الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اثنتين وأراد الرجعة بعد الطلقة الواحدة، أو بعد الثانية، والمرأة تأبى ذلك، وجب تقديم قوله على قولها، لأن الرجعة حق للرجل دون المرأة، وهذا قبل انتهاء فترة التربص المقررة في قول الله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (1) أما بعد انتهاء مدة التربص المقررة شرعا فليس للزوج حق في الرجعة، وتملك المرأة أمر نفسها، فإذا رغبت في الرجعة فلا تحل إلا بعقد جديد، ومهر جديد، وولي وإشهاد، ومن راجع في مدة التربص، فلا يلزمه شيء من أحكام النكاح، ولابد أن يكون القصد من المراجعة الإصلاح، لقول الله تعالى:{إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} (2) وليس شرطا في صحة الرجعة، أما إذا قصد الرجل بالرجعة الأذى والإضرار بالمرأة فقصده حرام، والرجعة صحيحة، ويكون ظالما لنفسه، لقول الله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (3).
10/ 5 - المبحث التاسع:
الإمهال في حالة الإيلاء
.
وانفرد الرجل عن المرأة بأنه إذا حلف أن لا يعاشر زوجته، وهو ما يعرف بالإيلاء، فله مهلة أربعة أشهر، فإن رجع فلا
(1) من الآية (228) من سورة البقرة، والقروء: جمع قرء، وهو اسم مشترك بين الحيض، والطهر، ويصح التربص بثلاث حيض، أو بثلاثة أطهار، حملا للمشترك على أحد معنييه.
(2)
الآية (228) من سورة البقرة.
(3)
الآية (231) من سورة البقرة.
بأس، وإلا يعزم الطلاق، قال تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول في الإيلاء الذي سمى الله: لا يحل لأحد بعد الأجل إلا أن يمسك بالمعروف أو يعزم الطلاق، كما أمر الله عز وجل (2) وقد آلى رسول الله عز وجل من نسائه، وكانت انفكّت رجله، فأقام في مشربة له تسعة وعشرين ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله، آليت شهرا؟ فقال:
66 -
(الشهر تسع وعشرون)(3) ولو تجاوز الأجل المقرر في الآية، فللمرأة حق المطالبة بالإمساك بالمعروف، أو العزم على الطلاق، وقد قرر الإسلام الأجل للزوج رحمة بهما، فقد يحدث الرضى في فترة الأجل، ويعود الوفاق والمودة، وفي ذلك مصلحة للزوجين دون شك، ولاسيما إذا كان بينهما الأبناء، ويحرم على الزوج تجاوز ذلك، لأن فيه ضررا للمرأة، وقد كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك السنة والسنتين، وربما أكثر من ذلك لمضارة النساء، فجاء الإسلام بالعدل ومراعاة المصلحة، ومعنى قوله تعالى:{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4) أي رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح فإن الله لا يؤاخذهم بتلك اليمين، بل يغفر لهم ويرحمهم، ومعنى {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(1) الآيتان (226، 227) من سورة البقرة.
(2)
البخاري حديث (5290).
(3)
البخاري حديث (3895).
(4)
من الآية (226) من سورة البقرة.