الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل فِي حكم السُّور السُّلَيْمَانِي)
وَهُوَ الْبناء الْمَنْسُوب لسيدنا سُلَيْمَان عليه السلام الْمُحِيط بِقَبْر سيدنَا إِبْرَاهِيم عليه السلام قد صَار مَسْجِدا وَثَبت لَهُ أَحْكَام الْمَسَاجِد وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنه إِنَّه قَالَ إِن آدم عليه السلام رَأسه عِنْد الصَّخْرَة الشريف وَرجلَاهُ عِنْد مَسْجِد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه السلام فَسَماهُ مَسْجِدا وَفِي رِوَايَة أَن قَبره فِي مغارة بَيت الْمُقَدّس ومسجداً إِبْرَاهِيم الْخَلِيل رِجْلَاهُ عِنْد الصَّخْرَة وَرَأسه عِنْد مَسْجِد إِبْرَاهِيم عليه السلام وَإِذا كَانَ مَسْجِدا جَازَ الدُّخُول إِلَيْهِ وَسَماهُ السُّبْكِيّ وَكتب بِخَطِّهِ فِي آخر جُزْء حَدِيث يُسمى تحفة أهل الحَدِيث فِي سَمَاعه عل الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري وَذكر جمَاعَة سَمِعُوهُ مَعَه بِالْحرم ثمَّ قَالَ وَصَحَّ وَثَبت فِي يَوْم السبت ثامن عشر صفر سنة ثَمَان وَسَبْعمائة بحرم الْخَلِيل عليه السلام وَأطلق عل المشهد الْمَذْكُور حرما وَكَلَامه صَرِيح فِي إِنَّه دخله هُوَ وَالشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري والسامعون مَعَه فَدلَّ عل جَوَاز دُخُوله وَعمل النَّاس الْيَوْم عل دُخُوله وزيارتهم للقبور الشَّرِيفَة وَالْوُقُوف عِنْد لإشارات الَّتِي عَلَيْهَا وَصَلَاة الْجَمَاعَة وَالْجَمَاعَات هُنَاكَ فَإِنَّهُ بني بِهِ محراب شرِيف وَوضع إِلَى جَانِبه مِنْبَر وَقد مُضِيّ على ذَلِك أزمنة متطاول وَالْعُلَمَاء وأئمة الْإِسْلَام مطلعون عل ذَلِك وَقد اقره الْخُلَفَاء وملوك الْإِسْلَام وَلم يُنكره مُنكر فَصَارَ كالإجماع وَإِذا تقرر هَذَا ثبتَتْ لَهُ أَحْكَام الْمَسَاجِد من جَوَاز الِاعْتِكَاف فِيهِ وَتَحْرِيم الْمكْث عل الْحَائِض وَالْجنب فِيهِ وَفعل التَّحِيَّة وَلَا يُقَال إِنَّه مَقْبرَة فَإِن الْأَنْبِيَاء الَّذين فِيهِ صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِم أَحيَاء فِي قُبُورهم وَأما النِّسَاء فعلى خلاف فِيهِ وَالله أعلم (ذكر ذرعه طولا وعرضاً) وَهَذَا الْمقَام الْكَرِيم الَّذِي هُوَ دَاخل السُّور السُّلَيْمَانِي طوله فِي سعته قبْلَة بشمال من صدر الْمِحْرَاب الَّذِي عِنْد الْمِنْبَر إِلَى صدر المشهد الَّذِي بِهِ ضريح سيدنَا يَعْقُوب عَلَيْهِ
السَّلَام ثَمَانُون ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل ينقص يَسِيرا نَحْو نصف ذِرَاع أَو ثُلثي ذِرَاع تَقْرِيبًا وَعرضه شرقاً بغرب من السُّور الَّذِي بِهِ بَاب الدُّخُول إِلَى صدر الرواق الغربي الَّذِي بِهِ شباك يتَوَصَّل مِنْهُ إِلَى ضريح سيدنَا يُوسُف عليه السلام أحد وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَيزِيد على ذَلِك يَسِيرا نَحْو ثلث ذراعه أَو نصف ذِرَاع تَقْرِيبًا بِذِرَاع الْعَمَل الْمَذْكُور وَهُوَ الذِّرَاع الَّذِي تذرع بِهِ الأنبية فِي عصرنا هَذَا وسمك السُّور ثَلَاثَة أَذْرع وَنصف من كل جَانب وعدة مداميكة فِي الْبناء خَمْسَة عشر مدماكا من أعل الْأَمَاكِن وَهُوَ الَّذِي عِنْد بَاب القلعة من جِهَة الغرب إِلَى الْقبْلَة وارتفاع الْبناء عَن الأَرْض من الْمَكَان الْمَذْكُور سِتّ وَعِشْرُونَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل غير الْبناء الرُّومِي الَّذِي فَوق السُّلَيْمَانِي وَمن جمل الْأَحْجَار بِالْبِنَاءِ السُّلَيْمَانِي حجر عِنْد مَكَان الطبلخانه طوله أحد عشر ذِرَاعا بِالْعَمَلِ وَعرض كل مدماك من الْبناء السُّلَيْمَانِي نَحْو ذِرَاع وثلثي ذِرَاع بالعملي وعل الصُّور الْمَذْكُور منارتان إِحْدَاهمَا من جِهَة الشرق مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَالثَّانِي من الغرب مِمَّا يَلِي الشمَال وبناؤهما فِي غَايَة اللطف وَأما صفة الْبناء الْمَوْجُود بداخل السُّور على مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي عصرنا وَقد صَار مَسْجِد كَمَا تقدم القَوْل فه فَهُوَ يشْتَمل عل بِنَاء مَعْقُود من دَاخل السُّور على نَحْو النّصْف من جِهَة الْقبْلَة إِلَى جِهَة الشمَال وَالْبناء من عهد الرّوم وَهُوَ ثَلَاثَة أكوار الْأَوْسَط مِنْهَا مُرْتَفع عَن الكورين الملاصقين لَهُ من جِهَة الْمشرق وَالْمغْرب والسقف مُرْتَفع على أَرْبَعَة أسوار محكمَة الْبناء وبصدر هَذَا الْبناء الْمَعْقُود تَحت الكور الْأَعْلَى الْمِحْرَاب وَإِلَى جَانِبه الْمِنْبَر وَهُوَ من الْخشب فِي غَايَة الإتقان وَالْحسن وَهَذَا الْمِنْبَر عمل فِي زمن الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي تَمِيم معد الفاطمي خَليفَة مصر بِأَمْر بدر الجمالي مُدبر دولته برسم مشْهد عسقلان الَّذِي زعمت الفاطمية أَن بِهِ رَأس الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهما وَكَانَ عمل الْمِنْبَر فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَعَلِيهِ تَارِيخ عمله مَكْتُوب بالكوفي وَالظَّاهِر إِن الَّذِي نَقله وَوَضعه بِمَسْجِد الْخَلِيل عليه السلام الْملك النَّاصِر
صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب رحمه الله لما هدم عسقلان وَهَذَا الْمِنْبَر وجود إِلَى عصرنا هَذَا ويقابل ذَلِك دكة المؤذنين عل عمد من رُخَام فِي غَايَة الْحسن والرخام مستدير عل حيطان الْمَسْجِد من الْجِهَات الْأَرْبَع وَهُوَ من عمَارَة تنكر نَائِب الشَّام فِي سلطنة الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة والقبور الشَّرِيفَة بداخل السُّور مِنْهَا تَحت الْبناء الْمَذْكُور قبر سيدنَا إِسْحَاق عليه السلام إِلَى جَانب السارية الَّتِي عِنْد الْمِنْبَر ويقابله قبر زَوجته ربقة إِلَى جَانب الساري الشرقية وَهَذَا الْبناء لَهُ ثَلَاثَة أَبْوَاب تَنْتَهِي إِلَى صحن الْمَسْجِد أَحدهمَا وَهُوَ الْأَوْسَط يَنْتَهِي إِلَى الحضرة الشَّرِيفَة الخليلية وَهُوَ مَكَان مَعْقُود والرخام مستدير عل حيطانه الْأَرْبَعَة وَبِه إِلَى جِهَة الغرب الْحُجْرَة الشَّرِيفَة الَّتِي بداخلها الْقَبْر الْمَنْسُوب لسيدنا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ويقابله من جِهَة الشرق قبر زَوجته سارة وَالْبَاب الثَّانِي من جِهَة الشرق عِنْد بَاب السُّور السليمان يخلف قبر سارة وَالْبَاب الثَّالِث من جِهَة الغرب خلف قبر إِبْرَاهِيم عليه السلام وَإِلَى جَانب محراب الْمَالِكِيَّة وَيَنْتَهِي هَذَا الْبَاب إِلَى الرواق وَفتح هَذَا الْبَاب وَعمر محراب الْمَالِكِيَّة الْأَمِير شهَاب الدّين اليغموري نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة فِي دولة الْملك الظَّاهِر برقوق وَفتح الشباك بالسور السُّلَيْمَانِي المتوصل مِنْهُ إِلَى مقَام السَّيِّد يُوسُف الصّديق وَعمر الاورقة مَكَان القلال الَّتِي كَانَت هُنَاكَ ورتب قِرَاءَة سبع وشيخاً لقِرَاءَة البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الْأَشْهر الثَّلَاثَة وَذَلِكَ فِي شهر رَمَضَان سنّ سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وبأخر الساحة الَّتِي بداخل السُّور السُّلَيْمَانِي من جِهَة الشمَال الضريح الْمَنْسُوب لسيدنا يَعْقُوب وَهُوَ من جِهَة الغرب بحذاء قبر إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليه السلام ويقابله مكن جِهَة الشرق قبر زَوجته ليقا وصحن الْمَسْجِد المكشوف تَحت السَّمَاء بَين مقَام الْخَلِيل ومقام يَعْقُوب عليهما السلام والقباب المبنية عل الأضرحة المنسوبة للخليل وَزَوجته سارة وَيَعْقُوب وَزَوجته ليقا أخْبرت إِنَّهَا من بِنَاء بني أُميَّة وَجَمِيع الأَرْض الَّتِي بداخل السُّور مِمَّا هُوَ تَحت
الأسقف وبالساحة السماوية مفروشة بالبلاط السُّلَيْمَانِي الَّذِي رُؤْيَته من الْعَجَائِب لكبره وهيئته وبجوار قبر الْخَلِيل عليه السلام من دَاخل الْبناء الْمَعْقُود سفل الأَرْض مغارة تعرف بالسرادب بداخلها بَاب لطيف يَنْتَهِي إِلَى الْمِنْبَر وَقد نزل إِلَيْهِ بعض الخدام من مُدَّة قريبَة نَحْو السّنة لسَبَب أوجب ذَلِك وَهُوَ إِن شخصا معتوه من الْفُقَرَاء سقط فِيهِ فَنزل إِلَيْهِ جمَاعَة من الخدام ودخلوا من هَذَا الْبَاب فَانْتهى بهم الْحَال إِلَى الْمِنْبَر تَحت الْقبَّة الَّتِي عل عمد الرخام بجوار بَيت الخطابة وَأَخْبرنِي الَّذِي نزل أَنه عاين سلما من حجر عدته خَمْسَة عشر دَرَجَة مَبْنِيّ عِنْد آخر هَذَا المغارة من جِهَة الْقبْلَة وَقد سد بِالْبِنَاءِ من آخِره فَالظَّاهِر إِن هَذَا الْبَاب كَانَ عِنْد الْمِنْبَر مِنْهُ يتَوَصَّل إِلَى السراداب وبظاهر السُّور السُّور السُّلَيْمَانِي من جِهَة الشرق مَسْجِد فِي غَايَة الْحسن وَبَين السُّور السُّلَيْمَانِي وَهَذَا الْمَسْجِد الدهليز وَهُوَ مَعْقُود مستطيل عَلَيْهِ الآبهة وَالْوَقار وَالَّذِي عمر هَذَا الدهليز وَالْمَسْجِد الْأَمِير أَبُو سعيد سنجر الجاولي نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين ونائب السلطنة فَعرف هَذَا الْمَسْجِد بالجاولية وَهُوَ من الْعَجَائِب قطع فِي جبل وَيُقَال إِنَّه كَانَ مَقْبرَة يهود عل هَذَا الْجَبَل فَقَطعه الجاولي وجوفه وَبنى السّقف عَلَيْهِ الْقبَّة وَهُوَ مُرْتَفع عل اثْنَي عشر سَارِيَة قَائِمَة فيوسطه وقرش أَرض الْمَسْجِد حيطانه وسوارية بالرخام وَعمل شبابيك حَدِيد على آخِره من جِهَة الغرب وَهَذَا لمَسْجِد طوله من البلة بشام ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَعرضه شرقاً بغرب خَمْسَة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل وَكَانَ الِابْتِدَاء فِي عمَارَة هَذَا الْمَسْجِد فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْ عشرَة وانتهت الْعِمَارَة فِي ربيع الآخر سنة عشْرين وَسَبْعمائة فِي دولة الْملك نَاصِر مُحَمَّد بن قلاوون ومكتوب فِي حَائِطه أَن سنجر عمر ذَلِك من خَالص مَاله وَلم ينْفق شَيْئا من مَال الْحَرَمَيْنِ الشريفين وبجوار الْمَسْجِد الجاولي من جِهَة الْقبْلَة المطبخ الَّذِي يعْمل فِيهِ الدشيشة