الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين ثلة ضعف إيمانها وقويت شهواتها، وعميت بصيرتها عن الحق تتقبل افتعال القضية، وتتبنى بقوة الدفاع عنها، خدمة للعدو ولا كرامة.
17/ 4 - المبحث السادس:
المساواة في حق التعليم
.
كل عمل يقوم به الإنسان في حياته مبناه في الإسلام العلم بذلك الشيء الذي يريد عمله، ولذلك لم يغفل الإسلام التعليم للذكر والأنثى، فقوله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} (1) خطاب موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس خاصا به، فكل من آمن به مخاطب بهذا وعليه أن يعلم توحيد الله بأقسامه الثلاثة، وأن يتبع ذلك بالعمل، وهو المشار إليه بقوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ونوّه الإسلام بالعلم، قال تعالى:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (2) وهذا شامل جميع العلوم النافعة، كالطب والهندسة والفلك، وعلوم الأرض، وكل ما يتعلق بالكائنات، وكذلك علوم البحار وغير ذلك من كل علم نافع، وجميعها تهدي إلى خالقها ومدبر شئونها، وكل ما كان الإنسان بربه عالما كانت خشيته له تعالى أكبر، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى
(1) الآية (19) من سورة محمد.
(2)
من الآية (9) من سورة الزمر.
اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (1) وقد وصف الله العلماء بأنهم عقلاء يدركون النافع والضار، قال تعالى: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
58 -
(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)(3) وهذا أجل العلوم وأنفسها، وهو عام للرجل والمرأة، ولا يكون العلم إلا بالتعلم، ولا يكون إتقان الشيء إلا بالتعلّم، قال صلى الله عليه وسلم:
59 -
(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)(4) ويجب على المرأة أن تتعلم بادئ ذي بدء ما يجب عليها من العبادات، وما يجب عليها من حسن المعاملة لذويها وزوجها وتربية أبنائها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
60 -
(من سلك طريقا يلتمس به علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، فإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما أورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظه - - - - أو بحظ وافر - - -)(5) فأي حثّ على العلم للرجل والمرأة أعظم من
(1) من الآية (28) من سورة فاطر.
(2)
الآية (43) من سورة العنكبوت.
(3)
البخاري حديث (71).
(4)
أبو يعلى حديث (4386).
(5)
الدارمي حديث (347).
هذا؟ ! ولذلك يجب على زوج المرأة أن يعلمها ذلك ويعينها عليه، وهذا من مسئولية الرعاية في قوله صلى الله عليه وسلم:
61 -
(كلكم راع ومسئول عن رعيته)(1) وتعليم العبادات والقيم الدينية والتربوية وما يصلح به شأن الأسرة من أهم ما يجب أن يعتني به الرجل والمرأة، وإذا كان كل منهما يحمي صاحبه مما يضره في الدنيا فكذلك يجب أن يحميه مما يضره في الآخرة، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (2) وما عدا هذا من العلوم فبقدر الحاجة، وليس حراما أن تتعلم المرأة ما كان النساء في حاجة إلية، وكذلك الأطفال الذين لا يطلعون على عورات النساء كالطب مثلا، والتعليم كما هو الحال في بلادنا حرسها الله من كيد الأعداء، وفساد المفسدين من الرجال والنساء، فإنها سلكت في تعليم المرأة ما تحمد عليه في الدنيا والآخرة، وكانت المرأة المسلمة في هذه البلاد محلا للطهر والعفاف والعلم الوافر، والسيرة الحسنة المشرفة لها ولبلدها مهبط الوحي، ومنبع هداية الناس إلى الفضائل والقيم، نعم يوجد من النساء شواذ وهؤلاء مخذولات بإذن الله تعالى، ولاسيما في بلاد الحرمين، لأنهن يطلبن الشهرة والبروز على حساب العقيدة والقيم، وإن جرى على ألسنتهن شيء من ألفاظ الدين فلتّمويه على الناس، ومن اختار غير
(1) البخاري حديث (893).
(2)
الآية (6) من سورة التحريم.
الإسلام منهجا ينطبق عليه ما روى علي رضي الله عنه قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
62 -
(ستكون فتن، قلت: وما المخرج منها? ، قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا، هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم)(1) هذا كلام حسن تقبله العقول السليمة، لو أخذنا نحن المسلمين بتعميم تعليم المرأة ما هو متفق مع طبيعتها وما لا يتفق، ولو بلغت فيه المرأة السعودية بالذات أعلى المستويات، وكانت من أعلم الخلق بالفضاء وعلومه، والهندسة بأنواعها، والأحياء وصنوفها، والبحار وعلومها، وهي في ظل القيم الإسلامية، لقال الغرب وصنائعه: المرأة المسلمة متخلفة وعلى وجه الخصوص في المملكة العربية السعودي، لأن الهدف لم يتحقق بعد، وهو هدم القيم الإسلامية، وبعد المرأة عن كل ما يعوق شهوة الرجل من النظرة العابرة إلى آخر المشوار، هذه الحقيقة التي لا ينكرها إلا مخذول مرذول في الدنيا والآخرة {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ
(1) الترمذي حديث (2906) ومعناه صحيح.