الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع والثلاثون: بذل الطاقة شرح حديث صاحب البطاقة
* نص حديث الباب:
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
" إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الخَلَائِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟
أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ:
بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ اليَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "، فَيَقُولُ:
احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ، فَقَالَ:
إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ "، قَالَ:«فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ البِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ» .
* تخريج الحديث:
أخرجه أحمد (6994) والترمذي (2639) والحاكم (9)، وابن حبان في " صحيحه "(225)
قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب» ، وقال الحاكم:" صحيح لم يخرَّج في الصحيحين، وهو صحيح على شرط مسلم "، وقال الذهبي:" هذا على شرط مسلم"، وصححه الألباني في
"الصحيحة "(ح: 135)
وحديث البطاقة حديث صحيح متعدد الطرق، وقد أفرده الحافظ حمزة بن محمد الكناني بجزء أسماه "مجلس البطاقة "، ومما ذكره في هذ الرسالة قوله عن هذا الحديث:
" ولا أعلمه روى هذا الحديث غير الليث بن سعد، وهو من أحسن الحديث ".
(1)
* أهم الفوائد المستنبطة من حديث الباب:
إثبات الميزان:
والميزان ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:
أما أدلة القرآن:
قال تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)) (الأنبياء: 47))، وقال تعالى (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)) (القارعة: 6 - 9)
وقال تعالى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)) (المؤمنون: 102 - 103)
* وأما السنة:
قد بلغت أحاديث الميزان مبلغ التواتر، كما نص على ذلك أبو عبد الله الكتَّاني والسفَّاريني و البيجوري.
قال السفَّاريني:
فقد دلت الآثار على أنه ميزان حقيقي، ذو كفَّتين و لسان، وقد بلغت أحاديثه مبلغ التواتر.
(2)
ولا شك أن حديث الباب قاطع الدلالة على إثبات الميزان يوم القيامة، حيث جاء فيه أن السجلات توضع في كفَّة، والبطاقة في الكفَّة الأخرى.
و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -قَالَ:
"يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ ".
(3)
(1)
وانظر " مجلس البطاقة "(ص/34)
وقد تعقَّب السيوطي قول الكناني: " ولا أعلمه روى هذا الحديث غير الليث
…
الخ، فقال:
"وأخرجه الترمذي أيضاً عن قتيبة عن ابن لهيعة عن عامر بن يحيى نحوه، وبه يرد قول حمزة، ما رواه غير الليث". وانظر "تدريب الراوي"(2/ 560)
(2)
وانظر لوامع الأنوار (2/ 185) ونظم المتناثر (ص/231) وتحفة المريد (ص/492)
(3)
أخرجه البخاري (7411).
* وعَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" بَخٍ بَخٍ، لَخَمْسٌ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي الْمِيزَانِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يُتَوَفَّى فَيَحْتَسِبُهُ وَالِدَاهُ ".
(1)
*وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو-رضى الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
" خَلَّتَانِ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ، أَلَا وَهُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ:
يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا "، قَالَ عبد الله:
فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:
"فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي المِيزَانِ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ تُسَبِّحُهُ وَتُكَبِّرُهُ وَتَحْمَدُهُ مِائَةً، فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي المِيزَانِ، فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ"؟ قَالُوا: فَكَيْفَ لَا نُحْصِيهَا؟ قَالَ:
" يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، حَتَّى يَنْفَتِلَ، فَلَعَلَّهُ أَلَّا يَفْعَلَ، وَيَأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ، فَلَا يَزَالُ يُنَوِّمُهُ حَتَّى يَنَامَ ".
(2)
الإجماع:
قال أبو إسحاق الزجَّاج:
أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان، وكفَّتان ويميل بالأعمال، وأنكرت المعتزلة الميزان، وقالوا: هو عبارة عن العدل، فخالفوا الكتاب والسنة".
(3)
قال ابن بطة:
اتفق أهل العلم بالأخبار، والعلماء والزَّهاد والعبَّاد في جميع
(1)
أخرجه أحمد (15662) وابن حبان (833) والحاكم (1885)، قال الحاكم:«هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرَّجاه» .
وصححه الأرنؤوط، وقال:"رجاله ثقات رجال الصحيح، والمولى الذي لم يسمَّ هو أبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم "
(2)
أخرجه أحمد (6910) والترمذي (3410) وأبوداود (5065) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
(3)
فتح الباري (13/ 762)
الأمصار أن الإيمان بذلك -أي بالميزان- واجب لازم.
(1)
قال زهير بن عبَّاد:
كل من أدركتُ من المشايخ: مالك وسفيان وفضيل وعيسى بن يونس، وابن المبارك ووكيع بن الجراح كانوا يقولون: الميزان حق.
(2)
قال عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه:
يجاء بالناس يوم القيامة إلى الميزان فيجادلون عنده أشد الجدال.
(3)
قال الإمام أحمد:
قال اللَّه عز وجل: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] وقال {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: 8] فهو في كتاب اللَّه تعالى، فمَنْ ردَّ على النبي صلى الله عليه وسلم ردَّ على اللَّه تعالى.
(4)
* المخالفون لأهل السنة في إثبات الميزان:
عمد أهل التحريف والتعطيل، وهم من كل حدب ينسلون، إلى المخالفة في هذا الأصل، بالنفي الصريح تارة، و بالتحريف تارة أخرى، فتراهم يردُّون أصلاً ثابتاً بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ويسيرون على خطى خيط هو أوهى من خيط العنكبوت، أشبه بسرابٍ بقيعة يحسبه الظمآن ماءً، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
فقد أنكر الخوارج والإباضية وبعض المعتزلة الميزان؛ وذلك لأن الأعمال أعراض، والأعراض يستحيل وزنها، إذ لا تقوم بنفسها، وقد نُقل عن مجاهد وقتادة والضحاَّك تفسير الميزان بالعدل.
(5)
(1)
الشرح والإبانة (ص/150)
(2)
أصول السنة لابن زمنين (ص/93)
(3)
وانظر رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(34185) وعبد اللَّه بن أحمد في "السنة"(1077) وسنده حسن.
(4)
انظر "شرح أصول الاعتقاد"(2211)
(5)
وانظر تفسير الرازي (22/ 176) والعقائد النسفية (ص/250) والجامع لأحكام القرآن (11/ 293)
*وكذلك فمما أورده نفاة حقيقة الميزان:
تحريف قول النبي صلى الله عليه وسلم: " وَبِيَدِهِ المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ "، فقالوا:
إنما أراد بذلك الإشارة إلى العدل والفضل، وأنه إذا بسط نعمه وفضله لم ينقص مما في يديه شيء بأنْ يعجزه، وإذا أعدل بحق ملكه لهم فيهم خفض ورفع وبسط وقبض.
وقالوا عن قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ)(الحديد: 25):
فالميزان هو العدل بين العباد الذي أرسل الله -تعالى- به الرسل، وهل سمعتم أحداً من الرسل أرسله تاجراً ممسكاً للميزان؟!
(1)
* الرد على نفاة إثبات الميزان:
لا شك أن ما تأوَّله النفاة للنصوص الواردة في الميزان بأنه العدل هو تأويل منبوذ فاسد، ومخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة.
فالذي عليه أهل السنة والجماعة أن الميزان هو ميزان حقيقي حسي، وله كفَّتان حسيِّتان، ويدل على ذلك ما يلي:
1 -
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو-رضى الله عنه- أن النبيَ صلى الله عليه وسلم قال:
" إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحاً صلى الله عليه وسلم -لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ:
آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ: آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ؛ فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ
(1)
وانظر" مشكل الحديث وبيانه"(ص/437) وأصول الدين (ص/245) والأصول العشرة عند الإباضية (ص/208)
*تنبيه:
ومن التجوّز هنا نسبة نفي الميزان إلى المعتزلة بإطلاق، كما فعله الإيجي في المواقف (ص/384) ومرعي الحنبلي في " تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان"(ص/24)؛ فقد ذكر القاضي عبد الجبار في " تنزيه القرآن عن المطاعن "(ص/479) الخلاف في ذلك عند المعتزلة عند تفسيره لسورة "الأنبياء"، ثم رجَّح هو القول بالميزان في تفسيره لسورة "القارعة"، وكذلك قال به الخوارزمي، وقال:"قد قال به أصحابنا".
وانظر "العقود الذهبية"(2/ 54)
شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ ".
(1)
2 -
وعَنْ سَلْمَانَ - رضى الله عنه- قَالَ:
" يُوضَعُ الصِّرَاطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَهُ حَدٌّ كَحَدِّ الْمُوسَى قَالَ: وَيُوضَعُ الْمِيزَانُ، وَلَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّتِهِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا فِيهِنَّ لَوَسِعَتْهُمْ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: رَبَّنَا لِمَنْ تَزِنُ بِهَذَا؟ فَيَقُولُ: لِمَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِي، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ ".
(2)
* فمن وجوه الدلالات من هذه الأثار على إثبات الميزان الحسي الحقيقي:
1 -
الوجه الأول:
ذكر الكفِّة في صفة الميزان دال على أنه ميزان حقيقي، وليس هو العدل كما زعم النفاة.
قال القرطبي:
وروي عن مجاهد والضحاك والأعمش أن الميزان بمعنى العدل والقضاء، وذكر الوزن والميزان ضرب مثل، كما يقول هذا الكلام في وزن هذا، وفي وزنه أي يعادله ويساويه، وإن لم يكن هناك وزن،
وهذا القول مجاز وليس بشيء، وإن كان شائعاً في اللغة؛ للسنة الثابتة في الميزان الحقيقي، ووصفه بكفَّتين ولسان، وإن كل كفة منهما طباق السماوات والأرض.
(3)
قال فخر الدين الرازي:
حمل هذا اللفظ -أي الميزان-على مجرد العدل مجاز، وصرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز من غير ضرورة غير جائز، لا سيَّما وقد جاءت
(1)
أخرجه أحمد (6583) والبخاري في "الأدب المفرد"(548) والحاكم (154)، قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإسناد"، وقال الشيخ أحمد شاكر:"إسناده صحيح"، وانظر "صحيح الأدب المفرد"(ص/206)
(2)
أخرجه الآجري في الشريعة (949) واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة "، وهذا وإن كان موقوفاً، فإن له حكم الرفع؛ لأنه مما لا يقال بالرأي، على أنه قد ورد من طريق آخر مرفوع رواه الحاكم (8739) وقال:
«هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي، ونقل ذلك عنه المنذري في الترغيب (ح/5309) وأقره. وقال الألباني في"صحيح الترغيب"(3/ 446)[صحيح لغيره]
(3)
التذكرة (ص/279)
الأحاديث الكثيرة بالأسانيد الصحيحة في هذا الباب.
(1)
قال ابن القيم:
أفما تُصدِّق أَن أَعمال العبادِ
…
تحطُّ يَوْم الْعرضِ فِي الْمِيزَان
وكذاك تثقلُ تَارَة وتخف أخـ
…
رى ذَاك فِي الْقُرْآن ذُو تبيان
وَله لِسَان كفَّتاهُ تُقِيمُهُ
…
والكفَّتانِ إليه ناظرتان
مَا ذَاك أمراً معنوياً، بل هُوَ
…
المحسوسُ حَقًا عِنْد ذِي الإيمان.
(2)
2 -
الوجه الثاني:
ذكر الثقل والخفة فيما يوزن من الأعمال أو الأشخاص لا يحتمل أي تأويل يصرف الميزان عن الحقيقة المعهودة في الذهن، والتي هى كونه ميزاناً حقيقياً.
3 -
الوجه الثالث:
إثبات الميزان الذي له كفَّتان هو أمر ثابت بالإجماع الذي نقله الإمام الزجَّاج، كما أنه لم يقل به الزجَّاج وحده، بل هذا ما عليه جماهير أئمة الإسلام.
* ثم يقال هنا:
وإن دلت بعض السياقات التي وردت فيها كلمة الميزان على تفسيره بالعدل، كقوله تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا (47)) (الأنبياء: 47)، وقوله تعالى (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) (الأعراف: 8)، وقوله تعالى في الأنبياء عليهم السلام (وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ) (الحديد: 25)
فمثل هذا لا يمنع أن يكون هذا الميزان على الحقيقة؛ وذلك لما ورد في الأدلة الأخرى التي بيَّنت صفة الميزان على التفصيل، بما لا يدع مجالاً لصرف النصوص عن ظاهرها صرفاً يعود عليها التعطيل.
قال القرطبي:
قال علماؤنا: ولو جاز حمل الميزان على ما ذكروه - أي على
(1)
مفاتيح الغيب (22/ 177)
(2)
الكافية الشافية (2/ 779)