المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حقوق المرأة في ضوء الكتاب والسنة   دراسة عصرية موثقة إعداد د/ مرزوق بن - حقوق المرأة في ضوء الكتاب والسنة

[مرزوق بن هياس الزهراني]

فهرس الكتاب

- ‌(1)المقدمة

- ‌(2)خطة البحث

- ‌(3)الباب الأول حول الإنسان، وفيه فصلان:

- ‌1/ 3 - الفصل الأول: خلق الإنسان، وفيه مباحث:

- ‌2/ 3 - المبحث الأول: تعريف الإنسان

- ‌3/ 3 - المبحث الثانيبيان أصل خلق الإنسان

- ‌4/ 3 - المبحث الثالثاصطفاء الإنسان وتكريمه

- ‌5/ 3 - الفصل الثاني التوجه والارتباط، وفيه مباحث

- ‌6/ 3 - المبحث الأول: الرسالة إلى الإنسان

- ‌7/ 3 - المبحث الثانيارتباط الإنسان بالرسالة

- ‌(4)الباب الثاني: المساواة بين الرجل والمرأة، وفيه فصلان:

- ‌1/ 4 - الفصل الأول: أصل الخلق وحق الحياة، ومتطلباتها، وفيه مباحث:

- ‌2/ 4 - المبحث الأول: المساواة في أصل الخلق

- ‌3/ 4 - المبحث الثانيالمساواة في حق الحياة

- ‌4/ 4 - المبحث الثالثالمساواة في متطلبات الحياة:

- ‌5/ 4 - المبحث الرابعالمساواة في حق التكريم:

- ‌6/ 4 - المبحث الخامسالمساواة في حق الكسب:

- ‌7/ 4 - المبحث السادس:المساواة في حق النكاح المبني على الشرع:

- ‌8/ 4 - المبحث السابع:المساواة في حق اختيار الزوج:

- ‌9/ 4 - المبحث الثامن:المساواة في حق قضاء الوطر

- ‌10/ 4 - المبحث التاسع:المساواة في تحريم نكاح المشركين:

- ‌11/ 4 الفصل الثانيالمساواة في التكليف وتحمل المسئولية، وفيه مباحث:

- ‌12/ 4 - المبحث الأول: المساواة في التكليف:

- ‌13/ 4 - المبحث الثاني:المساواة في تحمل المسئولية:

- ‌14/ 4 - المبحث الثالث:المساواة في الحدود:

- ‌15/ 4 - المبحث الرابع:المساواة في حق الشورى:

- ‌16/ 4 - المبحث الخامس:المساواة في حرية الرأي:

- ‌17/ 4 - المبحث السادس:المساواة في حق التعليم

- ‌18/ 4 - المبحث السابع:المساواة في حق تعليم الغير

- ‌(5)الباب الثالث: الفروق بين الرجل والمرأة

- ‌1/ 5 - الفصل الأول: ما ينفرد به الرجل عن المرأة

- ‌2/ 5 - المبحث الأول: القوامة

- ‌3/ 5 - المبحث الثاني:وجوب الصلاة في جماعة

- ‌4/ 5 - المبحث الثالث:إباحة الزواج بأكثر من امرأة

- ‌5/ 5 - المبحث الرابع:إباحة الاستمتاع بملك اليمين

- ‌6/ 5 - المبحث الخامس:إباحة الزواج من المرأة الكتابية

- ‌7/ 5 - المبحث السادس:جعل العصمة بيد الرجل

- ‌8/ 5 - المبحث السابع:الطلاق صيغته وصفته للرجل

- ‌9/ 5 - المبحث الثامن:الرجوع عن الطلاق للرجل

- ‌10/ 5 - المبحث التاسع:الإمهال في حالة الإيلاء

- ‌11/ 5 - المبحث العاشر:الولاية على المحارم

- ‌12/ 5 - المبحث الحادي عشر:انتساب الأبناء إلى الآباء

- ‌المبحث الثاني عشر: زيادة النصيب في الميراث وليس مطلقا

- ‌13/ 5 - المبحث الثاني عشر:شهادته باثنتين وليس مطلقا

- ‌14/ 5 - المبحث الثالث عشر:حرمة الاستمتاع من الزوجة بالفرج في حالتي الحيض والنفاس

- ‌15/ 5 - المبحث الرابع عشر:حرمة إتيان الزوجة في الدبر

- ‌16/ 5 - المبحث الخامس عشر:الولاية العامة والخاصة

- ‌17/ 5 - المبحث السادس عشر: الجهاد

- ‌18/ 5 - المبحث السابع عشر:وجوب النفقة على الزوج

- ‌19/ 5 - المبحث الثامن عشر:وجوب نفقة المرضعة على الزوج

- ‌20/ 5 - الفصل الثاني:ما تنفرد به المرأة عن الرجل، وفيه مباحث:

- ‌21/ 5 - المبحث الأول:خلق المرأة من الرجل

- ‌22/ 5 - المبحث الثاني: وجوب الحجاب

- ‌23/ 5 - المبحث الثالث:حق الرضاع والحضانة

- ‌24/ 5 - المبحث الرابع:حق الزينة والتجمل

- ‌25/ 5 - المبحث الخامسحق رعاية الأسرة

- ‌26/ 5 - المبحث السادس:حق الأمومة، وزيادة البر

- ‌27/ 5 - المبحث السابع:عدم وجوب الجهاد

- ‌28/ 5 - المبحث الثامنوجوب العدة على المرأة

- ‌29/ 5 - المبحث التاسع:حرمة كتمان ما يخلق في الأرحام

- ‌30/ 5 - المبحث العاشر:حق المرأة في كيفية الطلاق

- ‌31/ 5 - المبحث الحادي عشر:حق المرأة في المخالعة

- ‌32/ 5 - المبحث الثاني عشر:حق المرأة في العدل عدم المضارة

- ‌33/ 5 - المبحث الثالث عشرحق المرأة الميراث

- ‌(6)الخاتمة

- ‌ فهرس المصادر

الفصل: حقوق المرأة في ضوء الكتاب والسنة   دراسة عصرية موثقة إعداد د/ مرزوق بن

حقوق المرأة في ضوء الكتاب والسنة

دراسة عصرية موثقة

إعداد

د/ مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني

ص: 1

(1)

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين: نبينا محمد حجة الله على الخلق أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن استجاب لدعوته وعمل بما أنزل الله عليه وهو الحق المبين، وسار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الدعوة إلى تحرير المرأة في هذا العصر جاءت ضمن حملة شعواء شاملة على كل ما ينتمي إلى الإسلام، وقد نحج الأعداء في استقطاب ثلة من أبناء المسلمين للقيام بمهمة الدعوة إلى تحرير المرأة، والعجب أن الدعوة مبنية على أن المرأة لم تأخذ حقوقها كاملة في ظل الإسلام، وقد أدرك الأعداء أن خير من يقوم بهذه المهمة هم أبناء وبنات المسلمين، بعد أن زودوا بالأفكار والمبررات المختلقة لهذا الفكر الهدام، فالمسلمون يقبلون من أبنائهم وبناتهم ما لا يقبلونه من الأعداء، فاكتفى الأعداء بإعداد خطط الهدم، وأبناء المسلمين وبناتهم يقومون بالتنفيذ، ومن هنا وجب على علماء المسلمين العالمين بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتصدوا لهذه الهجمة الشرسة، ببيان حقوق المرأة في ضوء الكتاب والسنة، وذلك لأهمية الموضوع في العدل والمساواة وإعطاء كل ذي حق حقه، وليأمن الناس على أن حقوقهم المشروعة تصل إليهم في ظل الإسلام، ولاسيما في بلادنا المملكة العربية السعودية، إذ الحكم فيها قائم على الكتاب والسنة، والإجماع، والقياس بعد النظر في الأشباه والنظائر، وما تقضي به المصالح المرسلة فيما لا ضرر فيه ولا ضرار.

ص: 1

إن عدالة الإسلام المباركة يراد منها إحقاق الحق كما أراد الله ورسوله، وإنصاف كل فرد على وجه الأرض، بإعطائه حقوقه المشروعة، ذكرا كان أو أنثى، حتى لو كان عدوا، ولهذا على علماء المسلمين حماية الشريعة الغراء من عبث العابثين، وانتحال المبطلين، وعليهم رد كيد الأعداء، الطاعنين في الإسلام بزعمهم أنه بخس الحقوق، وقيّد الحريات، ولاسيما حقوق المرأة وحريتها، وهو بهتان عظيم، وافتراء على أقدس الأديان، وأوسعها وأكملها عدلا وحرية ومساواة، فالإسلام لم يأت إلا رحمة للناس كافة، ولذلك أرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (1) هكذا الأمر للناس كافة دون استثناء، بل وللجن أيضا {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} (2) وما حدث هذا الأمر إلا لمخاطبتهم بالإسلام الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا كان مجيء الإسلام جملة وتفصيلا على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رحمة للعالمين: الجن والإنس، من عند خالقهم العليم ببيان ما يصلح أحوالهم وما يفسدها، فكيف يتسنى لزاعم أن يزعم أن الإسلام فيه ظلم وعسف وتقييد للحريات، والعجب أن تسمع هذا الهراء من بعض المنتسبين إلى الإسلام، وكان أحسن منه قولا في الإسلام قول من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم: ذلك المستشرق، إذ قال: "وفي الحقيقة لو قرأ المسيحيون باهتمام شريعة المسلمين

(1) الحسنة التي الآية (107) من سورة الأنبياء.

(2)

الآية (29) من سورة الأحقاف ..

ص: 2

وتاريخهم، وتدبروهما لاستولى عليهم الحياء حين يشاهدون هؤلاء المسلمين ذوي غيرة على عبادتهم وتقواهم وتصدّقهم، وإلى أي حد هم متفانون في إخلاصهم، قانتون في مساجدهم، وإلى أي حد هم مطيعون لرئيسهم الروحي، حتى أن الحاكم لا يحاول أمرا إلا بعد مشورة المفتي، وإلى أي حد هم مهتمون بمراعاة أوقات الصلوات الخمس، في كل يوم حيث وجدوا، وأيا كانت مشاغلهم، ما أشد مراعاتهم دائما لصومهم، من الصباح حتى المساء، طول أيام الشهر بلا انقطاع، وما أكثر توادّ المسلمين وتراحمهم، وما أعظم ما يرى من عنايتهم بالغرباء في نزلهم، سواء بالفقير أم بالنازح المسافر، لو تأملنا عدالتهم ونزاهتهم، وسائر فضائلهم الخلقية، لخجلنا من جمودنا، سواء في عبادتنا، أم في تراحمنا، ولخجلنا من جورنا وإفراطنا وتعسفنا، ولا ريب أن هؤلاء الناس سيقيمون الحجة علينا، ولا شك أن عبادتهم وتقواهم وأعمالهم والرحمة فيهم هي الأسباب الرئيسة لنمو الدعوة المحمدية" (1).

ويقول مستشرق آخر أشد عداوة للإسلام من هذا: "نجد كثيرين من الإغريق من ذوي المواهب العالية والميزات الخلقية، قد بلغ من تأثرهم بتفوق المسلمين، أنهم حتى عندما كانوا يتجنبون الاندماج في خدمة السلطان (2)، بأداء ضريبة الأبناء، كانوا يدخلون في دين محمد بمحض إرادتهم".

إن ما يعزوه المنصفون من المستشرقين من فضائل وأخلاق حسنة إلى المسلمين، مرده الإسلام نفسه الذي لا يعرف إلا الكمال في كل فضيلة، ومن قرأ تأريخ الإسلام بفقه وتجرّد، لا

(1) المستشرق توماس آرنولد في كتابه (تاريخ الدعوة الإسلامية).

(2)

المراد السلطان في الدولة العثمانية الحكمة بالإسلام.

ص: 3

يجد غير هذا، ويجد أن الإسلام لم ينطلق فاتحا الأقطار شرقا وغربا إلا لنجدة الناس ورحمتهم، كيما يحرر قلوبهم من العبودية لغير الله تعالى، وينير عقولهم بالتفكير في من خلقهم، ومن أجلهم خلق ما في الأرض، وخلق الأزواج كلها {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (1) وقال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (2) جاء الإسلام فاتحا ليحرر الضمائر والعقول، من قيود الوثنية والجهل بالله تعالى، ويطلق حريات الناس في البحث عن الحق، ومحاربة الباطل، لإقرار العدالة بين الناس كافة، ومنع الفساد في الأرض، ومن أجل ذلك انطلق إلى الشرق يقاتل، من أجل رحمة الناس، وإخراجهم من تلك الإهانة البالغة: عبادة الفروج والأبقار، إنسان كرّمه الله يعبد بقرة خلقت لخدمته وأكله وشربه، وهو في ذل مقيت يتبرك بروثها ويغتسل ببولها، إنه أمر عجيب أن يهدر إنسان كرامته، وأن يعبد فرجا أو قردا أو خنزيرا، أو غير ذلك مما لا عدّ له ولا حصر في ديانات الوثنيين، التي جعلت الإنسان الذي كرّمه الإسلام، في هوان مستمر وحقارة لا مثيل لها، جاء الإسلام لرحمة الناس من هذا البلاء ومن بلاء العنصريات، التي أذابها بين المؤمنين به كما يذوب الملح في الماء، وفي غير الإسلام لا زالت قائمة ماثلة للعيان، فبالأمس القريب كانت جنوب إفريقيا مضرب المثل في

(1) من الآية (29) من سورة البقرة.

(2)

الآية (21) من سورة الروم ..

ص: 4

التمييز العنصري، ولا زالت تشوبها أكدار العنصرية، وما يلاقيه الشعب الفلسطيني من عذاب وقتل ودمار وتهجير من أبرز أسبابه العنصرية، ومن زعم أن الإسلام جاء لغير الرحمة والعدل والمساواة، وموازنة الحقوق والواجبات، فقد أعظم الفرية على الله ورسوله والمؤمنين، ولهذا فإننا حينما نطرح حقوق المرأة في الكتاب والسنة النبوية إنما نفعل ذلك لبيان الحق {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) إننا يقول للناس: إن الإسلام هبة من الله تعالى لآدم عليه السلام وبنيه، فلم يكن أمرا جديدا جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بل ما جاء به صلى الله عليه وسلم حق مرتبط بالرسالات السابقة، إنها جميعا تدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وتطالب بتحكيم شرعه، فكل فرد من بني آدم مطالب أن يرتبط بالرسالة الربانية في كل شئونه في الحياة، وكان الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام أول من استجاب للرسالة الربانية، وتبعهم أصحابهم ومن بعدهم من العلماء العاملين، والدعاة المصلحين، والأئمة المجتهدين، وليس ذلك مقصورا على زمان دون آخر، بل طالبهم بالإيمان بما جاءت به الرسل، في كل زمان ومكان، أمر الله بذلك نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ

(1) من الآية (42) من سورة الأنفال ..

ص: 5

رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (1) وخاطب المؤمنين به عز وجل فقال: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (2) وأمرهم بالتطبيق العملي لذلك فقال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (3) هذا وصف لما عليه المسلمون مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان بأن هذا النهج هو نهج النبي إبراهيم عليه السلام {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (4) وقال تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ

(1) الآية (84) من سورة آل عمران.

(2)

الآية (136) من سورة البقرة ..

(3)

الآية (78) من سورة الحج.

(4)

الآية (135) من سورة البقرة.

ص: 6

الْمُشْرِكِينَ} (1) وأثنى الله تعالى على هذا المنهج فقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (2) وأمر تعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم أن يعلن بأن الله هداه إلى طريق الحق فقال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (3) وبيّن تعالى أن هذا الاتباع ما هو إلا وحي منه تعالى إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (4) وكان ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة كل الأديان، وكان صلى الله عليه وسلم خاتمة الأنبياء والرسل، فلا نبي بعده، ولا رسول بعده، ولا دين غير ما جاء به صلى الله عليه وسلم، وما سواه من الأديان إما حق منسوخ بما جاء به صلى الله عليه وسلم، أو باطل مفترى، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ

(1) الآية (95) من سورة آل عمران.

(2)

الآية (125) من سورة النساء.

(3)

الآية (161) من سورة الأنعام ..

(4)

الآية (123) من سورة النحل.

ص: 7

الْحِسَابِ} (1) فلا يطلب دين سواه، ولا يعبد الله بغيره، قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

1 -

(لا يسمع بي من أمتي، يهودي، أو نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار)(3) فالإسلام ليس نظرية تبنى على التجربة، إنه علم مؤكد لا ريب فيه، لأنه وحي منزّل من خالق عليم، لبيان أن ما وقع فيه بنو آدم من عبادة غير الله، أو تحريف ما هو حق وتزويره، بقصد وضع مناهج للحياة أنه من عمل الشيطان، الذي يجلب على بني آدم بخيله ورجله ليضلهم عن سبيل الله، ومن لم يقتنع بهذا فلا نملك له الهداية، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

(1) الآية (19) من سورة آل عمران.

(2)

الآية (85) من سورة آل عمران.

(3)

سنن النسائي الكبرى حديث (11177).

ص: 8