المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(نوبة رأس الماء) - الأنس الجليل - جـ ١

[مجير الدين العليمي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة التحقيق]

- ‌(ذكر أول مَا خلق الله سبحانه وتعالى

- ‌(خلق الله السَّمَاوَات وسكانها وَصفَة الْمَلَائِكَة وَخلق الشَّمْس وَالْقَمَر)

- ‌((ذكر شِرَاء المغارة))

- ‌(ذكر فضل سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَفضل زيارته)

- ‌(فصل فِي حكم السُّور السُّلَيْمَانِي)

- ‌(ذكر إِسْحَاق عليه السلام

- ‌(ذكر سيدنَا مُوسَى الكليم عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم)

- ‌(قصَّة القبطي)

- ‌(قصَّة أَرض مَدين)

- ‌(قصَّة النّيل)

- ‌(ذكر قصَّة الرُّؤْيَة)

- ‌(طلسم الْحَيَّات)

- ‌(فَقَالَت وأوتينا الْعلم)

- ‌(نزُول الْمَائِدَة)

- ‌(ذكر عمَارَة بَيت الْمُقَدّس الشريف الْمرة الثَّالِثَة)

- ‌(ذكر سيد الْأَوَّلين والآخرين وَخَاتم الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ)

- ‌(ذكر بِنَاء الْمَسْجِد الشريف النَّبَوِيّ)

- ‌(حج أَبى بكر الصّديق رضي الله عنه بِالنَّاسِ)

- ‌(ذكر بِنَاء عبد الْملك بن مَرْوَان لقبه الصَّخْرَة الشَّرِيفَة)

- ‌(فتح الناصرة وصفورية)

- ‌(فتح تبين)

- ‌(فتح جبيل)

- ‌(فتح بَيت الْمُقَدّس)

- ‌(ذكر يَوْم الْفَتْح)

- ‌(فتح حصن دريساك)

- ‌(ذكر نسَاء الإفرنج)

- ‌(ذكر الْكَبْش وحريقه)

- ‌(نوبَة رَأس المَاء)

- ‌(وُصُول ملك الانكثير)

- ‌(وقْعَة الكمين)

- ‌(وُصُول الإبرنس صَاحب إنطاكية)

- ‌(وَفَاة الْخَلِيفَة النَّاصِر الَّذِي فتح الْقُدس فِي أَيَّامه)

الفصل: ‌(نوبة رأس الماء)

(نوبَة رَأس المَاء)

وَلما ضَاقَ بالإفرنج الْأَمر تشاوروا وعزموا عل المصادمة فَخَرجُوا فِي عدد كثير وَذَلِكَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر شَوَّال بعد أَن رتبوا عل الْبَلَد من يحصرها وَكَانَ اليزك عل تل الصياصة وَنزل الْعَدو تِلْكَ اللَّيْلَة واتصل خبرهم بالسلطان فَرَحل الثّقل وَبَقِي النَّاس على جرائد الْخَيل وَسَار الْعَدو يَوْم الثُّلَاثَاء والعساكر فِي أحسن أهبة وامتد الْجَيْش فِي الميمنة إِلَى الْجَبَل وَفِي الميسرة إِلَى النَّهر بِقرب الْبَحْر وَالسُّلْطَان فِي الْقلب فَسَار حَتَّى وقف عل تل عِنْد الخروبة وَحَوله أَوْلَاده وَأَخُوهُ وخواص امرائه وأمراء الْقَبَائِل من الأكراد وَسَار الإفرنج شَرْقي النَّهر مواجهين حَتَّى وصلوا إِلَى رَأس النَّهر فانقلبوا الغربية ونزلوا التل بَينه وَبَين الْبَحْر وَالسُّلْطَان فِي خيمة لَطِيفَة يُشَاهد الْقَوْم وَأصْبح الإفرنج يَوْم الْأَرْبَعَاء راكبين إِلَى صحوة النَّهَار والمسلمون قد قربوا مِنْهُم فأحس الإفرنج بالخذلان فساورا وولوا مُدبرين فَتَبِعهُمْ عَسْكَر الْإِسْلَام ورموهم بِالسِّهَامِ وهم مجتمعون فِي سيرهم وَكلما صرع مِنْهُم قَتِيل حملوه ودفنوه حَتَّى لَا يظْهر للْمُسلمين كسرهم ونزلوا لَيْلَة الْخَمِيس فَقطعُوا الجسر وَأَصْبحُوا بكرَة الْخَمِيس وَقد دخلُوا إِلَى مخيمهم فَعَاد السُّلْطَان إِلَى مَحَله وَكَانَ مَعَ مَعَ الإفرنج الخارجين المركيس والكندهرى وَأقَام مللك الالمان على عكا (وقْعَة الكمين) اقْتضى رَأْي السُّلْطَان أَن يرتب كميناً لِلْعَدو فَجمع يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِي وَالْعِشْرين من شَوَّال رِجَاله وأبطاله وانتخت مِنْهُم من عرف بالشجاعة وامرعهم أَن يكمنوا على سَاحل الْبَحْر فَمَضَوْا وكمنوا لَيْلَة السبت وَخرجت مِنْهُم عدَّة يسيرَة بعد الصَّباح

ص: 369

ودنوا من الإفرنج فطمعوا فيهم وحملوا عَلَيْهِم وطردوهم فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ أمامهم حَتَّى وقفُوا على الكمين فَخَرجُوا عَلَيْهِم فَلم يَسْتَطِيع فَارس مِنْهُم أَن يفر فَقتل معظمهم وَوَقع فِي الْأسر خَازِن الْملك وعدة من الافرنسيسية ومقدمهم وَجَاء الْخَبَر للسُّلْطَان فَركب بِمن مَعَه ووقف عل تل كيسَان وَشَاهد النَّصْر وجاءه مماليكه بالأسر وَترك السُّلْطَان الأسلاب والخيول لآخذيها وَكَانَت الْأَمْوَال عَظِيمَة وَجلسَ السُّلْطَان فِي خيمته وَحَوله جنده وأنصاره وأحضر الْأسر بَين يَدَيْهِ وأحس وأطعمهم وألبسهم وألبس الْمُقدم الْكَبِير فروته الْخَاصَّة وَأذن لَهُم أَن يَسِيرُوا غلمانهم لإحضار مَا يُرِيدُونَ ثمَّ جهزهم إِلَى دمشق للاعتقال (ذكر غير ذَلِك من الْحَوَادِث) ثمَّ هجم الشتَاء فصرف السلطتان الْعَسْكَر للاستراحة إِلَى الرّبيع وَأقَام هُوَ على الْجِهَاد ثمَّ نقل الإفرنج سفنهم خوفًا عَلَيْهَا إِلَى صور وأخلوا سَاحل عكا وَأقَام الْملك الْعَادِل عل الْبَحْر فوصل يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي ذِي الْحجَّة من مصر سَبْعَة مراكب فِيهَا الْغلَّة فَخرج أهل الْبَلَد لمشاهدتها والمساعدة فِي نقلهَا فَعلم الإفرنج بِخُرُوج أهل الْبَلَد إِلَى جَانب الْبَحْر فزحفوا زحفاً شَدِيدا وَأَحَاطُوا بعكا وَأتوا بسلالم فنصبوها عل السُّور وتزاحموا على الطُّلُوع فِي سلم وتصادموا فاندف بهم السّلم فتساقطوا فتداركهم الْمُسلمُونَ وفتكوا فيهم وَقتلُوا مِنْهُم جمَاعَة وردوهم عل أَعْقَابهم فَلَمَّا اشْتغل النَّاس بأمرهم تركُوا المراكب وَمَا فِيهَا من الغلال فهاج الْبَحْر فَكسرت المراكب وَتلف مَا فِيهَا وغرق مَا كَانَ فِيهَا من الْأَمْتِعَة وَهلك بهَا زهاء سِتِّينَ نفسا وَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير وَفِي لَيْلَة السبت سَابِع ذِي الْحجَّة وَقعت قِطْعَة عَظِيمَة من سور عكا فهدمت مِنْهُ جانباً فبادر الإفرنج طَمَعا فِي الهجوم فجَاء أهل الْبَلَد وصدوهم حَتَّى عمر الْهدم وجرح من الْعَدو خلق كثير كل ذَلِك بهمة بهاء الدّين قراقوش

ص: 370

وَفِي ثَالِث عشر ذِي الْحجَّة هلك ابْن ملك الألمان فَحصل الوهن فِي الإفرنج بِمَوْتِهِ وَهلك مِنْهُم عدد كثير وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ عشري ذِي الْحَج عَاد المستأمنون من الإفرنج الَّذين انهضهم السُّلْطَان ليغزوا فِي الْبَحْر ويكونوا جواسيس فَرَجَعُوا وَقد غنموا أَشْيَاء كثير فوهبهم السُّلْطَان ذَلِك وَلم يتَعَرَّض لشَيْء مِنْهَا فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك أسلم مِنْهُم شطرهم وَفِي الرَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْحَج أَخذ من الإفرنج مركوسين فيهمَا نَيف وَخَمْسُونَ نَفرا وَفِي الْخَامِس وَالْعِشْرين مِنْهُ أَخذ أَيْضا مركوساً فِيهِ جمَاعَة من أَعْيَان الإفرنج وَمَعَهُمْ ملوطة مكللة بِاللُّؤْلُؤِ بأزرار من جَوْهَر قيل إِنَّهَا من ثِيَاب ملك الألمان وَأسر فِيهِ رجل كَبِير قيل إِنَّه ابْن أَخِيه وأستشهد فِي هَذِه السّنة جمَاعَة بعكا مِمَّن الْأُمَرَاء وَدخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة والشتاء مَوْجُود والمسلمون مَعَ الْكفَّار فِي وقعات وَفِي أول لَيْلَة من شهر ربيع الأول خرج الْمُسلمُونَ عل الْعَدو فكبسوه فِي مخيمه وأسروا من الإفرنج وَقتلُوا وعادوا سَالِمين وَمَعَهُمْ اثْنَتَا عشرَة امْرَأَة فِي السَّبي وَفِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث الشَّهْر الْمَذْكُور ثار الْحَرْب بَين الْمُسلمين وَالْكفَّار فنصر الله الْمُسلمين وَهلك من الإفرنج خلق كثير وَقتل مِنْهُم مقدم كَبِير وَلم يفقد من الْمُسلمين إِلَّا خَادِم صَغِير وَكَمن الْمُسلمُونَ كمائن وَوصل إِلَى السُّلْطَان من بيروت خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ أَسِيرًا من الإفرنج وَقدم عل السُّلْطَان جمَاعَة من عَسْكَر الْإِسْلَام (وُصُول ملك الافرنسيس - وأسمه فليب - لنجدة الإفرنج بعكا) وَفِي ثَانِي عشر ربيع الأول يَوْم السبت وصل ملك الإفرنسيس إِلَى الإفرنج فِي عدد قَلِيل وَمن النَّوَادِر إِنَّه كَانَ مَعَ هَذَا الْملك بازي أَشهب ففارقه يَوْم وُصُوله وطار وَوَقع عل سور عكا فأمسكه الْمُسلمُونَ وأحضروه للسُّلْطَان فسر بذلك وبذل الْملك فِيهِ ألف دِينَار فَمَا أُجِيب

ص: 371

وَمِمَّا وَقع إِنَّه كَانَ المستأمنون إِلَيْنَا من الإفرنج تسلموا مرا كيس يغزون فِيهَا ووصلوا إِلَى نَاحيَة من جَزِيرَة قبرص يَوْم عيدهم وَقد اجْتَمعُوا فِي كَنِيسَة فصلوا مَعَهم وَأَغْلقُوا بَاب الْكَنِيسَة وَأسرُوهُمْ بأسرهم وسبوهم وَأخذُوا جَمِيع مَا فِي الْكَنِيسَة وحملوهم إِلَى اللاذقية وَبَاعُوا بهَا كل مَا أَخَذُوهُ وَمن جملَته سبع وَعِشْرُونَ امْرَأَة سَبَايَا وصبيان فَبَاعُوهَا واقتسموا أثمانها وَفِي سادس عشري ربيع الآخر هجم جمَاعَة مِمَّن الْعَسْكَر وَأخذُوا قطيعاً من غنم الإفرنج وخالطوهم فِي خيامهم وَركب الإفرنج بأسرهم فِي أَثَرهم فَلم يظفروا بهم وَفِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع جُمَادَى الأول زحف الْعَدو إِلَى الْبَلَد وَكَاد يَأْخُذهَا فاستنفروا العساكر فَأصْبح السُّلْطَان وَركب وسير من كشف حَال الْعَدو وَهل لَهُم كمين فَكلما شَاهد الإفرنج عَسْكَر الْمُسلمين قد أقبل تركُوا الزَّحْف وتأخروا فَإِذا عَاد عَادوا (قصَّة الرَّضِيع) كَانَ لصوص الْمُسلمين فِي اللَّيْل استلبوا طفْلا من الإفرنج من يَد أمه لَهُ ثَلَاثَة أشهر فَخرجت والدته وآلهة عَلَيْهِ فَلم يشْعر السُّلْطَان إِلَّا وَهِي بِبَابِهِ واقفة فأحضرها السُّلْطَان وَهِي باكية فَأَخْبَرته الْخَبَر فَطلب الرَّضِيع فَقيل لَهُ إِن من أَخذه بَاعه بِثمن بخس فَمَا زَالَ يبْحَث عَنهُ حَتَّى جِيءَ بِهِ فِي قماطه وَدفعه لامه وشيع مَعهَا من أوصلها إِلَى مَكَانهَا وَمَا رد الطِّفْل إِلَّا بعد مَا اشْتَرَاهُ مِمَّن هُوَ فِي يَده بِثمن يرضيه رحمه الله عَلَيْهِ (انْتِقَال السُّلْطَان إِلَى تل الصياصة) لما صر الإفرنج عل مضايقة عكا انْتقل السُّلْطَان إِلَى تل الصياصة بعساكره وأثقاله وَاشْتَدَّ الْحَرْب بَينه وَبَين الْكفَّار فِي كل وَقت وضاق الْأَمر عل من عكا وَجرى فُصُول وحروب يطول شرحها

ص: 372