الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام، كما ذكر محمد بن نصر عنه أنه آخر قوليه، فإنه كان يقول: إن صبيان أهل الحرب إذا سبوا بدون الأبوين كانوا مسلمين، وإن كانوا معهما فهم على دينهما، وإن سبوا مع أحدهما، فعنه روايتان، وكان يحتج بالحديث.
كلام أبي بكر الخلال في كتابه الجامع
قال أبو بكر الخلال في الجامع في كتاب أحكام أهل الملل: (أنبأ أبو بكر المروزي أن أبا عبد الله قال في سبي أهل الحرب: إنهم مسلمون إذا كانوا صغاراً، وإن كانوا مع أحد الأبوين.
وكان يحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «فأبواه يهودانه وينصرانه» ....
قال: وأما أهل الثغر فيقولون: إذا كان مع أبوية: إنهم يجبرونه على الإسلام) .
قال: (ونحن لا نذهب إلى هذا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فأبواه يهودانه» ....
قال الخلال: أنبأ عبد الملك الميموني قال: سألت أبا عبد الله قبل الحبس - أي قبل أن يحبس أحمد في محنة الجهمية - عن الصغير يخرج من أرض الروم وليس معه أبواه قال: إذا مات صلى عليه المسلمون.
قلت: يكره على الإسلام؟
قال: إذا كانوا صغاراً يصلون عليه أكره من يليه إلا هم، وحكمه حكمهم.
قلت: فإنه كان معه أبواه؟ قال: إذا كان معه أبواه - أو أحدهما - لم يكره، ودينه على دين أبويه.
قلت: إلى أي شيء يذهب إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم «كل مولود يولد على الفطرة» :
حتى يكون أبواه؟ قال: نعم.
قال: وعمر بن عبد العزيز نادى به؟ قال: فرده إلى بلاد الروم إلا وحكمه حكمهم.
قلت: في الحديث كان معه أبواه؟ قال: لا، وليس ينبغي إلا أن يكون معه أبواه) .
قال الخلال: (ما رواه الميموني قول أول لأبي عبد الله) .... (ولذلك نقل إسحاق ابن منصور أن أبا عبد الله قال: إذا لم يكن معه أبواه فهو مسلم.
قلت: لا يجبرون على الإسلام، إذا كان معه أبواه أو أحدهما؟ قال: نعم) .
قال الخلال: (وقد روي هذه المسألة عن أبي عبد الله خلق كلهم قال: إذا كان مع أحد أبويه فهو مسلم.
وهؤلاء النفر سمعوا من أبي عبد الله بعد الحبس، وبعضهم قبل وبعد، والذي أذهب إليه: ما رواه الجماعة) .
وقال الخلال: (ثنا أبو بكر المروزي قال: قلت لأبي عبد الله: إني كنت بواسط، فسألوني عن الذي يموت هو وامرأته، ويدعا طفلين ولهما عم، ما تقول فيهما؟ فإنهم قد كتبوا إلى البصرة فيها، وقالوا:
إنهم قد كتبوا إليك.
فقال: أكره أن أقول فيها برأي.
دع حتى أنظر، لعل فيها عمن تقدم.
فلما كان بعد شهر عاودته، فقال: قد نظرت فيها فإذا قول النبي صلى الله عليه وسلم (فأبواه يهودانه وينصرانه....) ، هذا ليس له أبوان.
قلت: يجبر على الإسلام؟ قال: نعم، هؤلاء مسلمون، لقول النبي صلى الله عليه وسلم
…
(وكذلك نقل يعقوب بن بختان قال: قال أبو عبد الله: الذمي إذا مات أبواه وهو صغير جبر على الإسلام، وذكر الحديث:«فأبواه يهودانه وينصرانه» ....
(ونقل عن عبد الكريم بن الهيثم العاقولي في المجوسيين يولد لهما ولد فيقولان: هذا مسلم فيمكث خمس سنين، ثم يتوفى؟ قال: ذاك يدفنه المسلمون.
قال النبي صلى الله عليه وسلم «فأبواه يهودانه وينصرانه» ....
(وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن قوم يزوجون بناتهم من
قوم، على أنه ما كان من ذكر فهو للرجل مسلم، وما كان من أنثى فهي مشركة: يهودية أو نصرانية أو مجوسية؟ فقال: يجبر هؤلاء من أبى منهم على الإسلام، لأن آباءهم مسلمون.
حديث النبي صلى الله عليه وسلم «فأبواه يهودانه وينصرانه» يردون كلهم إلى الإسلام) .
ومثل هذا كثير في أجوبته، يحتج بالحديث على أن الطفل إنما يصير كافراً بأبويه، فإن لم يكن مع أبوين كافرين فهو مسلم، فلو لم تكن الفطرة: الإسلام، لم يكن بعدم أبويه يصير مسلماً، فإن الحديث إنما دل على أنه يولد على الفطرة.
ونقل عنه الميموني أن الفطرة هي الدين، وهي الفطرة الأولى.
قال الخلال: (أخبرني الميموني أنه قال لأبي عبد الله: كل مولود يولد على الفطرة يدخل عليه إذا كان أبواه، معناه: أن يكون حكمه حكم ما كانوا صغاراً؟ فقال لي: نعم، ولكن يدخل عليك في هذا.
فتناظرنا بما يدخل علي من هذا القول، وبما يكون بقوله.
قلت لأبي عبد الله: فما تقول أنت فيها، وإلى أي شيء تذهب؟ قال: إيش أقول
أنا؟ ما أدري أخبرك هي مسلمة كم ترى، ثم قال لي: والذي يقول: كل مولود يولد على الفطرة ينظر أيضاً إلى الفطرة الأولى التي فطر الناس عليها.
قلت له: فما الفطرة الأولى: هي الدين؟ قال لي: نعم.
فمن الناس من يحتج بالفطرة الأولى مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة» .
قلت لأبي عبد الله: فما تقول لأعرف قولك؟ قال: أقول: (إنه على الفطرة الأولى) .
فجوابه: أنه على الفطرة الأولى، وقوله: إنها الدين - يوافق القول بأنه على دين الإسلام.
وأما جواب أحمد: أنه على ما فطر عليه من شقاوة وسعادة، الذي ذكر محمد بن نصر أنه كان به ثم تركه، فقال الخلال:(أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال لأبي عبد الله: كل مولود يولد على الفطرة، ما تفسيرها؟ قال: هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، شقي أو سعيد) .
وكذلك نقل عنه (الفضل بن زياد، وحنبل، وأبو الحارث أنهم سمعوا أبا عبد الله في هذه المسألة، قال: (الفطرة التي فطر الله العباد عليها من الشقاوة والسعادة) .
وكذلك نقل: (عن علي بن سعيد أنه سأل أبا عبد الله عن كل مولود يولد على الفطرة.
قال: على الشقاء والسعادة، فإليه يرجع على ما خلق) .
(وعن الحسن بن ثواب قال: سألت أبا عبد الله عن أولاد المشركين.
قلت: إن ابن أبي شيبة أبا بكر قال: هو على الفطرة حتى يهودانه أبواه أو ينصرانه، فلم يعجبه شيء من هذا القول وقال: كل مولود من أطفال المشركين على الفطرة، يولد على الفطرة التي خلقوا عليها من الشقاء والسعادة التي سبقت في أم الكتاب، ارفع ذلك إلى الأصل.
هذا معناه كل مولود يولد على الفطرة) .