الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ذكر إِسْحَاق عليه السلام
هُوَ إِسْحَاق بن خَلِيل النَّبِي بن النَّبِي بن النَّبِيين صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَأمه سارة حملت بِهِ فِي اللَّيْلَة الَّتِي خسف الله تَعَالَى بِقوم لوط وولدته وَلها من الْعُمر تسعون سنة وَمن وَلَده الرّوم واليونان والأرمن وَمن يجْرِي مجراهم وَبَنُو إِسْرَائِيل وَكَانَ إِبْرَاهِيم عليه السلام يضيف من نزل بِهِ وَقد أوسع الله تعال عَلَيْهِ وَبسط لَهُ الرزق وَالْمَال والخدم وَلما أَرَادَ الله تَعَالَى هَلَاك قوم لوط أَمر رسله من الْمَلَائِكَة إِن ينزلُوا بإبراهيم ويبشروه هُوَ وَسَارة بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب فَلَمَّا نزلُوا على إِبْرَاهِيم عليه السلام كَانَ الضَّيْف قد حبس عَنهُ خَمْسَة عشر يَوْمًا حَتَّى شقّ ذَلِك عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَأْكُل إِلَّا مَعَ الضَّيْف مَا أمكنه فَلَمَّا رَآهُمْ عل صُورَة الرِّجَال سر بهم وَرَأى أضيافاً لم يضفه مثلهم حسنا وجمالاً فَقَالَ لَا يخْدم هَؤُلَاءِ الْقَوْم إِلَّا أَنا فَخرج إِلَى أَهله فجَاء بعجل سمين حِينَئِذٍ وَهُوَ المشوي بِالْحِجَارَةِ فَلَمَّا رأى أَيْديهم لَا تصل إِلَيْهِ - أَي الْعجل - نكرهم وأوجس مِنْهُم خُفْيَة وَذَلِكَ إِنَّهُم كَانُوا إِذا نزل بهم ضيف وَلم يَأْكُل من طعامهم ظنُّوا إِنَّه لم يَأْتِيهم بِخَير وَإِنَّمَا جَاءَهُم بشر قَالُوا لَا تخف يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا مَلَائِكَة الله تَعَالَى أرسلنَا إِلَى قوم لوط وَكَانَت امْرَأَته سارة قَائِمَة من وَرَاء السّتْر تسمع كَلَامهم وَإِبْرَاهِيم جَالس مَعَهم فَضَحكت لزوَال الْخَوْف عَنْهُمَا قَالُوا لإِبْرَاهِيم لَا تخف وَقيل ضحِكت بالبشارة وَقَالَ ابْن عَبَّاس ووهب ضحِكت تَعَجبا من أَن يكون لَهَا ولد على كبر سنّهَا وَسن زَوجهَا وعل هَذَا القَوْل تكون الْآيَة عل التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير تَقْدِيره (وَامْرَأَته قَائِمَة فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب فَضَحكت وَقَالَت يَا ويلتي أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا) وَكَانَ سنّ إِبْرَاهِيم عليه السلام مائَة وَعشْرين سنة فِي قَول ابْن إِسْحَاق (إِن لشَيْء عَجِيب قَالُوا - يَعْنِي الْمَلَائِكَة - أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله
رَحمَه الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد) وَسَنذكر مَا تلكم بِهِ إِبْرَاهِيم عليه السلام مَعَ الْمَلَائِكَة فِي أَمر قوم لوط عِنْد ذكره عليه السلام ثمَّ أَن إِسْحَاق عليه السلام تزوج بنت عَمه ربقة بنت تنويل - وكتان إِسْحَاق ضريراً - وَولدت لَهُ الْعيص وَيَعْقُوب وَلم يمت إِبْرَاهِيم عليه السلام حَتَّى بعث الله إِسْحَاق عليه السلام إِلَى أَرض الشَّام وَبعث يَعْقُوب إِلَى أَرض كنعان وَإِسْمَاعِيل إِلَى جرهم ولوطاً إِلَى سدوم فَكَانُوا كلهم أَنْبيَاء عل عهد إِبْرَاهِيم صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وعاش إِسْحَاق مائَة وَثَمَانِينَ سنة وَمَات بِالْأَرْضِ المقدسة وَدفن عِنْد أَبِيه إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليهما السلام (ذكر سيدنَا يَعْقُوب عليه السلام هُوَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم النَّبِي بن النَّبِي ابْن أبي الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَهُوَ الَّذِي يُسمى إِسْرَائِيل قيل مَعْنَاهُ صفو الله وَهُوَ أَخُو الْعيص وَسمي يَعْقُوب لِأَنَّهُ كَانَ هُوَ والعيص توأمين فَخرج من بطن أمه آخِذا بعقب أَخِيه الْعيص قيل وَفِيه نظر لِأَن هَذَا الِاشْتِقَاق عَرَبِيّ وَيَعْقُوب اسْم أعجمي وَكَانَ مولده بعد مُضِيّ سِتِّينَ سنة من عمر أَبِيه إِسْحَاق ورزق يَعْقُوب من زَوجته ليا روبيل وَهُوَ أكبر أَوْلَاده ثمَّ شَمْعُون ولاوي ويهوذا ثمَّ تزوج أُخْتهَا راحيل فرزق مِنْهَا يُوسُف عليه السلام وبنيامين وَولد لَهُ من سريتين سِتَّة أَوْلَاد فَكَانَ بَنو يَعْقُوب اثْنَتَيْ عشر رجلا وهم الأسباط لاثني عشر وهم روبيل وشمعون ولاوي ويهوذا ويساخر وزبلون ويوسف وبنيامين ودان ونفتالى وَكَاد واشر وسمعوا الأسباط لِأَنَّهُ ولد لكل مِنْهُم جمَاعَة وعاش لاوي بن يَعْقُوب مائَة
وَثَلَاثِينَ سنة وَولد لَهُ فاهت وعاش مائَة وَسبعا وَعشْرين سنة ثمَّ ولد لفاهت وعاش مائَة وستاً وَثَلَاثِينَ سنة ثمَّ ولد لعمران مُوسَى عليه السلام وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وعاش يَعْقُوب مائَة وَسبعا وَأَرْبَعين سنة وَمَات بِمصْر وَأوصى أَن يحمل إِلَى المقدسة ويدفن عِنْد أَبِيه وجده فَحَمله أبنه يُوسُف وَدَفنه عِنْدهمَا وَسَنذكر فِي قصَّة وَلَده يُوسُف إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَتقدم ذكر الْخلاف فِي أَن يَعْقُوب أول من بنى مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس وأر بِوَحْي من الله تَعَالَى وَتقدم لفظ الْأَثر الْوَارِد فِي ذَلِك وَنقل بِلَفْظ آخر تقدم وَهُوَ أَن وَالِده إِسْحَاق أوص إِلَيْهِ أَن لَا ينْكح امْرَأَة من الكنعانيين ونكح من بَنَات خَالَة - وَكَانَ مسكن يَعْقُوب الْقُدس - فَتوجه إِلَى خَاله فِي اللَّيْل فِي الطَّرِيق فَبَاتَ متوسداً حجرا فَرَأى فِيمَا يرى النَّائِم إِن سلما صاعداً إِلَى بَاب من أَبْوَاب السَّمَاء عِنْد رَأسه وَالْمَلَائِكَة تنزل عَلَيْهِ وتعرج مِنْهُ فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ إِنِّي إلهك وإله آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَقد هَذِه الأَرْض المقدسة لَك ولذريتك من بعْدك وباركت فِيك وَفِيهِمْ وَجعلت كتاب وَالْحكم والنبوة ثمَّ أَنا مَعَك أحفظك حَتَّى أردك إِلَى هَذَا الْمَكَان بَيْتا تعبدني فِيهِ أَنْت وذريتك وَقد حكى الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد هَذَا الْأَثر والأثر الْمُتَقَدّم قبله وَلَيْسَ فِي أَحدهمَا وَفِي الآخر سوى اخْتِلَاف فِي بعض اللَّفْظ (ذكر يُوسُف عليه السلام هُوَ يُوسُف الصّديق بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فَهُوَ نَبِي الله بن ابْن نَبِي الله وخليله صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ ولد يُوسُف عليه السلام لما كَانَ ليعقوب من الْعُمر إِحْدَى وَتسْعُونَ سنة
وَلما صَار ليوسف ثَمَانِيَة عشر سنة كَانَ فِرَاقه ليعقوب وبقيا مُتَفَرّقين إِحْدَى وَعشْرين سنة ثمَّ أجتمع يَعْقُوب بِيُوسُف فِي مصر وليعقوب من الْعُمر مائَة وَثَلَاثُونَ سنة وبقيا مُجْتَمعين سَبْعَة سنة وَقيل غير ذَلِك وَسبب فِرَاق يُوسُف عَن أَبِيه حسد أخوته فألقوه فِي الْجب كَمَا أخبر الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز وَاخْتلف فِي الْجب فَقَالَ قَتَادَة هُوَ بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ وهب فِي أَرض الْأُرْدُن وَقَالَ مقَاتل هُوَ عل ثَلَاثَة فراسخ من منزل أَبِيه يَعْقُوب وَكَانَ بالجب مَاء وَبِه صَخْرَة فأوى إِلَيْهَا وَأقَام بالجب ثَلَاثَة أَيَّام فمرت بِهِ السيارة فأخرجوه وأخذوه فجَاء أَخُوهُ يهوذا بِطَعَام غل الْجب ليوسف فَلم يجده فِي الْجب وَرَآهُ عِنْد تِلْكَ السيارة فَأخْبر يهوذا بَقِيَّة أخوته بذلك فَأتوا إِلَى السيارة وَقَالُوا هَذَا عَبدنَا أبق منا فاشتروه من أخوته بِثمن بخس قيل عشرُون درهما قيل أَرْبَعُونَ درهما ثمَّ ذَهَبُوا إِلَى مصر فباعوه لأستاذهم الَّذِي خَزَائِن مصر واسْمه الْعَزِيز وَكَانَ فِرْعَوْن مصر حِين ذَلِك الريان بن الْوَلِيد رجلا من العماليق والعماليق هم ولد عملاق بن سَام بن نوح فهويته امْرَأَته راعيل وراودته عَن نَفسهَا فَأبى وهرب فلحقته وأمسكته بِقَمِيصِهِ فانقد وَوصل أَمرهمَا غل زَوجهَا الْعَزِيز وَابْن عَمها بتحقيق وَبَيَان وَظهر لَهما بَرَاءَة يُوسُف ثمَّ بعد ذَلِك مَا زَالَت تَشْكُو إِلَى زَوجهَا وَتقول لَهُ إِنَّه يَقُول للنَّاس إِنِّي راودته عَن نَفسه وفضحني فحبسه زَوجهَا سبع سِنِين ثمَّ أخرجه فِرْعَوْن مصر بِسَبَب تَعْبِير الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا ثمَّ مَاتَ الْعَزِيز جعل فِرْعَوْن مصر مَوْضِعه يُوسُف عل خزائنه وَجعل الْقَضَاء إِلَيْهِ ثمَّ دَعَا يُوسُف الريان فِرْعَوْن مصر إِلَى الْإِيمَان فأمن بِهِ وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن مَاتَ الريان فِرْعَوْن مصر وملكها وَملك مصر بعده قَابُوس بن مُصعب من العمالقة أَيْضا وَلم يُؤمن وَكَانَ يُوسُف إِذا سَار فِي أَزِقَّة مصر يتلألأ نوره على الجدران وَكَانَ
عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّه أَبيض اللَّوْن حسن الْوَجْه جعد الشّعْر ضخم الْعَينَيْنِ مستوى غليظ الساعدين والعضدين والساقين اقني الْأنف صَغِير السُّرَّة بخده الْأَيْمن وَكَانَ ذَلِك الْخَال يزين وَجهه وَبَين عَيْنَيْهِ شامة تزيده حسنا وجمالاً كَأَنَّهُ الْبَدْر وَكَانَ إِذا تَبَسم رَأَيْت النُّور من ضواحكه وَإِذا تكلم رَأَيْت نور يثور من بَين ثناياه صل الله عَلَيْهِ وَسلم وصل إِلَى يُوسُف أَبوهُ يَعْقُوب واخوته جَمِيعهم من كنعان وَهِي أَرض وَقد ذكر الله تَعَالَى قصَّته فِي الْقُرْآن مبسوطة مفصلة وَمَات يَعْقُوب وَأوصى وَلَده أَن يدفنه عِنْد أَبِيه إِسْحَاق فَسَار بِهِ إِلَى حبرون وَدَفنه عِنْد أَبِيه وقبره بحذاء الْخَلِيل عليه السلام من جِهَة الشمَال وَهُوَ مَشْهُور كَانَ عمر يُوسُف لما توفّي وَالِده يَعْقُوب سِتا وَخمسين سنة وَلما دَفنه عَاد وعاش يُوسُف مائَة وَعشْرين سنة وَبَينه وَبَين سيدنَا مُوسَى عليه السلام سنة وَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل أَربع مَرَّات وَتُوفِّي بِمصْر وَدفن بهَا حَتَّى كَانَ مُوسَى عليه السلام وَفرْعَوْن وَمَا سَار مُوسَى من مصر ببني إِسْرَائِيل إِلَى النِّيَّة نبش على يُوسُف وَحمله مَعَه حَتَّى مَاتَ مُوسَى فَلَمَّا قدم يُوشَع بن نون ببني إِسْرَائِيل إِلَى الشَّام دَفنه فِي نابلس وَقيل عِنْد الْخَلِيل وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد النَّاس فَإِن قَبره عِنْد ممر مَشْهُور وَقد استفاض عِنْد النَّاس فَلم يُنكر رُوِيَ أَن الله تَعَالَى أُوحِي إِلَى مُوسَى عليه السلام إِن أحمل يُوسُف إِلَى عِنْد آبَائِهِ فَلم يدر أَيْن هُوَ فَسَأَلَ نَبِي إِسْرَائِيل فَلم يعرف أحد مِنْهُم فَقَالَ لَهُ شيخ - عمره ثَلَاثمِائَة سنة - يَا نَبِي الله مَا يعرف قبر يُوسُف إِلَّا فَقَالَ لَهُ مُوسَى عليه السلام قُم معي إِلَى أمك قَامَ مَعَه إِلَى منزله فدخلا الْمنزل وَأَتَاهُ بقفة وفيهَا والدته فَقَالَ لَهَا مُوسَى " ع " بِقَبْر يُوسُف؟ قَالَت نعم قَالَ فدلني عَلَيْهِ قَالَت أدلك على قَبره
بِشَرْط أَن تَدْعُو الله أَن يرد على شَبَابِي إِلَى سَبْعَة عشر سنة وَأَن يزِيد لي فِي عمري مثل مَا مض قَالَ فَدَعَا فَقَالَ لَهَا مُوسَى عليه السلام كم عِشْت؟ فَقَالَت تِسْعمائَة سنة فَعَاشَتْ ألفا وَثَمَانمِائَة سنة وأرت مُوسَى عليه السلام قبر يُوسُف " ع " وَكَانَ فِي وسط نيل مصر فِي صندوق من رُخَام وَذَلِكَ إِنَّه لما مَاتَ تشاجر عَلَيْهِ النَّاس وكل أَرَادَ أَن يدْفن فِي محلته لما يَرْجُو من بركته عليه السلام فَاخْتلف رَأْيهمْ فِي ذَلِك حَتَّى أَرَادوا أَن يقتتلوا فَرَأَوْا أَن يدْفن فِي النّيل ليمر عَلَيْهِ المَاء فتصل بركته إِلَى جَمِيع مصر وَمَا حولهَا فيكونون كلهم فِي بركته مشتركين فَفَعَلُوا ذَلِك وَلما علم مَكَانَهُ أخرجه وَهُوَ فِي التابوت وَحمله عل عجل من حَدِيد إِلَى بَيت الْمُقَدّس وقبره فِي البقيع خلف الحير السُّلَيْمَانِي حذاء قبر يَعْقُوب وَجوَار جديه إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق عليهما السلام وَعَن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الخليجي إِنَّه لما سَأَلته جَارِيَة المقتدر - وَكَانَت تعرف بالعجوز وَكَانَت مُقِيمَة بِبَيْت الْمُقَدّس - الْخُرُوج إِلَى مَوضِع الَّذِي رُوِيَ أَن قبر يُوسُف فِيهِ إِظْهَاره وَالْبناء عَلَيْهِ قَالَ فَخرجت والعمال معي فكشف البقيع الَّذِي رُوِيَ إِنَّه فِيهِ خَارج الحير حذاء قبر أَبِيه يَعْقُوب عليهما السلام قَالَ فَاشْترى البقيع من صَاحبه وَأخذ فِي كشفه فَخرج فِي الْموضع الَّذِي رُوِيَ إِنَّه فِيهِ حجر عَظِيم فَأمر بكسره فَكسر مِنْهُ قِطْعَة قَالَ وَكنت مَعَهم فِي الْحفر فَلَمَّا شالوا الْقطعَة من الْحجر وَإِذا هُوَ يُوسُف عليه السلام على الصّفة بحسنه وجماله وَصَارَت رَوَائِح الْموضع مسكاً ثمَّ جَاءَ ريح عَظِيم فأطبق الْعمَّال الْحجر على مَا كَانَ سَابِقًا ثمَّ بني عَلَيْهِ الْقبَّة الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ الْآن عل صِحَة من رُؤْيَته صلى الله عليه وسلم وَهُوَ خَارج السُّور السُّلَيْمَانِي من جِهَة الغرب بداخل مدرسة منسوبة للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر حسن وتمسى الْآن بالقلعة وَيدخل إِلَيْهِ من عِنْد بَاب الْمَسْجِد الَّذِي عِنْد السُّوق تجاه عين الطواشي وَهُوَ مَوضِع مأنوس وَفِيه الضريح ثمَّ أَن بعض النظار عل وقف سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَهُوَ
شهَاب الدّين أَحْمد اليغموري فتح بَابا فِي السُّور السُّلَيْمَانِي من جِهَة الغرب بحذاء الْقَبْر الْمَنْسُوب لسيدنا يُوسُف الصّديق عليه السلام وَجعل فَوق الْقَبْر السفلي إِشَارَة تدل عَلَيْهِ كَبَقِيَّة الأضرحة الكائنة بِمَسْجِد سيدنَا الْخَلِيل عليه السلام وَذَلِكَ فِي سلطنة السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر برقوق وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه إِنَّه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن الْكَرِيم بن الْكَرِيم يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَلَو لَبِثت فِي السجْن مَا لبث يُوسُف ثمَّ جَاءَنِي الدَّاعِي لأجبته وَسُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أكْرم النَّاس؟ قَالَ أَتْقَاهُم لله فَقَالُوا لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك قَالَ فَأكْرم النَّاس يُوسُف الصّديق نَبِي الله بن نَبِي الله بن نَبِي الله بن خَلِيل الله فَهَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء الْأَرْبَعَة وهم إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وَولده إِسْحَاق وَولده يَعْقُوب وَولده يُوسُف قُبُورهم فِي مَحل وَاحِد وَعَلَيْهِم من الْوَقار والجلال مَا لَا يكَاد يُوصف صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ (ذكر لوط عليه السلام هُوَ لوط بن أخي إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عليهما السلام وَاسم أَبِيه هاران بن آزر قَالَ الثَّعْلَبِيّ وَإِنَّمَا سمي لوطاً لِأَن حبه ليط بقلب إِبْرَاهِيم عليه السلام أيتعلق ولصق وَكَانَ إِبْرَاهِيم يُحِبهُ حبا شَدِيدا وَكَانَ مِمَّن آمن بِعَمِّهِ إِبْرَاهِيم وَهَاجَر مَعَه إِلَى مصر حِين هَاجر من نمروذ وَعَاد مَعَه إِلَى الشَّام فَأرْسلهُ الله تَعَالَى إِلَى أهل سدوم وَكَانُوا أهل كفر وفاحشة ودام لوط يَدعُوهُم إِلَى الله تَعَالَى وينهاهم فَلم يلنفتوا إِلَيْهِ وَكَانُوا على مَا أخبر الله عَنْهُم فِي قَوْله تعال (أتأتون الْفَاحِشَة مَا سبقكم بهَا أحد من الْعَالمين أئنكم لتأتون الرِّجَال وتقطعون السَّبِيل وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر) وَكَانُوا يقطعون الطَّرِيق وَإِذا مر بهم
أحد من الْمُسَافِرين أمسكوه وفعلوا بِهِ اللواط وَهُوَ ينهاهم فَلم ينْتَهوا فَلم ينْتَهوا وَلم يزدهم وعظه إِلَّا تمادياً وظلالاً فَسَأَلَ الله تعال النُّصْرَة عَلَيْهِم فَأرْسل الله الْمَلَائِكَة لقلب سدوم وَقرأَهَا الْمُؤْتَفِكَات وَهِي خمس مَدَائِن وَكَانَ الْمَلَائِكَة قد أعلمُوا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل بِمَا أَمرهم الله تَعَالَى بِهِ من الْخَسْف بِقوم لوط حِين قدمُوا عَلَيْهِ وبشروه بِإسْحَاق - كَمَا تقدم - فَسَالَ إِبْرَاهِيم جِبْرِيل فيهم وَقَالَ لَهُ أرابت إِن كَانَ فيهم خَمْسُونَ رجلا من الْمُسلمين؟ فَقَالَ جِبْرِيل إِن كَانَ فيهم خَمْسُونَ من الْمُسلمين لَا يعذبهم الله فَقَالَ إِبْرَاهِيم وَأَرْبَعُونَ؟ قَالَ جِبْرِيل أَرْبَعُونَ قَالَ إِبْرَاهِيم ثَلَاثُونَ؟ قَالَ جِبْرِيل وَثَلَاثُونَ قَالَ إِبْرَاهِيم وَلم أزل كَذَلِك حَتَّى قَالَ لي جِبْرِيل عشرَة قَالَ إِبْرَاهِيم قلت إِن هُنَاكَ لوطاً فَقَالَ جِبْرِيل وَالْمَلَائِكَة (نَحن أعلم مِمَّن فِيهَا لننجينه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين) قَالَ وَلما وصلت الْمَلَائِكَة إِلَى لوط هم قومه إِن يلوطوا بهم لِأَن الْمَلَائِكَة جاؤا إِلَيْهِ عل صُورَة غلْمَان حسان الْوُجُوه (فَقَالَ لَهُم لوط يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم) - يَعْنِي بِالتَّزْوِيجِ - فَاتَّقُوا الله وَلَا تخزوني فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد؟ فَلم يرْضوا بقوله وَقَالُوا (لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق) أَيمن حَاجَة وشهوة وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد من إتْيَان الرِّجَال فعالجهم وناشدهم وهم على العناد والغي فأعماهم جِبْرِيل بجناحه وَقَالَت الْمَلَائِكَة للوط (نَحن رسل رَبك فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك) إِنَّه مصيبها مَا أَصَابَهُم قَالَ وَلما خرج لوط بأَهْله قَالَ للْمَلَائكَة أهلكوهم السَّاعَة فَقَالُوا لم نؤمر غلا بالصبح (أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب) فَلَمَّا كَانَ الصُّبْح قلبت الْمَلَائِكَة سدوم وَقرأَهَا الْخمس بِمن فِيهَا وَكَانَ فِيهَا أَرْبَعمِائَة ألف وَقيل أَرْبَعَة آلَاف ألف فَرفعُوا الْمَدَائِن كلهَا حَتَّى سمع أهل السَّمَاء