الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّهُ فِي مِلْكِهِ. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ، وَالْمَذْهَبُ: الْأَوَّلُ. وَعَلَى هَذَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ نَكَلَ فَهَلِ الرَّدُّ عَلَى الْمُدَّعِي، أَمْ عَلَى الْمُقِرِّ الْبَائِعِ؟ قَوْلَانِ وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدًا، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ بِعْتُهُ، أَوْ أَجَّرْتُهُ، أَوْ أَعْتَقْتُهُ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّهْنِ، كَبَقَاءِ الْمِلْكَ. وَلَوْ كَاتَبَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِمَا لَا يَصِحُّ مَعَهُ كِتَابَةً، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: فِيهِ الْخِلَافُ. وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ; لِأَنَّ الْمَكَاتَبَ كَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ.
الْأَمْرُ الرَّابِعُ: مَا يُفَكُّ بِهِ الرَّهْنُ. فَإِذَا أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ، فَبَاعَ الرَّاهِنُ، وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَنِ الْإِذْنِ، ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ: رَجَعْتُ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَلَمْ يَصِحَّ، وَبَقِيَ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ رَجَعْتَ بَعْدَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ: قَوْلُ الرَّاهِنِ. وَقَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : إِنْ قَالَ الرَّاهِنُ أَوَّلًا: تَصَرَّفْتُ بِإِذْنِكَ، ثُمَّ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: كُنْتُ رَجَعْتُ قَبْلَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ. وَإِنْ قَالَ: رَجَعْتُ، ثُمَّ قَالَ الرَّاهِنُ: كُنْتُ بِعْتُ قَبْلَ رُجُوعِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. وَلَوْ أَنْكَرَ الرَّاهِنُ أَصْلَ الرُّجُوعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.
فَصْلٌ
عَلَيْهِ دَيْنَانِ، أَحَدُهُمَا حَالٌّ، وَبِهِ رَهْنٌ، أَوْ كَفِيلٌ، أَوْ هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ مَحْبُوسٍ بِهِ، فَسَلَّمَ إِلَيْهِ أَلْفًا، وَقَالَ: أَعْطَيْتُكَ عَنْهُ، وَقَالَ الْقَابِضُ: بَلْ عَنِ الدَّيْنِ الْآخَرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّتِهِ أَوْ لَفْظِهِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: فَالِاعْتِبَارُ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ، بِقَصْدِ الْمُؤَدِّي. حَتَّى لَوْ ظَنَّ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّهُ يُودِعُهُ عِنْدَهُ، وَنَوَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَدَاءَ الدَّيْنِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَصَارَ الْمَدْفُوعُ مِلْكًا لِلْقَابِضِ.
فَرْعٌ
كَانَ عَلَيْهِ دَيْنَانِ، فَأَدَّى عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَقَعَ عَنْهُ. وَإِنِ أَدَّى عَنْهُمَا، قَسَّطَ
عَلَيْهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فِي الْحَالِ شَيْئًا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُرَاجَعُ، فَيَصْرِفُهُ إِلَيْهِمَا أَوْ إِلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَالثَّانِي: يَقَعُ عَنْهُمَا. وَعَلَى هَذَا تَرَدَّدَ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي حِكَايَتِهِ، أَنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِالتَّسْوِيَةِ، أَمْ بِالتَّقْسِيطِ؟ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ نَظَائِرُ الْمَسْأَلَةِ، كَمَا إِذَا تَبَايَعَ مُشْرِكَانِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ مَنِ الْتَزَمَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَا، فَإِنْ قَصَدَ تَسْلِيمَهُ عَنِ الزِّيَادَةِ، لَزِمَهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ قَصَدَ تَسْلِيمَهُ عَنِ الْأَصْلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَصَدَ تَسْلِيمَهُ عَنْهُمَا، وُزِّعَ عَلَيْهِمَا، وَسَقَطَ مَا بَقِيَ مِنَ الزِّيَادَةِ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ مِائَةٌ، وَلِعَمْرٍو مِثْلُهَا، فَوَكَّلَا وَكِيلًا بِالِاسْتِيفَاءِ، فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ إِلَى الْوَكِيلِ لِزَيْدٍ أَوْ لِعَمْرٍو، فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ وَادْفَعْهُ إِلَى فُلَانٍ، أَوْ إِلَيْهِمَا، فَهَذَا تَوْكِيلٌ مِنْهُ بِالْأَدَاءِ، وَلَهُ التَّغْيِيرُ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَى الْمُسْتَحِقِّ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ، اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَصَحِّ. فَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِذَا قَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِهَذَا الْوَكِيلِ: خُذِ الْأَلْفَ وَادْفَعْهُ إِلَى فُلَانٍ، فَوَجْهَانِ. أَفْقَهُهُمَا أَنَّهُ بِالْقَبْضِ يَنْعَزِلُ عَنْ وَكَالَةِ الْمُسْتَحِقِّ، وَصَارَ وَكِيلًا لِلْمَدْيُونِ. وَالثَّانِي: يَبْقَى وَكِيلًا لِلْأَوَّلِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ، فَمِنْ ضَمَانِ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَقَدْ بَرِئَ الدَّافِعُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الدَّافِعِ، وَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَصَّرَ الْوَكِيلُ، فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَأَيُّهُمَا يُطَالِبُهُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ قَبُولُ الْوَكِيلِ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ، بَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ: ادْفَعْ إِلَى فُلَانٍ، فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَبْرَأَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنَيْنِ الْمَدْيُونَ عَنْ مِائَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً، فَإِنْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا، فَهُوَ لِمَا قَصَدَ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُبَرِّئُ: أَبْرَأْتُ عَنِ الدَّيْنِ الْخَالِي عَنِ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ، فَقَالَ الْمَدْيُونُ: بَلْ عَنِ الْآخَرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبَرِّئِ مَعَ يَمِينِهِ.