الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الرُّجُوعَ. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ، حَلَّفَهُ طَمَعًا فِي أَنْ يَنْكُلَ، وَيَحْلِفُ، فَيَكُونُ كَالْبَيِّنَةِ. وَلَوْ كَذَّبَهُ الْأَصِيلُ وَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ، رَجَعَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ، فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنَ الْبَيِّنَةِ. وَأَمَّا إِذَا أَدَّى بِحُضُورِ الْأَصِيلِ، فَيَرْجِعُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَلَوْ تَوَافَقَ الْأَصِيلُ وَالضَّامِنُ عَلَى أَنَّهُ أَشْهَدَ، وَلَكِنْ مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا، ثَبَتَ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَلَوْ قَالَ الضَّامِنُ: أَشْهَدْتُ وَمَاتُوا، وَأَنْكَرَ الْأَصِيلُ الْإِشْهَادَ، فَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِشْهَادِ، أَوْ قَوْلُ الضَّامِنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْصِيرِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَلَوْ قَالَ: أَشْهَدْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَكَذَّبَاهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدْ. وَلَوْ قَالَا: لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا نَسِينَا، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ. وَمَتَى لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْأَدَاءِ، وَحَلَفَ رَبُّ الْمَالِ، بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ بِحَالِهَا. فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنَ الْأَصِيلِ، فَذَاكَ. وَإِنْ أَخَذَ مِنَ الْكَفِيلِ مَرَّةً أُخْرَى، فَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يَرْجِعُ. وَهَلْ يَرْجِعُ بِالْمَغْرُومِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي، أَمْ بِالثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُسْقِطُ لِلْمُطَالَبَةِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِأَقَلِّهِمَا. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَهُوَ الْمُبَرَّئُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنَ الزَّائِدِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَصْلٌ
الضَّمَانُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، إِذَا كَانَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ، وَوَجَدَ الضَّامِنُ مَرْجِعًا، فَهُوَ مَحْسُوبٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الرُّجُوعُ، أَوْ لَمْ يَجِدْ مَرْجِعًا لِمَوْتِ الْأَصِيلِ مُعْسِرًا، فَمِنَ الثُّلُثِ. وَمَتَى وَفَّتْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ بِثُلُثَيِ الدَّيْنِ، فَلَا دَوْرَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إِنْ أَخَذَهُ مِنْ وَرَثَةِ الضَّامِنِ، رَجَعُوا بِثُلُثَيْهِ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ. وَإِنْ أَخَذَ تَرِكَةَ
الْأَصِيلِ وَبَقِيَ شَيْءٌ، أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَيَقَعُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ وَرَثَةَ الضَّامِنِ لَا يَجِدُونَ مَرْجِعًا. وَإِنْ لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ بِالثُّلُثَيْنِ، فَقَدْ يَقَعُ الدَّوْرُ، كَمَرِيضٍ ضَمِنَ تِسْعِينَ، وَمَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا تِسْعُونَ، وَمَاتَ الْأَصِيلُ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ، فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ كُلَّهَا وَلَا دَوْرَ حِينَئِذٍ، وَيُطَالِبُ وَرَثَةَ الضَّامِنِ بِثَلَاثِينَ، وَيَقَعُ تَبَرُّعًا إِذْ لَمْ يَبْقَ لِلْأَصِيلِ تَرِكَةٌ يُرْجَعُ فِيهَا، وَإِنْ أَرَادَ الْأَخْذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ، لَزِمَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ وَرَثَةُ الضَّامِنِ، يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ بَعْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمَغْرُومَ صَارَ دَيْنًا لَهُمْ عَلَى الْأَصِيلِ، فَيَتَضَارَبُونَ بِهِ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ، وَيَلْزَمُ مِنْ رُجُوعِ بَعْضِهِ زِيَادَةُ التَّرِكَةِ وَمِنْ زِيَادَةِ التَّرِكَةِ زِيَادَةُ الْمَغْرُومِ، وَمِنْ زِيَادَةِ الْمَغْرُومِ زِيَادَةُ الرَّاجِعِ. وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يُقَالَ: يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ وَرَثَةِ الضَّامِنِ شَيْئًا، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ مِثْلُ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ نِصْفُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ، فَيَبْقَى عِنْدَهُمْ تِسْعُونَ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ، وَهُوَ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا تَلِفَ بِالضَّمَانِ، وَالتَّالِفُ نِصْفُ شَيْءٍ، وَمِثْلَا شَيْءٍ، فَإِذًا تِسْعُونَ إِلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئًا. وَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا، عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئًا وَنِصْفًا فَيَكُونُ الشَّيْءُ سِتِّينَ، فَبَانَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ سِتُّونَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ السِّتُّونَ دَيْنًا لَهُمْ عَلَى الْأَصِيلِ، وَقَدْ بَقِيَ لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثُونَ، فَيَتَضَارَبُونَ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمَيْنِ وَسَهْمٍ، وَتَرِكَتُهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ، يَأْخُذُ مِنْهَا الْوَرَثَةُ ثَلَاثِينَ، وَرَبُّ الدَّيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَتَعَطَّلُ بَاقِي دَيْنِهِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ سِتِّينَ، ثَلَاثِينَ بَقِيَتْ عِنْدَهُمْ، وَثَلَاثِينَ أَخَذُوهَا مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ، وَذَلِكَ مَثَلًا مَا تَلِفَ وَوَقَعَ تَبَرُّعًا، وَهُوَ ثَلَاثُونَ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَكِنَّ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ ثَلَاثُونَ، فَيَأْخُذُ رَبُّ الدَّيْنِ شَيْئًا، وَيَرْجِعُ إِلَى وَرَثَةِ الضَّامِنِ مِثْلُ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ ثُلُثُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ، فَيَبْقَى عِنْدَهُمْ تِسْعُونَ نَاقِصَةً ثُلُثَيْ شَيْءٍ تَعْدِلُ
مِثْلَيِ التَّالِفِ بِالضَّمَانِ، وَهُوَ ثُلُثَا شَيْءٍ، فَمِثْلَاهُ شَيْءٌ وَثُلُثٌ. فَإِذَنْ تِسْعُونَ إِلَّا ثُلُثُ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا، فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا، عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئَيْنِ فَيَكُونُ الشَّيْءُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ، وَذَلِكَ مَا أَخَذَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَصَارَ دَيْنًا لِوَرَثَةِ الضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَبَقِيَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَيْضًا، فَيَتَضَارَبُونَ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمٍ وَسَهْمٍ، فَتُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً. وَلَوْ كَانَتْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ سِتِّينَ، فَلَا دَوْرَ، بَلْ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ كُلِّهَا، ثُمَّ هُمْ يَأْخُذُونَ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ كُلَّهَا بِحَقِّ الرُّجُوعِ، وَيَقَعُ الْبَاقِي تَبَرُّعًا.
قُلْتُ: وَهَذِهِ مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ، تَتَعَلَّقُ بِالضَّمَانِ. وَتَرَكَ بَيَاضًا فِي الْأَصْلِ.