الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
309 - بَابُ الِاعْتِدَاءِ فِي الوُضُوءِ
1942 -
حديث عبد الله بن مغفل:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا! ! فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطّهُورِ
(1)
، وَالدُّعَاءِ)).
[الحكم]:
مختلف فيه؛ فصححه: ابن حبان، والحاكم، وعبد الحق الإشبيلي، والنووي، ومغلطاي، وابن الملقن، وابن حجر، وابن حجر الهيتمي، والألباني، وقال ابن كثير: إسناده حسن لا بأس به.
بينما ضَعَّفه: ابن القطان، والذهبي، وهو الأظهر - والله أعلم -.
[فائدة]:
الاعتداء في الطهور: بالزيادة على الثلاث وإسراف الماء وبالمبالغة في الغسل إلى حد الوسواس، أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو في شاطئ البحر. انظر (عون المعبود 1/ 118).
وقال القرطبي: "والاعتداء في الدعاء على وجوه:
(1)
بضم الطاء وفتحها، (عون المعبود 1/ 170).
منها: الجهر الكثير والصياح.
ومنها أن يدعو الإنسان في أن تكون له منزلة نبي، أو يدعو في محال، ونحو هذا من الشطط.
ومنها أن يدعو طالبًا معصية وغير ذلك.
ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة، فيتخير ألفاظًا (مقفاة) وكلمات مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها، فيجعلها شعاره ويترك ما دعا به رسوله عليه السلام. وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء" (التفسير 7/ 226).
[التخريج]:
[د 96 "واللفظ له" / جه 3891، (زوائد أبي الحسن القطان عقبه) / حم 16796، 16801، 20554 / حب 6804، 6805 / ك 589، 2005 / ش 30024 مختصرًا / حميد 500 / ني 897 / طع 58، 59 / هق 962 / هقت 330 / بغ 279 / بغت (3/ 237) / مطل (ص 17)].
[التحقيق]:
مداره - عندهم - على حماد بن سلمة؛ واختلف عليه على أربعة وجوه:
الوجه الأول: عن حماد عن الجُريري عن أبي نَعَامة عن عبد الله بن مغفل:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 30024) - وعنه ابن ماجه (3891) -، وأحمد (20554) عن عفان بن مسلم.
وأحمد (20554) عن عبد الصمد بن عبد الوارث.
وأحمد (16801) عن سليمان بن حرب.
وأبو داود (96): عن موسى بن إسماعيل.
وكذا رواه أبو الحسن القطان في (زوائده على سنن ابن ماجه)، والحاكم في (المستدرك)، والبيهقي في (الكبرى)، و (الدعوات): من طريق موسى بن إسماعيل.
ورواه ابن حبان (6805)، والطبراني في (الدعاء 59) من طريق كامل الجحدري.
ورواه الطبراني في (الدعاء 59) من طريق أبي عمر الضرير، وحجاج بن المنهال.
ورواه الحاكم في (المستدرك 2005) من طريق السَّري بن خزيمة. والبغوي في (شرح السنة 279) من طريق محمود بن غيلان. كلاهما: عن أبي الوليد الطيالسي.
ورواه ابن حجر في (الأمالي المطلقة ص 17) من طريق إبراهيم بن الحجاج.
تسعتهم: عن حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري، عن أبي نعامة، أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول:
…
فذكره.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ رجال مسلم؛ غير أبي نعامة قيس بن عَبَاية؛ وهو ثقة، انظر (تهذيب التهذيب 8/ 401).
ولذا صححه ابن حبان.
وقال الحاكم - عقبه -: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"(المستدرك عقب رقم 2005).
وذكره عبد الحق في (الأحكام الوسطى 1/ 186)، وسكت عنه مصححًا له.
وصححه أيضًا: النووي في (المجموع 2/ 190)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 599)، وابن حجر في (التلخيص الحبير 1/ 254)، وحَسَّنه في (الأمالي المطلقة ص 17).
وقال ابن كثير: "إسناده حسن لا بأس به"(التفسير 3/ 429).
وصححه ابن حجر الهيتمي في (الفتاوى الفقهية الكبرى 1/ 177)، والألباني في (صحيح أبي داود 86)، وفي (الإِرواء 1/ 171).
قلنا: إلا أن هذا الإسناد معل بالانقطاع؛ فسماع أبي نعامة من عبد الله بن مغفل مستبعدٌ، فبين وفاتيهما ما يزيد على خمسين سنة، وإنما يَروي عنه بواسطة (ابن له)، كما في حديث في ترك الجهر بالبسملة؛ أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وهو مخرج عندنا في "موسوعة الصلاة"، يسر الله مراجعتها وإخراجها.
بل وكذا رُوي عن حماد بن سلمة في هذا الحديث، إلا أن هذا الوجه - وإن كان رجاله ثقات - مخالف لرواية الجماعة السابقة بدون ذكره (ابن عبد الله بن مغفل).
وتبقى علة عدم سماع أبي نعامة من عبد الله بن مغفل قائمة، سواء ثبتت الواسطة بينهما في هذا الحديث أم لم تثبت.
وبهذه العلة، أعله الذهبي؛ فقال - متعقبًا الحاكم في تصحيحه -:"فيه إرسال"(التلخيص مع المستدرك 1/ 162).
وتعقب الألباني كلام الذهبي، فقال: "ولم يظهر لي وجهه؛ فإن أبا نعامة هذا
لم يُرْمَ بتدليس؛ ولقاؤه لابن مغفل ممكن؛ فإن هذا مات نحو الستين من الهجرة، وذاك فيما بعد سنة عشر ومائة، فبين وفاتيهما نحو خمسين سنة، وليس لدينا دليل ينفي أن يكون أبو نعامة عاش أكثر من هذه المدة حتى لا يمكن له السماع من ابن مغفل! " (صحيح أبي داود 1/ 164).
قلنا: لكن مع وجود الرواية عنه بواسطة في حديث آخر - مع العلم أن أبا نعامة لم يَرْوِ عن ابن مغفل سوى هذين الحديثين: حديثنا وقد اختلف في إثبات الواسطة بينهما. والحديث الآخر اتفقوا على إثباتها - يقطع الباحث بعدم سماعه منه، والله أعلم.
وقد أعله ابن القطان باختلاط الجريري، فقال - متعقبًا الإشبيلي -:"سكت عنه، والجريري مختلط، ولا يُعرف متى سمع منه حماد"(بيان الوهم والإيهام 5/ 666).
قلنا: وهذا مردود؛ لأن سماع حماد من الجريري كان قبل اختلاطه؛ قال النسائي: "حماد بن سلمة في الجريري أثبت من عيسى بن يونس؛ لأن الجريري كان قد اختلط، وسماع حماد بن سلمة منه قديم قبل أن يختلط"(السنن الكبرى عقب رقم 10250).
وقال العجلي في ترجمة الجريري: "رَوى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي، كل ما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو يختلط، إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة وإسماعيل بن علية
…
" (معرفة الثقات وغيرهم 576).
الوجه الثاني: عن حماد، عن يزيد الرَّقَاشي، عن أبي نعامة، عن عبد الله بن مغفل:
رواه أحمد (16796) عن يزيد بن هارون.
وعبد بن حميد (500) عن محمد بن الفضل.
والطبراني في (الدعاء 58) من طريق كامل الجَحْدري، وأبي عمر الضرير، وحجاج بن المنهال.
كلهم: عن حماد بن سلمة، عن يزيد الرقاشي، عن أبي نعامة، عن عبد الله بن مغفل، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف يزيد وهو ابن أبان الرقاشي، قال الحافظ:"ضعيف زاهد"(التقريب 7683).
الوجه الثالث: عن حماد عن الجريري عن أبي نعامة، عن ابنٍ لعبد الله بن مغفل، عن أبيه:
رواه الروياني في (مسنده 897): عن محمد بن إسحاق الصغاني، نا أحمد بن إسحاق الحضرمي، أنا حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي نعامة، عن ابن لعبد الله بن مغفل، قال: سمعني أبي وأنا أقول:
…
فذكره.
وهذا إسناد رجاله ثقات، فأحمد بن إسحاق الحضرمي أخرج له مسلم ووثقه أبو حاتم، وأبو زرعة، ويعقوب بن شيبة، والنسائي، وابن سعد، وقال ابن منجويه:"كان يحفظ حديثه"، انظر (تهذيب التهذيب 1/ 14). وقال عنه الحافظ:"ثقة كان يحفظ"(التقريب 7).
إلا أنه خالف الجماعة عن حماد، كما تقدم الكلام عليه.
الوجه الرابع: عن حماد عن الجريري عن أبي العلاء عن عبد الله بن مغفل:
أخرجه ابن حبان (6804) قال: أخبرنا الفضل بن الحُبَاب، قال: حدثنا
أبو الوليد الطيالسي، عن حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشَّخَّير، عن عبد الله بن مغفل، به.
هذا إسناد رجاله ثقات، ولذا صححه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 399).
إلا أن الفضل بن الحُبَاب وإن كان الأظهر أنه ثقة، فقد احترقت كتبه، وأُثر عنه الخطأ في بعض الأحاديث، وقال أبو يعلى الخليلي:"احترقت كتبه، منهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه، وهو إلى التوثيق أقرب"، انظر ترجمته في (لسان الميزان 6042).
وقد خولف في سنده؛
خالفه السري بن خزيمة - وهو ثقة حافظ -، كما عند الحاكم في (المستدرك 2005).
ومحمود بن غيلان - وهو ثقة من رجال الشيخين -، كما عند البغوي في (شرح السنة 279).
كلاهما: عن أبي الوليد الطيالسي، عن حماد، عن الجريري، عن أبي نعامة، عن عبد الله بن مغفل، به.
وهذا أصح؛ لأن محمود بن غيلان والسري، كل واحد منهما - على انفراد - أثبت من الفضل، فكيف إذا اجتمعا.
لاسيما وهذا الوجه هو ما رواه الجماعة عن حماد بن سلمة عن الجريري.
ومع هذا ذهب ابن حبان إلى صحة الوجهين، فقال:"سمع هذا الخبر الجريري عن يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير وأبي نعامة، فالطريقان جميعًا محفوظان"! (الصحيح عقب رقم 6805).
وتعقبه ابن حجر بقوله: "وزعم أن الطريقين محفوظان، والذي يظهر أن الطريق الأول أرجح، فقد رواه حماد بن زيد عن الجريري كذلك"(الأمالي المطلقة ص 18).
قلنا: وهو كما قال الحافظ، إلا أننا لم نقف على رواية حماد بن زيد التي أشار إليها.
وخلاصة ما سبق: أن الوجهين الأولين ثابتان عن حماد، فقد رَوى كل وجه منهما عنه جماعة من الثقات، وكلاهما ضعيف؛ لأن مدارهما على أبي نعامة عن ابن مغفل، ولم يسمع منه، فيما استظهرناه، والله أعلم.
قلنا: وقد خولف الجريري فيه؛
فقد رواه شعبة عن زياد بن مخراق، عن أبي نعامة، عن ابن لسعد بن أبي وقاص، عن أبيه، به. مقتصرًا على (الدعاء)، ولم يذكر (الطهور).
وقيل: عن شعبة، عن زياد، عن أبي نعامة، عن مولى لسعد، عن سعد، به. وسيأتي تخريجه في أبواب "الدعاء" إن شاء الله.
وزياد بن مخراق: وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان وغيرهم (تهذيب الكمال 9/ 510)، واعتمده الذهبي في (الكاشف 1707)، وابن حجر في (التقريب 2098).
فيبدو أن أن أبا نعامة قد اضطرب في هذا الحديث ألوانًا، وهذا مما يزيد الحديث ضعفًا، والله أعلم.
* * *
رواية مطولة:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَحَمِيمِهَا، وَغَسَّاقِهَا، وَسَلاسِلِهَا وَأَغْلالِهَا، وَأَنْكَالِهَا، وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَنَعِيمَهَا، وَأَزْوَاجَهَا، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ!! فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((سَيَأْتِي قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ))، وَإِنِّي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، إِذَا أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَ كُلَّ مَا عَدَدْتَ فِيهَا، وَإِذَا أُجِرْتَ مِنَ النَّارِ أُجِرْتَ مِمَّا عَدَدْتَ فِيهَا وَمِمَّا لَمْ تَعُدَّ.
[الحكم]:
موضوع بهذا السياق.
[التخريج]:
[خط (12/ 510)].
[السند]:
قال الخطيب في (تاريخ بغداد): أخبرني الحسن بن علي التميمي، قال: حدثنا علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا أبو القاسم عيسى بن عبد الرحيم الدِّينَوَري القطان جارنا، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سنان بن الشَّمَّاخ السعدي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا هلال بن حق، عن سعيد الجريري، عن قيس بن عباية، عن ابن عبد الله بن مغفل، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه عبد الله بن محمد بن سنان بن الشَّمَّاخ، قال عنه ابن عدي:"كان يسرق الحديث"، وقال الدارقطني وعبد الغني الأزدي:"متروك"، وقال ابن حبان وأبو نعيم:"يضع الحديث"، وقال أبو الشيخ:"أجمعوا أنه كذاب ذاهب"(لسان الميزان 4400).
* * *