الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجمة ابن الملقن:
ننقل هنا ما كتبه الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر بأنباء العمر 216/2-219 مكتفيا به، مؤجلين الترجمة الكاملة إلى مقدمتنا للبدر المنير إن شاء الله تعالى.
قال الحافظ ابن حجر:
عمر بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي ثم المصري، سراج الدين بن أبي الحسن المعروف بابن الملقن، ولد سنة ثلاث وعشرين في رابع عشري1 ربيع الأول منها، وكان الملقن- واسمه عيسى المغربي- زوج أمه، فنسب إليه، ومات أبوه أبو الحسن وهو صغير.
وكان عالما بالنحو، وأصله من الأندلس، رحل أبوه منها إلى التكرور وأقرأ أهلها القرآن، فحصل له مال، ثم قدم القاهرة، فولد له هذا، فمات وله سنة، وأوصى به إلى الشيخ عيسى المغربي، وكان يلقن القرآن في الجامع الطولوني، فتزوج أمه فعرف به، وحفظ القرآن والعمدة، وشغَّله في مذهب مالك، ثم أشار إليه بعض أصحاب أبيه أن يقرئه المنهاج فحفظه وأنشأ له وَصِيُّةُ ربعًا، فكان يكتفي بأجرته، ويوفر له بقية ماله، فكان يقتني الكتب.
بلغني أنه حضر في الطاعون العام بَيْع كتب لشخص من المحدثين، وكانت وصيته ألا يبيع إلا بالنقد الحاضر، قال: فتوجهت إلى منزلي فأخذت كيسًا من الدراهم، ودخلت الحلقة فصببته، فصرت لا أزيد في الكتاب شيئا إلا قال: نعم،
1 رجح السخاوي في الضوء اللامع "330/6" أن مولده في 22 ربيع الأول اعتمادا على ما وجده بخط المترجم.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وعليه نتوكل 1
مقدمة الكتاب:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله. أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
وبعد فلما يسر الله 2 تعالى -وله الحمد والمنة- الفراغ من كتابي المسمى بالبدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير لإمام الملة والدين حجة الإسلام والمسلمين أبي القاسم عبد الكريم الرافعي، شرح وجيز حجة الإسلام أبي حامد الغزالي4، أسكنهما الله وإياي بحبوحة جنته، وجمع بيني وبينهما في دار كرامته. حمدت الله سبحانه وتعالى على إتمامه، وسألته المزيد من فضله وإنعامه. وشكرته إذ جعلني من خدام العلوم الشرعية، سيما هذا العلم الذي هو أساس العلوم بعد كتاب الله تعالى.
وكان الكتاب المذكور قد اشتمل على زيد التآليف الحديثية أصولها وفروعها، قديمها وحديثها، زائدة على مائة تأليف نظرتها كما عددتها فيه، أرجو أن باحثه ومحصله يلتحق بأئمته الأكابر، ولا يفوته من المحتاج إليه إلا النادر. لأن شرح الوجيز3 احتوى على غالب ما في كتب الأصحاب من القوال والوجوه والطرق. وعلى ألوف4 من الأحاديث والآثار تنيف على أربعة آلاف بمكررها. وقد بيناها في
1 في ب: بعد التسمية: "ربنا هب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا" بدل وبه نستعين إلخ.
2 في ب: سبحانه وتعالى.
3 في ب: شرح الوجيز المذكور.
4 في ب: وعلى آلاف
الكتاب المذكور على حسب أنواعها من الصحة والحسن والضعف والاتصال والإرسال والإعضال والانقطاع والقلب والغرابة والشذوذ والنكرة والتعليل والوضع والإدراج والاختلاف والناسخ والمنسوخ إلى غير ذلك من علومه الجمة كضبط ألفاظ واسماء وتفسير غريب وإيضاح مشكل وجمع متن أحاديث متعارضة والجواب عنها.
فمن جمع بين الكتابين المذكورين، أعني كتابنا هذا والشرح الكبير للإمام الرافعي وفَقِه مغزاهما، فقد جمع بين علمي الفقه والحديث وصار حافظ أوانه1 وشافعي زمانه، وبرز على شيوخه عوضًا عن أقرانه. لا يساوونه ولا يدانونه. إلا أن العمر قصير والعلم بحر مداه طويل والهمم فاترة والرغبات قاصرة والمستفيد قليل والحفيظ كليل. فترى الطالب ينفر من الكتاب الطويل ويرغب في القصير ويقنع باليسير.
وكان بعض مشايخنا عامله الله بلطفه في الحركات والسكنات، وختم أقواله وأفعاله بالصالحات، أشار باختصاره في نحو عُشر الكتاب تسهيلا للطلاب. وليكون عمدة لحفظ الدارسين ورأس مال لإنفاق المدرسين، فاستخرت الله تعالى في ذلك وسألته التوفيق في القول والعمل والعصمة من الخطأ والخطل من غير إعراض عن الأاول. إذ عليه المعول، فشرعت في ذلك ذاكرا من الطرق أصحها أو أحسنها2 ومن المقالات أرجحها. مشيرًا بقولي متفق عليه لما رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردذبه الجعفي البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. وبقولي رواه الأربعة لما رواه الترمذي في جامعه وأبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم. وبقولي رواه الثلاثة لما رواه المذكورون خلا ابن ماجه في سننهم. وبقولي غريب أني لا أعلم من رواه. وما عدا ذلك أسمي من رواه. وحيث أطلقت النقل عن البيهقي فهو في سننه الكبير. وهذا المختصر على ترتيب أصله لا أغير منه شيئا بتقديم ولا تأخير. فعلك ترى أيها الناظر حديثًا غير مناسب
1 في ب: حافظ أقرانه.
2 في ب: وأحسنها.
للباب، فاعلم أن الرافعي ذكره كذلك. فإن دعي هذا المختصر بالخلاصة كان باسمه وافيا ولما يرومه طالبا كافيا. أو المدخل1 كانت سمة صادقة وللحقيقة مطابقة.
وهذا المختصر أسلك فيه طريق الإيضاح قليلا لا الاختصار جدا. فإن رمت جعلته كالأحراف فقد لخصته في كراريس لطيفة مسمى بالمنتقى. نفع الله بالجميع بمحمد وآله2 وجعلهم مقربين من رضوانه مبعدين من سخطه وحرمانه نافعين لكاتبهم وسامعهم نفعا شاملا في الحال والمآل. إنه لما يشاء فعال. لا رب سواه ولا مرجو إلا إياه3.
1 في ب: أو بالمدخل.
2 هذا مما لا يجوز شرعًا، يراجع التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من الكتب المؤلفة في هذا الموضوع.
3 في ب زيادة: وهو حسبنا ونعم الوكيل.