الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: لا تبديل لخلق الله.
وعن حميد الأعرج قال: قال عكرمة: الإخصاء، وعن حفص بن غياث، عن ليث، عن مجاهد قال: الإخصاء) .
تعليق ابن تيمية
قلت: مجاهد وعكرمة: روي عنهما القولان، إذ لا منافاة بينهما، كما قال تعالى:{ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} ، فتغيير ما خلق الله عليه عباده من الدين تغيير لخلقه، والخصاء وقطع الأذن أيضاً تغيير لخلقه.
ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما بالآخر في قوله: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟» .
فأولئك يغيرون الدين، وهؤلاء يغيرون الصورة بالجدع والخصاء، هذا تغيير لما خلقت عليه نفسه، وهذا تغيير ما خلق عليه بدنه.
واعلم أن هذا الحديث لما صارت القدرية يحتجون به على قولهم الفاسد، صار الناس يتأولونه تأويلات يخرجونه بها عن مقتضاة.
فالقدرية من المعتزلة وغيرهم يقولون: كل مولود يولد على الإسلام، والله لا يضل أحداً، ولكن أبواه يضلانه.
الحديث حجة على المعتزلة ونحوهم من المتكلمين
والحديث حجة عليهم من وجهين:
أحدهما: أنه عند المعتزلة ونحوهم من المتكلمين: لم يولد أحد على الإسلام أصلاً، ولا جعل الله أحداً مسلماً ولا كافراً، ولكن هذه أحدث لنفسه الكفر، وهذا أحدث لنفسه الإسلام، والله لم يفعل واحداً منهما عندهم، بلا نزاع بين القدرية، ولكن هو دعاهما إلى الأسلام، وأزاح علتهما، وأعطاهما قدرة مماثلة فيهما تصلح للإيمان والكفر، ولم يختص المؤمن بسبب يقتضي حصول الإيمان، فإن ذلك عندهم غير مقدور، ولو كان مقدوراً لكان ظلماً، وهذا قول عامة المعتزلة.
وإن كان بعض متأخريهم كأبي الحسين يقول: إنه خص المؤمن بداعي الإيمان، ويقول عند الداعي والقدرة يجب وجود الإيمان، فهذا في الحقيقة موافق لأهل السنة، فهذا أحد الوجهين.
الثاني: أنهم يقولون: إن معرفة الله لا تحصل إلا بالنظر المشروط بالعقل، فيستحيل.
أن تكون المعرفة عندهم ضرورية، أو تكون من فعل الله تعالى.
وأما آخر الحديث فهو دليل على أن الله تعالى يعلم ما يصيرون إليه بعد ولادتهم على الفطرة، هل يبقون عليها فيكونون مؤمنين؟ أو يغيرونها فيصيرون كفاراً؟.
وإن احتجت القدرية بقوله: «فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» من جهة كونه أضاف التغيير إلى الأبوين - فيقال لهم: أنتم