الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصيانة حقوقها، مع الاعتراف بعدم بلوغ الكمال فيما يجب لها من البر والرعاية، اللهم أغفر لوالدي و {ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (1).
27/ 5 - المبحث السابع:
عدم وجوب الجهاد
.
الجهاد ليس مفروضا على النساء، والمراد به عند الإطلاق حمل السلاح والانخراط في صفوف الجيوش، لأن ذلك لا يوافق تكوينها، ولا يساير صونها وكرامتها، فإذا ما وقعت في الأسر لعب بها الأعداء، ونالوا من كرامتها، وتكون قد عرّضت نفسها للبلاء وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال عن ذلك، فالمرأة من باب أولى، ولهذا لم يوجب الإسلام على المرأة حمل السلاح والدخول في صفوف الرجال، تكريما لها وصونا لعفافها، ولكن إذا تطوعت في حالا الضرورة القصوى فلا بأس، بشرط أن لا يخل هذا التطوع بشيء مما فرض الله عليها، كالحجاب، لما قدمنا من بيان وجوبه تعبدا، والخلوة مع أجنبي، والمراد به غير المحرم، لقوله صلى الله عليه وسلم:
136 -
(لا يخلون رجل بامرأة)(2) والسفر بدون محرم، لحرمة ذلك عليها، بقوله صلى الله عليه وسلم:
137 -
(ولا تسافرن امرأة وإلا معها محرم)(3) ولقوله للرجل الذي قال له: يا رسول الله، اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، فقال صلى الله عليه وسلم:
(1) من الآية (24) من سورة الإسراء.
(2)
البخاري حديث (3006).
(3)
البخاري حديث (3006).
138 -
(اذهب فحج مع امرأتك)(1) وهذا من أقوى الأدلة على حرمة السفر للمرأة بدون محرم، عبادتان مفروضتان: الجهاد في سبيل الله وقد اكتتب فيه الزوج، والحج وقد خرجت له الزوجة، فألغى الرسول صلى الله عليه وسلم خروج الزوج للجهاد، وأمره أن يلحق بامرأته ليكون محرما لها وهي تؤدي فريضة الحج، ولو كان الأمر هينا ما فعل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك كلا منهما على وجهته، ولاسيما كل منهما خرج في طاعة، فكيف تستحل امرأة تؤمن بالله ورسوله السفر بدون محرم، وفي غير طاعة؟ ! ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
139 -
(لا يحل لامرأة، تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)(2) أي محرم، كل هذا على اعتبار أنها تسافر من أجل مصلحة جائزة شرعا، وقد يكون فيها قربة إلى الله تعالى، لكن هذه الأمور فرائض على المرأة تعبّدها الله بها، والفرائض آكد من النوافل، ولا يجوز إهدار فرض من أجل إقامة نافلة، فعلى كل امرأة مسلمة - ولو كانت الأستاذة فلانة في الجامعة الفلانية، أو الطبيبة الماهرة في جراحة المخ والأعصاب - أن تنظر إلى هذه الأمور بادئ ذي بدء نظرة تعبّد، ولا تغتر بما منّ الله به عليها من العلم والمعرفة، وتصرف الأمر إلى أنها تثق بنفسها وأنها عفيفة، وأن هذا تهمة للمرأة، وما دامت كذلك فلا مجال لديها لقبول هذه التكاليف، والحق أنها لو وقعت في هذا التفكير السيئ تكون ألقت بنفسها في التهلكة، والصواب أنها مهما بلغت من العلم والعزة والشرف، فهي متعبدة
(1) البخاري حديث (3006).
(2)
البخاري حديث (1088) ومسلم حديث (1339).
بهذه الأمور، ومسئولة عنها في يوم تنقطع فيه الأسباب، إلا سبب له بالإسلام صلة، وهي محط نظر الرجل، ورغبته، والرجل قد يقع منها نفس الموقع، لما فطر عليه لذكر والأنثى، ليس في بني آدم فحسب، بل في كل الكائنات.
فالجهاد ليس فريضة على المرأة، وقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من أشد النساء رغبة في الخير، وأكثرهن مساءلة لحبيبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت له: يا رسول الله هل على النساء من جهاد قال:
140 -
(نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة)(1) هذا هو جهاد المرأة المسلمة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشد الحاجة لمواجهة كفار قريش، ولم نعلم أنه جند النساء والصبيان، ودفع بهم في مواجهة الأعداء، ولم يفعل ذلك الخلفاء الراشدون، وكذلك من جاء من بعدهم، وليس في مداواة بعض النساء للجرحى في بعض الغزوات حجة على وجوب الجهاد على المرأة، ولكنه لبيان الجواز إذا حصل الأمن من هتك المفروض، والتعرض للفتنة أو السبي، وما حدث لنساء المسلمين من المآسي وهتك الأعراض في البوسنة والهرسك، وفي سجن أبو غريب، وفي سجون إسرائيل، وفي معسكرات الشبيبة خير دليل على أن الإسلام أحاط المرأة بسياج العزة والكرام، وأعطاه قدرا كبيرا من الأهمية، إلى درجة بلغت إسقاط بعض العبادات عنها من أجل صيانتها، وقد جعل العلماء عدم وجود المحرم من عدم الاستطاعة.
(1) أحمد حديث (24463، 25322).