الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
318 - بَابُ التَّنْشِيفِ بَعْدَ الوُضُوءِ والغُسْلِ
1988 -
حديث ميمونة:
(1)
غُسْلُهُ مِنَ الجَنَابَةِ] 10.
(1)
في المطبوع (هذه)، وذكروا في الحاشية أنها في نسخ أخرى (هذا)، وضُبب على (هذه) في نسخة أخرى، فأثبتناه بلفظ (هذا) لموافقته للسياق، وهكذا عزاه للبخاري غير واحد من أهل العلم.
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م)، سوى بعض الروايات أو الزيادات فعند أحدهما دون الآخر، عدا الزيادة التاسعة فلأبي داود.
[الفوائد]:
قال الحافظ ابن رجب: "واستدل بعضهم بِرَدِّ النبي صلى الله عليه وسلم الثوب على ميمونة - على كراهة التنشيف. ولا دلالة فيه على الكراهة، بل على أن التنشيف ليس مستحبًا، ولا أن فِعلَه هو أولى، لا دلالة للحديث على أكثر من ذلك، كذا قاله الإمام أحمد وغيره من العلماء.
وأكثر العلماء على أن التنشيف من الغسل والوضوء غير مكروه.
وقد رُوي فعله عن جماعة من الصحابة، منهم: عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وعن خلق من التابعين.
وهو قول الشعبي والثوري والأوزاعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد - في المشهور عنه - وإسحاق وغيرهم.
وهو المشهور عند الشافعية، وليس للشافعي في المسألة نص.
وكرهه طائفة من التابعين، وهو قول الحسن بن صالح وابن مهدي، ورواية عن أحمد، وأنكرها الخلال ولم يثبتها.
وكرهه ابن عباس في الوضوء دون الغسل.
وعمدة من كرهه: أنه أثر عِبادة على البدن، فكره إزالته، كخلوف فم الصائم. والخلوف مختلف فيه - أيضًا -" (فتح الباري 1/ 324).
وقال الترمذي: "وقد رخص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن بعدهم في التمندل بعد الوضوء.
ومَن كرهه إنما كرهه من قِبل أنه قيل: إن الوضوء يوزن. ورُوي ذلك عن سعيد بن المسيب، والزهري" (عقب رقم 54).
وقال ابن شاهين: "وكان يمسح بالمنديل: عثمان بن عفان وأنس بن مالك، وكذلك الحسن والحسين، وكذلك كان ابن عمر، وكذلك كان عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري، وقال جابر بن عبد الله: لا بأس بالمنديل بعد الوضوء.
وكان من التابعين: علقمة، والأسود، ومسروق، والحسن البصري، وابن سيرين، وموسى بن طلحة، وخيثمة، وأبو جعفر، والربيع بن عُمَيْلة، وأبو الأحوص والشعبي، وبشير بن أبي سعيد، وسالم بن أبي الجعد، وبكر بن عبد الله المزني، وجابر بن زيد، والضحاك، وعبد الله بن الحارث، وأبو صالح، وميمون بن مهران، وابن محيريز، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز، وأبو عثمان، وأبو الأشعث، والحكم، وحماد، ومحمد بن المنكدر، وعطاء بن سالم، والزهري، وحميد الطويل، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل؛ كان هؤلاء لا يرون في المسح بالمنديل بأسًا" (ناسخ الحديث ومنسوخه ص 149).
[التخريج]:
[خ 249 "والزيادة الثالثة والخامسة والعاشرة له"، 257 "والرواية الأولى والثانية والثالثة والخامسة والتاسعة"، 259 "والزيادة الرابعة، والرواية العاشرة والحادية عشرة له"، 260 "والرواية السادسة والثامنة"، 265 "والزيادة الثانية والسادسة والثامنة"، 266، 274 "واللفظ له"، 276 "والزيادة الأولى والرواية الثانية عشرة له"، 281 "والرواية الثانية له" / م 317 "والزيادة السابعة والرواية الرابعة والثالثة عشرة له"، 337
"مختصرًا" / د 245 "والزيادة التاسعة له" / ت 104 / ن 258، 413 "مختصرًا"، 423، 424، 433 / ..... ].
وسيأتي بتخريجه كاملًا في (كتاب الغسل)، باب "صفة الغسل"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
1989 -
حديث أم هانئ:
◼ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْت أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنها: ((أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ - أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ - قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ [بِثَوْبِهِ]، ثُمَّ (فَلَمَّا اغْتَسَلَ) أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى».
[الحكم]:
صحيح (م).
[الفوائد]:
ذَكَر هذا الحديث ابن ماجه تحت باب "المنديل بعد الوضوء، وبعد الغسل".
وذَكَره ابن طاهر المقدسي في (صفوة التصوف ص 39) تحت باب "اتخاذهم المنديل بعد الوضوء والغسل".
وقال ابن كثير وهو يذكر اختلاف العلماء في حكم التنشف: "الثالث: وهو يُحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن ذلك يجوز في الغسل دون الوضوء؛ لأن ماء الغسل قد يضر لكثرته، بخلاف ماء الوضوء. ولهذا جاء في الحديث أنه عليه السلام تنشف بعد الغسل"، ثم ذكر حديث أم هانئ هذا. (آداب دخول الحمام ص 92).
وعَلَّق العيني عليه بقول: "هذا ظاهر في التنشيف"(عمدة القاري 3/ 195).
وقال السندي في قوله: (فالتحف به): "أي اشتمل به فصار الثوب للبدن كالمنديل الذي ينشف به أثر الماء.
ويحتمل أنه أخذ من عدم ذكر المنديل في الحديث أنه ما استعمله، وهو بعيد" (حاشية السندي على سنن ابن ماجه 1/ 173).
قلنا:
لكن الحديث في الصحيحين من رواية مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي مُرة، عن أم هانئ، وفيه:((فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ)). رواه البخاري (357، 3171، 6158)، ومسلم (336/ 82) من طرق عن مالك، به.
ففي هذه الرواية بيان أنه التحف بالثوب ليصلي فيه، فليس ظاهرًا في التنشيف، كما ادعى العيني، بل ربما يكون ما استبعده السندي هو الأقرب في الحديث.
ولهذا قال المباركفوري: "في الاستدلال بهذين الحديثين
(1)
على جواز التنشيف بعد الوضوء تأمل كما لا يخفى على المتأمل" (تحفة الأحوذي 1/ 146).
وقد ذكر البخاري رواية مالك، تحت باب "الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به".
وقال النووي: "فيه جواز الصلاة في الثوب الواحد والالتحاف به"(شرح مسلم 5/ 232).
[التخريج]:
[م (336/ 71 "واللفظ له"، 72 "والرواية والزيادة له") / جه 468 / سعد (2/ 134) / حث 224 / عه 872 / طب (24/ 419/ 1019) / حب 2537 / مسن 760، 761 / هق 970 / هقل (5/ 80) / متشابه (2/ 760) / طاهر (تصوف 70)].
(1)
يعني هذا الحديث وحديث قيس بن سعد الآتي، ولفظه:((فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، فَاشْتَمَلَ بِهَا)).
[السند]:
قال مسلم (336/ 71): حدثنا محمد بن رُمْح بن المهاجر، أخبرنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن أبي هند، أن أبا مُرة مولى عقيل، حدثه أن أم هانئ بنت أبي طالب حدثته، أنه لما كان عام الفتح
…
فذكره.
وقال مسلم أيضًا: وحدثناه أبو كُريب، حدثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن سعيد بن أبي هند، بهذا الإسناد، وقال:((فَسَتَرَتْهُ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا اغْتَسَلَ أَخَذَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ)).
* * *
1990 -
حديث عبد الله بن جعفر:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنه، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَتَهُ، وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَبَرَّزَ كَانَ أَحَبَّ مَا تَبَرَّزَ فِيهِ هَدَفٌ يَسْتَتِرُ بِهِ، أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ، فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا فِيهِ نَاضِحٌ لَهُ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ وَسَرَاتَهُ، فَسَكَنَ فَقَالَ:«مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ » فَجَاءَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ:«أَلا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَاكَ إِلَيَّ وَزَعَمَ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ» ، ثُمَّ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَائِطِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ وَالْمَاءُ يَقْطُرُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، فَحَرَّجْنَا عَلَيْهِ أَنْ يُحَدِّثَنَا، فَقَالَ: لَا أُفْشِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.
[الحكم]:
صحيح، وصححه ابن حبان، وأصله في صحيح مسلم مقتصرًا على أوله.
[الفوائد]:
ذكر الحديثَ ابنُ دقيق العيد في "فصل في التنشف بعد الوضوء والغسل وتركه"(الإمام 2/ 71).
[التخريج]:
[حم 1754 "واللفظ له" / حب 1408 / سرج 556، 1359].
سبق تخريجه وتحقيقه في باب "التستر عند قضاء الحاجة"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
1991 -
حديث الحارث بن الحارث الغامدي:
◼ عَنْ الحَارِثِ بْنِ الحَارِثِ الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: مَا هَذِهِ الجَمَاعَةُ؟ ! قَالَ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ
(1)
. قَالَ: فَنَزَلْنَا (فَأَشْرَفْتُ) فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ عز وجل وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، وَيُؤْذُونَهُ، حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ (حَتَّى ارْتَفَعَ النَّهَارُ) وَانْصَدَعَ عَنْهُ النَّاسُ
(2)
، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ قَدْ بَدَا نَحْرُهَا [تَبْكِي]، تَحْمِلُ قَدَحًا وَمِنْدِيلًا، فَتَنَاوَلَهُ مِنْهَا وَشَرِبَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ [إِلَيْهَا] وَقَالَ:«يَا بُنَيَّةُ، خَمِّرِي عَلَيْكِ نَحْرَكِ، وَلَا تَخَافِي عَلَى أَبِيكِ [غَلَبَةً وَلَا ذُلًّا]» . قُلْنَا: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: [هَذِهِ] زَيْنَبُ بِنْتُهُ [صلى الله عليه وسلم].
[الحكم]:
إسناده حسن، وصححه أبو زرعة الدمشقي، وأقره ابن عساكر والألباني، وقال الهيثمي والصالحي:"رِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
[التخريج]:
[تخ (2/ 262) "مختصرًا جدًّا" / زرعة (إصا 2/ 340) / مث 2403، 2976 "والزيادة الأولى له ولغيره" / صبغ 692 / قا (1/ 182) / طب (3/ 268/ 3373) "واللفظ له"، (2/ 432/1052) "والروايتان والزيادات سوى الأولى له ولغيره" / بشن (سبعة مجالس 53) / صحا 2108 / مقدح 92 / كر (11/ 407، 408)، (13/ 156)، (52/ 306)].
(1)
تحرفت في الموضع الثاني عند ابن أبي عاصم إلى: "حِسَابِي لَهُمْ"! ، وتحرفت عند ابن قانع إلى:"صَاحِبٍ لَهُمْ"!
(2)
تحرفت عند ابن قانع إلى: "فَانْصَاعَ الْبَأْسُ"! ! !
[السند]:
رواه الطبراني في (الكبير 3373) قال: حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي، والحسين بن إسحاق التستري، قالا: ثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبد الغفار بن إسماعيل بن عبيد الله، ثنا الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، ثنا الحارث بن الحارث الغامدي، ، به.
ورواه البخاري في (الكبير 2/ 262)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2403
(1)
، 2976)، وأبو زرعة الدمشقي - ومن طريقه ابن عساكر في (التاريخ 11/ 408) - ثلاثتهم: عن هشام بن عمار، به، إلا أن البخاري اختصره.
ورواه الباقون من طرق عن هشام، به.
فمدار الحديث عند الجميع على هشام بن عمار، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح سوى صحابيه، وعبد الغفار بن إسماعيل، قال عنه أبو حاتم:"ما به بأس"(الجرح والتعديل 6/ 54)، ووثقه العجلي (1120)، وذكره ابن حبان في (الثقات)، كما في (الثقات لابن قطلوبغا 7030)
(2)
.
وفي هشام بن عمار كلام خفيف، وقال فيه الحافظ: "صدوق مقرئ، كبر
(1)
ووقع عنده في الموضع الأول: "عبد الغفار بن إسماعيل بن عبد اللَّه" مكبرًا، وهو خطأ، كما تحرف عنده في الموضع الثاني اسم الحارث إلى "الحاري"!
(2)
وسقطت ترجمته من المطبوع من (الثقات)، وإنما في المطبوع (7/ 110) ترجمة أخيه عبد العزيز.
فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح".
والحديث صححه أبو زرعة الدمشقي، نقله عنه ابن عساكر في (تاريخه 11/ 407) وأقره، وتبعه الألباني في (جلباب المرأة ص 79، 80).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، ورجاله ثقات"(المجمع 9827).
وكذا قال الصالحي في (سبل الهدى 2/ 595).
وقد خولف فيه هشام بن عمار بما لا يضر إن شاء الله:
فروى هذا الحديث الطبراني في (الكبير 20/ 343/ 806) عن جعفر الفريابي.
وابن قانع في (الصحابة 3/ 93) عن عبد الله بن سليمان بن الأشعث.
وابن الأثير في (أسد الغابة 5/ 124) من طريق ابن أبي عاصم، ثلاثتهم عن هشام بن خالد، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبد الغفار بن إسماعيل بن عبيد الله، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن مدرك بن الحارث الغامدي قال: حججت مع أبي فلما كنا بمنى إذا جماعة على رجل .. "، وساق الحديث بنحوه، غير أن الطبراني اختصره، وسماه "مدركة"! ولم يذكروا جميعًا الوضوء!
فهذا يعني أن هشام بن خالد وهو صدوق قد خالف هشام بن عمار في تسمية الصحابي.
ولكن جاء الحديث في المطبوع من (الآحاد والمثاني 2404)، من رواية ابن أبي عاصم عن هشام بن عمار! ، به بمثل رواية ابن الأثير!
وكذا رواه أبو نعيم في (المعرفة 6305) - ومن طريقه ابن عساكر (57/
181) - من طريق ابن أبي عاصم، به.
قال ابن عساكر: "رواه هشام أيضًا عن الوليد بهذا الإسناد عن الحارث بن الحارث الغامدي، وقد تقدم"(تاريخ دمشق 57/ 182).
قلنا: فإن كان ذِكر ابن عمار عندهم محفوظًا، فيكون قد روى الحديث على الوجهين، وتابعه ابن خالد على الوجه الثاني، فيترجح، وإلا فيبقى الخلاف قائمًا، وليس هو بضار ما دامت الصحبة ثابتة للغامدي سواء كان اسمه الحارث أم مدرك بن الحارث.
ولكن الغريب، أن الطبراني وابن أبي عاصم وأبا نعيم وابن عبد البر وابن الأثير وابن حجر وغيرهم - ذكروا في الصحابة كلًا من (الحارث بن الحارث الغامدي)، و (مدرك بن الحارث الغامدي)، وذكر أكثرهم نفس هذا الحديث في ترجمة كل منهما! !
1992 -
حديث منيب الأزدي:
◼ عن مُنِيبٍ الأَزْدِيِّ، قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالإِيمَانِ بِهِ، وَهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، وَيُسِفُّونَ التُّرَابَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ، فَأَقْبَلَتْ جَارِيَةٌ تَحْمِلُ قَدَحًا وَمِنْدِيلًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَدَحَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ [- يَعْنِي: تَوَضَّأَ -]، وَمَسَحَ بِالْمِنْدِيلِ وَجْهَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا بُنَيَّةُ، خَمِّرِي عَلَيْكِ صَدْرَكِ، لا تَخَافِي عَلَى أَبِيكِ غَلَبَةً وَلَا ذُلًا» . قُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ يَوْمَئِذٍ جَارِيَةٌ بَلَغَتْ».
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وسنده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه المباركفوري.
[التخريج]:
[طاهر (تصوف 71) "واللفظ له" / مغلطاي (1/ 505) "والزيادة له"].
[السند]:
رواه ابن طاهر في (صفوة التصوف) - ومن طريقه مغلطاي في (شرح ابن ماجه) - قال: أخبرناه الحسن بن أحمد السمرقندي، قال: أنا أبو العباس جعفر بن محمد الخطيب، قال: أنا الخليل بن أحمد، أنا (ابن زيرك)
(1)
،
نا يحيى بن يونس، حدثني أبو الحسن سنبل الشامي، نا
(1)
في المطبوع من (صفوة التصوف): "زيدك"، وفي (شرح ابن ماجه):"ديزل"، وكلاهما خطأ، فأما ابن ديزل فمات قبل أن يولد الخليل. وأما ابن زيدك فلم نقف على من يسمى كذلك في هذه الطبقة، والذي في طبقة شيوخ الخليل: محمد بن أحمد بن موسى بن زيرك، أبو حفص البخاري. المتوفى: سنة (348 هـ) ـ. وترجمته في (تاريخ الإسلام 7/ 867). فهو الأظهر.
وقد جاء (ابن زيرك) هكذا بالراء من رواية الخليل عنه، في (الطب للمستغفري ق 176)، و (فضائل القرآن للمستغفري 662)، وغير ذلك.
سليمان بن عبد الرحمن التميمي
(1)
، نا عتبة بن حماد الحكمي، حدثني منيب بن (مدرك)
(2)
بن منيب الأزدي، عن أبيه، عن جده، به.
قال ابن طاهر - عقبه -: "سنبل بالسين المهملة والنون والباء المعجمة بواحدة، هو ابن علي أبو الحسن الشامي، لم يذكره عبد الغني مع ما يتصحف به. وروى هذا الحديث أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، عن سليمان مختصرًا، وعلونا فيه إليه".
وجعفر هو المستغفري الحافظ، والخليل هو أبو سعيد السَّجْزي القاضي الحنفي، ويحيى هو الشيرازي.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى والثانية: منيب بن مدرك، وأبوه مدرك بن منيب، قال أبو حاتم:"مجهولان"(الجرح والتعديل 8/ 328)، وكذا قال الذهبي في مدرك (الميزان 4/ 86).
فأما ابن حبان، فذكرهما في (الثقات 5/ 445، 7/ 509)، على قاعدته.
الثالثة: أبو الحسن سُنْبُل بن علي الشامي، ذكره ابن ماكولا في (الإكمال 4/
(1)
في المطبوع من (شرح ابن ماجه): "التيمي"، وهو خطأ، فهذه نسبة الطلحي التمار، وصاحبنا هو ابن بنت شرحبيل الدمشقي.
(2)
تحرف في المطبوع من (صفوة التصوف) إلى: "مذكر"، والصواب المثبت، كما في (شرح ابن ماجه)، وكذا في مصادر ترجمته، انظر التحقيق.
374، 5/ 19)، والذهبي في (المشتبه ص 391)، وتبعه ابن ناصر في (التوضيح 5/ 52)، وابن حجر في (التبصير 2/ 773)، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو في عداد المجهولين، وأشار إلى ذلك الذهبي بقوله:"شيخ لمحمد بن المسيب الأرغياني"، فلا يُعرف إلا برواية هذا ويحيى بن يونس الشيرازي.
ومع جهالة حاله، فقد تفرد بذكر المنديل والمسح به في هذا الحديث، وخالفه جماعة من الثقات:
فرواه جعفر الفريابي (المعجم الكبير 20/ 805)، وأبو زرعة الدمشقي (تاريخ دمشق 60/ 375)، وأبو إسماعيل الترمذي (تاريخ دمشق 60/ 377)، وموسى بن سهل، وإسحاق بن إبراهيم الرملي (تاريخ الطبري 11/ 585)، وغيرهم، عن سليمان به، ولم يذكروا في متنه المنديل والمسح به.
وكذا علقه البخاري في (الكبير 8/ 14) عن سليمان.
وقال ابن طاهر عقب روايته له: "روى هذا الحديث أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، عن سليمان، مختصرًا
…
ورواه عثمان بن الفضل، عن سليمان، أطول من المتقدم، ولم يذكر المنديل".
قلنا: وعليه، فذكر المنديل والمسح به في هذا الحديث منكر، والله أعلم.
وقد ضَعَّفه المباركفوري في (التحفة 1/ 144).
فإن قيل: قد صحح أبو زرعة الدمشقي حديث منيب هذا كما ذكره ابن عساكر في (التاريخ 11/ 407).
قلنا: إنما صحح ما رواه، وقد بينا أن روايته ليس فيه ذكر المنديل والمسح
به.
نعم يحتاج إلى الجواب عن تصحيحه هذا، مع كونه من رواية مُنِيب عن أبيه مدرك، وقد سبق أنهما مجهولان!
قلنا: الظاهر أنه صححه بشاهده من حديث ابن الحارث الغامدي، فإنه قد رواهما معًا ثم قال:"هذان الحديثان صحيحان"(التاريخ 11/ 407).
1993 -
حديث قيس بن سعد:
◼ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِنَا فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ، فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا، قَالَ قَيْسٌ: فَقُلْتُ: أَلَا تَأْذَنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: ذَرْهُ يُكْثِرُ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ، فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا لِتُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ، قَالَ: فَانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ، فَاشْتَمَلَ بِهَا، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ:((اللهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ)).
قَالَ: ثُمَّ أَصَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمَّا أَرَادَ الاِنْصِرَافَ قَرَّبَ لَهُ سَعْدٌ حِمَارًا، قَدْ وَطَّأَ عَلَيْهِ بِقَطِيفَةٍ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا قَيْسُ، اصْحَبْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ قَيْسٌ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ارْكَبْ)) ، فَأَبَيْتُ، ثُمَّ قَالَ:((إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ)) ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ.
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضَعَّفه البخاري، والنووي، ومغلطاي، وابن الملقن، والهيثمي، والألباني.
[التخريج]:
[د 5096 "واللفظ له" / كن 10265 / حم 15476 / طب (18/
349/ 892)، (18/ 353/ 902) / شعب 8427 / هق 896 / محلى (2/ 47) / كر (20/ 253)، (49/ 398 - 399) / أسد (1/ 434)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية التالية.
رواية بلفظ: بملحفة وَرْسية:
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرًا: عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعْنَا لَهُ غسْلًا (مَاءً) 1 [يَتَبَرَّدُ بِهِ] 1، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِمِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ (صَفْرَاءَ) 2 (مَصْبُوغَةٍ بِوَرْسٍ) 3، فَاشْتَمَلَ (فَالتَحَفَ) 4 بِهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَثَرِ الْوَرْسِ عَلَى عُكَنِهِ، [فَقَالَ:((اللهُمَّ صَلِّ عَلَى الأَنْصَارِ، وَعَلَى ذُرِّيَّةِ الأَنْصَارِ، وَعَلَى ذُرِّيَّةِ ذُرِّيَّةِ الأَنْصَارِ))] 2، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ بِحِمَارٍ لِيَرْكَبَ، فَقَالَ:((صَاحِبُ الْحِمَارِ أَحَقُّ بِصَدْرِ حِمَارِهِ))، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْحِمَارُ لَكَ.
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضَعَّفه البخاري، والنووي، ومغلطاي، والهيثمي، والألباني.
[اللغة]:
قال ابن الملقن: "قوله: «على عُكَنه» هو بضم العين وفتح الكاف، جمع عُكْنة - بضم العين وإِسكان الكاف - قال الأزهري: قال الليث وغيره: العكنة: الانطواء في بطن الجارية من السمن، وواحدة العكن: عكنة.
ويقال: تعكن الشيء تعكنًا إِذا ركم بعضه على بعض فانثنى" (البدر المنير 2/ 261).
وقال السندي: " (عُكَنه) بضم ففتح، أي طبقات بطنه. وفي المصابيح: العُكَنة الطي في البطن من السمن، والجمع عكن، مثل غرفة وغرف"(حاشية السندي على سنن ابن ماجه 1/ 173).
[التخريج]:
[جه 469، 3629 "والزيادة الأولى والرواية الأولى والثانية له" / كن 10264 "والرواية الثالثة والرابعة له" / حم 23844 "واللفظ له" / ش 25256 "والزيادة الثانية له" / سعد (1/ 388) / عل 1435 / بز 3744 / مث 1765 / منذ 427 / سني 664 / طب (18/ 349/ 889) / نعيم (طب 670) / شفا (1/ 119 - 120) / ردف (ص 86) / كما (25/ 367)].
[التحقيق]:
هذا الحديث مداره على محمد بن عبد الرحمن بن زرارة، ورُوي عنه من طريقين:
الطريق الأول: يرويه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عنه، واختُلف عليه على وجوه:
الوجه الأول:
أخرجه أحمد (15476) قال: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يقول: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن قيس بن سعد، به.
وأخرجه أبو داود (5096) - ومن طريقه البيهقي في (الشعب)، وابن حزم في (المحلى)، وابن الأثير في (أسد الغابة) -، والنسائي في (الكبرى 10265)، والطبراني (902)، والبيهقي في (الكبرى): من طرق عن الوليد بن مسلم، به.
الوجه الثاني:
أخرجه النسائي في (الكبرى 10266) من طريق شعيب بن إسحاق الدمشقي عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة مرسلًا.
وقال أبو داود عقب رواية الوليد: "رواه عمر بن عبد الواحد، وابن سماعة، عن الأوزاعي مرسلًا، ولم يذكرا قيس بن سعد".
الوجه الثالث:
أخرجه النسائي في (الكبرى 10267) من طريق عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مرسلًا.
فهذه ثلاثة أوجه عن الأوزاعي، رواتها كلهم ثقات، فالذي يبدو لنا أن الاختلاف من قِبل الأوزاعي نفسه؛ خاصة وأن رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير فيها مقال.
قال أحمد: "هو كثيرًا مِمَّا يُخْطِئُ عن يحيى بن أبي كثير"(العلل ومعرفة الرجال رواية المروذي وغيره 268). وقال أيضًا: "حديث الأوزاعي، عن يحيى: مضطرب"(سير أعلام النبلاء 7/ 113). وقال أيضًا: "لم يكن يحفظه جيدًا فيخطئ فيه"، وقال كذلك: "كان كتاب الأوزاعي عن يحيى بن
أبي كثير قد ضاع منه، فكان يحدث عن يحيى بن أبي كثير حفظًا" (شرح علل الترمذي 2/ 799).
ولذا قال مغلطاي: "ورواه أبو محمد بن حزم في كتابه مصححًا له
…
، وفي تصحيحه له نظر"، وذكر كلام أبي داود المتقدم (شرحه ابن ماجه 1/ 501).
وقال ابن كثير عن سند أحمد: "وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات"(آداب دخول الحمام ص 92).
وهذا منه ليس بجيد؛ لأن هذا السند غير صحيح - بغَضِّ النظر عن علة الاضطراب -؛ لأن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة لم يسمع من قيس بن عبادة، بل لم يدركه، فقد مات قيس سنة (60 هـ)، بينما مات محمد سنة (124 هـ)، فبينهما ما يزيد على ستين عامًا، وقد ذكره الحافظ في (التقريب 6074) في الطبقة السادسة، وقد ذكر في (مقدمة التقريب ص 75) أن هذه الطبقة لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.
وقد رُوي الحديث عنه بواسطة بينه وبين قيس كما في:
الطريق الثاني:
يرويه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واختُلف عليه في شيخ شيخه على وجوه:
الوجه الأول: عن عمرو بن شرحبيل:
أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه 32017) - ومن طريقه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 1765) -: عن علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن ابن شرحبيل، عن قيس بن سعد، به مقتصرًا
على فقرة الدعاء.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(18/ 349/890) من طريق سعيد بن سليمان. وابن منده في (معرفة أسامي أرداف النبي صلى الله عليه وسلم ص 86): من طريق أبي علي الموصلي. كلاهما عن علي بن هاشم، به مطولًا وقالا:(عن عمرو بن شرحبيل).
وأخرجه النسائي في (الكبرى 10264) - وعنه ابن السني في (عمل اليوم والليلة 664) - قال: أخبرنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن ابن أبي ليلى، به نحوه.
الوجه الثاني: عن محمد بن شرحبيل:
أخرجه ابن أبي شيبة (25256) - ومن طريقه أبو يعلى (1435) ، والطبراني (18/ 349/889) -.
وأحمد (23844).
وابن ماجه (469، 3629): عن علي بن محمد.
والبزار (3744): عن إبراهيم بن سعيد الجوهري.
والمزي في (تهذيب الكمال 25/ 368) من طريق هارون بن إسحاق.
كلهم: عن وكيع بن الجراح، عن ابن أبي ليلى، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن محمد بن شرحبيل، عن قيس بن سعد، به.
وتوبع وكيع على هذا الوجه؛ فأخرجه أبو نعيم الأصفهاني في (الطب 670) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى،
به مثله.
ومحمد بن شرحبيل "مجهول" كما قال الحافظ في (التقريب 5956). وقال الذهبي: "محمد بن شرحبيل عن قيس بن سعد لا يُعرف"(الميزان 7669).
الوجه الثالث: عن محمد بن عمرو بن شرحبيل:
أخرجه ابن سعد (1/ 388). وابن المنذر في (الأوسط 427) من طريق إسحاق بن راهويه. كلاهما: عن وكيع بن الجراح، عن ابن أبي ليلى عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن محمد بن عمرو بن شرحبيل عن قيس، به.
قال الدوري: "سمعت يحيى يقول: حديث قيس بن سعد في الغسل يختلفون فيه: يقولون: محمد بن شرحبيل يقوله وكيع، وقد خالفه أبو شهاب وغيره يقولون: عمرو بن شرحبيل. والقول ما قالوا وقد أوهم فيه وكيع"(تاريخ ابن معين - رواية الدوري 3/ 534/2614).
قلنا: كذا قال؛ فالذي نراه أن الاختلاف فيه من ابن أبي ليلى نفسه، فإنه "سيئ الحفظ جدًّا" كما في (التقريب 6081).
ولذا ضَعَّف الحديث جماعة من العلماء:
فقال البخاري - بعد ذكره الخلاف على ابن أبي ليلى -: "ولم يصح إسناده"(التاريخ الكبير 1/ 113).
وضَعَّفه النووي في (الخلاصة 235)، و (المجموع 1/ 484).
وقال مغلطاي: "هذا حديث إسناده ضعيف بابن أبي ليلى" (شرح ابن ماجه
1/ 500).
وضَعَّفه ابن الملقن في (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 2/ 45).
وقال الهيثمي: "رواه أحمد، وفيه ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ"(المجمع 13227).
وضَعَّفه الألباني في (ضعيف أبي داود 1111)، و (ضعيف ابن ماجه 93).
1994 -
حديث سلمان:
◼ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَقَلَبَ جُبَّةَ صُوفٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضَعَّفه النووي، والعيني. وقال الترمذي:"ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء".
[التخريج]:
[جه 471 "واللفظ له"، 3588 / طس 2265 / طش 657، 661 / طص 9].
[السند]:
أخرجه ابن ماجه قال: حدثنا العباس بن الوليد وأحمد بن الأزهر، قالا: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا يزيد بن السِّمْط قال: حدثنا الوَضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان الفارسي، به.
ورواه الطبراني في (مسند الشاميين 657): عن محمد بن هارون عن العباس بن الوليد الخلال، عن مروان بن محمد الطاطَرِي، به.
وقد خولف العباس بن الوليد وأحمد بن الأزهر في إسناده؛
فرواه الطبراني في (المعجم الأوسط 2265)، و (الصغير 9)، و (مسند الشاميين 661): عن أحمد بن الحسن بن علي بن إبراهيم الدمشقي قال: نا محمد بن عبد الرحمن الجُعْفي قال: نا مروان بن محمد الطاطري
(1)
، عن
(1)
قُلِبَ في (مسند الشاميين) إلى: "محمد بن مروان"، وهو محض وهم، وجاء على الصواب في (الأوسط) و (الصغير).
يزيد بن السمط، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مَرْثَد، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان، به.
فزاد في إسناده (يزيد بن مرثد) بين الوضين ومحفوظ.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الوضين بن عطاء إلا يزيد بن السمط، تفرد به مروان بن محمد الطاطري"(المعجم الأوسط).
وقال في (الصغير): "لا يُروى عن سلمان إلا بهذا الإسناد، تفرد به مروان بن محمد الطاطري".
قلنا: ولكن ذكر (يزيد بن مرثد) غريب لا يصح؛ فإن أحمد بن الحسن (كذا، وفي مصادر ترجمته: الحسين) بن علي بن إبراهيم الدمشقي، مجهول الحال، ترجم له الذهبي في (تاريخ الإسلام 7/ 170) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا
(1)
.
فالصحيح في إسناده: عن مروان بن محمد، عن يزيد بن السمط، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع؛ فإن محفوظ بن علقمة لا يدرك سلمان الفارسي، فسلمان (تُوفي سنة 34 هـ)، وأما محفوظ فقد ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين من (الثقات 7/ 520)، وذكره ابن حجر في الطبقة السادسة في (التقريب 6507) وقد ذكر الحافظ في (مقدمة التقريب ص 75) أن هذه
(1)
وانظر (إرشاد القاصي والداني 89).
الطبقة لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.
وذكره الذهبي في وَفَيَات سنة (110 - 120) من (تاريخ الإسلام 3/ 306). وهذا يعني أن بينه وبين سلمان ما يزيد على ثمانين سنة. ولهذا جزم الذهبي بأن روايته عن سلمان مرسلة؛ فقال: "أرسل عن سلمان الفارسي وغيره".
فلا ندري لأي شيء مَرَّض القول بذلك المزي؛ حيث قال: "روى عن سلمان الفارسي، يقال: مرسل"! (تهذيب الكمال 27/ 288).
وقال البوصيري: "هذا إسناد فيه مقال؛ محفوظ بن علقمة عن سلمان يقال: مرسل، قاله في التهذيب، وباقي رجال الإسناد ثقات"(مصباح الزجاجة 4/ 83).
وقال في موضع آخر: "وفي سماع محفوظ عن سلمان نظر". ورغم ذلك نص على صحة إسناده! فقال قبل هذا الكلام: "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات"(مصباح الزجاجة 1/ 67). وجزم بصحته في (إتحاف الخيرة 1/ 341).
وتبعه صاحب (عون المعبود 1/ 287) فقال: "إسناده حسن".
وكذا حسنه الألباني في (صحيح ابن ماجه 384) وأحال على (الروض النضير 341).
وهو بعيد كما ترى.
العلة الثانية: الوضين بن عطاء؛ وهو مختلف فيه، وقال عنه الحافظ:"صدوق سيئ الحفظ ورُمي بالقدر"(التقريب 7408).
وأشار إلى إعلاله بالوضين الضياء في (السنن والأحكام 1/ 112) حيث قال: "رواه ق من رواية الوضين بن عطاء، قال أحمد: ما كان به بأس. وقال السعدي: هو واهي الحديث".
وقال ابن ناصر الدين: "تفرد به الوضين، وقد وثقه الجمهور، وضَعَّفه بعضهم"(جامع الآثار 7/ 438).
والحديث ضَعَّفه النووي في (المجموع 1/ 459)، و (خلاصة الأحكام 239).
وقال العيني: "وهذا ضعيف عند جماعة"(عمدة القاري 3/ 195)، وأقره المباركفوري في (تحفة الأحوذي 1/ 144).
* وقد قال الترمذي في باب المنديل بعد الوضوء: "ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء"(سنن الترمذي عقب رقم 54).
وقال ابن القيم: "ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتاد تنشيف أعضائه بعد الوضوء، ولا صح عنه في ذلك حديث البتة، بل الذي صح عنه خلافه"(زاد المعاد 1/ 190).
* * *
1995 -
حديث معاذ:
◼ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: ((رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضَعَّفه الترمذي، والبزار، والبيهقي، وابن الجوزي، والبغوي، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن القيم، والزيلعي، وابن الملقن، والزين العراقي، وابن ناصر الدين، وابن حجر، والصالحي، والألباني.
[التخريج]:
[ت 54 "واللفظ له" / أثرم 91 / بز 2652 / طب (20/ 68/ 127) / طس 4182 / طش 2243 / هق 1136 / ناسخ 151 / حنا (جصاص ق 8/ أ) / علج 582 / كر (52/ 328)].
[التحقيق]:
هذا الحديث له طريقان:
الطريق الأول:
أخرجه الترمذي قال: حدثنا قتيبة، حدثنا رشدين بن سعد، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نُسَي، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل، به.
ورواه البزار، والطبراني في (الأوسط) و (مسند الشاميين)، وابن شاهين في (الناسخ)، والبيهقي في (السنن)، وابن عساكر في (تاريخه)، وابن الجوزي في (العلل)، من طرق عن رشدين بن سعد، به
(1)
.
(1)
إلا أنه تصحف (عتبة بن حميد) في مطبوع (تاريخ دمشق) إلى (عبيد بن حميد).
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: رشدين بن سعد؛ وهو "ضعيف"(التقريب 1942).
وقد وقع الحديث عند ابن عساكر من رواية راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد به.
قال ابن عساكر: "كذا فيه، والصواب رشدين بن سعد المصري، فأما راشد بن سعد فهو حمصي لم يدركه قتيبة، وقد أخبرَناه عاليًا على الصواب أبو علي الحداد في كتابه
…
" ثم ساقه بإسناده.
الثانية: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم؛ قال الذهبي: "ضعفوه"(الكاشف 3194)، وقال ابن حجر:"ضعيف في حفظه"(التقريب 3862).
الثالثة: عتبة بن حميد، وهو مختلف فيه:
قال أبو حاتم: "صالح الحديث"(الجرح والتعديل 6/ 370)، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 272).
بينما قال عنه الإمام أحمد: "ضعيف ليس بالقوي"(الجرح والتعديل 6/ 370)، واعتمد تضعيف أحمد الذهبي في (الكاشف 3663)، وأما الحافظ فقال:"صدوق له أوهام"(التقريب 4429).
قلنا: قول أحمد هو المعتمد؛ فقول أبي حاتم: "صالح" - وحده -، قد لا يرتقي بالراوي لمرتبة الاحتجاج، كيف وقد عارضه قول الإمام أحمد؟ !
ولذا ضَعَّف هذا الإسناد جماعة من أهل العلم:
فقال الترمذي: "هذا حديث غريب وإسناده ضعيف؛ ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي يضعَّفان في الحديث".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا عن معاذ، وعبد الرحمن بن زياد لم يكن بالحافظ، وقد روى عنه الثوري وجماعة كثيرة".
وقال البيهقي: "ضعيف"(السنن 2/ 71).
وقال في موضع آخر: "إسناده ليس بالقوي"(السنن الكبرى 2/ 214).
قال ابن دقيق العيد: "يعني من جهة رشدين وعبد الرحمن بن زياد"(الإمام 1/ 133).
وضَعَّفه أيضًا: البغوي في (شرح السنة 2/ 15)، وابن العربي في (عارضة الأحوذي 1/ 69)، وابن الجوزي في (العلل المتناهية 582)، والنووي في (الخلاصة 238) و (المجموع 1/ 459)، وابن القيم في (زاد المعاد 1/ 190)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 102)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 503)، وابن الملقن في (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 2/ 45)، والزين العراقي في (تخريج الإحياء 1/ 83)، وابن ناصر الدين في (جامع الآثار 7/ 438)، والحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 172)، والعيني في (عمدة القاري 3/ 195)، والسيوطي في (الجامع الصغير 6629)، والصالحي في (سبل الهدى والرشاد 8/ 45)، والمُناوي في (فيض القدير 5/ 116)، والألباني في (الضعيفة 4180).
ومع هذا ذهب في (الصحيحة 5/ 135) إلى تقويته بشواهده، فقال معقبًا على كلام الترمذي:"وضَعَّفهما - أي: رشدين وابن أنعم - إنما هو من قبل حفظهما، وليس لتهمة في ذاتهما، فمثلهما يُستشهد بحديثهما، فالحديث حسن عندي بمجموع طرقه".
قلنا: كذا قال الشيخ رحمه الله، والذي نراه أن هذا الإسناد شديد الضعف، فيه
ثلاث علل، فمثله لا يصلح للتقوية، والله أعلم.
الطريق الثاني:
أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني الأحوص بن حكيم.
وأخرجه الأثرم في (السنن)، والحنائي في (جزء من حديثه) من طريق بكر بن خُنَيْس.
كلاهما (الأحوص، وبكر) عن محمد بن سعيد، (عن)
(1)
عبادة بن نُسَي، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل، به.
وهذا إسناد ساقط؛ فيه محمد بن سعيد، هو ابن حسان بن قيس المصلوب؛ قال ابن حجر:"كذبوه، وقال أحمد بن صالح: وضع أربعة آلاف حديث. وقال أحمد: قتله المنصور على الزندقة وصَلَبه"(التقريب 5907).
وفيه الأحوص بن حكيم، وهو:"ضعيف الحفظ"(التقريب 290).
وقد تابعه بكر بن خنيس وهو: "واهٍ"، كما قال الذهبي في (الكاشف 624).
* وقد قال الترمذي في باب المنديل بعد الوضوء: "ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء"(سنن الترمذي عقب رقم 54).
وقال ابن القيم: "ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتاد تنشيف أعضائه بعد الوضوء، ولا صح عنه في ذلك حديث البتة، بل الذي صح عنه خلافه"(زاد المعاد 1/ 190).
* * *
(1)
تحرفت في مطبوع (سنن الأثرم) إلى: "بن"، وهو على الصواب في النسخة الخطية للكتاب (ق 217/ب).
رواية (إلا مَرة):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ:((مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ برَأْسِهِ إِلَّا مَرَّةً، كَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ إِذَا تَوَضَّأَ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[خلع 651].
[السند]:
قال علي بن الحسين الخلعي: أخبرنا أبو عبد الله شعيب بن عبد الله بن المنهال، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، قال: حدثنا أبو الزنباع رَوْح بن الفرج بن عبد الرحمن القطان، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن معاذ بن جبل، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لأجل عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وعتبة بن حميد، وقد تقدم الكلام عليهما في الرواية السابقة.
وفي هذا الإسناد عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف أيضًا، كما تقدم مرارًا.
* * *
1996 -
حديث عائشة:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعْدَ الوُضُوءِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وأنكره أحمد، وضَعَّفه الترمذي، والدارقطني، والبيهقي، والبغوي، وابن العربي، وابن الجوزي، والنووي، وابن القيم، والزيلعي، وابن الملقن، والمقريزي، وابن حجر، والمُناوي، والشوكاني، والألباني.
[التخريج]:
[ت 53 "واللفظ له" / مدونة (1/ 125) / عد (5/ 199) / قط 388 / ناسخ 152 / ك 558 / هق 893 / علج 583 / جوزي (ناسخ 41) / عوارف (2/ 323)].
[السند]:
أخرجه الترمذي قال: حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح، حدثنا عبد الله بن وهب، عن زيد بن حُبَابٍ، عن أبي معاذ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.
ورواه سحنون في (المدونة): عن ابن وهب، به.
ورواه الحاكم: من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن ابن وهب، به.
ومداره عند الجميع على ابن وهب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه أبو معاذ، وهو: سليمان بن أرقم، كما جزم بذلك: الترمذي، والدارقطني وابن عدي وغيرهم.
وسليمان هذا "متروك"، كما قال جمهور النقاد؛ ولذا قال البخارى:"تركوه"(التاريخ الكبير 4/ 2)، وهو ما اعتمده الذهبي حيث قال:"متروك"(الكاشف 2068). وقَصَّر الحافظ، فقال فيه:"ضعيف"(التقريب 2532).
وبه ضَعَّف الحديث غير واحد من أهل العلم:
فقال الترمذي عقبه: "حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شئ، وأبو معاذ يقولون: هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف عند أهل الحديث".
وأقره الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 181)، وابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 71)، وغيرهما.
وذكره ابن عدي في ترجمته، وقال عقبه:"وأبو معاذ هذا هو سليمان بن أرقم"(الكامل 5/ 200)، وذكر له جملة أخرى من حديثه، ثم ختم ترجمته بقوله:"وعامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه"(الكامل 5/ 208).
وقال الدارقطني عقبه: "أبو معاذ هو سليمان بن أرقم، وهو متروك"، وأقره البيهقي عقب الحديث.
وتبعهم على تضعيفه بذلك: ابن القيسراني في (ذخيرة الحفاظ 3/ 1814)، والبغوي في (شرح السنة 2/ 15) و (المصابيح 1/ 211)، وابن العربي في (عارضة الأحوذي 1/ 69)، وابن الجوزي في (العلل المتناهية 583)، والنووي في (الخلاصة 237)، وابن القيم في (زاد المعاد 1/ 190) ، والزيلعي في
(نصب الراية 1/ 102)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 254)، والمقريزي في (إمتاع الأسماع 7/ 3)، وابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 171)، والعيني في (البناية 1/ 253)، والمُناوي في (التيسير 2/ 262)(فيض القدير 5/ 175)، والشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 223)، والألباني في (الصحيحة 5/ 133)، و (ضعيف الترمذي 7).
وأما الإِمام أحمد بن حنبل، فسأله مهنأ عن هذا الحديث؛ فقال:"منكر منكر، وأبو معاذ ياسين بن معاذ وهو ضعيف"(الإمام لابن دقيق العيد 2/ 71)، (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 504)، (إتحاف المهرة 17/ 169)
(1)
. واقتصر ابن قدامة في (المغني 1/ 196) على نقل استنكار أحمد.
قلنا: لكن ياسين بن معاذ كنيته (أبو خلف)، فقول الترمذي وابن عدي والدارقطني - ومن وافقهم - أظهر.
وعلي كلٍّ؛ ياسين بن معاذ هذا حاله قريب من سليمان بن أرقم، فهو أيضًا متروك واهٍ انظر ترجمته في (لسان الميزان 8405).
وأما الحاكم، فقال: "أبو معاذ هذا هو (الفضيل)
(2)
بن ميسرة، بصري، روى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه".
كذا قال، وتبعه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على (جامع الترمذي 1/ 75)، وهو وهمٌ منهما؛ فإن الفضيل هذا لا يُعرف بالرواية عن الزهري، ولا يُعرف زيد بن الحُبَاب بالرواية عنه، والترمذي وابن عدي والدارقطني أقعد
(1)
ولكن تحرف في مطبوع (الإتحاف): "ياسين" إلى "سفيان".
(2)
تصحف في طبعة التأصيل وغيرها إلى (الفضل)، والتصويب من (إتحاف المهرة 17/ 169)، ومصادر ترجمته.
وأمكن من الحاكم في هذا الباب، فقولهم هو الصواب.
ولهذا قال ابن حجر - متعقبًا الحاكم -: "قلت: إنما هو سليمان بن أرقم كما قال الدارقطني، وكذا جزم به ابن عدي والبيهقي، وكذا حكاه الترمذي، ومما يؤيده أن الفضيل بن ميسرة لم يقع له رواية عن الزهري قط"(إتحاف المهرة 17/ 169).
وقال الألباني: "وقد أغرب الشيخ أحمد شاكر فصحح إسناد حديث عائشة، ذَهابًا منه إلى موافقة الحاكم على أن أبا معاذ هو الفضيل بن ميسرة"(الصحيحة 5/ 135/ 2099).
ومع هذا ذهب الشيخ الألباني إلى تحسين الحديث بمجموع طرقه (يعني شواهده)، وفيه نظر ظاهر؛ فإن شواهده كلها ضعيفة منكرة، لا تصلح للاعتبار، والله أعلم.
* * *
1997 -
حديث إياس بن جعفر عن رجل:
◼ عَنْ إِيَاسِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ: أُخْبِرتُ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ خِرْقَةٌ يَتَنَشَّفُ بِهَا عِنْدَ الوُضُوءِ».
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ إِيَاسِ بن جَعْفَرٍ، عن فُلَان:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ مِنْدِيلٌ أَوْ خِرْقَةٌ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ إِذَا تَوَضَّأَ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ إِيَاسِ بن جَعْفَرٍ، أَنَّ رَجُلا حَدَّثَهُ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَتْ لَهُ خِرْقَةٌ أَوْ مِنْدِيلٌ، فَكَانَ إِذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[سعد (1/ 332) "والسياق الأول له" / الكنى للنسائي (مغلطاي 1/ 506) / لا 1753 "والسياق الثاني له" / هق 895 "والسياق الثالث له"].
[السند]:
أخرجه ابن سعد في (الطبقات) قال: أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر الحنفي، قال: أُخبرت
…
فذكره بالسياق الأول.
ورواه النسائي في (الكنى) - كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 506) -، والدولابي في (الكنى 1753): عن إبراهيم بن يعقوب، عن سهل بن حماد، عن أبي عمرو بن العلاء، قال: أخبرني إياس بن جعفر بن الصلت أبو مريم، عن فلان (رجل من الصحابة)
(1)
، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له منديل
…
فذكره
(1)
كذا في (شرح مغلطاي)، وليست عند الدولابي، فلا ندري هل هي من تمام رواية النسائي، أم من اجتهاد مغلطاي؟ والأخير الأظهر - والله أعلم -.
بلفظ السياق الثاني.
ورواه البيهقي في (السنن) من طريق عبيد الله بن عمر القواريري، عن عبد الوارث، عن أبي عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر، أن رجلًا حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة
…
فذكره بلفظ السياق الثالث.
فمداره عند الجميع على أبي عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال إياس بن جعفر؛ فقد ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 1/ 435) فقال: "إياس بن جعفر، مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو عمرو بن العلاء البصري"، وتبعه ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 277). وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 33 / طبقة التابعين) وقال:"يَروي عن أنس بن مالك إن كان سمع منه. روى عنه أبو عمرو بن العلاء"، ثم أعاده في (طبقة أتباع التابعين 6/ 65) وقال:"شيخ يروي المراسيل".
ومع هذا قال العيني: "رواه النسائي في (الكنى) بسند صحيح"! (عمدة القاري 3/ 195).
وكأنه اعتمد على توثيق ابن حبان، ومن المستقِر - لدى المحققين من أهل العلم - أن تفرد ابن حبان بالتوثيق لا يعتبر؛ لما عُرف عنه من توثيق المجاهيل، وهو ظاهر في قوله:(شيخ .. ).
هذا فضلًا عن إبهام شيخه، والذي يبدو أنه ليس بصحابي.
وأما ما جاء عند مغلطاي أنه (رجل من الصحابة)، فالأظهر - لدينا - أنه من اجتهاد مغلطاي رحمه الله.
وقد رواه عون بن عُمارة، عن أبي عمرو بن العلاء عن إياس بن ضُبَيْح عن رجل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة
…
ذكره الدارقطني في (الأفراد) كما في (أطراف الغرائب والأفراد 11).
وعون بن عمارة: "ضعيف" كما في (التقريب 5224).
وقد خالفه جماعة من الثقات فقالوا: (إياس بن جعفر)، وأشار لخطئه الدارقطني بقوله:"وقال غيره: عن أبي عمرو عن إياس بن جعفر عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم "(أطراف الغرائب والأفراد 11).
وقد رواه بعضهم عن إياس مرسلًا، كما في الحديث التالي.
1998 -
حديث إياس بن جعفر مرسلًا:
◼ عَنْ إِيَاسِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ:((كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خِرْقَةٌ إِذَا تَوَضَّأَ تَمَسَّحَ (يَنْتَشَّفُ) بِهَا)).
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[سعد (1/ 397) / ضحة (ق 8/ أ)].
[السند]:
رواه ابن سعد في (الطبقات 1/ 397): عن محمد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا أبو عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر الحنفي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة حال إياس بن جعفر - كما تقدم -، وإرساله.
ورواه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة/ كتاب الوضوء): عن أسد بن موسى، عن عدي بن الفضل، عن إياس بن جعفر، به.
وعدي بن الفضل "متروك" كما في (التقريب).
وقد أسنده بعضهم عن أبي عمرو بن العلاء عن أنس بن مالك عن أبي بكر، ولا يصح كما سيأتي بيانه.
1999 -
حديث أبي بكر:
◼ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ خِرْقَةٌ يَتَنَشَّفُ بِهَا بَعْدَ الوُضُوءِ)).
[الحكم]:
ضعيف معلول، وضَعَّفه البيهقي والذهبي والمباركفوري.
[التخريج]:
[فقط (أطراف 11) / هق 894 "واللفظ له" / عليك (ق 239/ ب)].
[السند]:
أخرجه البيهقي في (السنن) قال: أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ، حدثني أحمد بن منصور الصوفي الحافظ، أبو العباس بن الشيرازي، أخبرنا أحمد بن محمد النحْوي، حدثنا أبو العيناء محمد بن القاسم، حدثنا أبو زيد النحْوي، حدثنا أبو عمرو بن العلاء، عن أنس بن مالك، عن أبي بكر الصديق، به.
وأخرجه ابن عليك في (فوائده)، والدارقطني في (الأفراد): من طريق محمد بن يحيى الصولي، عن أَبي العيناء محمد بن القاسم، عن أبي زيد سعيد بن أوس، عن أبي عمرو بن العلاء، عن أنس بن (مالك)
(1)
، عن أبي بكر الصديق، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه: محمد بن القاسم أبو العيناء؛ قال عنه الدارقطني: "ليس بالقوي في الحديث"، وقد اعترف أبو العيناء هذا بوضع حديث (لسان
(1)
تحرف في (أطراف الأفراد) إلى (خلف)، والصواب (مالك)، كما قال محققه.
الميزان 7316).
وأبو زيد النحوي هو سعيد بن أوس بن ثابت، وثقه جماعة، وضَعَّفه الساجي وغيره، وقال الحافظ:"صدوق له أوهام"(التقريب 2272).
والمحفوظ عن أبي عمرو بن العلاء ما رواه عبد الوارث بن سعيد، ومحمد بن ربيعة الكلابي وغيرهما عن أبي عمرو عن إياس بن جعفر عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم.
ولذا قال البيهقي عن طريق أبي العيناء: "وقد رُوي ذلك بإسناد غير قوي
…
"، فذكره، ثم قال: "وإنما رواه أبو عمرو بن العلاء عن إياس بن جعفر أن رجلًا حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة
…
"، فأسنده من طريق عبد الوارث عن أبي عمرو، ثم قال: "وهذا هو المحفوظ من حديث عبد الوارث" (السنن 2/ 71 - 72).
وقد أعله الذهبي بأبي العباس الشيرازي أحد رجال إسناد البيهقي، فقال:"الشيرازي ليس بثقة والآفة منه"(المهذب 1/ 191).
قلنا: لكن الشيرازي متابع، فالآفة من أبي العيناء.
والحديث ضَعَّفه المباركفوري في (تحفة الأحوذي 1/ 144).
2000 -
حديث أنس بن مالك:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ خِرْقَةٌ يَمْسَحُ بِهَا وَجْهَهُ بَعْدَ الوُضُوءِ» .
[الحكم]:
ضعيف معلول، وضَعَّفه أبو حاتم والبيهقي.
[التخريج]:
[طوسي 45 "واللفظ له" / هق عقب رقم 895].
[السند]:
رواه الطوسي في (مختصر الأحكام) قال: نا محمد بن عبد الرحمن السامي، قال: نا أبو غانم محمد بن سعيد بن هناد، قال: نا عبد الرحمن بن المبارك الطُّفَاوي، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، عدا محمد بن سعيد بن هناد البُوشَنْجي، فمستور؛ ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد 3/ 244)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق 53/ 95)، والذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 404)، برواية جماعة عنه، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقال الدارقطني عنه:"شيخ"(المؤتلف والمختلف 4/ 2302).
ورواه البيهقي في (السنن عقب رقم 895) من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو قال: سألت عبد الوارث عن حديث عبد العزيز بن صهيب، عن أنس:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ مِنْدِيلٌ أَوْ خِرْقَةٌ، فِإِذَا تَوَضَّأَ مَسَحَ وَجْهَهُ)). فقال: "كان في
(قُطَيْنَةٍ) فأخذه ابن علية فلست أرويه".
قال البيهقي: "وهذا لو رواه عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس لكان إسنادًا صحيحًا إلا أنه امتنع من روايته، ويحتمل أنه إنما كان عنده بالإسناد الأول"(السنن).
يعني حديث عبد الوارث، عن أبي عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر، عن رجل.
وقد قال البيهقي عقبه: "وهذا هو المحفوظ من حديث عبد الوارث".
وسئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال: "إني رأيت في بعض الروايات عن عبد العزيز أنه كان لأنس بن مالك خرقة
…
، وموقوف أشبه، ولا يحتمل أن يكون مسندًا" (العلل 51).
والحديث ضَعَّفه المباركفوري في (تحفة الأحوذي 1/ 144).
[تنبيه]:
الحديث عزاه العيني في (البناية 1/ 253) للترمذي، وكذا أشار الحافظ في (التلخيص 1/ 170) إلى أنه عند الترمذي.
وهذا محض وهم أو ذهول منهما؛ فلم يخرجه الترمذي من حديث أنس، وإنما أخرجه من حديث عائشة ومعاذ بن جبل.
* * *
رواية (لا بأس بالمنْديل):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا بَأْسَ بِالمِنْدِيلِ بَعْدَ الوُضُوءِ)).
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[ثابت (ق 124/أ) / حسيني (حمام 218)].
[السند]:
أخرجه ابن أبي ثابت في (جزء من حديثه) - ومن طريقه الحسيني في (آداب دخول الحمام) - قال: حدثنا أحمد بن (بكر)
(1)
، حدثنا يعلى، حدثنا سفيان، عن ليث، عن رُزَيق، عن أنس، به.
يعلى هو ابن عُبَيْد الطَّنافسي، وسفيان هو الثوري، وليث هو ابن أبي سُليم.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه أحمد بن بكر وهو البالسي؛ قال ابن عدي: "روى مناكير عن الثقات"، وقال أبو الفتح الأزدي:"كان يضع الحديث"، وقال الدارقطني:"غيره أثبت منه"، وأورد له في "غرائب مالك" حديثًا في سنده خطأ، وقال:"أحمد بن بكر ضعيف"، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال:"كان يخطئ". انظر (لسان الميزان 409).
(1)
تحرف في مطبوع (آداب الحمام) إلى: "بكير"، والصواب المثبت، كما في (جزء ابن أبي ثابت)، وكما في مصادر ترجمته، وقد علق محقق كتاب (آداب الحمام) بقوله:"أحمد بن بكر لم أقف عليه"!، مع أنه أثبته في أصل الكتاب (بن بكير)، ولو بحث عنه كما كتبه لوجده في عدة مصادر.
قلنا: هذا الحديث من مناكيره؛ فقد رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 1592): عن ابن عُلَية، عن ليث، عن رزيق، عن أنس:((أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ)). كذا موقوفًا.
فهذا هو الثابت عن ليث بن أبي سليم - وإن كان ضعيفًا -، فرواية البالسي هذا الحديث بهذا اللفظ عن يعلى بن عبيد عن الثوري عن ليث - من مناكيره التي أشار إليها ابن عدي بقوله:"روى مناكير عن الثقات".
وقد صح موقوفًا عن أنس من وجه آخر، كما سيأتي في آخر الباب.
وقد ورد عن أنس بخلاف ذلك، كما في الحديث التالي:
2001 -
حديثٌ آخر عَنْ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالمِنْدِيلِ بَعْدَ الوُضُوءِ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ وَلَا ابْنُ مَسْعُودٍ)).
[الحكم]:
إسناده واهٍ جدًّا، وضَعَّفه ابن حجر، وأقره الشوكاني.
[التخريج]:
[ناسخ 150 "واللفظ له" / جوزي (ناسخ 40)].
[السند]:
أخرجه ابن شاهين في (ناسخ الحديث) - ومن طريقه ابن الجوزي في (ناسخه) - قال: حدثنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، قال: حدثنا عقبة بن مُكْرَم، قال: حدثنا يونس بن بُكير، عن سعيد بن ميسرة، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد واهٍ جدًّا؛ فيه: سعيد بن ميسرة البكري؛ كَذَّبه يحيى القطان، وقال فيه البخاري:"عنده مناكير"، وقال أيضًا:"منكر الحديث"، وقال أبو حاتم:"ليس يعجبني، حديثه هو منكر الحديث، ضعيف الحديث، يروي عن أنس المناكير"، وقال أبو أحمد الحاكم:"منكر الحديث"، وقال ابن حبان:"يروى الموضوعات"، وقال الحاكم:"روى عن أنس موضوعات"، وذكره ابن الجارود والساجي في الضعفاء. انظر (لسان الميزان 3490).
ولذا ضَعَّفه الحافظ في (التلخيص الحبير 1/ 170)، وأقره الشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 223).
* * *
2002 -
حديث ثالث عن أنس:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَمَاءٌ يَقْطُرُ مِنْ لِحْيَتِي عَلَى ثِيَابِي مِنَ الوُضُوءِ - أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ يَتَنَاثَرُ عَلَيَّ))، وَكَانَ لَا يَمْسَحُ الْمَاءَ عَنْ وَجْهِهِ.
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وأنكره العُقيلي.
[التخريج]:
[عق (1/ 418)].
[السند]:
أخرجه العقيلي في (الضعفاء) قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا حكيم بن مُشرَّف، قال: حدثنا الحارث بن النعمان - وهو ابن أخت سعيد بن جبير -، عن أنس بن مالك، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: الحارث بن النعمان بن سالم - ابن أخت سعيد بن جبير -، وهو واهٍ؛ قال عنه البخاري والأزدي:"منكر الحديث"، وقال العقيلي:"أحاديثه مناكير"(تهذيب التهذيب 2/ 160). وقال الحافظ: "ضعيف"(التقريب 1052).
وبه أعل العقيلي حديثه هذا، فذكره في ترجمته مع حديث آخر عن أنس، ثم قال: "لا يتابع عليه عن أنس
…
، وأما حديثي أنس فمنكرين
(1)
، غير
(1)
كذا، والجادة:(وأما حديثا أنس فمنكران)، كما أثبته محقق (طبعة دار ابن عباس 1/ 564).
محفوظين إلا عنه".
وتبعه الذهبي في (ميزان الاعتدال 1/ 444) فذكر هذا الحديث من مناكيره.
الثانية: حكيم بن مُشرَّف، لم نجد له ترجمة، بل ولا ذِكرًا سوى في هذا الحديث.
* * *
2003 -
حديث أبي هريرة:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِثَوْبٍ نَظِيفٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ نُورٌ (لأن الوضوء يوزن) يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضَعَّفه السيوطي، والألباني.
[فائدة]:
قال الألباني: "هذا الحديث أصل القول الذي يُذكر في بعض الكتب وشاع عند المتأخرين - أن الأفضل للمتوضئ أن لا ينشف وضوءه بالمنديل لأنه نور، وقد عرفت أنه أصلٌ واهٍ جدًّا فلا يُعتمد عليه"(الضعيفة 1683).
[التخريج]:
[تمام 688 "واللفظ له" / كر (61/ 380) "والرواية له"].
[السند]:
أخرجه تمام الرازي في (فوائده) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه) - قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الله بن فُطَيْس الوراق، حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن جعفر بن رشيد الكوفي، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا أبو عمرو ناشب بن عمرو، حدثنا مقاتل بن حيان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به. بلفظ:((لِأَنَّ الْوُضُوءَ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
قال ابن عساكر - عقب رواية تمام هذه -: "الصواب ((يوزن يوم القيامة)) "؛ ثم ساقه بسنده من طريق أحمد بن إبراهيم القرشي، عن سليمان بن عبد الرحمن،
عن ناشب بن عمرو، به. بلفظ: ((لِأَنَّ الْوُضُوءَ يوزن يَوْمَ الْقِيَامَةِ
…
)).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ناشب بن عمرو، قال فيه البخاري:"منكر الحديث"، وقال الدارقطني:"ضعيف"(لسان الميزان 8083).
ولذا قال السيوطي: "أخرجه ابن عساكر بسند ضعيف"(الدر المنثور 6/ 332).
وقال الألباني: "ضعيف جدًّا"(الضعيفة 1683).
وأما ابن الجوزي فمال إلى تقويته، وأجاب عن تضعيف الدارقطني بقوله:"فإن قالوا: قد قال الدارقطني: ناشب ضعيف. قلنا: ما قدح فيه غيره ولا يُقبل التضعيف حتى يتبين سببه"(التحقيق 524).
وتعقبه ابن عبد الهادي والذهبي:
فقال ابن عبد الهادي: "هذا الكلام يدل على قلة علم المؤلف بالدارقطني؛ فإن الدارقطني قَلَّ أن يُضَعِّف رجلًا ويكون فيه طبٌّ! ، ولا يُطلب بيان السبب في التضعيف إلا إذا عارضه تعديل، وقد تكلم البخاري في ناشب أيضًا، وقال: هو منكر الحديث"(تنقيح التحقيق 2/ 256).
وقال الذهبي: "قلت: هذا الكلام يدل على هوى المؤلف وقلة علمه بالدارقطني؛ فإنه ما يُضَعِّف إلا مِن لا خير فيه"(تنقيح التحقيق للذهبي 1/ 169).
قلنا: قد وقفنا على توثيق ناشب بن عمرو؛ فقد روى البيهقي في (الشعب 3334) من طريق أبي أيوب الدمشقي، أخبرنا ناشب بن عمرو الشيباني - قال: وكان ثقة صائمًا وقائمًا -،
…
الحديث.
إلا أن أبا أيوب الدمشقي هذا هو سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل بن مسلم، ليس من أئمة الجرح والتعديل العارفين بأسبابه حتى يُقبل قوله، فضلًا عن أن يعارَض به قول جهابذة هذا العلم، كالبخاري والدارقطني.
والظاهر أنه وثقه بناء على أنه كان صوامًا قوامًا، وهذا شيء وضبط الحديث شيء آخر.
2004 -
حديث وائِلِ بن حُجْرٍ:
◼ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَكْفَأَ عَلَى يَمِينِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَمَسَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ فَأَفَاضَ بِهَا عَلَى اليُسْرَى ثَلَاثًا ثُمَّ غَمَسَ الْيُمْنَى فِي المَاءِ فَحَفَنَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ، فَتَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ كَفَّيْهِ فِي الإِنَاءِ فَحَمَلَ بِهِمَا مَاءً فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَمَسَحَ (وَغَسَلَ) بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ خِنْصَرَهُ (إِصْبَعَيْهِ) فِي دَاخِلِ أُذُنِهِ لِيُبَلِّغَ المَاءَ، ثُمَّ مَسَحَ [ظَاهِرَ]. رَقَبَتَهُ وَبَاطِنَ لِحْيَتِهِ [ثَلَاثًا]. مِنْ فَضْلِ مَاءِ الوَجْهِ [ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي المَاءِ] وَغَسَلَ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا حَتَّى مَا وَرَاءَ المِرْفَقِ (حَتَّى جَاوَزَ المِرْفَقَ) وَغَسَلَ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ بِاليُمْنَى حَتَّى جَاوَزَ المِرْفَقَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ ظَاهَرَ أُذُنَيْهِ [ثَلَاثًا]، وَمَسَحَ [ظَاهَرَ]. رقْبَتَهُ وَبَاطِنَ لِحْيَتِهِ (وَأَظُنُهُ قَالَ: وَظَاهَرَ لِحْيَتِهِ ثَلَاثًا) بِفَضْلِ مَاءِ الرَّأْسِ ثُمَّ غَسَلَ [بِيَمِينِهِ]. قَدَمَهُ اليُمْنَى ثَلَاثًا وَخَلِّلَ أَصَابِعَهَا وَجَاوَزَ بِالمَاءِ الكَعْبَ وَرَفَعَ فِي السَّاقِ المَاءَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ بِيَدِهِ اليُمْنَى [فَمَلَأَ بِهَا يَدَهُ] فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى تَحَدَّرَ [المَاءُ] مِنْ جَوَانِبِ رَأْسِهِ، وَقَالَ: هَذَا تَمَامُ الوُضُوءِ، [وَلَمْ أَرَهُ تَنَشَّفَ بِثَوْبٍ]
…
الحديث مطولًا.
[الحكم]:
منكر بهذه السياقة، وأنكره ابن القطان، وإسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه عبد الحق الإشبيلي وابن القطان، وابن دقيق والزيلعي والهيثمي.
[التخريج]:
[بز 4488 "والروايات والزيادة له" / طب (22/ 49/ 118) "واللفظ
له" / معمري (يوم - إمام 2/ 70)، ومغلطاي 1/ 502)].
سبق تخريجه وتحقيقه في باب "جامع في صفة الوضوء"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
2005 -
حديث أنس موقوفًا:
◼ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:((رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالمِنْدِيلِ بَعْدَ الوُضُوءِ)).
[الحكم]:
موقوف صحيح.
[التخريج]:
[أثرم 93 / منذ 420].
[السند]:
أخرجه الأثرم في (السنن) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا عبيد الله بن أبي بكر، به.
ورواه ابن المنذر في (الأوسط) من طريق حجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن (أبي بكر)
(1)
، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقًا.
وعبيد الله هو ابن أبي بكر بن أنس بن مالك: "ثقة" من رجال الشيخين (التقريب 4279)
ورواه ابن أبي شيبة في (المصنف 1592) عن ابن عُلَية، عن ليث، عن
(1)
تحرف في طبعتي (الأوسط) إلى: "بكرة"، والصواب المثبت، كما عند الأثرم، ومصادر ترجمته.
رُزَيق، عن أنس:((أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ)).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل ليث وهو ابن أبي سليم. لكن يشهد له رواية عبيد الله بن أبي بكر.