المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الدُّيُونُ أَقَلَّ، وَكَانَتْ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَصِيرُهَا إِلَى النَّقْصِ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٤

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْقَرْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: الدُّيُونُ أَقَلَّ، وَكَانَتْ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَصِيرُهَا إِلَى النَّقْصِ

الدُّيُونُ أَقَلَّ، وَكَانَتْ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَصِيرُهَا إِلَى النَّقْصِ أَوِ الْمُسَاوَاةِ، لِكَثْرَةِ النَّفَقَةِ. وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ. وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْمُسَاوَاةِ، فَهَلْ لِمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ الرُّجُوعُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَالثَّانِي: لَا، لِتَمَكُّنِهُ مِنَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِكَمَالِهِ. وَهَلْ تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَعْيَانُ فِي حِسَابِ أَمْوَالِهِ، وَأَثْمَانُهَا فِي حِسَابِ دُيُونِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْإِدْخَالُ.

‌فَصْلٌ

وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ، اسْتُحِبَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ، لِيَحْذَرَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ. وَإِذَا حَجَرَ، امْتَنَعَ مِنْهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ مُبْتَدَأٍ يُصَادِفُ الْمَالَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْحَجْرِ، فَهَذِهِ قُيُودٌ. الْأَوَّلُ: كَوْنُ التَّصَرُّفِ مُصَادِفًا لِلْمَالِ. وَالتَّصَرُّفُ ضَرْبَانِ. إِنْشَاءٌ، وَإِقْرَارٌ.

الْأَوَّلُ: الْإِنْشَاءُ، وَهُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: يُصَادِفُ الْمَالَ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى تَحْصِيلٍ، كَالِاحْتِطَابِ وَالِاتِّهَابِ، وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا مَنْعَ مِنْهُ قَطْعًا ; لِأَنَّهُ كَامِلُ الْحَالِ. وَغَرَضُ الْحَجْرِ: مَنْعُهُ مِمَّا يَضُرُّ الْغُرَمَاءَ وَإِلَى تَفْوِيتٍ، فَيُنْظَرُ، إِنْ تَعَلَّقْ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ، صَحَّ، فَإِنْ فَضَلَ الْمَالُ، نُفِّذَ، وَإِلَّا، فَلَا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْرِدُهُ عَيْنَ مَالٍ، وَإِمَّا فِي الذِّمَّةِ، فَهُمَا نَوْعَانِ. الْأَوَّلُ: كَالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالْكِتَابَةِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ، إِنْ فَضَلَ مَا يَصْرِفُ فِيهِ عَنِ الدَّيْنِ لِارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ، أَوْ إِبْرَاءٌ، نَفَّذْنَاهُ، وَإِلَّا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَغْوًا. وَأَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالْأَعْيَانِ، كَالرَّهْنِ. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ، فَقِيلَ: هُمَا فِيمَا إِذَا اقْتَصَرَ الْحَاكِمُ عَلَى الْحَجْرِ، وَلَمْ يَجْعَلْ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ حَيْثُ وَجَدُوهُ. فَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُنَفَّذْ تَصَرُّفُهُ قَطْعًا، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: إِذَا جَعَلَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ، فَلَا

ص: 130

زَكَاةَ عَلَيْهِ وَطَرَدَهُمَا آخَرُونَ فِي الْحَالَيْنِ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ، قَالَ هَؤُلَاءِ: وَتَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْأَظْهَرِ مَا دَامَ مِلْكُهُ بَاقِيًا، وَالنَّصُّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا بَاعَهُ لَهُمْ. فَإِنْ نَفَّذْنَاهُ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَجَبَ تَأْخِيرُ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَعَلَّهُ يَفْضُلُ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ، نَقَصْنَا مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ الْأَضْعَفَ فَالْأَضْعَفَ، وَالْأَضْعَفُ الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ، لِخُلُوِّهِمَا عَنِ الْعِوَضِ، ثُمَّ الْبَيْعُ، ثُمَّ الْكِتَابَةُ، ثُمَّ الْعِتْقُ، قَالَ الْإِمَامُ: فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ رَاغِبٌ فِي أَمْوَالِ الْمُفْلِسِ إِلَّا فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ، فَقَالَ الْغُرَمَاءُ: بِيعُوهُ وَنَجِّزُوا حَقَّنَا، فَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَغَالِبُ الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُجَابُونَ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ فَسْخِ الْأَضْعَفِ فَالْأَضْعَفِ، هُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ عَنِ الْأَصْحَابِ. ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَفْسَخَ الْآخِرَ فَالْآخِرَ، كَمَا قُلْنَا فِي تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ إِذَا عَجَزَ عَنْهَا الثُّلْثُ، وَالْمُخْتَارُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ كَانَ وَقَفَ وَعَتَقَ، فَفِي الشَّامِلِ أَنَّ الْعِتْقَ يُفْسَخُ، ثُمَّ الْوَقْفُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ الْوَقْفُ أَوَّلًا ; لِأَنَّ الْعِتْقَ لَهُ قُوَّةٌ وَسِرَايَةٌ، وَهَذَا أَصَحُّ. وَلَوْ تَعَارَضَ الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ، فُسِخَ الرَّهْنُ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِهِ الْعَيْنَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بَيْعِهِ لِغَيْرِ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ بَاعَهُمْ، فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يُرَدُّ عَلَى الذِّمَّةِ بِأَنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، أَوْ بَاعَ طَعَامًا سَلَمًا، فَيَصِحُّ وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ. وَفِي قَوْلٍ شَاذٍّ: لَا يَصِحُّ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يُصَادِفُ الْمَالَ، فَلَا مَنْعَ مِنْهُ، كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْخُلْعِ، وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، وَالْعَفْوِ عَنْهُ، وَاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ، وَنَفْيِهِ بِاللِّعَانِ.

ص: 131

الضَّرْبُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ. فَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَنْ مُعَامَلَةٍ، أَوْ إِتْلَافٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ؟ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا. لِئَلَّا يَضُرُّهُمْ بِالْمُزَاحَمَةِ. وَأَظْهَرُهُمَا: يُقْبَلُ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ. وَكَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ يَزْحَمُ غُرَمَاءَ الصِّحَّةِ، وَلِعَدَمِ التُّهْمَةِ الظَّاهِرَةِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَزِمَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ، فَإِنْ قَالَ: عَنْ مُعَامَلَةٍ لَمْ تُقْبَلْ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ. وَإِنْ قَالَ: عَنِ إِتْلَافٍ أَوْ جِنَايَةٍ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ كَمَا قَبْلَ الْحَجْرِ، وَقِيلَ: كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ بَعْدَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَلَمْ يَنْسُبْهُ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَجَعْلُهُ كَإِسْنَادِهِ إِلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ.

قُلْتُ: هَذَا ظَاهِرٌ إِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْمُقِرِّ. فَإِنْ أَمْكَنَتْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ ; لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا إِذَا أَقَرَّ بِعَيْنِ مَالٍ لِغَيْرِهِ، فَقَالَ: غَصَبْتُهُ، أَوِ اسْتَعَرْتُهُ، أَوْ أَخَذْتُهُ سَوْمًا، فَقَوْلَانِ كَمَا لَوْ أَسْنَدَ الدَّيْنَ إِلَى مَا قَبْلَ الْحَجْرِ، أَظْهَرُهُمَا: الْقَبُولُ. لَكِنْ إِذَا قَبِلْنَا، فَفَائِدَتُهُ هُنَاكَ مُزَاحَمَةُ الْمُقِرِّ لَهُ الْغُرَمَاءُ، وَهُنَا تُسَلَّمُ إِلَيْهِ الْعَيْنُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ، فَإِنْ فَضَلَ، سُلِّمَ إِلَيْهِ، وَإِلَّا، فَالْغُرْمُ فِي ذِمَّتِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِنْشَاءِ، حَيْثُ أَبْطَلْنَاهُ فِي الْحَالِّ قَطْعًا وَكَذَا عِنْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ حَيْثُ قَبِلْنَاهُ فِي الْمُفْلِسِ قَطْعًا، وَفِي الْغُرَمَاءِ عَلَى الْأَظْهَرِ، أَنَّ مَقْصُودَ الْحَجْرِ، مَنْعُهُ التَّصَرُّفَ، فَأَبْطَلْنَاهُ. وَالْإِقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنْ مَاضٍ، وَالْحَجْرُ لَا يَسْلُبُهُ الْعِبَارَةَ.

فَرْعٌ

أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ تُوجِبُ الْقَطْعَ، قُطِعَ. وَفِي رَدِّ الْمَسْرُوقِ، الْقَوْلَانِ. وَالْقَبُولُ هُنَا أَوْلَى، لِبُعْدِهِ عَنِ التُّهْمَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، فَعَفَا عَلَى مَالٍ، فَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ بِدَيْنِ الْجِنَايَةِ. وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْقَبُولِ، لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.

ص: 132

فَرْعٌ

ادُّعِيَ عَلَيْهِ مَالٌ لَزِمَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ، فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، إِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ كَالْبَيِّنَةِ، زَاحَمَ، وَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ.

الْقَيْدُ الثَّانِي: كَوْنُهُ مُصَادِفًا لِلْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْحَجْرِ. فَلَوْ تَجَدَّدَ بَعْدَهُ بِاصْطِيَادٍ، أَوِ اتِّهَابٍ، أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ، فَفِي تَعَدِّي الْحَجْرِ إِلَيْهِ وَمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: التَّعَدِّي. وَلَوِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، فَفِي تَصَرُّفِهِ، هَذَانِ الْوَجْهَانِ. وَهَلْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَالتَّعَلُّقُ بِعَيْنِ مَتَاعِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الثَّالِثُ، وَهُوَ إِثْبَاتُهُ لِلْجَاهِلِ دُونَ الْعَالِمِ. فَإِنْ لَمْ نُثْبِتْهُ، فَهَلْ يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ بِالثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا ; لِأَنَّهُ حَادِثٌ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ، وَالْمُزَاحَمَةُ بِالدَّيْنِ الْحَادِثِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: مَا لَزِمَ بِرِضَى مُسْتَحِقِّهِ. فَإِنْ كَانَ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ، كَثَمَنِ الْمَبِيعِ، فَفِيهِ هَذَانَ الْوَجْهَانِ، وَإِلَّا، فَلَا مُزَاحَمَةَ بِلَا خِلَافٍ، بَلْ يَصِيرُ إِلَى انْفِكَاكِ الْحَجْرِ.

الثَّانِي: مَا لَزِمَ بِغَيْرِ رِضَى الْمُسْتَحِقِّ، كَالْجِنَايَةِ وَالْإِتْلَافِ، فَيُزَاحَمُ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ، لِتَعَلُّقِ حُقُوقِ الْأَوَّلِينَ، كَمَا لَوْ جَنَى وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا عَبْدٌ مَرْهُونٌ، لَا يُزَاحِمُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنَ.

الثَّالِثُ: مَا يَتَجَدَّدُ بِسَبَبِ مُؤْنَةِ الْمَالُ، كَأُجْرَةِ الْكَيَّالِ، وَالْوَزَّانِ، وَالْحَمَّالِ وَالْمُنَادِي، وَالدَّلَّالِ، وَكَرَّاءِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْمَتَاعُ، فَهَذِهِ الْمُؤَنُ تُقَدَّمَ عَلَى حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ ; لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الْحَجْرِ. هَذَا إِنْ لَمْ نَجِدْ مُتَبَرِّعًا. فَإِنْ وُجِدَ، أَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سِعَةٌ لَمْ يُصْرَفْ مَالُ الْمُفْلِسِ إِلَيْهَا.

قُلْتُ: لَوْ تَجَدَّدَ دَيْنٌ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَأَقَرَّ بِسَابِقٍ وَقُلْنَا: لَا مُزَاحَمَةَ بِهِمَا، فَهُمَا سَوَاءٌ، وَمَا فَضَلَ، قُسِّمَ بَيْنَهُمَا، قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 133

الْقَيْدُ الثَّالِثُ: كَوْنُ التَّصَرُّفِ مُبْتَدَأً، فَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا قَبْلَ الْحَجْرِ، فَوَجَدَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ مَعِيبًا، فَلَهُ رَدُّهُ إِنْ كَانَ فِي الرَّدِّ غِبْطَةٌ ; لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَاضٍ، فَإِنْ مُنِعَ مِنَ الرَّدِّ عَيْبٌ حَادِثٌ، لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَلَمْ يَمْلِكِ الْمُفْلِسُ إِسْقَاطَهُ. وَإِنْ كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي بَقَائِهِ لَمْ يَمْلِكْ رَدَّهُ ; لِأَنَّهُ تَفْوِيتٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَلِهَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه، عَلَى أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَى فِي صِحَّتِهِ شَيْئًا، ثُمَّ مَرِضَ، وَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَأَمْسَكَهُ وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ، كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي نَقَصَهُ الْعَيْبُ مَحْسُوبًا مِنَ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ إِذَا وَجَدَ مَا اشْتَرَاهُ لِلطِّفْلِ مَعِيبًا، لَا يَرُدُّهُ إِذَا كَانَتِ الْغِبْطَةُ فِي بَقَائِهِ، وَلَا يَثْبُتُ الْأَرْشُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ; لِأَنَّ الرَّدَّ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ.

فَرْعٌ

لَوْ تَبَايَعَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَفَلَّسَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ بِغَيْرِ رِضَى الْغُرَمَاءِ، هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه. وَفِيهِ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا: الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ، فَيَجُوزُ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ عَلَى وَفْقِ الْغِبْطَةِ، وَعَلَى خِلَافِهَا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ ابْتِدَاءِ تَصَرُّفٍ. وَالثَّانِي: تَجْوِيزُهُمَا بِشَرْطِ الْغِبْطَةِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ وَقَعَا عَلَى وَفْقِ الْغِبْطَةِ، صَحَّ، وَإِلَّا، فَيُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَيُنْظَرُ مَنْ أَفْلَسَ. فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي، وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، فَلَهُ الْإِجَازَةُ ; لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةُ مِلْكٍ، وَلَا فَسْخَ ; لِأَنَّهُ إِزَالَةٌ. وَإِنْ أَفْلَسَ الْبَائِعُ، وَقُلْنَا: الْمِلْكُ لَهُ، فَلَهُ الْفَسْخُ ; لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ. وَإِنْ قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي، فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ.

ص: 134