الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الحادي والثلاثون: بلوغ الرُّبَى شرح حديث ضحك النبي تعجبا
*نص حديث الباب:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ:
جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ
إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ، فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ.
قال ابن مسعود:
فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم»:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] إِلَى قَوْلِهِ {يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]
- تخريج الحديث:
أخرجه البخارى (4811)، باب قوله:{وما قدروا الله حق قدره} [الأنعام: 91] ومسلم (2786) كتاب صفة القيامة والجنة والنار.
.
* أهم الفوائد المستنبطة من حديث الباب:
قد دل حديث الباب على إثبات صفة من صفات الله - تعالى - الخبرية، وهى صفة الأصابع، فهى صفة ثابته بالسنة وإجماع الأمة، على ما يليق بالله -عزوجل- من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تفويض.
- ووجه الشاهد من حديث الباب:
فى قول ابن مسعود رضى الله عنه:
" فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ "
- ووجه الدلالة:
قد روت عَائِشَةَ رضي الله عنها أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِي
شَيْءٍ قَطُّ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ، فلما بيَّن ابن مسعود -رضى الله عنه- أنه صلى الله عليه وسلم ضْحَك تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِ اليهودى
كان هذا منه إقراراً بثبوت صفة الأصابع لله تعالى.
* ومما يؤيد ثبوت صفة الأصابع لله عزوجل:
عن عَبْد اللهِ بْنَ عَمْرِو -رضى الله عنهما- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(1)
*وكذلك مما ثبت لله عزوجل فى هذا الباب صفة اليدين:
أدلة الكتاب:
1 -
قال تعالى (قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (75)] ص: 75 [
وجه الدلاله من الآية:
أضاف الله تعالى صفه اليدين إلى نفسه إضافة صفة إلى موصوف، فدل أنها صفه لله تعالى.
2 -
قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)(71)) (يس/71)
3 -
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)) الفتح/ 10)
وجه الدلالة من هذه الآيات:
أضاف الله - تعالى -صفه اليدين إلى نفسه إضافة صفة إلى موصوف، فدل أنها صفه لله تعالى.
وقال تعالى) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ قال) (المائدة /64)
وجه الدلالة:
أن الله - تعالى - قد أنكر على اليهود زعمهم بأن يده مغلولة، ولم ينكر عليهم إثباتهم لأصل صفة اليد لله عزوجل.
*أما أدلة السنة:
فقد بلغت بعض الأحاديث درجة التواتر المعنوي في إثبات صفة اليدين.
(1)
أخرجه مسلم (2654)
1 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ - الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ:
{وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ، وَيُحَرِّكُهَا، يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ:
" يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ:
أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ " فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا: لَيَخِرَّنَّ بِهِ "
(1)
2 -
وعَنْ أَنَسٍ-رضى الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" يَجْمَعُ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَمَا تَرَى النَّاسَ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ.
(2)
3 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضى الله عنه- قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(3)
4 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: " يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ.
(4)
5 -
وقد روى أصحاب الصحيح أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يقسم بقوله " " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ".
* الإجماع:
قال أبو بكر الإسماعيلي:
اعلموا - رحمكم الله - أن مذاهب أهل الحديث
…
يعتقدون بأن الله مدعو بأسمائه الحسنى، وموصوف بصفاته التي وصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه، خلق آدم بيديه، ويداه مبسوطتان، بلا اعتقاد كيف.
(5)
(1)
متفق عليه.
(2)
متفق عليه.
(3)
متفق عليه.
(4)
متفق عليه.
(5)
سير أعلام النبلاء (16/ 239)
وممن نقل الإجماع على ذلك:
أبو العباس ابن تيمية وأبو الحسن الأشعرى وأبو العباس ابن سريج والآجري والسجزى.
(1)
* معتقد أهل السنة والجماعة بأن لله-تعالى- يدين اثنتين:
قال أبو الحسن الأشعري:
وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى، وأنَّ له تعالى يدين مبسوطتين.
وممن نقل هذا الإجماع:
أبو زيد القيرواني وابن القطان.
(2)
* ومما ثبت لله -تعالى- فى هذا الباب: إثبات الأنامل:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضى الله عنه - قَالَ:
أن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:
نَعَسْتُ فِي صَلَاتِي فَاسْتَثْقَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تبارك وتعالى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي رَبِّ، قَالَهَا ثَلَاثًا " قَالَ: " فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ.
(3)
قال ابن منده:
روي هذا الحديث عن عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ونقلها عنهم أئمة البلاد، من أهل الشرق والغرب.
(4)
* ومما ثبت لله -تعالى- فى هذا الباب: إثبات الكف لله عزوجل:
عن أبى هُرَيْرَة -رضى الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ
(1)
وانظر مجموع الفتاوى (4/ 174) ورسالة إلى أهل الثغر (ص/72) والعلو للذهبى (2/ 1216) والشريعة (3/ 1178)
(2)
رسالة إلى أهل الثغر (ص/ 225) الجامع في السنن (ص/ 107) والإقناع في مسائل الإجماع (ص/89)
(3)
أخرجه أحمد (22109) والترمذى (3235) وقال الترمذى: «هذا حديث حسن صحيح» ، سألت محمد بن إسماعيل، عن هذا الحديث، فقال:«هذا حديث حسن صحيح» .
(4)
الرد على الجهمية (ص/227)
الْجَبَلِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ".
(1)
* ومما ثبت لله -تعالى- فى هذا الباب: إثبات اليمين لله عزوجل:
قال تعالى (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)) (الزمر/67)
عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ-رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
" يَطْوِي اللهُ عز وجل السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ:
أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ. ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ".
(2)
*سؤال: هل لله - تعالى- شمال؟
الجواب:
روى عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ -رضى الله عنهما - أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " يَطْوِي اللهُ عز وجل السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ:
أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ. ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ "
(3)
* وذهب فريق من العلماء إلى عدم جواز إطلاق لفظة "الشمال" فى حق الله، ومن هؤلاء:
ابن خزيمة والخطابى والبيهقى، وذهبوا إلى تضعيف لفظة " الشمال " من ناحية السند والمتن.
(4)
أ) من ناحية السند:
أن ذكر الشمال قد تفرد به عمر بن حمزة عن سالم، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، لم يذكرا فيه الشمال،
(1)
أخرجه مسلم (1014) ومالك فى الموطأ (3651) وأحمد (9423)
قوله صلى الله عليه وسلم: «فصيله» أي: ولد الناقة المفصول عن رضاعتها؛ «يربيها» أي: ينميها لصالح بها بمضاعفة الأجر. وقوله: «فلوه» أي: مهره.
(2)
أخرجه مسلم (1827).
(3)
رواه مسلم (2788)
(4)
الأسماء والصفات للبيهقي (ص/341) وأعلام الحديث للخطابي (4/ 2346)
ورواه أبو هريرة رضي الله عنه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر فيه أحد منهم الشمال، ب) من ناحية المتن:
أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ "
(1)
وممن نص على ذلك ابن خزيمة فى كتاب التوحيد (ص/66)
* والراجح -والله أعلم - هو إثبات لفظة "الشمال "، وهو قول ابن جرير والدارمى وأبى يعلى؛ وذلك لورود ذلك فى الصحيح.
(2)
* ومما يؤيد ذلك:
ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَقَالَ: عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ "
(3)
فقوله: " وَبِيَدِهِ الأُخْرَى"، بعد أن ذكر اليمين يدل على أنها الأخرى ليست يميناً من ناحية الإسم.
*وأما ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: "كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ":
فالمراد به أن يديه سبحانه وتعالى الثنتين من حيث الوصف، لا من حيث الاسم، فهما من حيث الوصف يمين مباركة، فيهما بركة فى العطاء والإنفاق والجود والسخاء، فلا نقص قد يتوهم فى شماله -عزوجل- كما هو حاصل في شمائل البشر.
ولذا فجاء النص بقوله صلى الله عليه وسلم: " كلتا يديه يمين "؛ لئلا يتوهم نقص في صفة الله تعالى، فإن الشمال في حقنا أضعف من اليمين وأنقص.
*يؤيده:
ما ورد عن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
" لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ.... ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ".
(4)
(1)
رواه مسلم (1827)
(2)
وانظر نقض الدارمى على المريسي (ص/ 155) وإبطال التأويلات لأبى يعلى (ص/ 176)؛
(3)
متفق عليه.
(4)
أخرجه الترمذى (3368) والحاكم (1/ 64) وصحَّحَه الحاكم.
فقوله: " وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ":
يدل على أن تسمية اليدين باليمين متعلق بحصول البركة والخير فى كليهما.
…
وقد كانت العرب تحب التيامن، وتكره التياسر، لما في اليمين من التمام، وفي اليسار من النقص ولذلك قالوا:"اليمن والشؤم".
فإذا كانت اليدان يمينين، كان العطاء بهما، أي تصب العطاء ولا ينقصها ذلك. ووصف اليدين بأن كلتيهما يمين لا يعني عند العرب أن الأخرى ليست يساراً، بل قد يوصف الإنسان بأن يديه كلتيهما يمين، كما قال المرَّار:
وإِنَّ عَلَى الأمانَةِ مِنْ عَقِيلٍ
…
فَتىً كِلْتَا اليدَيْنِ لَهُ يَمِينَ.
(1)
ولا يعني أن لا شمال له، بل هو من كرمه وعطائه شماله كيَمِينه.
قال أبو العباس ابن تيمية:
قال غير واحد من العلماء لما كانت صفات المخلوقين متضمنة للنقص فكانت يسار أحدهم ناقصة في القوة ناقصة في الفعل بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن كلتا يمين الرب مباركة ليس فيها نقص ولا عيب بوجه من الوجوه، كما في صفات المخلوقين، مع أن اليمين أفضلهما.
(2)
وقال الشيخ محمد خليل هرَّاس:
يظهر أنَّ المنع من إطلاق اليسار على الله عز وجل إنما هو على جهة التأدب فقط؛ فإنَّ إثبات اليَمِين وإسناد بعض الشؤون إليها كما في قوله تعالى: وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ، وكما في قوله عليه السلام:" إنَّ يَمِين الله ملأى سحاء الليل والنهار"، يدل على أنَّ اليد الأخرى المقابلة لها ليست يَمِيناً.
(3)
* تنبيه مهم:
قول ابن خزيمة: ولا يسار لخالقنا عز وجل، إذ اليسار من صفة المخلوقين، فجل ربنا عن أن يكون له يسار!
(4)
نقول: والتعليل بهذا فيه نظر؛ إذ أننا لو طردنا مثل هذه القاعدة فى صفات الله -عزوجل -
(1)
تأويل مختلف الحديث (ص/247)
(2)
مجموع الفتاوى (17/ 92)
(3)
ذكره فى تعليقه على (كتاب التوحيد) لابن خزيمة (ص/66)
(4)
التوحيد (ص/66)