الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (1) ومن هنا ورد قول رسول الله: صلى الله عليه وسلم
3 -
(إنما النساء شقائق الرجال)(2) أي مثلهم في الخلق، ومثلهم في التكريم، ومثلهم في العبادة، ومثلهم في تحمل المسئولية، كل حسب قدراته وما فطر عليه، وما اقتضى التكوين الخلقي استثناءه للرجل أو للمرأة، فذلك لكونه لا يصلح له غيره.
4/ 3 - المبحث الثالث
اصطفاء الإنسان وتكريمه
.
لما خلق الله آدم عليه السلام أسكنه وزوجه الجنة {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (3) وكان فيما قدّر الله عز وجل أن آدم وزوجه يأكلان من الشجرة، ويخرجان من الجنة، بسبب تزيين الشيطان ذلك لهما {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا
(1) الآية (11) من سورة فاطر.
(2)
أحمد حديث (26195).
(3)
الآية (35) من سورة البقرة.
مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} (1) فأكلا منها ووقعا في الخطأ {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} (2) وكان من قضاء الله تعالى أن يخرج آدم وزوجه من الجنة {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} (3) وتاب الله عز وجل على آدم وغفر له خطأه {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (4) وغلب آدم موسى عليهما السلام لما حاجّه في الخروج من الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
4 -
(احتجَّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبوينا خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمر قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحجَّ آدم موسى، فحجَّ آدم موسى)(5) وجاء دور الاصطفاء لأدم وذريته ليستعمرهم الله تعالى في الأرض، فقال تعالى للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا
(1) الآية (20) من سورة.
(2)
من الآية (22) من سورة.
(3)
من الآية (36) من سورة البقرة.
(4)
الآية (37) من سورة القرة.
(5)
البخاري حديث (6614) ومسلم (2652).
مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1) وكرّم الله آدم وذريته {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (2) كرّمهم الله تعالى بالعقل وتحمّل أمانة التكاليف التي يبلّغها الرسل إليهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبنى عز وجل ذلك التكريم على مقدار الاستجابة لله ورسوله، وما يحدثون من خير وشر، ولم يفرّق بين الذكور والإناث في هذا الأمر، لكل منهم ما اكتسب من الخير أو الشر {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (3) والإنسان مسئول عن عمله ومجزي عليه، وذلك بمقتضى العهد الذي أخذ على بني آدم {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (4).
(1) من الآية (30) من سورة البقرة.
(2)
الآية (70) من سورة الإسراء.
(3)
الآية (38) من سورة المدثر.
(4)
الآية (172) من سورة الأعراف.