المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْقَوْلَانِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنْ لَا غُرْمَ. وَالْفَرْقُ، أَنَّهُ هُنَا مَعْذُورٌ لِعَدَمَ كَمَالِ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٤

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْقَرْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: الْقَوْلَانِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنْ لَا غُرْمَ. وَالْفَرْقُ، أَنَّهُ هُنَا مَعْذُورٌ لِعَدَمَ كَمَالِ

الْقَوْلَانِ.

وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنْ لَا غُرْمَ.

وَالْفَرْقُ، أَنَّهُ هُنَا مَعْذُورٌ لِعَدَمَ كَمَالِ اطِّلَاعِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ

فِي الِاسْتِثْنَاءِ

وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْإِقْرَارِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا. فَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ عَمَّا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى، لَمْ يَنْفَعْهُ.

قُلْتُ: هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا، إِنْ تَخَلَّلَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ، يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ. وَقَالَ صَاحِبَا «الْعُدَّةِ» وَ «الْبَيَانِ» : إِذَا قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ - أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ - الْأَمَانَةُ، صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه.

وَدَلِيلُنَا: أَنَّهُ فَصْلٌ يَسِيرٌ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَلْفٌ - يَا فُلَانُ - الْأَمَانَةَ، وَهَذَا الَّذِي نَقَلَاهُ، فِيهِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوِ اسْتَغْرَقَ فَقَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً، لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ، وَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ، فَإِذَا قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً، أَوْ سِوَى تِسْعَةٍ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ.

فَرْعٌ

الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ. فَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةً، إِلَّا ثَمَانِيَةً، لَزِمَهُ تِسْعَةٌ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ، إِلَّا تِسْعَةً، إِلَّا ثَمَانِيَةً، إِلَّا سَبْعَةً،

ص: 404

إِلَّا سِتَّةً، إِلَّا خَمْسَةً، إِلَّا أَرْبَعَةً، إِلَّا ثَلَاثَةً، إِلَّا دِرْهَمَيْنِ، إِلَّا دِرْهَمًا، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. وَطَرِيقُ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِثْبَاتَ وَيَجْمَعَ النَّفْيَ، وَيَسْقُطَ النَّفْيُ مِنَ الْإِثْبَاتِ، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْوَاجِبُ. فَالْأَعْدَادُ الْمُثْبَتَةُ هُنَا ثَلَاثُونَ، وَالْمَنْفِيَّةُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. ثُمَّ مَعْرِفَةُ الْمُثْبَتِ أَنَّ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا، إِنْ كَانَ شَفْعًا، فَالْأَشْفَاعُ مُثْبَتَةٌ، وَالْأَوْتَارُ مَنْفِيَّةٌ. وَإِنْ كَانَ وَتْرًا، فَبِالْعَكْسِ، وَشَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الْأَعْدَادُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى التَّوَالِي الْمُعْتَادِ، إِذْ يَتْلُو كُلُّ شَفْعٍ وَتْرًا، وَبِالْعَكْسِ.

فَرْعٌ

قَالَ: لَيْسَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ إِلَّا خَمْسَةً، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إِلَّا خَمْسَةً، خَمْسَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَيَّ خَمْسَةٌ. وَفِي وَجْهٍ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ، حَكَاهُ فِي «النِّهَايَةِ» بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ.

فَرْعٌ

إِذَا أَتَى بِاسْتِثْنَاءٍ بَعْدَ اسْتِثْنَاءٍ، وَالثَّانِي مُسْتَغْرِقٌ، صَحَّ الْأَوَّلُ، وَبَطَلَ الثَّانِي. مِثَالُهُ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ، إِلَّا خَمْسَةً، إِلَّا عَشَرَةً، أَوْ [عَشَرَةٌ] إِلَّا خَمْسَةً، إِلَّا خَمْسَةً، لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرِقًا دُونَ الثَّانِي، كَقَوْلِهِ: عَشَرَةٌ، إِلَّا عَشَرَةً، إِلَّا أَرْبَعَةً، فَأَوْجُهٌ. أَحُدُهَا: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ، لِاسْتِغْرَاقِهِ، وَيَبْطُلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِلٍ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَانِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ. قَالَ فِي «الشَّامِلِ» : وَهَذَا أَقْيَسُ.

وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ، وَالثَّانِي يَرْجِعُ إِلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ. وَلَوْ قَالَ: عَشَرَةٌ، إِلَّا عَشَرَةً، إِلَّا خَمْسَةً، لَزِمَهُ عَلَى

ص: 405

الْوَجْهِ الْأَوَّلِ عَشَرَةٌ، وَعَلَى الْآخَرِينَ خَمْسَةٌ. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الِاسْتِثْنَاءَيْنِ عَطْفٌ، فَإِنْ كَانَ، بِأَنْ قَالَ: عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً، وَإِلَّا ثَلَاثَةً، أَوْ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً وَثَلَاثَةً، فَهُمَا جَمِيعًا مُسْتَثْنَيَانِ مِنَ الْعَشَرَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا دِرْهَمَانِ قَطْعًا، فَإِنْ كَانَ الْعَدَدَانِ لَوْ جُمِعَا اسْتَغْرَقَا، بِأَنْ قَالَ: عَشَرَةٌ إِلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً، فَهَلْ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ لِكَوْنِ الْوَاوِ تَجْمَعُهُمَا فَيَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ؟ أَمْ يَخْتَصُّ الثَّانِي بِالْبُطْلَانِ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: يُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: عَشَرَةٌ إِلَّا سَبْعَةً وَثَلَاثَةً، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: عَشَرَةٌ إِلَّا سَبْعَةً وَإِلَّا ثَلَاثَةً، وَيَقْطَعُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالْبُطْلَانِ. وَمَهْمَا [كَانَ] فِي الْمُسْتَثْنَى أَوِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَانِ مَعْطُوفٌ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَجْهَانِ، كَمَا فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ. أَصَحُّهُمَا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الطَّلَاقِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: لَا يُجْمَعُ.

مِثَالُهُ: عَلَيَّ دِرْهَمَانِ وَدِرْهَمٌ إِلَّا دِرْهَمًا، إِنْ لَمْ نَجْمَعْ، لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَإِلَّا دِرْهَمَانِ. وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمٌا، فَإِنْ لَمْ نَجْمَعْ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمَيْنِ. وَإِنْ جَمَعْنَا، فَثَلَاثَةٌ وَيَصِيرُ مُسْتَغْرِقًا. وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ إِلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمَيْنِ، فَإِنْ لَمْ نَجْمَعْ، لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمَيْنِ. وَإِنْ جَمَعْنَا، فَثَلَاثَةٌ. وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إِلَّا دِرْهَمًا وَدِرْهَمًا وَدِرْهَمًا، لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَحُكْمُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الطَّلَاقِ، حُكْمُهَا فِي الْإِقْرَارِ.

فَرْعٌ

قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَّا خَمْسَةً، أَوْ سِتَّةً، قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الزَّائِدَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ عَشَرَةً، وَاسْتَثْنَى خَمْسَةً، وَشَكَكْنَا فِي اسْتِثْنَاءِ الدِّرْهَمِ السَّادِسِ.

ص: 406

قُلْتُ: الصَّوَابُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَيَانٌ مَا لَمْ يَرِدْ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ إِبْطَالُ مَا أَثْبَتَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ غَيْرَ دَانِقٍ، فَمُقْتَضَى النَّحْوِ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: أَنَّهُ إِنْ نَصَبَ «غَيْرَ» ، فَعَلَيهِ خَمْسَةُ دَوَانِقَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ، وَإِلَّا فَعَلَيهِ دِرْهَمٌ تَامٌّ، إِذِ الْمَعْنَى: دِرْهَمٌ، لَا دَانِقٌ. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: السَّابِقُ إِلَى فَهْمِ أَهْلِ الْعُرْفِ مِنْهُ الِاسْتِثْنَاءُ، فَيُحْمَلُ عَلَيهِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْإِعْرَابِ.

فَرْعٌ

الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، صَحِيحٌ، كَقَوْلِهِ: أَلْفُ دِرْهَمٍ إِلَّا ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا، ثُمَّ عَلَيهِ أَنْ يُبَيِّنَ ثَوْبًا لَا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ الْأَلْفُ. فَإِنِ اسْتَغْرَقَ، فَالتَّفْسِيرُ لَغْوٌ. وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: يَبْطُلُ وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ لِأَنَّهُ بَيْنَ مَا أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ، فَكَأَنَّهُ يَلْفِظُ بِهِ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ.

وَالثَّانِي: لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَإِنَّمَا الْخَلَلُ فِي تَفْسِيرِهِ، فَيُقَالُ: فَسَّرَهُ بِتَفْسِيرٍ صَحِيحٍ.

فَرْعٌ

يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْمُجْمَلِ مِنَ الْمُجْمَلِ، وَالْمُجْمَلِ مِنَ الْمُفَصَّلِ، وَبِالْعَكْسِ. فَالْأَوَّلُ

ص: 407

كَقَوْلِهِ: أَلْفٌ إِلَّا شَيْئًا، فَيُبِيِّنُ جِنْسَ الْأَلْفِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِمَا لَا يَسْتَغْرِقُ الْأَلْفَ الَّذِي بَيَّنَهُ.

وَالثَّانِي: كَقَوْلِهِ: عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا شَيْئًا، يُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِمَا لَا يَسْتَغْرِقُ الْعَشَرَةَ.

وَالثَّالِثُ: كَقَوْلِهِ: شَيْءٌ إِلَّا دِرْهَمًا، يُفَسِّرُ الشَّيْءَ بِمَا يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ وَإِنْ قَلَّ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَلْفٌ إِلَّا دِرْهَمًا، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ دَرَاهِمَ. وَمَهْمَا بَطَلَ التَّفْسِيرُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، فَفِي بُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَجْهَانِ.

وَإِنِ اتَّفَقَ لَفْظُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. كَقَوْلِهِ: شَيْءٌ إِلَّا شَيْئًا، أَوْ: قَالَ: مَالٌ إِلَّا مَالًا، حَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْقَاضِي فِيهِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ، كَقَوْلِهِ: عَشَرَةٌ إِلَّا عَشَرَةً.

وَالثَّانِي: لَا، لِوُقُوعِهِ [عَلَى] الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَلَا يَمْتَنِعُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ، وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي هَذَا التَّرَدُّدِ غَفْلَةٌ، لِأَنَّا إِنْ أَلْغَيْنَا الِاسْتِثْنَاءَ، اكْتَفَيْنَا بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ. وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، أَلْزَمْنَاهُ أَيْضًا أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ، فَيَتَّفِقُ الْوَجْهَانِ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: حَاصِلُ الْجَوَابِ، لَا يَخْتَلِفُ، لَكِنْ فِيهِ فَائِدَةٌ، لِأَنَّا إِنْ أَبْطَلْنَا، طَالَبْنَاهُ بِتَفْسِيرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَإِنْ صَحَّحْنَا، طَالَبْنَاهُ بِتَفْسِيرِهِمَا، وَلَهُ آثَارُ الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّفْسِيرِ، وَكَوْنُ التَّفْسِيرِ الثَّانِي غَيْرَ صَالِحٍ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْأَوَّلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

فَرْعٌ

الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْمُعَيَّنِ صَحِيحٌ، كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ إِلَّا هَذَا الْبَيْتَ، أَوْ هَذَا الْقَمِيصُ إِلَّا كُمَّهُ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ إِلَّا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، أَوْ هَذَا الْقَطِيعُ إِلَّا هَذِهِ الشَّاةَ، أَوْ هَذَا الْخَاتَمُ إِلَّا هَذَا الْفَصَّ، وَنَظَائِرُهُ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُعْتَادَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمُطْلَقِ لَا مِنَ الْمُعَيَّنِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، وَعَلَيهِ التَّفْرِيعُ. وَلَوْ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ لِفُلَانٍ إِلَّا وَاحِدًا، صَحَّ وَرُجِعَ

ص: 408