل له؛ الزهري عن أبان بن عثمان لا يجيء".

ص: 373

إلى غير ذلك من الأحاديث التي اعتنى شَيخُنَا رحمه الله بجمعها في كتابٍ سمَّاه: "لذة العَيْش في طُرُقِ حديثِ الأَئمة من قريش"

(1)

؛ فلا نُطيل بسياقها

(2)

.

(3)

وقد سُئل رحمه الله عن معنى حديث: "قَدِّمُوا قريشًا"

(4)

، فقال:

هو على العموم في كلِّ أمر من الأمور، على ما يقتضيه لفظ الخبر، وقد استدلَّ به الإِمام الشافعيُّ رحمه الله على تقديم القرشيِّ في إمامة الصَّلاة

(5)

؛ ومحلُّ ذلك إذا اجتمع قرشيٌّ وغيرُ قرشيٍّ في طلب أمر، ووافق كلُّ منهما شرط ذلك الأمر؛ فيُقدَّم القرشيُّ على غير القرشيِّ إذا استوى معه في ذلك.

(1)

ذكره الحافظ في "الفتح"(6/ 530)، و "توالي التأنيس"(ص 39) بهذا الاسم، ونصُّ عبارته في "الفتح":"وقد جمعتُ في ذلك تأليفًا سميتة: "لذة العيش بطرق الأئمة من قريش"، وسأذكر مقاصده في كتاب الأحكام مع إيضاح هذه المسألة". اهـ.

قلتُ: انظر تلك المقاصد في (13/ 113 - 119)؛ وفَاتَ صاحبَ كتابِ "معجم المصنَّفات الواردة في فتح الباري" ذِكرة في معجمه! فَليستَدْرَك.

(2)

قال السُّبْكيُّ رحمه الله تعالى في "طبقات الشافعية"(1/ 195) بعد ذكره جملة من الأحاديث الواردة في مناقب قريش: "قال أئمتنا رضي الله عنهم: هذه الأحاديث التي يؤيد بعضها بعضًا دالة دلالة لا مدفع لها على تعظيم قريش، وأنَّ الحقَّ عند اختلاف الخلق في جهتها، وأنَّ حبَّها حبٌّ للنبي صلى الله عليه وسلم، وبُغْضها بغضٌ له، وأنَّ من أراد إهانتها أهانه الله، وأن الناس تبعٌ لها، وأن الأمر لا يزال ما بقي من الناس اثنان، وأن الأئمة من قريش، وأنَّ من آذاها فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن للواحد منها قوَّة الرجلين من غيرها في نُبل الرأي، إلى غير ذلك مما وقفتُ عليه". اهـ كلامه.

(3)

من هذا الموضوع إلى قوله (انتهى) في الصفحة المقابلة؛ لم يرد في الأصل و (ك)، و (ل)، و (م)، وأثبتناه من (ز)، و (هـ).

(4)

سبق نحوه حديث رقم (94).

(5)

قال النووي رحمه الله في "المجموع"(4/ 281 - 281) في الكلام على هذه المسألة:

"وأمَّا النسب: فنسب قريش معتبر بالاتّفاق، وفي غيرهم وجهان:

(أحدهما) لا يعتبر غير قريش. وأصحّهما يعتبر كلّ نسب في الكفاءة كالعلماء والصلحاء.

"فعلى هذا يقدَّم الهاشمي والمطَّلبي على سائر قريش، ويتساويان هما، فيقدم سائر قريش على سائر العرب، وسائر العرب على العجم، واحتج البيهقي وغيره لاعتبار النَّسب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "النَّاس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم". رواه مسلم. وهذا الحديث وإن كان واردًا في الخلافة فيُستنبط منه إمامة الصَّلاة". اهـ.

ص: 374

• مثال ذلك: أن تكون وظيفة تدريس، وغير القرشيِّ عالم، والقرشيُّ غير عالم، أو غير القرشيِّ فائق، والقرشيُّ مبتدئ؛ فيُقدَّم العالم والفائق.

وكذلك لو حضر قرشيٌّ غير فقيه، وفقيهٌ غير قرشيٍّ؛ قُدِّم الفقيه في الإِمامة على القرشيِّ؛ وقِسْ على ذلك؛ انتهى.

ثم إنَّ قول زيد بن أرقم رضي الله عنه الماضي في تفسير أهْلِ بيته؛ اختلفت الرِّواية عنه [ح 29/ ب] في إثبات كون نسائه من أهْلِ البيت ونَفْيِهِ.

ويمكن الجمع بينهما؛ بأنَّ المنفي الاقتصار عليهنَّ فقط، والمثبتَ بانضمامهنَّ مع مَنْ ذُكِرَ، وبذلك يجتمع هذا الحديث أيضًا مع الآية التي هنَّ سبب نزولها، وهي قوله تعالى:

{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)}

(1)

.

102 -

وفي "صحيح مسلم"

(2)

من حديث مُصعَبِ بنِ شَيْبَةَ، عن صفيَّةَ ابنةِ شَيْبَةَ قالت: قالت عائشة رضي الله عنها:

"خرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ غداةٍ وعليه مِرْطٌ مُرَحَّلٌ من شعرٍ أسود، فجاء الحسنُ بنُ عليٍّ رضي الله عنهما فأَدخله، ثم جاء الحسينُ رضي الله عنه فأَدخله، ثم جاءتْ فاطمةُ رضي الله عنها فأدخلها، ثم جاء عليٌّ رضي الله عنه فأَدخله، ثم قال:

(1)

الأحزاب (آية: 33).

(2)

(4/ 1883) - (2424) كتاب فضائل الصحابة- باب فصائل أهل بيت النبيِّ صلى الله عليه وسلم، من طريق أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نُمير -واللفظ لأبي بكر-، كلاهما عن محمد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة به.

والمِرْطُ -بكسر الميم وسكون الراء بعدها طاء-: كساء من صوف، وربّما كان من خَزٍّ أو من غيره. "النهاية"(4/ 319).

والمُرَحَّل -بفتح الراء والحاء المهملة-: هو الموشَّي المنقوش عليه صور رحال الإبل. وقيل: المُرجَّل -بالجيم- وهما جميعًا صواب. وقال الخطابي: هو الذي فيه خطوط. انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 355)، و "شرح النووي على مسلم"(15/ 194).

ص: 375

{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)}

(1)

. وغفل الحاكم فاستدركه

(2)

!

• وفي الباب عن جماعةٍ من الصَّحابة رضي الله عنهم:

103 -

في حديثِ بعضهم من الزِّيادة: "اللَّهُمَّ هؤلاء أَهْلُ بَيْتِي، وأهْلُ بيتي أَحقُّ"

(3)

.

104 -

وفي حديثٍ آخر: "أنَّه فَعَلَ ذلك لمَّا نزلتْ آيةُ المباهلة: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}

(4)

"

(5)

.

105 -

وفي آخر: أنَّ أمَّ سلمةَ رضي الله عنها جاءت تدخل معهم؛ فقال

(1)

الأحزاب (آية: 33).

(2)

"المستدرك"(3/ 159) - رقم (4406)، وقال:"وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

(3)

إسنادُهُ صحيحٌ.

أخرج هذه الزيادة الحاكم من طريق الربيع بن سليمان المرادي، وبحر بن نصر الخولاني، كلاهما عن بشر بن بكر، والأوزاعي، عن أبي عمار شدّاد بن عبد الله، عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي بقوله: على شرط مسلم. وأحمد في "المسند"(4/ 107)، من طريق محمد بن مصعب، عن الأوزاعي به. وفيه محمد بن مصعب بن صدقة القرقسائي، ضعَّفه ابن معين، والنسائي، وابن خراش، وأبو حاتم، وابن حبان. قال صالح جَزَرَة:"عامة أحاديثه عن الأوزاعي مقلوبة، وقد روى عن الأوزاعي غير حديث كلُّها مناكير، وليس لها أصول". "التهذيب"(9/ 394). وقد تُوبع كما رأيتَ.

(4)

آل عمران (آية: 61). وتمامها: {وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)} .

(5)

إسنادُهُ صحيح.

أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن -باب ومن سورة آل عمران (5/ 210) - رقم (2999). قال أبو عيسى: هذا حديت حسن غريب صحيح، والحاكم (3/ 163) - رقم (4719) وقال. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. كلاهما من طريق بُكيْر بن مسمار، عن عامر بن سعد ابن أبي وقاص، عن أبيه، بنحوه.

ص: 376

لها صلى الله عليه وسلم بعد مَنْعِهِ لها: "إنَّك على خَيْرٍ"

(1)

.

106 -

وفي آخر: "أنها قالت: يا رسولَ اللهِ! وأنا؟ ". قال: "وأنْتِ"

(2)

.

(1)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

أخرجه بهذا اللفظ ابنُ جرير الطَّبريّ (22/ 8)، من طريق عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن حكيم بن سعد، عن أمِّ سلمة. وفيه عبد الله بن عبد القدوس التَّميميّ السَّعديّ، ضعَّفه النسائيّ، وأبو داود، والدَّارقطني.

وقال الحافظ: "صدوق رُمي بالرفض، وكان أيضًا يخطئ". انظر: "التهذيب"(5/ 268)، و "التقريب"(ص 523).

- وأخرجه الطَّبريّ أيضًا (22/ 8)، من طريق حسن بن عطية، عن فُضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن أمً سلمة. وأبو بكر الشَّافعىّ في "الغيلانيّات"(1/ 264) - رقم (259)، من طريق أبي غسَّان النَّهدي، عن فضيل به. ومن طريقه أبو منصور ابن عساكر في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" - رقم (36). وفيه عطية العوفي، مجمع على ضعفه، لا سيما إذا عنعن؛ سبق مرارًا.

- وأخرجه الترمذي في التفسير- باب ومن سورة الأحزاب (5/ 328) - رقم (3205)، من طريق محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن يحيى بن عُبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة. وبالإسناد نفسه أخرجه في المناقب -باب مناقب أهل بيت النبيِّ صلى الله عليه وسلم (5/ 621) - رقم (3787)، وقال عقبه: وهذا حديث غريب من هذا الوجه.

وفيه محمد بن سليمان بن الأصبهاني، مُتكلَّمٌ فيه. أخرج له الترمذي والنسائي وابن ماجه. قال فيه أبو حاتم: لا بأس به، يُكتب حديثة ولا يُحتجُّ به. وضعَّفه النسائي، وابن عدي. وذكره ابن حبان في "الثقات"(9/ 52)، ولذا قال الحافظ في "التقريب": صدوق يُخطئ. انظر: "التهذيب"(9/ 173)، و "التقريب"(ص 850).

ويحيى بن عُبَيْد الراوي عن عطاء بن أبي رباح، يحتمل أن يكون أحد رجلين، إما أن يكون مولى بني السائب بن أبي السائب المخزومي. وإما أن يكون يحيى بن عبيد -هكذا- غير منسوب. فالأول ثقة، والثاني مذكور فيمن روى عن عطاه بن أبي رباح؛ مجهول. والله تعالى أعلم. انظر:"التقريب"(ص 1061، 1062).

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

أخرجه أحمد في "المسند"(6/ 296، 304)، وفي "الفضائل"(2/ 583) - رقم (986)، والدّولابي في "الذرية الطاهرة"(ص 109) - رقم (203)، وأبو منصور ابن عساكر في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" رقم (28)، من طريق عوف، عن أبي المعدِّل عطية الطَّفاوي، عن أبيه، عن=

ص: 377

107 -

وفي آخر: "أَنْتِ مِنْ أَهْلي"

(1)

.

108 -

وفي آخر: "أنَّ واثلةَ بن الأسقع رضي الله عنه قال: فقلتُ: وأنا [ح 30/ أ] يا رسولَ اللهِ صلَّى الله عليك وسلَّم"، قال:"وأَنْتَ مِنْ أَهْلِي".

قال واثلة: "فإنَّها مِنْ أرْجَى ما أرْتَجِي"

(2)

. وفي أسانيدها كلِّها مقالٌ.

109 -

ويُرْوَى عن عليٍّ رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"سَلْمَانُ منَّا أهْلَ البَيْتِ، وهو ناصِحٌ، فاتَّخِذْهُ لِنَفْسِكَ"

(3)

.

= أمِّ سلمة رضي الله عنها. لكن ابن عساكر قال: عن الطفاوي، عن أمِّه بدل أبيه. وفيه عطية الطَّفاوي، ضعفه السَّاجي، ووهَّاه الأزدي. وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 260). انظر:"ميزان الاعتدال"(5/ 102)، و "تعجيل المنفعة"(ص 320)، و"الإكمال"(ص 295).

وأمَّا أبوه فإنه لا يُعرف. وعوف، هو ابن أبي جَميلة (ثقة) كما في "التقريب"(ص 757).

(1)

في إسنادِهِ مقالٌ.

أخرجه الطبري (22/ 7)، من طريق خالد بن مخلد، عن موسى بن يعقوب، عن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، عن أمَّ سلمة. وفيه أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد إدخالهم في الكساء وقوله:"هؤلاء أهل بيتي": يا رسول الله! أدخلني معهم. قال: "إنَّك من أهلي".

فيه موسى بن يعقوب الزَّمعِي، فيه كلام، وقد سبق بيان حاله برقم (1).

- وله طريق عند ابن الأعرابي في "مجمعه"(2/ 742) - رقم (1505)، من طريق مخوّل بن إبراهيم، عن عبد الجبار بن عباس، عن عمار الدُّهني، عن عمرة بنت أفعى، عن أمِّ سلمة أنه صلى الله عليه وسلم قال لها:"إنَّك من أهل بيتي". قال محققه: "وإسناده مسلسل بالشِّيعة! ". وآخر عند إسماعيل بن جعفر المدني في "جزئه"- رقم (403)، من طريق شريك، عن عطاه مرسلًا.

(2)

أخرجه ابن حبان كما في "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"(15/ 432)، رقم (6976)، من طريق الوليد بن مسلم، وعمر بن عبد الواحد، كلاهما عن الأوزاعي، عن شدّاد أبي عمَّار، عن واثلة رضي الله عنه. وابن جرير في "التفسير"(22/ 7)، والقطيعي في "زوائد الفضائل"(2/ 786)، رقم (1404)، من طريق عبد الكريم بن أبي عمير، عن الوليد بن مسلم، عن أبي عمرو، عن شداد أبي عمار، عن واثلة رضي الله عنه، وفيه عبد الكريم بن أبي عمير، وهو الدَّهان، فيه جهالة. "لسان الميزان"(4/ 60)، وقد تُوبع. وأبو عمرو، هو الإمام الأوزاعي.

(3)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

وهو يُروى -بالجملة- عن ثلاثة من الصَّحابة الكرام رضي الله عنهم:

• الطريق الأول: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ص: 378

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(12/ 142)، رقم (6772)، ص طريق النضر بن حُمَيد

الكندي، عن

سعد الإسكاف، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جدِّه. وهو حديت طويل فيه قصة، وموضع الشاهد منه في آخره إذ قال: "

وسلمان منَّا أهل البيت، وهو نَاصِحٌ فاتَّخِذْهُ لنفسك". ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (21/ 412)، ضمن ترجمة سلمان رضي الله عنه، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (1/ 50)، مقتصرًا على قوله: "سلمان منا أهل البيت".

وهذا الطريق ضعيفٌ جدًّا، فيه متروكان:

الأول: النَّضْر بن حمَيْد.

قال فيه أبو حاتم: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث. انظر: "الميزان"(7/ 26)، و"الضعفاء الكبير"(4/ 289)، و"الجرح والتعديل" (8/ 476). وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 117): وفيه النضر بن حُميد الكندي وهو متروك.

الثاني: سعد بن طَرِيف الإسكاف. وهو متروك الحديث، وقد سبق الكلام عليه عند الحديث رقم (87).

- وأخرجه الدَّيلمي في "الفردوس"(2/ 337) - رقم (3522) بلا إسناد.

• ويُروى الحديث عن عليّ موقوفًا بإسنادٍ رجاله رجال الصَّحيح، لكنه منقطع:

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه"(6/ 398)، قال: حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البَخْتَرى قال: قالوا لعليٍّ: أخْبرْنَا عن سلمان، قال:"أدرك العلم الأول والعلم الآخر، بحرٌ لا يترفَّع قعره، هو منَّا أهل البيت".

أبو معاوية، هو محمد بن خازم الضرير، قال في "التقريب" (ص 840):"ثقة، من أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، وقد رُمي بالإِرجاء".

والأعمش، هو سليمان بن مهران. إمام مشهور، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 414). وعمرو بن مُرّة، هو ابن عبد الله بن طارق الجَمَلي المرادي، أبو عبد الله الكوفي. "ثقة عابد، كان لا يُدلِّس، ورُمي بالإرجاء". كما في "التقريب"(ص 745)، وقد روى له الجماعة أيضًا. وأبو البَختَري، هو سعيد بن فيروز بن أبي عمران الكوفي، مشهور بكنيته، روى له الجماعة. قال الحافظ:"ثقة ثبت، فيه تشيُّع قليل، كثير الإرسال". "التقريب"(ص 386).

ولكنه معلولٌ بالانقطاع، فإنَّ أبا البَخْتَرِي لم يدرك عليًّا ولم يسمع منه، قاله شعبة، وعلي بن المديني، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيّان. انظر:"المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 68، 66)، و "جامع التحصيل" للعلائي (ص 222).

وأخرجه أبو نُعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 54)، من طريق بكر بن بكَّار، عن مسعر، عن عمرو بن مرَّة به. =

ص: 379

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفيه بكر بن بكَّار القَيْسي، وهو أبو عمرو البصري، وهو ضعيف كما في "التقريب"(ص 175). وعزاه السيوطي في "مسند علي بن أبي طالب"، برقم (719) للمروزي في "العلم"، والدّورقي. وبرقم (718)، وعزاه إلى ابن منيع ورمز له بـ (ض). وله طرق أخرى موقوفة لا تخلو ومن مقال. انظرها عند ابن عساكر في "التاريخ"(21/ 420، 421، 422).

• الطريق الثاني: عن عمرو بن عوف المزنيّ رضي الله عنه.

أخرجه الحاكم في "المستدرك" وصحَّحه على عادته! (3/ 691)، رقم (6541)، وتعقَّبه الذهبي بقوله:"سنده ضعيف" وابن سعد في "الطبقات"(4/ 83)، و (7/ 319)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(21/ 408)، في ترجمة سلمان الفارسي، وابن جرير الطبري في "التفسير"(21/ 133)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 400)، و (3/ 418)، والطبراني في "الكبير"(5/ 221)، رقم (5146)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان"(1/ 50)، وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 154)، والبغوي في "تفسيره"(6/ 323)، جميعهم من طرقٍ عن كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جدِّه.

كثير بن عبد الله المزني كَثُرَ فيه كلام نقَّاد الحديث. وقد كان الإمام أحمد يُضعِّفه جدًّا.

قال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عنه فقال: منكر الحديث، ليس بشيء. وقال عبد الله ابن الإمام احمد: ضرب أبي على حديث كثير بن عبد الله في "المسند" ولم يُحدِّثنا عنه. وقال أبو حيثمة: قال لي أحمد بن حنبل: لا تُحدث عنه شيئًا. وسئل أبو داود عنه فقال: كان أحد الكذَّابين. وقال الشافعي: ذاك أحد الكذَّابين، أو أحد أركان الكذب. وقال النسائي والدارقطني والذهبي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جدِّه نسخة موضوعة لا يحلُّ ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلَّا على وجه التعجُّب. وبنحوه قال ابن السَّكن. انظر: "التهذيب"(8/ 366)، و"الميزان"(5/ 492)، و "النبلاء"(1/ 540).

وقال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 46): "متروك واهٍ". وقال في موضع (1/ 251): "واهٍ بمرة". ولم يذكره -في آخر كتابه- في جملة الرواة المختلف فيهم، فكأنه يُرجِّح ضعفه مطلقًا. وقال الذهبي في "الكاشف" (2/ 145):"واهٍ". وقال الهيثمي في "المجمع"(6/ 130): "وفيه كثير بن عبد الله المزني، وقد ضعَّفه الجمهور، وحسَّن التَّرمذيُّ. حديثه، وبقية رجاله ثقات". قال الحافظ في "التقريب"(ص 808): "ضعيف، أفرط من نَسَبَة إلى الكذب".

ومع ذلك فقد ذكر ابن القيَّم في "زاد المعاد"(1/ 444)، وغيره من الحفاظ أنَّ الترمذيَّ يُصحِّح حديث كثير المزني تارة، ويُحسِّنه تارةً! وعدَّ صنيعه هذا من تساهله! فقال في (2/ 348):"والترمذي فيه نوعُ تساهلٍ في التَّصحيح".

وهذا الأمر جعل أهل العلم لا يعتدُّون بتصحيح التِّرمذيِّ لتساهله. قال الذهبي في ترجمة كثير في "الميزان"(5/ 493): "

وأما التِّرمذيُّ فروى من حديثه: "الصلح جائزٌ بين المسلمين" وصحَّحه! فلهذا =

ص: 380

110 -

وفي "الفردوس"

(1)

بلا إسنادٍ، عن عائشةَ رضي الله عنها مرفوعًا:"أُسَامَةُ منَّا أَهْلَ البَيْتِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ".

111 -

وعند أحمد

(2)

في "المناقب"

(3)

عن أبي سعيدٍ الخُدْري قال: نزلت

= لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي". وقال الحافظ المنذرى في "الترغيب والترهيب" (1/ 45)، في الكلام على كثير: "واهٍ، حسَّن له الترمذيُّ، وصحَّح في موضع، فأنْكِرَ عليه! ". وانظر ما ذكره ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (ص 266)، في شأن كثير.

• والخلاصة في كثير بن عبد الله المزني: أنه ضعيفٌ جدًا لا يصل إلى حد الترك والوضع، ولذا قال الحافظ -كما سبق-:"أفرط من نسَبَه إلى الكذب". وعليه فحديثه ضعيفٌ جدًّا، والله أعلم.

• الطريق الثالث: عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى رضى الله عنه.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 220)، رقم (5146)، من طريق يزيد بن معن، عن عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريشٍ، عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلتُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة، فجعل يقول: وساق حديثًا طويلًا -وهو حديث المؤاخاة- وفيه: "يا سَلْمَان! أنت منَّا أهْلَ البَيتِ، وقد آتاك الله العلمَ الأوَّلَ، والعلمَ الآخِرَ، والكتابَ الأوَّل، والكتابَ الآخِرَ".

• وهذا الطريق ضعيفٌ، لجهالة الراوي عن زيد رضي الله عنه.

قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"(2/ 111)، في ترجمة زيد بن أبي أوفي:"روى حديث المؤاخاة بتمامه، إلا أن في إسناده ضعفًا". وقال الحافظ في "الإصابة"(2/ 489): "قال ابن السّكن: رُوي حديثه من ثلاثة طرق، ليس منها ما يصحُّ".

ورواه البخاري في "التاريخ الصغير"(1/ 250)، من طريق يحيى بن معين المدني، عن إبراهيم القرشي، عن سعيد بن شرحبيل، عن زيد بن أوفى به، وقال عَقبَهُ:"وهذا إسنادٌ مجهول، لا يُتَابع عليه، ولا يُعرف سماع بعضهم من بعض. رواه بعضهم عن إسماعيل بن خالد، عن عبد الله بن أبي أوفى، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا أصل له".

قلتُ: وإبراهيم الفرشي، هو ابن زياد. قال الذهبي في "الميزان" (1/ 151):"قال البخاري: لا يصحُّ إسناده. قلتُ: ولا يُعرف من ذا".

• وخلاصة الكلام في حديث: "سلمان منَّا أهل البيت"؛ أنه لا يثبت من طريق صحيح ولا حسن، وقد أحسن المصنفُ تصدِيرَه الحديثَ بقوله:"ويرْوَى"، إشارة منه إلى تضعيفه. والله أعلم.

(1)

لم أعثر عليه في مظانه. والحديث سقط من (هـ) و (ل).

(2)

في (م): وعن أحمد.

(3)

لم أجده في كتاب "فضائل الصحابة" المطبوع.

ص: 381

-يعني {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}

(1)

- في خمسةٍ: النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعليٍّ، وفاطمةَ، والحسنِ، والحُسينِ رضي الله عنهم"

(2)

.

112 -

وكذا اشتمل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على عمَّه العبَّاس وبنيه رضي الله عنهم بملاءته، وقال:"يا رَبِّ! هذا عمِّي وصِنْو أَبي، وهؤلاء أهل بيتي، فاسْتُرْهم من النار كَسُتْرَتي إياهم بملاءتي هذه، فأمَّنتْ أسْكفَّةُ البابِ، وحوائط البيت! فقال: آمين آمين آمين"

(3)

. وحديثُ عائشةَ أصحُّ.

• وفيه منقبةٌ ظاهرةٌ لأهْلِ البَيْتِ.

(1)

الأحزاب (آية: 33).

(2)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(3/ 56)، رقم (2673)، من طريق إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن علي بن عابس، عن أبي الجحَّاف، عن عطية، عن أبي سعيد به. وعن الأعمش، عن عطية به. وفيه إبراهيم بن محمد بن ميمون. ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 74). وقال الذهبي في "الميزان" (1/ 189):"من أجلاد الشيعة، روى عن علي بن عابس خبرًا عجيبًا". زاد الحافظ في "اللسان"(1/ 206)، نقلًا عن شيخه الحافظ العراقي:"إنه ليس بثقة".

وفيه أيضًا عطية بن سعيد العوفي، مجمعٌ على ضعفه.

- وأخرجه ابن جرير في "التفسير"(22/ 6)، والبزار في "مسنده"(3/ 221 - كشف)، رقم (2611)، من طريق بكر بن يحيى بن زبان العنزي، عن مَنْدَل، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وفي إسنادهما بكر بن يحيى العَنَزي، وهو مقبول. "التقريب"(ص 176)، ولم يُتَابع. ومَنْدَل بن علي العَنزي الكوفي، ضعيف كما في "التقريب"(ص 970). وعطية العوفي مجمعٌ على ضعفه، كما سبق مرارًا.

(3)

إسنادُهُ حسنٌ بمجموع طرقه.

أخرجه الطبراني في "الكبير"(19/ 263)، رقم (585)، والبيهقي في "الدلائل"(6/ 71)، وأبو نُعيم في "الدلائل"(ص 370 - 371)، وابن شاهين في "الكتاب اللطيف"(ص 234)، رقم 187)؛ أربعتهم من طريق عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، عن جدِّه لأُمِّه مالك بن حمزة بن أبي أسَيد، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعبَّاس بن عبد المطلب.

"يا أبا الفَضْل! لا تَرِمْ منزلك أنت وبنوك غدًا حتى آتيكم". فانتظروه حتى جاء بعدما أضحى، فدخل عليهم فقال:"السَّلَام عليكم". قالوا: وعليك السَّلام ورحمة الله وبركاته. قال: "كيف أصبحتم؟ " قالوا: بخير نحمد الله تعالى. فقال: "تقاربُوا تقاربُوا تقاربُوا، يَزْحَفْ بعضكم إلى بعض"، حتى إذا أمكنوه، اشتمل عليهم بملاءته، ثم قال: "يا ربِّ! هذا عمِّي وصِنْو أبي

"، الحديث. وأخرجه ابن ماجه في=

ص: 382

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كتاب الأدب باب الرجل يُقال له كيف أصبحت (2/ 1222)، رقم (3711)، بنفس الطريق مختصرًا مقتصِرًا على أوله دون ذكر اشتماله بملاءته عليهم.

إبراهيم بن عبد الله الهروي، الأكثر على توثيقه، وقد تكلِّمَ فيه بسبب مسألة خلق القرآن زمن الإمام أحمد. راجع:"التهذيب"(1/ 120)، و "التقريب"(ص 109)، وعبد الله بن عثمان بن إسحاق، لا يعرف. قال ابن معين والذهبي: لا أعرفه. وقال ابن عدي: مجهول. وذكره الأزدي في "الضعفاء" وقال: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: شيخ، يروي أحاديت مشتبهة. وقال الحافظ: مستور (مجهول الحال). انظر: "التهذيب"(5/ 277)، و"التقريب"(ص 525). ومالك بن حمزة بن أبي أُسيد، لم يوثقه سوى ابن حبان (7/ 461)، ولذا قال الحافظ في "التقريب" (ص 914):"مقبول".

قلت: وليس له متابع. ولذا تَرْجَمُه الذهبي في "الميزان"(6/ 5)، وذكر أنَّ البخاريَّ أورده في "الضعفاء" وساق الحديث نفسه، ثم قال: لا يُتابع عيه.

قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(3/ 172): "هذا إسنادٌ ضعيف. قال البخاري: مالك بن حمزة، عن أبيه، عن جدِّه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: "دعا العبَّاس

" الحديث، لا يُتَابع عليه. وقال أبو حاتم: عبد الله بن عثمان، شيخ يروي أحاديث مشتبهة". اهـ. وحسَّن إسَنادَه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 270).

- وأخرجه البيهقي في "الدلائل"(6/ 71)، وابن عساكر في "تاريخه" في ترجمة العبَّاس (26/ 311)، رقم (5620)، من طريق محمد بن يونس -هو الكُديميّ، وهو متَّهم كما سيأتي الكلام عليه مفصَّلًا برقم (196)، عن ابن عثمان به.

• تنبيه: جاء في سائر النُّسخ الخطيّة بعد تأمين أُسكُفَّة الباب قوله: "فقال: آمين"، فالقائل هنا هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو الدَّاعي والمؤمِّن. عدا نسخة (ل):"فقالت: آمين آمين آمين"، أي أسْكُفَّة الباب، وهو بهذا اللفظ في سائر مصادر الحديث المطبوعة.

• وللحديث شاهدٌ من رواية عبد الله بن الغسيل رضي الله عنه قال:

كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرَّ العبَّاس فقال: يا عمّ! اتبعْنِي ببنيك، فانطلق بستة من بنيه: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وقُثَم، ومعبد، فأدخلهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بيتًا وغطَّاهم بشملةٍ سوداء مخطَّطة بحُمرة، وقال "اللَّهمَ إنَّ هؤلاه أهل بيتي وعِترَتي فاسترهم من النارِ كما سترتهُمْ بهذه الشَّملة"، فما بقي في البيت مَدرٌ ولا باب إلَّا أمَّن.

أخرج هذا الشاهد الطبراني في "الأوسط"(4/ 413)، رقم (4071)، من طريق علي بن سعيد الرازي، عن محمد بن صالح بن مهران، عن مروان بن ضرار الفزاري، عن أبيه، عن عامر بن عبد الأسد العقبي، عن عبد الله بن الغسيل رضي الله عنه قال:

وذكره.

قلتُ: في إسناده مَنْ لا يُعرف. شيخ الطبراني علي بن سعد بن بشير الرازي، حافظ رحَّال جوَّال=

ص: 383

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كما قال الذهبي. وقد تكلَّم فيه الدَّارقطني، وأقلُّ أحواله أنه صدوق له أفراد، واعتذر ابن حجر عن كلامهم فيه بأنه من جهة دخوله في أعمال السلطان. انظر:"ميزان الاعتدال"(5/ 160)، و "لسان الميزان"(4/ 271). ومحمد بن صالح بن مهران، صدوق إخباري. "التقريب" (ص 855). وبقية رجاله لم أقفْ على مَن تَرْجَمَهم. قال الحافظ الهيثمي في "المجمع" (9/ 270):"وفيه جماعة لم أعرفهم".

• وله شاهدٌ ثانٍ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:

قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم للعبَّاس: "إذا كان غداة الإثنين فائتني أنت وولدك". فال: فَغَدَا وغَدَوْنَا، فألبسنَا كِسَاء له، ثم قال:"اللَّهمَّ اغفر للعبَّاس وولدِه مغفرة ظاهرةً وباطنةً لا تُغادر ذنبًا، اللهمَّ اخْلفْه في ولده". أخرجه الترمذي في كتاب المناقب - باب مناقب العبَّاس (5/ 611)، رقم (3762)، وأبو بكر الخلَّال في "السُّنة"(1/ 88)، رقم (24)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ "(1/ 504)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(26/ 305)، في ترجمة العبَّاس، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 25)، في ترجمة عبد الوهاب الخفاف، من طرق عن عبد الوهاب، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن كُريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال:

وذكره. قال الترمذي هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه.

عبد الوهاب، هو ابن عطاء الخفاف (صدوق ربَّما أخطأ)."التقريب" (ص 633). ومو مدلس. وثور بن يزيد:(ثقة ثبت، إلَّا أنه يرى القدر)"التقريب"(ص 190). ومكحول، هو الشامي أبو عبد الله. ويقال: أبو مسلم الفقيه الدمشقي (ثقة فقيه كثير الإرسال مشهور). "التقريب"(ص 969). وكرَيب، هو ابن أبي مسلم الهاشمي مولاهم، أبو رشدين، مولى ابن عباس (ثقة)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 811).

قلتُ: وهذا الإسناد -كما يبدو- فيه علتان:

الأولى: رواية عبد الوهاب عن ثور، فإنَّه يدلِّس عنه.

قال الحافظ في "طبقات المدلسين"(ص 96): "قال البخاري: كان يُدلِّس عن ثور الحمصي وأقوام أحاديث مناكير" ونقل الخطيب (11/ 25)، عن صالح بن محمد الأسدي أنه قال:"أنكروا على الخفاف حديثًا رواه لثور بن يزيد عن مكحول عن كُريب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، في فضل العبَّاس، وما أنكروا عليه غيره. فكان يحيى بن معين يقول: هذا موضوع. وعبد الوهاب لم يقل فيه (حدَّثنا)، ولعلَّه دلَّس فيه، وهو ثقة". اهـ. وانظر ما قاله الذهبي في "الميزان"(4/ 435)، وابن حجر في "التقريب"(ص 633).

الثانية: الانقطاع، فقد قيل: إن مكحولًا الشاميَّ لم يسمع من كُرَيْب.

قال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت هارون بن معروف يقول: مكحول لم يسمع من كرَيْب. انظر: "تهذيب التهذيب"(10/ 261). وعليه فالإسناد فيه انقطاع، ولكن يشهد له ما قبله وما بعده، وسيأتي الحديث برقم (118). =

ص: 384

113 -

ولذلك قال الحسن بن علي رضي الله عنهما فيما رواه ابن أبي حاتم

(1)

من طريق حُصَين بن عبد الرحمن، عن أبي جَمِيلة، أن الحسن بنَ عليٍّ

= • وله شاهدٌ ثالثٌ، من حديث سهل بن سعد السَّاعدي رضي الله عنه قال:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمان القيْظ فتزل منزلًا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل، فقام العبَّاس فَسَتَره بكساءٍ من صوف. قاله سهل: فنظرتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب الكساء وهو رافعٌ رأسه إلى السَّماء وهو يقول: "اللهم استر العباسَ وولدَه من النَّار". أخرجه الحاكم (3/ 369)، رقم (5415)، والفسوي في "المعرفة"(1/ 504)، وابن عدي في "الكامل"(1/ 297)، وابن حبان في "المجروحين"(1/ 127)، كلاهما في ترجمة إسماعيل بن قيس، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 154)، رقم (5829)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه"(2/ 620)، رقم (674)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(26/ 306، 307، 308، 309، 310)، جميعًا من طريق إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت الأنصاري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد به. قاله الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي بقوله: "إسماعيل ضعَّفوه"، وأورده في "السير"(2/ 89)، وقال:"وإسماعيل ضُعِّف". وقال الهيثمي في "المجمع"(9/ 269): "وفيه أبو مصعب إسماعيل بن قيس، وهو ضعيف".

قلتُ: قال البخاري والدارقطني: منكر الحديث. وقال النسائي وغيره: ضعيف، وقال ابن حبان: في حديثه من المناكير والمقلوبات التي يعرفها مَنْ ليس الحديث صناعته. وقال أبو حاتم: إسماعيل ضعيف الحديث، منكر الحديث، يُحدِّث بالمناكير، لا أعلم له حديثًا قائمًا، وقال الحاكم: ليس حديثه بالقائم! وقال ابن عدي: وعامة ما يرويه منكر. انظر: "الجرح والتعديل"(2/ 193)، و "الميزان"(1/ 405)، و "اللسان"(1/ 545).

• وله شاهدٌ رابعٌ، من حديث إياس الأنصاري رضي الله عنه.

أخرجه أبو الشيخ في "عواليه" رقم (36) قال: حدَّتنا أحمد بن محمد بن بلبل التستري، ثنا عمر بن حفص الشيباني، ثنا الأحوص بن يوسف السلمي، ثنا إياس الأنصاري البدري مرفوعًا.

أحمد بن محمد بن بلبل، هو المعروف بالمُزيّن البربري، ذكره الخطيب في "تاريخه"(5/ 166)، ولم يذكر فيه شيئًا. وعمر بن حفص ذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 439)، وقال في "التقريب" (ص 715):"صدوق". والأحوص بن يوسف لم أقف على ترجمته. والخلاصة: أنَّ الحديث يقبل التحسين بمجموع طرقه وشواهده، والله تعالى أعلم.

• شرح الغريب: قوله: "أسكُفَّة الباب": أي عَتبته التي يُوطَأ عليها، يقُال: الأسْكُفَّة والأُسْكوفَة. انظر: "لسان العرب"(9/ 156)، مادة (سَكَفَ).

(1)

في "التفسير"(9/ 3132)، رقم (1776).

ص: 385

رضي الله عنهما استُخْلِفَ حين قُتِلَ عليٌّ رضي الله عنه، قال: فبينما هو يُصلِّي إذْ وَثَبَ عليه رجلٌ فطعنه بخِنْجَرٍ! وزعم حصينٌ أنه

(1)

بلغه أن الذي طَعَنَهُ رجلٌ من بني أسد، وحَسَنٌ ساجدٌ فقال:

"يا أهل العراق! اتَّقوا الله فينا، فإنّا أُمراؤُكم [ح 30/ ب] وضيفانُكم، ونحن أهْل البيت الذي قال الله عز وجل:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)}

(2)

".

قال: فما زال يقولها حتى ما بقي أحدٌ من أهل المسجد إلَّا وهو يَحِنُّ بكاءً، انتهي

(3)

.

ولم يَمُتْ رضي الله عنه من هذه الطَّعْنَة، وعاش بعدها عشر سنين فأكثر، ولكنه

(1)

في (م): أن.

(2)

الأحزاب (آية: 33).

(3)

إسنادُهُ حسنٌ، رجاله ثقاتٌ غير أبي جميلة، وقد تُوبع.

أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(3/ 268)، من طريق أبي الوليد، عن أبي عَوَانَة، عن حُصَين بن عبد الرحمن به.

أبو الوليد، هو هشام بن عبيد الله الرازي، روى عن الإمام مالك. وروى عنه أبو حاتم الرازي وقال: صدوق، ما رأيت أعظم قدرًا منه بالري "ميزان الاعتدال" (7/ 83). وقال ابن أبي حاتم: هو ثقةٌ يُحتجُّ بحديثه. "الجرح والتعديل"(9/ 67). وضعَّفه ابن حبان كما في "المجروحين"(3/ 90).

وأبو عَوَانة، هو الوضَّاح بن عبد الله اليشكرى، مشهور بكنيته (ثقة ثبت). "التقريب"(ص 1036). وحُصين بن عبد الرحمن، هو السلمي (ثقة تغيَّر حفظه في الآخر). "التقريب"(ص 253). وأبو جَميلة، هو ميسرة بن يعقوب الطَّهوي (مقبول). "التقريب"(ص 988). وقد تابعه هلال بن يساف، كما عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(13/ 269)، وهلالٌ ثقةٌ كما في "التقريب"(ص 1028).

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3/ 93)، رقم (2761)، من طريق محمد بن محمود الواسطي، عن وهب بن بقيّة، عن خالد، عن حصين به.

شيخ الطبراني محمد بن محمود الواسطي، تَرْجَمَه الخطيب في "تاريخه"(13/ 95)، ولم يذكر فيه جرحًا. ووهب بن بقيّة، هو ابن عثمان بن سابور الواسطي. ثقة كما في "التقريب"(ص 1043). وخالد، هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحّان الواسطي. ثقة ثبت. "التقريب"(ص 287). وحُصين وأبو جَميلة سبق الكلام عليهما. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 172)"رجاله ثقات".

ص: 386

سُقِي السُّمَّ مرارًا! منها على يَدِ جَعْدَة ابنة الأشعث بن قيس

(1)

، واشتكى منه نحو أربعين يومًا

(2)

، ومات رضي الله عنه بالمدينة، ودُفِنَ بالبقيع

(3)

.

114 -

بل قال زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لرجل من أهل الشَّام: "أمَا قرأتَ في الأحزاب: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)}

(4)

؟ ".

قال: "ولأنتم هم؟ ! ". قال: "نعم"

(5)

.

وقول زيد بن أرقم رضي الله عنه: "أهل بيته مَنْ حُرِمَ الصَّدقة"، وهو بضم المهملة وتخفيف الراء. والمراد بالصَّدقة: الزكاة الواجبة، تَنْزيهًا لهم عن أكل أوسَاخ النَّاس

(6)

. وهي في مذهب الشَّافعيِّ رحمه الله حرامٌ على بني هاشم، وبني

(1)

لم أقف على ترجمتها، وقد ذكر أبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين"(ص 50)، أن اسمها سكينة، وقبل: شعثاء، وقيل: عائشة. قال أبو الفرج: والصحيح في ذلك جعدة.

(2)

روى أبو الفرج الأصبهاني في "مقاتل الطالبيين"(ص 73)، بإسناده من طريق عيسى بن مهران -وهو رافضيٌّ كذَّابٌ-، عن عبيد بن الصباح الخراز، عن جرير، عن مغيرة قال:

"أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث، إني مُزوّجك بيزيد ابني على أن تسمِّي الحسن بن علي، وبعت إليها بمائة ألف درهم! فقبلت وسَمَّت الحسن! فسوعها (هكذا في المطبوعة! ) المال ولم يُزوِّجها منه! فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيَّروهم وقالوا: يا بني مُسِمَّة الأزواج! ".

قلت: هذا خبر موضوع من عمل عيسى بن مهران المستَعطف، وهو رافضي خبيث كذَّاب، كل بلاءٍ فيه، قال في ابن عدي:"حدَّث بأحاديث موضوعة، محترق في الرفض"، وقال أبو حاتم:"كذاب". وقال الدارقطني: "رجل سوء". وقال الخطيب: "كان من شياطين الرافضة ومَرَدَتهم". وقال الذهبي: "رافضي كذَّاب جبل". انظر: "ميزان الاعتدال"(5/ 390).

(3)

البَقيعُ: بفتح أوله، وكسر ثانيه، وعين مهملة، مقبرة أهل المدينة، وهي داخل المدينة. وأصل البقيع في اللغة: الموضع الذي فيه أروم الشجر من ضروب شتى، وبه سُمِّي بقيع الغرقد، والغرقد: كبار العّوْسَج. "معجم ما استعجم"(1/ 264)، و "معجم البلدان"(1/ 473).

(4)

الأحزاب (آية: 33).

(5)

أخرجه الطبري في "تفسيره" وقد سبق تخريجه برقم (55).

(6)

قال الوزير ابن هبيرة في "الإفصاح"(1/ 192): "واتفقوا على أن الصدقة المفروضة حرامٌ على=

ص: 387

المطَّلبُ

(1)

. وقد عُوِّضوا بدلًا عما حُرِمُوه من ذلك باشتراكهم دون غيرهم من قبائل قريش في سَهْمِ ذوي القُرْبَى.

قال البيهقيُّ

(2)

: "وفي تخصيص النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بني هاشم وبني المطَّلب بإعطائهم سَهْمَ ذوي القُرْبَى، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما بنو هاشم وبني المطَّلب شيءٌ واحد"

(3)

، فضيلة أخرى وهي: أنه حرَّم الله عليهم الصَّدقة وعوَّضهم [ح 31/ أ] منها هذا السَّهم من الخُمُس، فقال:"إن الصَّدقة لا تحلُّ لمحمَّدٍ، ولا لآلِ محمّد"

(4)

.

قال: "وذلك يدُّلك أيضًا على أنَّ آله الذي أُمِرْنَا بالصَّلاة عليهم معه، هم الذين حرَّم عليهم الصَّدقة وعوَّضهم منها هذا السَّهم من الخُمُس. فالمسلمون من بني هاشم وبني المطَّلب يكونون داخلين في صلواتنا على آل نبيَّنا صلَّى الله عليه وآله في فرائضنا، ونوافلنا، وفيمن أُمِرْنَا بحبِّهم"، انتهى

(5)

.

وأمَّا أبو حنيفة

(6)

ومالكٌ

(7)

رحمهما الله فَقَصَرا التحريمَ في الواجبة على بني

= بني هاشم، وهم خمس بطون: آل العبَّاس، وآل عليّ، وآل جعفر، وآل عقيل، وولد الحارث بن عبد المطلب". ومثله في "المغني" (2/ 274).

(1)

انظر: "الأم" للشافعي (2/ 88)، و "المجموع شرح المهذب" للنووي (6/ 227). وهو رواية عن الإمام أحمد، كما في "الروض المربع"(1/ 121).

(2)

كلام البيهقي مقدَّم في (م) على حكاية قول الشافعي.

(3)

مضى تخريجه.

(4)

أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النَّبي على الصدقة (2/ 752)، رقم (1072)، من طريق الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن نوفل، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث.

(5)

انظر: "مناقب الشافعي" للبيهقي (1/ 44).

(6)

انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (3/ 82، 84، 85)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 49). وانظر ترجمة الإمام أبي حنيفة في:"السِّير"(6/ 390)، و "تاريخ بغداد"(13/ 325 - 426)، و "طبقات ابن سعد"(6/ 368)، و "تذكرة الحفاظ"(1/ 168)، و "العبر"(1/ 314)"وشذرات الذهب"(1/ 227 - 229).

(7)

انظر: "عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" لابن شاس (1/ 347). وانظر في ترجمة الإمام مالك: "حلبة الأولياء"(6/ 316 - 355)، و "تهذيب الأسماء واللغات"(2/ 75 - 79)، و"السِّير"(8/ 48)، و "تذكرة الحفاظ"(1/ 207 - 213)، و"طبقات القراء"(2/ 35)، و"الديباج المذهب"(ص 56، وما بعدها).

ص: 388

هاشم فقط

(1)

، على أنه رُوي عن أبي حنيفة رحمه الله خلافُ ذلك أيضًا، فحكى الطَّبريُّ

(2)

عنه جوازَها لهم مطلقًا، والطَّحَاويُّ

(3)

، إذا حُرِموا سَهْمَ ذوي القُرْبَى

(4)

.

وهذا أيضًا محكيٌّ عن الأبْهَرِيِّ

(5)

من المالكية، بل هو وجهٌ لبعض الشَّافعية

(6)

.

(1)

وهو الرواية الصحيحة من مذهب الحنابلة، حكاه في "الإنصاف"(3/ 254)، وذكر أنه المنصوص عليه، وعليه أكثر الأصحاب. وانظر:"شرح المنتهى"(1/ 454)، و "الروض المربع"(1/ 121).

(2)

وحكاه عنه الطَّحاويُّ أيضًا، ونصُّ عبارته:

"وقد اختُلف عن أبي حنيفة رحمه الله في ذلك، فروي عنه أنه قال: لا بأس بالصدقات كلِّها على بني هاشم". "شرح معاني الآثار"(2/ 11).

(3)

هو أبو جعفر، أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي. ولد سنة (229 هـ). تفقَّه بالمزني ثم ترك مذهبه وصار حنفي المذهب. كان ثقة، نيلًا، فقيهًا، إمامًا. من أشهر مؤلفاته:"معاني الآثار"، و "بيان مشكل الآثار". مات سنة (321 هـ). "تاج التراجم" لابن قُطلوبغا (ص 100)، و"غاية النهاية" لابن الجزري (1/ 116).

(4)

لأنه محلُّ حاجة وضرورة. انظر: "شرح معاني الآثار"(2/ 11).

وهو قول أبي يوسف من الحنفية أيضًا، والقاضي يعقوب من الحنابلة، واختاره شيخ الإسلام.

انظر: "الاختيارات الفقهية"(ص 104). وراجع: "فقه الزكاة" للقرضاوي (2/ 732)، فقد رجَّح هذا القول ونَصَرَهُ في كلام طويل مُسهبٍ، ومما قال في (2/ 738):"والعجب ممن حرَّموا الزكاة على بني هاشم والمطلب ولم يُجوِّزوا لهم أخذها، ولو مُنعوا من الخُمس في بيت المال! لعدم الخُمس، كما في هذا الزمن، أو لاستبداد الولاة به، كما في أزمنة مضت! كيف يصنع الفقراء والمحتاجون من هؤلاء إذا لم يُعطوا من الزكاة حتي لهذه الضرورة؟ وهل من إكرام آل بيت النَّبيِّ أن يُتركوا حتى يهلكوا جوعًا، ولا يُعطوا من مال الزكاة الذي هو حقٌّ معلوم؟ "

(5)

هو القاضي أبو بكر الأبْهَري -بفتح الألف وسكون الباء المنقوطة وفتح الهاء في آخرها راء مهملة-، نسبة إلى (أَبْهَر) بلدة بالقرب من زنجان، اسمه محمد بن عبد الله التميمي، الفقيه المالكي، سكن بغداد، وانتهت إليه رئاسة المالكية هناك. من مؤلفاته:"شرح المختصر الكبير والصغير"، و"إجماع أهل المدينة". مات سنة (375)"الأنساب"(1/ 77)، و "الديباج المذهب"(ص 351)، و "شجرة النور الزكية"(ص 91).

(6)

فقد قال به أبو سعيد الإصطخري منهم. "المجموع شرح المهذب"(6/ 227).

ص: 389

وقال القاضي أبو يوسف

(1)

رحمه الله: "تَحِلُّ من بعضهم لبعضٍ لا من غيرهم"

(2)

، يعني لما فيه من رفع يد الأدنى على الأعلى بخلاف غيرهم

(3)

.

115 -

وقد قال صلى الله عليه وسلم في الصَّدقة كما في "صحيح مسلم"

(4)

: "إنَّما هي أوسَاخُ النَّاس".

ومن هذا الحديث يؤخذ جوازُ أخذهم صدقةَ التَّطوعِ دون الفرض

(5)

. وهو قول أكثر الحنفية

(6)

، والمصحَّح عن الشَّافعية، والحنابلة

(7)

، ورواية عن المالكية

(8)

، بل عندهم أخرى في جواز الفرض دون التطوع

(9)

.

ووجهه؛ أنَّ بالأخذ سقط الفرضُ عن المعطي، فكان مُعِينًا له، فلا ذلة له حينئذٍ. [ح 31/ ب] ويساعده تفسير اليد العليا بالآخذة، كما بُسِطَ في محلِّه، والله الموفق.

116 -

وأورد المحبُّ الطَّبريُّ بلا إسنادٍ، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "اسْتَوْصُوا بِأَهْلِ بَيْتِي خَيْرًا فإنِّي أُخَاصِمُكُم عنهم غدًا، ومَنْ أَكُنْ خَصْمه أَخصِمُهُ، ومَنْ أَخصِمُهُ دخل

(1)

هو القاضي أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم بن حبيب، أجلُّ أصحاب أبي حنيفه، حتي قيل: لولا أبو يوسف ما ذُكر أبو حنيفة، ولا ابن أبي ليلى، ولكونه هو نشر قولهما وبثَّ علمهما. وَلِيَ القضاءَ لثلاثة من الخلفاء: المهدي، والهادي، والرشيد. من مؤلفاته:"الأمالي"، و"كتاب الصلاة". مات ببغداد عام (182 هـ). "تاريخ بغداد"(14/ 245)، و "تاج التراجم"(ص 315).

(2)

رواه عنه محمد بن سماعة. انظر: "أحكام القرآن"، للجصاص (3/ 170).

(3)

وهو اختار شيخ الإسلام ابن تيمية. قال في "الاختيارات الفقهية"(ص 104): "ويجوز لبني هاشم الأخذ من زكاة الهاشميين، وهو محكيٌّ عن طائفة من أهل البيت".

(4)

(2/ 752)، رقم (1072)، وفيه قصة، مضي قريبًا.

(5)

انظر: "فتح الباري"(3/ 354).

(6)

انظر: "أحكام القرآن"، للجصاص (3/ 169، 170).

(7)

انظر: "المغني"(2/ 275)، و "الإنصاف"(3/ 257).

(8)

"عقد الجواهر الثمينة"(1/ 347).

(9)

انظر: "عقد الجواهر الثمينة"(1/ 347)، وعلّلوا ذلك بأنَّ المِنَّة تقع في زكاة التطوع.

ص: 390

النَّار"

(1)

. ولم أقِف له على أصْلٍ أَعْتَمِدُهُ

(2)

.

117 -

وعن شعبة، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

قال أبو بكر رضي الله عنه: "ارْقُبُوا محمَدًا صلى الله عليه وسلم في أهْلِ بيْتِهِ". أخرجه البخاريُّ في "صحيحه"

(3)

من وجهين عن شعبة.

• والمراقبة للشيء: المحافظة عليه

(4)

.

وخاطب أبو بَكْرٍ رضي الله عنه النَّاسَ بذلك يُوصِيهم بأهْلِ بيتِ نبيِّهم صلى الله عليه وسلم يقول: "احفظوه فيهم، فلا تُوذُوهم، ولا تُسِيئوا إليهم"، والله أعلم

(5)

.

* * *

(1)

"ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القرْبى"(ص 50)، وعزاه إلى أبي سعد، والملّا في "سيرنه". ولم أقف على إسناده لأحكمَ على رجاله.

(2)

في (هـ): معتمد.

(3)

(7/ 77، مع الفتح)، رقم (3710)، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من طريق عبد الوهاب، عن خالد بن الحارث، عن شعبة به، وفي (7/ 95)، رقم (3751)، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب الحسن والحسين، من طريق يحيى بن معين وصدقة، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.

(4)

"النهاية في غريب الحديث والأثر"(2/ 248).

(5)

انظر: "فتح الباري"(7/ 79)، فهو فيه بنصِّه.

ص: 391