المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تعليق ابن تيمية - درء تعارض العقل والنقل - جـ ٨

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌كلام أبي الفرج المقدسي

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام أبي الحسين البصري عن العلم

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام أبي الفرج صدقة بن الحسين

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام العلماء في ذم علم الكلام

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن عقيل في ذم علم الكلام

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الأشعري في اللمع عن إثبات وجود الله تعالى

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الباقلاني شرحاً لكلام الأشعري

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام أبي الحسن الطبري إلكيا

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الباقلاني في بيان معنى الخلق

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الرازي في نهاية العقول عن مسألة إثبات وجود الله تعالى

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن سينا وتعليق ابن تيمية

- ‌كلام الغزالي عن عجز الفلاسفة عن الاستدلال على وجود الصانع للعالم

- ‌رد ابن رشد على الغزالي في تهافت التهافت

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام أرسطو وأتباعه

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الحامس

- ‌الوجه السادس

- ‌بقية كلام الغزالي في تهافت الفلاسفة

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌فساد مذهب الفلاسفة من وجوه

- ‌الوجه الثاني

- ‌كلام ابن رشد رداً على الغزالي وتعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن رشد ردا على الغزالي وتعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن رشد ردا على الغزالي وتعليق ابن تيمية

- ‌كلام أرسطو عن الحركة الشوقية والمحرك الأول

- ‌نقد كلام ابن رشد عن الحركة الشوقية للسماوات

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌الوجه السادس

- ‌عود إلى لكلام ابن رشد في الرد على الغزالي وتعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن سينا في الإشارات

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌فصل

- ‌القول بحدوث حادث بلا محدث ممتنع لوجوه

- ‌الثاني

- ‌الثالث

- ‌كلام أبي الحسن البصري في إثبات محدث العالم

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الأشعري في اللمع عن إثبات وجود الله تعالى وتعليق ابن تيمية

- ‌فصل

- ‌تابع كلام الأشعري في اللمع

- ‌كلام الباقلاني في شرح اللمع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌عود لكلام الباقلاني في شرح اللمع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تابع كلام الباقلاني وتعليق ابن تيمة عليه

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام أبي يعلى في المعتمد عن وجوب النظر

- ‌بطلان استدلال الفلاسفة

- ‌كلام القاضي أبي يعلى عن معنى الفطرة

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن عبد البر في التمهيد عن معنى الفطرة

- ‌كلام الطبري في تفسيره عن معنى الفطرة

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الحديث حجة على المعتزلة ونحوهم من المتكلمين

- ‌عود إلى كلام ابن عبد البر وتعليق ابن تيمية عليه

- ‌كلام أبي بكر الخلال في كتابه الجامع

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تابع كلام ابن عبد البر في التمهيد

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الأدلة العقلية تدل على أن كل مولود يولد على الفطرة

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌الوجه السادس

- ‌الوجه السابع

- ‌فصل في قوله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

- ‌كلام أبي محمد بن عبد البصري

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تتمة كلام البصري وتعليق ابن تيمية

- ‌تتمة كلام البصري وتعليق ابن تيمية

- ‌تتمة كلام البصري وتعليق ابن تيمية

الفصل: ‌تعليق ابن تيمية

فدل ما ذكره أبو الحسن في حال النطفة، وما يلحقها من التغييرات والانقلاب والتأثيرات على أنها محدثة، وهي وسائر الأجسام، إذ سائر الأجسام هي كالنطفة فيما استدل به على حدوثها، من الاعتمال والتأثير والانقلاب والتغيير) .

قال: (وهذا الطريق من الكلام في حدوث الأجسام هو المعتمد في هذا الباب) .

‌تعليق ابن تيمية

قلت: هذا القاضي هو المقدم على أبناء جنسه.

وهذا منتهى كلامه في هذا الموضع، الذي هو عندهم أصل الدين، الذي جعلوه أصلاً لرد ما خالفه من النصوص النبوية، ولما خالفه من مذاهب الدهرية.

والمنازعون من أئمة السنة وأئمة الفلسفة يقولون لهم: ما ذكرتموه ليس فيه إلا مجرد الدعوى المبنية على عدم تصور النزاع، فإن قولكم: لا يخلو ما مضى من الحوادث أن يكون موجوداً عن أول، أو يكون فيها ما هو غير موجود عن أول - جوابه: أن ما مضى من الحوادث يراد به كل فرد بعينه، ويراد به النوع المتعاقب شيئاً بعد شيء.

فإن كان المراد كل واحد واحد من الحوادث، فليس فيها شيء قديم، بل كل منها كائن بعد أن لم يكن.

ص: 342

وإن كان مرادك النوع المتعاقب شيئاً بعد شيء، فليس له أول، وليس هو حادثاً، بل النوع قديم من أن كل فرد من أفراده حادث.

وأنت لم تذكر دليلاً على امتناع هذه البتة، وإنما ذكرت أنه ليس فيها شيء قديم، وهذا مسلم لا نزاع فيه.

وقلت: فإن كان الماضي من الحوادث مستفتحاً مبتدأ، قد أتى الفراغ عليه استحال قولكم: إنها لم تزل موجودة شيئاً قبل شيء، لأن ما لم يزل فقديم غير مستفتح.

فيقال لك: كل واحد منها مستفتح مبتدأ.

ولكن لم قلت: إنه إذا كان كذلك استحال قول القائل: إنها لم تزل موجودة شيئاً قبل شيء، لأن ما لم يزل فقديم غير مستفتح؟.

فإن هذا القائل يقول: إن الذي لم يزل، إنما هو الجنس المتعاقب شيئاً بعد شيء، وأما كل واحد واحد من تلك الحوادث فلا يقول عاقل: إنه لم يزل.

فقول القائل: فإن كان الماضي من الحوادث مستفتحاً مبتدأ قد أتى الفراغ عليه، استحال قولكم: إنها لم تزل موجودة شيئاً قبل شيء.

يقال له: هم لا يقولون: إن جنس الماضي مستفتح مبتدأ.

فإن ما لم يزل موجوداً شيئاً قبل شيء لا يكون إلا قديماً لم يزل، ولكن يقولون: إن كل واحد من تلك الحوادث مستفتح مبتدأ، وهذا لا يقولون فيه: إنه لم يزل موجوداً.

فالذي يقولون: إنه لم يزل، ليس هو الذي يقولون: إنه مستفتح

ص: 343

مبتدأ.

وهذا كما يقولون في المستقبلات الفانية المنقضية المتصرمة كالحركات: إن كل واحد منها فان منقض، والجنس ليس بفان منصرم بل هو دائم.

كما قال تعالى: {أكلها دائم} ، وقال:{إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} .

فالجنس دائم لا نفاذ له، وكل واحد واحد من أفراد الرزق المأكول ينفذ لا يدوم.

ولما تفطن كثير من أهل الكلام، لما في هذه المقدمة من الإجمال والإبهام، وأنها لا بد من بيان هذه المقدمة في هذا الموضع، ميزوا بين النوعين، كما فعل ذلك أبو الحسين البصري وأبو المعالي الجويني، والشهرستاني، والرازي وغيرهم.

فعرفوا أن المراد أنه ما لم يسبق جنس الحوادث لا عين الحوادث، وأن ذلك لا يتم إلا ببيان أن الحوادث يجب أن يكون لها ابتداء، وأنه يمتنع وجود حوادث لا يتناهى نوعها.

فإخذوا يحتجون على ذلك بما ذكرناه، وذكرنا اعتراض الناس عليه في غير هذا الموضع.

ولهذا جعل أبو الحسين وأبو المعالي ونحوهما هذا الدليل مبنياً على أربع مقدمات: إثبات الأعراض، وإثبات حدوثها، وإثبات استلزام الجسم لها، واستحالة حوادث لا أول لها.

وجعلوا النتيجة: أن ما لا يسبق الحوادث فهو حادث، فإن ذلك حينئذ يكون معلوماً بالضرورة، بخلاف ما فعله كثير من أهل الكلام من

ص: 344

الجهمية والمعتزلة والأشعرية والشيعة وغيرهم، حيث جعلوا المقدمات أربعاً: إثبات الأعراض، وإثبات حدوثها، وأثبات استلزام الجسم لها، والرابعة: أن ما لم يسبق الحوادث فهو محدث، وهذه هي النتيجة، وتصلح أن تكون مقدمة إذا تبين أن ما لم يسبق جنس الحوادث فهو محدث، لكن هم لم يثبتوا ذلك هنا، واللفظ مجمل كما ترى.

لكن قد بين هؤلاء، كـ القاضي أبي بكر، والقاضي أبي يعلى، وغيرهما الكلام على هذا الأصل.

وهو امتناع وجود ما لا يتناهى في موضع آخر، فجعلوا الكلام في إبطال ما لا يتناهى من الحوادث، والأجزاء التي هي الجواهر المفردة، ونحو ذلك جنساً.

ومنهم من يجعل ذلك دليلاً ثابتاً في المسألة، كما فعله ابن عقيل والقشيري وغيرهما.

وقد ذكرنا: أن الناس لهم في وجود ما لا يتناهى في الماضي والمستقبل ثلاثة أقوال، قال بكل قول طائفة من نظار المسلمين وغيرهم.

أحدها: امتناع وجود ما لا يتناهى في الماضي والمستقبل.

وهذا قول أبي الهذيل والجهم بن صفوان.

وعن هذا الأصل قال الجهم بفناء الجنة والنار، واشتد إنكار سلف الأمة عليه ذلك.

وليس هذا قول من يقول بأنهما ليستا مخلوقتين، ولو كانتا مخلوقتين لفنيتا.

كما قال ذلك طائفة من الجهمية والمعتزلة، فإن هؤلاء يقولون: إن

ص: 345

العالم كله لا بد أن يفنى جميعه ثم يعاد، فلو كانت الجنة مخلوقة لفنيت فيما يفنى، ثم تعاد فلا تفنى، والجهم يقول: تفنى فناءً لا تعاد بعده، وأبو الهذيل يقول: تفنى حركات أهل الجنة والنار.

والقول الثاني: قول من يقول بامتناع ما لا يتناهى في الماضي دون المستقبل، لأن الماضي قد وجد، والمستقبل لم يوجد بعد.

وهو قول أكثر المعتزلة والأشعرية والكرامية ومن وافقهم.

والثالث: قول من يقول بإمكان وجود ما لا يتناهى في الماضي والمستقبل كما هو قول أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة.

لكن أئمة أهل الملل وغيرهم ممن يقر بأن الله خالق كل شيء، وأن كل ما سواه محدث مسبوق بعدم - يقولون: لا يجوز وجود حوادث لا تتناهى إلا من قديم واحد.

وأما من يقول بوجود قديمين متحركين، كمن يقول بقدم الأفلاك، فإن هؤلاء - كأرسطو وأتباعه - لا يجوزون أن يوجد بكل من القديمين - بل والقدماء - حوادث لا بداية لها ولا نهاية، مع أن إحداهما أكثر من الأخرى، فيجوزون فيما لا أول له ولا آخر أن يكون غيره أكثر منه، وأن يكون قابلاً للزيادة، بخلاف الذين قبلهم، فإنهم إنما يجوزون ذلك في قديم واحد، فإذا كان ما يفعله لا بداية له ولا نهاية، لم يلزم أن يكون قابلاً للزيادة.

ص: 346

وعلى هذا فللناس في أن ما لا يسبق جنس الحوادث هل هو حادث؟ أقوال:

أحدها: أنه يجب أن يكون حادثاً مطلقاً.

والثاني: لا يجب أن يكون حادثاً.

والثالث: أنه كان محتاجاً إلى غيره وجب أن يكون حادثاً، وإن كان غنياً عن غيره لم يجب أن يكون حادثاً.

وأيضاً فإن ما لم يسبق حوادث نفسه لم يجب أن يكون حادثاً، وإن لم يسبق حوادث غيره كان حادثاً.

وقد قرر هذا في موضع آخر.

ومن فهم ما ذكرناه، ونظر فيما صنفه الناس في هذا الباب من الاستدلال على حدوث الأجسام بأنها لا تخلو من الحوادث، وما لم يسبق الحوادث فهو حادث - تبين له تقصير كثير منهم في استيفاء مقدمات الدليل.

ثم الذين استوفوا مقدماته يبقى الكلام معهم في صحة تلك المقدمة، وقد عرف منازعه أكثر أهل الملل، وأكثر الفلاسفة، أو كثير من الطائفتين فيها وإبطالهم لها.

ولما كان هؤلاء وأمثالهم يدعون أن معرفة الله لا تحصل إلا بالمعقول، ويفسرون المعقول بمثل هذا الدليل الذي هو باطل، وغايته إذا قيل: إنه صحيح أنه لا يصل به إلى المطلوب إلى قليل من الناس بعد كلفة شديدة، ومخاطرة عظيمة، ويريدون أن يردوا بمثل هذا ما دل عليه الكتاب

ص: 347