الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
348 - بَابُ تَرْكِ الْمَضْمَضَةِ وَالوُضُوءِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ، وَمِمَّا لَهُ دَسَمٌ
2089 -
حديث أنس:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: ((إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا، فَلَمْ يُمَضْمِضْ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَصَلَّى)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف، واستغربه ابن غلام الزهري.
[التخريج]:
[د 196 "واللفظ له" / بز 7409 / ناسخ 93 / هق 761 / فوائد ابن صخر (مغلطاي 2/ 78 - 79) / ضيا (4/ 409/ 1582)].
[السند]:
أخرجه أبوداود - ومن طريقه البيهقي والضياء - قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن زيد بن الحُبَاب عن مطيع بن راشد عن توبة العنبري أنه سمع أنس بن مالك به.
ومدار إسناده عند الجميع على زيد بن الحُبَاب عن مطيع بن راشد به.
قال البزار - عقبه وذكر حديثًا آخر -: "ولا نعلم أسند توبة العنبري عن أنس إلا هذين الحديثين، ولا رواهما عنه إلا مطيع بن راشد"(المسند 14/ 17).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه مطيع بن راشد، لم يَرْوِ عنه إلا زيد بن حباب، ولم يوثق؛ ولذا قال عنه الذهبي:"لا يُعرف"(الميزان 8605). وأقره الحافظ في (اللسان 2688)، حيث اختصر ترجمته، ولم يرمز له بعلامة تدل على توثيقه كما هي عادته فيمن هو موثق عنده، وقال في (التقريب 6717):"مقبول". أي: حيث يتابع وإلا فلين ولم يتابع.
ولذا توقف فيه ابن حبان؛ فقال في ترجمة توبة بن كيسان العنبري: "وقد روى زيد بن الحُبَاب عن مطيع بن راشد قال: حدثنا توبة العنبري قال: ثنا أنس بن مالك: ((أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا، فَلَمْ يَتَمَضْمَضْ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَصَلَّى)). فإن صح هذا فهو من التابعين"(الثقات 6/ 120).
قلنا: كذا توقف في صحته، ولم يذكر مطيع بن راشد في "الثقات"، مع علمه بروايته من طريق ثقة، ولا يُعلم فيه جرح، فهو على قاعدته في الثقات، ولكنه قَيَّد ذلك بقيد؛ وهو: ألا يكون خبره مما يُستنكر عليه. انظر (مقدمة الثقات ص 12 - 13).
وهذا الخبر منكر؛ لمخالفته ما في الصحيحين: عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبنًا، [ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ] فَمَضْمَضَ، وقَالَ:«إِنَّ لهُ دَسَمًا» .
ولمخالفته ما صح عن أنس أيضًا؛ فقد روى عبد الرزاق في (مصنفه 688) ، وابن أبي شيبة في (مصنفه 636)، وأحمد بن منيع في (مسنده) - كما في (المطالب العالية 2/ 301): من طرق عن أيوب عن محمد بن سيرين عَن أنس رضي الله عنه: ((أَنَّهُ كَانَ يُمَضْمِضُ مِنَ اللَّبَنِ ثَلَاثًا)).
وهذا إسناد صحيح غاية؛ ولذا قال ابن حجر: "موقوف صحيح"(المطالب العالية 2/ 301).
ولذا قال مغلطاي في (التلويح): "يخدش فيه ما رواه أحمد بن منيع في (مسنده) بسند صحيح
…
"، فذكر الأثر الموقوف، ثم قال: "فلو كان منسوخًا لما فعله بعد النبي عليه الصلاة والسلام" (عمدة القاري 3/ 108)، وبنحوه في (شرحه ابن ماجه 2/ 79).
"ولما ذكره ابن صخر في فوائده، قال: قال لنا أبو محمد
(1)
: وهذا غريب من حديث توبة عن أنس، لا أعلم رواه إلا زيد بن الحُبَاب عن مطيع بن راشد عنه" (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 79).
فإن قيل: قال مغلطاي في (إكمال تهذيب الكمال 11/ 241) - وتبعه الحافظ في (تهذيب التهذيب 10/ 182) -: "قال أبو داود: أثنى عليه شعبة".
فهذا الكلام لم ينسبه أحد لأبي داود غيرهما، فالظاهر أن في هذا النقل وهم أو سقط أو تصحيف، وأن أصل هذا ما ذكره أبو داود في (سننه) - عقب الحديث -:"قال زيد - يعني ابن الحُبَاب -: دلنى شعبة على هذا الشيخ".
فهذا هو الصواب في هذه العبارة وهي لا تفيد ثناء ولا توثيقًا.
فإن قيل: قال صاحب (عون المعبود): "دلالة شعبة لزيد على مطيع بن راشد لأخذ الحديث منه - تدل على أن شعبة كان حسن الرأي في مطيع بن راشد، وإلا لم يدل شعبة على من كان مستور الحال وضعيفًا عنده، قال
(1)
هو أبو محمد، الحسن بن علي بن عمرو البصري، المعروف بابن غلام الزهري. قال عنه الذهبي: "الإمام الحافظ الناقد،
…
كان حمزة بن يوسف السهمي يسأله عن الجرح والتعديل، روى عنه أبو الحسن بن صخر في أماليه " انظر (سير أعلام النبلاء 12/ 406) ، (تاريخ الإسلام 26/ 570).
السيوطي: قال الشيخ ولي الدين: ومطيع بصري، قال الذهبي:"إنه لا يُعرف"، لكن قال زيد بن الحُبَاب إن شعبة دله عليه، وشعبة لا يروي إلا عن ثقة، فلا يدل إلا على ثقة، وهذا هو المقتضى لسكوت أبي داود عليه. انتهى" (عون المعبود 1/ 228).
قلنا: هذا الكلام فيه نظر؛ فدلالة شعبة لزيد على مطيع ليس معناها أنه حسن الرأي فيه أو أنه ثقة عنده؛ فقد يدله عليه لغرائب يتفرد بها، وكان بعض الرواة يحرص على سماع الغرائب ليغرب بها على أقرانه، كما هو الحال هنا في تفرد زيد بهذا الحديث.
ولو كان حسن الرأي في مطيع هذا لماذا لم يَرْوِ عنه؟ !
ثم إن رواية الثقة عن رجل - لا تعد تعديلًا له على الراجح، فكيف بمجرد الدلالة عليه، فمن باب أَوْلى ألا تعد تعديلًا له.
وقد قال الترمذي: "قد روى عن أبان بن أبي عياش غير واحد من الأئمة، وإن كان فيه من الضعف والغفلة ما وصفه أبو عوانة وغيره؛ فلا يغتر برواية الثقات عن الناس؛ لأنه يروى عن ابن سيرين أنه قال: إن الرجل يحدثني فما أتهمه ولكن أتهم من فوقه"(العلل الصغير بآخر السنن 5/ 156).
قال ابن رجب: "ما ذكره الترمذي رحمه الله يتضمن مسائل من علم الحديث؛ أحدها: أن رواية الثقة عن رجل لا تدل على توثيقه، فإن كثيرًا من الثقات رووا عن الضعفاء، كسفيان الثوري وشعبة وغيرهما. وكان شعبة يقول: (لو لم أحدثكم إلا عن الثقات لم أحدثكم إلا عن نفر يسير). وقال يحيى القطان: (إن لم أَرْوِ إلا عمن أرضى ما رويت عن خمسة، أو نحو ذلك) "(شرح علل الترمذي 1/ 376).
وذهب مغلطاي في هذا الراوي مذهبًا آخر؛ فقال: "ويشبه أن يكون مطيع هذا هو الغزال، فإن كان فهو ثقة وأجدر به أن يكون؛ لأنه ممن عُرف برواية عن التابعين وبرواية وكيع والقطان وأبي نعيم ويعلى بن عبيد عنه، وهذه هي طبقة ابن راشد - والله أعلم -، وإن كان غيره فلا أعلم من حاله شيئًا؛ لكونه ليس مذكورًا في كتاب البخاري وأبي حاتم الرازي وابن حبان"(شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 78 - 79).
قلنا: مطيع الغزال هو مطيع بن عبد الله، ولا يقال له ابن راشد، ثم إنه لا يُعرف برواية عن توبة العنبري، ولا برواية زيد عنه، فالصواب أنه آخَر مجهول لا يُعرف، وحديثه منكر مخالف لرواية الثقات.
ومع ما تقدم ذكره؛ فقد قَوَّى هذا الحديث جماعة من العلماء:
فقال ابن حزم: "وصح أنه عليه السلام شرب لبنًا ولم يتمضمض"(المحلى 7/ 436).
وأخرجه الضياء المقدسي في (المختارة)، وشرطه فيها معروف.
وقال مغلطاي: "روى أبو داود بإسناد لا بأس به
…
" (شرح سنن ابن ماجه 2/ 79)
(1)
.
وقلده العيني في (عمدة القاري 3/ 108).
وكذا حسنه ابن حجر في (الفتح 1/ 313)، والألباني في (صحيح أبي داود
(1)
مع ذكر أن راويه يحتمل أن يكون ثقة أو يكون آخر مجهولًا، وذكر أثر أنس المعارض له، وصدره بقوله:"ويخدش فيه"! ، فكيف يكون إسناده لا بأس به؟ ! ، بل به كل البأس.
1/ 355)، وقال:"وقد قواه ابن شاهين؛ حيث قال الحافظ: "وأغرب ابن شاهين فجعل حديث أنس ناسخًا لحديث ابن عباس (يعني: الذي في الباب قبله)؛ ولم يذكر من قال فيه بالوجوب حتى يحتاج إلى دعوى النسخ". قلت (أي: الألباني): "ولولا أن ابن شاهين يرى أن الحديث قوي ثابت؛ لما ادعى أنه ناسخ؛ وهذا بَيِّن لا يخفى" (صحيح أبي داود 1/ 356).
قلنا: نعم، ولكن ابن شاهين لا يُعرف له عناية بتصحيح الأحاديث وتعليلها، حتى يقال: إنه لا يُحتج إلا بما صح سنده، والله أعلم.
[تنبيه]:
قال البدر العيني: "والصواب في هذا أن الأحاديث التي فيها الأمر بالمضمضة أمر استحباب لا وجوب، والدليل على ذلك ما رواه أبو داود المذكور آنفًا، وما رواه الشافعي - رحمه الله تعالى -، بإسناد حسن عن أنس: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا فَلَمْ يَتَمَضْمَض وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)) "(عمدة القاري 3/ 108).
كذا قال، ولم نقف عليه في شيء من كتب الشافعي، ويبدو أن في الكلام سقطًا خرج به عن وجهه؛ فإن أصل كلامه هذا قول الحافظ في (الفتح 1/ 313):"والدليل على أن الأمر فيه للاستحباب ما رواه الشافعي عن ابن عباس راوي الحديث: ((أَنَّهُ شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ لَمْ أَتَمَضْمَضْ مَا بَالَيْتُ))، وروى أبو داود بإسناد حسن عن أنس: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ لَبَنًا فَلَمْ يَتَمَضْمَضْ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)) ".
* * *
رواية يشرَبُ مِنَ اللَّبَنِ وَلَا يَتَوَضَّأْ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ، وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، ويَقْطُرُ عَلَى ثَوْبِهِ وَلَا يَغْسِلُهُ (وَيُصِيبُ ثَوْبَهُ وَلَا يُبَالِي)» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذا السياق.
[التخريج]:
[عدني (مط 149)، (خيرة 644) "واللفظ له" / عد (2/ 277) "والرواية له"].
[السند]:
أخرجه ابن أبي عمر العدني في (مسنده) قال: حدثنا مروان - هو الفَزَاري -، عن أبان، عن أنس، به.
وأخرجه ابن عدي: من طريق إسرائيل، عن أبان، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أبان، وهو ابن أبي عياش؛ وهو:"متروك" كما في (التقريب 142).
* * *