الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا عَلَيهِ. وَلَوْ فَسَّرَ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ، قُبِلَ. وَلَوْ فَسَّرَهُ بِرَدِّ السَّلَامِ وَالْعِيَادَةِ، لَمْ يُقْبَلْ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوْ قَالَ: لَهُ حَقٌّ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ.
قُلْتُ: وَلَوْ فَسَّرَ الشَّيْءَ بِحَدِّ قَذْفٍ، قُبِلَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ قَالَ: غَصَبْتُ مِنْهُ شَيْئًا، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ مَا يُقْبَلُ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ إِذَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ، احْتِرَازًا مِنَ الْوَدِيعَةِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَيُقْبَلُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، نَصَّ عَلَيهِ فِي «الْأُمِّ» ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ وَثُبُوتِ مَالٍ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي الْأَخْذَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: عَلَيَّ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، وَفَسَّرَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، قُبِلَ عَلَى الصَّحِيحِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ، أَوْ غَصَبْتُكَ مَا تَعْلَمُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ، فَيَحْبِسُهُ. وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ نَفْسَكَ، لَمْ يُقْبَلْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
إِذَا أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ، إِمَّا شَيْءٌ، وَإِمَّا غَيْرُهُ، مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَطَالَبْنَاهُ بِالتَّفْسِيرِ، فَامْتَنَعَ، فَأَرْبَعَةُ أوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: نَحْبِسُهُ كَحَبْسِنَا مَنِ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ التَّفْسِيرَ وَاجِبٌ عَلَيهِ.
وَالثَّانِي: لَا يُحْبَسُ، بَلْ يُنْظَرُ، إِنْ وَقَعَ الْإِقْرَارُ الْمُبْهَمُ فِي جَوَابِ دَعْوَى، وَامْتَنَعَ مِنَ التَّفْسِيرِ، جُعِلَ مُنْكِرًا، وَتُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَيهِ. فَإِنْ أَصَرَّ، جُعِلَ نَاكِلًا، وَحَلَفَ الْمُدَّعِي. وَإِنْ أَقَرَّ ابْتِدَاءً، قُلْنَا لِلْمُقَرِّ لَهُ: ادَّعِ عَلَيهِ حَقَّكَ، فَإِذَا ادَّعَى، وَأَقَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ، أَوْ أَنْكَرَ، أَجْرَيْنَا عَلَيهِ حُكْمَهُ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَدْرِي،
جَعَلْنَاهُ مُنْكِرًا، فَإِنْ أَصَرَّ، جَعَلْنَاهُ نَاكِلًا؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ حُصُولُ الْغَرَضِ بِلَا حَبْسٍ، لَا يُحْبَسُ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ أَقَرَّ بِغَصْبٍ، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِ الْمَغْصُوبِ، حُبِسَ. وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُبْهَمٍ، فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي.
وَالرَّابِعُ: إِنْ قَالَ: عَلَيَّ شَيْءٌ، وَامْتَنَعَ مِنَ التَّفْسِيرِ، لَمْ يُحْبَسْ. وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ ثَوْبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ، حُبِسَ، قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ، وَأَشَارَ فِي شَرْحِ كَلَامِهِ إِلَى أَنَّ الْفَرْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَبُولِ تَفْسِيرِ الشَّيْءِ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُتَوَجَّهُ بِذَلِكَ مُطَالَبَةٌ وَحَبْسٌ.
فَرْعٌ
إِذَا فُسِّرَ الْمُبْهَمُ بِتَفْسِيرٍ صَحِيحٍ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيُبَيِّنْ جِنْسَ الْحَقِّ وَقَدْرَهُ، وَلْيَدْعُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيهِ. ثُمَّ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، بِأَنْ فَسَّرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لِي عَلَيْكَ مِائَتَانِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى إِرَادَةِ الْمِائَةِ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَيَحْلِفُ لِيُقِرَّ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ. وَإِنْ قَالَ: أَرَادَ بِهِ الْمِائَتَيْنِ، حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْمِائَتَيْنِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيهِ إِلَّا مِائَةٌ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: لَا بُدَّ مِنْ يَمِينَيْنِ. فَلَوْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْمِائَتَيْنِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْإِرَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا مَاتَ الْمُقِرُّ، وَفَسَّرَ الْوَارِثُ، فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً، فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ إِرَادَةِ الْمُورَثِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ مِنْ حَالِ مُورِثِهِ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيهِ غَيْرُهُ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَمِثْلُهُ: لَوْ أَوْصَى بِمُجْمَلٍ وَمَاتَ، فَفَسَّرَهُ الْوَارِثُ، وَزَعَمَ الْمُوصَى لَهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ، يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ الزِّيَادَةِ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْإِرَادَةِ.
وَالْفَرْقُ، أَنَّ الْإِقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَقَدْ يَطَّلِعُ عَلَيهِ، وَالْوَصِيَّةُ إِنْشَاءُ أَمْرٍ عَلَى الْجَهَالَةِ، وَبَيَانُهُ: إِذَا مَاتَ (الْمُوصِي) إِلَى الْوَارِثِ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ، فَيُنْظَرُ، إِنْ صَدَّقَهُ فِي الْإِرَادَةِ، فَقَالَ: هُوَ ثَابِتٌ لِي عَلَيهِ، وَلِي عَلَيهِ مَعَ ذَلِكَ كَذَا، ثَبَتَ الْمُتَّفَقُ
عَلَيهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي نَفْيِ غَيْرِهِ. وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْإِرَادَةِ، وَقَالَ: لَيْسَ لِي عَلَيهِ مَا فَسَّرَ بِهِ، إِنَّمَا لِي عَلَيهِ كَذَا، بَطَلَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِرَدِّهِ، وَكَانَ مُدَّعِيًا عَلَيهِ فِي غَيْرِهِ. وَإِنْ كَذَّبَهُ فِي دَعْوَى الْإِرَادَةِ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ مَا ادَّعَيْتُهُ، حَلَفَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِ الْإِرَادَةِ، وَبَقِيَ مَا يَدَّعِيهِ. ثُمَّ إِنْ كَذَّبَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُقَرِّ بِهِ، بَطَلَ الْإِقْرَارُ فِيهِ، وَإِلَّا فَيَثْبُتُ. وَلَوِ اقْتَصَرَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى دَعْوَى الْإِرَادَةِ، وَقَالَ: مَا أَرَدْتُ بِكَلَامِكَ مَا فَسَّرْتُهُ بِهِ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ كَذَا، إِمَّا مِنْ جِنْسِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَالْإِرَادَةَ لَا يَثْبُتَانِ حَقًّا لَهُ، بَلِ الْإِقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ، فَعَلَيهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَقَّ نَفْسَهُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّهُ تُقْبَلُ دَعْوَى الْإِرَادَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي أَنَّ مَنِ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، هَلْ تُسْمَعُ؟ أَمْ عَلَيهِ أَنْ يَدَّعِيَ نَفْسَ الْأَلْفِ؟ أَمَّا إِذَا ضُمَّ إِلَى الْإِرَادَةِ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ، فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْيِهِمَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ. وَاتَّفَقَتِ الطُّرُقُ عَلَيهِ.
فَرْعٌ
مَاتَ الْمُبْهِمُ قَبْلَ التَّفْسِيرِ، طُولِبَ بِهِ الْوَارِثُ. فَإِنِ امْتَنَعَ، فَقَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُوقَفُ مِمَّا تُرِكَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ. وَأَظْهَرُهُمَا: يُوقَفُ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَهِنٌ بِالدَّيْنِ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَالٌ. فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ، وَلَا يُقْبَلُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ، كَالْكَلْبِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهُ: الْقَبُولُ بِالتَّمْرَةِ الْوَاحِدَةِ حَيْثُ يَكْثُرُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَقَالُوا: كُلُّ مُتَمَوَّلٍ مَالٌ، وَلَا يَنْعَكِسُ. وَتَلْتَحِقُ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ بِالتَّمْرَةِ. وَفِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْقَبُولُ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِوَقْفٍ عَلَيهِ،
فَيُشْبِهُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمِلْكِ فِي رَقَبَةِ الْوَقْفِ، هَلْ هُوَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيهِ؟
فَرْعٌ
إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ، أَوْ كَثِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ، أَوْ جَلِيلٌ، أَوْ نَفِيسٌ، أَوْ خَطِيرٌ، أَوْ غَيْرُ تَافِهٍ، أَوْ مَالٌ، وَأَيُّ مَالٍ، قُبِلَ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ عَظِيمَ خَطَرِهِ بِكُفْرِ مُسْتَحِلِّهِ، وَإِثْمِ غَاصِبِهِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: أَصْلُ مَا أَبْنِي عَلَيهِ الْإِقْرَارَ، أَنْ لَا أَلْزَمَ إِلَّا الْيَقِينَ، وَأَطْرَحَ الشَّكَ، وَلَا أَسْتَعْمِلَ الْغَلَبَةَ. وَحُكِيَ وَجْهٌ غَرِيبٌ: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَزِيدَ تَفْسِيرُ مَالٍ عَظِيمٍ عَلَى تَفْسِيرِ مُطْلَقِ الْمَالِ، لِيُكُونَ لِوَصْفِهِ بِالْعِظَمِ فَائِدَةٌ. وَلَوْ قَالَ: مَالٌ حَقِيرٌ، أَوْ قَلِيلٌ، أَوْ خَسِيسٌ، أَوْ طَفِيفٌ، أَوْ تَافِهٌ، أَوْ نَزْرٌ، أَوْ يَسِيرٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: مَالٌ. وَتُحْمَلُ هَذِهِ الصِّفَاتُ عَلَى احْتِقَارِ النَّاسِ إِيَّاهُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ فَانٍ.
فَرْعٌ
قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ، يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ وَإِنْ كَثُرَ مَالُ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَكْثَرُ لِكَوْنِهِ حَلَالًا، وَذَلِكَ حَرَامٌ أَوْ نَحْوُهُ.
قُلْتُ: وَسَوَاءٌ عُلِمَ مَالُ فُلَانٍ، أَمْ لَمْ يُعْلَمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَمَا أَنَّ الْقَدْرَ مُبْهَمٌ، فَكَذَلِكَ الْجِنْسُ وَالنَّوْعُ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ عَدَدًا، فَالْإِبْهَامُ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَبِ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ، فَالْإِبْهَامُ فِي الْقَدْرِ وَالنَّوْعِ. وَلَوْ قَالَ: مِنْ صِحَاحِ الذَّهَبِ، فَالْإِبْهَامُ فِي الْقَدْرِ وَحْدَهُ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ عَلَى فُلَانٍ،
قُبِلَ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَهُمْ شُهُودَ زُورٍ، وَيَقْصِدُ أَنَّ الْقَلِيلَ الْحَلَالَ أَكْثَرُ بَرَكَةً مِنْ كَثِيرٍ يُؤْخَذُ بِالْبَاطِلِ. وَلَوْ قَالَ: أَكْثَرُ مِمَّا قَضَى بِهِ الْقَاضِي عَلَى فُلَانٍ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُ الْقَدْرُ الْمَقْضِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِّ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ، فَيُقْبَلُ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْضِي بِشَهَادَةِ كَاذِبَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ، قُبِلَ أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ، لَمْ يَلْزَمْهُ التَّفْسِيرُ بِجِنْسِ الدَّرَاهِمِ، لَكِنْ يَلْزَمُ بِذَلِكَ الْعَدَدُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ فُسِّرَ، وَزِيَادَةُ أَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ، كَذَا قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» ، وَهُوَ مُخَالِفٌ مَا سَبَقَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِلْزَامُ ذَلِكَ الْعَدَدِ.
وَالثَّانِي: إِلْزَامُ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِلْأَكْثَرِيَّةِ، بِنَفْيِهِمَا جَمِيعًا. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ، وَكَانَ فِي يَدِ فُلَانٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَزِيَادَةُ أَقَلِّ مَا يُتَمَوَّلُ.
وَالْأَصَحُّ: مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ، حَمْلًا لِلْأَكْثَرِ عَلَى مَا سَبَقَ. وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ: أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَهُ بِمَا دَونَ الثَّلَاثَةِ، قُبِلَ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَقَالَ الْمُقِرُّ: لَمْ أَعْلَمْ، وَظَنَنْتُهَا ثَلَاثَةً، قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: كَذَا. فَإِذَا قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ كَذَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَهُ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: كَذَا كَذَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: كَذَا، وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ. وَلَوْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، لَزِمَهُ التَّفْسِيرُ بِشَيْئَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، بِحَيْثُ يُقْبَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ كَذَا. وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ شَيْءٌ شَيْءٌ، أَوْ شَيْءٌ وَشَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: كَذَا دِرْهَمٍ، يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ فَقَطْ، وَكَانَ الدِّرْهَمُ تَفْسِيرُ مَا أَبْهَمَهُ. وَفِي وَجْهٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ: يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا إِنْ كَانَ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ اسْمٍ مُفْرَدٍ يَنْتَصِبُ الدِّرْهَمُ الْمُفَسِّرُ بَعْدَهُ.
وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ: هُوَ الْأَوَّلُ. وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ، بِأَنَّ فِي تَفْسِيرِ الْمُبْهَمِ لَا يُنْظَرُ إِلَى الْإِعْرَابِ. وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمٍ