المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌304 - باب الموالاة في الوضوء - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٦

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌303 - بابُ لَا وُضُوءَ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

- ‌304 - بَابُ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌305 - بَابُ حُكْمِ مَنْ لَمْ يُصِبِ الْمَاءُ بَعْضَ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ

- ‌306 - بَابُ تَحْرِيكِ الْخَاتَمِ فِي الوُضُوءِ

- ‌307 - بَابُ الِاقْتِصَادِ فِي الوُضُوءِ والغُسْلِ

- ‌308 - بَابُ مَا يُفعلُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الوَضُوءِ

- ‌309 - بَابُ الِاعْتِدَاءِ فِي الوُضُوءِ

- ‌310 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي الْإِسْرَافِ فِي الوُضُوءِ

- ‌311 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ كَثْرَةِ الوَضُوءِ

- ‌312 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِعَانَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌313 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي مَنْعِ الِاسْتِعَانَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌314 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ البَدْءِ بِالفَمِ فِي الوُضُوءِ

- ‌315 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَسْيِيلِ فَضْلِ الوُضُوءِ عَلَى مَوْضِعِ السُّجُودِ

- ‌316 - بَابُ نَضْحِ الفَرْجِ بَعْدَ الوُضُوءِ

- ‌317 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي نَفْضِ الْأَيْدِي من الوُضُوءِ وَإِشْرَابِ الأَعْيُنِ

- ‌318 - بَابُ التَّنْشِيفِ بَعْدَ الوُضُوءِ والغُسْلِ

- ‌319 - بَابُ التَّطَيُّبِ بَعْدَ الوُضُوءِ

- ‌320 - بَابُ الوَسْوَسَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌321 - بَابُ كَيْفَ يُدْعَى إِلَى الطَّهُورِ

- ‌322 - بابُ مَا رُويَ فِي تَعْليمِ جِبْرِيلُ عليه السلام الوُضُوءَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌323 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ

- ‌324 - بَابُ وُضُوءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌325 - بَابُ الوُضُوءِ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ

- ‌326 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي النَّهْيِ عَنِ الوُضُوءِ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ

- ‌327 - بَابُ الوُضُوءِ بِفَضْلِ الْجُنُبِ

- ‌328 - بَابُ الوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌329 - بَابُ الوُضُوءِ بِمَاءِ الْبِئْرِ

- ‌330 - بَابُ الوُضُوءِ بِمَاءِ الْغَدِيرِ أَوِ الْبُسْتَانِ

- ‌331 - بَابُ الوُضُوءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ

- ‌332 - بَابُ الوُضُوءِ بِفَضْلِ السِّوَاكِ

- ‌333 - بَابُ الوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ

- ‌334 - بَابُ الوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ

- ‌335 - بَابُ الوُضُوءِ بِسُؤْرِ السِّبَاعِ

- ‌336 - بَابُ الوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمُشَمَّسِ

- ‌337 - بَابُ الوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌338 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ المَطَاهِرِ

- ‌339 - بَابُ الوُضُوءِ بِمَاءِ الْمُشْرِكِينَ

- ‌340 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ إِنَاءِ النُّحَاسِ

- ‌341 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ الوُضُوءِ مِنْ إِنَاءِ النُّحَاسِ

- ‌342 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ إِنَاءِ الزُّجَاجِ

- ‌343 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ إِنَاءِ الْخَشَبِ

- ‌344 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْكِ الإِنَاءِ الَّذِي يَتَوَضَّأُ فِيهِ حَتَّى يَمْتَلِئ

- ‌345 - بَابُ اسْتِحْبَابِ الْمَضْمَضَةِ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌346 - بَابُ تَأْكِيدِ اسْتِحْبَابِ الْمَضْمَضَةِ مِمَّا لَهُ دَسَمٌ

- ‌347 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَضْمَضَةِ مِنَ الدَّسَمِ

- ‌348 - بَابُ تَرْكِ الْمَضْمَضَةِ وَالوُضُوءِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ، وَمِمَّا لَهُ دَسَمٌ

- ‌349 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْمَضْمَضَةِ مِنْ لَبَنِ الْإِبِلِ

- ‌350 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَرْكِ الْمَضْمَضَةِ مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ

- ‌351 - باب لَا وُجُوبَ لِلْمَضْمَضَةِ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌352 - بَابُ غَسْلِ الأَيْدِي مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ

الفصل: ‌304 - باب الموالاة في الوضوء

‌304 - بَابُ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ

1909 -

حديث عمر بن الخطاب:

◼ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» فَرَجَعَ [فَتَوَضَّأَ]. ثُمَّ صَلَّى.

[الحكم]:

صحيح (م)، وقد أعله بعض الحفاظ.

[اللغة]:

قال النووي: "وفي (الظفر) لغتان، أجودهما: (ظُفُر) بضم الظاء والفاء، وبه جاء القرآن العزيز، ويجوز إسكان الفاء على هذا. ويقال: (ظِفْر) بكسر الظاء وإسكان الفاء، و (ظِفِر) بكسرهما، وقرئ بهما في الشواذ. وجمعه أظفار، وجمع الجمع أظافير"(شرح مسلم 3/ 132).

[الفوائد]:

قال النووي: "قد استدل به جماعة على أن الواجب في الرِّجلين الغسل دون المسح.

واستدل القاضي عياض - رحمه الله تعالى وغيره - بهذا الحديث على وجوب الموالاة في الوضوء لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أَحْسِنْ وُضُوءَكَ))، ولم يقل: اغسل الموضع الذي تركته.

ص: 46

وهذا الاستدلال ضعيف أو باطل؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: ((أَحْسِنْ وُضُوءَكَ))، محتمل للتتميم والاستئناف، وليس حَمْله على أحدهما أَوْلى من الآخر، والله أعلم" (شرح مسلم 3/ 132).

[التخريج]:

[م 243 "واللفظ له" / حم 134، 153 / بز 232 "والزيادة له ولغيره" / عه 761، 763، 764 / مسن 571 / هق 329، 395 / هقخ 257 / تحقيق 156، 158 / بغد 48 / غيب 2061 / وسيط 271].

[السند]:

قال مسلم: حدثني سلمة بن شَبِيب، حدثنا الحسن بن محمد بن أَعْيَن، حدثنا مَعْقِل عن أبي الزبير عن جابر، أخبرني عمر بن الخطاب، به.

وكذا رواه البزار وجماعة: عن سلمة بن شبيب عن الحسن ابن أعين، به.

ورواه أحمد: عن موسى بن داود والحسن الأشيب - فَرَّقهما -، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، به مرفوعًا.

ورواه أبو عَوانة في (المستخرج 764) من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، به.

[تنبيه]:

قد انفرد برفع هذا الحديث مَعْقِل بن عبيد الله الجَزَري وابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر.

فأما ابن لهيعة: فضعيف الحديث، سواءٌ في ذلك رواية العبادلة عنه ورواية

ص: 47

غيرهم، كما تقدم تحريره من كلام الأئمة تحت حديث أبي هريرة في "باب ما رُويَ في أن بقاء أثر دم الحيض في الثوب لا يضر"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

وأما معقل: فالجمهور على توثيقه، إلا أن الحافظ ابن رجب قال:"كان أحمد يُضَعِّف حديثه عن أبي الزبير خاصة، ويقول: يُشبه حديثُه حديثَ ابن لهيعة"(شرح علل الترمذي 2/ 793).

قلنا: وقد خولف فيه أيضًا؛

فرواه ابن أبي شيبة في (المصنف 457): عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: أن عمر

به موقوفًا.

ورواه أبو يعلى في (مسنده 2312) عن ابن نُمَيْر عن محمد بن عبيد عن الأعمش به.

ورواه البيهقي في (السنن 396) من طريق الثوري عن الأعمش به.

وكذا رواه غير واحد عن عمر موقوفًا، كما سيأتي قريبًا.

ولذا أعل هذا الحديث غير واحد من الأئمة:

فقال البزار - عقبه -: "هذا الحديث لا نعلم أحدًا أسنده عن عمر إلا من هذا الوجه، وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان، عن عمر موقوفًا".

وقال ابن عمار الشهيد: "هذا الحديث إنما يُعْرَف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ، وابن لهيعة لا يُحتج به. وهو خطأ عندي؛ لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر، فجعله من قول عمر"(علل أحاديث مسلم ص 5).

وقال ابن رجب - عقب نقله كلام أحمد السابق -: "ومَن أراد حقيقة

ص: 48

الوقوف على ذلك، فلينظر إلى أحاديثه عن أبي الزبير، فإنه يجدها عند ابن لهيعة يرويها عن أبي الزبير كما يرويها معقل سواء. ومما أُنكر على (معقل) بهذا الإسناد حديث: ((الذِي تَوَضَّأَ وَتَرَكَ لُمْعَةً لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ

)) " (شرح علل الترمذي 2/ 793).

وقال في موضع آخر: "قد سبق قول الإمام أحمد أن حديثه عن أبي الزبير يشبه حديث ابن لهيعة. وظهر مصداق قول أحمد أن أحاديثه عن أبي الزبير مثل أحاديث ابن لهيعة سواء، كحديث "اللمعة في الوضوء" وغيره. وقد كانوا يستدلون باتفاق حديث الرجلين في اللفظ على أن أحدهما أخذه عن صاحبه"(شرح علل الترمذي 2/ 866).

وقال ابن حجر: "قد أَعلَّ بعض الحفاظ صحته، فقد نقل الدقاق الأصبهاني الحافظ عن أبي علي النيسابوري - أن هذا الحديث مما عِيب على مسلم إخراجه، وقال: الصواب ما رواه أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، قال: ((رَأَى عُمَرُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِثْلَ مَوْضِعِ ظُفُرٍ

)) فذكره موقوفًا، قال أبو علي النيسابوري: هذا هو المحفوظ، وحديث معقل خطأ لم يتابع عليه" (النكت الظراف 8/ 16 - 17).

وممن تَبِع مسلم على تصحيحه: البيهقي؛ حيث قال: "وفي الحديث الصحيح

فذكره" (السنن الصغرى 116). مع أنه أشار لعلته في (السنن الكبرى عقب رقم 395) حيث قال عقب رواية أبي الزبير: "ورواه أبو سفيان عن جابر بخلاف ما رواه أبو الزبير".

* * *

ص: 49

رواية فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ:

• وَفِي رِوَايَةٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: ((رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا تَوَضَّأَ، فَتَرَكَ مَوْضِعَ الظُّفُرِ عَلَى قَدَمِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)). قَالَ: فَرَجَعَ.

[الحكم]:

منكر بهذا اللفظ، وضَعَّفه ابن عمار الشهيد وابن الجوزي.

[التخريج]:

[جه (666 طبعة دار إحياء الكتب العربية)

(1)

"واللفظ له" / تحقيق 157].

[السند]:

رواه ابن ماجه - ومن طريقه ابن الجوزي - قال: حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب (ح) وحدثنا ابن حميد، حدثنا زيد بن الحُبَاب، قالا: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ لأجل ابن لهيعة، وقد تقدم الكلام عليه، وقد اضطرب في متنه:

فرواه هنا بلفظ: ((فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).

وقد تقدم في الرواية السابقة من رواية جماعة عنه بلفظ: ((ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ)). وهذا اللفظ توبع عليه من معقل بن عبيد الله، بخلاف الأول،

(1)

وكذا جاء الحديث في طبعة (الرسالة 666)، و (دار الجيل 666)، و (دار الصديق 666)، و (المكنز 711)، وغيرها، وكذا عزاه لابن ماجه المزي في (التحفة 10421)، ومغلطاي في (شرحه 3/ 218)، وسقط الباب برمته من طبعة (التأصيل)!.

ص: 50

وشتان ما بينهما؛ فإن قوله: ((أَحْسِنْ وُضُوءَكَ))، محتمل للتتميم والاستئناف، كما قال النووي في (شرح مسلم 3/ 132). بخلاف هذه الرواية، فإنها صريحة في الإعادة.

ولكن تقدم أيضًا أن الأعمش رواه عن أبي سفيان، عن جابر، عن عمر موقوفًا. وهو ما رجحه جماعة من الحفاظ.

ولذا قال ابن عمار الشهيد: "ابن لهيعة لا يُحتج به، وهو خطأ عندي؛ لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر، فجعله من قول عمر"(علل أحاديث مسلم ص 5).

وأعله ابن الجوزي بابن لهيعة، فقال - عقب هذه الرواية -:"ابن لهيعة مجروح".

* * *

ص: 51

1910 -

حديث أبي المتوكل عن عمر

◼ عَنْ أَبِي المُتَوَكِلِ، قَالَ: ((تَوَضَأَ عُمَرُ

(1)

وَبَقِيَ عَلَى رِجْلِهِ قِطْعَةٌ لَمْ يُصَبْهَا المَاءُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ والصَّلَاةَ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف لإرساله، وأعله أبو حاتم والبيهقي.

[التخريج]:

[هقخ 262 "واللفظ له" / علحا 134 "والرواية له"].

[السند]:

قال البيهقي في (الخلافيات): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن مُطَرِّف، ثنا ابن صاعد، ثنا محمد بن عبد الله المُخَرِّمي، ثنا قُرَاد أبو نوح، ثنا شعبة، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل، قَالَ: تَوَضَأَ عُمَرُ

الحديث.

وقال (ابن أبي حاتم): سمعت أبي وذكر حديثًا رواه قُرَاد أبو نوح، عن شعبة، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل؛ لأنه أبا المتوكل - وهو علي بن داود الناجي - تابعي من الثالثة، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع كذلك من عمر،

(1)

في مطبوع الخلافيات: (عن ابن عمر)، والتصويب من (علل ابن أبي حاتم)، وقال محقق الخلافيات:"ورد في جميع النسخ في هذا الحديث: (توضأ ابن عمر)، وفي "العلل": (توضأ عمر)، وهو الأصوب؛ لأن أبا المتوكل سمع من ابن عمر، ولم يسمع من نفسه، والله أعلم".

ص: 52

على فرض أنه أخذه من عمر، وليس في الرواية ما يدل على ذلك.

قال أبو حاتم الرازي - وسُئل عن هذا الحديث -: "أبو المتوكل لم يسمع من عمر، وإسماعيل هذا ليس به بأس"(العلل 134).

وقال البيهقي - عقبه -: "وهذا منقطع"(الخلافيات 262).

وقال الحافظ ابن حجر - بعد نقله من (علل ابن أبي حاتم) -: "أَعلَّه بالإرسال"(التلخيص الحبير 1/ 166).

* * *

ص: 53

1911 -

حديث عمر موقوفًا

◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَأَى فِي قَدَمِ رَجُلٍ مِثْلَ مَوْضِعِ الْفَلْسِ لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَيُعِيدَ الصَّلَاةَ)).

[الحكم]:

موقوف، إسناده حسن.

[التخريج]:

[ش 457 "واللفظ له" / عل 2312 / هق 396].

[السند]:

رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 457): عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: أن عمر

به موقوفًا.

ورواه أبو يعلى في (مسنده 2312) عن ابن نمير عن محمد بن عبيد، عن الأعمش، به.

ورواه البيهقي في (السنن 396) من طريق الثوري، عن الأعمش، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، غير أبي سفيان طلحة بن نافع، فـ"صدوق" كما في (التقريب 3035).

وقد جاء الأثر من طرق أخرى عن عمر، كما ستراه في الروايات التالية.

وضَعَّفه ابن حزم بقوله: "أبو سفيان ضعيف"(المحلى 2/ 71).

قلنا: كذا قال، ولم يتكلم فيه سوى ابن معين، ووثقه جمهور الأئمة. انظر ترجمته في (تهذيب التهذيب 5/ 26).

* * *

ص: 54

رواية أبي قِلابة عن عمر:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي قِلابة:((أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي، وَقَدْ تَرَكَ مِنْ رِجْلَيْهِ مَوْضِعَ ظُفُرٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ)).

[الحكم]:

حسن المتن بما تقدم، وإسناده منقطع، وبهذه العلة ضَعَّفه ابن حزم.

[التخريج]:

[عب 118 / ش 450 / هق 396].

[السند]:

رواه عبد الرزاق: عن معمر، عن خالد الحذاء، عن أبي قِلابة، به.

ورواه ابن أبي شيبة: عن ابن علية، عن خالد الحذاء، به.

ورواه البيهقي في (السنن) من طريق الثوري، عن خالد الحذاء، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن أبا قِلابة لم يدرك عمر.

وبهذه العلة ضَعَّفه ابن حزم في (المحلى 2/ 71).

ويشهد له ما تقدم.

ص: 55

رواية مطولة عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عن عمر:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه رَأَى رَجُلًا وَبِظَهْرِ رِجْلِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ [حِينَ تَطَهَّرَ]، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:«أَبِهَذَا الْوُضُوءِ تَحْضُرُ الصَّلَاةَ؟!» ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْبَرْدُ شَدِيدٌ وَمَا مَعِيَ مَا يُدَفِّئنِي، فَرَّقَ لَهُ بَعْدَمَا هَمَّ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: «اغْسِلْ مَا تَرَكْتَ مِنْ قَدَمِكَ وَأَعِدِ الصَّلَاةَ» ، وَأَمَرَ لَهُ بِخَمِيصَةٍ.

[الحكم]:

موقوف، إسناده ضعيف بهذا السياق.

[التخريج]:

[ش 446 "والزيادة له" / قط 384، 385 "واللفظ له" / هق 398].

[السند]:

رواه ابن أبي شيبة - ومن طريقه الدارقطني (384) - قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا حجاج بن أرطاة؛ فهو "صدوق كثير الخطأ والتدليس" كما في (التقريب 1119)، وقد سبق مرارًا.

ولكن تابعه عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي:

فرواه الدارقطني (385) - ومن طريقه البيهقي في (السنن 398) - قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، نا الحسن بن عرفة، عن هشيم، عن الحجاج وعبد الملك، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، به.

وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي من رجال الصحيح، وقد وثقه

ص: 56

أحمد وغيره. انظر (تهذيب الكمال 3532)، وقال الحافظ:"صدوق له أوهام"(التقريب 4184).

ولكن هشيم بن بشير مدلس وقد عنعن.

فالإسناد ضعيف، ومتنه مخالف لرواية جابر وأبي قِلابة السابقتين؛ ففي روايتيهما أن عمر أمر الرجل أن يعيد الوضوء، وأما في هذه الرواية فقال:((اغْسِلْ مَا تَرَكْتَ مِنْ قَدَمِكَ)).

* * *

ص: 57

1912 -

حديث خالد بن مَعْدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

◼ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ الوُضُوءَ [وَالصَّلاةَ])).

[الحكم]:

مختلف فيه؛

فضَعَّفه: البيهقي وابن حزم وعبد الحق الإشبيلي - وأقره ابن القطان -، والنووي، والمنذري. بينما قال الإمام أحمد: إسناده جيد. وصححه ابن كثير، وابن مفلح، والألباني.

وهو ظاهر صنيع النووي، وابن دقيق العيد، وابن عبد الهادي، والذهبي، وابن التركماني، وابن القيم، ومغلطاي، وابن حجر.

والراجح - لدينا -: أنه ضعيف، والله أعلم.

[التخريج]:

[د 174 "والزيادة له" / حم 15495 "واللفظ له" / هق 393 / هقخ 261 / تحقيق 158].

[السند]:

رواه أحمد - ومن طريقه ابن الجوزي - قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا بقية، حدثنا بَحِير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب

(1)

النبي صلى الله عليه وسلم، به.

(1)

في مطبوع (التحقيق): "أزواج" بدل "أصحاب"، وكذا ذكره ابن كثير في (التفسير 3/ 56) من مسند أحمد، وكأنه ورد كذلك في بعض نسخ المسند. والذي في كل النسخ المطبوعة للمسند:"أصحاب"، ولم يشر محققوها إلى أية خلاف، وكذا ورد في بقية مصادر الحديث، فهو الصواب. والله أعلم.

ص: 58

ورواه (أبو داود) - ومن طريقه البيهقي -: عن حيوة بن شريح، عن بقية، عن بَحِير، به.

فمداره - عند الجميع - على بقية بن الوليد، عن بَحِير بن سعد، به.

[التحقيق]:

هذا إسناده رجاله ثقات، إلا أن خالد بن معدان لم يصرح بالتحديث من صحابي الحديث، وخالد كثير الإرسال، فلا ندري هل هذا الصحابي ممن سمع منهم أم لا؟

وهذا قيد مهم لقَبول رواية التابعي عن الصحابي المبهم، وليست العلة في جهالة الصحابي؛ فإن هذا لا يضر فكلهم عدول.

وقد نصَّ أبو بكر الصيرفي على أن التابعي إذا روى عن رجل من الصحابة مبهمًا، لا يُقبل حتى يصرح بالسماع. قال:"لأني لا أعلم أسمع ذلك التابعي منه أم لا، إذ قد يُحَدِّث التابعي عن رجل، وعن رجلين، عن الصحابي، ولا أدري هل أمكن لقاء ذلك الرجل أم لا"(فتح المغيث 1/ 191).

واستحسنه العراقي فقال: "وهو حسن متجه، وكلام مَن أطلق قبوله

(1)

محمول على هذا التفصيل" (التقييد والإيضاح ص 74).

وخالفه الحافظ ابن حجر فقال: "وفيه نظر؛ لأن التابعي إذا كان سالمًا من

(1)

أي: قَبول حديث التابعي عن رجل من الصحابة مبهمًا؛ لأن الصحابة كلهم عدول نص على ذلك الإمام أحمد والحميدي وابن عمار وغيرهم. انظر (الكفاية للخطيب البغدادي ص 415)، و (فتح المغيث 1/ 191).

ص: 59

التدليس حُمِلت عنعنته على السماع.

وإن قلتَ: هذا إنما يتأتى في حق كبار التابعين الذين جُل روايتهم عن الصحابة بلا واسطة، وأما صغار التابعين الذين جُل روايتهم عن التابعين، فلا بد من تحقق إدراكه لذلك الصحابي، والفرض أنه لم يسمع حتى يُعْلَم هل أدركه أم لا، فينقدح صحة ما قال الصيرفي.

قلتُ (القائل ابن حجر): سلامته من التدليس كافية في ذلك؛ إذ مدار هذا على قوة الظن به، وهي حاصلة في هذا المقام. والله أعلم" (النكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 562).

قلنا: وقوة الظن هنا في جانب عدم قَبوله؛ فقد قال الحافظ نفسه في ترجمة خالد: "ثقة عابد يرسل كثيرًا"(التقريب 1678).

لاسيما وهذه القصة مشهورة عن عمر رضي الله عنه، فإن كان هو الصحابي المشار إليه هنا، فالسند منقطع جزمًا لأن خالد بن معدان لم يدرك عمر.

ثم إن بقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية

(1)

، ولم يصرح بالتحديث سوى عن شيخه فقط، وهذا لا يكفي بل لابد أن يصرح بالتحديث في جميع طبقات السند.

هذا هو الأصل، وإن كان بعض أهل العلم أثنى على رواية بقية عن بَحِير عن خالد خاصة؛ مما جعل بعضهم يتجوز في تصريحه بالسماع في بقية السند.

(1)

وقد سبق بيانه مفصلًا تحت حديث المقدام في "باب النهي عن جلود السباع والنمور"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

ص: 60

ومن هذا قول ابن دقيق العيد: "وفي إسناده بقية يرويه عن بَحِير وهو ابن سعد. وفي "المسند" عن أحمد أنه قال: حدثنا بَحِير"(الإلمام 1/ 74).

وزاد في (الإمام 2/ 11): "فعلى هذا يَسْلَم من تهمة التدليس من بقية في روايته عن بَحِير".

ونحوه قال غير واحد من أهل العلم، كما سيأتي.

وقد ضَعَّف الحديث النووي؛ فقال: "ضعيف الإسناد"(المجموع 1/ 455).

وتعقبه الحافظ بقوله: "وفي هذا الإطلاق نظر لهذه الطرق"(التلخيص الحبير 1/ 167).

قلنا: بل هو الصواب، وليس لهذا الحديث سوى هذا الطريق، ولم يذكر الحافظ غيره.

وقد أُعلَّ هذا الحديث بعلل أخرى؛

الأولى: أن بقية بن الوليد ليس بالقوي. قاله ابن حزم في (المحلى 2/ 71).

وقال عبد الحق الإشبيلي: "في حديث خالد: بقية بن الوليد، وقد تُكلم فيه ولا يُحتج به"(الأحكام الوسطى 1/ 184).

وأقره ابن القطان في (بيان الوهم والإيهام 2/ 595).

وقال المنذري: "في إسناده بقية، وفيه مقال"(مختصر سنن أبي داود 1/ 128).

وذكر الحديث النووي في فصل الصحيح من (خلاصة الأحكام 1/ 114) وقال عقبه: "رواه أبو داود من رواية بقية، وفي الاحتجاج به خلاف".

قلنا: قد حررنا في غير ما موضع أن بقية في نفسه ثقة صدوق، وإنما الشأن

ص: 61

في التدليس والتسوية

(1)

، فإذا صرح بالتحديث في جميع طبقات السند فقد زال الإشكال، وهو ما لم يتحقق في هذا الحديث.

وأجاب ابن القيم عن هذه العلة، فقال:"إن بقية ثقة في نفسه صدوق حافظ، وإنما نُقِم عليه التدليس مع كثرة روايته عن الضعفاء والمجهولين، وأما إذا صرح بالسماع فهو حجة، وقد صرح في هذا الحديث بسماعه له"، وذكر سند أحمد، (تهذيب السنن بحاشية عون المعبود 1/ 204).

قلنا: ولكن لا يكفي تصريحه بالتحديث عن شيخه فقط؛ لِما تقدم بيانه.

الثانية: جهالة الصحابي.

قال ابن حزم: "هذا خبر لا يصح؛ لأن راويه بقية، وليس بالقوي، وفي السند من لا يُدرى من هو"(المحلى 2/ 71).

وبعض أهل العلم يطلق على الجهالة الانقطاع أو الإرسال؛ ولهذا قال البيهقي: "مرسل"(السنن الكبرى 393)، (المعرفة 743)، وقال في (السنن الصغرى 120):"منقطع".

وقد أُجيب عن هذه العلة بأن جهالة الصحابي لا تضر؛ فكلهم عدول.

ولذا قال الأثرم: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: إسناده جيد. قلت له: إذا قال التابعي: (حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه، أيكون الحديث صحيحًا؟ قال: نعم" (الإمام لابن دقيق العيد 2/ 11)، (شرح ابن ماجه لمغلطاي 3/ 22).

(1)

انظر ترجمة بقية تحت حديث ابن عباس في "باب الانتفاع بجلود الميتة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).

ص: 62

وقال ابن عبد الهادي - متعقبًا البيهقي -: "وليس كما قال؛ فإن المرسل ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من رواية بعض أصحابه عنه، وجهالة الصحابي لا تضر. وإسناد هذا الحديث جيد، ورواية بقية عن بَحِير صحيحة، سواء صرح بالتحديث أم لا، مع أنه قد صرح في هذا الحديث بالتحديث"(تعليقه على العلل لابن أبي حاتم ص 157).

قلنا: قوله: (وإسناد هذا الحديث جيد، ورواية بقية عن بَحِير صحيحة، سواء صرح بالتحديث أم لا) غريب جدًّا؛ فإن الذي عليه المحققون أن المدلس - لاسيما المكثر - لا يُقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث من شيخه، فإذا عُرِف بالتسوية، لزم أن يصرح في جميع طبقات الإسناد، كما هو حال بقية.

وقال الذهبي - متعقبًا البيهقي -: "ما أُراه إلا متصلًا"(المهذب 1/ 88).

وقال مغلطاي: "والذي عليه المحدّثون قاطبة أن جهالة اسم الصحابي غير قادحة في الإسناد، لا سيما مع شهادة التابعي المعروف له بالصحبة"(شرح ابن ماجه 1/ 942).

وقال ابن التركماني: "تسميته هذا مرسلًا ليس بجيد؛ لأن خالدًا هذا أدرك جماعة من الصحابة وهم عدول فلا يضرهم"(الجوهر النقي 1/ 83).

وقد رد ابن القيم هذه العلة فقال: "وأما العلة الثانية فباطلة أيضًا على أصل ابن حزم وأصل سائر أهل الحديث؛ فإن عندهم جهالة الصحابي لا تقدح في الحديث لثبوت عدالتهم جميعًا"(تهذيب السنن 1/ 205).

وقال ابن حجر: "رجاله ثقات وصححه الحاكم، وغفل البيهقي فقال: "إنه مرسل" وتُعُقب بأن إبهام الصحابي لا يُصَيِّر الحديث مرسلًا"(الدراية 1/ 29).

ص: 63

وقد صحح الحديث بعض أهل العلم، غير من تقدموا:

فقال ابن كثير: "هذا إسناد جيد قوي صحيح"(التفسير 3/ 56).

وقال برهان الدين ابن مفلح: "وهذا صحيح، وفيه بقية، وهو ثقة، روى له مسلم"(المبدع في شرح المقنع 1/ 93).

وقال الألباني: "حديث صحيح، وقال الإمام أحمد: هذا إسناد جيد. وقوّاه ابن التركماني وابن القيم وابن حجر"(صحيح أبي داود 168).

[تنبيه]:

قال ابن دقيق في (الإمام 2/ 11): "في "المستدرك" من طريق بقية: حدثنا بَحِير".

كذا عزاه للحاكم في "المستدرك" وتبعه جماعة؛ كابن التركماني في (الجوهر النقي 1/ 84)، ومغلطاي في (شرح سنن ابن ماجه 1/ 942)، وابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 167)، وغيرهم.

والحديث لم نجده في "المستدرك"، ولكن لم يذكره الحافظ في (إتحاف المهرة 20931)، فلعل هذا سَبْق قلم من ابن دقيق العيد وتبعه الباقون، والصواب أنه أراد (المسند) لأنه هو الذي فيه التصريح بالسماع، وكذا جاء كلامه على الصواب في (الإلمام)، وقد تقدم نقله.

* * *

ص: 64

1913 -

حديث أنس:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ عَلَى قَدَمِهِ مِثْلَ مَوْضِعِ الظُّفُرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ)).

[الحكم]:

مختلف فيه:

فصححه: ابن خزيمة والبيهقي والضياء وابن كثير، والألباني. وهو ظاهر كلام ابن حزم، وابن قطلوبغا.

بينما أنكره: أبو داود، وابن عَدي، وابن القيسراني، والذهبي، وابن رجب.

والراجح: أنه ضعيف.

[التخريج]:

[د 172 "واللفظ له" / جه (665 طبعة دار إحياء الكتب العربية)

(1)

/ حم 12487 / عم 12487 / خز 174/ عه 762 / عل 2944 / طس 6525 / قط 381 / عد (3/ 54) / هق 330، 394 / هقخ 260 / ضيا (7/ 31 - 32/ 2416، 2417) / حل (8/ 330) / تجر (1/ 204) / أصبهان (1/ 158) / محد (3/ 422) / تحقيق 159].

[السند]:

قال أحمد وأبو داود: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، عن

(1)

وكذا جاء الحديث في طبعة (الرسالة 665)، و (دار الجيل 665)، و (دار الصديق 665)، و (المكنز 710)، وغيرها، وكذا عزاه لابن ماجه المزي في (التحفة 1148)، ومغلطاي في (شرحه 3/ 218)، وسقط الباب برمته من طبعة (التأصيل)!.

ص: 65

جرير بن حازم، أنه سمع قتادة بن دِعَامة، حدثنا أنس، به.

ورواه ابن ماجه: عن حرملة، عن ابن وهب، به.

ورواه ابن خزيمة: من طريق أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب، به.

ومداره - عند الجميع - على عبد الله بن وهب، عن جرير بن حازم، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.

ولذا صححه ابن خزيمة؛ حيث أخرجه في صحيحه.

وقال البيهقي - عقب ذكره لحديث عمر المتقدم -: "ورُوي هذا المتن بعينه من حديث أنس بن مالك بإسناد صحيح"، فذكره، ثم قال:"رواة هذا الحديث كلهم ثقات، مُجْمَع على عدالتهم"(الخلافيات 1/ 454 - 456).

وقَدَّمه ابن حزم على أثر عمر فقال: "وقد جاء أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحسن من هذا

" فذكره (المحلى 2/ 71).

وذكره الضياء في (المختارة)، وشرطه فيها معروف.

وقال ابن كثير: "وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات"(التفسير 3/ 56).

وقال قاسم بن قطلوبغا: "سنده ثقات"(تخريج أحاديث أصول البزدوي ص 15).

وصححه الألباني في (صحيح أبي داود 1/ 308)، وفي (الإرواء 1/ 127).

قلنا: إلا أن جرير بن حازم - وإن كان ثقة - فقد تُكلم في روايته عن قتادة خاصة، وكذا روايته بمصر.

ص: 66

أولًا: كلام الأئمة في روايته عن قتادة:

1 -

الإمام أحمد؛ قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "جرير بن حازم كثير الغلط عن قتادة وغيره"(سؤالات الآجري 1322).

وقال الميموني: ذكر أبو عبد الله حديثه عن قتادة فقال: "كان حديثه عن قتادة غير حديث الناس، يوقِف أشياء ويُسْنِد أشياء"(الضعفاء للعقيلي 1/ 395).

ونقل الأثرم عن أحمد أنه قال في جرير بن حازم: "كان يُحُدِّث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل"(شرح علل الترمذي لابن رجب 2/ 699).

2 -

يحيى بن معين؛ قال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى عن جرير بن حازم فقال: "ليس به بأس"، فقلت له: إنه يُحَدِّث عن قتادة عن أنس بأحاديث مناكير! ! فقال: "ليس بشيء، هو عن قتادة ضعيف"(العلل ومعرفة الرجال 3912).

3 -

الأثرم؛ قال: "حديثه عن قتادة مضطرب"(شرح علل الترمذي 2/ 699).

4 -

البزار؛ ذَكَر له عدة أحاديث من روايته عن قتادة، وقال:"وهذه الأحاديث لا نعلم أحدًا تابع جرير بن حازم عليها"(المسند 13/ 466).

5 -

ابن عَدي؛ ذَكَر له جملة أحاديث من روايته عن قتادة عن أنس ثم قال: "وهذه الأحاديث عن قتادة عن أنس، التي أمليتها - لا يتابِع جريرًا أحد إلا حديث: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمُدُّ صَوْتَهُ بِالقِرَاءَةِ))، فإنه رواه همام أيضًا عن قتادة"(الكامل 3/ 55)، ثم ذكر جملة أخرى من روايته عن غير قتادة، ثم ختم ترجمته بقوله: "وجرير بن حازم له أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو

ص: 67

مستقيم الحديث، صالح فيه، إلا روايته عن قتادة، فإنه يَروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره" (الكامل 3/ 65).

6 -

الذهبي؛ قال: "لجرير عن قتادة أحاديث منكرة"(ميزان الاعتدال 1461).

7 -

ابن رجب؛ قال: "جرير بن حازم ثقة متفق على تخريج حديثه

، ولكن يُضَعَّف في حديثه عن قتادة" (شرح علل الترمذي 2/ 784).

وقال في (فتح الباري 2/ 331): "وروايات جرير بن حازم عن قتادة خاصة فيها منكرات كثيرة، لا يتابَع عليها، ذكر ذلك أئمة الحفاظ، منهم أحمد وابن معين وغيرهما".

8 -

ابن حجر؛ قال: "ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حَدَّث من حفظه"(التقريب 911).

ثانيًا: كلام الأئمة في روايته بمصر:

قال زكريا بن يحيى الساجي: "صدوق حَدَّث بمصر أحاديث وهم فيها وهي مقلوبة"، ثم أسند عن الأثرم قال: قال أحمد بن حنبل: "جرير بن حازم حَدَّث بالوهم بمصر، ولم يكن يحفظ"(إكمال تهذيب الكمال 3/ 181).

وقال أبو الفتح الأزدي: "جرير بن حازم امرؤ صدوق، خُرِّج عنه بمصر أحاديث مقلوبة، ولم يكن بالحافظ"(إكمال تهذيب الكمال 3/ 182).

قلنا: وهذا يفسر تفرد ابن وهب المصري عنه بهذا الحديث.

ولأجل ما سبق أَعل الحديث بعض أهل العلم أو أشاروا إلى إعلاله:

فقال أبو داود - عقبه -: "هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم،

ص: 68

ولم يروه إلا ابن وهب وحده" (السنن).

ورواه عنه أبو عَوانة بسياق قريب من هذا فقال: "قال أبو داود: ليس هذا الحديث بمعروف عن جرير ولا عن قتادة، لم يروه إلا ابن وهب"(مستخرج أبي عوانة 2/ 512).

وقال الطبراني - عقبه -: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن قتادة إلا جرير بن حازم، تفرد به ابن وهب"(المعجم الأوسط 6525).

وقال أبو نُعيم الأصبهاني: "غريب من حديث جرير عن قتادة، لم يروه عنه إلا ابن وهب"(الحلية 8/ 330).

وذكره ابن عدي في ترجمة جرير مع حديث آخر من رواية ابن وهب عن جرير بهذا الإسناد، وقال - عقبهما -:"وهذان الحديثان تَفَرد بهما ابن وهب، عن جرير بن حازم، ولابن وهب عن جرير غير ما ذكرت غرائب". وتقدم قوله: إن أحاديث جرير عن قتادة لا يتابعه أحد عليها.

وقال ابن القيسراني: "جرير في قتادة ضعيف، ولم يروه عنه غير عبد الله بن وهب"(ذخيرة الحفاظ 1135).

وقال عبد الحق الإشبيلي: "تَفَرد به ابن وهب عن جرير"(الأحكام الكبرى 1/ 484).

وقال الذهبي: "مع غرابته رواته ثقات، ولجرير ما يُنْكَر عن قتادة، هذا منه"(المهذب 1/ 89). وقال في موضع آخر: "تفرد به جرير"(المهذب 1/ 74).

وقال ابن رجب عن جرير: "وقد أَنكر عليه أحمد ويحيى وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا أن بعضها

ص: 69

مراسيل أسندها، فمنها: حديثه بهذا الإسناد في الذي توضأ وترك على قدمه لمعة لم يصبها الماء" (شرح علل الترمذي 2/ 784).

وأما الدارقطني فاختلف النقل عنه؛ فقال - عقبه -: "تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة". كذا في مطبوع (السنن)، وكذا نقله عنه غير واحد من أهل العلم.

ولكن جاء نص كلامه فيما نقله عنه الضياء في (المختارة 7/ 32): "انفرد به جرير بن حازم وهو ثقة، ولم يروه عنه غير ابن وهب".

وقال في (الأفراد) في ترجمة قتادة عن أنس: "تفرد به جرير بن حازم عنه، ولم يروه عنه غير ابن وهب"(أطراف الغرائب والأفراد 975). وكذا نقله مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 218).

فهذا الأخير قد يفيد إعلاله للحديث، بخلاف الأول.

وأَبَى الشيخ الألباني القول بإعلال الحديث؛ وأجاب عن تعليل العلماء إياه، فقال: "ابن وهب ثقة حافظ؛ فلا يضر تفرده به، وكذلك جرير بن حازم؛ حتى قال الذهبي في ترجمته من (الميزان): هو أحد الأئمة الكبار، ولولا ذِكر ابن عدي له لما أوردته. ثم ذكر بعض أقوال الأئمة فيه، وفي بعضها التكلم في روايته عن قتادة خاصة

، ونحن نرى أن الحديث صحيح؛ فإن جريرًا ثقة حجة بالاتفاق إلا في روايته عن قتادة، وليس عندنا ما يدل على أنه وهم في روايته هذه عنه" (صحيح أبي داود 1/ 308 - 309).

قلنا: بل تَفَرُّد مثله عن مثل قتادة بهذا الحديث يُعَدُّ منكرًا، فأين أصحاب قتادة من هذا الحديث، وهو أصل في عدة أبواب من أبواب الوضوء؟ ! .

كيف وقد تفرد عنه كذلك ابن وهب المصري دون أهل بلده من البصريين؟ !

ص: 70

وقد ذكر الأئمة أنه كان يروي بمصر أحاديث مقلوبة على الوهم. فهذا الحديث خير دليل على قولهم هذا.

وعليه: يترجح القول بإعلال الحديث. والله أعلم.

[تنبيه]:

عزا ابن حجر الحديث في (بلوغ المرام 55) لأبي داود والنسائي.

ولم نقف عليه في أي من طبعات السنن (الكبرى) أو (الصغرى) للنسائي، ولم نجد مَن عزاه له غيره، وقد اقتصر المزي في (التحفة 1148) على عزوه لأبي داود وابن ماجه، فلعل الحافظ أراد ابن ماجه، فسبقه القلم أو خانته الذاكرة. والله أعلم.

* * *

رواية: اذهب فتوضأ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِ رَجُلٍ مَوْضِعَ ظُفُرٍ لَمْ يَمَسَّهُ الْمَاءُ، فَقَالَ:((اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ وَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ)).

[الحكم]:

منكر بهذا اللفظ.

[التخريج]:

[ثابت (ق 127/أ)].

[السند]:

رواه أبو إسحاق بن أبي ثابت في (الجزء الأول من حديثه ق 127/أ) قال: ثنا أحمد بن بكر، ثنا داود بن الحسن، ثنا مبارك بن فَضَالة، عن

ص: 71

الحسن، عن أنس بن مالك، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: عنعنة مبارك بن فَضَالة، وهو معروف بالتدليس؛ قال الحافظ:"صدوق يدلس ويُسوي"(التقريب 6464).

الثانية: داود بن الحسن وهو المدني - كما جاء في غير هذا الحديث - لم نقف له على ترجمة.

الثالثة: أحمد بن بكر وهو البالِسي؛ قال ابن عدي: "روى مناكير عن الثقات"، وقال أبو الفتح الأزدي:"كان يضع الحديث"، وقال الدارقطني:"غيره أثبت منه"، وأورد له في "غرائب مالك" حديثًا في سنده خطأ، وقال:"أحمد بن بكر ضعيف"، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال:"كان يخطئ". انظر (لسان الميزان 409).

قلنا: وهذا الحديث من مناكيره سندًا ومتنًا؛ حيث لا يُعْرَف حديث أنس في هذا الباب إلا من حديث ابن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس، بلفظ:((ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ)).

فتَفَرد أحمد بن بكر بروايته بهذا الإسناد عن الحسن عن أنس وبلفظ: ((اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ وَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ)). وشتان ما بينهما.

* * *

ص: 72

1914 -

حديث الحسن مرسلًا:

◼ عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا بنحو رواية قتادة عن أنس المتقدمة.

[الحكم]:

ضعيف لإرساله.

[التخريج]:

[د 173].

[السند]:

قال (أبو داود) - عقب حديث أنس المتقدم -: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا يونس، وحميد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم

بمعنى قتادة

(1)

.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل، ومراسيل الحسن من أوهى المراسيل عند فريق من العلماء، كما تقدم مرارًا.

وقال ابن عبد الهادي عقبه: "وهذا مرسل"(تعليقه على العلل لابن أبي حاتم ص: 158).

(1)

أي بمعنى حديث قتادة.

ص: 73

1915 -

حديث أبي بكر:

◼ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ قَدْ تَوَضَّأَ وَبَقِيَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ مِثْلُ ظُفُرِ إِبْهَامِهِ [لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ]، فَأَبْصَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«ارْجِعْ فَأَتِمَّ (أَحْسِنْ) وُضُوءَكَ» قَالَ: فَفَعَلَ.

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا، وقال أبو حاتم:"باطل بهذا الإسناد"، وضَعَّفه: العُقَّيلي، وابن عدي، والدارقطني، وابن القيسراني، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، والهيثمي، وابن الملقن، وابن حجر، وابن قطلوبغا، والشوكاني، والألباني.

[التخريج]:

[عه 765 "واللفظ له" / عق (3/ 611) "والزيادة له" / علحا 176 / طس 2219 / طص 27 / عد (9/ 573 - 574) "والرواية له"، (10/ 311) / أقران 161 / قط 382 / فقط (أطراف 2) / آجر (فوائد - مخطوط ق 96/أ) / سمرقندي (فوائد 69)].

[السند]:

رواه الطبراني في (الأوسط 2219)، و (الصغير 27) عن أحمد بن عبد الوهاب التميمي، قال: نا مصعب بن سعيد، قال: نا المغيرة بن سِقْلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن أبي بكر الصديق، به.

قلنا: كذا رواه أحمد بن عبد الوهاب هذا - وهو مجهول لا يُعرف

(1)

-: (عن

(1)

انظر (إرشاد القاصي والداني 137).

ص: 74

ابن عمر عن أبي بكر)، وخالفه جماعة؛

فرواه ابن أبي حاتم في (العلل 176) عن محمد بن عوف.

ورواه العُقَّيلي في (الضعفاء 3/ 611) عن أحمد بن محمد الأنطاكي وعلي بن الحسين بن جنيد.

ورواه ابن عدي في (الكامل 9/ 573)، (10/ 311) عن عمر بن الحسن الحلبي.

ورواه الدارقطني في (السنن 382) من طريق عبد الكريم بن الهيثم.

ورواه السمرقندي في (فوائده 69) من طريق أبي أمية الطَّرَسوسي.

ستتهم: عن مصعب بن سعيد، عن المغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر، عن أبي بكر، به.

وقد توبع مصعب؛

فرواه أبو عَوانة في (المستخرج 765)، والدارقطني في (السنن 382) من طريق أبي فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان.

ورواه ابن عدي في (الكامل 9/ 574)، وأبو الشيخ في (ذكر الأقران 161) من طريق أحمد بن عبد الله بن ميسرة.

كلاهما: عن المغيرة، عن الوازع، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن أبي بكر، به.

فمدار الحديث عند الجميع: على المغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، به.

قال الطبراني: "لا يُروى عن أبي بكر الصديق إلا بهذا الإسناد، تفرد به

ص: 75

المغيرة بن سقلاب" (الصغير 27).

وقال ابن عدي: "ولا أعلم رواه عن الوازع بهذا الإسناد غير مغيرة هذا"(الكامل 9/ 574).

وقال الدارقطني في (الأفراد): "غريب من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده عن أبي بكر، تفرد به الوازع بن نافع عنه، وتفرد به المغيرة بن سِقْلاب عن الوازع"(أطراف الغرائب والأفراد 1/ 33).

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: الوازع بن نافع العقيلي؛

قال أحمد وابن معين وغيرهما: "ليس بثقة"، وقال البخاري:"منكر الحديث"، وقال النسائي وغيره:"متروك"، وقال أبو حاتم:"لا يُعتمد على روايته؛ لأنه متروك الحديث"، وقال أيضًا:"ضعيف الحديث جدًّا، ليس بشيء"، وقال لابنه:"اضرب على أحاديثه فإنها منكرة" ولم يقرأها. وقال الحاكم، وغيره:"روى أحاديث موضوعة". انظر ترجمته في (لسان الميزان 8323).

ولذا قال أبو حاتم: "هذا حديث باطل بهذا الإسناد، ووازع ضعيف الحديث"(العلل 176).

وقال الدارقطني - عقبه -: "الوازع بن نافع ضعيف الحديث".

وتبعه الغساني فذكره في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص 29).

ص: 76

وعدّه ابن عدي في مناكيره مع جملة من أحاديثه، ثم قال:"وللوازع غير ما ذكرت، وقد حَدَّث عنه ثقات الناس، وعامة ما يرويه عن شيوخه بالأسانيد التي يرويها غير محفوظة"(الكامل 10/ 315).

وتبعه ابن القيسراني فأعله بالوازع؛ فقال: "والوازع متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 4376).

وكذا ضَعَّفه بالوازع: ابن الجوزي في (التحقيق 1/ 165)، وابن عبد الهادي في (تعليقه على العلل لابن أبي حاتم ص 259)، والذهبي في (تنقيح التحقيق 1/ 56)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 36)، والهيثمي في (المجمع 1239).

وأقرَّ بتضعيفه بالوازع: ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 241)، وابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 166)، والشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 214).

العلة الثانية: المغيرة بن سقلاب الحراني؛

قال ابن عَدي: "منكر الحديث"، وأسند عن أبي جعفر النفيلي قوله:"لم يكن مؤتمنًا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم"(الكامل 9/ 573). وقال علي بن ميمون الرَّقي: "كان يسوى بعرة"(الضعفاء للعقيلي 3/ 611)، وقال ابن حبان:"كان ممن يخطئ، ويَروي عن الضعفاء والمجاهيل، فغلب على حديثه المناكير والأوهام، فاستحق الترك"(المجروحين 3/ 340). وضَعَّفه الدارقطني، كما في (اللسان 6/ 78).

ومع هذا قال فيه أبو حاتم: "صالح الحديث"! ، وقال أبو زرعة:"ليس به بأس"! (الجرح والتعديل 8/ 223).

والمعتمد: ضَعْفه.

وذكر الحديث العقيلي في ترجمته، ثم قال:"ولا يتابعه إلا مَن هو مثله"

ص: 77

(الضعفاء 3/ 611).

قلنا: ولم نقف على أحد تابع المغيرة على هذا الإسناد، وقد نص على تفرده به غير واحد من الأئمة الحفاظ، كما تقدم، فالله أعلم.

وذكره ابن عدي أيضًا في ترجمته، ثم ختمها بقوله:"ولمغيرة غير ما ذكرت من الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابَع عليه"(الكامل 9/ 576).

وضَعَّفه الألباني بالمغيرة والوازع معًا؛ فقال: "المغيرة ضعيف، والوازع بن نافع متروك"(الإرواء 1/ 127).

وقال قاسم بن قطلوبغا: "سنده ضعيف"(تخريج أحاديث أصول البزدوي ص 15).

* * *

ص: 78

1916 -

حديث أبي بكر وعمر:

◼ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وقَدْ تَوَضَّأَ وَبَقِيَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ مِثْلُ ظُفُرِ إِبْهَامِهِ لَمْ يَمَسَّهُ الْمَاءُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«ارْجِعْ فَأَتِمَّ وُضُوءَكَ» ، فَفَعَلَ.

• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا قَدْ تَوَضَّأَ، وَفَضَلَ عَلَى قَدَمَيْهِ قَدْرُ إِصْبَعٍ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَ وُضُوءَهُ» .

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

تخريج السياق الأول: [قط 383 "واللفظ له" / صفار (إمام 2/ 12)، (مغلطاي 3/ 219) / تد (4/ 148)].

تخريج السياق الثاني: [ناسخ 128].

[السند]:

رواه الدارقطني في (السنن 383) قال: حدثنا الحسين المُحاملي، نا الفضل بن سهل، نا الحارث بن بهرام، نا المغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن أبي بكر وعمر، به. بالسياق الأول.

ورواه أحمد بن عُبَيد الصفار في (مسنده)، والرافعي في (التدوين): من طريق الحارث بن بهرام، عن المغيرة، به نحوه.

ورواه ابن شاهين في (ناسخ الحديث 128) عن علي بن عبد الله بن مبشر، قال: حدثنا يحيى بن مُعَلَّى بن منصور، قال: حدثنا الحارث بن بهرام، به. بالسياق الثاني.

ص: 79

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا كسابقه؛ لأجل الوازع بن نافع والمغيرة بن سقلاب.

وأضف هنا علة أخرى، وهي جهالة الحارث بن بهرام، فلم نقف له على ترجمة، وقد خالف رواية الجماعة، فجعله (عن أبي بكر وعمر)، ورووه عن (عمر عن أبي بكر).

ولذا قال ابن حجر - بعد ذكره رواية من رواه عن عمر عن أبي بكر -: "كذا قال، وهو المحفوظ"(إتحاف المهرة 8/ 196).

ص: 80

1917 -

حديث ابن مسعود

◼ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسِيَ مَسْحَ الرَّأْسِ فَذَكَرَ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَجَدَ فِي لِحْيَتِهِ بَلَلًا، فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ وَلْيَمْسَحْ بِهِ رَأْسَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَلَلًا فَلْيُعِدِ الوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» .

[الحكم]:

باطل، وهو ظاهر كلام الهيثمي.

[التخريج]:

[طس 7573].

[السند]:

قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر، نا أبي، عن جدي، عن نهشل، عن الضحاك، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقط؛ فيه نهشل بن سعيد؛ قال عنه ابن حجر: "متروك، وكَذَّبه إسحاق بن راهويه"(التقريب 7189).

ولذا قال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه نهشل بن سعيد وهو كذاب"(المجمع 1234).

ص: 81

1918 -

حديث ابن عمر موقوفًا:

◼ عَنْ نَافِعٍ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما بَالَ فِي السُّوقِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ دُعِيَ لِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا» .

[الحكم]:

موقوف صحيح، وصححه ابن المنذر - وتبعه ابن قدامة -، والبيهقي، وابن الأثير، وابن الملقن، وابن حجر.

[التخريج]:

[طا 81 "واللفظ له" / أم 76، 3915 / شف 81، 82 / مدينة (ص 33) / منذ 429 / هقع 742، 1975 / هقغ 123 / هقخ 265 / خطك (ص 342) / ذهب 5].

[السند]:

رواه مالك في (الموطأ) - ومن طريقه الباقون -: عن نافع، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد صحيح غاية، بل هو من أصح الأسانيد عند فريق من أهل العلم.

ولذا قال ابن المنذر: "ثبت أن ابن عمر توضأ بالسوق

" فذكره، (الأوسط 2/ 69)، وتبعه ابن قدامة في (الشرح الكبير على المقنع 1/ 302).

وقال البيهقي: "وحديث ابن عمر ثابت لا شك فيه"(الخلافيات 1/ 463).

وقال ابن الأثير: "هذا حديث صحيح"(الشافي في شرح مسند الشافعي 1/ 204).

وقال ابن الملقن: "وهذا الإسناد لا يشتبه على أحد صحته، ويسمى هذا

ص: 82

الإسناد: (سلسلة الذهب)؛ مالك، عن نافع، عن ابن عمر، بل هو أصح الأسانيد مطلقًا على قول إمام هذا الفن البخاري" (البدر المنير 2/ 268).

وذكره ابن حجر في (سلسلة الذهب 5).

* * *

رواية: بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ

• عَنْ نَافِعٍ: ((أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ، وَصَلَّى)).

[الحكم]:

شاذ بزيادة ((بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ)).

[التخريج]:

[هق 399].

[السند]:

قال البيهقي في (السنن الكبرى): أخبرنا أبو الحسن محمد بن حم المهرجاني الفقيه، حدثنا أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر، حدثنا داود بن الحسين البيهقي، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات؛ ظاهره الصحة.

ولذا قال البيهقي - عقبه -: "وهذا صحيح عن ابن عمر، ومشهور عن قتيبة بهذا اللفظ".

ص: 83

وقال النووي: "صحيح"(خلاصة الأحكام 1/ 205)، (المجموع 1/ 455).

قلنا: إلا أن قتيبة بن سعيد - وإن كان من الثقات الأثبات -، انفرد بزيادة:((بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ)).

وخالفه كلُّ من روى الأثرَ عن مالك، وهم:

1 -

الشافعي في (الأم)، و (المسند) - ومن طريقه ابن المنذر في (الأوسط)، والبيهقي في (المعرفة) -. وتقدم تخريجه في الرواية السابقة.

2 -

ويحيى بن يحيى الليثي، في (الموطأ).

3 -

وأبو مصعب الزهري في (الموطأ 89).

4 -

ومحمد بن الحسن الشيباني في (الموطأ 50) وفي (الحجة ص 33).

5 -

وسويد بن سعيد الحدثاني في (الموطأ 1/ 60).

6 -

ويحيى بن بكير، كما عند البيهقي في (السنن الصغرى).

كلهم عن مالك، عن نافع، به دون زيادة ((بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ)).

فهي زيادة شاذة. والله أعلم.

* * *

ص: 84