الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة التحقيق]
نصت المصادر على أَن اسْم مؤلف هَذَا الْكتاب هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد العليمي (1) الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ أَبُو الْيمن مجير الدّين الْعمريّ المنتهي نسبه إِلَى عبد الله بن عمر بن الْخطاب (2) ولد بالقدس عَام 860 هـ وَمَا أَن بلغ مرحلة التَّعَلُّم حَتَّى تعهده أَبوهُ بالرعاية والتوجيه حَيْثُ تنص الرِّوَايَة بِأَنَّهُ تفقه على وَالِده وَأخذ عَنهُ جملَة من الْعُلُوم (3) وَاخْتلف على جمَاعَة من أهل الْفضل وَالْعلم للاستفادة والتحصيل أَشَارَ إِلَيْهِم فِي كِتَابه هَذَا " الْأنس الْجَلِيل " وهم
1 -
الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عبد الله بن إِسْمَاعِيل القرقشندي (4) قَالَ مجير الدّين " وَقد عرضت عَلَيْهِ ملحة الْأَعْرَاب فِي ثَانِي جُمَادَى الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بمنزله بجوار الْمدرسَة الصلاحية ولي دون سِتّ سِنِين وَهُوَ أول شيخ عرضت عَلَيْهِ وتشرفت بِالْجُلُوسِ بَين يَدَيْهِ وأجازني بالملحة بِسَنَدِهِ
(1) العليمي نِسْبَة إِلَى جده سَيِّدي عَليّ بن عليل الْمَشْهُور بعلي بن عليم
(2)
مُخْتَصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة - مُحَمَّد جميل الشطي 73 / ط دمشق الترقي 1339 هـ
(3)
نفس الْمصدر والصفحة
(4)
شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين أَبُو بكر عبد الله بن شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين إِسْمَاعِيل القرقشندي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي سبط الْحَافِظ أبي سعيد العلائي ولد بالقدس عَام 783 هـ واشتغل فِي صغره على وَالِده وَغَيره وَسمع المشائخ وَأَجَازَ جمع من الْعلمَاء والحفاظ ثمَّ أفتى ودرس وَحدث وَسمع عَلَيْهِ جمع كَبِير انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة بالقدس وَعظم عِنْد المسؤولين توفى سنة 867 هـ رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 1 / 19 - 190 / 2
الْمُتَّصِل إِلَى المُصَنّف وبغيرها من كتب الحَدِيث الشريف وَمَا يجوز رِوَايَته وَكتب وَالِدي الْإِجَازَة بِخَطِّهِ وَكتب الشَّيْخ خطه الْكَرِيم عَلَيْهَا " (1)
2 -
الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر العميري (2) قَالَ مجير الدّين " وَقد عرضت عَلَيْهِ فِي حَيَاة الْوَالِد قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه واجازني فِي شهور سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ لما توفّي الْوَالِد لازمته للاشتغال فَكنت اقْرَأ عَلَيْهِ فِي الْمقنع واحضر مجْلِس وعظه ودرسه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وحصلت الْإِجَارَة مِنْهُ غير مرّة خَاصَّة وَعَامة "(3)
3 -
الْفَقِيه عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد الْغَزِّي الْمقري الْحَنَفِيّ (4) قَالَ مجير الدّين " وَقد قَرَأت عَلَيْهِ الْقُرْآن - ولي نَحْو عشر سِنِين - بمكتب بَاب الناظرة فأقرأني من سُورَة الْأَنْبِيَاء إِلَى الْفَاتِحَة ثمَّ كررت ختم الْقُرْآن عَلَيْهِ مَرَّات كَثِيرَة وقرأت بعضه عَلَيْهِ بِرِوَايَة عَاصِم وأحضرني مجْلِس شَيخنَا ابْن عمرَان
(1) هَذَا الْكتاب 189 /
(2)
الْحَافِظ الْعَلامَة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن القَاضِي زين الدّين عمر العميري الشَّافِعِي ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس اشْتغل ودأب وَحصل وَأخذ الحَدِيث عَن الْحَافِظ ابْن حجر وَلَقي جمَاعَة من أهل الْعلم وَأخذ عَنْهُم وباشر الحكم بالقدس نِيَابَة عَن القَاضِي شهَاب الدّين قَاضِي الْخَلِيل وَكَانَ حَافِظًا فصيحاً لَهُ مُشَاركَة فِي كثير من الْعُلُوم توفّي عَام 890 هـ وَدفن بالقدس رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 203 /
(3)
هَذَا الْكتاب 203 /
(4)
الْفَقِيه عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد الْغَزِّي الْمقري الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف (بِابْن قَامُوا) ذكر أَنه لما نزل الْأَشْرَف برسباي إِلَى آمد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة كَانَ مراهقاً حفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وتلى بالسبع على الْعَلامَة شمس الدّين بن عمرَان وَغَيره أَقَامَ بِبَيْت الْمُقَدّس دهراً وأدب بِهِ الْأَطْفَال وَسمع الحَدِيث واقرأ الْقُرْآن وَكَانَ -
لسَمَاع الحَدِيث واعتنى بتحصيل الْإِجَارَة لي مِنْهُ " (1)
4 -
الشَّيْخ كَمَال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن أَبى شرِيف (2) قَالَ مجير الدّين " عرضت عَلَيْهِ فِي حَيَاة الْوَالِد رحمه الله قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد ثمَّ عرضت عَلَيْهِ مرّة ثَانِيَة مَا حفظت بعد الْعرض الأول واجازني فِي شهور سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحَضَرت بعض مجالسه من الدُّرُوس والإملاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَحَضَرت كثيرا من مجالسه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف قبل رحلته إِلَى الْقَاهِرَة وَبعد قدومه إِلَى بَيت الْمُقَدّس
- جيد الْحِفْظ لَهُ سريع الْقِرَاءَة توفى عَام تسعين وَثَمَانمِائَة هـ بالقدس رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 237 /
(1)
هَذَا الْكتاب 237 /
(2)
شيخ الْإِسْلَام كَمَال الدّين أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن أبي شرِيف الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي سبط قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد الْعمريّ الْمَالِكِي الْمَشْهُور (بِابْن عوجان) ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة الْقُدس وَنَشَأ بهَا ودرس فِي الْمدَارِس العلمية وَحفظ الْقُرْآن وَأذن لَهُ فِي التدريس سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة ورحل إِلَى الْقَاهِرَة فِي هَذِه السّنة وَأخذ عَن الْعلمَاء هُنَاكَ وَكتب لَهُ ابْن حجر إجَازَة وَوَصفه بالفاضل البارع الأوحد وَمن سنة 846 نظم وَأَنْشَأَ ودرس وَأفْتى ودامت لَهُ الْأُمُور وَأصْبح يشار لَهُ بالبنان فِي الأوساط العلمي وَذكره المؤرخون إِلَى عَام 90 هـ وَله شعر رَقِيق مِنْهُ فِي بَيت الْمُقَدّس أحيي بقاع الْقُدس مَا هبت الصِّبَا فَتلك رباع الانس فِي زمن الصِّبَا وَمَا زلت من شوقي إِلَيْهَا مواصلا سلامي على تِلْكَ الْمعَاهد والربا رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 377 - 382 / 2
وحصلت الْإِجَازَة مِنْهُ غير مرّة خَاصَّة وَعَامة " (1)
5 -
قَاضِي الْقُضَاة نور الدّين عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْمَالِكِي الْمصْرِيّ (2) قَالَ مجير الدّين " وَقد قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من آخر كتاب الْخرقِيّ فِي فقه مَذْهَب الإِمَام رضي الله عنه قِرَاءَة بحث وَفهم ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من أول الْمقنع قِرَاءَة بحث وَفهم فَكَانَ يُقرر الْعبارَة تقريراً حسنا لَعَلَّ كثيرا من أهل الْمَذْهَب لَا يقرره وقرأت عَلَيْهِ فِي النَّحْو ولازمت مجالسه وترددت إِلَيْهِ كثيرا وَحصل لي مِنْهُ غَايَة الْخَيْر والنفع وَلَكِن اخترقته الْمنية بِسُرْعَة قبل بُلُوغ المُرَاد مِنْهُ "(3)
6 -
شمس الدّين أَبُو مساعد مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب (4) قَالَ مجير الدّين " وَقد عرضت عَلَيْهِ قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني "(5)
(1) هَذَا الْكتاب 382 /
(2)
قَاضِي الْقُضَاة نور الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْبَدْر شي البحري الْمَالِكِي الْمصْرِيّ من أهل الْعلم لَهُ معرفَة تَامَّة بِالْعَرَبِيَّةِ وَعلم الْفَرَائِض والحساب والْحَدِيث الشريف بَاشر نِيَابَة الحكم بِالْقَاهِرَةِ لَهُ مُصَنف فِي النَّحْو وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن حفظا جيدا وَيكثر من التِّلَاوَة نشر الْعلم وانتفع بِهِ الطّلبَة توفى عَام 878 هـ بالقدس رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 251 /
(3)
هَذَا الْكتاب 251 /
(4)
الشَّيْخ الْعَلامَة الْمُحَقق شمس الدّين أَبُو مساعد مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الشَّافِعِي من أَعْيَان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ يَسْتَفِيد بِهِ النَّاس فَائِدَة عَظِيمَة توفّي عَام 873 هـ بالطاعون رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 191 - 192 /
(5)
هَذَا الْكتاب 192 / 2
7 -
الشَّيْخ برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ (1) قَالَ مجير الدّين " وَقد عرضت عَلَيْهِ قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه بالزاوية الختنية سنة 873 هـ واجازني بِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته "(2)
8 -
الشَّيْخ المقرى الْمُحدث شمس الدّين مُحَمَّد بن مُوسَى بن عمرَان الْغَزِّي الْحَنَفِيّ (3) قَالَ مجير الدّين " وَقد سَمِعت عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ بِقِرَاءَة القَاضِي
(1) الشَّيْخ برهَان الدّين أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الخليلي الشَّافِعِي ولد عَام 819 هـ ببلدة الْخَلِيل لَقِي جمَاعَة من أهل الْعلم وَالْفضل وَأخذ عَنْهُم رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ الحَدِيث عَن ابْن حجر وَالْفِقْه عَن تَقِيّ الدّين أبي بكر ابْن قَاضِي شهبه وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وباشر فِي نِيَابَة الحكم عَن القَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة ثمَّ ترك الحكم وَصَارَ من أَعْيَان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وَعَاد من الْقَاهِرَة عَام 888 إِلَى مسْقط رَأسه الْخَلِيل وَأقَام بهَا متصدياً لاشتغال الطّلب إِلَى أَن وافته الْمنية عَام ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة هـ رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 206 - 207 /
(2)
هَذَا الْكتاب 206 /
(3)
الشَّيْخ الْعَلامَة الْمقري الْمُحدث شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى ابْن عمرَان الْغَزِّي الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ شيخ الْقُرَّاء بالقدس ولد عَام 794 بغزة سمع الحَدِيث على الْحَافِظ شمس الدّين الْجَزرِي وَأخذ عَنهُ علم الْقرَاءَات وَأَجَازَهُ وَكَانَ رجلا صَالحا ملازماً لقراء الْقُرْآن انْتفع بِهِ النَّاس وَتخرج عَلَيْهِ جمَاعَة وَعرف هَذَا الْفَنّ معرفَة جَيِّدَة وَكَانَ قنوعاً طارحاً التَّكَلُّف وَلم يبْق فِي الْقُدس شيخ متقن لفن الْقِرَاءَة سواهُ وَكَانَ شَيخا بهي المنظر توفى سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة رَاجع تَرْجَمته فِي هَذَا الْكتاب 229 - 230 / 2
شهَاب الدّين بن عبيد الشَّافِعِي فِي سنة 871 هـ واجازني بروايتة وبرواية غَيره من الْأَحَادِيث العشارية والمسلسل بالأولية وَمَا يجوز لَهُ وَعنهُ رِوَايَته " (1)
9 -
الشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَبى بكر السَّعْدِيّ (2) قَالَ الشطي " ورحل سنّ 880 هـ إِلَى الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا عاكفاً عل طلب لعلم وَلزِمَ قَاضِي الْحَنَابِلَة بالديار المصرية بدر الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر السَّعْدِيّ أَقَامَ تَحت نظره وتفقه عَلَيْهِ وَلَقَد اكرم مثواه وَمكث بالديار المصرية نَحْو عشر سِنِين "(3) هَؤُلَاءِ هم طَلِيعَة أساتذته وشيوخ أجازته وعَلى هَذَا الضَّوْء يُمكن تَقْسِيم مراحل تَحْصِيله العلمي إِلَى قسمَيْنِ قسم يخْتَص بالقدس ونكاد نستفيد من مَجْمُوع مَا قدمْنَاهُ أَن تِلْكَ الْمدَّة محدد لعام 880 هـ وتحصيله بَين الْمَسْجِد الْأَقْصَى والمدرسة الصلاحية وَاخْتلف فِيهَا على عدد من الْأَعْلَام ذكرنَا أَهَمَّهُمْ وَقسم يخْتَص بِالْقَاهِرَةِ ويحدد بِنَحْوِ عشر سِنِين حَيْثُ تنص المصادر على عودته إِلَى الْقُدس عَام 889 هـ وَكَانَ أهم أساتذته هُوَ ابْن أبي بكر السَّعْدِيّ وَبعد عودته من الْقَاهِرَة ولى قَضَاء الْقُدس وَلَعَلَّه بَقِي فِي مركزه حَتَّى وَفَاته
(1) هَذَا الْكتاب 2 / 230
(2)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي بكر السَّعْدِيّ قَاض من فُقَهَاء الْحَنَابِلَة من أهل الْقَاهِرَة ولد عَام 836 هـ ودرس وَولي قَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية وَألف كتبا مِنْهَا الْجَوْهَر المحصل فِي مَنَاقِب الإِمَام أَحْمد مخطوط قَالَ السخاوي كتب بِخَطِّهِ من تصانيفه أَشْيَاء واستكتب كَذَلِك توفى فَجْأَة عَام 900 رَاجع تَرْجَمته (الضَّوْء اللامع 58 / 9 وشذرات الذَّهَب 366 / 7 والأعلام 281 / 7)
(3)
مُخْتَصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة 73
وَلَقَد وَصفته الرِّوَايَة بِأَنَّهُ كَانَ فطناً يحب الْعلم من صغره ذكي مجد وَإِذا مَا عدنا إِلَى ادعائه بِأَنَّهُ عرض على شَيْخه تَقِيّ الدّين إِسْمَاعِيل القرقشندي الْمَقْدِسِي ملحة الْإِعْرَاب وَهُوَ دون السِّت سِنِين وَأَجَازَهُ الشَّيْخ بالملحة لسنده الْمُتَّصِل إِلَى المُصَنّف وبغيرها من كتب الحَدِيث وَمَا يجوز لَهُ رِوَايَته نستطيع أَن نتأكد بِأَن هَذَا الْإِنْسَان كَانَ يتمتع بقابلية خَاصَّة ونضوج مبكر أَهله كل ذَلِك لِأَن يكون مَوضِع عناية أساتذته وَهُوَ صبي لم يتَجَاوَز الْحلم وكيفما كَانَ فقد وَاصل تَحْصِيله وتتبعه العلمي على يَد أساتذة معروفين بِالْفَضْلِ والكمال بِحَيْثُ عرف بالأوساط العلمية بمكانة مقدرَة وَلَقَد خلف نتاجاً يدل على فضل وَسعه اطلَاع وَهُوَ
1 -
فتح الرَّحْمَن فِي تَفْسِير الْقُرْآن فِي مجلدين هَكَذَا أسماه الزركلي (1) اما بَقِيَّة المصادر فَأَشَارَتْ إِلَى أَنه لَهُ تَفْسِير جليل على الْقُرْآن الْعَظِيم يشبه القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ (2)
2 -
الْمنْهَج الأحمد فِي تراجم أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد قَالَ جرجي زَيْدَانَ تُوجد مِنْهُ نُسْخَة فِي الخزانة التيمورية فِي مجلدين عدد صفحاتها 523 وَهُوَ مُرَتّب على سني الْوَفَاة (3)
3 -
التَّارِيخ الْمُعْتَبر فِي أنباء من غبر ذكره الحاجي جلبي وَوَصفه الشطي بِأَنَّهُ تَارِيخ جليل ابْتَدَأَ فِيهِ من سيدنَا آدم إِلَى سنة 896 هـ مُرَتبا عل السنين ذَاكِرًا فِيهِ الْحَوَادِث العجيبة والوقائع الغريبة على وَجه الِاخْتِصَار (4)
(1) الْأَعْلَام 108 / 4
(2)
مُخْتَصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة 74
(3)
مُخْتَصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة 74 والأعلام 108 / 4 وتاريخ آدَاب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 198 / 3 (4) كشف الظنون 305 / 1 ومختصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة 74 والأعلام 108 / 4
4 -
إتحاف الزائر وأطواف الْمُقِيم الْمُسَافِر ذكره الْبَغْدَادِيّ وَقَالَ الْجَلِيّ اتحاف الزائر وأطراف الْمُقِيم الْمُسَافِر - للشَّيْخ أبي الْيمن زيد بن الْحسن الْكِنْدِيّ الْبَغْدَادِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي المتوفي سنة 613 هـ " (1)
5 -
الْإِنْس الْجَلِيل بتاريخ الْقُدس والخليل وَبَعض المصادر تسميه الأنيس الْجَلِيل وَهُوَ الْكتاب الَّذِي يَدُور حديثنا حوله فِي الْفَصْل الثَّالِث من هَذَا الْبَحْث وَلم تشر لنا المصادر المختصة بِأَن مؤلفاته قد طبعت عدى كتاب " الْأنس الْجَلِيل " وَقد اخْتلف فِي تَارِيخ وَفَاته فالشطي لم يعثر على تَارِيخ وَفَاته وَيَقُول " وَلَعَلَّه كَانَ فِي أَوَائِل الْقرن الْعَاشِر " بَيْنَمَا نرى اغلب المصادر الَّتِي تترجمه تذْهب إِلَى أَن وَفَاته كَانَت عَام 928 هـ وَقسم قَلِيل يرى أَنَّهَا عَام 927 هـ (2) من مَجْمُوع مَا قدمْنَاهُ عَن حَيَاة الْمُؤلف نستطيع أَن نجزم بِأَن الْمُؤلف من الْأَعْلَام الَّذين يتمتعون بمقدرة لائقة من الْفَضِيلَة والكمال
(1) هِدَايَة العارفين 544 / 7 ومعجم المؤلفين - لكحالة 177 / 5 وكشف الظنون 6 /
(2)
مُخْتَصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة 74 ومعجم المطبوعات 358 ومعجم المؤلفين 177 / 5 وهداية العارفين 544 / 1 وتاريخ آدَاب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 198 / 3 والأعلام 108 / 5
2 -
وَلَقَد اجْمَعْ المترجمون لحياة مجير الدّين العليمي بِأَن كتاب " الْأنس الْجَلِيل بتاريخ الْقُدس والخليل " من مؤلفاته وأنه فِي مُقَدّمَة مَا دبجته يراعته ضمنه خُلَاصَة تواريخ الْقُدس الشريف وبلدة الْخَلِيل مثوى سيدنَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ وعَلى نَبينَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا أضَاف إِلَيْهِ نبذة من الْحَوَادِث والوفيات وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من ذكر الْمُلُوك والكبراء والقضاة وَالْعُلَمَاء حَتَّى عَام 900 هـ - كَمَا سيمر علينا فِي عرض منهجه وَقد تحدث الْمُؤلف عَن طبيعة مُؤَلفه بقوله " فَهَذَا مُخْتَصر استخرت الله تَعَالَى فِي جمعه وَسَأَلته المعونة لي بفضله فِي تَرْتِيب وَضعه عَن لي أَن أجمعه من كتب الْمُتَقَدِّمين واهذب أَلْفَاظه من فَوَائِد المؤرخين وتراجم الْأَعْيَان على وَجه الِاخْتِصَار فاستعنت بِاللَّه سُبْحَانَهُ فِيمَا قصدته "(1) وَلَقَد كتب عدد من الْأَعْلَام فِي تَارِيخ الْقُدس الشريف مِمَّن سبقوا مجير الدّين فخلفوا من نتاجهم ثروة علمية كَانَت هِيَ المنبع الرئيسي لكتاب " الْأنس الْجَلِيل " كَمَا قَالَ هُوَ ويمكننا أَن نضع قَائِمَة تقريبية لأولئك الَّذين كتبُوا فِي هَذَا الْمِضْمَار من جَمِيع جوانبه واعتقادي أننا نستطيع أَن نُقِيم الْكتاب عل ضوئها وهم حسب التسلسل الزمني 1 - الْوَاقِدِيّ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر (2) فقد تحدث عَن تَارِيخ الْقُدس
(1) هَذَا الْكتاب 1 - 2 / ط الثَّانِيَة
(2)
أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر بن وَاقد الْأَسْلَمِيّ الْمَعْرُوف ب (الْوَاقِدِيّ) ولد بِالْمَدِينَةِ عَام 130 هـ واتصل ببني الْعَبَّاس واصبح قَاضِيا عِنْدهم من أقدم مؤرخي -
فَتوجه فِي كِتَابه (فتوح الشَّام) الَّذِي طبع عدَّة مَرَّات
2 -
اليعقوبي أَحْمد بن أبي يَعْقُوب (1) الْكَاتِب والمؤرخ الْمَعْرُوف أورد باكراً للقدس فِي كِتَابه الْمَعْرُوف ب (تَارِيخ اليعقوبي) المطبوع فِي المطبعة الحيدرية من النجف الْأَشْرَف وَغَيرهَا
3 -
الطَّبَرِيّ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير (2) المؤرخ والمفسر الشهير جَاءَ من تَارِيخه (تَارِيخ الْأُمَم والملوك) ذكر للقدس وَمن تولاه وبناه
الْإِسْلَام قَالَ ابْن النديم خلف الْوَاقِدِيّ بعد وَفَاته سِتّمائَة قمطر كتبا كل قمطر مِنْهَا حمل رجلَيْنِ وَكَانَ لَهُ غلامان مملوكان يكتبان اللَّيْل وَالنَّهَار مَاتَ بِبَغْدَاد عَام 207 هـ وَله مؤلفات عديدة رَاجع تَرْجَمته فِي (تذكر الْحفاظ 317 / 1 ووفيات الْأَعْيَان 506 / 1 وتاريخ بَغْدَاد 3 - 21 / 3 وميزان الِاعْتِدَال 110 / 3 وتهذي بالتهذيب 363 - 368 / 9 والفهرست لِابْنِ النديم 98 / 1 واعيان الشِّيعَة 170 - 178 / 40)
(1)
أَحْمد بن أبي يَعْقُوب بن جَعْفَر بن وهب بن وَاضح الْكَاتِب الْمَعْرُوف مؤرخ جغرافي كثير الْأَسْفَار من أهل بَغْدَاد صنف كتبا جَيِّدَة توفّي عَام 284 هـ وَخلف مؤلفات قيمَة مِنْهَا تَارِيخه الْمَشْهُور وَكتاب الْبلدَانِ وَغَيرهمَا رَاجع تَرْجَمته فِي (مُعْجم الأدباء 5 / 153 وإيضاح الْمكنون - للبغدادي 1 / 219 و 2 / 279 وأعيان الشِّيعَة 330 - 10 / 366 ومعجم المطبوعات 1948 والاعلام 90 - 1 / 91 ومعجم المؤلفين 1 / 161) مُحَمَّد بن جرير بن يزِيد أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ مؤرخ شهير ومفسر جليل وفقيه ضليع ولد فِي آمل طبرستان عَام 224 هـ واستوطن بَغْدَاد وَتوفى فِيهَا عَام 310 هـ قَالَ ابْن الْأَثِير أَبُو جَعْفَر أوثق من نقل التَّارِيخ وَفِي تَفْسِيره مَا يدل على علم غزير عرض عَلَيْهِ الْقَضَاء فَامْتنعَ لَهُ مؤلفات تدل على سَعَة اطلَاع وغزارة علم رَاجع تَرْجَمته فِي (تذكرة الْحفاظ 351 / 2 ووفيات الْأَعْيَان -
4 -
ابْن البطريق سعيد بن البطريق (1) مؤرخ مسيحي أورد للقدس ذكرا فِي كِتَابه (نظم الْجَوْهَر - أَو التَّارِيخ الْمَجْمُوع على التَّحْقِيق والتصديق فِي معرفَة التواريخ) المطبوع فِي ليدن
5 -
الاصطخري إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَارِسِي (2) عَالم جغرافي ورحالة تطرق لحَدِيث الْقُدس فِي كِتَابه (مسالك الممالك) المطبوع فِي ليدن
6 -
المَسْعُودِيّ عَليّ بن الْحُسَيْن (3) من مشاهير المؤرخين ذكر الْقُدس وولاتها
456 / 1 وطبقات السُّبْكِيّ 135 - 140 / 2 وروضات الجنات 163 - 165 وَرِجَال المامقاني 90 - 91 / 2 وشذرات الذَّهَب 260 / 2)
(1)
سعيد بن البطريق طيب مؤرخ من أهل مصر ولد بالفسطاط عَام 263 هـ وأقيم بطريركاً فِي الْإسْكَنْدَريَّة توفى عَام 328 هـ وَله مؤلفات عديدة رَاجع تَرْجَمته فِي (طَبَقَات الْأَطِبَّاء 86 / 2 وَحسن المحاضرة - للسيوطي 113 / 1 ومعجم المؤلفين 221 / 4 وآداب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 200 / 2)
(2)
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَارِسِي أَبُو إِسْحَاق الاصطخري الْكَرْخِي نَشأ باصطخر (فِي إيران) وَقَامَ بسياحة طَاف بهَا بِلَاد الْعَرَب وَبَعض بِلَاد الْهِنْد ووصفته المصادر بِأَنَّهُ جغرافي رحالة من الْعلمَاء لم تكن مصَادر علم الْبلدَانِ موفورة فِي عصره فألف كِتَابيه " صُورَة الأقاليم " و " مسالك الممالك " توفى عَام 346 هـ رَاجع تَرْجَمته فِي (هِدَايَة العارفين 6 / 1 ودائرة المعارف للبستاني 744 / 3 ودائرة المعارف الإسلامية 256 / 2 ومعجم المطبوعات 453 والأعلام 58 / 1
(3)
عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ أَبُو الْحسن المَسْعُودِيّ من أَعْلَام التَّارِيخ وَمن مشاهير الرحالين وَمن الباحثين المقدرين من أهل بَغْدَاد أَقَامَ بِمصْر وَتُوفِّي فِيهَا عَام 346 هـ لَهُ مؤلفات عديدة مِنْهَا مروج الذَّهَب وأخبار الزَّمَان وَغير ذَلِك من المؤلفات الْقيمَة رَاجع تَرْجَمته فِي (فَوَات الوفيات 45 / 2 ولسان -
فِي كِتَابه (التَّنْبِيه والإشراف) المطبوع
7 -
الْمَقْدِسِي مُحَمَّد بن أَحْمد (1) من مشاهير الرحلة والجغرافيين تنَاول ذكر الْقُدس فِي كِتَابه (أحسن التقاسيم فِي معرفَة الأقاليم) المطبوع فِي ليدن
8 -
ابْن عَسَاكِر عَليّ بن الْحسن (2) أورد فتوحات بَيت الْمُقَدّس وَتعرض لتراجم بعض رِجَاله فِي كِتَابه (تَارِيخ ابْن عَسَاكِر) طبع قسم مِنْهُ
9 -
أُسَامَة بن منقذ (3) من الْعلمَاء الشجعان والمؤرخين ذكر حروبه
الْمِيزَان 224 / 4 وطبقات الشَّافِعِيَّة 307 / 2 والنجوم الزاهرة 315 / 3 وَتَذْكِرَة الْحفاظ 70 / 3 والفهرست لِابْنِ النديم 154 / 1 وأعيان الشِّيعَة 198 213 / 41 والذريعة إِلَى تصانيف الشِّيعَة 347 / 3)
(1)
مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الْبناء البشاري الْحَنَفِيّ الْمَقْدِسِي شمس الدّين أَبُو عبد الله ولد بالقدس عَام 366 هـ ولع فِي الاسفار فَطَافَ أَكثر بِلَاد الْإِسْلَام وعرفته المصادر بِأَنَّهُ رحالة جغرافي مَاتَ نَحْو سنة 380 هـ وَقَالُوا عَنهُ إِنَّه امتاز بِكَثْرَة ملاحظاته وسعة نظره لَهُ مؤلفات فِي فنه تدل على أهمية رَاجع تَرْجَمته فِي (مُعْجم المطبوعات 1773 والأعلام 203 / 6)
(2)
عَليّ بن الْحسن بن هبة الله أَبُو الْقَاسِم ثِقَة الله ابْن عَسَاكِر الدِّمَشْقِي ولد بِدِمَشْق عَام 499 هـ كَانَ مُحدث الديار الشامية وَمن أَعْيَان فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَقَالَت عَنهُ الراوية بِأَنَّهُ مؤرخ حَافظ رحالة توفّي بِدِمَشْق عَام 571 هـ لَهُ مؤلفات عديدة فِي مقدمتها تَارِيخه الْكَبِير رَاجع تَرْجَمته فِي (وفيات الْأَعْيَان 335 / 1 والبداية وَالنِّهَايَة 294 / 12 وطبقات الشَّافِعِيَّة 273 / 4 وتاريخ ابْن الوردي 87 / 2 ومرآة الزَّمَان 100 / 1 ودائرة المعارف الإسلامية 237 / 1 والأعلام 82 / 5)
(3)
أُسَامَة بن مرشد بن عَليّ بن مقلد بن نصر بن منقذ الْكِنَانِي الْكَلْبِيّ الشِّيرَازِيّ أَبُو المظفر مؤيد الدولة ولد بشيراز عَام 488 هـ وَسكن دمشق -
لبيت الْمُقَدّس ومشاهداته فِيهَا فِي كِتَابه (الِاعْتِبَار) المطبوع
10 -
الْعِمَاد الاصبهاني مُحَمَّد بن مُحَمَّد (1) من أكَابِر الْكتاب واعلام التَّارِيخ ذكر تَارِيخ الْقُدس وفتوحاته فِي كِتَابه (الْفَتْح القسي فِي الْفَتْح الْمَقْدِسِي) المطبوع
11 -
ياقوت الْحَمَوِيّ (2) من المؤرخين المعروفين أورد للقدس ذكرا مفصلا فِي كِتَابه (مُعْجم الْبلدَانِ) المطبوع
وانتقل إِلَى مصر وقاد عدَّة حملات على الصليبيين فِي فلسطين من الْأُمَرَاء وَمن الْعلمَاء الشجعان لَهُ تصانيف فِي الْأَدَب والتاريخ مَاتَ فِي دمشق عَام 584 هـ رَاجع تَرْجَمته فِي " (تَارِيخ ابْن عَسَاكِر 400 / 2 والبداية وَالنِّهَايَة 331 / 12 ووفيات الْأَعْيَان 63 / 1 ومعجم الْآبَاء 188 - 245 / 5 ودائرة المعارف الإسلامية 79 / 2 والإعلام 282 / 1)
(1)
مُحَمَّد بن مُحَمَّد صفي الدّين ابْن نَفِيس الدّين حَامِد أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف ب (عماد الدّين الْكَاتِب) الاصبهاني مؤرخ عَالم بالأدب من أكَابِر الْكتاب ولد باصبهان عَام 519 هـ وَقدم إِلَى بَغْدَاد حَدثا فتأدب وتفقه فلمع اسْمه فِي أوساطها وقلد عدَّة مناصب كَبِيرَة فِي الدولة ثمَّ رَحل إِلَى دمشق فاستخدم عِنْد السُّلْطَان نور الدّين فِي ديوَان الْإِنْشَاء وتنقل فِي مناصب بعْدهَا بنى مدرسة عرفت باسمه " الْعمادِيَّة " وَتُوفِّي بهَا عَام 597 هـ رَاجع تَرْجَمته فِي (وفيات الْأَعْيَان 74 / 2 ومرآة الزَّمَان 504 / 8 وتاريخ ابْن الوردي 117 / 2 والمختصر الْمُحْتَاج 122 وَحسن المحاضرة 270 / 1 والروضتين 144 / 1)
(2)
ياقوت بن عبد الله الرُّومِي الْحَمَوِيّ أَبُو عبد الله شهَاب الدّين مؤرخ من أَئِمَّة الجغرافية وَمن أَعْلَام اللُّغَة وَالْأَدب أَصله من الرّوم ولد عَام 574 هـ لَهُ مؤلفات عديدة فِي طليعتها مُعْجم الْبلدَانِ ومعجم الأدباء توفّي عَام 626 هـ رَاجع تَرْجَمته فِي (وفيات الْأَعْيَان 210 / 2 ومرآة الْجنان 59 - 63 / 4 ومعجم المطبوعات 1941 وآداب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 88 / 2 والأعلام 157 / 9)
12 -
ابْن الْأَثِير عَليّ بن مُحَمَّد (1) المؤرخ الشهير تطرق لذكر تَارِيخ الْقُدس وبنائه فِي كِتَابه (التَّارِيخ الْكَامِل) المطبوع
13 -
أَبُو شأمة عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل (2) مؤرخ مُحدث ذكر وُلَاة الْقُدس فِي كِتَابه (الروضتين فِي أَخْبَار الدولتين - النورية والصلاحية) المطبوع
14 -
ابْن العبرى أَبُو الْفرج (3) مؤرخ سرياني مستعرب اورد
(1) عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ الْجَزرِي أَبُو الْحسن عز الدّين ابْن الْأَثِير المؤرخ الشهير من الْعلمَاء فِي النّسَب وَالْأَدب ولد وَنَشَأ فِي جَزِيرَة ابْن عمر عَام 555 هـ وَسكن الْموصل وتجول فِي الْبلدَانِ وَعَاد إِلَى الْموصل فَكَانَ منزله مجمع الْفُضَلَاء والأدباء وَتوفى بهَا عَام 630 هـ فِي مُقَدّمَة مؤلفاته تَارِيخه الْكَامِل الَّذِي طبع عد مَرَّات رَاجع تَرْجَمته فِي (وفيات الْأَعْيَان 347 / 1 وطبقات الشَّافِعِيَّة 127 / 5 ومفتاح السَّعَادَة 206 / 1 وتاريخ أبي الْفِدَاء 854 / 3)
(2)
عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي الدِّمَشْقِي أَبُو الْقَاسِم شهَاب الدّين أَبُو شأمة مؤرخ مُحدث باحث أَصله من الْقُدس مولده فِي دمشق عَام 599 هـ وَبهَا منشأه ووفاته عَام 665 هـ تولى مشيخة دَار الحَدِيث الاشرفية وَدخل عَلَيْهِ اثْنَان فِي صُورَة مستفتين فضرباه ضربا مبرحاً تمرض على أَثَره وَمَات معلولاً مِنْهَا لَهُ مؤلفات عديدة مِنْهَا (الروضتين فِي أَخْبَار الدولتين - النورية والصلاحية) مطبوع رَاجع تَرْجَمته فِي (فَوَات الوفيات 1 252 وبغية الوعاة 397 والبداية وَالنِّهَايَة 13 250 وطبقات الشَّافِعِي 5 61 ونفح الطّيب 1 46 ومعجم المطبوعات 317 والأعلام 4 70)
(3)
غريغوريوس بن هَارُون بن توما الْمَلْطِي أَبُو الْفرج الْمَعْرُوف بِابْن العبرى ولد فِي ملطية سنة 613 هـ وفر إِلَى إنطاكية مَعَ أَبِيه مؤرخ سرياني مستعرب توفّي سنة 685 هـ وَنقل إِلَى الْموصل وَدفن بهَا وَقَالَت المصادر أَنه خلف -
للقدس ذكرا فِي كِتَابه (تَارِيخ مُخْتَصر الدول) المطبوع
15 -
ابْن فضل لله الْعمريّ (1) من المعروفين بخطوط الأقاليم والبلدان أورد ذكرا للقدس فِي كِتَابه) مسالك الْأَبْصَار فِي ممالك الْأَمْصَار) المطبوع
16 -
ابْن خلدون عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد (2) ذكر فتوح الْقُدس وأخباره وبناءه وولاته فِي كِتَابه (التَّارِيخ الْكَبِير - الْمُسَمّى العبر وديوان الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي أَيَّام الْعَرَب -) المطبوع مرَّتَيْنِ
35 مصنفاً فِي عُلُوم مُخْتَلفَة رَاجع تَرْجَمته فِي (دَائِرَة المعارف الإسلامية 1 226 واللؤلؤ المنثور 411 - 430 ومعجم المطبوعات 339 والأعلام 308 - 5 309 ومعجم المؤلفين 39 - 8 40)
(1)
أَحْمد بن يحيى بن فضل الله الْقرشِي الْعَدوي الْعمريّ شهَاب الدّين مؤرخ ضليع حجَّة فِي معرفَة الممالك والمسالك وخطوط الأقاليم والبلدان عَارِف بأخبار رجال عصره وتراجمهم غزير الْمَادَّة وَاسع الِاطِّلَاع ولد عَام 700 هـ بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وَتوفى فِيهَا عَام 749 هـ لَهُ مؤلفات مُتعَدِّدَة قيمَة رَاجع تَرْجَمته فِي (فَوَات الوفيات 1 7 وتاريخ ابْن الوردي 2 354 والدرر الكامنة 1 331 والنجوم الزاهرة 10 334 وشذرات الذَّهَب 6 160 وَحسن المحاضرة 1 329 ومعجم المؤلفين 2 204)
(2)
عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن خلدون أَبُو زيد ولي الدّين الحضري الاشبيلي الفيلسوف المؤرخ الاجتماعي البحاثة ولد باشبيلية عَام 732 هـ تنقل فِي الْبلدَانِ وَتَوَلَّى الْقَضَاء فِيهَا فِي الْمَذْهَب الْمَالِكِي توفى بِالْقَاهِرَةِ فَجْأَة عَام 808 هـ لَهُ مؤلفات تدل على سع افقه رَاجع تَرْجَمته فِي (الضَّوْء اللامع 4 145 والعبر 7 379 ونفح الطّيب 4 414 وشذرات الذَّهَب 4 83 ودائرة المعارف الإسلامية 1 152 ومعجم المطبوعات 95 - 97 والأعلام 4 106)
17 -
المقريزي أَحْمد بن عَليّ (1) المؤرخ الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف تطرق لذكر هَذَا الْبَيْت الْمُقَدّس وملوكه فِي كِتَابه (السلوك لمعْرِفَة الْمُلُوك) وَقد طبع
18 -
ابْن شاهين غرس الدّين خَلِيل (2) مؤرخ شهير من المماليك ذكر خطط الْقُدس فِي كِتَابه (زبدة كشف الممالك) المطبوع فِي باريس
19 -
ابْن تغري بردي (3) من المؤرخين الْمَشْهُورين أورد ذكرا لتاريخ
(1) أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْقَادِر أَبُو الْعَبَّاس الْحُسَيْنِي العبيدي تَقِيّ الدّين المقريزي مؤرخ الديار المصرية أَصله من بعلبك ونسبته إِلَى حارة المقارزة ولد عَام 766 هـ وَنَشَأ بهَا ونال مَرَاتِب مرموقة فِي الدولة وَأصْبح شخصي لامعة مَاتَ فِي الْقَاهِرَة عَام 845 هـ وَصفته المصادر بِأَنَّهُ عُمْدَة المؤرخين وَعين الْمُحدثين مؤلفاته قيمَة تدل على مقدرَة علمية وتاريخية وسعة أفق رَاجع تَرْجَمته فِي مُقَدّمَة كتاب النُّقُود الإسلامية طبع النجف التبر المسبوك للسخاوي 21 وَحسن المحاضرة 266 / 1 والبدر الطالع 79 / 1 وآداب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 175 / 3 والأعلام 172 / 1)
(2)
غرس الدّين خَلِيل بن شاهين الظَّاهِرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شاهين أَمِير من المماليك اشْتهر بِمصْر كَانَ من المولعين بالبحث وَله تصانيف ونظم ولد بِبَيْت الْمُقَدّس عَام 813 هـ وَتعلم بِالْقَاهِرَةِ وَتَوَلَّى مناصب رسمية فِيهَا وَتوفى بطرابلس سنة 873 هـ ذكرت الرِّوَايَة بِأَن لَهُ نَحْو ثَلَاثِينَ مصنفاً رَاجع تَرْجَمته فِي (الضَّوْء اللامع 195 / 3 وهداية العارفين 353 / 1 والخطط التوفيقية 68 / 8 ومعجم المطبوعات 133 والأعلام 367 / 2)
(3)
يُوسُف بن تغرى بردي بن عبد الله الظَّاهِرِيّ الْحَنَفِيّ أَبُو المحاسن جمال الدّين مؤرخ بحاثة مولده بِالْقَاهِرَةِ عَام 813 ووفاته فِيهَا أَيْضا عَام 874 هـ لَهُ مؤلفات تدل على تأدب وتفقه وولع بالتاريخ فِي طليعتها موسوعته التاريخية " النُّجُوم الزاهرة " رَاجع تَرْجَمته فِي (النُّجُوم الزاهرة 9 - 28 / 1 -
الْقُدس وولاته وفتحه فِي كِتَابه (النُّجُوم الزاهرة فِي محَاسِن مصر والقاهرة) مطبوع
20 -
شمس الدّين السُّيُوطِيّ (1) خص ذكر الْقُدس وأهمية هَذَا الْبَيْت الشريف بكتابه (إتحاف الاخصا بفضائل الْمَسْجِد الْأَقْصَى) المطبوع
21 -
مجير الدّين العليمي فِي كِتَابه (الْأنس الْجَلِيل) وَالَّذِي نَحن بصدد تَقْدِيمه
وعَلى ضوء هَذِه الْقَائِمَة الَّتِي قدمناها نستطيع أَن نستنتج أَمريْن مهمين عَن هَذَا الْكتاب هما أَولا - أَن هَذِه المنابع الَّتِي ذَكرنَاهَا - وَقد تكون هُنَاكَ غَيرهَا - لم تتَنَاوَل مَوْضُوع الْقُدس وَمَا يتَعَلَّق بِهِ بِصُورَة خَاصَّة وَإِنَّمَا جَاءَ الحَدِيث عَنهُ بِصُورَة عَامَّة وواحداً من المواضيع الَّتِي عالجتها تِلْكَ الْكتب عدى كتاب " إتحاف الاخصا بفضائل الْمَسْجِد الْأَقْصَى " وَفِيمَا يَبْدُو لي أَن الْكتاب خَاص بالموضوع نَفسه ويؤسفني إِنِّي لم أطلع على الْكتاب أما كتاب " الْفَتْح القسي فِي الْفَتْح الْقُدسِي " وَإِن لم يكن مُخَصّصا لهَذَا الْمَوْضُوع فَحسب غير أَن حَدِيث الْقُدس وَمَا يتَّصل بِهِ قد أَخذ قسما كَبِيرا مِنْهُ وَهنا تظهر مزية كتاب " الْأنس الْجَلِيل " إِذْ أَن الْكتاب بجزئية قد كرس فِي الْمَوْضُوع نَفسه وَلم يخرج عَن الصدد ثَانِيًا - أَن كتاب " الْأنس الْجَلِيل " جَاءَ حصيلة هَذِه الْمَجْمُوع الْمَجْمُوعَة الْقيمَة
والضوء اللامع 305 / 10 وشذرات الذَّهَب 317 / 7 ودائرة المعارف الإٍ سلامية 396 / 1 وآداب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 180 / 3 والأعلام 295 / 9)
(1)
مُحَمَّد بن شهَاب الدّين أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْخَالِق المنهاجي الْمَعْرُوف ب (شمس الدّين السُّيُوطِيّ) نبغ فِي حُدُود سنة 875 هـ وَلم نطلع على تَرْجَمته بِأَكْثَرَ من هَذَا لَهُ كتاب وَهُوَ (إتحاف الاخصا بفضائل الْمَسْجِد الْأَقْصَى) رَاجع (مُعْجم المطبوعات 1085 - 1086)
من المصادر الَّتِي تناولت حَدِيث الْقُدس وتاريخه من جَمِيع جوانبه مُضَافا إِلَى أَن مُؤَلفه هُوَ من تِلْكَ المنطقة ومعلوماته مبتنية على الدراسة المعمقة والاطلاع شخصي والمعلومات التاريخية الشخصية وعَلى أساس هذَيْن الْجَانِبَيْنِ جَاءَ الْكتاب بَعيدا عَن كل شَائِبَة وَعَن الزِّيَادَات المخلة وَعَن الاستنتاجات المرتجلة
3 -
وَإِذا عدنا إِلَى الْكتاب نَفسه لنلقي عَلَيْهِ أضواء تكشف لنا جوانبه الجديرة الْبَحْث والاهتمام نرَاهَا لَا تتجاوز مَا يَلِي
1 -
مَنْهَج الْمُؤلف فِي عرض كِتَابه
2 -
الْأَسْبَاب والدوافع الَّتِي بعثته لوضع هَذَا الْكتاب وَمن هذَيْن الْجَانِبَيْنِ نستطيع أَن نُقِيم الْكتاب ومدى أهميته أَولا - مَنْهَج الْمُؤلف فِي عرض الْكتاب
ونستطيع أَن نحدد مَنْهَج الْمُؤلف فِي كِتَابه هَذَا بالنقاط التالية أَولا - عرض لتاريخ بَيت الْمُقَدّس يتَضَمَّن أَسمَاء هَذِه الْمَدِينَة وَابْتِدَاء بنائها وَمَا وَقع فِيهَا من الْأَخْبَار والإنباء حَتَّى عَام 900 هـ ثانياًَ - ذكر الانبياء وَالرسل الَّذين لَهُم أثر فِي هَذَا الْمَسْجِد حَتَّى رَسُول الإنسانية النَّبِي الْأَعْظَم مُحَمَّد (ص) وَمَا رافقته من أَحْدَاث هَامة بِالنِّسْبَةِ لهَذَا الْبَيْت الْمُقَدّس أَمْثَال الْإِسْرَاء وتحويل الْقبْلَة ثَالِثا - عرض لذكر الْخُلَفَاء والولاة الَّذين فتحُوا أَو أشادوا فِي هَذَا الْبَلَد من صدر الْإِسْلَام حَتَّى نِهَايَة التَّارِيخ المحدد للْكتاب وحوادث الإفرنج وحروبهم
رَابِعا - عرض لذكر أَعْيَان التَّابِعين وَالْعُلَمَاء والزهاد مِمَّن دخلُوا بَيت الْمُقَدّس سَوَاء كَانُوا زائرين أَو مستوطنين خَامِسًا - تَقْدِيم صُورَة موجزة عَن تَارِيخ مَدِينَة الْخَلِيل وَمَا حولهَا من الْمشَاهد والأماكن الْمعد للزيارة سادساً - تَرْجَمَة أَعْيَان مُلُوك الْإِسْلَام الَّذين توَلّوا الحكم فِي الْبَيْت الْمُقَدّس والخليل وَمَا فَعَلُوهُ من الْخيرَات وَالْمِيرَاث سابعاً - تَرْجَمَة عدد من أَعْيَان البلدتين من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَمن ولي فيهمَا المناصب الْحكمِيَّة والوظائف الدِّينِيَّة مضمناً هَذِه التراجم أهم الْحَوَادِث وَالْأَخْبَار الَّتِي ترافقها ثامناً - يخْتم الْكتاب بترجمة الْملك الْأَشْرَف أبي النَّصْر قايتباي وأهم مشاريعه الثقافية وَفِي مقدمتها مدرسته ثمَّ يتَعَرَّض لترجمة كَمَال الدّين أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن أبي شرِيف الشَّافِعِي - رَئِيس مشيختها - وَهُوَ أحد أساتذة الْمُؤلف - ولسنا مبالغين إِذا ادعينا أَن هَذَا الْكتاب بِهَذَا الْمنْهَج الضخم يكَاد يكون أوسع مؤلف كتب فِي تَارِيخ هَذِه الْمَدِينَة المقدسة سَوَاء من الْكتب الْخَاصَّة أَو المصادر التاريخية الْعَامَّة الَّتِي تناولت تَارِيخ هَاتين المدينتين خَاصَّة وَأَن الْمُؤلف هُوَ مِمَّن تِلْكَ الديار وَمِمَّنْ تثقف فِي أوساطها وعانى بؤسها وَنَعِيمهَا وتذوق حلوها ومرها لهَذَا كُله فَهُوَ أمكن من غَيره فِي إِعْطَاء الصُّور الْوَاضِح المعالم عَنْهَا وأقدر على استخلاص النتائج والحقائق من بَين ثنايا الْحَوَادِث وَالْأَخْبَار الَّتِي مر بهَا تَارِيخ البلدين وَقد جَاءَ هَذَا الْمنْهَج ياسلوب سهل وَعرض جميل بَعيدا عَن التَّكَلُّف والتعقيد مبوباً فِي أحسن تبويب
الأساليب والدوافع لوضع الْكتاب لَعَلَّ الْأَسْبَاب والدوافع الَّتِي تحدث عَنْهَا الْمُؤلف نَفسه فِي تأليف هَذَا الْكتاب معطياً هَذَا الْجَانِب الْهَام فَهُوَ يَقُول وَإِنَّمَا دَعَاني لذَلِك أَن غَالب بِلَاد الْإِسْلَام قد اعتنى بهَا الْحفاظ وَكَتَبُوا بتاريخها مِمَّا يُفِيد أَخْبَارهَا الْوَاقِع فِي الزَّمن السَّابِق وَبَيت الْمُقَدّس على شَيْء من ذَلِك الَّذِي يخْتَص بِهِ وَإِنَّمَا ذكرُوا فِي التواريخ أَشْيَاء فِي أَمَاكِن وَرَأَيْت الْأَنْفس متشوق إِلَى شَيْء من هَذَا النمط الَّذِي قصدت فعله الْعلمَاء كتب شَيْئا يتَعَلَّق بالفضائل فَقَط وَبَعْضهمْ تعرض لذكر الْفَتْح وعمار بني أُمِّي وَبَعْضهمْ ذكر الْفَتْح الصلاحي وَاقْتصر عَلَيْهِ وَلم يذكر بعده وَبَعْضهمْ كتب تَارِيخا تعرض فِيهِ لذكر بعض جماع من أَعْيَان مِمَّا لَيْسَ فِيهِ كَبِير فَائِدَة فَأَحْبَبْت ن أجمع بَين ذكر الْبناء والفضائل وتراجم الْأَعْيَان وَذكر بعض الْحَوَادِث الْمَشْهُور ليَكُون تَارِيخا كَامِلا سبحانه وتعالى المسؤول وَهُوَ المسؤول أَن يمن عَليّ بتيسير إِتْمَامه " (1) وَمَعَ ضخامة الْكتاب وتوسعه فِي تنوع مواضيعه فقد صرح الْمُؤلف كِتَابه بِأَنَّهُ كَانَ قد ابْتَدَأَ فِي جمعه فِي الْخَامِس عشر من شهر ذِي الْحَج 9 هـ وَفرغ من ترتبه وَجمعه فِي دون أَربع أشهر رغم الْعَوَارِض الَّتِي صرفت عَن الِاسْتِمْرَار فِي مشروعه مد شهر لم يكْتب فِيهَا شَيْئا (2)
(1) هَذَا الْكتاب 5 /
(2)
نفس الْمصدر 383 / 2
وَكَانَ من المنتظر أَن يكون الْكتاب بِهَذِهِ السرعة مرتجلاً خَفِيف الْوَزْن وَلكنه برغم ذَلِك كُله فَإِنَّهُ كتاب قيم ممتع يدل على سع إطلاع وَبعد فِي التَّارِيخ وَلذَا فَلَا نخشى إِن ادعينا أَنه من المصادر الْقيمَة فِي بَابه ويؤكد هَذَا الْمَعْنى مَا قَالَه بعض الْكتاب عَنهُ " وظني انه لم يصنف فِي مثله مثله وَلم يُوجد فِي بَابه نَظِيره "(1) وَرَغمَ أَن الْكتاب طبع مرّة وَاحِدَة فِي المطبعة الوهبية بِمصْر فِي عَام 1283 هـ فِي مجلدين عدد صفحاته 712 صفح بِقطع الْوسط فقد ترْجم إِلَى الفرنسي - نظرا لأهميته - قَامَ بترجمته الْأُسْتَاذ هنري سوفار وطبع فِي باريس عَام 1876 م (2) وصرحت بعض المصادر بِوُجُود نسخ مخطوط من هَذَا الْكتاب فِي أَكثر مكَاتب أوروبا وَكَذَلِكَ تُوجد مِنْهُ نسخ مخطوطة فِي دَار الْكتب المصرية تقع فِي 440 صفح (3) وَلَقَد مر عل طبع الْكتاب قرن وَاحِد وَنفذ من الْأَسْوَاق فِي ظرف هَذِه الْمَدّ الطَّوِيلَة لهَذَا فكر الْأَخ الْفَاضِل الشَّيْخ مُحَمَّد كاظم الكتبي أَن يُعِيد طبعه ثَانِي فِي سلسل مطبوعات (مكتبة الحيدرية) وبصورة بسيطة ليوفره لَدَى الْمُسلمين نظرا لما للْكتاب من أهمي خَاصَّة بِالنِّسْبَةِ لمدينة الْقُدس فِي الْوَقْت الْحَاضِر وَهِي تمر بِدُونِ خطير قد وضع الصهاينة الغاصبون يَد الاحتلال على معالم هَذِه الْمَدِينَة المقدسة فبلة الْمُسلمين الأولى ومهبط الْوَحْي ومثوى الْأَنْبِيَاء
(1) الْفَوَائِد البهية فِي تراجم الْحَنَفِيَّة 168 / هَامِش
(2)
مُعْجم المطبوعات 35 {3) تَارِيخ آدَاب اللُّغَة الْعَرَبيَّة 198 / 3
لقد شَاءَ الْأَخ الناشر أَن يُعِيد للأذهان الْمُسلم تَارِيخ هَذِه الْمَدِينَة المقدسة بطبعه هَذَا الْكتاب وتداوله بَين النَّاس ويشعر الضَّمِير الإنساني الْمُسلم بِأَن الْمُسلمين الَّذين يسكنون هَذِه الْبقْعَة الطاهرة هم الْآن يرزحون تَحت كابوس الاحتلال الصهيوني الغادر فَلَا بُد من أَن يَسْتَيْقِظ الْعَالم الإسلامي من غفوته وَيعْمل على محو الْعَار من عَاتِقه وَذَلِكَ بتحرير هَذِه البقع الطاهرة من برائن الْيَهُودِيَّة الَّتِي تضمر الحقد الْأسود لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمين من يَوْم " خَيْبَر " وَلَيْسَ من السهل عل أمة تشعر بالكرامة أَن تتناسى ماضيها الزَّاهِر وتتغاضى عَن مجدها الْعَظِيم وَهِي فِي قوتها وعزتها فلابد لَهَا من جَوْلَة حاسمة لتطهر الْمَدِينَة الْمُقَدّس من الأرجاس الصهاين لترابط حاضرها بماضيها وتتم سجل التَّارِيخ بِالدَّمِ والتضحية وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمد لله المتفضل على خلقه بِفَتْح أَبْوَاب الرَّحْمَة المحسن إِلَى أهل الْملَّة الحنيفية بترادف الْخَيْر وَالنعْمَة الَّذِي يسر لمن إختاره لنصرة دينه أَسبَاب علو الهمة وأنعم على عبيده سكان الْبَيْت الْمُقَدّس بِمَا منحهم من الْإِقَامَة بِهِ وكشف عَنْهُم الْغُمَّة أَحْمَده سُبْحَانَهُ على مَا من بِهِ علينا من الْمُجَاورَة لِلْمَسْجِدِ الشريف الْأَقْصَى وأشكره على مننه الَّتِي كثرت فَلَا تعد وَلَا تحصى وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الفعال لما يُرِيد وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي نصر بِهِ دينه وقمع بِهِ كل جَبَّار عنيد صلى الله وَسلم عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين أيد الله بهم الْإِسْلَام فمهدوا قَوَاعِد الدّين من بعده وَقَامُوا بنصرته أعظم قيام صَلَاة وَسلَامًا دائمين إِلَى أَن نَلْقَاهُ إِن شَاءَ الله بدار السَّلَام (أما بعد) فَهَذَا مُخْتَصر استخرت الله تَعَالَى فيجمعه وَسَأَلته المعونة لي بفضله فِي تَرْتِيب وَضعه يتَضَمَّن تَارِيخ الْبَيْت الْمُقَدّس الَّذِي هُوَ على التَّقْوَى مؤسس وقص السَّيِّد الْجَلِيل سيدنَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وأبنائه السَّادة الْكِرَام وَغَيرهم من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن لي أَن أجمعه من كتب الْمُتَقَدِّمين وأهذب الفاظه من فَوَائِد المؤرخين وَاذْكُر مَا يتَعَلَّق بِبَيْت الْمُقَدّس من ابْتِدَاء أمره وبنائه وَمَا وَقع من أخباره وأبنائه مِمَّن لدن آدم عَلَيْهِ السَّلَام
عصرنا هَذَا وَهُوَ آخر عَام تِسْعمائَة من هِجْرَة النَّبِي الْمُصْطَفى خير الْأَنَام وأضيف إِلَى ذَلِك نبذة مِمَّن الْحَوَادِث وَالْأَخْبَار وتراجم الْأَعْيَان على وَجه لاختصار فاستعنت بِاللَّه سُبْحَانَهُ فِيمَا قصدته وتوكلت عَلَيْهِ فِي تيسير مَا تصورته وشرعت فِي ذَلِك طَالبا من الله التَّوْفِيق والمن بالهداية لأَقوم طَرِيق فأذكر وَلَا نبذة يسيرَة من تَفْسِير أول سُورَة الْإِسْرَاء أَو أَسمَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَبَيت الْمُقَدّس وَمَا ورد من الْخلاف فِي ابْتِدَاء أمره ثمَّ اذكر أول مَا خلق الله سبحانه وتعالى من مخلوقاته إِلَى حِين خلق آدم ثمَّ اذكر سيدنَا آدم عليه السلام وَمن بعده من الْأَنْبِيَاء إِلَى سيدنَا إِبْرَاهِيم ونبذة يسيرَة من أخبارهم ثمَّ اذكر قصَّة سيدنَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام ومولده ونبوته نبذة من سيرته ومعجزاته وَأَوْلَاده الْكِرَام وهجرته وَبِنَاء الْكَعْبَة المشرفة وقصة لذبيح وَشِرَاء المغارة ووفاته وَبِنَاء السُّور السُّلَيْمَانِي الْمُحِيط بقبره وَكَونه صَار مَسْجِدا وذرعه طولا وعرضاً وَاذْكُر صفة الْمَسْجِد وَمَا هُوَ مُشْتَمل عَلَيْهِ وترتيب قُبُور الْأَنْبِيَاء عليهم السلام ثمَّ اذكر نبذة من أَخْبَار السماط الْكَرِيم ونظامه ثمَّ اذكر مَا بعد إِبْرَاهِيم من الْأَنْبِيَاء إِلَى سيدنَا مُوسَى وأخيه هَارُون عليهما السلام ثمَّ اذكر السَّبَب فِي ملك سيدنَا دَاوُد عليه السلام ونبذة يسيرَة من سيرته واهتمامه بِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف بِإِذن الله تَعَالَى ثمَّ أذكر عمَارَة سيدنَا سُلَيْمَان عليه السلام لمدينة الْقُدس وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَا كَانَ عَلَيْهِ من الصِّفَات والعجائب نبذة من سيرة سيدنَا سُلَيْمَان ثمَّ اذكر تخريبة على يَد بخت نصر وَالسَّبَب فِيهِ ثمَّ اذكر عِمَارَته الثَّانِيَة على يَد كورش ملك الْفرس وَاذْكُر من كَانَ من الْأَنْبِيَاء من بعد سيدنَا سُلَيْمَان إِلَى سيدنَا يُونُس عليهم السلام ثمَّ اذكر مولد سيدنَا زَكَرِيَّا وَيحيى وَعِيسَى بن مَرْيَم عليهم السلام ونزول الْمَائِدَة على عِيسَى وصعوده إِلَى السَّمَاء ونبذة من سيرته ثمَّ اذكر خراب بَيت الْمُقَدّس الثَّانِي على يَد طيطوش زَوَال دولة الْيَهُود ثمَّ اذكر عِمَارَته الثَّالِثَة
ثمَّ اذكر مولد سيد الْأَوَّلين والآخرين وحبِيب رب الْعَالمين ونبذة من سيرته الشَّرِيفَة وقصة الْمِعْرَاج وَمَا وَقع لَهُ لَيْلَة الْإِسْرَاء بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وهجرته وَبِنَاء مَسْجده الشريف وتحويل الْقبْلَة من صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام ونبذة من أخباره وغزواته ووفاته صلى الله عليه وسلم ثمَّ اذكر نبذة من فَضَائِل الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَا ورد فِيهِ ثمَّ اذكر الْفَتْح الْعمريّ الَّذِي يسره الله تَعَالَى على يَد أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وعمارته على يَدَيْهِ وَمن دخله من أَعْيَان الصَّحَابَة واستوطنه وَاذْكُر الْمهْدي الَّذِي يكون فِي آخر الزَّمَان بالقدس الشريف ثمَّ اذكر بِنَاء عبد الْملك بن مَرْوَان لقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَبِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَا وَقع فِي ذَلِك وَاذْكُر طرفا من أَخْبَار عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وَمَا وَقع لَهُ مَعَ الْحجَّاج بن يُوسُف بِأَمْر عبد الْملك وَهدم الْكَعْبَة وبناءها مرّة بعد أُخْرَى ونبذة من أَخْبَارهَا وذرع الْمَسْجِد الْحَرَام طولا وعرضاً وَعدد أبوابه ومنابره ثمَّ اذكر جمَاعَة من أَعْيَان التَّابِعين وَالْعُلَمَاء والزهاد مِمَّن دخل بَيت الْمُقَدّس زَائِرًا ومستوطناً قبل اسْتِيلَاء الإفرنج عَلَيْهِ ثمَّ اذكر تغلب الافرنج واستيلائهم على بَيت الْمُقَدّس بعد ذَلِك لضعف دولة الفاطمين وَسُوء تدبيرهم ثمَّ اذكر الْفَتْح الصلاحي الَّذِي يسره الله تَعَالَى على يَد السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب تغمده الله برحمته وَمَا وَقع لَهُ من الْغَزَوَات ونبذة من سيرته ووفاته ثمَّ اذكر مَا وَقع بعده من تَسْلِيم الْقُدس للإفرنج وانتزاعه مِنْهُم مرّة بعد أُخْرَى لوُقُوع الْخلف بَين مُلُوك بني أَيُّوب ثمَّ اذكر صفة الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَا هُوَ عَلَيْهِ فِي عصرنا وذرعه طولا وعرضا وَكَذَلِكَ صحن الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وارتفاع الْقبَّة ثمَّ اذكر غَالب مَا فِي بَيت الْمُقَدّس من الْمدَارِس والمشاهد مِمَّا هُوَ مجاور لسور الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَغَيره وَأَسْمَاء من عَرفته من الواقفين للمدارس وَمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من تواريخ أوقافهم ثمَّ أذكر مَا بِظَاهِر بَيت الْمُقَدّس من عين سلوان وَعين المقذوفات وبئر أَيُّوب وَطول زيتا وقبر مَرْيَم
والساهرة وَبَيت لحم ورملة فلسطين ولد وَغير ذَلِك ثمَّ أذكر نبذة من أَخْبَار مَدِينَة سيدنَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَمَا فِيهَا وَمَا حولهَا مِمَّا اشْتهر من الْمشَاهد والأماكن الْمَقْصُودَة للزيارة وأذكر لاقطاع التَّمِيمِي ثمَّ أذكر جمَاعَة من أَعْيَان مُلُوك الْإِسْلَام مِمَّن تولى على بَيت الْمُقَدّس وبلد سيدنَا الْخَلِيل عليه السلام وَفعل فيهمَا الْخَيْر من أَنْوَاع الْبر والعمارة ثمَّ أذكر مَا تيَسّر من أَعْيَان عُلَمَاء البلدتين من الْمذَاهب الْأَرْبَع وَمن ولى فيهمَا لمناصب الْحكمِيَّة والوظائف الدِّينِيَّة وَمن عرف مِنْهُم بالزهد وَالصَّلَاح وأذكر من تراجمهم نبذة مِمَّا اطَّلَعت عَلَيْهِ من الْحَوَادِث وَالْأَخْبَار مِمَّا لَا يَخْلُو من فَائِدَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ أختم الْكتاب بِذكر تَرْجَمَة ملك الْعَصْر وَالزَّمَان مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك لأشرف أَبُو النَّصْر قايتباي نَصره الله تَعَالَى وأذكر مدرسته الشَّرِيفَة الشَّرِيفَة وَأَنَّهَا من محَاسِن بَيت الْمُقَدّس لَا سِيمَا كَونهَا فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَهِي آخر مدرسة بنيت فِيهِ وَاذْكُر ابْتِدَاء ولَايَته السلطنة وأحوال بَيت الْمُقَدّس وأحوال بلد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فِي أَيَّامه وَاذْكُر سَبَب بِنَاء مدرسته وتولية مشيختها شيخ الْإِسْلَام الشَّيْخ كَمَال الدّين أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن أبي شرِيف الشَّافِعِي أدام الله نفع بِعُلُومِهِ وأذكر تَارِيخ مولده وَأَسْمَاء مصنفاته وَمَا تيَسّر من تَرْجَمته وإجتهد فِي إيجاز لفظ هَذَا الْكتاب حسب الْإِمْكَان طَالبا للاختصار (وسميته بالأنس الْجَلِيل بتاريخ الْقُدس والخليل) وَإِذا من الله بأكماله كَانَ تَارِيخا للقدس والخليل خَاصَّة ولغيرهما عَامَّة فَإِنَّهُ يكون فِيهِ تَارِيخ الْمَسَاجِد ثَلَاثَة وَغَيرهَا فالكعبة المشرفة ذكرهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذكر قصَّة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَمَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكره بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذكره الشريف غير ذَلِك من الْحَوَادِث بِالنِّسْبَةِ لارتباط الْأَخْبَار بَعْضهَا بِبَعْض وَحين عزمي على رَفعه لم أقصد ذَلِك وَإِنَّمَا قصدت ذكره مَا يتَعَلَّق بالقدس والخليل فَقَط فتأملت مَا قصدت مَعَه فَرَأَيْت الْحَال يتَطَرَّق إِلَى ذكر جَمِيع ذَلِك لأمور لَا يخفى على من تَأمل
على رؤسها فَاسْتَيْقَظَ النمرود من مَنَامه فَزعًا خَائفًا مَرْعُوبًا فَقص رُؤْيَاهُ على آزر فخاف آزر على نَفسه مِنْهُ وَقَالَ إِنَّمَا ذَلِك لِكَثْرَة عبادتي لَهَا وَكَانَ نمْرُود بليدا جَبَانًا فرضى بقول آزر وَسكت ثمَّ بدا لَهُ الدُّخُول إِلَى الْبَلَد فَلَمَّا دَخلهَا دخل آزر على الْأَصْنَام وَكَانَ هُوَ الْقيم لَهَا فَلَمَّا وَقع نظره عَلَيْهَا تساقطت عَن كراسيها فَسجدَ آزر حِين رأى ذَلِك وانطقها الله تَعَالَى وَقَالَت يَا آزر جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل ووافي نمروذ مَا كَانَ يحذرهُ فَدخل آزر بَيته وَكَانَ قد توهم فِي زَوجته إِنَّهَا حَامِل فَلَمَّا رَآهَا وَهِي نشطة سَأَلَهَا عَن حَالهَا فَقَالَت إِن الَّذِي كَانَ ببطني لم يكن ولدا وانما كَانَ ريحًا وَقد تصرف عني فصدقها على ذَلِك وَألقى الله تَعَالَى على نمروذ النسْيَان لامر إِبْرَاهِيم فَكَانَت أمه تتَوَجَّه إِلَى الْغَار فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام مرّة لترى حَال وَلَدهَا فتراه فِي احسن هَيْئَة فتوجهت إِلَيْهِ مرّة فرأت الوحوش والطيور على بَاب المغارة فخافت واضطربت وظنت أَن وَلَدهَا قد هلك فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ وجدته بِخَير وعافية وَهُوَ جَالس على فرَاش من السندس وَهُوَ مدهون مَكْحُول بِأَحْسَن حَال فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك مِنْهُ ازدادت فِيهِ محبَّة وعظمته وَعلمت ان لَهُ شانا عَظِيما وان لَهُ رَبًّا يَحْرُسهُ ويتولاه فَنَظَرت إِلَيْهِ فَوَجَدته يمص فِي أَصَابِعه فَوجدت يخرج لَهُ من إِصْبَع لبن وَمن إِصْبَع عسل وَمن إِصْبَع سمن وَمن إِصْبَع مَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَكَانَ يشب شبا لَا يشبه أحدا من الغلمان يَوْمه كالشهر وشهره كالسنة وَلم يمْكث فِي الْغَار سوى خَمْسَة عشر شهرا وَتكلم فَقَالَ لامه يَوْمًا يَا آماه من رَبِّي؟ قَالَت انا فَقَالَ لَهَا وَمن رَبك؟ فَقَالَت لَهُ أَبوك قَالَ فَمن رب أَبى؟ قَالَت نمروذ قَالَ فَمن رب نمروذ؟ فلطمته لطمة وَقَالَت لَهُ اسْكُتْ فَسكت وَرجعت إِلَى زَوجهَا وَقَالَت لَهُ يَا آزر أَرَأَيْت الْغُلَام الَّذِي يتحدث بِهِ انه يُغير دين أهل الأَرْض؟ قَالَ لَا قَالَت انه هُوَ ابْنك ثمَّ أخْبرته بأَمْره وبمكانه فاتاه أَبوهُ وَنَظره وَفَرح بِهِ وَقَالَ لَهُ أَنْت وَلَدي؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيم نعم يَا أَبَت ثمَّ قَالَ إِبْرَاهِيم يَا أبتاه من رَبِّي؟ قَالَ أمك قَالَ فَمن رب أُمِّي؟ قَالَ أَنا قَالَ فَمن رَبك؟ قَالَ نمروذ
وَالله يعلم إِنِّي لم أقصد بذلك الْفَخر وَلَا أَن يُقَال إِنِّي من جملَة المصنفين لعلمي بِحَقِيقَة حَالي فِي التَّقْصِير وَأَن بضاعتي فِي الْعلم مزجاة وَإِنَّمَا دَعَاني لذَلِك أَن غَالب بِلَاد الْإِسْلَام قد اعتنى بهَا الْحفاظ وَكَتَبُوا مَا يتَعَلَّق بتاريخها مِمَّا يُفِيد أَخْبَارهَا الْوَاقِعَة فِي الزَّمن السَّابِق وَبَيت الْمُقَدّس لم أطلع لَهُ على شَيْء من ذَلِك يخْتَص بِهِ وَإِنَّمَا ذكرُوا فِي التواريخ أَشْيَاء فِي أَمَاكِن مُتَفَرِّقَة وَرَأَيْت الْأَنْفس متشوقة إِلَى شَيْء من هَذَا النمط الَّذِي قصدت فعله فَإِن بعض الْعلمَاء كتب شَيْئا يتَعَلَّق بالفضائل فَقَط وَبَعْضهمْ تعرض لذكر الْفَتْح الْعمريّ وَعمارَة بني أُميَّة وَبَعْضهمْ ذكر الْفَتْح الصلاحي وَاقْتصر عَلَيْهِ وَلم يذكر مَا وَقع بعده وَبَعْضهمْ كتب تَارِيخا تعرض فِيهِ لذكر بعض جمَاعَة من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس مِمَّا لَيْسَ فِيهِ كَبِير فَائِدَة فَأَحْبَبْت أَن أجمع بَين ذكر الْبناء والفضائل والفتوحات وتراجم الْأَعْيَان وَذكر بعض الْحَوَادِث الْمَشْهُورَة ليَكُون تَارِيخا كَامِلا وَالله سبحانه وتعالى الْمَسْئُول وَهُوَ المأمول أَن يمن عَليّ بتيسير إِتْمَامه وكما وفقني لبدايته يُعِيننِي على إكماله وختامه وَأَن يَنْفَعنِي وَالْمُسْلِمين بِمَا فِيهِ أَنه قريب مُجيب وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب (نبذة يسيرَة من تَفْسِير أول سُورَة الْإِسْرَاء وَذكر أَسمَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى) قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز - بعد قَوْله تَعَالَى وَهُوَ أصدق الْقَائِلين - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الَّذِي باركنا حوله لنريه من آيَاتنَا أَنه هُوَ السَّمِيع الْبَصِير) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم سُبْحَانَ هِيَ تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن كل سوء وَوَصفه بِالْبَرَاءَةِ من كل نقص وَتَكون سُبْحَانَ بِمَعْنى التَّعَجُّب أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا أَي سيره وَالْعَبْد هُوَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لم يخْتَلف فِي ذَلِك أحد من الْأمة من الْمَسْجِد الْحَرَام يَعْنِي مَكَّة إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى هُوَ مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الَّذِي باركنا حوله يَعْنِي بالأنهار وَالْأَشْجَار والأثمار
قَالَ فَمن رب نمْرُود؟ فَلَطَمَهُ لطمة كَادَت ان تخرج عَيْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ اسْكُتْ وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (وَلَقَد آتَيْنَا إِبْرَاهِيم رشده من قبل وَكُنَّا بِهِ عَالمين) ثمَّ ان إِبْرَاهِيم قَالَ لامه يَوْمًا أخرجيني من الْغَار فَأَخْرَجته عشَاء فَلَمَّا خرج نظر وتفكر فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ثمَّ قَالَ ان الَّذِي خلقني وَرَزَقَنِي ويطعمني ويسقيني لرَبي مَا لي إِلَه غَيره ثمَّ نظر إِلَى السَّمَاء فَرَأى كواكبها وَرَأى كوكبا فَقَالَ هَذَا رَبِّي ثمَّ اتبعهُ بَصَره حَتَّى غَابَ وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ فَلَمَّا غَابَ قَالَ لَا احب الآفلين وَهَذَا يدل على كَمَال عقله وَعلمه إِذْ الآفل لَا يجوز أَن يكون إِلَهًا ثمَّ رأى الْقَمَر بازغا قَالَ هَذَا رَبِّي فَاتبعهُ بَصَره حَتَّى غَابَ فسئمه وَقَالَ ان لَا احب الآفلين وَرجع بفكره مُتَوَجها إِلَى ربه وَقَالَ (لَئِن لم يهدني رَبِّي لاكونن من الْقَوْم الضَّالّين) وَمعنى قَوْله صلى الله عليه وسلم لَئِن لم يهدني رَبِّي ان الْهِدَايَة والتوفيق بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ ثمَّ طلعت الشَّمْس فَقَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا اكبر فَلَمَّا افلت سئمها وَتوجه إِلَى ربه بقلب سليم وَوجه وَجهه للحق بِالصّدقِ وَالْيَقِين ونادى على قومه بالشرك الْمُبين (وَقَالَ يَا قوم إِنِّي بري مِمَّا تشركون إِنِّي وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين) فنقله الله تَعَالَى من علم الْيَقِين إِلَى عين الْيَقِين ثمَّ إِن أَبَاهُ ضمه إِلَيْهِ فشب شبَابًا حسنا وَلم يزل صلى الله عليه وسلم مُجملا فِي جَمِيع أَحْوَاله حَتَّى أكْرمه الله تَعَالَى بِمَا أكْرمه من الْآيَات الْبَينَات والكرامات الباهرات ثمَّ البسه خلعة الْخلَّة وَجعله من أولي الْعَزْم من الرُّسُل وَجعله أَبَا الْأَنْبِيَاء وتاج الأصفياء ونصرة أهل الأَرْض وَشرف أهل السَّمَاء وَكَانَ مولده عليه السلام بكوثا من إقليم بابل من ارْض الْعرَاق على ارجح الْأَقْوَال وَكَانَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم يصنع الْأَصْنَام ويغطيها لإِبْرَاهِيم لبيعها فَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقُول من يَشْتَرِي مَا يضرّهُ وَلَا يَنْفَعهُ فَلَا يَشْتَرِيهَا أحد فَإِذا بارت عَلَيْهِ ذهب بهَا إِلَى نهر فصوب فِيهِ رؤسها وَقَالَ لَهَا اشربي استهزاء بقَوْمه وَبِمَا هم فِيهِ من الضَّلَالَة حَتَّى فَشَا استهزاؤه بهَا فِي قومه وَأهل قريته فحاجه قومه فِي دينه فَقَالَ لَهُم
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه فِي قَوْله باركنا حوله فلسطين والأردن وَيَأْتِي ذكر فلسطين فِيمَا بعد أَن شَاءَ الله تَعَالَى وَأما الْأُرْدُن فَهُوَ نهر الشَّرِيعَة الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى (أَن الله مبتليكم منبهر) وَهُوَ بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَضم الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي قَوْله الَّذِي باركنا حوله يَعْنِي الشَّام وَالشَّام بالسُّرْيَانيَّة الطّيب سميت بذلك لطيبها وخصبها وَقيل باركنا حوله بمقابر الْأَنْبِيَاء وَقيل غير ذَلِك وَقيل سَمَّاهُ مُبَارَكًا لِأَنَّهُ مقرّ الْأَنْبِيَاء وقبلتهم ومهبط الْمَلَائِكَة وَالْوَحي وَفِيه يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَسمي الْأَقْصَى لبعد الْمسَافَة بَينه وَبَين الْمَسْجِد الْحَرَام وَقيل كَانَ هَذَا أبعد مَسْجِد عَن أهل مَكَّة فِي الأَرْض يعظم للزيارة مَكَّة فِي الأَرْض يعظم للزيارة وَقيل لبعده عَن الأقذار والخبائث وَرُوِيَ أَنه سمي الْأَقْصَى لِأَنَّهُ وسط الدُّنْيَا لَا يزِيد شَيْئا وَلَا ينقص وَقَوله تَعَالَى (والتين وَالزَّيْتُون وطور سِنِين وَهَذَا الْبَلَد الْأمين) رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ أقسم رَبنَا جل جلاله بأَرْبعَة أجبل فَقَالَ والتين وَالزَّيْتُون وطور سينين وَهَذَا الْبَلَد الْأمين قَالَ التِّين طور سيناء مَسْجِد دمشق وَالزَّيْتُون طور زيتا مَسْجِد بَيت الْقُدس وطور سينين حَيْثُ كلم الله مُوسَى عليه السلام وَهَذَا الْبَلَد الْأمين جبل مَكَّة وَمن أَسمَاء بَيت الْمُقَدّس أيليا بِهَمْزَة مَكْسُورَة ثمَّ يَاء آخر الْحُرُوف سَاكِنة ثمَّ لَام مَكْسُورَة ثمَّ يَاء آخر الْحُرُوف ثمَّ ألف ممدودة ككبرياء وَحكى فِيهَا الْقصر وَمَعْنَاهُ بَيت الله الْمُقَدّس وَبَيت الْمُقَدّس بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف أَي الْمَكَان المطهر من الذُّنُوب واشتقاقه من الْقُدس وَهِي الطَّهَارَة وَالْبركَة فَمَعْنَى بَيت الْمُقَدّس الْمَكَان الَّذِي يتَطَهَّر فِيهِ من الذُّنُوب وَيُقَال الْمُرْتَفع المنزه عَن الشّرك وَالْبَيْت الْمُقَدّس بِضَم الْمِيم وَفتح الدَّال الْمُشَدّدَة أَي المطهر وتطهيره إخلاؤه من الْأَصْنَام وَبَيت الْقُدس بِضَم الدَّال وسكونها لُغَتَانِ
أتحاجوني فِي الله وَقد هَدَانِي للتوحيد وَالْحق وَلَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ وَذَلِكَ انهم قَالُوا لَهُ احذر الْأَصْنَام فَأَنا نَخَاف إِن تمسك بِسوء من خبل أَو جُنُون لسبك إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُم لَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ إِلَّا إِن يَشَاء رَبِّي شَيْئا وسع رَبِّي كل شَيْء علما _ أَي أحَاط علمه بِكُل شَيْء _ أَفلا تتذكرون ثمَّ لما أَمر الله تَعَالَى إِبْرَاهِيم عليه السلام ان يَدْعُو قومه إِلَى التَّوْحِيد دَعَا أَبَاهُ فَلم يجبهُ ودعا قومه وَفَشَا أمره واتصلت أخباره بنمروذ وَهُوَ ملك تِلْكَ الْبِلَاد ثمَّ جَاهد إِبْرَاهِيم قومه بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا كَانُوا يعْبدُونَ واظهر دينه وَقَالَ (افرأيتم مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ انتم وإباؤكم الأقدمون فانهم عَدو لي إِلَّا رب العلمين) فَقَالُوا لَهُ فَمن تعبد أَنْت قَالَ رب الْعَالمين قَالُوا نَحن رَبنَا نمروذ قَالَ (أَنا عبد الله الَّذِي خلقني فَهُوَ يهديني وَالَّذِي هُوَ يطعمني ويسقيني وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفيني وَالَّذِي يميتني ثمَّ يحييني وَالَّذِي اطمع ان يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين رب هَب لي حكما والحقني بالصالحين وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين واجعلني من وَرَثَة جنَّة النَّعيم واغفر لأبى انه كَانَ من الضالمين وَلَا تخزني يَوْم يبعثون يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم) قَالَ فَفَشَا ذَلِك الْخَبَر فِي النَّاس حَتَّى بلغ النمروذ فَدَعَاهُ إِلَيْهِ وَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم أرايت الْملك الَّذِي بَعثك وَتَدْعُو النَّاس إِلَى عِبَادَته وتذكر عَظِيم قدرته مَا هُوَ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم هُوَ رَبِّي الَّذِي يحيي وَيُمِيت فَقَالَ نمروذ أَنا احيي وأميت قَالَ إِبْرَاهِيم كَيفَ تحيي وتميت قَالَ اخذ رجلَيْنِ قد استوجبا الْقَتْل فِي حكمي فَاقْتُلْ أَحدهمَا فاكون قد أمته ثمَّ أعفو عَن الْأُخَر فَاتْرُكْهُ فاكون قد أحييته قَالَ فانتقل إِبْرَاهِيم إِلَى حجَّة أُخْرَى اعجز فان حجَّته كَانَت لَازِمَة لانه أَرَادَ بِالْإِحْيَاءِ أَحيَاء الْمَيِّت فَكَانَ لَهُ ان يَقُول فاحي من أمت إِن كنت صَادِقا فانتقل إِلَى حجَّة أخري أوضح من الأولي (فَقَالَ إِبْرَاهِيم إِن الله ياتي بالشمس من الْمشرق فَاتَ بهَا من الْمغرب فبهت الَّذِي كفر) أَي تحير واندهش وانقطعت حجَّته
وَمن أَسمَاء بَيت الْمُقَدّس ورشلم بشين مُعْجمَة وَتَشْديد اللَّام ويروى بِالْمُهْمَلَةِ وَكسر اللَّام ويروى شلم وَمَعْنَاهُ بالعبرانية بَيت السَّلَام وصهيون بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَيُقَال لمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الزَّيْتُون وَلَا يُقَال لَهُ الْحرم وَقد اخْتلف فِي أول من بنى مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس قبل دَاوُد عليه السلام فروى بعض الْعلمَاء أَن أول من بناه الْمَلَائِكَة بِأَمْر الله تَعَالَى وَيُقَال أَن الَّذِي بناه إسْرَافيل عليه السلام وَقد روى المحدثون عَن أبي ذَر رضي الله عنه أَنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي مَسْجِد وضع فِي الأَرْض أَولا؟ قَالَ الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ قلت ثمَّ أَي؟ قَالَ الْمَسْجِد الْأَقْصَى قلت كم بَينهمَا؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سنة ثمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكتك الصَّلَاة فصل فَإِن الْفضل فِيهِ وَقد روى أَن الْمَلَائِكَة بنوا الْمَسْجِد الْحَرَام قبل خلق آدم بألفي عَام فَكَانُوا يحجونه قَالَ الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ يجوز أَن يكون بناه يَعْنِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الْمَلَائِكَة بعد بنائها الْبَيْت الْمَعْمُور بِإِذن الله تَعَالَى وَظَاهر الحَدِيث يدل على ذَلِك وَالله أعلم وَمن الْعلمَاء من قَالَ بني مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس آدم عليه السلام وَمِنْهُم من قَالَ أسسه سَام بن نوح عليهما السلام وَمِنْهُم من قَالَ أول من بناه وَأرى مَوْضِعه يَعْقُوب بن إِسْحَاق عليهما السلام روى أَن أَبَاهُ إِسْحَاق أمره أَن لَا ينْكح امْرَأَة من الكنعانيين وَأمره أَن ينْكح من بَنَات خَاله فَلَمَّا توجه إِلَى خَاله لينكح ابْنَته أدْركهُ اللَّيْل فِي بعض الطَّرِيق فَبَاتَ متوسداً حجرا فَرَأى فِيمَا يرى النَّائِم أَن سلما مَنْصُوبًا إِلَى بَاب من أَبْوَاب السَّمَاء وَالْمَلَائِكَة تعرج فِيهِ وتنزل فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَقد وَرثتك هَذِه الأَرْض المقدسة وذريتك من بعْدك ثمَّ أَنا مَعَك أحفظك حَتَّى أدْرك إِلَى هَذَا الْمَكَان فأجعله بَيْتا تعبدني فِيهِ فَهُوَ بَيت الْمُقَدّس وَقد تَأَول بعض الْعلمَاء معنى الحَدِيث الشريف الْوَارِد أَن بِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ بعد بِنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام بِأَرْبَعِينَ سنة على أَن المُرَاد بِهِ بِنَاء يَعْقُوب عليه السلام لمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس بعد بِنَاء إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام الْكَعْبَة الشَّرِيفَة وَالله أعلم
وَلما أَرَادَ إِبْرَاهِيم عليه السلام ان يرى قومه ضعف الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وَضعف الْأَصْنَام الَّتِي كَانُوا يعبدونها من دون الله تَعَالَى وعجزها إلزاما للحجة عَلَيْهِم فَجعل ينْتَظر لذَلِك فرْصَة إِلَى أَن حضر عيد لَهُم وَكَانَ لَهُم فِي كل سنة عيد يخرجُون إِلَيْهِ ويجتمعون فِيهِ وَكَانُوا إِذا رجعُوا من عيدهم دخلُوا على الْأَصْنَام فيسجدون لَهَا ثمَّ يعودون إِلَى مَنَازِلهمْ فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْعِيد قَالَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم لإِبْرَاهِيم لَو خرجت مَعنا إِلَى عيدنا لأعجبك ديننَا فَخرج مَعَهم فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق ألْقى نَفسه وَقَالَ اني سقيم فَقعدَ ومضوا وَهُوَ صريع فَلَمَّا مضوا نَادَى فِي أخرهم وَقد بَقِي ضعفاء النَّاس _ (تالله لاكيدن أصنامكم بعد إِن توَلّوا مُدبرين) فَسَمِعُوا كَلَامه ثمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى بَيت الْآلهَة فَإِذا هم قد جعلُوا طَعَاما فوضعوه بَين أَيدي الْآلهَة وَقَالُوا إِذا رَجعْنَا تكون قد باركت الْآلهَة فِي طعامنا فنأكله فَلَمَّا نظر إِبْرَاهِيم عليه السلام إِلَى الْأَصْنَام والى مَا بَين أَيْديهم من الطَّعَام قَالَ لَهُم _ على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء _ (أَلا تَأْكُلُونَ) ؟ فَلم يجبهُ أحد مِنْهُم فَقَالَ لَهُم (مالكم لَا تنطقون فرَاغ عَلَيْهِم ضربا بِالْيَمِينِ) وَجعل يكسرهم بفاس فِي يَده حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا الصَّنَم الْكَبِير فعلق الفاس فِي عُنُقه ثمَّ خرج فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فجعلهم جذاذاً إِلَّا كَبِيرا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يرجعُونَ) فَلَمَّا رَجَعَ الْقَوْم من عيدهم إِلَى بَيت آلهتم وَرَأَوا أصنامهم جذاذا إِلَّا كَبِيرا لَهُم (قَالُوا من فعل هَذَا بآلهتنا انه لمن الظَّالِمين) _ أَي الْمُجْرمين _ قَالَ الَّذين سمعُوا كَلَام إِبْرَاهِيم _ حَيْثُ قَالَ وتالله لَا كيدن أصنامكم بعد إِن توَلّوا مُدبرين _ سمعنَا فَتى يذكرهم يعيبهم ويسبهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم وَهُوَ الَّذِي نظن انه فعل هَذَا بآلهتنا فَبلغ ذَلِك نمروذ الْجَبَّار وأشراف قومه قَالُوا (فَأتوا بِهِ على أعين النَّاس _ أَي ظَاهرا _ لَعَلَّهُم يشْهدُونَ) عَلَيْهِ انه الَّذِي فعله كَرهُوا ان يأخذوه بِغَيْر بَيِّنَة فَلَمَّا أَتَوا بِهِ (قَالُوا أَأَنْت فعلت هَذَا بآلهتنا يَا إِبْرَاهِيم قَالَ بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا)
والْحَدِيث الشريف الْمُتَقَدّم وَهَذِه الْأَقْوَال تدل على أَن بِنَاء دَاوُد وَسليمَان عليهما السلام إِيَّاه لما كَانَ على أساس قديم لَا إنَّهُمَا المؤسسان لَهُ بل هما مجددان وكل قَول الْأَقْوَال الْوَارِدَة فِي بِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى لَا يُنَافِي الآخر فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون الْمَلَائِكَة أَولا ثمَّ جدده آدم عليه السلام ثمَّ سَام بن نوح عليهما السلام ثمَّ يَعْقُوب بن إِسْحَاق عليهما السلام ثمَّ دَاوُد وَسليمَان عليهما السلام فَإِن كل نَبِي مِنْهُم بَينه وَبَين الآخر مُدَّة أَن يجدد فِيهَا الْبناء الْمُتَقَدّم قبله وَالْقَوْل بِأَن سَام نوح أسسه ظَاهر فَإِن سَام بن نوح هُوَ الَّذِي اختط مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس وبناها وَكَانَ ملكا عَلَيْهَا فَلَا يبعد أَن يكون فِي الْمَسْجِد حِين بنائِهِ الْمَدِينَة وَلَكِن يحمل على تجديده للْبِنَاء الْقَدِيم لَا تأسيسه وَالله اعْلَم وَأما مَدِينَة الْقُدس فَكَانَت أرْضهَا فِي ابْتِدَاء الزَّمَان صحراء بَين أَوديَة وجبال خَالِيَة لَا بِنَاء فِيهَا وَلَا عمَارَة فَأول من بناها واختطها سَام بن نوح عليهما السلام وَكَانَ ملكا عَلَيْهَا وَكَانَ يلقب مليكيصادق بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَكسر الْكَاف وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تحتهَا وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَبعدهَا ألف ثمَّ دَال مُهْملَة مَكْسُورَة فِيهَا قَاف وَمَعْنَاهُ بالعبرانية ملك الصدْق وَمِمَّا حُكيَ فِي أَمر بِنَاء الْقُدس فِي تواريخ الْأُمَم السالفة أَن مليكيصادق نزل فِي بَيت الْمُقَدّس وقطن بكهف من جبالها يتعبد فِيهِ واشتهر أمره حَتَّى بلغ مُلُوك الأَرْض من هم بِالْقربِ من أَرض بَيت الْمُقَدّس وبالشام وسدوم وَغَيرهمَا وعدتهم اثْنَا عشر فَحَضَرُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ وسمعوا كَلَامه اعتقدوه وأحبوه حبا شَدِيدا ودفعوا مَالا ليعمر بِهِ مَدِينَة الْقُدس فاختطها وعمرها وَسميت بروشليم وَتقدم أَن مَعْنَاهُ عمرانية بَيت السَّلَام فَلَمَّا انْتَهَت عمارتها اتّفقت الْمُلُوك كلهم أَن يكون مليكيصادق عَلَيْهَا وكنوه بِأبي الْمُلُوك وَكَانُوا بأجمعهم تَحت طَاعَته وَاسْتمرّ حَتَّى مَاتَ بهَا يَأْتِي ذكر مولده ووفاته عِنْد ذكر وَالِده نوح ان شَاءَ الله تَعَالَى وَلما بنيت مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس كَانَ مَحل الْمَسْجِد فِي وَسطهَا وَهُوَ صَعِيد وَاحِد صَخْرَة الشَّرِيفَة قَائِمَة فِي وَسطه حَتَّى بناه دَاوُد ثمَّ سُلَيْمَان كَمَا سنذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى
غضب من ان تعبدوا مَعَه هَؤُلَاءِ الصغار وَهُوَ اكبر مِنْهُم فكسرهم وَأَرَادَ إِبْرَاهِيم عليه السلام بذلك إِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِم فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فاسألوهم إِن كَانُوا ينطقون) حَتَّى يخبروا من فعل بهم ذَلِك روى أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لم يكذب إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم إِلَّا ثَلَاث كاذبات ثِنْتَانِ مِنْهُنَّ فِي ذَات الله عز وجل قَوْله اني سقيم وَقَوله بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا وَقَوله لسارة هَذِه أُخْتِي وَلَيْسَ هَذَا من بَاب الْكَذِب الْحَقِيقِيّ الَّذِي يذم فَاعله وانما إِطْلَاق الْكَذِب عَليّ هَذَا تجوز وَيجوز ان يكون الله تَعَالَى قد أذن لَهُ فِي ذَلِك لقصد الصّلاح وتوبخهم والاحتجاج عليم كَمَا إِذن ليوسف عليه السلام حَيْثُ أَمر مناديه فَقَالَ لاخوته (أيتها العير إِنَّكُم لسارقون) وَلم يَكُونُوا سرقوا فَرَجَعُوا الى أنفسهم أَي تَفَكَّرُوا بقلوبهم وَرَجَعُوا الى عُقُولهمْ فَقَالُوا مَا نرَاهُ إِلَّا كَمَا قَالَ إِنَّكُم انتم الظَّالِمُونَ يَعْنِي بعبادتكم من لَا يتَكَلَّم ثمَّ نكسوا على رُؤْسهمْ أَي ردوا الى الْكفْر بعد ان اقروا على أنفسهم بالظلم (وَقَالُوا لقد علمت مَا هَؤُلَاءِ ينطقون) فَكيف نسألهم؟ فَلَمَّا اتجهت الْحجَّة عَلَيْهِم لإِبْرَاهِيم عليه السلام قَالَ (أفتعبدون من دون الله مَالا ينفعكم شَيْئا) ان عبد تموه وَلَا يضركم ان تركْتُم عِبَادَته (أُفٍّ لكم _ أَي نَتنًا لكم وقذرا لكم _ وَلما تَعْبدُونَ من دون الله أَفلا تعقلون) فَلَمَّا لزمتهم الْحجَّة وعجزوا عَن الْجَواب (قَالُوا احرقوه وانصروا آلِهَتكُم إِن كُنْتُم فاعلين) أَي ان كُنْتُم ناصرين لَهَا فَلَمَّا جمع نمروذ قومه لإحراق إِبْرَاهِيم حبسوه فِي بَيت وبنوا بنيانا كالحضيرة قيل طوله فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وَعرضه عشرُون ذِرَاعا وملؤه من الْحَطب وأوقدوا فِيهِ النَّار ليطرحوه فِيهِ فَلم يطيقوا لشدَّة حر النَّار ان يقربوها وَلَا علمُوا كَيفَ يلقوه فِيهَا فجَاء إِبْلِيس وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه ثمَّ عَمدُوا إِلَى إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فَرَفَعُوهُ عل رَأس الْبُنيان وقيدوه ثمَّ وضعوه فِي المنجنيق