الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ بَيْتٍ غَيْرِ مُحْرَزٍ إِلَى مُحْرَزٍ. وَلَوْ أَرَادَ الِانْتِقَالَ مِنْ مَكَانِهِمَا، فَإِنِ انْتَقَلَا إِلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، جُعِلَتِ الْمَاشِيَةُ مَعَ الرَّاهِنِ، وَيَحْتَاطُ لَيْلًا كَمَا سَبَقَ.
فَصْلٌ
الرَّهْنُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، لَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ، ضَمَانُهُ إِلَّا إِذَا تَعَدَّى فِيهِ. وَإِذَا بَرِئَ الرَّاهِنُ مِنَ الدَّيْنِ بِأَدَاءٍ أَوْ إِبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ، بَقِيَ الرَّهْنُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إِلَّا إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الرَّدِّ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، كَمَنْ طَيَّرَتِ الرِّيحُ ثُوبًا إِلَى دَارِهِ، فَيُعْلِمُ الْمُرْتَهِنُ بِهِ، أَوْ يَرُدُّهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِهِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْوَثِيقَةِ.
فَرْعٌ
كُلُّ عَقْدٍ اقْتَضَى صَحِيحُهُ الضَّمَانَ، فَكَذَلِكَ فَاسِدُهُ. وَمَا لَا يَقْتَضِي صَحِيحُهُ الضَّمَانَ، فَكَذَا فَاسِدُهُ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ الصَّحِيحَ إِذَا أَوْجَبَ الضَّمَانَ، فَالْفَاسِدُ أَوْلَى. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنْ إِثْبَاتَ الْيَدِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِالْعَقْدِ ضَمَانًا.
فَرْعٌ
لَوْ أَعَارَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلْمُرْتَهَنِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ، ضِمْنَهُ الْمُرْتَهِنُ، وَلَوْ رَهَنَهُ أَرْضًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي غِرَاسِهَا بَعْدَ شَهْرٍ، فَهِيَ بَعْدَ الشَّهْرِ عَارِيَّةٌ، غَرَسَ، أَمْ لَا؟ وَقَبِلَهُ أَمَانَةً، حَتَّى لَوْ غَرَسَ قَبْلَهُ قَلَعَ.
فَرْعٌ
رَهْنَهُ مَالًا عَلَى أَنَّهُ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ، فَهُوَ مَبِيعٌ لَهُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَبِيعٌ لَهُ بَعْدَ شَهْرٍ، فَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ بَاطِلَانِ، وَيَكُونُ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْبَيْعِ، وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ ; لِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ ضَمَانٍ. وَفِي وَجْهٍ: إِنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا، إِذَا أَمْسَكَهُ عَلَى سَبِيلِ الشِّرَاءِ. أَمَّا إِذَا أَمْسَكَهُ عَلَى مُوجَبِ الدَّيْنِ، فَلَا، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. فَلَوْ كَانَ أَرْضًا، فَغَرَسَ فِيهَا الْمُرْتَهِنُ، أَوْ بَنَى قَبْلَ وَقْتِ الْبَيْعِ، قَلَعَ مَجَّانًا، وَكَذَا لَوْ غَرَسَ بَعْدَهُ عَالِمًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ. وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ يَقْلَعْ مَجَّانًا، لِوُقُوعِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَجَهْلِهِ التَّحْرِيمَ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْمُسْتَعِيرُ وَرَجَعَ الْمُعِيرُ.
فَرْعٌ
إِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ تَلَفَ الْمَرْهُونِ فِي يَدِهِ، قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنِ ادَّعَى رَدَّهُ إِلَى الرَّاهِنِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ، بِخِلَافِ دَعْوَى التَّلَفِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالِاخْتِيَارِ، فَلَا تُسَاعِدُهُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ. قَالُوا: وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ إِذَا ادَّعَى الرَّدَّ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُودِعِ وَالْوَكِيلِ بِغَيْرِ جَعْلٍ مَعَ يَمِينِهِمَا. لِأَنَّهُمَا أَمِينَانِ مُتَمَحِّضَانِ. وَفِي الْوَكِيلِ بِجَعْلٍ. وَالْمُضَارِبُ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ، إِذَا لَمْ نُضَمِّنْهُ، ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ. أَصَحُّهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ مَعَ الْيَمِينِ ; لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ، وَانْتِفَاعُهُمْ بِالْعَمَلِ فِي الْعَيْنِ، لَا بِالْعَيْنِ، بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ، هِيَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، لَاسِيَّمَا قُدَمَاؤُهُمْ، وَتَابَعَهُمُ الرُّويَانِيُّ. وَقَالَ بَعْضُ الْخُرَاسَانِيِّينَ مِنَ الْمَرَاوِزَةِ وَغَيْرِهِمْ: كُلُّ أَمِينٍ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ، كَالتَّلَفِ. فَقَدِ اتَّفَقُوا فِي الطَّرْقِ، عَلَى تَصْدِيقِ جَمِيعِهِمْ فِي دَعْوَى التَّلَفِ. وَفِي عِبَارَةِ الْغَزَالِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافًا فِيهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ قَطْعًا.
فَرْعٌ
لَوْ رَهَنَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ إِنْسَانٍ، فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ. وَفِي تَضْمِينِهِ الْمُرْتَهِنَ، طَرِيقَانِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: فِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا ; لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُ، لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَى مَا لَمْ يَأْتَمِنْهُ مَالِكُهُ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ وَنُزُولِ التَّلَفِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ فِي الْغَصْبِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ لِتَغْرِيرِهِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِتَضْمِينِهِ وَعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ، قَالَهُ الْمَرَاوِزَةُ وَيَجْرِي الطَّرِيقَانِ فِي الْمُسْتَأْجِرِ مِنَ الْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَوْدِعِ، وَالْمَضَارِبِ، وَوَكِيلِهِ فِي بَيْعِهِ. وَكُلُّ هَذَا إِذَا جَهِلُوا الْغَصْبَ، فَإِنْ عَلِمُوا، فَهُمْ غَاصِبُونَ أَيْضًا، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَامُ، يُطَالَبَانِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ ; لِأَنَّهَا يَدُ ضَمَانٍ.
فَرْعٌ
لَوْ رَهَنَ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَسَدَ الشَّرْطُ وَالرَّهْنُ، وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِمَا سَبَقَ.
فَرْعٌ
قَالَ: خُذْ هَذَا الْكِيسَ وَاسْتَوْفِ حَقَّكَ مِنْهُ، فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ، فَإِذَا اسْتَوْفَى، كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ فِيهِ دَرَاهِمُ، فَقَالَ: خُذْهُ بِدَرَاهِمِكَ، وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ الَّتِي فِيهِ مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ، أَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ. وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً وَبِقَدْرِ حَقِّهِ، مَلَكَهُ. وَلَوْ قَالَ: