المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الثَّامِنَةُ: أَقَرَّ فِي صَكٍّ بِأَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى زَيْدٍ، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٤

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْقَرْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: الثَّامِنَةُ: أَقَرَّ فِي صَكٍّ بِأَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى زَيْدٍ،

الثَّامِنَةُ: أَقَرَّ فِي صَكٍّ بِأَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى زَيْدٍ، وَلَا طَلِبَةَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ بِهِ: فِي عِمَامَتِهِ وَقَمِيصِهِ، لَا فِي دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي يُوسُفَ: هَذَا مَوْضِعُ تَرَدُّدٍ، وَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ تَخْصِيصُ عُمُومٍ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.

قُلْتُ: هَذَا ضَعِيفٌ وَفَاسِدٌ.

وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الْقَاضِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ

الْمُقَرُّ بِهِ الْمَجْهُولُ، قَدْ يُعْرَفُ بِغَيْرِ تَفْسِيرِ الْمُقِرِّ، بِأَنْ يُحِيلَهُ عَلَى مُعَرَّفٍ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ مِنَ الدَّرَاهِمِ بِوَزْنِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ، أَوْ بِعَدَدِ الْمَكْتُوبِ فِي كِتَابِ كَذَا، أَوْ بِقَدْرِ مَا بَاعَ بِهِ زَيْدٌ عَبْدَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيُرْجَعُ إِلَى مَا أَحَالَ عَلَيهِ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَ مَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ بِالْحِسَابِ، فَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إِلَّا نِصْفَ مَا لِابْنَيْهِ عَلَيَّ، وَلِابْنَيهِ عَلَيَّ أَلْفٌ إِلَّا ثُلُثَ مَا لِزَيْدٍ عَلَيَّ. وَلِمَعْرِفَتِهِ طُرُقٌ. أَحُدُهَا: أَنْ تَجْعَلَ لِزَيْدٍ شَيْئًا، وَتَقُولَ: لِلِابْنَيْنِ أَلْفٌ إِلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ، فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ إِلَّا سُدُسَ شَيْءٍ، وَتُسْقِطُهُ مِنَ الْأَلْفِ، يَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ، وَسُدُسُ

ص: 393

شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ الشَّيْءَ الْمَفْرُوضَ لِزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَلْفًا إِلَّا نِصْفَ مَا لِابْنَيْهِ، فَيَسْقُطُ سُدُسُ شَيْءٍ بِسُدُسِ شَيْءٍ، تَبَقَّى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ خَمْسِمِائَةٍ، فَيَكُونُ الشَّيْءُ التَّامُّ سِتَّمِائَةٍ، وَهِيَ مَا لِزَيْدٍ. فَإِذَا أَخَذْتَ ثُلُثَهَا وَهُوَ مِائَتَانِ، وَأَسْقَطْتَهُ مِنَ الْأَلْفِ، بَقِيَ ثَمَانِمِائَةٍ، وَهِيَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلِابْنَيْنِ.

الثَّانِي: أَنْ تَجْعَلَ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ لِاسْتِثْنَاءِ الثُّلُثِ مِنْهُ، وَتُسْقِطَ ثُلُثَهَا مِنَ الْأَلْفِ الْمُضَافِ إِلَى الِابْنَيْنِ، فَيَكُونُ لَهُمَا أَلْفٌ يَنْقُصُ شَيْئًا، ثُمَّ يَأْخُذُ نِصْفَهُ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ تَنْقُصُ نِصْفَ شَيْءٍ، وَتَزِيدُهُ عَلَى مَا فَرَضْنَاهُ لِزَيْدٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، يَكُونُ خَمْسَمِائَةٍ وَشَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ، وَذَلِكَ يَعْدِلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، يُسْقِطُ خَمْسَمِائَةٍ بِخَمْسِمِائَةٍ، تَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ فِي مُقَابَلَةِ شَيْئَيْنِ وَنِصْفِ شَيْءٍ، فَيَكُونُ الشَّيْءُ مِائَتَيْنِ، وَقَدْ كَانَ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ، فَهُوَ إِذًا سِتُّمِائَةٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ تَقُولَ: أَسْتَثْنِي مِنْ أَحَدِ الْإِقْرَارَيْنِ النِّصْفَ، وَمِنَ الْآخَرِ الثُّلُثَ، فَتَضْرِبُ مُخْرَجَ أَحَدِهِمَا فِي مُخْرَجِ الْآخَرِ فَيَكُونُ سِتَّةً، ثُمَّ تَضْرِبُ فِي الْجُزْءِ الْمُسْتَثْنَى مِنَ الْإِقْرَارَيْنِ، وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ، فَتَضْرِبُ وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ، يَكُونُ وَاحِدًا، يَنْقُصُهُ مِنَ السِّتَّةِ، تَبْقَى خَمْسَةٌ تَحْفَظُهَا وَتُسَمِّيهَا الْمَقْسُومَ عَلَيهِ، ثُمَّ تَضْرِبُ مَا تَبَقَّى مِنْ مُخْرَجِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْجُزْأَيْنِ بَعْدَ إِسْقَاطِهِ فِي مُخْرَجِ الثَّانِي، وَذَلِكَ بِأَنْ تَضْرِبَ مَا بَقِيَ مِنْ مُخْرَجِ النِّصْفِ بَعْدَ النِّصْفِ، وَهُوَ وَاحِدٌ، فِي مُخْرَجِ الثُّلُثِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، تَحْصُلُ ثَلَاثَةٌ، تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ الْمَذْكُورِ فِي الْإِقْرَارِ، يَكُونُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ تُقَسِّمُهَا عَلَى الْعَدَدِ الْمَقْسُومِ عَلَيهِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ نَصِيبُ الْوَاحِدِ سِتَّمِائَةٍ، فَهِيَ مَا لِزَيْدٍ، وَتَضْرِبُ مَا تَبَقَّى مِنْ مُخْرَجِ الثُّلُثِ بَعْدَ الثُّلُثِ وَهُوَ اثْنَانِ، فِي مُخْرَجِ النِّصْفِ، وَهُوَ اثْنَانِ، يَكُونُ أَرْبَعَةً، تَضْرِبُهَا فِي الْأَلْفِ، يَكُونُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ تُقَسِّمُهَا عَلَى الْخَمْسَةِ، تَخْرُجُ ثَمَانِمِائَةٍ فَهِيَ مَا لِلِابْنَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا ثُلُثَيْ مَا لِعَمْرٍو، وَلِعَمْرٍو عَشَرَةٌ إِلَّا

ص: 394

ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا لِزَيْدٍ، تَضْرِبُ الْمُخْرَجَ فِي الْمُخْرَجِ، تَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ، ثُمَّ تَضْرِبُ أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ اثْنَانِ، فِي ثَلَاثَةٍ، تَكُونُ سِتَّةً، تُسْقِطُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ، تَبَقَّى سِتَّةٌ، ثُمَّ تَضْرِبُ الْبَاقِيَ مِنْ مُخْرَجِ الثُّلُثِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ وَاحِدٌ، فِي أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْإِقْرَارِ، تَكُونُ أَرْبَعِينَ تُقَسِّمُهَا عَلَى السِّتَّةِ، فَتَكُونُ سِتَّةً وَثُلُثَيْنِ، وَذَلِكَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ تَضْرِبُ وَاحِدًا وَهُوَ الْبَاقِي مِنْ مُخْرَجِ الرُّبُعِ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْأَرْبَاعِ الثَّلَاثَةِ فِي ثَلَاثَةٍ، تَكُونُ ثَلَاثَةً تَضْرِبُهَا فِي الْعَشَرَةِ يَكُونُ ثُلُثَيْنِ تُقَسِّمُهَا عَلَى السِّتَّةِ، تَكُونُ خَمْسَةً، وَهُوَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو. وَلِعِلْمِ أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، ضَرْبَانِ مُجَرَّبَانِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الصُّوَرِ بِأَسْرِهَا. وَأَمَّا الطَّرِيقُ الثَّالِثُ، فَإِنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِقْرَارَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو، وَلِعَمْرٍو سِتَّةٌ إِلَّا رُبْعَ مَا لِزَيْدٍ، كَانَ مُقِرًّا لِزَيْدٍ بِثَمَانِيَةٍ، وَلِعَمْرٍو بِأَرْبَعَةٍ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَا لِعَمْرٍو، وَلِعَمْرٍو عَشَرَةٌ إِلَّا رُبْعَ مَا لِزَيْدٍ، كَانَ مُقِرًّا لِزَيْدٍ بِخَمْسَةٍ وَخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ، وَلِعَمْرٍو بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَسْبَاعٍ. وَيَتَصَوَّرُ صُدُورَ كُلِّ إِقْرَارٍ مِنْ شَخْصٍ، بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو مَالًا، فَيَقُولُ زَيْدٌ: لَكَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا نِصْفَ مَا لَكَ عَلَى عَمْرٍو، وَيَقُولُ عَمْرٌو: لَكَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّاثُلُثَ مَا لَكَ عَلَى زَيْدٍ، وَطَرِيقُ الْحِسَابِ لَا يَخْتَلِفُ.

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يُغَيِّرُهُ

هُوَ اسْتِثْنَاءٌ وَغَيْرُهُ. فَالثَّانِي يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَرْفَعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِلَى غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا لَا يَنْتَظِمُ لَفْظًا، فَيَلْغُو، وَإِلَى مَا يَنْتَظِمُ، فَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا، فَفِيهِ خِلَافٌ.

وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ مَفْصُولًا، لَا يُقْبَلُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا، فَفِيهِ خِلَافٌ بِالتَّرْتِيبِ، هَذَا حَاصِلُ الْبَابِ. وَإِذَا مَرَّتْ بِكَ مَسَائِلُهُ عَرَفْتَ مِنْ أَيِّ قَبِيلٍ هِيَ. وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ، فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِيهِ مَسَائِلُ.

ص: 395

إِحْدَاهَا: قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، فَإِنْ وَقَعَ قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، مَفْصُولًا عَنْ قَوْلِهِ: لَهُ أَلْفٌ، لَمْ يُقْبَلْ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ. وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا، فَقَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ كَلَامٌ وَاحِدٌ، فَيَعْتَبِرُ جُمْلَةً وَلَا يُبَعَّضُ، فَعَلَى هَذَا لِلْمُقَرِّ لَهُ تَحْلِيفُهُ إِنْ كَانَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ. وَأَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ: لَا يُقْبَلُ، وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ، وَيُبَعَّضُ إِقْرَارُهُ فَيُعْتَبَرُ أَوَّلُهُ وَيُلْغَى آخِرُهُ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ بِهِ مَا يَرْفَعُهُ، فَأَشْبَهَ قَوْلُهُ: أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: كَانَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَظَنَنْتُهُ يَلْزَمُنِي، فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى نَفْيِهِ. وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يَنْتَظِمُ لَفْظُهُ فِي الْعَادَةِ، وَلَكِنَّهُ يَبْطُلُ حُكْمُهُ شَرْعًا، بِأَنْ أَضَافَ الْمُقَرُّ بِهِ إِلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ، كَالْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَخِيَارٍ مَجْهُولٍ. أَوْ قَالَ: تَكَفَّلْتُ بِبَدَنِ فُلَانٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، أَوْ ضَمِنْتُ لِفُلَانٍ كَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَكُنْتُ أَوَدُّ لَوْ فَصَلَ فَاصِلٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ جَاهِلًا بِأَنَّ ثَمَنَ الْخَمْرِ لَا يَلْزَمُ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، فَيُعْذَرَ الْجَاهِلُ دُونَ الْعَالِمِ، لَكِنْ لَمْ يَصِرْ إِلَيهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ. أَمَّا إِذَا قَدَّمَ الْخَمْرَ فَقَالَ: لَهُ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ عَلَيَّ الْأَلْفُ، لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَطْعًا بِكُلِّ حَالٍ.

الثَّانِيَةُ: قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ، إِذَا سَلَّمَهُ سَلَّمْتُ الْأَلْفَ، فَطَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. فَفِي قَوْلٍ: يُقْبَلُ وَلَا يُطَالَبُ بِالْأَلْفِ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ. وَفِي قَوْلٍ: يُؤَاخَذُ بِأَوَّلِ الْإِقْرَارِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ: الْقَطْعُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ آخِرًا هُنَا لَا يَرْفَعُ الْأَوَّلَ، بِخِلَافِ ثَمَنِ الْخَمْرِ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَطْ، ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا عَنْهُ: لَمْ أَقْبِضْ ذَلِكَ الْعَبْدَ، قُبِلَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِالْعَبْدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ قَبْضِهِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ، ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا: هُوَ ثَمَنُ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ، لَمْ يُقْبَلْ. وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا، بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ، أَوْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ.

ص: 396

الثَّالِثَةُ: قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ، فَفِي قَبُولِهِ الْقَوْلَانِ. وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَطْعًا. وَلَوْ قَالَ: كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ، قُبِلَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَقِيلَ: عَلَى الطَّرِيقَيْنِ.

الرَّابِعَةُ: قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي، أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ، لَا، لَزِمَهُ الْأَلْفُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ.

قُلْتُ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسَخٍ مِنْ كِتَابِ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ «عَلَيَّ الْأَلْفُ أَوْ لَا» وَهُوَ غَلَطٌ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبَا «التَّهْذِيبِ» وَ «الْبَيَانِ» : بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالِالْتِزَامِ، وَمَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي فِي كِتَابِ الرَّافِعِيِّ تَصْحِيفًا مِنَ النُّسَّاخِ، أَوْ تَغْيِيرًا مِمَّا فِي «التَّهْذِيبِ» ، فَقَدْ قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : لَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ، لَا، فَهُوَ إِقْرَارٌ، وَهَذَا صَحِيحٌ، وَقَرَنَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» بِقَوْلِهِ: بِأَلْفٍ لَا يَلْزَمُنِي، وَهُوَ نَظِيرُهُ. وَمُعْظَمُ نَقْلِ الرَّافِعِيِّ مِنَ «التَّهْذِيبِ» وَ «النِّهَايَةِ» ، وَكَيْفَ كَانَ، فَالصَّوَابُ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ: أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَلْفٌ أَوْ، لَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْخَامِسَةُ: قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورِ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شِئْتَ، أَوْ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أَوْ إِذَا قَدِمَ زَيْدٌ، أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إِيجَابِ الْمَالِ، وَالْوَاقِعُ لَا يُعَلَّقُ بِشَرْطٍ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَكَيْفَ كَانَ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيهِ وَهَذَا إِذَا أَطْلَقَ، أَوْ قَالَ: قَصَدْتُ التَّعْلِيقَ. فَإِنْ قَصَدَ التَّأْجِيلَ، فَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ فَقَالَ: إِنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَعَلَيَّ أَلْفٌ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ صِيغَةُ الْتِزَامٍ جَازِمَةً. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ التَّأْجِيلَ بِرَأْسِ الشَّهْرِ، قُبِلَ. وَفِي «التَّتِمَّةِ»

ص: 397

وَجْهٌ: أَنَّ مُطْلَقَهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْجِيلِ بِرَأْسِ الشَّهْرِ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَبِهِ قَطَعَ فِيمَا إِذَا قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ.

السَّادِسَةُ: قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلٌ إِلَى وَقْتِ كَذَا، فَإِنْ ذَكَرَ الْأَجَلَ مَفْصُولًا، لَمْ يُقْبَلْ. وَإِنْ وَصَلَهُ، قُبِلَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ الْأَجَلِ. ثُمَّ مَوْضِعُ الْخِلَافِ، أَنْ يُقِرَّ مُطْلِقًا أَوْ مَسْنِدًا إِلَى سَبَبٍ يَقْبَلُ التَّعْجِيلَ وَالتَّأْجِيلَ. أَمَّا إِذَا أَسْنَدَ إِلَى مَا لَا يَقْبَلُ الْأَجَلَ، فَقَالَ: أَقْرَضَنِيهِ مُؤَجَّلًا، فَيَلْغُو ذِكْرُ الْأَجَلِ قَطْعًا. وَإِنْ أَسْنَدَ إِلَى مَا يُلَازِمُهُ الْأَجَلُ، كَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَدْرِ إِقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ: قَتَلَ أَخِي زَيْدًا خَطَأً، وَلَزِمَنِي مِنْ دِيَتِهِ كَذَا مُؤَجَّلًا إِلَى سَنَةٍ، انْتِهَاؤُهَا كَذَا، قُبِلَ قَطْعًا. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ كَذَا مِنْ جِهَةِ تَحَمُّلِ الْعَقْلِ مُؤَجَّلًا إِلَى كَذَا، فَقَوْلَانِ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَطْعًا.

فَرْعٌ

قَالَ: بِعْتُكَ أَمْسِ كَذَا، فَلَمْ تُقْبَلْ، فَقَالَ: بَلْ قَبِلْتُ، فَعَلَى قَوْلِي تَبْعِيضُ الْإِقْرَارِ، إِنْ بَعَّضْنَاهُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ: قَبِلْتُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَلْفٍ، فَلَمْ تَقْبَلْ، أَوْ لِامْرَأَتِهِ: خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ، فَلَمْ تَقْبَلِي، فَقَالَا: قَبِلْنَا.

فَرْعٌ

إِذَا قَالَ لَهُ: أُرِيدُ أَنْ أُقِرَّ الْآنَ بِمَا لَيْسَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ. أَوْ قَالَ: مَا طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَأُرِيدُ أَنْ أُقِرَّ بِطَلَاقِهَا: قَدْ طَلَّقْتُ امْرَأَتِي ثَلَاثًا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ: لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيهِ. وَقَالَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : الصَّحِيحُ، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي.

ص: 398

السَّابِعَةُ: قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ، فَلَهُ حَالَانِ.

الْأَوَّلُ: أَنْ يَذْكُرَهُ مُنْفَصِلًا، بِأَنْ أَتَى بِأَلْفٍ بَعْدَ إِقْرَارِهِ، وَقَالَ: أَرَدْتُ هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: هُوَ وَدِيعَةٌ وَلِي عَلَيْكَ أَلْفٌ آخَرُ دَيْنًا، وَهُوَ الَّذِي أَرَدْتُهُ بِإِقْرَارِكَ، فَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ، أَوِ الْمُقِرِّ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي وَقِيلَ بِهِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَيَّ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ: عِنْدِي، وَيُحْتَمَلُ: إِنِّي تَعَدَّيْتُ فِيهَا فَصَارَتْ مَضْمُونَةً عَلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ حِفْظُهَا. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ فِي ذِمَّتِي، أَوْ دَيْنًا، ثُمَّ جَاءَ بِأَلْفٍ وَفُسِّرَ كَمَا ذَكَرْنَا، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ. وَقِيلَ: فِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ.

ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ بِالْوَدِيعَةِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: الْأَلْفُ مَضْمُونَةٌ، وَلَيْسَ بِأَمَانَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَيَّ، تَتَضَمَّنُ الِالْتِزَامَ. فَإِنِ ادَّعَى تَلَفَ الْأَلْفِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ، لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَإِنِ ادَّعَى رَدَّهُ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ الْأَمِينُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ، مُشْكِلٌ دَلِيلًا وَنَقْلًا. أَمَّا الدَّلِيلُ، فَلِأَنَّ لَفْظَةَ «عَلَيَّ» ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا مَصِيرُهَا مَضْمُونَةً لِتَعَدِّيهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ: وُجُوبُ حِفْظِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ: عِنْدِي، كَمَا سَبَقَ، وَهَذَانِ لَا يُنَافِيَانِ الْأَمَانَةَ. وَأَمَّا النَّقْلُ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ، أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى تَلَفَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، صُدِّقَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْبَابِ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَهُ مُتَّصِلًا، فَيَقُولَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِيعَةً، فَيُقْبَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: عَلَى قَوْلَيْنِ، كَقَوْلِهِ: أَلْفٌ قَضَيْتُهُ. وَإِذَا قَبِلْنَا فَأَتَى بِأَلْفٍ، وَقَالَ: هُوَ هَذَا، قَنِعَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ، وَادَّعَى التَّلَفَ أَوِ الرَّدَّ، قُبِلَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَمَّا إِذَا قَالَ: لَهُ مَعِي أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ، فَهُوَ مُشْعِرٌ بِالْأَمَانَةِ، فَيُصَدَّقُ

ص: 399

فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً، وَفِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالرَّدِّ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارِبَةً دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً دَيْنًا، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، نَصَّ عَلَيهِ. وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ كَوْنَهُ دَيْنًا عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ مَضْمُونًا. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إِلَيَّ مُضَارَبَةً أَوْ وَدِيعَةً بِشَرْطِ الضَّمَانِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْأَمَانَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، هَذَا إِذَا فُسِّرَ مُنْفَصِلًا. فَإِنْ فَسَّرَهُ مُتَّصِلًا، فَفِيهِ قَوْلَا تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ عَارِيَّةً، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيهِ، صَحَّحْنَا إِعَارَةَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَفْسَدْنَاهَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِدِ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ. وَلَوْ قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ أَلْفًا، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ، وَادَّعَى تَلَفَهَا فِي يَدِهِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَخَذْتُ مِنْهُ أَلْفًا. وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي «أَخَذْتُ» : لَوِ ادَّعَى الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ غَصَبَهُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي الْغَصْبِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: دُفِعَ إِلَيَّ.

الثَّامِنَةُ: قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لَكَ عَارِيَّةً، فَهُوَ إِقْرَارٌ بِالْإِعَارَةِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ. وَقَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : قَوْلُهُ «لَكَ» إِقْرَارٌ بِالْمِلْكِ، فَذِكْرُ الْعَارِيَّةِ بَعْدَهُ يُنَافِيهِ، فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيْ تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لَكَ هِبَةَ عَارِيَّةٍ بِإِضَافَةِ الْهِبَةِ إِلَى الْعَارِيَّةِ، أَوْ هِبَةَ سُكْنَى، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَكَ عَارِيَّةٌ، بِلَا فَرْقٍ.

التَّاسِعَةُ: الْإِقْرَارُ بِالْهِبَةِ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِقَبْضِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَفِي «الشَّامِلِ» : فِيهِ خِلَافٌ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَقَالَ: أَقَبَضْتَنِي. وَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُهُ وَخَرَجْتُ إِلَيهِ مِنْهُ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْقَبْضِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُ لَهُ وَمَلَكَهَا، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ. وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ، ثُمَّ ذَكَرَ لِإِقْرَارِهِ تَأْوِيلًا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الرَّهْنِ إِذَا قَالَ: رَهَنْتُ وَأَقْبَضْتُ ثُمَّ عَادَ فَأَنْكَرَ.

ص: 400

الْعَاشِرَةُ: لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَقَبَضَ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا، أَوْ أَقْرَرْتُ لِظَنِّي الصِّحَّةَ، لَمْ يُصَدَّقْ، لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُقِرُّ وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ [عَلَى إِنْسَانٍ] وَأَشْهَدَ عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ عَازِمًا عَلَى الْإِتْلَافِ فَقَدَّمْتُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْإِتْلَافِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُشْهِدُ عَلَيهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ عَازِمًا عَلَى أَنْ أَسَتَقْرِضَ مِنْهُ، فَقَدَّمْتُ الشَّهَادَةَ عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ، قُبِلَ لِلتَّحْلِيفِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُعْتَادٌ، بِخِلَافِ ذَاكَ.

الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أَقَرَّ عَجَمِيٌّ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقَالَ: لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ، لَكِنْ لُقِّنْتُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَهُ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ. وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ مُكْرَهٌ، فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ.

الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ، بَلْ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ قَالَ: غَصَبْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، وَغَصَبَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ، بَلْ لِعَمْرٍو، سُلِّمَتِ الدَّارُ إِلَى زَيْدٍ. وَفِي غُرْمِهِ لِعَمْرٍو قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: يَغْرَمُ. وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ طَرِيقَةٌ جَازِمَةٌ بِأَنْ لَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِجِنَايَةٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، بِخِلَافِ الْأُولَيَيْنِ. ثُمَّ قِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا انْتَزَعَهَا الْحَاكِمُ مِنْ يَدِهِ وَسَلَّمَهَا إِلَى زَيْدٍ. فَأَمَّا إِذَا سَلَّمَهَا بِنَفْسِهِ، فَيُغَرَّمُ قَطْعًا. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِي الْحَالَيْنِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ طَرْدُهُمَا فِي الْحَالَيْنِ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا. وَيَجْرِي الْخِلَافُ، سَوَاءٌ وَالَى بَيْنَ الْإِقْرَارِ لَهُمَا، أَمْ فَصَلَ بِفَصْلٍ قَصِيرٍ أَوْ طَوِيلٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 401

فَرْعٌ

بَاعَ عَيْنًا وَأَقْبَضَهَا وَاسْتَوْفَى الثَّمَنَ، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ بِعْتُهَا لِفُلَانٍ، أَوْ غَصَبْتُهَا مِنْهُ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَفِي غُرْمِهِ لِلْمُقَرِّ إِلَيهِ طَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالْغُرْمِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ بِتَصَرُّفِهِ وَتَسْلِيمِهِ. وَيُبْنَى عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، أَنَّ مُدَّعِيَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ، هَلْ لَهُ دَعْوَى الْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؟ إِنْ قُلْنَا: لَوْ أَقَرَّ، غَرِمَ الْقِيمَةَ، فَلَهُ دَعْوَاهَا، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ عَيْنٌ، فَانْتَزَعَهَا مُدَّعٍ بِيَمِينِهِ بَعْدَ نُكُولِ صَاحِبِ الْيَدِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَدَّعِيهَا، هَلْ لَهُ طَلَبُ الْقِيمَةِ مِنَ الْأَوَّلِ؟ إِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ كَالْبَيِّنَةِ، فَلَا، كَمَا لَوِ انْتَزَعَ بِالْبَيِّنَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، فَفِي سَمَاعِ دَعْوَى الثَّانِي عَلَيهِ بِالْقِيمَةِ - الْخِلَافُ.

فَرْعٌ

قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ، وَمَلَّكَهَا لِعَمْرٍو، سُلِّمَتْ إِلَى زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْيَدِ.

وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهَا، ثُمَّ تَكُونُ الْخُصُومَةُ فِي الدَّارِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ لِعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ. وَفِي غَرَامَةِ الْمُقِرِّ لِعَمْرٍو، طَرِيقَانِ:

أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِأَنْ لَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ هُنَا بَيْنَ الْإِقْرَارَيْنِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ لِعَمْرٍو، وَيَكُونَ فِي يَدِ زَيْدٍ بِإِجَارَةٍ، أَوْ رَهْنٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ بِالْمَنَافِعِ، فَيَكُونُ الْآخِذُ غَاصِبًا مِنْهُ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْإِقْرَارَانِ مُتَنَافِيَانِ. وَلَوْ أَخَّرَ ذِكْرَ الْغَصْبِ فَقَالَ: هَذِهِ الدَّارُ مَلَكَهَا عَمْرٌو، وَغَصَبْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: كَالصُّورَةِ الْأُولَى، لِعَدَمَ التَّنَافِي، فَتُسَلَّمُ إِلَى زَيْدٍ، وَلَا يُغْرَمُ لِعَمْرٍو.

وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِالْيَدِ بَعْدَ الْمِلْكِ، فَتُسَلَّمُ إِلَى عَمْرٍو. وَفِي غُرْمِهِ لِزَيْدٍ الْقَوْلَانِ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ

ص: 402

وَفِيهِ مُبَاحَثَةٌ، لِأَنَّا إِذَا غَرَّمْنَا الْمُقِرَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ لِلثَّانِي، فَإِنَّمَا نُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَهُنَا جَعَلْنَاهُ مُقِرًّا بِالْيَدِ دُونَ الْمِلْكِ، فَلَا وَجْهَ لِتَغْرِيمِهِ، بَلِ الْقِيَاسُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ يَدِهِ: أَكَانَتْ بِإِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؟ فَإِنْ كَانَتْ بِإِجَارَةٍ، غَرِمَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ رَهْنًا، غَرِمَ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ لِيَتَوَثَّقَ بِهِ زَيْدٌ، وَكَأَنَّهُ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ. ثُمَّ إِنِ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، رُدَّتِ الْقِيمَةُ عَلَيهِ.

فَرْعٌ

قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ أَحَدِكُمَا، طُولِبَ بِالتَّعْيِينِ، فَإِذَا عَيَّنَ أَحَدَهُمَا، سُلِّمَتْ إِلَيهِ. وَهَلْ لِلثَّانِي تَحْلِيفُهُ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِلثَّانِي هَلْ يَغْرَمُ [لَهُ] ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَا، وَإِلَّا فَنَعَمْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ لَهُ إِذَا عُرِضَتِ الْيَمِينُ فَيَغْرَمُهُ، فَعَلَى هَذَا، إِذَا نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الثَّانِي، فَإِذَا حَلَفَ، فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقِيمَةُ. وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ كَالْإِقْرَارِ، فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ، نُزِعَتِ الدَّارُ مِنَ الْأَوَّلِ وَسُلِّمَتْ إِلَى الثَّانِي، وَلَا غُرْمَ عَلَيهِ لِلْأَوَّلِ. وَعَلَى هَذَا، فَلَهُ التَّحْلِيفُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لَوْ أَقَرَّ لِلثَّانِي طَمَعًا فِي أَنْ يَنْكُلَ، فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ الْعَيْنَ. أَمَّا إِذَا قَالَ الْمُقِرُّ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيِّكُمَا غَصَبْتُ، وَأَصَرَّ عَلَيهِ، فَإِنْ صَدَّقَاهُ، فَالْعَيْنُ مَوْقُوفَةٌ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَبَيُّنِ الْمَالِكِ أَوْ يَصْطَلِحَا. وَكَذَا إِنْ كَذَّبَاهُ وَحَلَفَ لَهُمَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ.

قُلْتُ: وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي تَرِكَةِ مُورَثِهِ لِزَيْدٍ، بَلْ لِعَمْرٍو، سُلِّمَتْ إِلَى زَيْدٍ، وَفَى غُرْمِهِ لِعَمْرٍو طَرِيقَانِ فِي «الشَّامِلِ» وَ «الْبَيَانِ» وَغَيْرِهِمَا:

أَحَدُهُمَا:

ص: 403