الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - بَابُ الحَثِّ على حُبّهِمْ والقيامِ بواجب حَقِّهمْ
118 -
عن محمد بن علي بن عبد الله بن عبَّاس، عن أبيه، عن جدِّه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أحِبُّوا الله لِمَا يَغْذُوكُمْ به من نِعَمِهِ، وأَحِبُّوني لِحُبّ الله عز وجل، وَأحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي"، أخرجه التّرمذيُّ
(1)
عن أبي داود "صاحب السُّنن"، وقال:"إنه حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه"
(2)
. وكذا أخرجه البيهقيُّ في "الشُّعب"
(3)
، ومن قبله الحاكم وقال:"صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه"
(4)
. ومن العجيب ذِكْرُ ابنِ الجوزي
(1)
(5/ 622) - رقم (3789).
(2)
إسناده ضعيف.
أخرجه في كتاب المناقب -باب مناقب أهل بيت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من طريق أبي داود، عن يحيى بن معين، عن هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي به.
(3)
(1/ 366) - رقم (408)، و (2/ 130) - رقم (1378)، وهو عنده أيضًا في "مناقب الشافعي"(1/ 45)، و "الآداب" - رقم (1177) من طريق عبد الله بن سليمان النوفلي به.
(4)
"المستدرك"(3/ 162) - رقم (4716)، بنفس الطريق. ووافقه الذَّهبي على تصحيحه! وسيأتي بعد قليل أنه حكَمَ على النوفلي بأنه مجهول لا يُعرف.
وهذا الإسناد مداره على عبد الله بن سليمان النَّوفلي، وقد تكلَّم فيه النُّقَّاد من جهته.
قال الذهبي في "الميزان"(4/ 113): "فيه جهالة، ما حدَّث عنه سوى هشام بن يوسف". وقال في "ديوان الضعفاء"(ص 169): "لا يُعرف". وذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 108)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/ 75) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال الحافظ في "التقريب" (ص 513):"مقبول".
قلتُ: لم يُتابع على حديثه، فهو ليِّن الحديث. قال ابن عدي في "الكامل" (7/ 2570):"وهذا لا أعلم يرويه غير هشام بن يوسف بهذا الإسناد". وعليه فالإسناد ضعيف، والله تعالى أعلم. =
لهذا الحديثِ في "العلل المتناهية"
(1)
.
119 -
وعن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى الأنصاري، عن أبيه [ح 32/ أ] رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى أَكُونَ أحبَّ إليه من نفسه، وتكُونَ عِتْرَتي أحبَّ إليه من عِتْرَته، ويكُونَ أَهْلي أَحَبَّ إليه من أهْلِهِ
(2)
، وتكون ذاتي أحَبَّ إليه من ذاته"، أخرجه البيهقيُّ في "شعب الإيمان"
(3)
، وأبو الشَّيخ في "الثَّواب"
(4)
، والدَّيلميُّ في "مسنده"
(5)
(6)
.
= • والحديث أخرجه:
البخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 183)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ"(1/ 497)، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الفضائل"(2/ 986) - رقم (1952)، ومن طريق الطَّبرانيُّ في "الكبير"(3/ 46) - رقم (2639)، و (10/ 341) - رقم (10664)، والآجرى في "الشريعة"(5/ 2276، 2278) - رقم (1760، 1761) باب ذكر إيجاب حبِّ بني هاشم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين، وابن عدي في "الكامل"(7/ 2569) في ترجمة هشام بن يوسف، وأبو نُعيم في "الحلية"(3/ 211)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(4/ 160)، والشجري في "أماليه"(1/ 152)، والذهبي في "الميزان"(4/ 113) في ترجمة عبد الله بن سليمان النوفلي.
(1)
ذكره ابن الجوزي في (1/ 267) من طريق أحمد بن نصر الذراع، عن أحمد بن رزقويه، عن يحيى بن معين به. وأعلَّه بقوله:"قال الخطيب: أحمد بن رزقويه غير معروف عندنا، والذراع لا تقوم به حجَّة".
(2)
(من أهله) ساقطة من (م).
(3)
(2/ 189) - رقم (1505) من طريق سعيد بن عمرو السكوني، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عُتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه رضى الله عنه مرفوعًا.
(4)
اسم الكتاب: "ثواب الأعمال الزَّكية"، يقع في خمس مجلدات. وقد عرضه أبو الشيخ على أبو القاسم الطبراني، فاستحسنه، ويُروى عنه أنه قال: ما علمتُ فيه حديثًا إلا بعد ان استعملتُه. انظر: "سير أعلام النبلاء"(16/ 278).
قلتُ: ذكره صاحب "معجم المصنفات الواردة في الفتح" برقم (372)، ولم يُشر إلى أنه طُبع أم لا، ولم يذكر أماكن وجود مخطوطاته إذا كان لم يُطبع بعد؛ بناءً على شرطه في مقدِّمة كتابه.
(5)
(5/ 154) - رقم (7796) من طريق سعيد بن عمرو السكوني به.
(6)
إسناده ضعيفٌ، لضَعْفِ ابن أبي ليلى.
وهو الفقيه الإمام المشهور، اسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي، شُغِلَ بالقضاء فساء حفظه جدًّا. قال الإمام أحمد: "كان سيِّئ الحفظ، مضطرب الحديث، كان فقه ابن=
120 -
وعن عبد الله بن الحارث، عن العبَّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال:
"قلت: يا رسول الله! إن قريشًا إذا لقي بعْضُهم بعْضًا لقُوهم ببشْرٍ حَسَنٍ، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها! قال: فغضب النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا وقال:
"والذي نَفْسي بيده، لا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيمَانُ حتى يُحبَّكُمْ لله ولِرَسُولهِ
(1)
"، أخرجه أحمد
(2)
، والحاكم في صحيحه"
(3)
(4)
.
= أبي ليلى أحبَّ إلينا من حديثه". وقال مرةً: "ضعيف". وقال ابن حبان: "كان فاحش الخطأ، رديء الحفظ، فكثرت المناكير في روايته، تركه أحمد ويحيى"، وتعقَّبه الذَّهبي بقوله "قلت: لم نرهم تركاه؛ بل ليَّناه". وقال الحافظ: "صدوق، سيِّئ الحفظ جدًّا".
وقال الهيثمي: "فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو سيِّئ الحفظ، لا يُحتجّ به".
لكن قال ابن عدي في آخر ترجمته من "الكامل"(6/ 2195): "وهو مع سوء حفظه يُكتب حديثه".
قلتُ: يعني في الشواهد والمتابعات. "التهذيب"(9/ 260)، و "الميزان"(6/ 224)، و"التقريب"(ص 871)، و"المجمع"(1/ 88).
• والحديت أخرجه:
الطبراني في "الكبير"(7/ 75) - رقم (6416)، و "الأوسط" (6/ 116) - رقم (5790) بمثل الإسناد واللفظ السابق. قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن الحكم إلَّا ابن أبي ليلى، ولا عن ابن أبي ليلى إلَّا سعيد بن عمرو السكوني".
(1)
في (م): "ورسوله".
(2)
(3/ 206 - شاكر) - رقم (1772).
(3)
(3/ 376) - رقم (5433).
(4)
إسنادُهُ حسنٌ بشواهده.
أخرجه أحمد، والحاكم، والآجري في "الشريعة"(5/ 2278) - رقم (1762) جميعهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن العبَّاس رضي الله عنه.
قال الحاكم: "هذا حديث رواه ابن أبي خالد عن يزيد بن أبي زياد، ويزيد وإنْ لم يخرجاه فإنَّه أحد أركان الحديث في الكوفيين".
قلتُ: هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقات، إلَّا يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولى عبد الله بن الحارث، فإنه ضعيف، وقد سبق، وقد تابعه عبد الله بن شداد بن الهاد عند الآجري، والضياء المقدسي؛ سيأتي برقم (123). وله شواهد.
121 -
واستشهد لصحَّته بما أخرجه هو
(1)
، وكذا ابن ماجه
(2)
من طريق محمد بن كعب القُرَظِيِّ، عن العبَّاس رضي الله عنه قال:
كنَّا نلقى النَّفَرَ من قريشٍ وهم يتحدَّثون فيقطعون حديثَهم، فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"ما بَالُ أقوامٍ يتحدَّثون فإذا رَأَوْا الرَّجُلَ من أَهْلِ بَيْتِي قَطَعُوا حَدِيثَهُم، واللَّهِ لا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الإِيمانُ حتى يُحِبَّهُمْ لله ولِقرَابَتِهِمْ منِّي"
(3)
.
(1)
"المستدرك"(4/ 85) - رقم (6960).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1/ 50) - رقم (140)، المقدِّمة- باب فضل العبَّاس.
(3)
إسناده رجالُهُ ثقات؛ لكنه منقطعٌ.
أخرجه الحاكم، وابن ماجه، من طريق محمد بن فضيل، عن الأعمش عن أبي سَبْرة النَّخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العبَّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: كنَّا نلقى النَّفر
…
وذكره.
قال الحاكم عقبه: "هذا حديث يُعرف من حديث يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العبَّاس، فإذا حصل هذا الشاهد من حديث ابن فُضيل عن الأعمش حكمنا له بالصحة! ".
- ومن طريقهما الخطيبُ البغداديُّ في "تاريخه"(4/ 146) في ترجمة محمد بن يزيد بن رفاعة. واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(8/ 1500) - رقم (2724).
وهو معلولٌ بالانقطاع؛ فإنَّ رواية محمد بن كعب القرظي عن العبَّاس رضي الله عنه مرسلة، فلا يصح له منه سماع.
قال يعقوب بن شيبة: "وُلِدَ في آخر خلافة عليّ سنة أربعين، ولم يسمع من العبَّاس". وقال الحافظ: "روى عن العبَّاس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وعمرو بن العاص، وأبي ذرٍّ، وأبي الدرداء، يقال: إن الجميع مرسل". "التهذيب"(9/ 364). قال الذهبي في ترجمته من "النبلاء"(5/ 66): "وهو يرسل كثيرًا، ويروي عمن لم يلقهم، فروى عن أبي ذرٍّ، وأبي الدرداء، وعليٍّ، والعباس، وسلمان، وعمرو بن العاص".
قلتُ: ظاهر كلامه رحمه الله أن هؤلاه ممَّن روى عنهم مرسلًا. وقد صحَّح أبو داود سماعَه من على وابن مسعود، والله تعالى أعلم. وانظر:"جامع التحصيل"(ص 329)، قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" (1/ 72):"هذا إسناد رجاله ثقات، إلَّا محمد بن كعب روايتة عن العبَّاس يقال مرسلة".
وأبو سَبرة النَّخعي، قال فيه يحيى بن معين: أبو سبْرة الذي روى عن محمد بن كعب القرظي، الذي روى عنه الأعمش لا أعرفه. "الجرح والتعديل" (9/ 384). وقال الضياء في "المختارة" (8/ 382):"وأبو سبرة لا يُعرف اسمه". =
122 -
وعن عبد الله بن الحارث أيضًا، عن عبد المطَّلب بن ربيعة رضي الله عنه قال:
دخل العبَّاس رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
إنَّا لَنَخْرُج فنرى قريشًا تحدَّثُ، فإذا رَأوْنَا سَكَتُوا! فغضب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم[ح 32/ ب] ودَرَّ عِرْقٌ بين عينيه ثم قال:
"واللهِ لا يَدْخُلُ قَلْبَ إمْرِئٍ
(1)
مُسْلِمٍ إيمَانٌ حتى يحِبكمْ للهِ ولِقَرَابتي"، أخرجه أحمد
(2)
، والبغوي
(3)
(4)
.
= قلتُ: هو معروف، قيل اسمه عبد الله بن عابس الكوفي، من رجال "التهذيب". ذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 569). وقال الحافظ في "التقريب" (ص 1151):"مقبول".
(1)
(امرئ) سقطت من (م).
(2)
في "المسند"(3/ 207 - شاكر) - رقم (1773).
(3)
في "مصابيح السنَّة"(4/ 191) - رقم (4819).
(4)
إسنادُهُ حسن بشواهد.
أخرجه أحمد من طريق جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن ربيعة قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم
…
وذكره. ومن طريقه ابن قانع في "معجم الصحابة"(10/ 3672) - رقم (1197)؛ لكنه قال: عبد المطلب بن ربيعة، والبغوي في "المصابيح"، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، غير يزيد بن أبي زياد، فهو ضعيف، وقد تُوبع.
• والحديث أخرجه:
ابن أبي شيبة في "مسنده"(2/ 395) - رقم (918)، و"مصنَّفه"(6/ 385) - رقم (32201) من طريق محمد بن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد به، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1/ 318) - رقم (439)، وكذا في "السُّنَّة"(2/ 632) - رقم (1497)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(1/ 168) كلاهما من طريق ابن أبي شيبة. والطبراني في "الكبير"(20/ 284 - 285) - برقم (672، 673، 674) من طرقٍ عن يزيد بن أبي زياد به. وهو عنده أيضًا برقم (672) من حديث المطَّلب ابن أبي وداعة، وأحمد (4/ 166) من طريق يزيد بن عطاء، عن يزيد بن أبي زياد به، لكنه قال: عن عبد المطلب ابن ربيعة، ويزيد بن عطاء، هو اليشكري (ليَّن الحديث). "التقريب"(ص 1080). وسيأتي شاهده قريبًا.
- وأخرجه ابن قانع في "معجمه"(14/ 4920) - رقم (1916) من طريق عمرو بن ثابت بن هرمز، عن يزيد به، ولفظه:"لا يجد عبدٌ طعم الإيمان حتى يُحبكم لله عز وجل". وعمرو بن ثابت بن هرمز البكري (ضعيف الحديث جدًّا)، تقدَّم برقم (56)(ص 332). =
123 -
وكذا التِّرمذيُّ في "جامعه"
(1)
؛ لكن بلفظ: "حتى يحبَّكُمْ للهِ ولِرَسُولِهِ"
(2)
.
124 -
وهو عند محمَّد بن نَصْر المرْوَزي
(3)
، بلفظ: "والذي نَفسي بيده لا يَدْخُل قَلْب أَحَدٍ الإِيمَانُ حتى يُحِبَّكمْ لله ولِقَرَابَتي
…
" الحديث؛ وسمَّى
= • فائدة: قال الشيخ محمد الصالح العُثيمين في "شرح الواسطية"(2/ 276): "وفي قول العبَّاس: (إن بعض قريش يجفو بني هاشم)، دليل على أن جفاء آل البيت كان موجودًا منذ حياة النبي، وذلك لأن الحسد من طبائع البشر، إلَّا من عصمه الله عز وجل، فكانوا يحسدون آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام على ما من الله به عليهم من قرابة النبي، فيجفونهم ولا يقومون بحقِّهم".
(1)
(5/ 610) - رقم (3758).
(2)
إسناده حسنٌ بشواهد".
أخرجه في كتاب المناقب -باب مناقب العبَّاس، من طريق قتيبة، عن أبي عوانة، عن يزيد بن أبي زياد
…
إلخ الإسناد. قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وهو عند النسائي في "السنن الكبرى"(5/ 51) - رقم (8176)، و "الفضائل" له - رقم (73) بنحو حديث الترمذي سندًا ومتنًا.
قلتُ: يُقال فيه ما قيل في سابقه. ويزيد بن أبي زياد تابعه عبد الله بن شدَّاد بن الهاد:
أخرجه الآجري في "الشريعة"(5/ 2279) - رقم (1763)، والضِّياء في "المختارة"(8/ 389) - رقم (481) من طريق مروان بن معاوية، عن يحيى بن كثير الكاهليّ [ووقع عبد الآجري: يحيى ابن أبي كثير، وهو غلط]، عن صالح بن خبَّاب، عن عبد الله بن شدَّاد، عن العبَّاس بن عبد المطلب رضي الله عنه، بنحو لفظه. وفيه بحيى بن كثير. فال في "التقريب" (ص 1064):"ليِّن الحديث". ومروان بن معاوية الفزاري، مشهور بالتدليس. قال الحافظ:"ثقة حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ". "التقريب"(ص 923).
قلتُ: وقد عنعنه ههنا عن يحيى بن كثير الكاهلي، والحديث -كما سبق- حسنٌ أو صحيحٌ بمجموع طرقه وشواهده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم"(1/ 383) في كلامٍ حوله: "
…
فإنَّ الحجَّة قائمة بالحديث على كل تقدير، لا سيَّما وله شواهد تؤيد معناه".
(3)
لعلَّه في كتابه "مسند المروزي"، وقد أشار صاحب "معجم المصنَّفات الواردة في الفتح" رقم (1220) أن منه نسخة توجد بدار الكتب المصرية، وقد قام الدكتور محمد بن سليمان الربيش، بتحقيق قسم منه في رسالته للدكتوراه بجامعة الإمام محمد بن مسعود الإسلامية -سنة (1409 هـ)، كما في "معجم ما طبع من كتب السنَّة" (ص 277) - إعداد: مصطفى عمار منلا.
الصحابي المطلب بن ربيعة
(1)
.
125 -
ورويناه من طريق أبي الضُّحى، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما
(2)
قال:
جاء العبَّاس رضي الله عنه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّك تركتَ فينا ضغائنَ منذ صنعتَ الذي صنعتَ! "، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"لا تَبْلُغُوا
(3)
الخير -أو قال الإِيمانَ- حتى يُحِبُّوكُمْ للَّهِ، ولِقَرَابتي؛ أترْجُو سَلْهَبُ
(4)
-حيٌّ من مراد- شفاعتي ولا يَرْجُوها بنو عبد المطَّلب"، أخرجه الطبرانيُّ في "الكبير"
(5)
.
(1)
سبقت ترجمته في مقدِّمة المصنِّف في قرابات النبي صلى الله عليه وسلم: وقد بيَّن العلَّامة أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- أن اسمه (عبد المطلب)، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُغيِّره كما قال ابن عبد البر، ولكن أسرته وأقاربه يختصرون اسمه كما بحدث في الأُسر، فيقولون:(المطلب). راجع: "تعليق الشيخ على المسند"(3/ 207).
(2)
من هنا إلى قوله: (العباس رضي الله عنه سقط من (م).
(3)
كذا في جميع النُّسخ: (تبلغوا)، بينما هو في "المعجم الكبير" المطبوع:(يبلغوا).
(4)
الذي في "الأنساب" للسمعاني (3/ 283): (سَلْهَم) -بالميم- بطن من بطون مراد، والنّسبة إليه (سَلْهَمِي). وذكر ابن دريد في "الاشتقاق" (ص 406) هذه القبيلة بهذا الاسم (سَلْهم) وأنه مشتق من قولهم: اسلَهَمَّ الرجل، إذا ضمُرَ؛ على أن الشيخ عبد السلام هارون ضبطها بالكسر (سِلهمِ).
(5)
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
أخرجه في (11/ 343) - رقم (12228) من طريق محمد بن زكريا الغَلابي، عن أبي حذيفة، عن معان، عن أبيه، عن أبي الضُّحى، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وفيه محمد بن زكريا الغَلابي، شيخ الطبراني.
قال الدارقطني ويحيى: "يضع الحديث". وقال ابن منده: "تُكلِّم فيه". وذكر الذهبي في ترجمته من "الميزان" حديثًا عن أبي الزبير عن جابر في فضل زين العابدين علي بن الحسين، ثم قال عقبه:"فهذا من كذب الغَلابي! " ومثله صنع ابن الجوزي. انظر: "ميزان الاعتدال"(6/ 151)، و"لسان الميزان"(5/ 173)، و "الكشف الحثيث" (ص 229). وقال ابن حبان في "الثقات" (9/ 154):"كان صاحب حكايات وأخبار، يُعتبر حديثه إذا روى عن الثقات؛ لأنه في روايته عن المجاهيل بعض المناكير".
قلتُ: وروايته التي بين أيدينا عن أبي حذيفة، وهو موسي بن مسعود النَّهدي البصري.
فال أبو حاتم: "صدوق، معروف بالثوري؛ ولكن كان يُصحِّف". ووثَّقه ابن حبان، والعجلي، وابن=
126 -
وعنده في "الأوسط"
(1)
من طريق عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"يا بني هاشم! إني قد سألتُ الله عز وجل لكم أَنْ يَجْعَلَكمْ نُجَباءَ رُحَمَاءَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَهْدِيَ ضالَّكمْ، ويُؤَمِّنَ خائفَكُمْ ويشْبِعَ جائِعَكُمْ".
وإنَّ العبَّاس رضي الله عنه أتى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-فقال: "يا رسولَ اللهِ! إني انتهيتُ إلى قوم يتحدَّثون. فلمَّا رأوْني سكتوا! وما ذاك إلَّا أنهم يُبغضونا! ".
ففال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَ قد فعلوها، والذي نَفْسِي بيده، لا يُؤْمِن أحدكُم حتى يُحبَّكُم بحبِّي، أيَرْجُون أنْ يدخُلوا الجنَّةَ بشفاعتي ولا يَرْجُوها بنو عبد المطلب"
(2)
.
= سعد. "التهذيب"(10/ 330). قال الحافظ في "التقريب"(ص 985)"صدوق سيِّئ الحفظ، وكان يُصحَّف".
• والحديث له طريق آخر، رجال إسناده رجال الشيخين، لكنه منقطع.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنَّف"(6/ 385) - رقم (32203) قال: حدثنا ابن نمير، عن سفيان -هو الثوري-، عن أبيه، عن أبي الضُّحى مسلم بن صبيح قال: قال العبَّاس: يا رسول الله! إنا نرى وجوه قومٍ من وقائعَ أوقعتها فيهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لن يُصيبوا خيرًا حتي يحبُّوكم لله ولقرابتي، ترجو سلهب شفاعي ولا يرجوها بنو عبد المطلب".
أبو الضُّحي؛ الظاهر أنه لم يدرك العبَّاسَ بنَ عبدِ المطلب رضي الله عنه ولم يسمع منه، فهو يروي عن ابن عباس، وابن عمر ومَن في طبقتهما، وقد كانت وفاة العبَّاس سنة (32 هـ)، وأما مسلم بن صُبيح فقد كانت وفاته متأخرة. فهي في سنة (100 هـ) في خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، وقد صرَّح أبو زرعة الرازي كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 169) أن روايتة عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه مرسلة، وقد كانت وفاة عليٍّ سنة (40 هـ)، وعليه؛ فإنَّ روايته عن العباس مرسلة من باب الأولى.
قلتُ: ولعله سقط (عن ابن عباس) من "المصنف" المطبوع؛ فالله تعالى أعلم، وعلى كلِّ حالٍ فهو يتقوَّى بالشواهد السابقة.
(1)
(8/ 26) - رقم (7761).
(2)
إسنادُهُ منكرٌ.
أخرجه في "الأوسط" من طريق أبي الأشعث، عن أصرم بن حوشب، عن إسحاق بن واصل، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن عبد الله بن جعفر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الطبراني:"لا يروى عن عبد الله بن جعفر إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به أبو الأشعث". =
127 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه [ح 33/ أ] عن دُرَّة ابنة
(1)
أبي لهب رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبًا حتى استوى على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"ما بَالُ رجالٍ يُوذُونِي في أَهْلٍ بيتي، والذي نَفْسي بيده، لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ بي
(2)
حتى يُحِبَّني، ولا يُحِبُّني حتى يُحِبَّ ذوِيَّ"، رواه أبو الشَّيخ بسندٍ ضعيفٍ
(3)
.
= قلتُ: هذا إسنادٌ فيه هالكان متروكان.
• أولهما: أصْرَم بن حَوْشب. قال الذهبي في "الميزان"(1/ 437): أصرم هالك!
وقال يحيى بن معين: كذَّاب خبيث. وقال الأئمة البخاري ومسلم والنسائي وأبو حاتم: متروك. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات. وقال الدارقطني: منكر الحديث. وقال الحاكم والنَّقاش: يروي الموضوعات. انظر: "لسان الميزان"(1/ 581). وفي "تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان"(ص 58): اتَّفقوا على أنه متروك الحديث.
• ثانيهما: شيخه إسحاق بن واصل.
قال الذهبي في "الميزان"(1/ 357 - 358): "من الهلكى، فمن بلاياه التي أوردها الأزدي
…
". ثم ذكر له الذهبي عدة أحاديث. ثم أعقبها بقوله: "
…
لكن الجميع من رواية أصرم بن حوشب، وليس بثقة عنه، وهو هالك".
قلتُ: ولصدر الحديث شاهدٌ قويٌّ من حديث ابن عبَّاس دون ذكر قصة العبَّاس ومجيئه للنبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(3/ 161) - رقم (4712)، وابن أبي عاصم في "السنَّة"(2/ 642) - رقم (1546)، وابن بشران في "أماليه" رقم (467)، وابن الأبار في "المعجم"(ص 132) واللفظ للحاكم، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن حميد بن قيس المكي، عن عطاء بن أبي رباح وغيره من أصحاب ابن عبَّاس، عن ابن عبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا بني عبد المطَّلب! إني سألت الله لكم ثلاثًا: أن يثبّت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يُعلِّم جاهلكم. وسألتُ الله أن يجعلكم جوداء، نُجَداء، رحماء، فلو أنَّ رجلًا صَفنَ بين الركن والمقام فصلَّى وصام ثم لقي الله وهو مبغض لأهل بيت محمد دخل النَّار".
قال الحاكم: هذا حديث حسن صحيح على شرط مسلم، ولم يخرِّجاه. ووافقه الذهبي على ذلك. وسيورده المؤلف في الباب الحادي عشر (باب التحذير من بغضهم وعداوتهم)، برقم (343).
(1)
في (م): بنت.
(2)
(بي) سقطت من (م)،
(3)
لم أقف عليه عند أبي الشيخ فيما بين يدي من المصادر.
128 -
وروى ابنُ أبي عاصم
(1)
والطَّبرانيُّ
(2)
، وابنُ منده
(3)
، من طريق عبد الرَّحمن بن بشير -وهو ضعيف-، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، وزيد بن أسلم، عن ابن عمر.
وعن سعيد المَقْبُرِيِّ، وابن المنكدر، عن أبي هريرة، وعن عمَّار بن ياسر رضي الله عنهم قالوا:
"قَدِمَتْ دُرَّة ابنةُ
(4)
أبي لهب المدينة مهاجرةً، فنزلت في دار رافع بن المعلَّى. فقال لها نسوةٌ من بني زُرَيْق: أنتِ ابنة أبي لهب الذي يقول الله عز وجل له
(5)
: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}
(6)
؟ ! فما تُغني عنك هِجْرَتُك"! فأتَتْ دُرَّة النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له.
فقال: "اجلسي"، ثم صلَّى بالنَّاس الظهرَ، وجَلَسَ على المنبر ساعةً، ثم قال:
"أَيُّها النَّاس! ما لي أُوذَى في أَهلي؟ فوالله إنَّ شفاعتي لَتَنالُ قَرَابتي، حتى إنَّ صُداءً وحَكَمًا وسَلْهَبًا لَتَنَالُهَا يومَ القيامةِ"
(7)
.
(1)
في "الآحاد والمثاني"(5/ 470) - رقم (3165).
(2)
في "المعجم الكبير"(24/ 259) - رقم (660).
(3)
عزاه إليه ابن حجر في "الإِصابة"(8/ 127)، وكذا ابن الأثير في "أسد الغابة"(7/ 139).
(4)
(ابنة) سقطت من (م).
(5)
(له) سقطت من (م).
(6)
المسد (آية: 1).
(7)
إسناده رجالُهُ ثقات، إلَّا عبد الرحمن بن بشير الشَّيباني، فإنه ضعيف.
قال أبو حاتم الرازي كما في "الجرح والتعديل"(5/ 215): "منكر الحديث، يروي عن ابن إسحاق غير حديثٍ منكر". وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 373). ووثَّقه دُحيم، كما في "لسان الميزان"(3/ 470).
وقال المصنف: ضعيف -كما سبق-، وهو منقول عن شيخه كما في "الإصابة"(8/ 127)، ووقع فيه (عبد الرحمن بن بشر! )، وهو خطأ. وابن إسحاق، وإنْ كان كثير التدليس، فإنه صرَّح بالتحديث.
* وصُدَاء حيٌّ من اليمن
(1)
، وكذا حَكَمٌ أبو حيٍّ من اليمن أيضًا
(2)
.
129 -
وهو عند ابن منده من طريق يزيد بن عبد الملك النَّوفليِّ -وهو واهي
(3)
-، عن سعيد المَقْبُريِّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن سُبَيْعة ابنة أبي لهبٍ
(4)
رضي الله عنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله! إنَّ النَّاسَ يَصِيحُون بي، يقولون إنِّي ابنة حطب النَّار! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضبٌ شديدُ الغضبِ فقال:
"ما بَالُ أقوامٍ يُؤذُونَني في نَسَبِي وذَوِي رَحِمِي، ألا وَمَنْ آذى نسبي وذوي رحمي فقد آذاني، وَمَنْ آذاني فقد آذى الله"
(5)
.
(1)
صُدَاء: بضم الصاد وفتح الدال، في آخرها همزة، قبيلة من اليمن، وهم بطن من كهْلان من القحطانية، وهم بنو صُداء بن يزيد بن حرب، وسُمُّوا بذلك لأنهم صُدّوا عن بني يزيد بن حرب وجانبوهم وحالفوا بني الحارث بن كعب. والنِّسبة إليه (صُدائي). انظر:"الأنساب" للسمعاني (3/ 526)، و"نهاية الأرب" للقلقشندي (ص 286).
(2)
حَكَم: بفتح الحاء المهملة والكاف، قبيلة في أقصى اليمن، وهم بنو حَكَم، وهو ابن سعد العشيرة ابن مالك بن عمرو بن الغوث
…
ينتهي نسبه إلى يعْرب بن قحطان. والنِّسبة إليه حَكَميّ. "الأنساب"(2/ 242)، و"نهاية الأرب"(ص 220).
(3)
تحرَّفت في (م) إلى: (وهو رواه)، وهي في (ك) كما في الأصل.
(4)
ذكرها الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(8/ 172)، بهذا الاسم وأحال على ترجمتها في حرف (الدال)، على أنها دُرَّة وترجمها ابن الأثير في "أسد الغابة" في موضعين، في حرف (الدال)، وفي حرف (السين). وسمَّاها ابن عبد البر في "الاستيعاب" (4/ 395): دُرَّة.
(5)
إسنادُهُ ضعيفٌ.
عزاه إلى ابن منده الحافظُ ابنُ حجر في "الإصابة"(8/ 127)، من الطريق المذكور.
وقد أخرجه أبو أحمد بن عدي في "الكامل"(7/ 2717)، في ترجمة يزيد بن عبد الملك النوفلي، من طريق أحمد بن يسار، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سبيعة بنت أبي لهب
…
الحديث.
وفي إسناده -كما قال المؤلف- يزيد بن عبد الملك النَّوفلي، كان الإِمام أحمد سيء الرأي فيه. قال يحيى بن معين: ليس حديثه بذاك. وقال مرة: ما به بأس! وقال أبو زرعة الرازي والدارقطني: ضعيف. وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث جدًّا. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال البخاري: أحاديثه شبه لا شيء، وضعَّفه جدًّا. =
130 -
وكذا أخرجه البيهقيُّ
(1)
من هذا الوجه، بلفظ: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضبٌ شديدُ الغضبِ فقال:
"ما بالُ أقوامٍ يُؤْذُنَني في قَرَابَتي، ألَا مَنْ آذى قَرَابَتي فَقَد آذَاني، وَمَنْ آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى".
وقال ابنُ منده
(2)
عَقِبَه: "رواه محمد بن إسحاق وغيره عن المَقْبُريِّ، فقالوا
(3)
: قدمت دُرَّة ابنة أبي لهب، يعني كالأول، وصوَّبه أبو نُعيم
(4)
. على أنه يجوز أن يكون لها اسمان، أو أحدهما لقبٌ، أو تعدَّدتْ القصَّة لامرأتين"، أفاده شيخي
(5)
رحمه الله.
قُلْتُ: ويشهد للتَّعدد وقوعُ ذلك لغيرهما:
131 -
فروى الطَّبرانيُّ في "الكبير"
(6)
، عن عبد الرحمن بن أبي رافع، عن أمِّ هانئ ابنة أبي طالب رضي الله عنها، أنَّها خرجتْ متبرجةً قد بدا قُرْطَاهَا
(7)
!
فقال لها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اعلمي، فإنَّ محمَّدًا لا يُغني عنك شيئًا! ".
= وقال ابن حبان: كان يروي المقلوبات عن الثقات، ويأتي بالمناكير عن أقوام مشاهير! فلما كثر ذلك في أخباره بطل الاحتجاج بآثاره. وقال ابن عدي: مضطرب الحديث، لا ينضبط ما يرويه. وقال في آخر ترجمته: عامة ما يرويه غير محفوظ. انظر: "الميزان"(7/ 254)، و"المجروحين"(3/ 102)، و" الكامل في الضعفاء"(7/ 2717)، و "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي (3/ 210 - 211).
(1)
في "مناقب الشافعي" له (1/ 63).
(2)
سبقت ترجمته (ص 272).
(3)
في (م): قالوا.
(4)
انظر: "أسد الغابة" لابن الأثير (7/ 139).
(5)
في "الإصابة في تمييز الصحابة"(8/ 128)، ترجمة دُرَّةَ بنت أبي لهب.
(6)
(24/ 434)، رقم (1060).
(7)
القُرْطُ: نوعٌ من حُليِّ الأُذُنِ معروف، يُجمع على أقراط، وقِرَطة، وأقْرِطة. "النهاية في غريب الحديث والأثر"(4/ 41).
فجاءت إلى النَّبيِّ فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما بَالُ أقوامٍ يَزْعَمُونَ أن شفاعتي لا تَنَالُ أَهْلَ بَيْتي، وإنَّ شفاعتي تنالُ صُدَاء، وحَكَم"
(1)
.
132 -
وروى البزَّار في "مسنده"
(2)
من حديث هانئ بن أيوب الحضرميِّ
(3)
، حدَّثني عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال:"تُوفِّي ابنٌ لصفيَّةَ عمَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم-رضي الله عنها، فبكت عليه وصاحتْ! فأتاها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عَمَّة! ما يُبكيكِ؟ "، فقالت: "توفِّي ابني".
قال: "يا عَمَّة! من تَوفَّى له وَلَدٌ في الإِسلام فَصَبَرَ بنى الله له بَيْتًا في الجنَّة"،
(1)
إسنادُهُ رجالُهُ موَثَّقون، لكنه منقطعٌ.
أخرجه في "الكبير" من طريق زكريا بن يحيى الساجي، عن هُدْبة بن خالد، عن حمَّاد بن سلمة، عن عبد الرحمن بن أبي رافع، أن أمَّ هانئ بنت أبي طالب خرجت
…
وذكره.
زكريا بن يحيى الساجي (ثقة، فقيه). "التقريب"(ص 339)، وهُدْبة بن خالد (ثقة عابد، تفرَّد النسائي بتليينه). "التقريب"(ص 1018). وحمَّاد بن سلمة (ثقة عابد، من أثبت الناس في ثابت، وتغيَّر حفظه بأخَرة). "التقريب"(ص 268). أما عبد الرحمن بن أبي رافع فإنه لم يدرك أمَّ هانئ، فلا يثبت له منها سماع. إنما يروي عن عبد الله بن جعفر، وعن عمَّه عن أبي رافع. وعن عمَّته سلمى، عن أبي رافع. قال ابن معين فيه: صالح الحديث. وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، من الرابعة. انظر:"التهذيب"(6/ 155)، و"التقريب"(ص 577).
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 257): "هو مرسل، ورجاله ثقات".
قلتُ: مرَّت أحاديث في أول الباب برقم (124 و 125 و 127)، وهي وإنْ كانت ضعيفة إلَّا أنه يُقوِّي بعضها بعضًا.
(2)
(3/ 110، كشف)، رقم (2363).
(3)
هكذا جاء اسمه: (هانئ بن أيوب الحضرمي)، وهو كما سيتبيَّن من خلال التخريج شخص آخر، يُرجَّح أن يكون هو هانئ ابن بنت الحضرمي، والراوي المذكور هنا هو: هانئ بن أيوب الحضرمي الكوفي، يروي عن طاووس، والشعبي، ومحارب بن دثار. وعنه ابنه أيوب، وابن مهدي، وحسين الجعفي. ذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 582)، وسمَّاه البجلي. وترجمه الذهبي في "الميزان"(7/ 71)، وقال:"صدوق".
وقال ابن سعد: فيه ضعف. ولذا قال الحافظ في "التقريب"(ص 1017): "مقبول". وانظر: "التهذيب"(11/ 20).
قلتُ: ورواية هذا عن ابن عباس مرسلة، وسيأتي في التخريج التنبيه على ذلك.
فسكتت. ثم خرجتْ من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقبلها عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه فقال:"يا صفيَّةُ! سمعتُ صُرَاخَكِ، إنَّ قرابَتَكِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تُغْني عنك من الله شيئًا! "، فبكتْ! فسمعها
(1)
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وكان يُكْرمُها ويُحِبُّها، فقال:"يا عَمَّة! أتبكينَ وقد قلتُ لكِ ما قلتُ! ".
قالت: ليس ذلك أبكاني يا رسول اللهِ، استقبلني عمر بن الخطاب فقال: إنَّ قَرَابَتَكِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تُغْنيَ عنكِ من الله شيئًا! قال: فغضب النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال: "يا بلالُ! هَجِّرْ بالصَّلاة".
فَهَجَّرَ بلالٌ بالصَّلاة، فصعد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المنبَر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"ما بالُ أقوامٍ يَزْعُمُون أن قَرَابَتِي لا تَنْفَعُ، كلُّ نَسَبٍ وسَبَبٍ منقطعٌ يومَ القيامةِ إلَّا سَبَبي ونَسَبِي، فإنَّها موصُولةٌ في الدُّنيا والآخرة".
فقال عمر: "فتزوجتُ أمَّ كلثوم [ح 34/ ب] بنت علي رضي الله عنهم لمَّا سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ، أحببتُ أن يكون لي منه سَبَبٌ ونَسَبٌ". ثم خرجتْ من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرَّت على ملأ من قريش، فإذا هم يتفاخرون، ويذكرون الجاهلية!
فقالت: "منَّا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقالوا:"إنَّ الشجرة لَتنْبُتُ في الكِبَا"، قال: فمرَّت إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتْهُ! فقال: "يا بلالُ! هَجِّرْ بالصَّلاة"، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
"يا أيُّها النَّاس! مَنْ أنا؟ "، قالوا:"أنت رسول الله".
قال: "انْسِبُوْني"، قالوا:"أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطَّلب".
قال: "أَجل، أنا محمد بن عبد الله، وأنا رسول الله.
فما بالُ أقوامٍ يِبْتَذِلُونَ أصْلِي، فوالله لأنا أفضلُهم أصْلًا، وخيرُهم مَوْضِعًا".
(1)
في (م): فسمع.
قال: فلمَّا سمعت الأنصار بذلك قالوا: "قوموا فخذوا السِّلاحَ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُغْضِبَ".
قال: فأخذوا السِّلَاح. ثم أتوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لا يُرى منهم إلَّا الحدَق، حتى أحاطوا بالنَّاس فجعلوهم في مثل الحرَّة، حتى تضايقت بهم أبواب المسجد والسِّكَكِ. ثم قاموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:"يا رسول اللهِ! لا تأمرنا بأحد إلَّا أبَرْنَا عِتْرَته"، فلمَّا رأى النَّفر من قريش ذلك قاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذروا، وتنصُّلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"النَّاسُ دِثَارٌ، والأنْصَارٌ شِعَارٌ"، فأثنى عليهم، وقال خيرًا.
قال البزَّار: "لا نعلمه بهذا اللفظ إلَّا بهذا الإِسناد"
(1)
.
(1)
إسنادُهُ واهٍ بمرّة.
أخرجه البزار من طريق إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه، عن سلمة بن كُهيْل (! ! ) هكذا في "كشف الأستار"، عن هانئ ابن ابنة الحضرمي، عن ابن عباس.
والإِسناد في "مختصر زوائد البزار"، للحافظ ابن حجر (2/ 273)، رقم (1857)، ما يلي: حدَّثنا إبراهيم بن إسماعيل، حدَّثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن هانئ بن أمية الحضرمي، حدثني ابن عباس. قال البزار:"لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلَّا بهذا الإِسناد".
إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كُهيْل، مجمعٌ على ضعفه. قال العقيلي: لم يكن إبراهيم يقيم الحديث. وذكر الذهبي في "الميزان" أن أبا زرعة ليَّنه، وأنَّ أبا حاتم تركه. وفي "الكاشف": اتَّهمه أبو زرعة. قال الحافظ في "التقريب": ضعيف. انظر: "الميزان"(1/ 136)، و"التهذيب"(1/ 96)، و"الكاشف"(1/ 208)، و"التقريب"(ص 104).
وأما أبوه إسماعيل بن يحيى، فهو مجمع على تركه. قال الدارقطني والأزدي وابن حجر: متروك. وقال الذهبي: واهٍ. انظر: "التهذيب"(1/ 303)، و"الكاشف"(1/ 250)، و"التقريب"(ص 145). وأمَّا جدُّه يحيى بن سلمة بن كُهَيل، فهو أشدُهم ضعْفًا كما قال المؤلفُ، وصَدَقَ.
وهذه أقوال أئمة الجرح والتعديل في الرجل:
قال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال في رواية: ليس بشيء. وفي أخرى: لا يُكتب حديثه. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ليس بالقوي. وقال البخاري: في أحاديثه مناكير. وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وفي رواية للنسائي: ليس بثقة. وفي أخرى للدارقطني: ضعيف. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا جدًّا. وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًّا. وقال الترمذي: يُضعَّف في الحديث. وقال الآجري عن أبي داود: ليس بشيء. وقال الحافظ: متروك، وكان شيعيًّا. انظر:"تاريخ ابن معين"(2/ 648)، =
قلتُ: وفيه غير واحد من الضُّعفاء، شيخُه إبراهيم، وأبوه إسماعيل، وجدُّه يحيى بن سلمة بن كُهَيْل، وهو أشدُّهم ضَعْفًا. قال العِجْليُّ
(1)
: "إنه كان يَغْلُو في التَّشيُّع"
(2)
.
وقد وقع لي في "جزء أحمد بن عثمان بن يحيى الأدَمِيِّ"
(3)
، قال: ثنا ابن أبي العوَّام، ثنا أبي، ثنا إسماعيل بن يحيى
(4)
به. لكنه قال: عن هانئ بن ثُبَيت
(5)
، فيُحرَّر.
= و"سؤالات الآجري"(1/ 239)، و"التاريخ الكبير"(8/ 277)، و"الجرح والتعديل"(9/ 154)، و"المجروحين"(3/ 112)، و"التهذيب"(11/ 195)، و"الضعفاء الكبير"(4/ 405)، و"الكامل في الضعفاء"(7/ 2653)، و"التقريب"(ص 1056). وسيأتي مزيد بيان للتخريج بعد قليل.
(1)
هو أحمد بن عبد الله بن صالح، أبو الحسن العِجْلِي، إمام، حافظ، قدوة. ولد بالكوفة سنة (182 هـ). خرج هاربًا بعقيدته من العراق وقت المحنة بخلق القرآن إلى المغرب، واستقر بطرابلس الغرب، فكان يُعلِّم الحديث هناك. له كتاب "الثقات" الذي قام الهيثمي بترتيبه. مات بالمغرب عام (261 هـ)، وقبره هناك بالساحل.
"تاريخ بغداد"(4/ 236)، و"شذرات الذهب"(2/ 141).
(2)
نصُّ كلامه في "تاريخ الثقات - ترتيب الهيثمي" له (ص 472): "ضعيف الحديث، وكان يغلو في التَّشيُّع". اهـ. وهو أيضًا في: "تهذيب التهذيب"(11/ 196).
(3)
هو أحمد بن عثمان بن يحيى بن عمرو، أو الحسين البزَّاز العَطَشي الأَدَمي -بفتح الألف والدّال المهملة، وفي آخرها ميم- نسبة إلى من يبيع الأدم. وُلِد سنة (255 هـ). سمع محمد بن ماهان زنبقة، وعباس الدُّوري. وروى عنه هلال الحفَّار وابن شاذان. قال الخطيب: كان ثقة، حسن الحديث. توفِّي سنة (349 هـ). "تاريخ بغداد"(5/ 56)، و"الأنساب"(1/ 100)، و (4/ 209).
(4)
(به)، سقطت من (م).
(5)
تنبيه: الذي ذكره المصنِّف في إسناد البزار (هانئ بن أيوب الحضْرمي)، والموجود في "كشف الأستار" (3/ 110):(هانئ ابن ابنة الحضْرمي)، ووقع اسمه في "مختصر زوائد البزار" لابن حجر (2/ 273):(هانئ بن أمية الحضْرمي). ولعلَّ الذي في "الكشف" تحرَّف إلى: (ابن ابنة الحضرمي)، بدلًا من (ابن أمية)، والله تعالى أعلم بالصواب.
قلتُ: وهو بالاسم الأول مترجمٌ في "الثقات"(7/ 582)، و"التهذيب"(11/ 20)، ولم ينسباه إلى حضرموت، وإنما هو فيهما (الحنفي الكوفي). روى عن طاووس، والشعبي، وغيرهما. وعليه، فإنَّ روايته عن ابن عباس مرسلة! وهي علة في الحديث تضاف إلى ما سبق في تضعيف الحديث. وسبق في ترجمته -قبلُ- الحكمَ عليه. =
وعزاه المحبُّ الطَّبريُّ
(1)
لأبي عليّ بن شاذان
(2)
، وما رأيتُهُ في "مَشْيَخَتِهِ"، فيُنْظر غيرهما من حديثه.
• وقوله "هَجِّرْ": أي بكِّر بالصَّلاة أول وقتها
(3)
.
• وَ"الكِبَا": بالكسر والقصر، جمع أكباء، الكُنَاسَة
(4)
.
• وَ"أبَرْنَا": بموحدة، أي أهْلَكْنَا، فإنْ كانت همزتُه أصلية، فهو من أبَرْتُ الكلبَ إذا أطْعَمْتُهُ الإِبْرَة في الخبز، وإنْ كانت زائدة، فهو من البَوَار
(5)
.
133 -
ولأبي جعفر محمد بن عمرو بن البُخْتَري في المجلس الأول، من جزءٍ فيه أحد عشر مجلسًا من أماليه، من حديث عبد الله بن محمد -هو ابن عقيل بن أبي طالب الهاشميّ-، ثنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمٌ تخدمهم يقال لها بَريرة
(6)
، فلقيها رجلٌ فقال:
= وأما الذي وقع في إسناد الأدَمي (هانئ بن ثُبَيْت)، فهو هكذا في سائر النُّسخ -بضم الثاء وفي آخره تاء-، وهو مترجم أيضًا في "الثقات"(5/ 510)، لكنه فيه (هانئ بن ثُبَيْب) في آخره باء. وذكر ابن حبان أنه يروي عن ابن عمر، ولم يذكر ابنَ عباس فيمن أخذ عنه هانئ المذكور، فالله تعالى أعلم.
وأبو العوَّام، المذكور في إسناد الأدمي عن إسماعيل بن يحيى بن سلمة، هو أحمد بن يزيد الرِّياحي حدَّث عن مالك بن أنس. تَرْجَمَهُ الخطيب في "التاريخ"(5/ 437)، وقال:"كان ثقة". وابنه، هو محمد بن أحمد بن يزيد، أبو بكر الرِّياحي، قال أبو الحسن الدَّارقطني:"هو صدوق". انظر: "الأنساب"(3/ 11)، و"النبلاء"(13/ 7).
(1)
انظر: "ذخائر العُقبى في مناقب ذوي القُربى"(ص 43).
(2)
هو أبو علي بن شاذان، الحسن بن أبي بكر بن شاذان البغدادي البزاز. ولد عام (339 هـ). وصفه الذهبي بقوله:"الإمام الفاضل الصَّدوق، مُسْنِد العراق". من مؤلفاته: "المشيخة الكبرى"، وهي عواليه عن الكبار، و"المشيخة الصغرى"، عن كلِّ شيخ حديث. مات سنة (425 هـ). "سير أعلام النبلاء"(17/ 415)، و"تبيين كذب المفتري"(ص 245).
(3)
انظر: "النهاية"(5/ 246)، سبقت (ص 352).
(4)
انظر: "الفائق في غريب الحديث"(3/ 138)، و"النهاية في غريب الحديث"(4/ 146).
(5)
انظر: "النهاية"(1/ 14) -مادة (أبَرَ) و (1/ 161) - مادة (بَوَرَ).
(6)
صحابية شهيرة، كانت مولاة عائشة رضي الله عنهما، وكانت لعتبة بن أبي لهب، وقيل: مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها، ثم باعوها من عائشة، وجاء في شأنها حديث:"إنَّما الولاء لمن أعتق". وهي =
يا بَريرة! غَطِّي شُعيْفَاتِكِ، فإنَّ محمدًا لن يُغْني عنك من الله شيئًا. قال: فأخبرت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فخرج يجرُّ رداءه، مُحْمَرَّةً وجْنَتَاه! وكنَّا معشر الأنصار نعرفُ غضبَه بجرِّ ردائه، [ح 35/ ب] وحُمْرةِ وجْنَتَيْهِ، فأخذنا السِّلاحَ، ثم أتينا فقلنا: يا رسولَ اللَّهِ! مُرْنَا بما شئتَ، والذي بَعَثَكَ بالحقِّ نبيًّا لو أمرتنا بأُمَّهاتِنَا وأبائِنا وأولادِنَا لمضينا لقولك فيهم، ثم صعد المنبَر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"مَنْ أنا؟ ".
قلنا: "أنت رسول الله"، قال:"نعم، ولكن مَنْ أنا؟ ".
قلنا: "محمد بن عبد الله بن عبد المطَّلب بن هاشم بن عبد مناف".
فقال: "أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ولا فَخْر، وأوَّلُ مَنْ تنْشَقُّ عنه الأرضُ يومَ القيامةِ ولا فَخْر، وأوَّلُ مَنْ يَنْفُضُ التُّرَابَ عن رَأسِهِ ولا فَخْر، وأوَّلُ دِاخِلٍ الجَنَّةَ ولا فَخْر، وصَاحِبُ لِوَاءِ الحَمْدِ ولا فَخْر، وفي ظلِّ الرَّحْمَن عز وجل يومَ القيامَة يومَ لا ظلَّ إلَّا ظِلُّه ولا فَخْر.
ما بَالُ أقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أن رَحِمِي لا تَنْفَعُ! بلى حتى تَبْلُغَ حَاء وحَكَم. إنِّي لأشْفَعُ فأُشَفَّع، حتى إنَّ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ ليَشْفَع فَيَشفَّع، حتى إنَّ إبليسَ لَيَتَطَاوَلُ طَمَعًا في الشَّفَاعَةِ"
(1)
.
= زوج مُغيث الذي كان يحبُّها كثيرًا، وقد عُتقت تحته، فخيَّرها النَّبي صلى الله عليه وسلم بين أن تبقى معه، أو يُفارقها، فكانت سُنَّة. عاشت إلى خلافة يزيد بن عبد الملك. "الإصابة"(8/ 50)، و"التهذيب"(12/ 354).
• تنبيه: وقع تسميتها في سائر النُّسخ (بريرة)، والذي في "الأوسط" المطبوع (بَرَّة)، فليُحرَّر.
(1)
إسنادُهُ منكرٌ.
أخرجه الطبراني في "الأوسط"(5/ 339)، رقم (5082)، من طريق عبيد بن إسحاق العطار، عن القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جدِّه عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعًا.
عبيد بن إسحاق العطار، ضعَّفه ابن معين، والدارقطني. قال البخاري: عنده مناكير. وقال الأزدي: متروك الحديث. وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر. وقال المصنِّف: ضعيف. وأمَّا أبو حاتم فرَضيَهُ. انظر: "الميزان"(5/ 24).
والقاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، ضعيفٌ جدًّا.
قال أبو حاتم: متروك. وقال أحمد وابن معين: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: أحاديثه منكرة. وقال =
وعبد الله راويه صدوق
(1)
في نفسه، إلَّا أنه منكر الحديث لسوء حفظه، بل هو من رواية عبيد بن إسحاق العطَّار، عن القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جدِّه.
والقاسم أيضًا، والرَّاوي عنه ضعيفان.
134 -
على أن الحاكم أخرج في التَّرجمة النَّبويَّة من "مستدركه"
(2)
. طرفًا منه من حديث العطَّار فقال: عن القاسم، عن أبيه، عن جدِّه، عن جابر، وقال:"إنه صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه"، وهو مُتَعَقّبٌ
(3)
.
= الذهبي في "التلخيص". متروك تالف. انظر: "الجرح والتعديل"(7/ 119)، و"الميزان"(5/ 459 - 460)، و (5/ 451)، ونسبه إلى جدِّه، و"تلخيص المستدرك"(2/ 660)، و"ضعفاء ابن الجوزي"(3/ 16).
وأمَّا جدُّه عبد الله بن محمد، فقد اختلفت فيه أقوال الأئمة، فاحتجَّ به البعض، وجانبه آخرون لسوء حفظه، مع أنه صدوق في نفسه، كما قال المؤلف.
قلتُ: وممن لم يحتجَّ بحديثه الإمام مالك، وابن خزيمة، ويحيى بن سعيد القطان. وممن احتجَّ به الإِمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، والحميدي. قال الحاكم: ليس بالمتين عندهم. وقال الترمذي: صدوق وقد تكلَّم فيه بعضهم من قِبَلِ حفظه. وقال الفسوي: في حديثه ضعفٌ، وهو صدوق. وقال العجلي: جائز الحديث. وقال البخاري: هو مقارب الحديث. وقال العقيلي: كان فاضلًا خيِّرًا موصوفًا بالعبادة، وكان في حفظه شيء. وقال الساجي: كان من أهل الصدق، ولم يكن بمتقنٍ في الحديث. وقال الحافظ: صدوق، في حديثه لين، ويقال: تغيَّر بأخرة. وقال الذهبي في آخر ترجمته من "الميزان": قلتُ: حديثه في مرتبة الحسن. انظر: "الميزان"(4/ 175، 176)، و"التهذيب"(6/ 15)، و"التقريب"(ص 542).
• تنبيه: قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا سَيِّد ولد آدم" ثابت في "صحيح مسلم"(2278). وفي "صحيح البخاري"(4712)، و"مسلم"(194)، أيضًا:"أنا سَيِّد النَّاسِ يومَ القيامةِ". وفي "البخاري" أيضًا (3340): "أنا سَيِّد القوم يومَ القيامةِ".
(1)
في (م): صادق.
(2)
(2/ 660)، رقم (4189)، في كتاب تواريخ المتقدِّمين من الأنبياء والمرسلين، باب ذكر أخبار سيد المرسلين وخاتم النَّبيين.
(3)
قال الذهبي في "التلخيص، بحاشية المستدرك"(2/ 660)، مُتَعقِّبًا قولَ الحاكمِ: "هذا حديث =
• وقوله "حَاء وحَكَم": فسَّره في الرِّواية بأنهما قبيلتان من اليمن. ونحوه قول غيره هما حيَّان [ح 36/ أ] من اليمن
(1)
.
• وَ"شُعيْفَاتِك": بالمعجمة ثم بالمهملة، تصغير شِعَافٍ، جمع شَعْفَة، وهي الذُّؤابة، فإمَّا أن يكون أراد الشَّعر نفسه، أو كنَّى به عن الرأس
(2)
.
135 -
وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر:
"ما بَالُ رجالٍ يقولون إنَّ رَحِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تَنْفَعُ قومَه يومَ القيامة! بلى واللهِ، إنَّ رَحْمِي مَوْصُولةٌ في الدُّنيا والآخِرَة، وإنِّي أيُّها النَّاسُ فَرَطٌ لكم على الحَوْضِ"، رواه أحمد
(3)
، والحاكم في "صحيحه"
(4)
، والبيهقيُّ
(5)
من طريق
= صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه"، قال: "لا والله! القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، متروك تالف، وعبيد بن إسحاق، ضعَّفه غير واحد، ومشَّاه أبو حاتم".
قلتُ: ويشهد -أيضًا- لتعدُّد القصَّة، ما أخرجه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1496)، في ترجمة عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني والد علي بن المديني، من طريق علي بن المديني وبشر بن معاذ، كلاهما عن عبد الله بن جعفر المديني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانت امرأة من بني هاشم تحت رجل من قريش، فوقع بينهما كلام فقال لها: والله ما تغني قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا! فأخْبرته فغضب، فصعد المنبر فقال:"ما بال أقوامٍ يزعمون أن قرابتي لا تغني شيئًا! والذي نفسي بيده، إنَّ شفاعتي لترجو صداء وسلهب".
قلتُ: هذا إسناد رجاله موثِّقون، إلَّا عبد الله بن جعفر بن نجيح والد علي بن المديني، فإنه مجمع على ضعفه، مع اختلاطه في آخر حياته، ضعَّفه ابن معين، وعمرو بن علي، وأبو حاتم، والجوزجاني، والنسائي، وابن عدي، وولده علي، والذهبي، وابن حجر. انظر:"التهذيب"(5/ 155)، و"الكاشف"(1/ 543)، و"التقريب"(ص 497).
(1)
قال في "النهاية"(1/ 421): "هما قبيلتان جافِيتان من وراء رَمْلِ يَبْرِين". وسبق نحوه (ص 402).
(2)
انظر: "النهاية"(2/ 482)، مادة (شَعَف).
(3)
(3/ 18).
(4)
(4/ 84)، رقم (5958).
(5)
في "مناقب الشافعي"(1/ 63 - 64).
عبد الله بن محمد بن عقيل
(1)
، عن حمزة بن أبي سعيد، عن أبيه، به
(2)
.
(1)
في الأصل، و (م)، و (ز)، و (ك): ابن أبي عقيل! وهو تحريف، والصواب ما أثبتُّه من (ل)، و (هـ)، ومن مصادر التخريج فهو فيها على الصواب:(ابن عقيل).
(2)
إسنادُهُ حسنٌ.
أخرجه أحمد واللفظ له، والحاكم، والبيهقي من طريق أبي عامر، عن زهير بن محمد، عن عبد الله ابن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: وذكره، وتمامه:"فإذا جئتم قال رجل: يا رسول الله! أنا فلان بن فلان، وقال أخوه: أنا فلان بن فلان، قال لهم: أمَّا النَّسب فقد عرفتُه، ولكنَّكم أحدثْتم بعدي، وارتددتم القهقري". قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه"، ووافقه الذهبي.
أبو عامر، هو العَقَدي، مشهور بكنيته، اسمه عبد الملك بن عمرو القيسي البصري، روى له الجماعة، وأخرج له أحمد في "المسند" مائتين وثمانية وخمسين حديثًا. "معجم شيوخ الإِمام أحمد" للدكتور عامر صبري (ص 247). قال في "التقريب" (ص 625):"ثقة".
زهير بن محمد، هو التميمي المروزي. قال الإِمام أحمد وابن معين: ثقة. وقال العجلي: جائز الحديث. وقال ابن المديني وابن معين في رواية: لا بأس به. وضعَّفه النسائي، وابن معين في رواية، قال البخاري: ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح.
قلتُ: صرَّح الإِمام أحمد بأنَّ رواية أبي عامر العَقَدي عنه صحيحة، فقال:"أمَّا رواية أصحابنا عنه فمستقيمة، عبد الرحمن بن مهدي، وأبي عامر العَقَدي، وأمَّا أحاديث أبي حفص التنيسي عنه، فتلك بواطيل". "التهذيب"(3/ 308)، و"الميزان"(3/ 122).
وعبد الله بن محمد بن عقيل، سبق بيان حاله قريبًا في الحديث السابق، فهو حسن الحديث كما قال الذهبي. وحمزة بن أبي سعيد الخدري، قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" (ص 112):"وثَّقه ابن حبان، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا". راجع: "الثقات"(4/ 169)، و"الجرح والتعديل"(3/ 925).
وأخرجه أيضًا (3/ 18)، من طريق عبيد الله، عن عبد الله بن محمد بن عقيل به.
عبيد الله، هو عبيد الله بن عمرو الأسدي، أبو وهب الرَّقي (ثقة فقيه ربما وهم). "التقريب"(ص 643). وأطلق توثيقه ابن معين، والنسائي، وأبو حاتم، والعجلي، وابن حبان، وابن شاهين، وابن نمير.
- وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(ص 294) - رقم (2221) من طريق عمرو بن ثابت، عن عبد الله بن محمد به، ولفظه: "ألا ما بالُ أقوامٍ يزعمون أنَّ رَحِمِي لا تنفع، والذي نفسي بيده إنَّ رحمي لموصولة في الدُّنيا والآخرة، ألا وإني فرطكم -أيها النَّاس- على الحوض، ألا وسيجيء يوم القيامة
…
"، والباقي سواء. وعمرو بن ثابت هو ابن هرمز الكوفي (ضعيف الحديث جدًا) تقدَّم برقم (56)، (ص 332). =
136 -
وهذه الأحاديث لا تُعَارض ما رويناه عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لمَّا أنزلتْ هذه الآية: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}
(1)
؛ دعا رسولُ الله قريشًا، فاجْتمعوا، فَعَمَّ وخَصَّ فقال:
"يا بني كعب بن لؤي! أنْقِذوا أَنفسَكم من النَّار، يا بني مُرَّة بن كعب! أَنْقِذوا أَنفسَكم من النَّار. يا بني عبد شمس! أَنْقِذوا أَنفسَكم من النَّار، يا بني عبد مناف! أَنْقِذوا أنفسَكم من النَّار. يا بني هاشم! أنْقِذوا أَنفسَكم من النَّار. يا بني عبد المطَّلب! أَنْقِذُوا أَنْفسَكم من النَّار. يا فاطمة! أنْقِذي نفسَك من النَّار؛ فإني لا أملكُ لكم من الله شيئًا، غيرَ أن لكم رَحِمًا سَأَبُلُّهَا ببِلَالِهَا"، أخرجه مسلم في "صحيحه"
(2)
.
واتَّفق الشَّيخان عليه من وجه آخر. [ح 36/ ب] فالبخاريُّ من حديث شعيب، عن أبي الزِّناد
(3)
، ومسلم من حديث [
(4)
عبد الله بن ذكوان؛ كلاهما عن الأعرج.
= -وأخرجه أحمد أيضًا (3/ 39) من طريق شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد ابن المسيِّب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تزعمون أن قرابتي لا تنفع قومي، واللهِ! إنَّ رحمي موصولةٌ في الدُّنيا والآخرة، إذا كان يوم القيامة يرفع لي قومٌ يؤمر بهم ذات اليسار، فيقول الرجل: يا محمد! أنا فلان بن فلان، ويقول الآخر: أنا فلان بن فلان. فأقول: أمَّا النَّسب فقد عرفتُ؛ ولكنكم أحدثتم بعدي، وارتددتم على أعقباكم القهقري". شريك، هو ابن عبد الله النخعي. (صدوق يخطئ كثيرًا). "التقريب"(ص 436)، وقد سبق مرارًا.
- وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(2/ 433) - رقم (1238) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه؛ بمثل لفظ أحمد.
وعبد الرحمن بن أبي سعيد (ثقة). "التقريب"(ص 597). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 364): "رواه أبو يعلى"، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد وُثِّق".
(1)
الشعراء (آية: 214).
(2)
في كتاب الإيمان -باب في قول الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} (1/ 192) - رقم (204) من طريق جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه من هذا الوجه في كتاب المناقب -باب من انتسب إلى آبائه في الإِسلام والجاهلية (6/ 551 - مع الفتح) - رقم (3527).
(4)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (م).
والبخاريُّ -أيضًا- من حديث]
(1)
شعيب
(2)
، ومسلمٌ -أيضًا- من حديث يونس
(3)
؛ كلاهما عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المسيِّب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن
(4)
، ثلاثتُهم عن أبي هريرة. ومسلمٌ -أيضًا- من حديث وكيع، ويونس بن بُكَيْرِ؛ كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة
(5)
؛ كلّهم بدون الاستثناء
(6)
.
137 -
وله طرقٌ في بعضها من الزِّيادة:
"يا عائشة بنت أبي بكر! يا حفصة بنت عمر! ويا أُمَّ سلمة! ويا أم الزُّبير عمَّةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اشتروا أنفسَكم من النَّار"
(7)
.
فإنه لا يملك لأحد من الله شيئًا، ولا نفعًا، ولا ضرًّا؛ لكن الله عز وجل يُمَلِّكُه نَفْعَ أقاربه وأُمَّته بالشَّفاعة، ولهذا وقع الإستثناء في الرِّواية التي اقتصرتُ على سياق
(1)
رواية مسلم من هذا الوجه في الكتاب والباب السابق برقم (404).
(2)
رواية البخاري من هذا الوجه أخرجها في الوصابا - باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟ 5/ 283 - مع الفتح) رقم (2753).
(3)
رواية مسلم من هذا الوجه أخرجها في الموضع السابق برقم (403).
(4)
وقع اسمه في (م): (أبو سلمة بن عبد الله! )، وهو خطأ.
(5)
رواية مسلم من هذا الوجه أخرجها في الموضع السابق برقم (403).
(6)
يريد بالاستثناء قوله صلى الله عليه وسلم: "غير أن لكم رَحِمًا سأبّلُّها بِبِلالِهَا".
(7)
إسنادُهُ ضعيفٌ.
أخرج هذه الزيادة المشار إليها الطبراني في "المعجم الكبير"(8/ 225) - رقم (7890) من طريق صدقة بن خالد، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه.
وفي إسناده عثمان بن أبي العاتكة الأزدي. قال في "التقريب"(ص 664): "صدوق، ضعَّفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني". وقال الهيثمي في "المجمع"(7/ 198): "ضعيف، وقد وثَّقه دحيم".
وقال في (10/ 210): "وثَّقه غير واحد، وضعَّفه الجمهور". أمَّا علي بن يزيد الألهاني فهو ضعيف؛ ضعَّفه أبو حاتم، وأبو زرعة، والبخاري، وابن حجر. انظر:"التهذيب"(7/ 343)؛ و"التقريب"(ص 707). بل قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 86): "فيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك! ".
قلتُ: ويشهد له الروايات السابقة في "الصحيحين"، والله أعلم.
لفظها بقوله: "غير أن لكم رَحِمًا سَأَبُلُّها بِبِلالِهَا". وستأتي هذه الزيادة في الخاتمة من حديث عمرو بن العاص أيضًا
(1)
.
أو كان المقامُ مُقامَ التَّخويف
(2)
والتَّحذير، فبالغ في الحثِّ على العمل، وحينئذٍ فيكون في قوله:"لا أُغْني شيئًا"، إضمار:"إلَّا إنْ أذِنَ اللهُ لي في الشَّفاعة".
وقيل: إنَّ هذا كان قبل أن يُعْلِمَه الله عز وجل بأنه يشفعُ فيمن أراد، وتُقبلُ شفاعتُه حتى يُدْخِلَ قومًا الجنةَ بغيرِ حسابٍ، ويَرْفَعَ درجاتِ آخرين، ويُخْرِجَ من النَّار من دخلها بذنوبه
(3)
.
138 -
وأما ما رويناه في أواخر الحديث [ح 37/ أ] الرَّابع من "أربعي الطَّائي"
(4)
من طريق الفُضَيل بن مرزوق قال: سمعتُ الحسنَ بنَ الحسنِ بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول لرجلٍ ممن يَغْلوا فيهم: "ويْحَكُم، أَحِبُّونَا لله، فإنْ أَطَعْنَا الله فأَحِبُّونَا، وَإِنْ عَصَيْنَا الله فَأَبْغِضُونَا".
قال: فقال له الرَّجل: "إنكم ذوو قرابةِ رسولِ الله
(5)
صلى الله عليه وسلم وأهْلُ بيته! ".
فقال: "وَيْحَكُمْ، لو كان الله نافعًا بقرابةٍ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بغير عملٍ بطاعتِهِ، لَنَفَعَ بذلك مَنْ هو أَقْربَ إليه منَّا، أَباه وأُمَّه! وإنِّي أَخافُ أَنْ يُضَاعفَ للعاصي منَّا
(1)
انظر حديث رقم (403).
(2)
العبارة في (م) هكذا: (أو كان المقام مقام تخويف)، والذي في الأصل مطابق لما في "فتح الباري".
(3)
انظر هذه الأقوال بنصِّها في "فتح الباري"(8/ 502).
(4)
"الأربعون الطائية"(ص 58)، واسمه:"كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل اليقين"، طُبع مؤخرًا بتحقيق الدكتور علي حسين البَّواب، بالرياض سنة (1417 هـ).
• والطَّائيّ: هو الإمام الصالح الواعظ المحدِّث، أبو الفتوح محمد بن أبي جعفر محمد بن علي بن محمد الهَمَذَانيّ، صاحب الأربعين المشهورة. ولد سنة (475 هـ)، ومات بهَمَذَان سنة (555 هـ). "سير أعلام النبلاء"(20/ 360)، و"طبقات الشافعية الكبرى"(6/ 188).
(5)
في (م): (ذوو قرابة من رسول الله) بزيادة: مِنْ.
العَذَابُ ضِعْفَين، والله
(1)
إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُؤتَى المُحْسِنُ منَّا أَجْرَه مرَّتين"
(2)
؛ فهو لا يَخْدِش في ذلك؛ والله أعلم
(3)
.
139 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إنَّما سمَّيت ابنتي فاطمة؛ لأنَّ الله فَطَمَها ومُحِبَّها عن النَّارِ"
(4)
. أسنده
(1)
في (م): (ووالله) بزيادة: الواو.
(2)
إسنادُهُ حسنٌ.
أخرجه من طريق محمد بن عاصم، عن شَبَابة، عن الفُضيْل بن مرزوق، عن الحسن بن الحسين بن علي [هكذا وقع عنده، والصواب: الحسن بن الحسن كما ذكره المصنِّف، وكما سيأتي في التخريج] ..
محمد بن عاصم، هو الأصبهاني العابد صاحب الجزء المشهور (صدوق)"التقريب"(ص 857). وشَبَابَة، هو ابن سوَّار الفزاري (ثقة حافظ، رُمِي بالإرجاء). "التقريب"(ص 429)، وفُضيْل بن مرزوق، هو الأغرّ الرَّقاشي الكوفي. وثَّقه الثوري، وابن معين. قال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث. يهم كثيرًا. "التذكرة"(3/ 1362). واعتمد الحافظ كلام أبي حاتم في "التقريب"(ص 786) وزاد: (ورُمي بالتَّشيُّع).
- وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(5/ 319) من طريق شَبَابة به، لكنه قال: عن الحسن بن الحسن (كما ذكره المصنَّف)
…
وذكره بسياق أتم من هذا. واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة"(8/ 1483) - رقم (2690) من طريق عبد الله بن حسين بن حسن بن علي، عن الفضل بن مرزوق به.
- والخبر رواه مصعب الزبيري في "نسب قريش"(ص 49) قال: كان فضيل بن مرزوق يقول: سمعت الحسن بن الحسن
…
وذكره. وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(4/ 486) في ترجمة الحسن بن الحسن بن علي. وذكره الحافظ في "التهذيب"(2/ 242) في ترجمة الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي.
(3)
هذه المسألة مما اختلف فيها أهل العلم، وهي هل ينفع أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم قرابتهم منه عليه الصلاة والسلام أم لا؟ وقد ألَّف ابنُ عابدين من المتأخرين رسالةً سمَّاها:"العلم الظَّاهر في نفع النَّسب الطَّاهر" - مطبوع ضمن "مجموعة رسائله"، مال فيها إلى أنهم ينتفعون يوم القيامة بانتسابهم إليه، كما يظهر من عنوانها. وقد ذكر أقوال الفريقين في المسألة. ورجَّح انتفاعهم بانتسابهم إليه. انظر المسألة وأدلة الفريقين في:"العلم الظاهر في نفع النسب الطاهر"(ص 2 - 8). وانظر كذلك في الجمع بين أدلة الفريقين: "جواهر العقدين" للسمهودي (ص 280 - 284).
(4)
موضوعٌ.
أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 317)، من طريق محمد بن زكريا الغَلابي، عن ابن عميرٍ، عن بشر بن إبراهيم الأنصاري، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي هريرة =
الدَّيلميُّ، ونحوه عن جابر
(1)
.
140 -
وعن ابن أبي ليلى، عن الحسين بن علي
(2)
رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الزَمُوا مودَّتنا أَهْلَ البَيْتِ، فإنَّه من لَقِيَ اللهَ عز وجل وهو يَوَدُّنَا دَخَلَ الجنَّة بشفاعتِنا، وَالذي نَفْسي بيده، لا يَنْفَعُ عبدًا عَمَلُهُ إلَّا بمعرفة حقِّنا". أخرجه الطَّبرانيَّ في "الأوسط"
(3)
؛ وسَنَدُهُ ضعيفٌ
(4)
.
= مرفوعًا. قال ابن الجوزي عقبه: "هذا عمل الغَلابي، وقد ذكرنا عن الدَّارقطنيِّ أنه كان يضع الحديث".
قلتُ: وفيه أيضًا بشر بن إبراهيم الأنصاري، يضع الحديث.
قال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الثقات، لا يحلّ ذكره في الكتب إلَّا على سبيل القدح فيه". "المجروحين"(1/ 189). وقال ابن عدي: "هو عندي ممن يضع الحديث". وقال العقيلي: "يروي عن الأوزاعي موضوعات""ميزان الإعتدال"(1/ 21). وذكره الذهبي في "ترتيب الموضوعات" لابن الجوزي برقم (391) وقال: "الغَلابي متَّهم، وبشر كذَّاب". وقد أورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 400)، وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 413)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 392).
قلتُ: وله طريقٌ آخر أخرجه الخطيب في "التاريخ"(12/ 331 - ط دار الكتاب العربي) من طريق الحسن بن عمرو السدوسي، عن القاسم بن مطيب، عن منصور بن صدقة، عن أبي معبد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابنتي فاطمة حوراء آدميَّة لم تحضْ ولم تطمث، وإنما سمَّاها فاطمة، لأن الله فَطَمَهَا ومحبِّيها عن النَّار". قال الخطيب عقبه: "ليس بثابت، وفيه مجاهل". وذكره الذهبي في "ترتيب الموضوعات"- رقم (390) وقال: "إسناده مظلم مجاهيل".
(1)
حديث جابر أورده الدَّيلميُّ في "الفردوس بمأثور الخطاب"(1/ 346) - رقم (1385) والمطبوعة بلا إسناد.
(2)
تنبيه: هكذا في سائر النُّسخ الخطية (عن الحسين بن علي)، والذي في "المعجم الأوسط"(عن الحسن بن علي) وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 172) من رواية الحسن بن علي.
(3)
(3/ 26) - رقم (2251).
(4)
إسناده ضيعفٌ جدًّا، لأجْلِ حسين الأشقر.
أخرجه في "الأوسط" من طريق حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن ليث، عن ابن أبي ليلى، عن الحسن بن عليٍّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: .. وذكره بلفظه. وحسين الأشقر (ساقطٌ واهٍ). وشيخه قيس بن الربيع (ضعيف)، وسبق الكلام عليهما عند حديث رقم (49). وليث، هو ابن أبي سليم، قال في "التقريب"(ص 818)"صدق اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثُه فَتُرك". وابن أبي ليلى، هو عبد الرحمن بن أبي ليلى (ثقة). "التقريب" (ص 597). قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 172):"وفيه ليث بن أبي سليم وغيره".
141 -
وروى أبو الفرج الأصْبهاني
(1)
من طريق عبيد الله بن عمر القواريريِّ، ثنا يحيى بن سعيد. عن سعيد بن أبان القرشيِّ قال:
"دخل عبدُ اللهِ بنُ [ح 37/ ب] حسن بنِ حسن بن عليِّ بنِ أبي طالب
(2)
، على عمرَ بنِ عبد العزيز
(3)
وهو حَدَثُ السِّن وله وَفْرَةُ
(4)
، فرفع عمرُ مجْلسَه، وأقبل عليه وقضى حوائجَه، ثم أخَذَ عُكْنَةً مِن عُكَنِهِ
(5)
فَغَمَزَها حتى أوْجَعَهُ! وقال: اذكرها عندك للشَّفاعة".
فلمَّا خرج لامه قومُه، وقالوا: فعلتَ هذا بغلام حَدَثٍ".
فقال: "إنَّ الثِّقة حدَّثني حتى كأنِّي أسْمَعُهُ مِنْ في رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما فاطمة بَضْعَةٌ منِّي، يسُرُّني ما يسُرُّها"
(6)
. وأنا أعلم أن فاطمة لو كانت حيَّةً لسرَّها ما فعلتُ بابنها".
قالوا: "فما معنى غَمْزك بطنَه، وقولك ما قلتَ"؟
قال: "إنه ليس أحدٌ من بني هاشم إلَّا وله شفاعة، فرجوت أنْ أكونَ في شفاعة هذا"
(7)
.
(1)
في "مقاتل الطالبيين"(ص 183).
(2)
تقدَّمت ترجمته (ص 235).
(3)
هو الخليفة الأموي العادل، الخليفة الراشد الخامس كما قال الذهبي، أشهر من أن يُعرَّف. انظر ترجمته في:"التاريخ الكبير"(6/ 174)، و"الجرح والتعديل"(6/ 122)، و"الحلية"(5/ 253)، و"السِّير"(5/ 114)، و"العبر"(1/ 91)، و"تهذيب الكمال"(21/ 432).
(4)
الوَفْرَة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأُذن. "النهاية في غريب الحديث"(5/ 210).
(5)
العُكْنَةُ: واحدة العُكْن. والعُكْنُ والأعْكَانُ: الأطواء في البطن من السِّمَن. يُقال: جارية عكْنَاء ومُعَكَّنَة: أي ذات عُكْنٍ. وتعَكَّن البَطْنُ: صار ذا عُكْنٍ. انظر: "لسان العرب"(13/ 288) - مادة (عَكَنَ).
(6)
قطعة من حديث المسور بن مخرمة في "الصحيحين"، سبق تخريجه (ص 250).
(7)
إسنادُهُ ضعيفٌ، فيه مَنْ لا يُعرف.
أخرجه في "مقاتل الطالبيين" من طريق أبي عُبيد، عن فضل المصري، عن القواريري به، بلفظ أخصر من هذا. أبو عُبيد، هو محمد بن أحمد الصيرفي، وفضل المصري، لم أجد لهما ترجمة. والقواريري، هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجُشمي، مولاهم (ثقة ثبت). "التقريب"(ص 643). =
142 -
وعن أبي رافع رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ رضي الله عنه:"أَنْتَ وشِيعَتُكَ تَرِدُونَ عليَّ الحَوْضَ رَوَّاء مَرْوِيِّين مُبَيَّضَة وجوهكم، وإنَّ عَدوَّك يَرِدُونَ عليَّ ظَماء مقَبَّحِين". أخرجه الطَّبرانيُّ في "الكبير"
(1)
من حديثِ محمَّدِ بنِ
= ويحيى بن سعيد، هو القطان. (ثقة متقن حافظ، إمام قدوة). "التقريب"(ص 1055). وسعيد بن أبان القرشي، هو ابن سعيد بن العاص الأُموي، كان من أصدقاء عمر بن عبد العزيز وجلسائه. وهو ثقة كما في "التقريب"(ص 373).
• وله عند الأصبهاني طريقٌ آخر؛ لكن فيه متَّهمٌ ومتروكٌ:
أخرجه في "مقاتل الطالبيين"(ص 183) من طريق أبي عُبيد، عن محمد بن علي بن خلف العطار، عن عمرو بن عبد الغفار الفُقَيْمي، عن سعيد بن أبان قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز
…
وذكره.
أبو عُبيد الصيرفي لم أجد له ترجمة كما مضى. ومحمد بن علي بن خلف العطار؛ اتَّهمه ابن عدي، وابن الجوزي "ضعفاء ابن الجوزي"(3/ 86). وشيخه الفُقيْمي، قال فيه أبو حاتم:"متروك الحديث". وقال العقيلي: "منكر الحديث". انظر: "ميزان الإعتدال"(5/ 328). وقال ابن عدي في "الكامل"(5/ 1795): "ليس بالثبت بالحديث، حدَّث بمناكير في فضائل علي رضي الله عنه". وقال في آخر ترجمته (5/ 1797) بعد أنْ أورد جملةً من حديثه: "
…
وهو متَّهم إذا روى شيئًا في الفضائل، وكان السَّلف يتَّهمونه بأنه يضع في فضائل أهل البيت وفي مثالب غيرهم! ".
• قلتُ: قول عمر بن عبد العزيز الأخير: "إنه ليس أحد من بني هاشم إلَّا وله شفاعة"؛ مرويٌّ عن كعب الأحبار، كما أخرجه الآجرّيّ في "الشريعة"(3/ 1250، 1251)، و (5/ 2261) - رقم (819، 820، 821، 1742، 1743) من طريق عطية العوفي أنَّ كعبًا أخذ بيد العبَّاس رضي الله عنه فقال: "إني أدَّخر هذا للشفاعة. فقال: وهل شفاعة إلَّا للأنبياء، أو قال: وهل لي شفاعة؟ ! فقال: نعم، ليس من أهل بيت نبيٍّ إلَّا كانت له شفاعة".
وفي لفظ: "ليس أحد من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا كانت له شفاعة يوم القيامة".
وفي آخر: "إنه ليس أحد من بيت نبيٍّ يُسلم إلَّا كانت له شفاعة".
وإسنادُهُ ضعيفٌ.
فيه عطية بن سعد العوفي، تقدَّم في حديث (27) أنه ضعيف.
وعلى فرض صحة هذا الخبر فهو من كلام أخبار كعب الأحبار، ولعلَّه أخذها من كتب الأقدمين! وقد أفاد العلَّامة المعلمي -رحمه الله تعالى- في "الأنوار الكاشفة"(ص 99) أنه ليس كلَّ ما نُسب إلى كعب الأحبار في الكتب بثابت عنه؛ فإنَّ الكذَّابين من بعده نسبوا إليه أشياء كثيرة لم يقلها!
(1)
(1/ 319) - رقم (948).
عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدِّه
(1)
. وسيأتي في الباب الخامسِ حديثٌ لأبي رافعٍ أيضًا فيه: "وشيعتُنَا عن أَيْمَانِنِا وشمائِلِنا"
(2)
.
143 -
ومن حديث عليٍّ: "إنَّ الله قد غَفَرَ لشِيعتِك ولِمُحِبِّي شِيعتِك"
(3)
.
• والشِّيعة: الفرقة من النَّاس، وقد غلب على كلِّ من يتولَّى عليًّا رضي الله عنه وأهل بيته، حتى صار اسمًا
(4)
لهم خاصَّا، فإذا قيل: فلانٌ من الشِّيعة عُرِفَ أنه منهم.
(1)
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
أخرجه في "الكبير" من طريق حرب بن الحسن الطحَّان، عن يحيى بن يعلى، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدِّه، بلفظه.
وهو مسلسل بالضعفاء: حرب، ويحيى، ومحمد؛ وبعضهم أشدُّ ضعفًا من بعض.
أمَّا حرب بن الحسن الطحَّان، فقد ضعَّفه الأزدي بقوله:"ليس حديث به بذاك". وقال أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 252): "شيخ". وقال الهيثمي كما سيأتي: "ضعيف". وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 213)!
وأمَّا يحيى بن يعلى، فهو الأسلمي القَطَواني، قال البخاري: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات. وقال البزار: يغلط في الأسانيد. وقال الحافظ: ضعيف شيعي. انظر: "الميزان"(7/ 227)، و"المجروحين"(3/ 121)، و"التهذيب"(11/ 264)، و"التقريب"(ص 1070).
قال الهيثمي في "المجمع"(9/ 131): "رواه الطبراني من رواية حرب بن الحسن الطحَّان، عن يحيى بن يعلى، وكلاهما ضعيف".
قلتُ: ويظهر -والله أعلم- أن الهيثميَّ غفل عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع فلم يُشِرْ إلى تضعيفه ههنا! وإلَّا فهو منكر الحديث، كما سبق الكلام عليه مفصَّلًا عند الحديث رقم (88)، وقد ضعَّفه الهيثميُّ نَفْسُهُ في ذلك الموضع. وحكَمَ المؤلفُ على حديثٍ لأبي رافعٍ -سيأتي برقم (197) بنفس إسناد هذا الحديث- بقوله:"وسنده ضعيفٌ جدًّا"، بل قال شيخه الحافظ ابن حجر:"سنده واهٍ". انظر: "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف"(ص 145) - رقم (351).
(2)
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(1/ 319) - رقم (950) بنفس الإسناد السابق، وسيأتي برقم (197) وحَكَمَ المؤلفُ عليه بالضَّعف الشَّديد.
(3)
أخرجه الدَّيلمي في "الفردوس"(5/ 329) - رقم (8337)، وسيذكره المؤلف بإسناده ومتنه في الباب الخامس برقم (205)، وسيكون الكلام عليه هناك، فانظره في موضعه.
(4)
في (م): (حتى صار سيما لهم).
وفي مذهب الشِّيعة كذا، أي عندهم
(1)
.
144 -
وعن أبي الحسن علي بن عبد الله، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ للعبَّاسِ وَوَلَدِهِ، ولمنْ أَحبَّهم". أخرجه السَّمَرْقَنْدِيُّ
(2)
في "فضائل العبَّاس"
(3)
.
(1)
انظر: "لسان العرب"(8/ 189) فهو فيه بنصِّه.
وقال أبو الحسن الأشعري في "مقالات الإسلاميين"(1/ 65): (وإنما قيل لهم الشَّيعة؛ لأنهم شايعُوا عليًّا رضوان الله عليه، ويُقدِّمونه على سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال أبو الفتح الشهرستاني في "الملل والنحل"(1/ 144): "الشِّيعة: هم الذين شايعوا عليًّا عليه السلام على وجه الخصوص، وقالوا بإمامته نصًّا، ووصيَّه إما جليًّا وإما خفيًّا، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده، وإنْ خرجت فبظلم يكون عن غيره، أو بتقيَّة من عنده". اهـ. وانظر ما كتبه الدكتور ناصر بن علي الشيخ في كتابه الماتع "عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام"(3/ 889 - 943) عن الشِّيعة ونشأتهم، وبيان فرقهم، فقد جمع ورتَّب ما قاله الأسبقون. وأما ما يتعلَّق بمعتقدهم ومطاعنهم في الصحابة الكرام فقد استغرق الكلام عليه الجزء الثالث بأكمله.
(2)
هو الإمام الحافظ المحدِّث أبو القاسم، إسماعيل بن أحمد بن عمر السَّمَرْقندي، الدِّمشقي المولد البغدادي الوطن، صاحب المجالس الكثيرة. ولد سنة (454 هـ). روى عن الخطيب البغدادي، ومحمد بن أبي نصر الحميدي. وعنه ابن عساكر، والسِّلَفي، والسَّمعاني. من مؤلفاته:"الأمالي"، و"الفوائد المنتقاة". مات سنة (536 هـ). "تهذيب تاريخ دمشق"(3/ 13)، و"النبلاء"(20/ 28)، و"معجم المؤلفين"(1/ 358).
(3)
إسنادُهُ ضعيفٌ لجهالَةِ بعضِ رُوَاتِهِ.
"جزء فضائل العبَّاس" للسمرقندي، لا زال مخطوطًا بالظاهرية ضمن المجموع 17/ 15 - ويقع في ثمان ورقات (من 144 - 151)، ومنه صورة في الجامعة الإسلامية برقم (961) وقد حصلتُ عليها بحمد الله تعالى، فقد أخرجه في "جزئه في فضائل العبَّاس"(ق 3/ أ).
قال ابن السَّمَرْقندي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حَمَّدُويه بقراءتي عليه غير مرةٍ، ثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن شمعون الواعظ إملاءً، ثنا أبو بكر محمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد الدَّورقي، ثنا أحمد بن روح البصري، ثنا جبلة بن مطر السدوسي، ثنا علي بن عبد الله أبو الحسن، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
أبو بكر ابن حمَّدُويه شيخ السَّمَرْقندي لم أجد له ترجمة. وأبو الحسين محمد بن أحمد بن شمعون =
145 -
وله شاهدٌ عبد الطَّبرانيِّ من حديثِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ
(1)
.
= الواعظ، أورده الذهبي في "الميزان"(6/ 54)، وقال:"كبير القدر، ولكن له مقالات تخالف طريقة السلف".
قلتُ: تابعه محمد بن أحمد بن رَزْقَويه، وهو ثقة؛ أخرجه الخطيب في "تاريخه"(10/ 41).
محمد بن جعفر، هو ابن محمد بن فضالة، أبو بكر الأدمي القاري البغدادي، قال ابن أبي الفوارس:"خلَّط فيما حدَّث". "تاريخ بغداد"(2/ 146)، و"الميزان"(6/ 93). وعبد الله بن أحمد الدَّورقي، محدِّث معروف، سمع أبا كامل الجحدري، ويحيى بن معين. وروى عنه يحيى بن صاعد، وأبو بكر الأدميِّ القاري. قال الدارقطني: هو ثقة. "تاريخ بغداد"(9/ 379). وأحمد بن روح البصري، هو البزاز، قال عنه في "الميزان" (1/ 324):"بغدادي يجهل". وجبلة بن مطر السدوسي، وعلي بن عبد الله أبو الحسن لم أجد لهما ترجمة.
• والحديث أخرجه: الخطيب في "تاريخ بغداد"(10/ 41) في ترجمة عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البزار العسكري - من طريقين:
الأول: عن محمد بن أحمد بن رزق، عن أبي القاسم عبد الله بن عبيد الله البزار العسكري، عن محمد بن السري بن سهل القنطري، عن عبد الله بن أحمد الدَّورقي به؛ لكنه قال:(حبيب بن مطر) بدلًا من (جبلة بن مطر).
الثاني: عن محمد بن أحمد بن رزق، عن أبي بكر الأدَمي، بمثل إسناد السَّمَرْقندي.
ومحمد بن أحمد بن رزق، هو أبو الحسن البغدادي البزاز، المعروف بـ "ابن رَزْقَويه"، شيخ أبي بكر الخطيب، أخذ عنه وسمع الحديث منه، وهو أول شيخٍ كتب عنه، وكان حسن الرأي فيه. قال في "تاريخه":"كان ثقةً، صدوقًا، كثير السماع والكتابة، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، مُدِيمًا لتلاوة القرآن، شديدًا على أهل البدع". وقال أيضًا: "وسمعت أبا بكر البرقاني يُسأل عنه فقال: ثقة". انظر: "تاريخ بغداد"(1/ 368)، و"السِّير"(17/ 258).
ومحمد بن السري القنطري لم أجد له ترجمة. وعبد الله بن عبيد الله البزار تَرْجَمَهُ الخطيب في "تاريخه"(10/ 41) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
(1)
إسنادُهُ متروكُ.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(6/ 205) - رقم (6020)، من طريق عبد الرَّحمن بن حاتم المرادي المصري، عن نُعيم بن حمَّاد، عن ابن عيينة، عن أبي الزِّناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن سهل بن سعد رضي الله عنه بلفظ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ للعبَّاسِ وأَبناء العبَّاس وأَبناء أَبناء العبَّاس".
وفي إسناده شيخ الطبراني عبد الرَّحمن بن حاتم المرادي.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 269): "رواه الطبراني عن شيخه عبد الرَّحمن بن حاتم المرادي، وهو متروك". وبقية رجاله موثَّقون اللَّهُمَّ إلَّا نُعيْم بن حمَّاد المروزيّ الحافظ فإنه مختلفٌ فيه. =
146 -
بل روى التَّرمذيُّ
(1)
من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما الاستغفارَ للعبَّاس وولده دون ما بعده؛ ولفظه:
"اللَّهُمَّ اغْفِرْ للعبَّاسِ وَلِوَلَدِهِ مغفرةً ظاهرةً وباطنةً لا تُغَادِرُ ذنبًا، اللَّهُمَّ اخْلُفْه في ولده"
(2)
.
147 -
وكذا دعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالمغفرة للأَنصار، وأبنائهم، وأبناء أبنائهم، ولمن أحبَّهم
(3)
.
= قال ابن عدي: "وقد أثنى عليه قوم وضعَّفه قوم، وكان أحد من يتصلَّب في السنة، ومات في محنة القرآن في الحبس". "مختصر الكامل"(ص 757).
قلتُ: ممن أثنى عليه ووثَّقه الإمام أحمد بن حنبل، والعجليّ، وأبو حاتم الرازيّ، ويحيى بن معين في رواية. وممن ضعَّفه النسائيّ، وابن معين في رواية أخرى، بل اتَّهمه الأزديّ بالوضع بقوله:"قالوا: كان يضع الحديث في تقوية السُّنَّة". وقد ردَّ الحافظ ابن حجر ما ادَّعاه الأزدي بأنه لا حجَّة فيه، لعدم معرفة قائله. ثم قال: وأمَّا نُعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه؛ ولكن في حديثه أوهام معروفة. وقد قال فيه الدَّارقطنيُّ: إمام في السُّنَّة، كثير الوهم. ولذا قال في "التقريب" (ص 1006):"صدوق يُخطئ كثيرًا". انظر: "تهذيب التهذيب"(10/ 409)، و"بحر الدم" (ص 432). وقال الذهبي في "الميزان" (7/ 41):"أحد الأئمة الأعلام على لِينٍ في حديثه".
وقد أورده في كتابه "الرواة المتكلَّم فيهم بما لا يوجب الرَّدَّ" - رقم (347) ونقل أقوال المعدِّلين والمجرِّحين.
• وخلاصة الكلام في نُعيم بن حمَّاد: أنه لا يُنسب إلى الكذب، وإنَّما إلى الوهم فحسب. وقد أفاد الحافظ في "التقريب"(ص 1006)، أن أبا أحمد بن عدي تتبَّع أحاديثه التي وَهِمَ فيها وأنكرت عليه، وقال: باقي حديثه مستقيم.
(1)
"في "سننه" (5/ 611) - رقم (3762).
(2)
إسنادُهُ حسنٌ بشواهده.
أخرجه في المناقب - باب مناقب العبَّاس، من طريق عبد الوهاب، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، عن كُريْب مولى ابن عباس، عن ابن عباس مرفوعًا، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه.
وقد استوفيتُ بحمد الله تعالى تخريجَ الحديثِ، والحكمَ عليه، وذكرَ طرقه وشواهده التي يتقوَّى بها في الباب الأول. راجع في حديث رقم (112).
(3)
متَّفقٌ عليه. =
148 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا يُحِبُّنَا أَهْلَ البَيْتِ إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، ولا يُبْغِضُنَا إلَّا منافق شقيٌّ". ذكره المحبُّ الطَّبريُّ
(1)
.
149 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
"من أَحَبَّ اللهَ أَحَبَّ القرآنَ، ومن أَحَبَّ القرآنَ أَحبَّني، ومن أَحَبَّني أَحَبَّ أَصْحَابِي وقَرَابتي". أخرجه الدَّيلميُّ في "مسنده"
(2)
.
= أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 650 - مع الفتح) - رقم (4906)، من طريق موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن أنس بن مالك أن زيد بن أرقم كتب إليه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"اللَّهُمَّ اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، -وشكَّ ابن الفضل- في أبناء أبناء الأنصار، فسأل أنسًا بعضُ من كان عنده فقال: هو الذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي أوْفى الله بأُذُنه".
- وأخرجه مسلم (4/ 1948) - رقم (2506)، من طريق شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم؛ بدون الشك في أبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. وأمَّا زيادة:"ولمن أحبَّهم"، فليست في "الصحيحين".
(1)
في "ذخائر العُقْبى في مناقب ذوي القُرْبى"(ص 51) وعزاه للملّاء، ولم أقف على إسناده لأحكمَ عليه.
(2)
حديثٌ موضوعٌ:
لم أعثر عليه في "الفردوس بمأثور الخطاب" في مظانه.
وقد أخرجه الشجري في "الأمالي"(1/ 87)، من طريق أحمد بن عمرو بن السراج (هكذا في المطبوع، والصواب: ابن السرح كما في كتب الرجال)، عن أبي محمد موسى بن عبد الرَّحمن الصنعاني، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك مرفوعًا.
وآفته موسى بن عبد الرَّحمن بن الثَّقفي الصَّنعاني.
قال ابن عدي في "الكامل"(6/ 2348): "منكر الحديث". وقال في أحاديثه: "هي بواطيل". وقال ابن حبان: "دجَّال". وقال الذهبي: "معروف، ليس ثقة". وذكره ابن عراق في مقدمة "تنزيه الشريعة"(1/ 120) في جملة الرواة الوضَّاعين والكذَّابين، ومن كان يسرق الأحاديث ويقلب الأخبار، ومن اتُّهم بالكذب والوضع. انظر:"ميزان الاعتدال"(6/ 549)، و"الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي (3/ 147).
وحُميد الطويل (ثقة مدلس). "التقريب"(ص 274). وقد عنعنه. قال حماد بن سلمة: "عامة أحاديثه عن أنس إنما سمعه من ثابت". وقال أبو بكر البرديجي: "وأما حديث حُميد فلا يحتجّ منه إلَّا بما =
150 -
ولابن عديٍّ في "كامله"
(1)
عن أنسٍ -أيضًا
(2)
- رَفَعَهُ:
"أَحِبُّوا أَهْلِي، وأَحِبُّوا عَلِيًّا؛ مَنْ أَبْغَضَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فقد حُرِمَ شفاعَتي"
(3)
.
وقال: "إنه موضوع". وتَبِعَهُ ابنُ الجوزيِّ
(4)
.
= قال حدثنا أنس". انظر: "التهذيب" (3/ 34)، و"جامع التحصيل" (ص 201).
• وله طريقٌ آخر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
أخرجه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2348) بنحو لفظه -في ترجمة موسى بن عبد الرَّحمن الثقفي الصنعاني- من طريق موسى بن عبد الرَّحمن الصنعاني، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "من أَحبَّ الله أحَبَّني، ومن أَحبَّني أَحبَّ قرابتي وأَصحابي، ومن أَحبَّ قرابتي وأَصحابي أحبَّ المساجد
…
"؛ وهو حديث طويل. قال ابن حبان في حقِّ موسى الثَّقفي: "دجَّالٌ، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتابًا في التفسير". "الميزان" (6/ 549). زاد ابن الجوزي:"جمعه من كلام الكلبي ومقاتل". "الضعفاء والمتركون"(3/ 147).
(1)
(4/ 1576) في ترجمة عبد الله بن حفص الوكيل.
(2)
(أيضًا) لم ترد في (م).
(3)
حديثٌ موضوعٌ.
أخرجه ابن عدي من طريق عبد الله بن حفص، عن بشر بن الوليد، عن حزم القطعي، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا. ولفظه:"من أَحبَّني فلْيُحب عليًّا، ومن أَحبَّ عليًّا فلْيُحِبَّ ابنتي فاطمة، ومن أَحبَّ ابنتي فاطمة فلْيُحبَّ ولديْهما الحسن والحسين، وإنَّهما لقُرطي أَهل الجنَّة، وإِنَّ أَهلَ الجنَّة ليباشرُون ويسارعُون إلى رؤيتهم ينظرون إليهم، فحُبُّهم إيمان، وبُغْضُهم نفاق، ومن أَبغض أَحدًا من أَهْل بَيْتِي فقد حُرِمَ شفاعتي؛ بأَنِّي نبيّ مكرَّم بعثني الله بالصدق؛ فَحَيُّوا أَهل بَيْتِي وحَيُّوا عليًّا".
قلتُ: هذا حديثٌ موضوعٌ، آفته عبد الله بن حفص الوكيل شيخ ابن عدي.
قال ابن عدي في أول ترجمته: "كان يسرق الحديث، وأملى عليَّ من حفظه أحاديث موضوعة، ولا أشكّ أنه هو الذي وضعها! ". ولذا قال رحمه الله تعالى عَقِبَهُ: "وهذا حديث باطل بهذا الإسناد، وضَعَهُ شيخُنا هذا! وهذه الألفاظ التي في هذا الحديث لا تشبه ألفاظ الأنبياء".
قلتُ: صَدَقَ الإِمام أبو أحمد؛ فإنَّ في لفظ الحديث ركاكةً ظاهرةً، وتأمَّلْ قوله:"فَحَيُّوا أَهل بَيْتِي وحَيُّوا عليًّا"، فهي ألفاظ لا تشبه ألفاظ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام.
(4)
في "الموضوعات"(1/ 320). وذكره الذهبي في "ترتيب الموضوعات" - رقم (398)، وأقره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 405)، وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 413)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 395). =
151 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
"حُبُّ آلِ محمَّدٍ يومًا خيرٌ من عبادةِ سَنَةٍ"
(1)
.
152 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
= قلتُ: ونحوه من الأحاديث الموضوعة -وسيورده المؤلِّف برقم (340) مع التنبيه على وضعه- ما أخرجه العقيلي في "الضعفاء الكبير"(2/ 180) في ترجمة سُدَيْف بن ميمون المكي- من طريقه، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعتُه يقول: "من أَبغضنا أَهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديًّا، وإِنْ صام وصلَّى وزَعَمَ أَنه مسلم".
وقال عن سُدَيْفٍ المذكور: "كان من الغلاة في الرفض". وحَكَمَ على الحديث بقوله: "ليس له أصل".
- ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(20/ 148)، وابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 321)، وأقرَّه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 406).
وأورده الذهبي في "الميزان"(3/ 171)، وابن حجر في "لسان العرب"(3/ 13)، وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 414)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 396).
• ومثله كذلك:
ما أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 322)، من طريق الخطيب البغدادي، عن أحمد بن عبد الله الذَّارع، عن زيد بن علي بن الحسين، والحسن بن محمد بن سعدان الكوفي، كلاهما عن عمارة بن زيد، عن بكر بن جارية، عن أبيه، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديًّا، وإنْ شهد أن لا إله إلَّا الله".
قال ابن الجوزي: "وهذا باطل، والذَّارع كذَّاب". وأقرَّه السيوطي في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 407). وأورده الذهبي في "ترتيب الموضوعات"- رقم (402)، بقوله:"بإسنادٍ مظلمٍ فيه الذَّارعُ الكذَّابُ". وابن عراق "تنزيه الشريعة"(1/ 414)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 396).
• وأختم الكلام على هذه الأحاديث بما قاله الإمام الذهبي في "ترتيب الموضوعات"(ص 135) بعد أن ذكر جملةً مما وُضِعَ في فضل أهل البيت؛ قال رحمه الله تعالى:
"والموضوعات لا تنحصر كثرةً، وآلُ محمد صلى الله عليه وسلم أجلُّ من ذلك وأكرم، فقبَّح الله الكذَّابين على نبيِّهم صلى الله عليه وسلم". اهـ، والله تعالى أعلم.
(1)
أخرجه الدَّيلمي في "الفردوس بمأثور الخطاب"(2/ 142) - رقم (2721) بلا إسناد، والظاهر من لفظه أنه لا يصحُّ، والله تعالى أعلم.
"حُبِّي وحُبُّ أَهْلِ بَيْتِي نَافِعٌ في سَبْعِ مواطنَ أَهْوالهنّ عظيمة"
(1)
. أوردهما الدَّيلميُّ في "الفردوس"، وتَبعَهُ ولده بلا إسنادٍ؛ وأحْسِبُهُما غير صحيحي الإِسناد، وكذا الذي بعدهما.
153 -
وفي "الشِّفا"
(2)
بلا إسنادٍ، أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"معرفةُ آلِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم براءةٌ من النَّار، وحُبُّ آلِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم جَوازٌ على الصِّراط، والولايةُ لآلِ محمَّد صلى الله عليه وسلم أَمَانٌ من العذاب".
154 -
(3)
وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يَرِدُ الحَوْضَ
(4)
أَهْلُ بَيْتي، ومَنْ أَحَبَّهُم مِنْ أُمَّتِي كهاتين السَّبَّابتين". ذكره المحبُّ الطَّبريُّ
(5)
.
155 -
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعًا:
"خَمْسٌ مَنْ أُوتِيهنَّ لم يَقْدِرْ على تركِ عَمَلِ الآخرةِ
…
"، وَذَكَرَ منها: "حُبُّ آلِ محمَّد صلى الله عليه وسلم". الدَّيلميُّ في "مسنده"
(6)
، من طريق أبي نعيم.
(1)
هكذا الحديث مختصرًا في سائر النُّسخ، ووُجد في حاشية (م) تمام الحديث كالتالي:"عند الوفاة، وعند القبر، وعند النَّشر، وعند الكتاب، وعتد الحساب، وعند الميزان، وعند الصِّراط". وقد نبَّه النَّاسخ أن هذه الزيادة ربّما سقطت من الأصل. ووقع (سبع مواطن)، والصواب:(سبعة مواطن).
(2)
(2/ 40) - طبعة دار الفكر. فصلٌ في توقيره وبر آله وذرِّيته وأمهات المؤمنين أزواجه.
قال الشيخ ملا علي قاري في "شرح الشفا"(2/ 82): "لا يُعرف راويه". وسبقت إشارة المؤلف بأنه ليس بصحيح.
(3)
من هنا إلى قوله: "من طريق أبي نُعيم" سقط من (م)، و (ك)، و (هـ)، و (ل). وأثبتُّه من حاشية الأصل بخطِّ المؤلف، وقد ذيَّله بـ (صحَّ) مما يدل على أنها سقطت من الأصل، وهو موجود في أصل (ز) دون حديث زيد بن أرقم.
(4)
(الحوض) لم ترد في (ز).
(5)
في "ذخائر العُقْبى في مناقب ذوي القُرْبى"(ص 51)، وعزاه للملّا، ولم أقف على إسناده لأحكمَ عليه.
(6)
"الفردوس بمأثور الخطاب"(2/ 196) - رقم (2974). وتمامه: "زوجة صالحة، وبنون أبرار، وحسن مخالطة النَّاس، ومعيشة في بلده، وحبّ آل محمد".
وعن بعض العلماء مما في "الشِّفا"
(1)
أنه قال: معرفتهم -يعني آل محمد صلى الله عليه وسلم: هي معرفة مكانهم من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإذا عرفهم بذلك عرف وجوبَ حقِّهم وحرمتهم بسببه.
156 -
وعن زين العابدين علي بن الحسين بن علي، عن أبيه رضي الله عنه أنه قال:
"مَنْ أَحبَّنا نَفَعَهُ الله بحبِّنا ولو أَنَّه بالدَّيلم". أخرجه الجِعَابيُّ في "الطَّالبيّين"
(2)
.
157 -
وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:
"أَنا شَجَرَةٌ، وفَاطِمَةُ حَمْلُهَا، وعليٌّ لِقَاحُهَا، والحُسَيْنُ والحَسَنُ
(3)
ثَمَرُهَا، والمُحبُّونَ أَهْلَ بَيْتي وَرَقُهَا، هم في الجَنَّةِ حقًّا حقًّا". أورده الدَّيلميُّ في "مسنده"
(4)
، وكذا ابنُ الجوزيِّ في "الموضوعات"
(5)
.
(1)
(2/ 40).
(2)
لم أقف عليه، وبالتالي لم أقف على من تحت زين العابدين.
(3)
كذا في الأصل (ح)، و (ز) بتقديم الحسين على الحسن، وفي سائر النُّسخ عداهما بتقديم الحسن علي الحسين.
(4)
"الفردوس بمأثور الخطاب"(1/ 52) - رقم (135).
(5)
حديثٌ موضوعٌ.
يروى هذا الحديث عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عن ابن عباس، وعبد الرَّحمن بن عوف، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين.
• الطريق الأول: عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما:
أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات"(1/ 321) كما أشار المؤلف - باب فضائل أهل البيت، من طريق موسى بن نُعَيْمان، عن ليث بن سعد، عن ابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد حكم عليه ابنُ الجوزي بالوضع لقوله:"وهذا موضوع؛ وموسى لا يُعرف". وأورد الذهبي موسى هذا في "الميزان"(6/ 566) وسمَّاه (موسى بن النُّعمان) وقال: "نكرةٌ لا يُعرف، روى عن الليث بن سعد خبرًا باطلًا". وذكر السيوطي الحديثَ في "اللآلئ المصنوعة"(1/ 405)، وابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 414)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة"(ص 380).
• الطريق الثاني: عن عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه:
أخرجه ابن عدي في "الكامل"(6/ 2451) في ترجمة مِيناء بن أبي مِيناء - من طريق الحسن بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= علي أبي عبد الغني الأزدي، عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرَّحمن بن عوف، عن عبد الرَّحمن بن عوف أنه فال: "أَلا تسألوني قبل أن تشيبَ الأَحاديثَ الأباطيلُ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنا الشَّجرة، وفاطمة أصلها
…
" الحديث. وكذلك في (2/ 748) في ترجمة الحسن بن علي الأزدي -عنه، عن عبد الرزاق به. وانظر: "ذخيرة الحفاظ" (1/ 499) - رقم (750)، و (2/ 816) - رقم (1592).
وهذا الطريق آفته مِيناء بن أبي ميناء -بكسر الميم وبعد الياء نون، يمدّ ويُقصر- أنكر الناس حديثه. قال ابن معين: ليس بثقة. وقال أبو حاتم الرازي: يكذب. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال البخاري: ميناء ليس بثقة، يُحدِّث عبد الرزاق عنه، عن أبيه؛ ليس بثقة. وقال الجوزجاني: ميناء الخزاز أنكر الأئمة حديثه لسوء مذهبه. وقال الدارقطني: متروك. وقال يعقوب بن سفيان: غير ثقة ولا مأمون، يجب أن لا يُكتب حديثه. وقال ابن حبان: منكر الحديث، قليل الرواية، روى أحرفًا يسيرة لا تُشبه أحاديث الثقات، وَجَبَ التَّنكُّب عن روايته. انظر:"الإكمال"(7236)، و"الميزان"(6/ 582)، و"التهذيب"(10/ 354)، و"المجروحين"(3/ 22)، و"أحوال الرجال" للجوزجاني - رقم (258)، و"الجرح والتعديل"(8/ 395)، و"ضعفاء ابن الجوزي" (3/ 154). وقال ابن عدي في "الكامل" (6/ 2451) في آخر ترجمته:"وميناء هذا أظنّ أنَّ عامة ما يرويه هو ما ذكرته، ويبينُ على حديثه أنه يغلو في التَّشيُّع".
قلتُ: وهذا الحديث مما يؤيد بدعته.
وقال في (2/ 748) بعد إيراده الحديث: "وهذا الحديث في فضيلة عليٍّ لا يُعرف إلَّا بهذا الإسناد، ولعلَّ البلاء فيه من ميناء، أو عبد الرزاق؛ فإنهما في جملة من يرويان في الفضائل، لا من أبي عبد الغني"، وتعقَّبه الذهبي بقوله:"قلت: ولعلَّه من وضع أبي عبد الغني". وقد أورده في "الميزان"(2/ 255)، وذكر أقوال من جَرَحَهُ: قال ابن حبان: يضع على الثقات، لا تحلّ الرواية عنه بحال. وقال ابن عدي: له أحاديث لا يُتابع عليها في فضائل عليٍّ.
- وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(3/ 174) - رقم (4755)، من طريق محمد بن حيوية بن المؤمل، عن إسحاق بن إبراهيم بن عبَّاد، عن عبد الرزاق الصنعاني به. قال الحاكم عَقِبَهُ:"هذا متن شاذ، وإنْ كان كذلك؛ فإنَّ إسحاق الدبري صدوق، وعبد الرزاق وأبوه وجدُّه ثقات! وميناء مولى عبد الرَّحمن بن عوف قد أدرك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وسمع منه! والله أعلم".
وتعقَّبه الحافظ الذهبيُّ في "التلخيص" بعبارة حادَّةٍ على غير عادته في تعقُّباته بقوله: "ما قال هذا بشرٌ سوى الحاكم! وإنما ذا تابعيٌّ ساقط، وقال أبو حاتم: كذَّاب يكذب. وقال ابن معين: ليس بثقة. ولكن أظن أن هذا وُضع على الدَّبري؛ فإنَّ ابن حيوية متَّهم بالكذب. أفما استحييتَ -أيُّها المؤلِّف- أن تُورد هذه الأخلُوقات من أقوال الطُّرُقيَّة فيما يُستدرك على الشيخين؟ ! ". وانظر: ترجمة إسحاق بن إبراهيم بن =
158 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه رَفَعَهُ:
"يا عليُّ! إِنَّ أَهْلَ شِيعَتِنا يخرجون من قبورهم يومَ القيامةِ على ما بهم مِنَ الذُّنوبِ والعُيُوبِ، وجُوهُهُمْ كالقمرِ ليلةِ البدر
…
" الحديث؛ وفيه كلامٌ أكثر من هذا، وكلُّه كَذِبٌ. وقد أورده ابنُ الجوزيِّ في "الموضوعات"
(1)
.
= عبَّاد الدَّبري في "الميزان"(1/ 231)، و"لسانه" (1/ 461). قال ابن الصلاح: وجدتُ فيما روى الدَّبْري عن عبد الرزاق أحاديث أستنكرها جدًّا، فأحلتُ أمرها على الدَّبْريّ؛ لأنَّ سماعه منه متأخر جدًّا، والمناكير التي تقع في حديث عبد الرزاق فلا يلحق الدَّبْريّ منه تبعة، إلَّا أنه صحَّف أو حرَّف؛ وإنما الكلام في الأحاديث التي عنده في غير التصانيف، فهي التي فيها المناكير، وذلك لأجل سماعه منه حالة الاختلاط، والله أعلم. وانظر ترجمة محمد بن حيوية في "الميزان"(6/ 129)، ونَقَلَ فيه قول الخطيب نقلًا عن البرقاني: كان غير موثَّقٍ عندهم. وكذلك "اللسان"(5/ 155).
• الطريق الثالث: عن جابر رضي الله عنه:
أخرجه ابن عدي في "كامله"(5/ 1824) في ترجمة عبد الله بن عثمان الشامي- عنه، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان بعرفة وعليٌّ تُجاهه فقال:"يا عليّ! أُدْنُ مني، ضع خَمْسك في خَمْسي. يا عليّ! خلقتُ أنا وأنت من شجرة، أنا أصلها، وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها، من تعلَّق بغُصْنٍ منها أدخله الله الجنة".
قلتُ: هذا الطريق البلاء فيه من عثمان بن عبد الله الشامي.
قال ابن عدي. حدَّث بالمناكير عن الثقات، ثم ساق له أحاديث منكرة، ومن جملتها هذا الحديث ثم قال: وهذه الأحاديث عن ابن لهيعة التي ذكرتُها لا يرويها غير عثمان بن عبد الله هذا، ولعثمان غير ما ذكرت من الأحاديث؛ أحاديث موضوعة. وذكر الذهبي أنه كان يسرق الأحاديث، وكان يُحدِّث عن الليث ومالك، وكان يضع عليهم الحديث؛ لا يحلُّ كتب حديثه إلَّا على سبيل الاعتبار. وقال الدارقطني: متروك الحديث. وقال مرَّةً: يضع الأباطيل على الشيوخ الثقات. وقال الجوزجاني. كذَّاب، يسرق الأحاديث. وقال مسعود السجزي: كذَّاب.
وقال الحاكم: حدَّث عن مالك والليث وابن لهيعة ورشدين وحماد بن سلمة وغيرهم بأحاديث موضوعة، حدَّثنا الثقات من شيوخنا؛ والحمل فيها عليه. انظر:"ميزان الاعتدال"(5/ 55)، و"لسان الميزان"(4/ 170).
(1)
حديثٌ موضوعٌ.
أورده في (1/ 322) - باب فضائل أهل البيت، من طريق محمد بن سالم، عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
وذكره. وفيه زيادة. قال ابن الجوزي عقبه: "هذا حديث موضوع. قال علي بن =
159 -
وعن جَريرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ مَاتَ على حُبِّ آلِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَاتَ شهيدًا، أَلا ومَنْ مَاتَ على حُبِّ آلِ محمَّدٍ مَاتَ مغفورًا له، أَلا ومَنْ مَاتَ على حُبِّ آلِ محمَّدٍ مَاتَ تَائِبًا
…
".
وفيه: "مَاتَ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الإِيمان"، وفيه
(1)
: "بشَّره ملَكُ الموتِ بالجنَّة، ومُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ"، وفيه:"يُزَفُّ إلى الجنَّةِ كما تُزَفُّ العروسُ إلى بيتِ زَوْجِهَا"، وفيه: "فُتِحَ له في قبره
(2)
بابان
(3)
إلى الجنَّة"، وفيه: "مَاتَ على السُّنَّة والجماعة". وفيه: "مَنْ مَاتَ على بُغْضِ آلِ محمَّدٍ جاء يَوْمَ القيامةِ مَكْتُوبٌ بين عَيْنَيه: آيِسٌ مِنْ رحمةِ الله"، أخرجه الثَّعلبيُّ في "تفسيره"
(4)
قال:
أنا عبد الله بن محمد بن علي البلخي، ثنا يعقوب بن يوسف بن إسحاق، ثنا محمد بن أسلم، ثنا يعلى بن عبيد، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم عنه.
ورجاله من محمد إلى منتهاه أثباتٌ؛ لكن الآفة فيمن بين الثَّعلبيِّ وبين محمد، وآثار الوَضْعِ كما قال شيخُنا رحمه الله عليه لائحة
(5)
.
160 -
وعن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال:
"مَنْ دَمَعَتْ عَيْناه فينا دَمْعَةً، أو قَطَرَت عَيْناه فينا قَطْرَةً، آتاه الله عز وجل
= الجنيد الحافظ: محمد بن سالم متروك. وقال أبو الفتح الأزدي: محمد بن علي، ومحمد بن سالم ضعيفان". اهـ. وأورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/ 407)، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 414 - 415)، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص 396).
(1)
(وفيه) لم ترد في (م).
(2)
في (م): إلى قبره.
(3)
في (ك): باب؛ بالإِفراد.
(4)
حديثٌ موضوعٌ.
عزاه للثَّعلبيِّ بهذا الإِسناد الزَّيلعيُّ في "تخريج أحاديث وآثار الكشاف"(3/ 238) - رقم (1147)، والحافظُ ابن حجر في "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف"(ص 145) - رقم (354)؛ آفته كما أشار الحافظ؛ عبد الله بن محمد البلخي، ويعقوب بن يوسف بن إسحاق.
(5)
انظر: "الكافي الشاف"(ص 145) - رقم (354).
الجنَّة"، أخرجه أحمد في "المناقب"
(1)
.
161 -
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من أَحبَّنا بقلبه، وأعاننا بيده ولسانه كُتِبَ أنا وهو في علّيِّين، ومن أَحبَّنا بقلبه، وأَعاننا بلسانه وكفَّ يَدَهُ فهو في
(2)
الدَّرجة التي تليها، ومن أَحبَّنا بقلبه، وكَفَّ عنَّا لِسَانَه ويدَه
(3)
فهو في الدَّرجة التي تليها". رواه نُعَيْم بن حمَّاد
(4)
، من طريق سفيان بن اللَّيل، عن الحسن بن علي، عن أبيه؛ به.
وابنُ اللَّيل كان غاليًا في الرَّفض، بل في الطَّريق إليه السَّرِيُّ بن إسماعيل أحد الهَلْكَى
(5)
.
(1)
إسنادُهُ ثقاتٌ، إلَّا شيخ أبي بكر القطيعيّ فإنه لا يُعرف.
أخرجه القطيعي في "زوائد الفضائل"(2/ 675) - رقم (1154)، من طريق أحمد بن إسرائيل قال: رأيت في كتاب أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله بخط يده، نا أسود بن عامر أبو عبد الرَّحمن، قثنا الربيع بن منذر، عن أبيه قال: كان حسين بن علي يقول:
…
وذكره. قال الشيخ وصي الله محقق "الفضائل": "أحمد بن إسرائيل شيخ القطيعي لم أجده، والباقون ثقات". وأورده المحبُّ الطَّبريُّ في "ذخائر العُقْبى"(ص 52). وعزاه لأحمد في "المناقب".
(2)
في (م): (من)، بدل (في).
(3)
في (م) على العكس: يده ولسانه.
(4)
في "كتاب الفتن"(ص 64، 91) ط: دار الفكر. وهو في (1/ 116، 127، 164) - رقم (267، 303، 422) -الطبعة المحققة- مكتبة التوحيد بالقاهرة.
(5)
إسنادُهُ منكرٌ.
أخرجه نعيم بن حمَّاد من طريق محمد بن فضيل، عن السّري بن إسماعيل، عن عامر الشعبي، عن سفيان بن الليل به. ولفظه:"لما قدم الحسن بن علي رضي الله عنهما من الكوفة إلى المدينة أتيته فقلت: يا مذل المؤمنين! قال: لا تقل ذاك، فإني سمعتُ أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل وهو معاوية، والله ما أحبّ أن لي الدنيا وما فيها وأنه يهراق فيَّ محجنة من دم"، دون محلِّ الشاهد منه. ومن طريقه العقيليُّ في "الضعفاء الكبير"(2/ 175) في ترجمة سفيان بن الليل، بسياق أتم منه، وقال:"كان ممن يغلو في الرَّفض، ولا يصحُّ حديثه". زاد العقيلي بعد قوله: "محجنة من دم": "وسمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أحبَّنا بقلبه، وأعاننا بيده
…
" الحديث، وهو محلّ الشاهد. وأخرجه ابن المقرئ في "المعجم" (ص 414) - رقم (1369) موقوفًا على الحسين بن علي. وعزاه المتقي الهندي في "كنز العمال" (13/ 588) - رقم (37513) لسمُّويه. =
162 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِي مِنْ بَعْدِي". رواه أبو يعلى
(1)
، ورجاله ثقات
(2)
، لكن شذَّ راويه عن سائر رواته بقوله:"لأهلي"
(3)
.
= قلتُ: هذا الإِسناد مداره على السَّرِيِّ بن إسماعيل، وهو هالك تفرَّد به.
قال أبو طالب عن أحمد: ترك الناس حديثه. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال الذهبي: تركوه. وقال يحيى بن سعيد: استبان لي كذبه في مجلس. وقال النسائي وابن حجر: متروك الحديث. انظر: "الضعفاء الكبير"(2/ 176)، و"الميزان"(3/ 173)، و"الكاشف"(1/ 427)، و"التقريب"(ص 367)، و"كتاب بحر الدم"(ص 168).
وسفيان بن الليل؛ قال عنه العقيلي -كما سبق-: كان ممن يغلو في الرفض، ولا يصحّ حديثه. وقال أبو الفتح الأزدي في حديثه: سفيان مجهول، والخبر منكر، لا يُحفظ له غير هذا. قال النباتي: حديثه لا يرويه إلَّا السّري، وهو لا شيء. انظر:"لسان الميزان"(3/ 62 - 63).
(1)
في "مسنده"(10/ 330) - رقم (5924).
(2)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(9/ 174): "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات".
(3)
إسنادُهُ حسنٌ.
أخرجه أبو يعلى من طريق أبي خيثمة، عن قريش بن أنس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا، والحاكم في "المستدرك"(3/ 352) - رقم (5359) من طريق إبراهيم بن عبد الله، عن قريش بن أنس به. وقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه، وله شاهد صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي.
- وأبو نُعيم في "تاريخ أصبهان"(2/ 265 - ط: دار الكتب العلمية) في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(7/ 286) في ترجمة الحسن بن أحمد بن سعيد؛ كلاهما من طريق يحيى بن معين، عن قريش بن أنس به، وابن أبي عاصم في "السُّنة"(2/ 616) - رقم (1414) من طريق أحمد بن محمد المروزي، عن قريش بن أنس به.
والمروزي، هو أبو العباس السمسار، المعروف بمردويه (ثقة حافظ). "التقريب"(ص 98)، ولعلَّه ممن سمع من قريش قبل اختلاطه، فقد مات سنة (238 هـ)، وفي "التقريب" سنة (235 هـ)، وهو من أقران علي بن المديني، وعليٌّ ممن سمع من قريش قبل اختلاطه، وسيأتي بعد قليل مزيد تفصيلٍ لهذا الإِجمال. وأبو سلمة، هو ابن عبد الرحمن بن عوف (ثقة مكثر). "التقريب"(ص 1155)، حديثه في الكتب الستة.
ومحمد بن عمرو، هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، تكلَّم فيه البعض من قِبَل حفظه، وثَّقه النسائي وابن المديني ويحيى القطان وأبو حاتم. "إسعاف المبطأ" (ص 36 - 37). قال في "التقريب" (ص 884):"صدوق له أوهام". أخرج حديثه الجماعة، إلَّا البخاري فقد أخرج له حديثًا واحدًا في =
فَالكُلُّ إنَّما قالوا: "لأَهْلِهِ"
(1)
؛ قاله أبو خَيْثَمَةَ راويه.
= الاعتكاف مقرونًا بغيره.
وقريش بن أنس، هو الأنصاري، صدوق مشهور، كما قال الذهبي في "الميزان"(5/ 471). ولكنه اختلط قبل موته بست سنين. "التقريب"(ص 801). وقد أطلق يحيى بن معين، وابن المديني توثيقَهُ. قال أبو حاتم. لا بأس به، إلَّا أنه تغير، وكذا قال النسائي. انظر:"نهاية الاغتباط"، (ص 287)، و"الكواكب النيرات"(ص 82)، و"كتاب المختلطين"(ص 98)، و"التهذيب"(8/ 324).
أمَّا رواية يحيى بن معين عن قريش بن أنس فإنها قبل اختلاطه، فقد صرَّح الحافظ ابن حجر في "التهذيب"(8/ 324) أن رواية المتأخرين عنه بعد اختلاطه، مثل ابن أبي العوَّام، والكُدَيْمي؛ فإنه اختلط سنة (202 هـ)، ومات سنة (208 هـ)، وبالنسبة ليحيى بن معين فالظاهر أنه ممن روى عنه قديمًا، فقد مات سنة (234 هـ). ومما يؤكِّد هذا التقرير أن الحافظ أشار في "فتح الباري"(9/ 593) إلى أن رواية علي بن المديني وأقرانه عن قريش بن أنس كانت قبل اختلاطه، ومعلوم لدى الجميع أن ابن معين من أقران ابن المديني، وعليه فسماعه صحيح، والله تعالى أعلم. وقد قرَّره الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"(4/ 462)، فراجعه إنْ شئتَ.
قلتُ: قد تُوبع قريش بن أنس على حديثه، تابعه شجاع بن الوليد السكوني، أبو بدر الكوفي، قال فيه الإِمام أحمد: كان أبو بدر شيخًا صالحًا صدوقًا. ووثَّقه ابن معين وغيره، وهو من رجال البخاري ومسلم. "الميزان"(3/ 364)، و"بحر الدم"(ص 199)؛ أخرج هذا المتابع الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(7/ 14) من طريق شجاع بن الوليد، عن محمد بن عمرو به؛ فالحديث حسن.
(1)
روى هذا الحديث جمعٌ من الصَّحابة الكرام رضي الله عنهم مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "لأهله"، وليس:"لأهلي من بعدي"، منهم: عائشة، وابن عباس، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو كبشة الأنماري، وغيرهم رضي الله عنهم.
1 -
أمَّا رواية عائشة رضي الله عنها:
فقد أخرجها الترمذي في "سننه"(5/ 667) - رقم (3895) -كتاب المناقب- باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وابن حبان كما في "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"(9/ 484) - رقم (4177)، والدارمي في "سننه"(2/ 212) - رقم (2260)، وابن سعد في "الطبقات"(7/ 138)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 770) -رقم (1599) -كتاب النفقات- باب فضل النفقة على الأهل، جميعًا من طريق سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب صحيح من حديث الثوري، وما أقبل ما رواه عن الثوري". اهـ. وهذا إسناد صحيح كما قال الترمذي.
2 -
وأمَّا رواية ابن عبَّاس رضي الله عنهما:
فهي عند ابن ماجه في "السُّنن"(1/ 636) - رقم (1977) -كتاب النكاح- باب معاشرة النساء. =
163 -
وعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ لله عز وجل ثلاثَ حُرُمَاتٍ، فَمَنْ حفظهنَّ حَفِظَ الله دِينَهُ ودنياه، وَمَنْ لم يحفظهنَّ لم يَحْفَظِ اللهُ دنياه ولا آخرته"، قلت:"وما هنَّ؟ ".
قال: "حُرْمَةُ الإِسلامِ، وَحُرْمَتِي، وَحُرْمَة رَحِمِي". أخرجه الطَّبرانيُّ في "الكبير"
(1)
، و"الأوسط"
(2)
، وأبو الشيخ في
= وابن حبان كما في "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"(9/ 491) - رقم (4186) كلاهما من طريق عمارة بن ثوبان، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/ 113):"هذا إسناد ضعيف، عمارة بن ثوبان ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال عبد الحق: ليس بالقوي، فردَّ ذلك عليه ابن القطان". اهـ. ويشهد له ما قبله وما بعده.
3 -
وأمَّا رواية معاوية رضي الله عنه:
فقد أخرجها الطبراني في "الكبير"(19/ 363) - رقم (853)، وأبو يعلى ولم أعثر عليه في "مسنده"، وإنما عزاه إليه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية - المسندة"(2/ 166) - رقم (1609) كلاهما من طريق علي بن عاصم، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن معاوية بن أبي سفيان به.
4 -
وأمَّا رواية أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه.
فهي عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(4/ 464) - رقم (2519) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمر بن رؤبة، عن أبي كبشة. قال الحافظ الهيثمي في "المجمع" (4/ 303):"وفيه عمر بن رؤبة، وثَّقه ابن حبان وغيره، وضعَّفه جماعة". اهـ. وجميع ما سبق شاهد له.
(1)
انظر: "مسند أبي يعلى"(10/ 330)، وأبو خيثمة سبقت ترجمته.
(2)
إسناده ضعيفٌ.
أخرجه في "الكبير"(3/ 126) - رقم (2881)، و"الأوسط" - رقم (1/ 118) - رقم (205)، والشجري في "الأمالي"(1/ 152)، وعزاه المتقي الهندي في "الكنز"(1/ 77) - رقم (308) لأبي نعيم؛ جميعهم من طريق إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المديني، عن عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وذكره. قال الطبراني في "الأوسط" عقب روايته: "لم يرو هذا الحديث عن عمران بن محمد بن سعيد غير إبراهيم بن حمَّاد، ولا نعلم لعمران بن محمد بن سعيد بن المسيب حديثًا مسندًا غير هذا".
قلتُ: إبراهيم بن حمَّاد بن أبي حازم ضعَّفه الدارقطني، وقد تفرَّد به. انظر:"الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي (1/ 30)، و"لسان الميزان"(1/ 145)، ولأجل إبراهيم بن حماد ضعَّف الهيثميُّ الحديثَ، فقد أورده في "المجمع"(1/ 88)، وقال:"رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه إبراهيم بن حماد وهو ضعيف، ولم أرَ من وثَّقه". ونحوه في (9/ 168). وعمران بن محمد بن سعيد بن المسيب جرحه =
"الثواب"
(1)
.
164 -
وأورد المحبُّ الطَّبريُّ بلا إسنادٍ
(2)
، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ حفظني في أَهْلِ بَيْتي فقد اتَّخَذَ عند الله عَهْدًا".
165 -
وعن أبي رافع مَوْلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم-رضي الله عنه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"مَنْ لم يَعْرِفْ حقَّ عِتْرَتي، والأنصار، والعرب، فهو لإِحدى ثلاث: إِمَّا منافقٌ، وإِمَّا لِزِنْيَة، وإِمَّا امروٌ حَمَلَتْ به أُمُّهُ في غير طُهْرٍ". أخرجه أبو الشيخ في "الثَّواب"
(3)
. ومن طريقه الدَّيلميُّ في "مسنده"
(4)
،
(5)
وكذا أخرجه البيهقيُّ في "الشُّعَب"
(6)
، وفي سنده زيد بن جبير
(7)
؛ فقال: إنَّه غير قويّ في الرِّواية.
= أبو الفتح الأزدي بقوله: "ليس بذاك"، كما نقله الذهبي في "الميزان" (5/ 293). وقال في آخر ترجمته: وليس عند عمران سوى هذا الخبر الواهي". اهـ. ولم يُوثِّقه سوى ابن حبان (8/ 497)، وقال: "يعتبر حديثه إذا روى عنه الثقات؛ لأنَّ في رواية الضعفاء عنه مناكير كثيرة". ولذا قال الحافظ في "التقريب" (ص 751): "مقبول".
قلتُ: لم يُتابع عمران عليه، والراوي عنه ههنا إبراهيم بن حماد بن أبي حازم، وهو ضعيف، وأبوه محمد بن سعيد ذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 421)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 92) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. قال في "التقريب" (ص 848):"مقبول".
(1)
لم أقف عليه عند أبي الشيخ.
(2)
في "ذخائر العُقْبى في مناقب ذوي القُرْبى"(ص 50)، وعزاه لأبي سعد، والملَّاء، ولم أقف له على إسنادٍ لأحكم عليه.
(3)
لم أقف عليه في "الثواب"، وأخرجه في "طبقات المحدثين بأصبهان"(3/ 162) - في ترجمة أبي العباس أحمد بن محمد الخزاعي، لكنه قال:"وإمَّا لزانية"، بدلًا من "لزنية".
(4)
"الفردوس بمأثور الخطاب"(3/ 626) - رقم (5955).
(5)
من هذا الموضع إلى قوله: (في الرواية) في الصفحة المقابلة؛ انفردت به نسخة الأصل (ح) دون سائر النُّسخ.
(6)
(2/ 232) - رقم (1614).
(7)
حديثٌ منكرٌ سندًا ومتنًا.
أخرجه أبو الشيخ، والديلمي، والبيهقي، وابن عدي في "كامله"(3/ 1060) في ترجمة زيد بن =
166 -
وعن عبد الله بن حسين بن علي بن حسين بن علي، عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
(1)
قال:
"مَنْ والانا فلرسولِ الله صلى الله عليه وسلم والى، ومَنْ عادانا فلرسولِ الله صلى الله عليه وسلم عادى"
(2)
.
= جَبيرة الأنصاري، والشجري في "أماليه"(1/ 157)، والبارودي كما عزاه في "الكنز" برقم (34199)؛ جميعهم من طريق إسماعيل بن عياش، عن زيد بن جَبيرة عن داود بن الحصين، عن ابن رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعًا.
قلتُ: مدار هذا الإِسناد على زيد بن جَبيرة، وهو ابن محمود بن أبي جَبيرة الأنصاري المدني، وهو مجمع على ضعفه كما قال ابن عبد البر، قال ابن معين: لا شيء. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال في موضع آخر: متروك الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا، متروك الحديث، لا يُكتب حديثه. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يُتابعه عليه أحد. وقال ابن حبان: منكر الحديث، يروي المناكير عن المشاهير؛ فاستحقَّ التنكُّب عن روايته. انظر:"الجرح والتعديل"(3/ 559)، و"المجروحين"(2309)، و"التاريخ الكبير"(3/ 390)، و"الميزان"(3/ 147)، و"التهذيب"(3/ 349)، و"التقريب"(ص 351).
وإسماعيل بن عيَّاش، سبق الكلام على حاله عند الحديث رقم (99)، وأنه ثقة فيما يرويه عن الشاميين، ضعيف عن المدنيين والعراقيين. وروايته ههنا عن زيد بن جبيرة، وهو أنصاري مدني.
- وأخرجه ابن عدي (3/ 1059) من طريق عبَّاد بن يعقوب الرَّواجني، عن إسماعيل به. والرَّواجني، وإن كان صدوقًا في حديثه؛ إلَّا أنه رافضي غال داعية، وهذا الحديث مما يؤيد بدعته، وقد سبق بيان حاله والكلام عليه.
قلتُ: والحديثُ منكرٌ متنًا، فإنَّ قوله:"وإمَّا امروءٌ حملتْ به أُمُّه في غير طُهْرٍ"، فيه نكارة؛ فإنَّ المعروف طبًّا أن زمن الحيض زمن عقيم لا يمكن أن يحدث فيه حمل، ذلك أن المرأة تمتلك مبْيضين، يقوم كل مبْيض بتحرير بويضة بالتناوب في منتصف الدورة الشهرية تمامًا، ومعنى ذلك أنه يستحيل حدوث الحمل في أثناء الحيض. انظر: تعليق محقِّقي "طبقات أبي الشيخ" على الحديث (3/ 162).
• تنبيه: جاء تسمية الراوي في الأصل: (زيد بن جبير) وهو كذلك في "شعب الإِيمان"، وفي مصادر ترجمته والتخريج (زيد بن جبيرة) -كما رأيت-؛ فلْيُصَحَّح.
(1)
في (م): رضي الله عنه، هكذا بالجمع.
(2)
في إسنادِهِ مَنْ لا يُعرف.
عبد الله بن الحسين، وفي بعض مصادر ترجمة أبيه (عبيد الله) لم أجده. وأبوه الحسين بن علي بن الحسين يُلقَّب بـ (حسين الأصغر). قال فيه النسائي وقد روى عنه: ثقة. ووثَّقه ابن حبان كما في "الثقات"(6/ 205). وقال الحافظ في "التقريب"(ص 248): "صدوق مقل! "، وبقية رجاله ثقات.
167 -
وعن أبي نزار الوليد بن عقبة العِجْليِّ: سمعت عبد الله بن حسن بن حسن يقول:
"كفى بالمُحِبِّ لنا
(1)
أَنْسِبُهُ إلى من يحبُّنا، وكفى بالمُبْغِضِ لنا بُغْضًا أَنْسِبُهُ إلى مَنْ يبغِضُنا"
(2)
.
168 -
وعن زيد بن علي بن الحسن، عن أبيه قال:
"إنَّ الله تعالى أخَذَ مِيثاقَ مَنْ يُحِبُّنا وهم في أصْلابِ آبائهم، فلا يَقْدِرون على ترك ولايتِنَا؛ لأنَّ الله عز وجل جَبَلَهُم على ذلك"
(3)
.
169 -
وعن يحيى بن زيد
(4)
قال:
"إِنَّما شِيعتُنا من جَاهَدَ فينا، ومَنَعَ مِنْ ظُلْمِنَا حتى يأْخذَ الله عز وجل لنا بحقِّنا". روى هذه الآثارَ الأَربعةَ الجِعَابيُّ
(5)
.
(1)
وُجِدَ في حاشية (م) عند هذا الموضع: لعلَّه سقط (محبَّةً).
(2)
في إسناده مَنْ لا يُعرف.
الوليد بن عقبة لم أستطع تحديده بدقة، ولعلَّه ابن نزار العنسي، ولعلَّ نسبته تحرَّفت في جميع النُّسخ إلى العجلي، وهو شيخ عراقي يروي عن بعض التابعين. قال الذهبي في "الكاشف"(2/ 353)، وابن حجر في "التقريب" (ص 1040):"مجهول". وقال في "الميزان"(7/ 135): "لا يُعرف"، والله تعالى أعلم. وعبد الله بن حسن بن حسن (ثقة جليل القدر). "التقريب"(ص 499). ولم أقف على من تحته لأحكم على بقية الإِسناد.
(3)
زيد بن علي بن الحسين، هو الذي تنسب إليه الزيدية (ثقة). "التقريب"(ص 355)، وأبوه زين العابدين (ثقة، ثبت، عابد، فاضل مشهور). "التقريب"(ص 693). ولم أقف على من تحتهما لأحكمَ على بقية الإِسناد.
(4)
هو يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. خرج إلى المدائن بعد مقتل أبيه زيد، فبعث يوسف بن عمر في طلبه فخرج إلى الري، ثم خرج إلى نيسابور، ثم خرج إلى سرخس، إلى أن قُتل بـ (أنبير)، وهي مدينة بالجوزجان بين مرو الروذ وبلخ من خراسان سنة (125 هـ)، ثم صُلِبَ على باب مدينة الجوزجان. وله يومئذٍ ثماني عشرة سنة. "مقاتل الطالبيين"(ص 152 - 158)، و"عمدة الطالب"(ص 347).
(5)
في كتابه: "تاريخ الطالبيين"، وسبق أن فيه أسماء من روى من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ سبق التعريف به في (ص 72).
170 -
وعزا المحبُّ الطَّبريُّ
(1)
لابن السَّمَّان في "الموافقة"
(2)
عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب للزُّبير بن العوَّام رضي الله عنهما.
"هل لك أن تعودَ الحسنَ بنَ عليٍّ رضي الله عنهما فإنَّه مريضٌ"، فكأنَّ الزبيرَ تَلَكَّأَ عليه! فقال له عمر:"أَمَا عَلِمْتَ أن عيادةَ بني هاشم فريضة، وزيارتَهم نافلة"
(3)
.
(1)
"ذخائر العُقبى"(ص 43).
(2)
اسم الكتاب: "الموافقة بين أهل البيت والصَّحابة وما رواه كلُّ فريق في الآخر"، نسبه له حاجي خليفة في "كشف الظنون"(2/ 1465)، و (2/ 1890)، وأفاد أن الزَّمخشريَّ اختصره بحذف الأسانيد والتكرار، واقتصر على نصوص الكتاب. وانظر:"معجم المؤلفين"(1/ 371).
• وابن السَّمَّان هو: إسماعيل بن علي بن الحسين الرازي، أبو سعد السَّمَّان -بفتح السين المهملة وتشديد الميم وفي آخره نون- نسبة إلى بيع السَّمن. وُلِدَ سنة نيف وسبعين وثلاث مئة، وكان علَّامة بارعًا زاهدًا ورعًا عالمًا بفقه أبي حنيفة، من مؤلفاته:"البستان في تفسير القرآن". مات سنة (445 هـ). "السِّير"(18/ 55)، و"الأنساب"(3/ 292).
وبالنِّسبة للإِسناد المذكور؛ فإنَّ زيد بن أسلم (ثقة عالم، وكان يُرسل). "التقريب"(ص 350). وأبوه أسلم العدوي (ثقة مخضرم). "التقريب"(ص 135). ولم أقف على من تحت زيد بن أسلم لأحكم عليهم.
(3)
إسنادُهُ منكرٌ، فيه خارجة بن مصعب.
أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 368) - رقم (2618) من طريق أبي عقيل محمد بن حاجب المروذي، عن محمد بن مرداس الأنصاري، عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حبُّ بني هاشم فريضة، وزيارتهم نافلة".
قال ابن أبي حاتم: قال أبي: "هذا حديث باطل، ومحمد بن مرداس مجهول".
قلتُ: آفته خارجة بن مصعب بن خارجة، أبو الحجَّاج السَّرخْسي. قال الحافظ:"متروك، وكان يُدلِّس عن الكذَّابين. ويُقال إنَّ ابن معين كذَّبه". "التقريب"(ص 383). ومحمد بن مرداس الأنصاري ذكره ابن حجر في "التقريب"(ص 894) تمييزًا وقال: "مقبول".
• وللأثر طريق آخر:
أخرجه الدَّارقطني في كتاب "الفضائل" كما عزاه السَّمهوديّ في "الجواهر"(ص 359) من طرقٍ، وذَكَر منها طريق وكيع القاضي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، قال: حدثني عم أبي عبد الله بن موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، [عن أبيه محمد بن علي]، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه رضي الله عنهم أجمعين، وما بين المعقوفين زيادة من عندي، لعلَّها سقطت من المطبوع. =
171 -
وفي روايةٍ: "أن عيادة بني هاشم سُنَّة، وزيارتَهم نافلة"
(1)
.
• وقوله "تَلَكَّأَ": يعني توقَّف وتَبَطَّأَ
(2)
.
172 -
وعند الخطيب في "الجامع"
(3)
بسندٍ ضعيفٍ، من طريق عمرو بن مرَّة، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال عثمان بن عفان رضي الله عنه.
"إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يُكْرِمُ بني هاشم". وسالمٌ لم يسمع من عثمان، فهو منْقطِعٌ أيضًا
(4)
.
= وكيع القاضي، هو محمد بن خلف بن حيان، أبو بكر الضَّبِّيّ صاحب كتاب "أخبار القضاة"، سمع الزبير بن بكَّار، وأبا حذافة السهمي، وعنه الجِعَابي، وابن المظفَّر. ولي قضاء الأهواز. ولم أجده في "أخبار القضاة" له. قال أبو الحسين ابن المنادي: أقلَّ الناس عنه لِلين شُهِرَ به. وقال الدَّارقطنيُّ: كان عالمًا فاضلًا نبيلًا فصيحًا، من أهل القرآن والفقه والنحو. وقال الخطيب: كان عالمًا فاضلًا، حسن الأخبار، عارفًا بأيام الناس. وقال الحافظ الذهبي: صدوق إن شاء الله. انظر: "الميزان"(6/ 134)، و"لسان الميزان"(5/ 161). ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم، وعبد الله بن موسى بن جعفر لم أجد لهما ترجمة؛ وبقية رجاله أئمة مشهورون موثَّقون.
قال نور الدِّين السَّمْهوديُّ في "جواهر العقدين"(ص 360): "قلتُ: وقول عمر للزبير رضي الله عنهما: "أما علمتَ
…
" إلخ، ظاهرٌ في أن عمرًا رضي الله عنه لم يقل ذلك من قِبَلِ رأيه، بل كان ذلك من الأمور المقررة عندهم، ولا إشكال في أن عيادة بني هاشم وزيارتهم آكد من عيادة غيرهم وزيارته". اهـ. وأعاده بنصِّه في "الجوهر الشَّفَّاف في فضائل الأشراف"(ق 106/ أ) - مخطوط بمكتبة الحرم المكي الشَّريف برقم (2629).
قلتُ: هذا الكلام يُقال فيما لو صحَّ الأثر!
(1)
الرواية في (م) هكذا: (إنَّ زيارة بني هاشم فريضة).
(2)
انظر: "النهاية"(4/ 268)، و"لسان العرب"(1/ 153 - 154) - مادة (لَكَأَ).
(3)
"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"(1/ 546) - رقم (800) من طريق عبد الغفار بن محمد الكلابي، عن عمر بن الهيثم الرقاشي، عن شعبة، عن عمرو بن مرَّة به.
(4)
إسنادُهُ منقطعٌ كما قال المؤلفُ.
فإنَّ سالم بن أبي الجعد، واسمه رافع الأشجعي الغطفاني مولاهم، لم يسمع من عثمان بن عفان كما قال المؤلف. قال أبو زرعة الرازي:"سالم بن أبي الجعد عن عمر، وعثمان، وعليٍّ؛ مرسل". وقال الحافظ العلائي: "سالم بن أبي الجعد الكوفي، مشهور، كثير الإِرسال عن كبار الصَّحابة كعمر، وعلي، وعائشة، وابن مسعود، وغيرهم صلى الله عليه وسلم". انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص 70)، و"جامع التحصيل" للعلائي (ص 217).
173 -
(1)
وروينا أنَّ نَصْرَ بنَ أحمد "صاحب خراسان"
(2)
اسْتَأْذَنَتْ عليه امرأةٌ علويَّةٌ، فَشَكَتْ من عامله على بَلْخٍ
(3)
! فكتب لها إليه، وأنْعَمَ عليها بدراهمَ وثيابٍ، وغير ذلك.
ثم نام، فرأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام، كأنَّه يقول:"حَفِظَ اللهُ حُرْمَتَكَ كما حَفِظْتَ حُرْمَتِي". فلمَّا استيقظ أعْلَمَ حَاجِبَهُ بذلك، وأمَرَ بإِحضار الفقهاء، وغيرهم، ثم كتب إلى سائر البُلْدان يحضُّهم على الإِحسان لآل الرَّسول صلى الله عليه وسلم
(4)
.
174 -
(5)
وروينا في "التَّذكرة"
(6)
(1)
من هنا إلى قوله: "لآل الرسول صلى الله عليه وسلم" سقط من (ز، هـ، ل، ك).
(2)
هو الأمير أبو الحسن، نصر بن الأمير الشهيد أحمد بن إسماعيل بن سامان السَّاماني -بفتح المهملة- نسبة إلى جماعة من ملوك سامان، صاحب ما وراء النهر. تولَّى المملكة بعد مقتل أبيه سنة (301 هـ)، ودامت ولايته ثلاثين عامًا، ولذا كان يُلقَّب بـ (السَّعيد). كان مُحبًّا للعلماء، مُقرِّبًا لهم، مُكْرِمًا للضُّعفاء والصَّالحين حتى مات سنة (331 هـ). انظر أخباره في:"تاريخ الطبري"(5/ 677)، و"الأنساب" للسمعاني (3/ 200)، و"رأس مال النديم في تواريخ أعيان أهل الإِسلام" لابن بابه القاشاني (ص 252)، و"الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6/ 479)، و"العبر" للذهبي (2/ 40).
(3)
بَلْخ: بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفي آخرها الخاء المعجمة، مدينة مشهورة بخراسان، وهي من أجل مدنها وأكثرها خيرًا، وأوسعها غَلَّة. فتحها الأحنف بن قيس التميمي من جهة عبد الله بن عامر بن كريز زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه. "معجم البلدان"(1/ 479)، وانظر:"الأنساب"(1/ 388).
(4)
القصة أوردها السَّمْهويُّ في "جواهر العقدين"(ص 372)، و"الجوهر الشَّفَّاف"(ق 116/ أ) بسياق أتم مما ذكره المؤلف ههنا، وعزاها في الموضعين إلى كتاب "توثيق عُرى الإِيمان في تفضيل حبيب الرحمن"، وهو لشرف الدِّين أبي القاسم هبة الله بن عبد الرحيم البارزيّ (ت 738 هـ)؛ لخَّصه من "الشِّفا" في مجلد، كما أفاده حاجي خليفة في "الكشف"(1/ 503)، والكتاني في "الرسالة"(ص 197).
(5)
من هنا إلى نهاية الخبر انفردت به نسخة الأصل (ح)، وأثبتُّه من الحاشية بخطِّ الحافظ السَّخاويِّ.
(6)
انظر: "الذخيرة من المصنفات الصغيرة"(1/ 173 - 174) - تحقيق الشيخ أبي عبد الرحمن بن عقيل، ط. الأولى (1404 هـ). حقق فيه مجموعة من المؤلفات الصغيرة، منها "تذكرة الحميدي".
قال الحميدي: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الصعيدي، ثنا أحمد بن محمد السايح سمعت أبا عمرو بن أحمد العوام
…
وذكره.
للحُمَيْدِيِّ
(1)
، من طريق أبي عمرو محمد بن أحمد العوَّام
(2)
، أنَّ يحيى بنَ معاذٍ
(3)
دخل على العَلَويِّ البَلْخيِّ ببَلْخٍ، فقال له العُمَرِيُّ
(4)
: ما تقولُ فينا أهل البيت؟
قال: وما أقول في غرْسٍ غُرِسَ بماءِ الوَحْي، وطينٍ عُجِن بماءِ الرِّسالةِ، فهل يَفُوحُ منهما إلَّا مِسْكُ الهُدَى، وعَنْبرُ التُّقَى! .
فقال: أحسنتَ، وأمَرَ أن يُحْشَى فمه دُرًّا.
قال: ثم زاره من غده، فلما دخل العُمَرِيُّ على يحيى، قال له يحيى:
إنْ زُرْتَنَا فبفَضْلِكَ، وإنْ زُرْنَاكَ فَلِفَضْلِكَ؛ فَلَكَ الفَضْلُ زائرًا ومَزُورًا
(5)
.
* * *
(1)
هو محمد بن أبي نَصْر فتوح بن عبد الله الأزدي الحُميْديّ الأندلسي، صاحب "الجمع بين الصحيحين". وُلِد قبل سنة (420 هـ)، وسمع أبا عمر ابنَ عبد البر، وأبا محمد ابنَ حزم، وكان ميَّالًا له ولأقواله. حدَّث عنه الحافظان أبو عامر العبدري، وأبو القاسم السَّمَرْقندي، وشيخه أبو بكر الخطيب. من مؤلفاته غير ما ذُكِرَ:"جذوة المقتبس في تاريخ الأندلس"، و"الذهب المسبوك في وعظ الملوك". مات ببغداد سنة (488 هـ). "بغية الملتمس"(ص 106)، و"النبلاء"(19/ 120)، و"الأنساب"(2/ 270).
(2)
قال عنه الدارقطني: "صدوق". مات سنة (276 هـ)، وهو مترجمٌ في "تاريخ بغداد"(1/ 389).
(3)
هو يحيى بن معاذ، أبو زكريا الرازي الواعظ حدَّث عن إسحاق الرازي، وعلي الطنافسي، وعنه الحسن بن علوية، وأحمد بن محمد البذشي. قدم بغداد واجتمع بها إليه مشايخ الصوفية. كان صاحب عبادةٍ واجتهادٍ. مات بنيسابور سنة (258). "طبقات الصوفية" لأبي عبد الرحمن السلمي (ص 107)، و"تاريخ بغداد"(14/ 212).
(4)
العلويّ العُمَريّ من أهل بيت النبوة، يُنسب إلى عمر بن علي بن أبي طالب -رحمه الله تعالى-، وقد ذكر السمعاني في "الأنساب"(4/ 241) جماعةً منهم؛ انظره في موضعه.
(5)
الخبر أورده أبو بكر الخطيب شيخ الحميديّ في "تاريخ بغداد"(14/ 214) بإسناده من طريق أبي حازم العبدويّ قال: سمعث منصور بن عبد الوهاب يقول: قال أبو عمرو محمد بن أحمد العوَّام -وتحرَّفت في المطبوع إلى (الصرَّام! ) -: دخل يحيى بن معاذ علي علويٍّ ببلخٍ زائرٍ له مُسَلِّمًا عليه، فقال العلويّ ليحيى: أيَّد الله الأُستاذ، ما تقول فينا أهل البيت؟
…
والباقي سواء؛ ولكنه قال في آخره: فحشى العلويُّ فاه بالدُّرِّ.
- وأورده المؤلف من طريق الخطيب في "القول البديع"(ص 123 - 124)، وكذا في "الإسعاف بالجواب عن مسألة الأشراف"، كما في "الأجوبة المرضيَّة"(2/ 422 - 423).