الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
اقْتَرَضَ حَيَوَانًا، إِنْ قُلْنَا: يُمَلَّكُ بِالْقَبْضِ، فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ، وَإِلَّا، فَعَلَى الْمُقْرِضِ إِلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُسْتَقْرِضُ. وَلَوِ اقْتَرَضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، عَتَقَ إِذَا قَبَضَهُ إِنْ قُلْنَا: يُمَلَّكُ بِهِ، وَلَا يَعْتِقُ إِنْ قُلْنَا: بِالتَّصَرُّفِ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَعْتِقُ وَيَحْكُمُ بِالْمِلْكِ قُبَيْلَهُ.
قُلْتُ: جَزَمَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» بِهَذَا الِاحْتِمَالِ، وَلَكِنَّ الْمَعْرُوفَ: أَنْ لَا يُعْتَقُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
أَدَاءُ الْقَرْضِ فِي الصِّفَةِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، كَالْمُسْلَمِ فِيهِ. وَلَوْ ظَفِرَ بِالْمُسْتَقْرِضِ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْإِقْرَاضِ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ، وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْقِيمَةِ. فَلَوْ عَادَ إِلَى مَكَانِ الْإِقْرَاضِ، فَهَلْ لَهُ رَدُّ الْقَيِّمَةِ وَالْمُطَالِبَةُ بِالْمِثْلِ؟ وَهَلْ لِلْمُقْرِضِ مُطَالَبَتُهُ بِرَدِّ الْقِيمَةِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقِيمَةُ الَّتِي يُطَالِبُ بِهَا، قِيمَةُ بَلَدِ الْقَرْضِ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ. وَكَذَا فِي السَّلَمِ يُطَالِبُ بِقِيمَةِ بَلَدِ الْعَقْدِ إِذَا جَوَّزْنَا أَخْذَ قِيمَتِهِ.
قُلْتُ: الْمُعْتَبَرُ فِي السَّلَمِ، قِيمَةُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ فِيهِ التَّسْلِيمُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا اقْتَرَضَ مِثْلِيًّا، رَدَّ مِثْلِيًّا، وَإِنْ رَدَّ مُتَقَوِّمًا، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَهُ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ. وَالثَّانِي: يَرُدُّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ إِنْ قُلْنَا: يُمَلَّكُ بِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: بِالتَّصَرُّفِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: كَذَلِكَ. وَالثَّانِي: تَجِبُ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنَ الْقَبْضِ إِلَى التَّصَرُّفِ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ، أَوْ صِفَةِ الْمِثْلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَقْرِضِ.
قُلْتُ: قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ، لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُكَ أَلْفًا وَقَبِلَ وَتَفَرَّقَا، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ أَلْفًا، فَإِنْ لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ، جَازَ، وَإِلَّا، فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ. وَإِذَا جَوَّزْنَا إِقْرَاضَ الْخُبْزِ، فَهَلْ يَرُدُّ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْقِيمَةَ، فَشَرَطَ الْخُبْزَ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالرِّفْقِ.
قَالَ الشَّاشِيُّ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: إِذَا أَهْدَى الْمُسْتَقْرِضُ لِلْمُقْرِضِ هَدِيَّةً، جَازَ قَبُولُهَا بِلَا كَرَاهَةٍ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَرِهَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ. قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَرُدَّ أَجْوَدَ مِمَّا أَخَذَ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُ ذَلِكَ. وَلَوْ أَقْرَضَهُ نَقْدًا، فَأَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمُعَامَلَةَ بِهِ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا النَّقْدُ الَّذِي أَقْرَضَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ.
وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي عَشْرَةً، فَقَالَ: خُذْهَا مِنْ فُلَانٍ، فَأَخَذَهَا مِنْهُ، لَا يَكُونُ قَرْضًا، بَلْ هَذَا تَوْكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، فَبَعْدَ الْقَبْضِ لَا بُدَّ مِنْ قَرْضٍ جَدِيدٍ. وَلَوْ كَانَتِ الْعَشْرَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ مُعِيَّنَةً، وَدِيعَةً أَوْ غَيْرَهَا، صَحَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.