الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
307 - بَابُ الِاقْتِصَادِ فِي الوُضُوءِ والغُسْلِ
1921 -
حديث أنس:
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[اللغة]:
قال ابن الأثير: "الصاع: مكيال يسع أربعة أمداد. والمُد مختلف فيه:
فقيل: هو رطل وثلث بالعراقي، وبه يقول الشافعي وفقهاء الحجاز.
وقيل: هو رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثًا، أو ثمانية أرطال. (النهاية 3/ 60).
وقيل: إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفَّيه طعامًا. (النهاية 4/ 308).
[التخريج]:
[خ 201 / م 325 "واللفظ له" / صلاة 65 / بز 7200 / عه 697 / طس 922، 3974 / طش 761 / مسن 730 / أصبهان (1/ 321) / هق 929 / هقع 1510 / بغ 276 / نبغ 490 / مديني (لطائف 357) / حداد
267].
[السند]:
قال البخاري: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا مِسْعر، قال: حدثني ابن جبر، قال: سمعت أنسًا يقول:
…
فذكره.
وقال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا وكيع، عن مِسْعر، عن ابن جبر، عن أنس، به.
ابن جبر هو عبد الله بن عبد الله بن جبر، وقيل: ابن جابر. وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم. انظر (تهذيب التهذيب 5/ 282).
[تنبيه]:
رواه ابن أبي شيبة في (مصنفه 715) قال: حدثنا وكيع، عن مسعر، عن ابن جبر، عن أنس، قال:((تَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وتَغْتَسَلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ)). كذا موقوفًا بلا نزاع في طبعة دار القبلة المعتمدة، وورد في طبعة (دار الفاروق 715)، و (دار كنوز إشبيليا 715)، وغيرهما: ((يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ، ويَغْتَسَلُ
…
)). فهذه تحتمل الرفع، وحُذِفَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اختصارًا، وسياق الأحاديث قبله يدل عليه. والله أعلم. وقد رواه مسلم من طريق وكيع به مرفوعًا، وهو المحفوظ في الحديث.
* * *
رواية (مكاكيك):
• وَفِي رِوَايَةٍ بلفظ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِخَمْسِ
(1)
مَكَاكِيكَ (مَكَاكِيَّ)، وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ».
[الحكم]:
صحيح (م).
[اللغة والفوائد]:
المكّوك: اسم للمكيال، ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه في البلاد. (النهاية في غريب الأثر 4/ 776).
وقال البغوي: "لعل المراد بالمكوك هاهنا المُدُّ، وإلا فالمكوك صاع ونصف"(شرح السنة 2/ 52).
وجزم به ابن خزيمة فقال - عقبه -: "المَكُّوكُ في هذا الخبرِ المُدُّ نَفْسُهُ".
وقال النووي: "ولعل المراد بالمكوك هنا المد كما قال في الرواية الأخرى"(شرح مسلم 4/ 7).
[التخريج]:
[م (325/ 50) "واللفظ والرواية له" / ن 74، 234، 349 / كن 85، 86، 284 / حم 12105، 12156، 13716، 14000، 14093 / مي 707 / خز 124 / حب 1198، 1199 / عه 696 / طي 2216 / بز 6365 / طوسي 568 / طح (2/ 51) / مسن 729 / هق 946 / حداد 324 / بغ 277].
(1)
كذا في النسخ المعتمدة لمسلم، وكذا ورد في أكثر المصادر، وفي نسخة لمسلم وعدة مصادر:((بِخَمْسَةِ)).
[السند]:
قال (مسلم): حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، (ح)
وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قالا: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر، قال: سمعت أنسًا يقول:
…
فساقه بلفظ ((بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ)) ثم قال: وقال ابن المثنى: ((بِخَمْسِ مَكَاكِيَّ)).
قلنا: وقد رواه جماعة عن شعبة بلفظ ((مَكَاكِيّ))، منهم:
يحيى القطان، عند أحمد (12156).
وعفان بن مسلم، عند أحمد (13716).
وابن المبارك، عند النسائي في (الصغرى 234)، و (الكبرى 86، 284).
وأبو داود الطيالسي في (مسنده 2216).
وأبو الوليد الطيالسي، عند الدارمي (707).
وغيرهم.
ورواه جماعة آخرون عن شعبة بلفظ ((مَكَاكِيكَ))، منهم:
غندر، عند أحمد (14000).
بهز بن أسد، عند أحمد (14093).
وعفان وأبو الوليد، عند البغوي في (شرح السنة 277)
(1)
.
* * *
(1)
وهذا بخلاف ما تقدم عنهما، عند أحمد والدارمي.
رواية مُدٍّ فِي الوُضُوءِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: «يَكْفِي أَحَدَكُمْ مُدٌّ فِي الوُضُوءِ [وَمِنَ الْغُسْلِ صَاعٌ]» .
[الحكم]:
شاذ بهذا السياق، إنما المحفوظ من فعله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الصحيحين -، وليس من قوله.
[التخريج]:
[حم 13788 "واللفظ له" / عه 698 "والزيادة له ولغيره" / عل 4307].
[السند]:
رواه أحمد: عن معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، قال: حدثني جبر بن عبد الله، عن أنس بن مالك به. مقتصرًا على ذكر الوضوء.
ورواه أبو عَوانة: عن الحسن بن علي بن عفان، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، [عن عبد الله بن عيسى]
(1)
، عن ابن جبر به. وزاد فيه الغسل.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، رجال الشيخين، وجبر بن عبد الله صوابه: عبد الله بن جبر. انظر (علل الدارقطني 2501) و (تهذيب التهذيب 5/ 282،
(1)
ما بين المعقوفين سقط من طبعتي (مستخرج أبي عوانة)[طبعة دار المعرفة 629، وكذا طبعة الجامعة الإسلامية 698 المعتمدة]. والصواب إثباته كما عند أحمد؛ ولذا زاده الشيخ الألباني بين قوسين - كما فعلنا - وقال: "وما بين القوسين زيادة من عندنا، سقطت من الأصل المطبوع، وهي ضرورية؛ فإن الحديث من رواية سفيان عن عبد الله، لا من رواية سفيان عن ابن جبر"(صحيح أبي داود 1/ 162).
273).
وعزاه الشيخ الألباني لأبي عوانة وقال: "وهذا إسناد جيد، وهو على شرط مسلم"(الصحيحة 4/ 644).
وقال في موضع آخر: "وهذا إسناد جيد، ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم على ضعف في حفظ معاوية بن هشام وهو القصار الكوفي، لكنه لم يتفرد به"، ثم ساق سند أحمد، وقال: "إلا أنه قال: حدثني جبر بن عبد الله. فقلبه، وإنما هو عبد الله بن جبر، وهو جده، فإنه عبد الله بن عبد الله بن جبر
…
وزائدة هو ابن قدامة الثقفي. ومعاوية بن عمرو هو ابن المهلب الأزدي، وكلاهما ثقة من رجال الشيخين، فالحديث صحيح على شرطهما" (الصحيحة 5/ 576).
ورواه أبو يعلى في (مسنده 4307) قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا شجاع بن الوليد، حدثنا أبو خالد - الذي يكون في بني دالان -، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر الأنصاري، عن أنس بن مالك، به بذكر الوضوء والغسل معًا.
وأبو خالد الدالاني: "صدوق، يخطئ كثيرًا، ويدلس"(التقريب 8072).
قلنا: عبد الله بن عيسى هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "ثقة من رجال الشيخين"(التقريب 3523).
إلا أنه قد خولف في متنه؛
خالفه مِسْعَر بن كِدَام، أخرج روايته البخاري ومسلم، وقد تقدمت.
وشعبة، أخرج روايته أحمد ومسلم وغيرهما، وقد تقدمت أيضًا.
كلاهما: روياه عن ابن جبر عن أنس، من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من قوله.
وهما مَن هما في الحفظ والإتقان، فمخالفة أحدهما لابن عيسى تجعل روايته شاذة، فكيف وقد اتفقا؟!
وعليه: فالحديث بهذا السياق من قول النبي صلى الله عليه وسلم شاذ لا يَثبت، إنما الصواب أنه من فعله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
رواية (يَتَوضَّأُ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رَطْلَيْنِ):
• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوضَّأُ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رَطْلَيْنِ (تَوَضَّأَ بِرَطْلَيْنِ مِنْ مَاءٍ) (يَتَوَضَّأ بِالْمُدِّ وَهُوَ رَطْلَانِ)، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، دون ذكر:«الأرطال» ؛ فمنكر.
[اللغة]:
«الرطل» : معيار يوزن به أو يكال، يختلف باختلاف البلاد، وهو في مصر اثنتا عَشْرة أوقية. (المعجم الوسيط 1/ 352).
[التخريج]:
[د 94 "واللفظ له" / حم 12843 / ش 740 "والرواية الأولى له" / أمع 1581 / طح (2/ 50/ 3158 "والرواية الثانية له"، 3159) / كر (31/ 394)].
[التحقيق]:
انظره تحت الرواية التالية.
رواية (يُجْزِئُ رَطْلَانَ مِنْ مَاءٍ):
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُجْزِئُ فِي الوُضُوءِ رَطْلَانِ مِنْ مَاءٍ» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، واستغربه الترمذي، وضَعَّفه الدارقطني، وابن جزم، وابن رجب، والسيوطي، والألباني.
التحريج:
[ت 613 "واللفظ له" / حم 12839 / بغ 278].
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 740): عن وكيع.
وأحمد (12843): عن أسود بن عامر شاذان.
وأبو داود: عن محمد بن الصباح البزاز.
والطحاوي في (شرح معاني الآثار 3159) من طريق سعيد بن منصور.
كلهم: عن شريك النَّخَعي، عن عبد الله بن عيسى، عن ابن جبر، عن أنس، به. مِن فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه أحمد (12839). والترمذي - ومن طريق البغوي في (شرح السنة 278) -: عن هنَّاد. كلاهما (أحمد وهناد) قالا: حدثنا وكيع، عن شريك، به. من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
فمداره بروايتيه - عند الجميع -: على شريك النَّخَعي،
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ شريك هو ابن عبد الله النَّخَعي، وهو سيئ الحفظ، وفي (التقريب 2787):"صدوق، كثير الخطأ".
وقد اضطرب فيه: فمرة يجعله من فعله عليه الصلاة والسلام، وتارة من قوله. انظر (صحيح أبي داود 1/ 161).
وقد خولف في متنه:
فقد تقدم الحديث في (الصحيحين) من طريق مسعر وشعبة عن ابن جبر به من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه ذكر الرطلين.
ولذا قال الترمذي - عقبه -: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك على هذا اللفظ".
وأشار أبو داود إلى إعلاله؛ فقال - عقبه -: "رواه شعبة، قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر، سمعت أنسًا، إلا أنه قال: «يتوضأ بمكوك» ولم يذكر رطلين".
وقال الدارقطني: "رواه شريك، عن عبد الله بن عيسى، فقال: عن عبد الله بن جبر، عن أنس بن مالك، فأصاب في هذا الإسناد، ووهم في متنه؛ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يَكْفِي فِي الوُضُوءِ [رَطْلَانِ]
(1)
مِنْ مَاءٍ))، وإنما ذكره شريك على المعنى عنده أن الصاع ثمانية أرطال" (العلل 2501).
وكذا ذكر ابن رجب في (شرح علل الترمذي 2/ 279).
وضَعَّفه بشريك، ابن حزم في (المحلى 5/ 241).
ورَمَز السيوطي لضعفه كما في (الجامع الصغير 9998).
وقال الألباني: "وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل شريك - وهو: ابن عبد الله القاضي -، فهو وإن كان ثقة، فهو سيئ الحفظ، وقد تفرد بقوله في هذا
(1)
في المطبوع (رطلين)، وقال محققه:"هكذا"، والصواب المثبت.
الحديث: (رطلين!)، والمعروف في هذا الحديث وغيره بلفظ: يتوضأ بِمكوك. وفي رواية: بمُد؛ وهو: المكوك" (ضعيف أبي داود 1/ 38).
لكنه في (الصحيحة 5/ 575، 576) عضده بمتابعة سفيان السابقة عند أحمد وأبي عَوَانة، ولكن رواية سفيان ليس فيها ذكر الرطلين؛ ولذلك استدرك الشيخ واعتبرها مخالفة من شريك على القول بأن المُد رطل وثلث.
وأما النووي فقال: "إسناده صحيح، إلا أن فيه شريك بن عبد الله النَخَّعي القاضي، وقد ضَعَّفه كثيرون أو الأكثرون. وقد ذكر أبو داود أن شعبة وسفيان روياه أيضًا، فلعله اعتضد عنده فصار حسنًا فسكت عليه"! (الإيجاز في شرح سنن أبي داود ص 378).
وتساهل فيه العيني في (نخب الأفكار 8/ 247، 248) فصحح طريق شريك مطلقًا.
* * *
رواية (وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ):
• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِرَطْلَيْنِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ» .
[الحكم]:
منكر بذكر الأرطال، وضَعَّفه الدارقطني، والبيهقي - وأقره النووي -، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي، وابن حجر.
[التخريج]:
[قط 314 "واللفظ له"، 2138، 2139 / تحقيق 1029].
[التحقيق]:
لهذه الرواية طريقان:
الطريق الأول:
رواه الدارقطني في (السنن 314، 2138) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق) -: عن أحمد بن محمد بن زياد وعلي بن الحسين السواق قالا: نا محمد بن غالب، نا أبو عاصم موسى بن نصر الحنفي، نا عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن جرير بن يزيد، عن أنس، به.
وهذا إسناد ساقط؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: ضعف موسى بن نصر أبي عاصم الحنفي
(1)
؛
قال الدارقطني - عقب الحديث -: "تفرد به موسى بن نصر، وهو ضعيف الحديث"(السنن 314).
(1)
وهذا غير موسى بن نصر أبي عمران الثقفي البغدادي نزيل سمرقند، فهذا من طبقة أخرى متقدمة عن الحنفي.
وقال في (العلل): "وروى هذا الحديث شيخ يُعرف بموسى بن نصر الحنفي، ولم يكن بالحافظ ولا القوي
…
، وتابع شريكًا على قوله:((إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِرَطْلَيْنِ))، وهذا غير محفوظ المتن والإسناد جميعًا، وموسى بن نصر هذا ضعيف ليس بقويّ" (العلل 6/ 118/ س 2501).
ولهذا استدركه في الضعفاء: الحافظ العراقي في (ذيل الميزان 708)، وتبعه الحافظ في (لسان الميزان 8047).
وبه ضَعَّفه - أيضًا - ابن عبد الهادي، فقال:"الحمل في حديث أنس على موسى بن نصر، فإنه غير ثقة"(تنقيح التحقيق 3/ 137).
وقال الحافظ ابن حجر: "فيه موسى بن نصر، وهو ضعيف جدًّا"(الدراية 1/ 273).
الثانية: جرير بن يزيد، وهو البَجَلي:"ضعيف"، كما في (التقريب 917).
وبه أعله ابن الجوزي في (التحقيق 1029).
الثالثة: الانقطاع بين جرير وأنس؛ فجرير هذا عدَّه الحافظ من الطبقة السابعة (طبقة كبار أتباع التابعين)، يعني أنه لم يسمع من أحد من الصحابة.
ولذا قال البيهقي: "إسناده ضعيف، والصحيح: عن أنس بن مالك: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ)) "(السنن 8/ 300). وأقره النووي في (المجموع 6/ 144).
الطريق الثاني:
رواه الدارقطني في (السنن 2139): عن أحمد بن محمد بن سعيد، ثنا الحسين بن علي بن عفان، ثنا جعفر بن عون، ثنا ابن أبي ليلى، ذكره عن
عبد الكريم، عن أنس به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: ابن أبي ليلى، هو محمد بن عبد الرحمن، وهو "سيئ الحفظ جدًّا"، كما في (التقريب 6081).
وبه ضَعَّفه البيهقي، كما في (مختصر الخلافيات 2/ 502).
الثانية: عبد الكريم، هو ابن أبي المخارق، وهو ضعيف أيضًا (التقريب 4156).
ولذا قال الحافظ: "إسناده ضعيف"(الدراية 1/ 273).
* * *
رواية: يَتَوَضَّأُ مِنْ مُدِّ فَيَسْبِغُ الوُضُوءَ
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ قَالَ: سَأَلْنَا أَنَسًا عَنِ الوُضُوءِ الَّذِي يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ المَاءِ فَقَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ مِنْ مُدٍّ فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ، وَعَسَى أَنْ يَفْضُلَ مِنْهُ)). قَالَ: سَأَلْنَاهُ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ: كَمْ يَكْفِي مِنَ الْمَاءِ؟ قَالَ: الصَّاعُ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ: أَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذِكْرُ الصَّاعِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَعَ الْمُدِّ.
[الحكم]:
إسناده ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[طح (2/ 50/ 3155)].
[السند]:
قال الطحاوي: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا حَيْوة بن شريح، قال: ثنا بقية،
عن عتبة بن أبي حكيم، قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك، قال: سألنا أنسًا
…
به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: عتبة بن أبي حكيم؛ قال فيه الحافظ: "صدوق، يخطئ كثيرًا"(التقريب 4427). الثانية: عنعنة بقية بن الوليد، وهو مشهور بالتدليس والتسوية، كما تقدم مرارًا.
رواية (لِصَلَاةِ الفَرِيضَةِ):
• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ مِنَ الْمَاءِ لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن، دون قوله:((لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ))، فإسناده منكر، وأنكره البزار والعقيلي والدارقطني.
[التخريج]:
[عق (1/ 199)].
[السند]:
رواه العقيلي في (الضعفاء) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا حفص بن عمر الحوضي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الملك القَنَّاد، عن
قتادة، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد منكر؛ فيه إبراهيم بن عبد الملك القَنَّاد، وهو مختلف فيه:
ضَعَّفه ابن معين، وتبعه الساجي فذكره في (الضعفاء)، وقال العقيلي:"يهم في الحديث"، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال:"يخطئ". وقال النسائي: "ليس به بأس". (تهذيب التهذيب 1/ 142).
وقال الذهبي: "ضَعَّفه زكريا الساجي بلا مستند"(ميزان الاعتدال 1/ 47).
وتعقبه الحافظ بقوله: "كذا قال، وأي مستند أقوى من ابن معين؟ ! "(تهذيب التهذيب 1/ 142).
قلنا: وقد خولف في سنده؛ فقد رواه أصحاب قتادة الثقات الأثبات، عنه، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، به. وسيأتي تخريجه قريبًا.
ولذا قال البزار - ورواه من طريق القناد عن قتادة عن أنس -: "وحديث ((يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ)) خطأ؛ رواه قتادة، عَن صفية عن عائشة"(المسند 13/ 442)
(1)
.
وذكر العقيلي القناد في (الضعفاء 1/ 199) فقال: "إبراهيم بن عبد الملك أبو إسماعيل القَنّاد، عن قتادة، يهم في الحديث"، ثم ذكر له عدة أحاديث، منها هذا الحديث، وقال عقبه: "وقال هشام وأبان: عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة. وقال شيبان: عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن
(1)
وإنما لم نخرجه هنا لخلو روايته من زيادة ((لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ))، وهي محل البحث هنا، وقد ذكرنا البزار في تخريج الرواية الأولى المتفق عليها، لموافقة متنه إياها.
عائشة. وقال إسحاق بن الربيع أبو حمزة العطار: عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة. وحديث هشام وأبان أَوْلى".
وسئل عن هذا الحديث الدارقطني، فقال:"رواه أبو إسماعيل القناد - إبراهيم بن عبد الملك -، عن قتادة، عن أنس، ووهم فيه، وليس هذا الحديث من حديث أنس، وإنما رواه قتادة من حديث عائشة"(العلل 2521).
* * *
رواية: (وَالمُدُّ يَوْمَئِذٍ كُوزُ حُبِّكُمُ الْيَوْمَ):
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ الطُّهُورِ؟ فَقَالَ: «يَا أَنَسُ، ائْتِنِي بِوَضُوءٍ» . فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ نحوَ المُدِّ أَوْ أَنْقَصَ قَلِيلًا أَوْ قَدْرَ كُوزِ حُبِّكُمْ أَوْ أَنْقَصَ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَشَرِبَ، وَقَالَ:«هَكَذَا الوُضُوءُ بِمُدٍّ، وَالْغُسْلُ بِصَاعٍ» . وَالمُدُّ يَوْمَئِذٍ كُوزُ حُبِّكُمُ الْيَوْمَ.
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذه السياقة.
[التخريج]:
[عد (4/ 462)].
[السند]:
قال ابن عدي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الغزي، حدثنا محمد بن أبي السَّرِي، حدثنا دُرُسْت بن زياد القشيري، حدثنا يزيد الرَّقاشي، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: يزيد بن أبان الرَّقاشي، "ضعيف" كما في (التقريب 7683).
الثانية: دُرُسْت بن زياد، ضَعَّفه الجمهور؛ ولذا قال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 1825).
ومشاه ابن عدي، فترجم له في (الكامل 636)، وذكر له هذا الحديث وغيره، ثم قال:"وهذه الأحاديث لدرست عن يزيد الرقاشي عن أنس فيما ينفرد به درست عن يزيد، ومنها ما قد شورك فيه، ولدرست غير هذه الأحاديث عن يزيد وعن غيره قليل، وأرجو أنه لا بأس به"(الكامل 4/ 463).
وهذا مما انفرد به درست، وبهذا أعله ابن طاهر القيسراني فقال:"وهذا مثل الذي تقدم"، والذي تقدم قال فيه:"ودرست تفرد به"(الذخيرة 4289، 4290).
الثالثة: إسحاق بن إبراهيم الغزي، ضَعَّفه الدارقطني، (اللسان 979).
فأما محمد بن أبي السري فهو محمد بن المتوكل، مختلف فيه، وثقه ابن معين، ولَيَّنه أبو حاتم، وقال ابن حبان وغيره:"كان من الحفاظ"، وقال ابن عدي وغيره:"كان كثير الغلط"، وقال ابن حجر:"صدوق عارف له أوهام كثيرة"(التقريب 6263).
وقوله: «الوُضُوءُ بِمُدٍّ، وَالغُسْلُ بِصَاعٍ» صحيح كما سبق.
ووضوءه صلى الله عليه وسلم بكُوزِ الحُبِّ - له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها، وسيأتي الكلام عليه قريبًا.
1922 -
حديث سفينة:
(عَنْ سَفِينَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِـ[قَدْرِ] الصَّاعِ، وَيَتَطَهَّرُ (يَتَوَضَّأُ) بِالْمُدِّ».
[الحكم]:
صحيح (م).
[الفوائد]:
قال الترمذي - عقبه -: "حديث سفينة حديث حسن صحيح.
وهكذا رأى بعض أهل العلم الوضوء بالمد، والغسل بالصاع.
وقال الشافعي، وأحمد، وإسحاق: ليس معنى هذا الحديث على التوقيت أنه لا يجوز أكثر منه ولا أقل منه، وهو قدر ما يكفي".
وقال ابن المنذر: "في هذا الحديث وفي اغتسال النبي عليه السلام وعائشة من إناء واحد، وفي قول ابن عمر:((كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَئُونَ فِي الإِنَاءِ الوَاحِدِ))
(1)
، دليل على إباحة الوضوء والاغتسال بأقل من الصاع والمد؛ لأن الأمر إذا كان هكذا فأَخْذهم الماء يختلف، وإذا اختلف أخذهم الماء دل على أن لا حد فيما يُطهر المتوضئ والمغتسل من الماء إلا الإتيان على ما يجب من الغسل والمسح، وقد يختلف أخذ الناس للماء.
وقد أجمع أهل العلم على أن المُد من الماء في الوضوء، والصاع في الاغتسال - غير لازم للناس. وكان الشافعي يقول: وقد يرفق بالماء القليل فيكفي، ويخرق بالكثير فلا يكفي. وصدق الشافعي، هذا الذي قاله موجود
(1)
أخرجه البخاري دون زيادة: [في الإناء الواحد]، وهي عند أبي داود وغيره بسند صحيح، وسيأتي تخريجه في "باب وضوء الرجال والنساء في إناء واحد".
من أفعال الناس" (الأوسط 1/ 485).
[التخريج]:
[م (326/ 53) "واللفظ له" / ت 57 "والرواية له" / جه 267 / حم 21931 / ش 711 / مي 706 / طهور 110 / أمع 1412 / أثرم 84 / بز 3832، 3833 / جا 61 / طوسي 47 "والزيادة له" / عه 699 - 701 / طب (7/ 82/ 6438) / لي (رواية ابن يحيى البيع 527) / لا 993 / مشب 561، 563 / عد (7/ 75) / صحا 3514 / هق 947 / طرخان (ص 252) / كر (4/ 269)، (49/ 59) / معكر 988 / جماعة (ص 470، 471) / كما (16/ 148) / سبكي (ص 514)].
[السند]:
قال (مسلم): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن عُلَيَّة، (ح) وحدثني علي بن حُجْر، حدثنا إسماعيل، عن أبي ريحانة، عن سفينة، به.
ورواه ابن أبي شيبة وأحمد وغيرهما: عن إسماعيل ابن علية، عن أبي ريحانة، به.
تحقيق زيادة [بقدر الصاع]:
رواها الطوسي في (مختصر الأحكام 47) قال: نا يعقوب بن إبراهيم الدورقي والحسن بن محمد الزعفراني قالا: نا إسماعيل ابن علية قال: نا أبو ريحانة، عن سفينة، به بزيادة [بِقَدْرِ الصَّاعِ].
وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات، عدا أبا ريحانة، واسمه: عبد الله بن مطر، مختلف فيه: قال ابن معين: "صالح"، وقال مرة:"ليس به بأس"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال في موضع آخر:"لا بأس به"، وذكره
ابن حبان في (الثقات) وقال: "ربما أخطأ". وذكر ابن خلفون فى (الثقات)"أنه تغير، وأن من سمع منه قديمًا فحديثه صالح". انظر (تهذيب التهذيب 6/ 34). وقال الذهبي: "تابعي صويلح الحال"(ميزان الاعتدال 2/ 506). وقال الحافظ: "صدوق تغير بأخرة"(التقريب 3623).
وذكر الحديث ابن عدي في ترجمة أبي ريحانة من (الكامل 7/ 75) ونقل عن النسائي أنه قال فيه: "ليس بالقوي"، ولم يذكر له سوى هذا الحديث وقال:"وهذا الحديث معروف عن سفينة من رواية أبي ريحانة عنه، وهو عزيز الرواية، ولا أعرف له منكرًا فأذكره".
قلنا: وورد عند مسلم وغيره في آخر هذا الحديث: [وقال: وقد كان كبر، وما كنت أثق بحديثه]. فالقائل - فيما يبدو لنا وهو ظاهر صنيع مغلطاي في (إكماله 8/ 208)، والحافظ في (تهذيبه)، وغيرهما - هو إسماعيل ابن علية، يريد أبا ريحانة، وقد وصفه بالتغير غير واحد، كما تقدم في ترجمته.
وذهب النووي في (شرح النووي 4/ 8) إلى أن القائل (وقد كان كبر) هو أبو ريحانة، والذي كبر هو سفينة. قال:"ولم يذكر مسلم رحمه الله تعالى حديثه هذا معتمدًا عليه وحده، بل ذكره متابعة لغيره من الأحاديث التي ذكرها. والله أعلم".
قلنا: وفيما قاله نظر ظاهر، فالموصوف بالتغير هو أبو ريحانة، ولم يصف أحدٌ سفينة رضي الله عنه بتغيرٍ، ولا عهدنا أن يقول التابعي فيما يرويه عن الصحابي:"وما كنت أثق بحديثه"!
فالصحابة رضوان الله عليهم من تمام عدالتهم - كان أحدهم إذا شك في الحديث توقف ولم يُحَدِّث به تورعًا.
وقد تُكلِم في سماع أبي ريحانة من سفينة:
فقال ابن حبان في ترجمة أبي ريحانة: "يروي عن سفينة إن كان سمع منه"(الثقات 5/ 36).
ولذا قال مغلطاي - معلًّا هذا الحديث -: "فيه علة خفيت على من صححه، وهي الانقطاع المنافي للصحة فيما بين أبي ريحانة وسفينة؛ نَصَّ على ذلك أبو حاتم البُسْتي، فإنه لما ذكره في (الثقات) تردد في سماعه من سفينة بعد وصفه إياه بالخطأ.
وبنحوه ذكره الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل؛ فإن محمد بن موسى لما سأله عنه قال: ما أعلم إلا خيرًا. قلت: سمع من سفينة؟ قال: ينبغي، هو قديم، سمع من ابن عمر.
فهذا من أبي عبد الله ظَنٌّ وحسبان لا قطع ببرهان، ولا كل من سمع من شخص ينبغي له السماع من قرينه! ! هذا الزهري سمع من جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر، ولم يسمع من بعض التابعين، والحسن سمع من علي وأبي عثمان، ولم يسمع ممن تُوفيَ بعدهما بنحو من ثلاثين سنة، والله أعلم" (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 67 - 68).
قلنا: لكن صرح أبو ريحانة بسماعه من سفينة في هذا الحديث، عند ابن المنذر في (الأوسط 326)، وابن عدي في (الكامل 7/ 75) من طريقين عن مُسَدَّد عن بِشْر بن المُفَضَّل عن أبي ريحانة.
وكذا عند أحمد (21930) والأثرم (85) وغيرهما، من طريق علي بن عاصم عن أبي ريحانة.
وقد جزم بسماعه من سفينة: البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 198)، وتبعه
مسلم في (الكنى 1157).
وهو ما مال إليه الإمام أحمد، فهو الراجح. والله أعلم.
* * *
رواية: يُغَسِّلُهُ الصَّاعُ وَيُوَضِّئُهُ المُدُّ:
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُغسِّلُهُ الصَّاعُ مِنَ المَاءِ مِنَ الجَنَابَةِ، ويُوَضِّئُهُ المُدُّ» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م (326/ 52) واللفظ له / حم 21930 / غحر (3/ 1134) / أثرم 85 / منذ 326 / طح (2/ 50/ 3157) / طس 327 / عد (7/ 76) / قط 312 / مسن 734 / تمام 25 / هق 948 / خسرج 5 / مشب 560، 562 / كر (51/ 40) / تساعية (ص 148) / جماعة (ص 471 - 472) / تعطار 10].
[السند]:
قال (مسلم): حدثنا أبو كامل الجَحْدري وعمرو بن علي، كلاهما عن بشر بن المفضل - قال أبو كامل: حدثنا بشر -، حدثنا أبو ريحانة، عن سفينة، به.
* * *
رواية: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: «خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَكَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَطَهَّرُ (وَيَتَوَضَّأُ) بِالمُدِّ» .
[الحكم]:
صحيح.
[التخريج]:
[ني 674 "واللفظ له" / طس 7798 "والرواية له"].
[السند]:
رواه الروياني في (مسنده) قال: نا عمرو بن علي، نا بشر بن المفضل، نا أبو ريحانة، عن سفينة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله كلهم ثقات، عمرو بن علي هو أبو حفص الفلاس الإمام الحافظ. وبشر بن المفضل: ثقة ثبت عابد من رجال الشيخين (التقريب 703).
وقد توبع على هذه الزيادة؛
فرواه الطبراني في (الأوسط 7798) قال: حدثنا محمود بن محمد، ثنا عقبة بن مُكْرَم، ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، ثنا مُرَجَّى بن رجاء، ثنا أبو ريحانة، عن سفينة، به.
ورواه البغوي في (معجم الصحابة 1626) - ومن طريق ابن عساكر في (تاريخ دمشق 4/ 269) -: من طريقين عن المرَجَّى بن رجاء اليشكري به، مقتصرًا على قوله:((خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ)).
وقال الطبراني - عقبه -: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن مُرَجَّى بن رجاء إلا يعقوب الحضرمي".
وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات، عدا مُرَجَّى بن رجاء، فهو "صدوق ربما وهم" كما في (التقريب 6550). وقد تقدمت ترجمته موسعة في باب "ما ورد في تقليم الأظافر"، حديث رقم (؟؟؟؟؟).
* * *
رواية بالمُدِّ رَطْلَيْنِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ رِطْلَيْنِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ» .
[الحكم]:
منكر بذكر الأرطال.
[التخريج]:
[عد (7/ 75)].
[السند]:
رواه ابن عدي في (الكامل) قال: حدثناه أبو الليث الفرائضي، حدثنا محمد بن إسماعيل الخُشُوعيّ، حدثنا ابن علية، حدثني عبد الله بن مطر أبو ريحانة، عن سفينة مولي رسول الله صلي الله عليه وسلم، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله موثقون، غير الخشوعي، ترجم له ابن منده في (الكنى والألقاب 4524) وكناه أبا عبد الله، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وقد تفرد الخشوعي عن ابن علية بهذا اللفظ، وقد رواه أحمد وابن أبي شيبة وابن منيع ومسدد وعلي بن حُجْر وأبو يحيى العطار، جميعًا عن ابن علية به، ليس فيه تقدير المد بالرطلين ولا تقدير الصاع بثمانية أرطال.
وكذا رواه بشر بن المفضل ومرج بن رجاء وعلي بن عاصم عن أبي ريحانة به.
* * *
1923 -
حديث عائشة:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِنَحْوِ المُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِنَحْوِ الصَّاعِ» .
[الحكم]:
إسناده صحيح، وصححه العقيلي، ومغلطاي، وابن حجر، والألباني. وحَسَّنه النووي، والمنذري.
[التخريج]:
[د 91 "واللفظ له" / ن 350، 351 / جه 269 / حم 24897 "والرواية له ولغيره"، 24898، 25015، 25836، 25974، 25975، 25976، 26019، 26120، 26393 / طي 1668 / ش 719 / سعد (1/ 332) / طهور 111، 112 / أمع 1414، 1415 / حق 1270 / ضحة (ق 8/ أ) / أثرم 83 / عل 4858 / بز 1587، 1588 / نو 14 / عق (2/ 173) / منذ 639 / طح (2/ 49 - 50/ 3148 - 3154) / طس 9316 / معقر 1220 / مقرئ (الأربعون 25) / قط 313 / غخطا (1/ 162) / هق 934 / هقغ 153 / غقت (1/ 162) / أسلم 3 / متفق 1407 / كر (41/ 248) / تد (3/ 194) / لحظ (ص 106)].
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) - وعنه ابن ماجه - قال: حدثنا يزيد بن هارون. وأبو داود: عن محمد بن كثير. كلاهما عن همام.
ورواه أحمد (24898): عن عفان، عن أبان.
ورواه إسحاق بن راهويه في (مسنده 1270) عن محمد بن بكر. والنسائي في (الصغرى 350) من طريق عبدة بن سليمان. كلاهما: عن سعيد بن أبي عَروبة.
ورواه الدارقطني في (السنن 313) من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه.
أربعتهم (همام، وأبان، وابن أبي عروبة، وهشام الدَّسْتوائي): عن قتادة، عن صفية بنت شيبة (وَفِي رِوَايَةٍ أبان: حدثتني صفية)، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد صرح قتادة بالتحديث في رواية أبان فأُمن من تدليسه، وقد أشار لذلك أبو داود - عقب الحديث - بقوله:"رواه أبان، عن قتادة، قال: سمعت صفية".
ولذا صححه العقيلي في (الضعفاء 2/ 173)، وتبعه ابن حجر في (لسان الميزان 4/ 121)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 68).
وحَسَّنه النووي في (الإيجاز ص 377)، والمنذري في (كلامه على المهذب) فقال:"حديث حسن ورجاله كلهم ثقات"(البدر المنير 2/ 595).
وصححه الألباني فقال: "إسناده صحيح على شرطهما"(صحيح أبي داود 1/ 155).
والوجه المذكور هو المحفوظ عن قتادة، كذا رواه همام، وأبان العطار، وهشام الدستوائي، وابن أبي عروبة، وشعبة، والحَكَم بن عبد الملك، عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة.
وقد رواه بعضهم عنه على غير هذا الوجه، وكلها أوهام لا تصح.
ولذا قال الدارقطني - بعد حكاية هذه الأوجه -: "والقول قول من قال: عن قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة"(العلل 2521).
وقد رُوي الحديث من طرق أخرى عن عائشة من غير طريق قتادة، ولكنها لا تخلو من مقال، وفي الصحيح كفاية، والحمد لله.
* * *
رواية (يَتَوَضَّأُ بِكُوزِ الحُبِّ):
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِكُوزٍ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِكُوزِ الحُبِّ))، يَعْنِي: لِلصَّلاةِ، أَيْ كَانَ يُجْزِيهِ الوُضُوءُ بِذَلِكَ.
[الحكم]:
ضعيف بهذا اللفظ.
[اللغة]:
الحُب - بالضم -: الجَرَّة الضخمة أو القُلة الكبيرة التي يُجعل فيها الماء. انظر (لسان العرب 1/ 295).
وكوز الحُب: أي الكوز الذي يؤخذ به الماء من الحُب.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [ش 739 "واللفظ له" / مش (مط 5)، (خيرة 587) / تخ (1/ 178) / ضياء (مرو ق 137/ ب)].
تخريج السياق الثاني: [بز (كشف 256)].
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) و (المسند) - كما في (المطالب) و (الإتحاف) - قال: حدثنا الفضل بن دُكَيْن، عن محمد بن أبي حفص، عن السُّدي، عن البَهِيّ، عن عائشة
(1)
، به. بالسياق الأول.
ورواه البزار في (مسنده): عن محمد بن إسماعيل الواسطي، عن الفضل بن دكين، به. بالسياق الثاني.
ومداره عند الجميع على محمد بن أبي حفص، عن السدي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه محمد بن أبي حفص، وهو محمد بن عمر الأنصاري العطار، ذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 437) وقال:"كان ممن يخطئ". وقال الأزدي: "يتكلمون فيه"(ميران الاعتدال 7437).
وبه أعله الهيثمي فقال: "رواه البزار، وفيه محمد بن أبي حفص العطار، قال الأزدي: يتكلمون فيه"(مجمع الزوائد 1104).
والبهي، اسمه عبد الله:"صدوق يخطئ" كما في (التقريب 3723). وفي سماعه من عائشة مقال؛ سئل أحمد بن حنبل: هل سمع من عائشة رضي الله عنها؟ قال: "ما أرى في هذا شيئًا، إنما يَروي عن عروة"، وقال في حديث (زائدة عن السدي عن البهي قال: حدثتني عائشة): "كان عبد الرحمن - يعني ابن مهدي - قد سمعه من زائدة، فكان يدع فيه:(حدثتني عائشة)
(1)
إلا أنه وقع في مطبوع (المطالب العالية): "البهي عن السدي عن عائشة"، وهو خطأ، والصواب:"السدي عن البهي عن عائشة"، كما في (المصنف) لابن أبي شيبة، و (إتحاف الخيرة)، والله أعلم.
وينكره" (جامع التحصيل 408).
لكن جزم البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 56) بسماعه منها، وأخرج مسلم لعبد الله البهي عن عائشة رضي الله عنها حديثًا واحدًا، كذا بدون واسطة، قال العلائي:"وكأن ذلك على قاعدته"(جامع التحصيل 408).
قلنا: وأخرج مسلم له حديثين آخرين عن عروة عن عائشة.
ولذا انتقد الأولَ الدارقطنيُّ؛ فقال: "وأخرج مسلم حديث السدي عن البهي عن عائشة: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الثَانِي ثُمَّ الثَّالِثُ))، والبهي إنما روى عن عروة عن عائشة. والله أعلم"(التتبع ص 375).
وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي متكلم فيه أيضًا، وقال عنه الحافظ:"صدوق يهم"(التقريب 463).
ومع ما تقدم كله، قال الحافظ ابن حجر - عقب الحديث -:"إسناده حسن"! (المطالب العالية 2/ 72).
وهذا منه ليس بحسن؛ فإن محمد بن أبي حفص لو انفرد ابن حبان بتوثيقه لم يُقبل، فكيف وقد قال فيه ابن حبان:"كان ممن يخطئ"؟، وتكلم فيه الأزدي أيضًا، فأنَّى لمثل هذا أن يُحَسَّن حديثُه؟! فضلًا عن الكلام في السدي والبهي، وقد تفردا بهذا اللفظ. والله أعلم.
* * *
رواية جَرَتِ السُّنَّةُ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «جَرَتِ السُّنَّةُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَدَاقِ النِّسَاءِ
…
» الحَدِيثَ، وَفِيهِ: «
…
وَجَرَتِ السُّنَّةُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غُسْلِ الجَنَابَةِ صَاعٌ، وَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، وَالوُضُوءُ بِمُدٍّ، وَالمُدُّ رِطْلَانِ
(1)
…
» الحَدِيثَ.
[الحكم]:
ضعيف جدًّا بهذا السياق، وضَعَّفه: الدارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي، والنووي، والغساني، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، والهيثمي، وابن الملقن، وابن حجر، والمباركفوري.
[التخريج]:
[طس 339، 5123 "واللفظ له" / قط 2028، 2137 / تحقيق 1030].
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط 5123): عن محمد بن هشام المستملي قال: نا عبد الله بن عمر بن أبان قال: نا صالح بن موسى الطلحي، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به.
ورواه الطبراني في (الأوسط 339): عن أحمد بن رِشْدين، حدثنا يحيى بن سليمان الجُعْفي، قال: حدثنا صالح بن موسى الطلحي، به.
ومداره عند الجميع على صالح بن موسى، به.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن منصور بن المعتمر إلا صالح بن
(1)
كذا عند الطبراني، ووقع في بعض المصادر:(رطلين)، والصواب لغة:(رطلان).
موسى" (الأوسط 339).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه صالح بن موسى الطلحي، وهو "متروك" كما في (التقريب 2891).
وبه ضَعَّف الحديث جماعة من أهل العلم:
فقال الدارقطني: "لم يروه عن منصور بهذا الإسناد غير صالح بن موسى، وهو ضعيف الحديث"(السنن عقب رقم 2028)، وبنحوه (عقب رقم 2137).
وكذا البيهقي في (الكبرى 8/ 299)، والنووي في (المجموع 6/ 143، 144)، والغساني في (الأحاديث الضعاف 519)، والزيلعي في (نصب الراية 2/ 430)، وابن الملقن في (البدر المنير 2/ 597، 5/ 526)، والهيثمي في (مجمع الزوائد 4380)، وابن حجر في (الدراية 1/ 273)، وفي (التلخيص 2/ 169)، والمباركفوري في (التحفة 1/ 152).
وأعلوه جميعًا بصالح الطلحي، لكنهم اقتصروا فيه على كلمة (ضعيف) فقط، مع أنه شديد الضعف كما ذكرنا.
ولذا لما نقل ابن الجوزي كلام الدارقطني، أتبعه بقول ابن معين:"صالح الطلحي ليس حديثه بشيء"، وبقول النسائي:"متروك الحديث"، انظر (التحقيق 2/ 57).
وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 3/ 136).
واقتصر الذهبي على قوله: "صالحٌ؛ قال النسائي: متروك"(التنقيح 1/ 356).
* * *
رواية من قول النبي صلى الله عليه وسلم:
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُجْزِي مِنَ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ صَاعٌ مِنَ المَاءِ، وَفِي الوُضُوءِ المُدُّ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، والثابت عن عائشة وغيرها أن ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وليس من قوله.
[التخريج]:
[عه 3361].
[السند]:
رواه أبو عوانة في (المستخرج) قال: حدثنا يوسف بن مسلم، حدثنا عبد الكبير بن المُعافَى، حدثنا موسى بن طلحة الطلحي، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ كسابقه، وموسى بن طلحة الطلحي، كذا وقع في (المستخرج أبي عوانة، طبعة دار المعرفة (2664)، وطبعة الجامعة الإسلامية (3361)، والصواب:(صالح بن موسى الطلحي)، كما تقدم عند الطبراني والدارقطني وغيرهما.
ولذا عَقَّب عليه ابن حجر عند ذكره - بقوله: "كذا قال"(إتحاف المهرة 16/ 1047). كالمستنكِر.
* * *
1924 -
حديث عبد الله بن زيد:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [أُتِيَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ [مِنْ مَاءٍ] 2، فَـ] 1 ـتَوَضَّأَ فَجَعَلَ يَقُولُ هَكَذَا [عَلَى ذِرَاعِهِ] 3، يُدَلِّكُ [ذِرَاعَيْهِ] 4، [وَدَلّكَ أُذُنَيْهِ، يَعْنِي حِينَ مَسَحَهُمَا] 5» .
[الحكم]:
إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والألباني.
[التخريج]:
[حم 16441 "واللفظ له" / خز 126 والزيادة الأولى له ولغيره / حب 1077، 1078 والزيادة الرابعة له ولغيره / ك 516 والزيادة الثانية له ولغيره، 586 / طي 1195 / عل (خيرة 584/ 3 والزيادة الخامسة له ولغيره، 4) / غر 50 والزيادة الثالثة له / ........ ].
سبق تخريجه وتحقيقه في: "باب مسح الأذنين وصفته"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
1925 -
حديث جابر:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ)).
[الحكم]:
صحيح المتن بما تقدم؛ وهذا الشاهد في كل أسانيده مقال، وضَعَّفه النووي والمنذري.
[التخريج]:
[د 92 "واللفظ له" / جه 268 / حم 14250 / طي 1838 / حميد 1070 / أمع 1570 / طح (2/ 50/ 3156) / طس 1961 / تجر (ص 309) / عد (4/ 518)، (8/ 35)، (9/ 20) / هق 951 / بغ 280].
[التحقيق]:
هذا الحديث له عدة طرق عن جابر:
الطريق الأول: سالم بن أبي الجعد عن جابر:
رواه أحمد - وعنه أبو داود، ومن طريقه البغوي - قال: حدثنا هشيم، أخبرنا يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، به.
ورواه الطيالسي - ومن طريقه البيهقي -، والطحاوي: من طريق أبي عوانة عن يزيد بن أبي زياد، به.
ورواه أبو عبيد في (الأموال 1570) عن علي بن عاصم، عن يزيد، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد القرشي وهو "ضعيف، كَبِر فتغير وصار يتلقن" كما في (التقريب 7717).
وبه ضَعَّفه: النووي في (الإيجاز ص 377)، والمنذري في (مختصر سنن أبي داود
1/ 86).
ومع هذا قال الحافظ: "ولأحمد وأبي داود بإسناد صحيح
…
" وذكر الحديث (فتح الباري 1/ 305).
وتعقبه الألباني بقوله: "قول الحافظ: (إن إسناده صحيح) غير صحيح"، ولكن صححه الشيخ بشواهده، (صحيح أبي داود 83).
الطريق الثاني: عن أبي الزبير عن جابر:
ورُوي عن أبي الزبير من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول:
رواه ابن ماجه (268) قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الربيع بن بدر قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، به.
ورواه عبد بن حميد وابن عدي: من طريق الربيع بن بدر به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه الربيع بن بدر، وهو "متروك" كما في (التقريب 1883).
وعَدَّه ابن عدي في مناكيره - مع غيره من الأحاديث -، ثم قال:"وهذه الأحاديث معروفة بالربيع بن بدر، فحديث خديجة أغربها، ينفرد به الربيع وغيره قد شورك الربيع فيها، عن أبي الزبير، وللربيع بن بدر غير ما ذكرت من الحديث، وعامة حديثه ورواياته عمن يروي عنهم مما لا يتابعه أحد عليه"(الكامل 4/ 518).
وتبعه ابن القيسراني في (ذخيرة الحفاظ 1636).
وبه ضَعَّفه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 70).
الوجه الثاني:
رواه ابن عدي في (الكامل 9/ 20) قال: حدثنا عبدان، حدثنا أبو يوسف محمد بن الحجاج الرَّقي، حدثنا محمد بن سلمة، عن الفَزَاري، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ الفزاري هو محمد بن عبيد الله العرزمي؛ قال ابن عدي - عقبه -: "ومحمد بن سلمة الحراني في عامة ما يروي عن محمد بن عبيد الله العرزمي يقول: (عن الفزاري) فيكني عنه ولا يسميه لضعفه، وأحيانًا يسميه وينسبه".
قلنا: والعرزمي: "متروك" كما في (التقريب 6108).
وبه ضَعَّفه ابن القيسراني في (ذخيرة الحفاظ 1636).
الوجه الثالث:
رواه ابن عدي في (الكامل 8/ 35) - وعنه السهمي في (تاريخ جرجان ص 309) - قال: حدثنا علي بن محمد الصائغ، قال: حدثنا عمران بن سوار، قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن القرشي، قال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، به.
وهذا إسناد ساقط؛ فيه علتان:
الأولى: عمران بن سوار، وهو ابن لاحق الباهلي؛ ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد 14/ 199)، والسهمي في (تاريخ جرجان 577)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. ولكن ذكره الذهبي في (الميزان) وذكر له حديثًا منكرًا، وقال:"لعل هذا واضعه"(ميزان الاعتدال 6289)، وأقره ابن حجر في (اللسان 5751).
الثانية: عثمان بن عبد الرحمن الجمحي، وهو "ليس بالقوي" كما في (التقريب 4495).
والحديث ذكره ابن عدي في ترجمته مع جملة من حديثه، ثم قال:"وهذه الأحاديث لعثمان التي ذكرتها عامتها لا يوافقه عليها الثقات، وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه مناكير إما إسنادًا وإما متنًا"(الكامل 8/ 36).
الطريق الثالث: عن أبي جعفر الباقر عن جابر:
رواه الطبراني في (المعجم الأوسط 1961): عن أحمد بن عمرو القطراني، قال: نا محمد بن يحيى الأزدي، قال: نا سعيد بن عامر الضبعي، قال: نا شعبة، عن مُخَوَّل بن راشد، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبد الله، به.
قال الطبراني بإثره: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن شعبة إلا سعيد بن عامر".
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن محمد بن يحيى الأزدي قد خولف فيه:
فقد رواه أحمد في (مسنده 14975)،
وأبو خيثمة كما في (مسند أبي يعلى 2227)،
والحسن بن أبي يحيى بن السكن الأطروش، كما في (المخلصيات 1884)،
والحارث بن أبي أسامة كما في (معرفة الصحابة لأبي نعيم 1393)،
وأبو قِلابة الرَّقَاشي، كما في (السنن الكبرى للبيهقي 831).
كلهم: عن سعيد بن عامر بإسناده بلفظ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ، أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا» .
وكذا رواه غندر - كما عند أحمد (14188)، والبخاري (255) -.
وخالد بن الحارث - كما عند النسائي في (الصغرى 431) -.
وغيرهما من الثقات الأثبات عن شعبة، به.
وكذا رواه غير واحد عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر. والله أعلم.
* * *
رواية: يُجْزِئُ مِنَ الْوَضُوءِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((يُجْزِئُ مِنَ الْوَضُوءِ الْمُدُّ مِنَ الْمَاءِ، وَمِنَ الْجَنَابَةِ الصَّاعُ))، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي [ذَلِكَ يَا جَابِرُ]، فَقَالَ جَابِرٌ: قَدْ كَفَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَكْثَرُ شَعْرًا، رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
[الحكم]:
في إسناده مقال، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من فعله وليس من قوله. كما أشار لذلك البيهقي وابن القطان.
[التخريج]:
[حم 14976 "واللفظ له" / ش 713 / حميد 1114 / أثرم 86، 87 / طهور (زوائد المروزي 114) / خز 125 "والزيادة له" / سكن (وهم 5/ 270) / فقط (أطراف 1576) / ك 585 / هق 950 / رفا 179].
[السند]:
رواه أحمد: عن علي بن عاصم.
ورواه ابن أبي شيبة - وعنه عبد بن حميد -: عن محمد بن فضيل.
ورواه المروزي في (زوائده على الطهور لأبي عبيد 114) من طريق خالد بن عبد الله.
ورواه أبو علي الرَّفَّاء في (فوائده) من طريق عبد السلام بن حرب.
ورواه الدارقطني في (الأفراد) من طريق حبان بن علي.
كلهم: عن يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، به.
وكذا رواه الأثرم من طريق يزيد بن أبي زياد، به
(1)
.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد، وهو "ضعيف"، كما تقدم، إلا أنه قد توبع:
فقد رواه ابن خزيمة في (صحيحه 125) قال: حدثنا هارون بن إسحاق الهمذاني من كتابه، حدثنا ابن فضيل، عن حصين ويزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، به.
ورواه الحاكم (585): من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي عن هارون بن إسحاق عن ابن فضيل، عن حصين - وحده -، عن سالم، عن جابر، به.
ورواه البيهقي في (السنن 950): من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن ابن فضيل، عن حصين، ويزيد بن أبي زياد، به.
(1)
إلا أن سند الأثرم إلى يزيد غير واضح بالأصل، انظره (ق 217/ أ). ومع هذا اجتهد محقق (سنن الأثرم)، في ذكره بلا بينة، بل وذكر أيضًا - بلا بينة - متابعة ليزيد؛ فذكر عن مسدد عن ابن فضيل عن حصين عن سالم، به. ومسدد لم نجد له رواية عن ابن فضيل ألبتة، فمن أين له أن مسددًا رواه عن ابن فضيل عن حصين؟ !
ورواه أبو علي ابن السكن - كما في (بيان الوهم والإيهام 5/ 270) -: عن عبد الله بن سليمان، عن هارون بن إسحاق، قال: حدثنا ابن فضيل، عن حصين، وآخر ذكره عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، به.
وهذا إسناد رجاله ثقات، فحصين هو ابن عبد الرحمن السُّلمي:"ثقة من رجال الشيخين"(التقريب 1369).
وقال الحاكم - عقبه -: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ".
وقال ابن القطان: "وأعرف لهذا المعنى إسنادًا جيدًا من رواية جابر بن عبد الله"، فساق طريق ابن السكن، ثم قال: "هذا إسناد صحيح على مذهب أبي محمد في قُبول روايات أبي بكر عبد الله بن أبي داود
…
، والحديث في كتاب مسلم من فعله عليه السلام لا من قوله، من رواية جابر وأنس، فاعلم ذلك" (بيان الوهم والإيهام 5/ 270).
وصححه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 71).
وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة 1991)، وفي (صحيح أبي داود 1/ 157 - 158).
قلنا: ولكن ذكر (حصين) في سنده لا يخلو من نظر؛ فقد تفرد بذكره ابن فضيل مقرونًا بيزيد بن أبي زياد، والمشهور في هذا الخبر من رواية يزيد بن أبي زياد - وحده - عن سالم بن أبي الجعد، به. هكذا رواه أبو عَوانة وهشيم وخالد بن عبد الله الواسطي وعبد السلام بن حرب وغيرهم عن يزيد، به.
فنخشى أن يكون دخل لابن فضيل حديث في حديث، أو نحو ذلك.
وقد رواه ابن أبي شيبة: عن ابن فضيل عن يزيد - وحده - به، ولم يذكر حصينًا.
لاسيما ولم يميز ابن فضيل بين لفظ يزيد - وهو ضعيف -، وبين لفظ حصين - وهو ثقة -، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من فعله وليس من قوله. كما أشار لذلك ابن القطان - فيما تقدم -.
وسبقه للإشارة لذلك البيهقي، فقال - عقب رواية حصين هذه -:"ورواه أبو عَوانة وغيره، عن يزيد وحده بإسناده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمُد ويغتسل بالصاع"(السنن الكبرى 2/ 100).
وقد قال الحافظ ابن رجب: "ففي رواية سالم رفع أول الحديث، مع أنه روي أوله موقوفًا أيضًا من حديثه كما في رواية أبي جعفر. ولعل وقف أوله أشبه، وأما آخره فمرفوع"(فتح الباري 1/ 253).
* * *
رواية الوُضُوءُ بِالْمُدِّ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الغُسْلُ بِالصَّاعِ، وَالوُضُوءُ بِالمُدِّ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب من فعله وليس من قوله.
[التخريج]:
[طس 4370].
[السند]:
قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا عبد الله بن وهيب قال: نا محمد بن أبي السَّرِي قال: نا الوليد بن مسلم، عن الربيع بن صُبَيح، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
وقال - عقبه -: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الربيع بن صَبيح إلا الوليد، تفرد به محمد بن أبي السري".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: الربيع بن صَبيح؛ مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب؛ ولذا قال الحافظ:"صدوق سيء الحفظ"(التقريب 1895).
الثانية: الوليد بن مسلم؛ يدلس ويسوي، وقد عنعن.
الثالثة: محمد بن أبي السري العسقلاني؛ مختلف فيه، وثقه ابن معين، ولَيَّنه أبو حاتم، وقال ابن حبان وغيره:"كان من الحفاظ"، وقال ابن عدي وغيره:"كان كثير الغلط"، وقال ابن حجر:"صدوق عارف، له أوهام كثيرة"
(التقريب 6263)، وانظر:(تهذيب التهذيب 9/ 425).
الرابعة: عبد الله بن وهيب - شيخ الطبراني -، مجهول. انظر (إرشاد القاصي والداني 618).
* * *
رواية كَانَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ رَطْلَيْنِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((كَانَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ رَطْلَيْنِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ)).
[الحكم]:
منكر بهذه السياقة، وإسناده تالف، لعله موضوع، كما أشار لذلك ابن عدي، وتبعه ابن القيسراني، والزيلعي، وابن حجر، والعيني، وابن الهمام، والمباركفوري.
[التخريج]:
[عد (7/ 313)].
[السند]:
رواه ابن عدي في (الكامل) قال: حدثنا عبدان، حدثنا أيوب الوزان، حدثنا فِهْر بن بشر، حدثنا عمر بن موسى، عن عمرو بن دينار، عن جابر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه عمر بن موسى وهو الوجيهي، كَذَّبه ابن معين وغيره. ورماه أبو حاتم الرازي وغيره بوضع الحديث. انظر ترجمته في (لسان
الميزان 5698).
والحديث عَدَّه في مناكيره ابن عدي، ثم قال:"ولعمر بن موسى غير ما ذكرت من الحديث كثير، وكل ما أمليت لا يتابعه الثقات عليه، وما لم أذكره كذلك، وهو بَيِّن الأمر في الضعفاء، وهو في عداد من يَضع الحديث متنًا وإسنادًا"(الكامل 7/ 313).
قلنا: وهذا المتن إنما يُعْرَف من حديث شريك النَّخَعي بسنده عن أنس بن مالك، وهو منكر - كما بينّاه هناك -، فيبدو أن الوجيهي هذا سرقه ورَكَّب عليه هذا الإسناد النظيف.
وقد تبع ابن عدي جماعة من أهل العلم في إعلال الحديث بعمر بن موسى:
فقال ابن القيسراني: "رواه عمر بن موسى .. وعمر متروك الحديث"(الذخيرة 4037).
وقال الزيلعي: "أخرجه ابن عدي في (الكامل) عن عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي
…
وضَعَّف عمر بن موسى هذا عن البخاري والنسائي وابن معين، ووافقهم، وقال: إنه في عداد من يضع الحديث" (نصب الراية 2/ 431).
وقال ابن حجر: "أخرجه ابن عدي عن جابر
…
وفيه عمر بن موسى الوجيهي، وهو هالك" (الدراية 1/ 273).
وقال ابن الهمام: "أسنده ابن عدي عنه، وضَعَّفه بعمر بن موسى، والحديث في الصحيحين ليس فيه الوزن"(فتح القدير 2/ 297).
وكذلك أعله بعمر بن موسى: العيني في (شرح أبي داود 1/ 254)، والمباركفوري في (تحفة الأحوذي 1/ 152).
قلنا: أما أصل الحديث فصحيح ثابت؛ فقد صح عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ويَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» ، رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه، ومسلم عن سفينة رضي الله عنه، وقد سبقا.
وهذا هو المحفوظ عن جابر رضي الله عنه، ليس فيه بيان مقدار الصاع والمُد، أخرجه أبو داود وغيره، وأصله عند البخاري كما سبق.
وفهر بن بشر: ذكره ابن حبان في (الثقات 9/ 12)
(1)
، وقال ابن القطان:"مجهول الحال"(بيان الوهم والإيهام 3/ 243).
* * *
(1)
في الأصل: (بشير) هكذا بياء، وهو تحريف، وقد نقله ابنُ قطلوبغا في (الثقات 8915) عن ابنِ حبان:"بشر"، بلا ياء.
1926 -
حديث أم عمارة:
◼ عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ بِنْتِ كَعْبٍ رضي الله عنها: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ قَدْرَ ثُلُثَيِ الْمُدِّ)).
[الحكم]:
إسناده صحيح، وصححه الألباني، وحَسَّنه النووي والعراقي.
[التخريج]:
[د 93 / ن 75 / كن 87 /
…
].
سبق تخريجه وتحقيقه في باب "تدليك الأعضاء في الوضوء"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
1927 -
حديث ابن أبي أوفى:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤْتَى بِقَعْبٍ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ نَحْوٌ مِنَ الْمُدِّ، يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ وَيُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ مِنْ بَاطِنِهَا، وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ ثَلَاًثا ثَلَاثًا.
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[عل (خيرة 561)].
وتقدم الحديث مع ذكر رواياته في بابي: "تخليل اللحية"، وباب "مسح الرأس وصفته"، حديث رقم (
…
، ).
1928 -
حديث عقيل بن أبي طالب:
◼ عَنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُجْزِئُ (يَكْفِي) مِنَ الوُضُوءِ مُدٌّ، وَمِنَ الغُسْلِ صَاعٌ» . فَقَالَ رَجُلٌ: لَا يُجْزِئُنَا. فَقَالَ: قَدْ كَانَ يُجْزِئُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَكْثَرُ شَعْرًا. يَعْنِي: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضَعَّفه مغلطاي، وابن الملقن، والبوصيري، والألباني.
[التخريج]:
[جه 270 "واللفظ له" / عد (6/ 545) "والرواية له" / متشابه (1/ 113، 114)].
[التحقيق]:
هذا الحديث له طريقان:
الطريق الأول:
رواه ابن ماجه: عن محمد بن الْمُؤَمَّلِ بن الصَّبَّاح وعَبَّاد بن الوليد، قالا: حدثنا بكر بن يحيى بن زَبَّان، حدثنا حبان بن علي، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، به.
هذا إسناد منكر؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: بكر بن يحيى بن زَبَّان، قال عنه أبو حاتم:"شيخ"(الجرح والتعديل 2/ 394)، وذكره ابن حبان في (الثقات) - كما في (تهذيب الكمال 4/ 232)، و (تاريخ الإسلام 5/ 42)، وغيرهما
(1)
-، ولذا لَيَّن
(1)
ولم نجده في المطبوع من (الثقات).
توثيقه الذهبي؛ بقوله: "وُثق"(الكاشف 638)، وقال الهيثمي:"ضعيف"(مجمع الزوائد 14976)، وقال الحافظ:"مقبول"(التقريب 753)، أي: حيث يتابَع وإلا فلَيِّن.
الثانية: حبان بن علي العَنَزي: "ضعيف"(التقريب 1076).
الثالثة: يزيد بن أبي زياد القرشي: "ضعيف"(التقريب 7717).
الرابعة: عبد الله بن محمد بن عقيل: "صدوق، في حديثه لين"(التقريب 3592).
الخامسة: والده: محمد بن عقيل: قال الحافظ: "مقبول". (التقريب 6147). وقال مغلطاي: "مجهول، لا يُعرف حاله"(شرح ابن ماجه 1/ 74).
السادسة: المخالفة؛ إذ إن المحفوظ عن يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، به. كذا رواه أبو عَوانة وهشيم وخالد بن عبد الله الواسطي وعبد السلام بن حرب وغيرهم عن يزيد، به. وقد تقدم.
وخالفهم حبان بن علي وهو ضعيف؛ فجعله عن يزيد، عن ابن عقيل، عن أبيه، عن جده.
فهذا الإسناد منكر.
وعليه: فلم يصب مغلطاي في قوله - بعد تضعيفه ببعض رواته السابقين -: "ومع هذا فباعتبار مجموع الأحاديث المتقدمة يكون حسنًا؛ لِما أسلفناه من الاختلاف في رجال إسناده"(شرح ابن ماجه 1/ 74). وتبعه المُناوي في (فيض القدير 6/ 458).
ولعل لذلك رَمَز لحسنه السيوطي في (الجامع الصغير 9997).
قلنا: بل هذا السند منكر، لا يصلح للشواهد.
وقد ضَعَّفه ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 595 - 596)، والألباني في (الصحيحة 4/ 644 - 645).
وقال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حبان ويزيد، ولكن للمتن شاهد في «الصحيح» مفرق: أما المُد والصاع فمن حديث أنس. وأما مراجعة التابعي الصحابي فمن حديث جابر"(مصباح الزجاجة 1/ 40).
قلنا: ولكن الذي في حديث أنس وجابر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وليس من قوله.
الطريق الثاني:
رواه ابن عدي في (الكامل 6/ 545): عن كَهْمَس بن معمر، عن الحسن بن سليمان، عن عمرو بن الربيع بن طارق، ثنا عبد الله بن فَرَّوخ، عن أبي جَنَاب، عن ابن عَقيل بن أبي طالب، عن أبيه، به.
ورواه الخطيب في (تلخيص المتشابه): من طريق طاهر بن عمرو بن الربيع، عن أبيه، به.
وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:
العلة الأولى: جهالة محمد بن عقيل؛ وقد تقدم الكلام عليه.
العلة الثانية: أبو جناب الكلبي؛ قال عنه الحافظ: "ضعفوه؛ لكثرة تدليسه"(التقريب 7537).
وفيه أيضًا: عبد الله بن فروخ وهو الخراساني ثم المغربي؛ قال عنه البخاري: "تعرف منه وتنكر"، وقال الجوزجاني:"أحاديثه مناكير"، ووثقه الذهلي
وأبو العرب الصِّقِلي، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال:"ربما خالف". (تهذيب التهذيب 5/ 356).
وذكره ابن عدي في (الكامل)، وذكر له هذا الحديث وغيره من أحاديث، ثم قال:"ومقدار ما ذكرت من الحديث لعبد الله بن فروخ غير محفوظ"(الكامل 6/ 545).
ولخص حاله الحافظ بقوله: "صدوق يغلط"(التقريب 3531).
رواية مختصرة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما سبق من شواهد، وهذا إسناد ضعيف.
[التخريج]:
[بز 2171].
[السند]:
قال البزار: حدثنا إبراهيم بن المستمر العُرُوقي، قال: نا [بكر]
(1)
بن يحيى بن زَبَّان العَنَزي، قال: حدثنا منْدَل - يعني ابن علي -، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن أبيه، عن جده عقيل بن
(1)
في المطبوع: (بكير)، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، كما في كتب التراجم، وقد تقدم على الصواب في رواية ابن ماجه المتقدمة.
أبي طالب، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبي زياد وبكر بن يحيى بن زَبَّان، وهما ضعيفان وقد سبق الكلام عليهما.
وفيه مندل بن علي، وهو ضعيف أيضًا كما في (التقريب 6883).
وقد خالفه جماعة من الثقات الأثبات؛ فرووه عن يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، به. كما تقدم.
ولذا قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن عقيل إلا من هذا الوجه، وهذا الحديث أخطأ فيه مندل؛ إذ جعله بهذا الإسناد، وإنما رواه يزيد بن أبي زياد، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله".
* * *
1929 -
حديث ابن عمر
◼ عَنِ ابْنِ عُمرَ رضي الله عنهما قَالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الغُسْلُ صَاعٌ، والوُضُوءُ مُدٌّ» .
[الحكم]:
إسناده منكر، وأنكره ابن عدي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن القطان. وضَعَّفه السيوطي، والمُناوي. وهو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، كما تقدم في أول الباب من حديث أنس وسفينة وعائشة وغيرهم، وليس من قوله صلى الله عليه وسلم.
[التخريج]:
[طس 3467 / عد (3/ 272)].
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط): عن الحسين بن منصور الرُّمَّاني، قال: نا المعافى بن سليمان، قال: نا حكيم بن نافع، قال: نا موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، به.
ورواه ابن عدي: من طريق المعافي بن سليمان، به.
قال الطبراني - عقبه -: "لم يروه عن موسى بن عقبة إلا حكيم بن نافع ".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه حكيم بن نافع، وقد ضَعَّفه جمهور النقاد؛ فقال أبو زرعة:"واهي الحديث"(سؤالات البرذعي 334)، وقال أيضًا:"ليس بشيء"(الجرح والتعديل 3/ 207). وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، منكر الحديث عن الثقات"(الجرح والتعديل 3/ 207). وقال الساجي: "عنده مناكير"(لسان الميزان 2717). وقال ابن حبان: "كان يقلب الأسانيد،
ويرفع المراسيل، لا يُحتج به فيما يرويه منفردًا، ضَعَّفه يحيى بن معين" (المجروحين 1/ 301). وقال ابن عدي:"هو ممن يُكتب حديثه"(الكامل 3/ 272).
واختلف قول ابن معين فيه؛ فقال في (رواية الدوري 2/ 464): "ليس به بأس"، وقال في (رواية عثمان بن خُرَّزاذ):"ثقة"(الكامل 3/ 271)، بينما قال في (رواية ابن طهمان 99):"ضعيف الحديث". وقال يعقوب بن سفيان: "لا بأس به"(المعرفة والتاريخ 2/ 462).
وقال الذهبي: "ضعفوه"(ديوان الضعفاء 1103). وقال الحافظ: "ضعيف"(المطالب 672).
فالراجح: أنه ضعيف لا يُحتج بما ينفرد به.
وبه أعلَّ هذا الحديث غيرُ واحد من العلماء:
فذكره ابن عدي في ترجمته - مع حديث آخر بنفس الإسناد -، ثم قال:"وهذان الحديثان بهذا الإسناد غير محفوظين عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر".
وتبعه عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 195).
وقال ابن القطان: "حديث منكر؛ لنكارة حديث راويه حكيم بن نافع"(بيان الوهم والإيهام 5/ 270).
ورَمَز السيوطي لضعفه في (الجامع الصغير 5803).
وضَعَّفه المُناوي في (التيسير 2/ 164).
وضَعَّف سنده الألباني إلا أنه صححه بشواهده (الصحيحة 4/ 644).
وأما الهيثمي فقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه حكيم بن نافع، ضَعَّفه أبو زرعة، ووثقه ابن معين"(المجمع 1103). وهذا يُشعر بأن الأمر مقصور على قولي ابن معين وأبي زرعة، والصواب أن الجمهور على تضعيفه، وهو أحد قولي ابن معين.
* * *
1930 -
حديث أم سلمة:
◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما سبق، وهذا الشاهد إسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه الهيثمي.
[التخريج]:
[طب (23/ 365/ 863) / طس 5598 / نعيم (يونس ق 143/ ب)].
[السند]:
رواه الطبراني في (الكبير): عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن جمهور بن منصور ثنا سنان بن هارون البُرْجُمي عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن أمه عن أم سلمة به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: سنان بن هارون؛ ضَعَّفه النسائي وأبو داود وابن حبان والساجي وغيرهم، وقال الحافظ:"صدوق فيه لين"(التقريب 2644).
الثانية: جمهور بن منصور، ذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 167)، وقال:"روى عنه الحضرمي".
قلنا: معظم رواياته من طريق الحضرمي عنه، وقد روى عنه أيضًا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، فهو مجهول الحال.
* وأما أم الحسن فاسمها خيرة، قال فيها الحافظ:"مقبولة"(التقريب 8578)، وحالها أفضل من ذلك، فهي من كبار التابعين، وهي مولاة أم سلمة، أخرج لها
مسلم وأصحاب السنن، وقد روى عنها جمع من الثقات، وذكرها ابن حبان في (الثقات 4/ 216)، ووثقها ابن حزم وقال:"ثقة مشهورة"(المحلى 3/ 127، 4/ 220)، فأقل أحوالها أنها حسنة الحديث، والله أعلم.
قلنا: ورواه الطبراني في (الأوسط): عن الحضرمي - أيضًا -، عن جمهور هذا، عن سيف بن محمد عن أشعث، بسنده ومتنه سواء.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن أشعث بن عبد الملك إلا سيف بن محمد، تفرد به جمهور بن منصور"(الأوسط).
فأبدل بسنان بن هارون "سيف بن محمد"، وسيف بن محمد هو ابن أخت الثوري، وقد "كذبوه" كما في (التقريب 2726).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفي إسناد الأوسط سيف بن محمد وهو كذاب، وفي إسناد الكبير، سنان بن هارون، قال يحيى بن معين: سنان بن هارون أخو سيف بن هارون وهو أحسن حالًا من أخيه، وقد ضَعَّفه النسائي"(المجمع 1105).
قلنا: للحديث طريق آخر عن الحسن:
رواه أبو نعيم الأصبهاني في (جزء من حديث يونس بن عبيد) قال: حدثنا الغِطريفي، نا الباغَندي، نا سليمان بن عبيد الله، نا سالم بن نوح، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ الباغندي وهو محمد بن محمد بن سليمان ابن الباغندي، فيه كلام معروف مشهور، وكان يدلس مع ذكر صيغة الإخبار. انظر:(اللسان 7356).
وفيه علة أخرى؛ فقد ذكر أبو زرعة الرازي أن يونس بن عبيد رواه عن
الحسن، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"وهذا عندي أشبه"(علل ابن أبي حاتم 41).
وهذا منقطع؛ فالحسن لم يسمع من أم سلمة، نص عليه علي بن المديني (جامع التحصيل ص: 163).
* * *
رواية المكوك:
• وَفِي رِوَايَةٍ 1: عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِي، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ إِنَاءً حَزَرْتُهُ مَكُّوكًا بِالْمُدْي، فَقَالَتْ:«بِهَذَا كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، قَالَ: وَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ إِنَاءً حَزَرْتُهُ قَفِيزًا بِالْمُدْي، فَقَالَتْ:«بِهَذَا كَانَ يَغْتَسِلُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنِ امْرَأَةٍ، مِنْ قَوْمِهِ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ: " أَرِينِي إِنَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَ يَغْتَسِلُ فِيهِ. فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ إِنَاءً فَقُلْتُ: هَذَا مَخْتُومٌ - يَعْنِي الصَّاعَ -، فَقُلْتُ لَهَا: فَأَخْرِجِي مُدَّهُ أَوْ إِنَاءَهُ الَّذِي كَانَ يَتَوَضَّأُ بِهِ. فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ إِنَاءً فَقُلْتُ: هَذَا رُبْعُ الْمُفْتِي.
• وَفِي رِوَايَةٍ 3: عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا حَجَّتْ مَرَّتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: أَرِينِي الْإِنَاءَ الَّذِي كَانَ يَتَوَضَّأُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: فَأَخْرَجَتْهُ، فَقُلْتُ: هَذَا مَكُّوكُ الْمُفْتِي، فَقُلْتُ: أَرِينِي الْإِنَاءَ الَّذِي كَانَ يَغْتَسِلُ فِيهِ. فَأَخْرَجَتْهُ، فَقُلْتُ: هَذَا الْقَفِيزُ الْمُفْتِي، هُوَ قَدَحُ الشُّطَّارِ.
[الحكم]:
ضعيف، وضَعَّفه البوصيري، وابن حجر.
[اللغة]:
* ((المُدْي))، قال أبو عبيد - عقب الحديث -:"وَالْمُدْي: نَحْو مِنَ الْقَفِيزِ الْحَجَّاجِيِّ"(الطهور ص 188).
وقال ابن الأثير: "وَالْمُدْي: مِكْيَالٌ لِأَهْلِ الشَّامِ يَسَع خمسةَ عشرَ مَكُّوكًا،
وَالْمَكُّوكُ: صَاعٌ وَنِصْفٌ. وَقِيلَ: أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. (النهاية 4/ 310).
* و ((مكُّوك المُفْتِي)): قال الأصمعي: المُفْتِي: مكيال هشام بن هبيرة
…
أرادت تشبيه الإناء بمكوك هشام، أو أرادت مكوك صاحب المُفْتِي فحذفت المضاف، أو مكوك الشارب، وهو ما يكال به الخمر" (النهاية في غريب الحديث 3/ 411).
* و ((الْقَفِيزُ الْمُفْتِي)): القفيز: ثمانية مكاكيك. (المصباح المنير 2/ 530). وهو مكيال قديم، ويعادل حاليًا ستة عشر كيلو جرامًا.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [طهور 113].
تخريج السياق الثاني: [حث 69].
تخريج السياق الثالث: [ش (مط 2/ 69/3)، (خيرة 585/ 1)].
[السند]:
قال (ابن أبي شيبة): حدثنا محمد بن فضيل، عن حصين، عن يزيد الرقاشي، عن امرأة من قومه، أنها كانت إذا حجت، مرت على أم سلمة به.
ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام، عن هشيم، عن حصين، به.
ورواه الحارث بن أبي أسامة: من طريق حصين، عن يزيد الرقاشي به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: يزيد بن أبان الرقاشي، وهو "ضعيف" كما في (التقريب 7683)
الثانية: إبهام المرأة التي حدثت يزيد الرقاشي.
قال البوصيري: "هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة تابعيه وضعف الرقاشي"(إتحاف الخيرة 1/ 345).
وقال الحافظ - عقبه-: "وفي إسناده مقال؛ يزيد ضعيف، والمرأة لم أعرف حالها"(المطالب 2/ 69).
وقال عقب رواية الحارث: "وفي إسناده لين"(المطالب 2/ 71).
1931 -
حديث ابن عباس:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «قال رَجُلٌ (سَأَّلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَاسٍ): كَمْ يَكْفِينِى مِنَ الوُضُوءِ؟ قَالَ: «مُدٌّ» قَالَ: كَمْ يَكْفِينِى لِلْغُسْلِ؟ قال: «صَاعٌ» قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا يَكْفِينِى. قَالَ: «لَا أُمَّ لَكَ؛ قَدْ كَفَى مَنْ هَوَ خَيْرٌ مِنْكَ، رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .
[الحكم]:
مرفوعه صحيح بما سبق من شواهد، وهذا إسناده ضعيف.
[التخريج]:
[حم 2628 "واللفظ له" / طب (11/ 251/ 11646) / بز (كشف 255) "والرواية له" / ضيا (11/ 173/ 159)، (12/ 190/ 214)].
[السند]:
رواه أحمد: عن داود بن مهران، حدثنا داود - يعنى العطار -، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس، به.
ورواه البزار: عن عمر بن الخطاب السجستاني، حدثنا داود بن مهران الدباغ، به.
[التحقيق]:
هذا سند رجاله كلهم ثقات، غير أن ابن جريج مدلس وقد عنعن.
ورواه الطبراني في (الكبير): عن محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو كريب، ثنا (حميد)
(1)
بن حماد بن خُوَار، ثنا ابن جريج عن عمرو بن
(1)
في المطبوع: (أحمد) وهو خطأ، والصواب:(حميد)، كما أثبتناه، وقد جاء اسمه على الصواب عند الطبراني (11/ 236/ 11599) في حديث آخر، من طريق أبي كريب عنه أيضًا.
دينار عن عكرمة قال: سأل رجل ابن عباس: ما يكفي من الغسل؟ فذكره بنحوه.
وهذا سند ضعيف؛ حميد بن حماد "لين الحديث" كما في (التقريب 1543).
وقد أخطأ حميد في سنده كما هو ظاهر، ورواية داود العطار المتقدمة أصح؛ إذ إن داود ثقة.
وقال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات"(مجمع الزوائد 1099).
قلنا: قد أخرج البخاري في الصحيح قريبًا من هذا السياق من حديث جابر رضي الله عنه، انظره في "باب قدر ماء الغسل" من كتاب الغسل.
رواية يتوضأ بالمُد:
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف، وضَعَّفه العُقيلي والدارقطني.
[التخريج]:
[بز 1587 / عق (2/ 149) / مكرم 54 / طب (11/ 128/ 11258) "واللفظ له" / ضيا (11/ 174/ 160)].
[التحقيق]:
لهذه الرواية ثلاثة طرق عن ابن عباس، كلها ضعيفة:
الطريق الأول:
رواه البزار: عن بشر بن آدم، قال: نا عبد الله بن رجاء، قال: نا إسرائيل عن مسلم المُلَائي، عن مجاهد، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه مسلم - وهو ابن كيسان الملائي -: "ضعيف" كما في (التقريب 6641)،
وقد اضطرب فيه:
فمرة يرويه عن مجاهد، عن ابن عباس. كما هنا.
وتارة يرويه عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به. كما سبق.
وثالثة يرويه عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. كما سيأتي قريبًا.
وقد ذكر الدارقطني هذا الخلاف، ثم قال:"ومسلم الأعور مضطرب الحديث، ما أخرجوا عنه في الصحيح"(العلل 797).
وبشر بن آدم هو أبو عبد الرحمن الأصغر؛ صدوق فيه لين، كما في (التقريب 675).
الطريق الثاني:
رواه العقيلي في (الضعفاء)، ومكرم البزاز في (فوائده): عن محمد بن أحمد الأنطاكي، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: حدثنا سلمة بن مسلم العبدي، قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ سلمة بن مسلم - ويقال ابن مسلمة - قال عنه أبو حاتم: "ليس بقوي، عنده مناكير، يدل حديثه على ضَعَّفه، يسند كثيرًا مما لا يسند"(الجرح والتعديل 4/ 173).
وذكره العقيلي في (الضعفاء 2/ 149) وقال: "عن عطاء، في حديثه وهم وغلط، ولا يتابَع على أكثره"، ثم ذكر له هذا الحديث، وساقه من طريق عبد الله بن مُحَرَّر عن عطاء عن عائشة بنحوه ثم قال: "ولا يتابعان جميعًا، ورواه ابن جريج عن عطاء مرسل: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ
…
)) ".
وتبعه الحافظ فقال: "والمحفوظ عن عطاء مرسل"(اللسان 3572).
الطريق الثالث:
رواه الطبرني - ومن طريقه الضياء -: عن محمد بن العباس المؤدب، عن داود بن مهران الدباغ، ثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس به.
وهذا سند رجاله كلهم ثقات، غير أن ابن جريج يدلس وقد عنعن.
* * *
رواية يُجْزِئُ فِي الوُضُوءِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُجْزِئُ فِي الوُضُوءِ مُدٌّ، وَفِي الْغُسْلِ صَاعٌ» .
[الحكم]:
إسناده ضعيف، وضَعَّفه الهيثمي. ومعناه محفوظ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وليس من قوله.
[التخريج]:
[طس 7555 / أصبهان (2/ 296) / ضياء (مرو ق 137/ ب)].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا محمد بن عاصم، نا محمد بن سليمان لُوَيْن، نا عبد العزيز بن عبد الرحمن البالِسي، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
ورواه أبو نعيم، والضياء: من طريق لوين به.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن خصيف إلا عبد العزيز بن عبد الرحمن، تفرد به: لوين".
[التحقيق]:
هذا سند ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
العلة الأولى: عبد العزيز البالسي؛ اتهمه الإمام أحمد، وضرب على حديثه. وقال النسائي وغيره:"ليس بثقة". وقال أبو نعيم الأصبهاني: "حَدَّث عنه لوين بالمناكير". (لسان الميزان 4821).
وبه ضَعَّفه الهيثمي فقال: "وفيه عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي، وقد
أجمعوا على ضعفه" (مجمع الزوائد 1100).
العلة الثانية: خصيف - هو ابن عبد الرحمن الجزري -، وهو ضعيف. قال فيه الحافظ:"صدوق، سيئ الحفظ، خلط بأخرة"(التقريب 1718).
وضَعَّف الألباني إسناده في (الصحيحة 5/ 576)، ولكنه صحح المتن بشواهده من حديث أنس وجابر وعقيل بن أبي طالب، المتقدمة.
ولكن هذه الشواهد شاذة أو منكرة، كما تقدم بيانه، فلا تُقَوي ولا تَتَقوَّى.
* * *
1932 -
حديث ابن مسعود:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بنحو حديث ابن عباس السابق، ولفظه:«أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» .
[الحكم]:
صحيح المتن بما سبق من شواهد، وإسناده ضعيف، وضَعَّفه الدارقطني والهيثمي.
[التخريج]:
[بز 1588].
[السند]:
رواه البزار - عقب حديث ابن عباس السابق - فقال: وحدثناه بشر، قال: نا عبد الله بن رجاء، قال: نا إسرائيل، عن مسلم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وقال: "وهذا الكلام لا نعلم رواه عن مسلم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله إلا إسرائيل".
قلنا: قد رواه عنه أبو خالد الأحمر أيضًا، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. كما ذكره الدارقطني في (العلل 797).
[التحقيق]:
هذا سند ضعيف؛ فيه مسلم - وهو ابن كيسان المُلائي الأعور -، وهو "ضعيف" كما في (التقريب 6641).
وقد اضطرب في سنده، كما سبقت الإشارة إليه:
فمرة يرويه عن مجاهد، عن ابن عباس كما تقدم آنفًا.
وتارة يرويه عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله كما هنا.
وثالثة يرويه عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به.
وقد ذكر الدارقطني هذا الخلاف، ثم قال:"ومسلم الأعور مضطرب الحديث، ما أخرجوا عنه في الصحيح"(العلل 797).
وبه ضَعَّفه الهيثمي في (مجمع الزوائد 1102).
وبشر بن آدم هو أبو عبد الرحمن الأصغر؛ صدوق فيه لين، كما في (التقريب 675).
* * *
1933 -
حديث أبي أمامة:
◼ عَنْ أَبِي أُمامَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوضَّأَ بِنِصْفِ مُدٍّ (بِأَقَلَّ مِنْ مُدٍّ) (بِقِسْطٍ مِنْ مَاءٍ)» .
[الحكم]:
منكر بهذا السياق، وإسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه البيهقي، والعراقي، والهيثمي، والبوصيري، وابن حجر، والشوكاني، والحسن الرباعي.
[التخريج]:
[عل (مط 6)، (خيرة 588) / طب (8/ 278/ 8071) "واللفظ له" / ضحة (ق 8/ أ) / عد (6/ 262 - 263) "والرواية الأولى له ولغيره" / هق 959، 960 "والرواية الثانية له"، 961].
[السند]:
رواه أبو يعلى في (مسنده) - كما في (المطالب)، و (الإتحاف) - قال: حدثنا سريج بن يونس، حدثنا علي بن ثابت، عن الصلت بن دينار، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، به.
ورواه ابن عدي والبيهقي من طرق عن سريج بن يونس به.
ورواه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة/ كتاب الوضوء): عن أسد بن موسى، عن الصلت، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ علته: الصلت بن دينار؛ وهو "متروك" كما في (التقريب 2947).
وقد اضطرب فيه، فرواه علي بن ثابت، عن الصلت، عن شهر، عن
أبي أمامة، به. كما تقدم.
ورواه الطبراني في (الكبير): من طريق زيد بن الحُبَاب عن الصلت عن أبي غالب عن أبي أمامة، به.
وبه ضَعَّف الحديث غير واحد من أهل العلم:
فقال البيهقي - عقبه -: "والصلت بن دينار متروك، لا يُفرح بحديثه".
وأقره ابن الملقن في (البدر المنير 2/ 601)، والبوصيري في (إتحاف الخيرة 1/ 345).
وضَعَّفه العراقي في (طرح التثريب 2/ 91).
وقال الهيثمي: "فيه الصلت بن دينار، وقد أجمعوا على ضعفه"(مجمع الزوائد 1106).
وقال ابن حجر - عقبه -: "في إسناده مقال"(المطالب 2/ 74). وبينه في (التلخيص الحبير 1/ 255) فقال: "وفي إسناده الصلت بن دينار وهو متروك". وتبعه الشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 315).
وقال الحسن الرُّباعي الصنعاني: "أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث أبي أمامة بإسناد فيه متروك، فلا تقوم بمثله حجة"(فتح الغفار 1/ 158).
* * *
1934 -
حديث زينب بنت أبي سلمة:
◼ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالكُوبِ - وَهُوَ المَكُّوكُ -، وَيَغْتَسِلُ بِالفَرَقِ - وَهُوَ الصَّاعُ -)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، وضَعَّفه العراقي.
[اللغة]:
الفَرَق، قال ابن حجر:"نقل أبو عبيد الاتفاق على أن الفَرَق ثلاثة آصُع، وعلى أن الفرق ستة عشر رطلًا، ولعله يريد اتفاق أهل اللغة، وإلا فقد قال بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم: أن الصاع ثمانية أرطال"(الفتح 1/ 364).
[التخريج]:
[عد (طرح 2/ 88) / أبو أحمد الفرضي (إمام 2/ 28) "واللفظ له"].
[السند]:
رواه أبو أحمد الفرضي
(1)
- كما في (الإمام لابن دقيق العيد) - من طريق إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر الهذلي، عن زينب ابنة أبي سلمة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه: أبو بكر الهذلي، وهو "متروك" كما في
(1)
هو الإمام عُبيد الله بن محمد أبو أحمد البغداديّ الفَرَضيّ المقرئ (المتوفى سنة 406 هـ)، وقَالَ الخطيب:"وكان ثقة صادقًا دينًا ورعًا. سمعت العتيقي ذكره فقال: "ثقة مأمون ما رأينا مثله في معناه. وسمعت الأزهري ذكره، فقال: كان إمامًا من الأئمة" (تاريخ بغداد 12/ 113)، وقال الذهبي: "أحد شيوخ العراق ومن سار ذكره في الآفاق" (تاريخ الإسلام 9/ 106).
(التقريب 8002).
وقال العراقي: "وقد ورد في حديث لزينب بنت أبي سلمة «أنه كان يغتسل بالفرق»، وهو الصاع ففسر الفرق بالصاع، والحديث ضعيف رواه ابن عدي في (الكامل) "(طرح التثريب 2/ 88).
قلنا: لم نقف عليه في النسخ المطبوعة من (الكامل)، فالله أعلم.
* * *
1935 -
حديث الرُّبَيِّع بنتِ مُعَوِّذِ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الرُّبَيِّعِ بنتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَتْ: فَمَنْ أُمُّكَ؟ قُلْتُ: رَيْطَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ أَوْ فُلانَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَتْ: مَرْحَبًا بِكَ يَا بْنَ أَخِي قُلْتُ: جِئْتُ أَسْأَلُكِ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: ((نَعَمْ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصِلُنَا ويَزُورُنَا، وَكَانَ يَتَوَضَّأُ فِي هَذَا الإِنَاءِ وَفِي مِثْلِ هَذَا الإِنَاءِ، وَهُوَ نَحْوٌ مِنْ مُدٍّ)) ...... الحديث.
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[عب 119 واللفظ له / حق 2264 / طب (24/ 266 / 673، 674)، (24/ 267/677) / ...... ].
سبق تخريجه وتحقيقه في "باب جامع في صفة الوضوء"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ).
* * *
رواية: وربَّما بقيَ مِنه:
• عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ رضي الله عنها، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِي فِي بَيْتِي فَيَقْضِي الحَاجَةَ - تَعْنِي: البَوْلَ -، ثُمَّ أُخرِجُ لَهُ هَذَا الإِنَاءَ فَيَتَوَضَّأُ بِهِ، فَرُبَّمَا أَنْفَدَهُ كُلَّهُ، وَرُبَّمَا بَقِيَ مِنْهُ» . فَقُلْتُ: وَكَمْ كَانَ ذَلَكَ الإِنَاءُ؟ قَالَ
(1)
: نَحْوًا مِنْ ثُلثَيْ مُدِّ المَدِينَةِ اليَوْمَ، وَذَلِكَ نحوٌ مِنْ رَطلَيْنِ».
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذه السياقة.
[التخريج]:
[رفا 231].
[السند]:
رواه أبو علي الرَّفَّاء في (الثاني من الفوائد 231) عن محمد بن عبد الرحمن السامي، حدثنا خالد بن هياج قال: وحدثنا هياج عن الحسن بن عُمارة عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: بعثني علي بن الحسين رضي الله عنه إلى الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء فقال: ايتها فسلها عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يأتيها ويتحدث إليها، كيف كان وضوءه؟ وبكم كان يتوضأ؟ فقالت:
…
الحديث.
(1)
- كذا في المطبوع، وعليه فالقائل ابن عقيل، وسائله الحسن بن عمارة، وعند الدارقطني: من رواية ابن عيينة عن ابن عقيل قال: فقلت لها: فبأي شيء كان الإناء؟ قالت: قدر مُد بالهاشمي، أو مد وربع"
وعليه، فينبغي أن يكون الصواب هنا:"قالت"، ويؤيد الأول أن ابن عقيل قد رأى الإناء، وقَدَّره من تلقاء نفسه في روايات عدة.
[التحقيق]:
هذا سند واهٍ جدًّا؛ فيه: الحسن بن عُمارة البجلي، متروك كما في (التقريب 1264).
وهياج هو ابن بسطام، ضعيف، روى عنه ابنه خالد منكرات شديدة (التقريب 7355).
وقيل: الحمل فيها على ابنه خالد، فإنه متكلم فيه أيضًا (اللسان 2906).
وتقدير الإناء المذكور في هذه الرواية لم نجده في غيرها، وقد اختُلف فيه على ابن عقيل:
فقُدِّر في رواية معمر بنحو المد (مصنف عبد الرزاق 119)، وفي رواية ابن عيينة:"إناء يكون مدًّا أو مدًّا وربعًا"(مسند الحميدي 342)، وفي رواية بشر بن المفضل وسعيد بن أبي عروبة:"مُدًّا وثلثًا أو مُدًّا وربعًا"(الأوسط 939)، وفي رواية شريك وروح وإسحاق الزيات:"مُدًّا وثلثًا أو مُدًّا ونصفًا"(مسند ابن الجعد 2416)، و (المعجم الأوسط 2388، 8841)، وهذا الاختلاف إنما هو من قِبل ابن عقيل، فإنه قد اضطرب في متن هذا الحديث اضطرابًا شديدًا كما بيناه في تحقيقنا له تحت (باب جامع في صفة الوضوء).
* * *
1936 -
حديث أبي حعفر مرسلًا:
◼ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ مِنْ مَاءٍ، وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ)).
[الحكم]:
مرسل ضعيف.
[التخريج]:
[ش 718].
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن الحجاج، عن أبي جعفر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ الحجاج هو ابن أرطاة، وهو "صدوق كثير الخطأ والتدليس"، كما في (التقريب 1119).
* * *
1937 -
حديث الحسن البصري مرسلًا:
◼ عَنْ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((كَانَ يَتَوَضَأُ بِقَدْرِ المُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِقَدْرِ الصَّاعِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف معلول.
[التخريج]:
[ضحة (ق 8/ أ)].
[السند]:
رواه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة/ كتاب الوضوء) قال: حدثني أسد بن موسى وعبد الله بن المغيرة، عن الربيع بن صَبيح، عن الحسن البصري، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: الإرسال؛ فالحسن البصري تابعي مشهور.
الثانية: الربيع بن صَبيح؛ "صدوق سيئ الحفظ" كما في (التقريب 1895).
وقد خولف فيه، كما في:
العلة الثالثة: المخالفة؛ فقد رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 721) قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام، عن الحسن، قال:«كَانُوا يَرَوْنَ مُدًّا لِلْوُضُوءِ، وَلِلْغُسِلِ صَاعًا» .
كذا موقوفًا، وهذا أصح.
* * *
1938 -
حديث عطاء بن أبي رباح مرسلًا:
◼ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((كَانَ يَتَوَضَّأُ بِقَدِرِ المُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِقَدْرِ الصَّاعِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده ضعيف لإرساله.
[التخريج]:
[ضحة (ق 8/ أ)].
[السند]:
رواه عبد الملك بن حبيب في (الواضحة/ كتاب الوضوء) - عقب مرسل الحسن السابق - فقال: حدثني ابن المغيرة، عن العزرمي، عن عطاء بن أبي رباح، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
وعلقه العقيلي في (الضعفاء 2/ 173) فقال: "رواه ابن جريج عن عطاء مرسل، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ
…
".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف لإرساله؛ فعطاء تابعي مشهور.
* * *
1939 -
حديث أم سعد:
◼ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الوُضُوءُ مِدٌّ، وَالغُسْلُ صَاعٌ، وَسَيَأْتِي أَقْوَامٌ مِنْ بَعْدِي يَسْتَقِلُّونَ ذَلِكَ، أُولَئِكَ خِلَافَ أَهْلِ سُنَّتِي، وَالآخِذُ بِسُنَّتِي مَعِي فِي حَظِيرَةِ القُدْسِ، [وَهِيَ] مُتَنَزَّهُ
(1)
أَهْلِ الجَنَّةِ».
[الحكم]:
موضوع، وقال العراقي:"لا أصل له"، وحَكَم بوضعه السيوطي والفتني والشوكاني، وضَعَّفه جدًّا ابن الملقن وابن حجر، وابن عراق.
[التخريج]:
[صمند (إصا 14/ 378) والزيادة له / فر (ملتقطة 4/ ق 143)، (ذيل اللآلئ 457) واللفظ له / الانتصار لأصحاب الحديث لأبي المظفر السمعاني (بدر 2/ 598) دون لفظة "مد"].
[السند]:
رواه ابن منده - كما في (الإصابة) - قال: أخبرنا علي بن محمد بن نصر، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا غسان بن مالك، حدثني عنبسة بن عبد الرحمن، عن محمد بن زاذان، عن أم سعد
…
فذكر أحاديث، منها
(1)
- كذا في الذيل نقلًا عن الديلمي، ونقله عنه ابن عراق في (تنزيه الشريعة 2/ 73) وتحرفت في مطبوعته إلى:"مُنْتَزَه"، وكذا في (الموضوعات للفتني ص 32)، وفي طبعات الإصابة الأربعة:"سيرة"! ، وفي (البدر المنير 2/ 598) -نقلًا عن بعض الأجزاء الحديثية-:"مصير"!
والمثبت هو الأقرب للصواب، لاسيما وقد نقله ابن القيم في (إغاثة اللهفان 1/ 140) وابن قدامة في (ذم الموسوسين ص 21) من كتاب الشافي لأبي بكر عبد العزيز، وفيه عندهما:"مُتَنَزَّه" كما في الذيل، والله أعلم.
هذا الحديث.
وتوبع عليه غسان:
فرواه الديلمي في (مسند الفردوس) - كما في (الغرائب الملتقطة)، و (ذيل اللآلئ) -: من طريق محمد بن عبد الله الخزاعي عن عنبسة به. وقال فيه: (عن أم سعد بنت عمرو الجُمَحي).
وكذا رواه أبو المظفر السمعاني في (الانتصار لأصحاب الحديث) - كما في (البدر المنير 2/ 598) - من طريق عنبسة أيضًا، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عنبسة بن عبد الرحمن القرشي: "متروك، ورُمي بالوضع"(التقريب 5206).
الثانية: محمد بن زاذان المدني، متروك أيضًا، (التقريب 5882).
الثالثة: الانقطاع بين ابن زاذان وأم سعد، وقد فَصَّلنا القول في ذلك، وتكلمنا على هذا الإسناد بأبسط من هنا عند حديثها في الأمر بدفن الدم، فراجِعه في موضعه من الموسوعة إن شئت، وانظر ما سنذكره بشأن أم سعد هذه في التنبيهات.
وهذا الحديث قد ردَّه غيرُ واحد من النقاد:
فقال العراقي: "لا أصل له"(طرح التثريب 2/ 92).
وأعله ابن الملقن بعنبسة وابن زاذان، فقال: "هذا الحديث غريب، لا أعلم مَنْ خَرَّجه من أصحاب الكتب المعتمدة
…
وعنبسة هذا متهم متروك.
ومحمد قال البخاري: لا يُكتب حديثه" (البدر المنير 2/ 598).
بينما أعله ابن حجر بعنبسة فقط، فقال عقب نقله هذا الحديث وغيره من عند ابن منده:"عنبسة بن عبد الرحمن من المتروكين"(الإصابة 14/ 378)، وقال في (التلخيص 1/ 254):"وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو متروك".
وكذا ذكره السيوطي في (الزيادات على الموضوعات) المسمى بـ (ذيل اللآلئ 457)، وأعله بعنبسة، فقال:"عنبسة مجروح"، وأقره الفتني في (الموضوعات /ص 32).
وتعقب ابنُ عراق السيوطي قائلًا: "في إدخال هذا في الموضوعات نظر، وعنبسة على ضَعَّفه واتهامه روى له الترمذي وابن ماجه، ورأيت البيهقي وغيره من الحفاظ يقتصرون على وصف حديثه بالضعف"! ! (تنزيه الشريعة 2/ 73).
كما تعقب الشوكاني ابن طاهر الفتني، فقال:"ولا يخفاك أنه لا تَلازم بين مجرد الجرح والوضع، وإن كان في لفظه ما يخالف الكلام النبوي عند من له ممارسة"(الفوائد ص 13).
قلنا: جَرْح عنبسة إنما هو اتهام بالوضع، وتَفَرُّد من هذه حاله دلالة على وضعه إياه، فإذا ما أضيف إلى ذلك ما استدرك به الشوكاني على الفتني، كان لا شك في وضعه.
هذا، والوضوء بالمُد والغسل بالصاع ورد فيه أحاديث صحيحة تقدمت في الباب، ولكن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما من قوله صلى الله عليه وسلم فلا يصح.
[تنبيهان]:
الأول: ذكر ابن الأثير في (أسد الغابة 7/ 326) وابن حجر في (الإصابة
14/ 378) هذا الحديث في ترجمة أم سعد بنت زيد بن ثابت الأنصارية، والذي عند الديلمي أن الحديث من رواية أم سعد بنت عمرو الجمحية! ولعل هذا من صنيع عنبسة أو شيخه؛ ولذا أصاب المزي حينما ترجم لأم سعد التي يروي عنها ابن زاذان من رواية عنبسة عنه، فلم يجزم بنسبها وإنما قال:"أم سعد، يقال: إنها بنت زيد بن ثابت الأنصاري، ويقال: امرأة زيد بن ثابت، ويقال: إنها من المهاجرات"(تهذيب الكمال 35/ 363).
وقال ابن منده في (المستخرج من كتب الناس 2/ 567): "أم سعد الأنصارية، روى عنها محمد بن زاذان حديثها: (الوضوء مد، والغسل صاع) ".
الثاني: عزا هذا الحديث ابن القيم في (إغاثة اللهفان 1/ 140) وابن قدامة في (ذم الموسوسين ص 21) إلى كتاب (الشافي) لأبي بكر عبد العزيز المعروف بغلام الخلال، ولم يذكرا لنا سنده لننظر فيه.
* * *