الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَلْفَ فِي ثَمَنِهِ، فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: اشْتَرِ ثَوْبًا، وَلَمْ يَقُلْ: بِعَيْنِهِ، وَلَا فِي الذِّمَّةِ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: اشْتَرِ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ التَّسْلِيمِ تُشْعِرُ بِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْوَكِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمَا.
قُلْتُ: وَإِذَا قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَهُ فِيهِ، فَاشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ فِي الذِّمَّةِ، وَنَقَدَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ، بَرِئَ الْمُوَكِّلُ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْأَلْفِ الْمُعَيَّنَةِ إِلَى الْمُوَكِّلِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْمُخَالِفَيْنِ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ
أَمَّا الْبَيْعُ، فَإِذَا قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَبْدَ، فَبَاعَ آخَرَ، فَبَاطِلٌ. وَأَمَّا الشِّرَاءُ، فَإِنْ وَقَعَ بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ، فَبَاطِلٌ. وَإِنْ وَقَعَ فِي الذِّمَّةِ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلُ، وَقَعَ عَنِ الْوَكِيلِ، وَكَذَا إِنْ سَمَّاهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الشِّرَاءِ، فَإِذَا سَمَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ صَرَفَهُ إِلَيْهِ، صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ. وَالثَّانِي: الْعَقْدُ بَاطِلٌ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ، فَذَلِكَ إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ. فَأَمَّا إِذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُ فَلَانًا، فَقَالَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْتُهُ لَهُ، فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ بَيْنَهُمَا مُخَاطَبَةٌ. وَيُخَالِفُ النِّكَاحَ حَيْثُ يَصِحُّ مِنَ الْوَلِيِّ وَوَكِيلِ الزَّوْجِ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ، بَلْ لَا يَصِحُّ إِلَّا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْبَيْعِ أَحْكَامًا تَتَعَلَّقُ بِالْمَجْلِسِ كَالْخِيَارِ وَغَيْرِهِ، وَتِلْكَ الْأَحْكَامُ إِنَّمَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَاعْتُبِرَ جَرَيَانُ
الْمُخَاطَبَةِ بَيْنَهُمَا، وَالنِّكَاحُ سِفَارَةٌ مَحْضَةٌ. ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ مَنْعُ وَقْفِ الْعُقُودِ، وَإِلْغَاءُ تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ. وَأَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ، فَالْوَكِيلُ كَأَجْنَبِيٍّ، فَيَقِفُ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ عَلَى إِجَازَتِهِ. فَإِنْ أَجَازَ، وَقَعَ عَنْهُ، وَإِلَّا فَعَنِ الْوَكِيلِ، وَكَذَا الشِّرَاءُ بِعَيْنِ مَالِهِ، وَبَيْعُ الْعَبْدِ الْآخَرِ، يَنْعَقِدَانِ مَوْقُوفَيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِهِ.
فَرْعٌ
وَكِيلُ الْمُتَّهِبِ فِي الْقَبُولِ، يَجِبُ أَنْ يُسَمِّيَ مُوَكِّلَهُ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْهُ، لِجَرَيَانِ الْخِطَابِ مَعَهُ، وَلَا يَنْصَرِفُ بِالنِّيَّةِ إِلَى الْمُوَكَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ يَقْصِدُ بِتَبَرُّعِهِ الْمُخَاطَبَ، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَسْمَحُ بِالتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ حُصُولُ الْعِوَضِ.
قُلْتُ: قَالَ فِي «الْبَيَانِ» : لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ زَيْدًا، فَزَوَّجَهَا وَكِيلُ زَيْدٍ لِزَيْدٍ، صَحَّ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ، فَبَاعَهُ لِوَكِيلِ زَيْدٍ، لَمْ يَصِحَّ. وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَقْبَلُ نَقْلَ الْمِلْكِ، وَالْبَيْعُ يَقْبَلُهُ. وَلِهَذَا يَقُولُ وَكِيلُ النِّكَاحِ: زَوِّجْ مُوَكِّلِي، وَلَا يَقُولُ: زَوِّجْنِي لِمُوَكِّلِي. وَفِي الْبَيْعِ يَقُولُ: بِعْنِي لِمُوَكِّلِي وَلَا يَقُولُ: بِعْ مُوَكِّلِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: لِلْوَكَالَةِ حُكْمُ الْأَمَانَةِ. فَيَدُ الْوَكِيلِ يَدُ أَمَانَةٍ، فَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ، سَوَاءٌ كَانَ بِجَعْلٍ، أَوْ مُتَبَرِّعًا، فَإِنْ تَعَدَّى، بِأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ، ضَمِنَ قَطْعًا، وَلَا يَنْعَزِلُ عَنِ الْمَذْهَبِ، بَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ،
وَإِذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ، زَالَ عَنْهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ. وَفِي زَوَالِ الضَّمَانِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِزَوَالِ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَأَمَّا الثَّمَنُ الَّذِي يَقْبِضُهُ، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ. وَلَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، عَادَ الضَّمَانُ.
فَرْعٌ
لَوْ دَفَعَ إِلَى وَكِيلِهِ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ بِهَا شَيْئًا، فَتَصَرَّفَ فِيهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ قَرْضًا عَلَيْهِ، صَارَ ضَامِنًا. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمُوَكِّلِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ، وَلَا فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ حَصَلَ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ. وَلَوْ عَادَتِ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا إِلَيْهِ، فَاشْتَرَى بِهَا لِلْمُوَكِّلِ، فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِهِ بِالتَّعَدِّي. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَنْعَزِلُ، فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ، وَلَا يَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ. فَلَوْ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ بِعَيْبٍ، وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ، عَادَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ.
فَرْعٌ
مَتَّى طَالَبَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ بِرَدِّ مَالِهِ، لَزِمَهُ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَإِنِ امْتَنَعَ، صَارَ ضَامِنًا كَالْمُودِعِ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ: فِي الْعُهْدَةِ، فِيهِ مَسَائِلُ. إِحْدَاهَا: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إِذَا اشْتَرَى لِمُوَكِّلِهِ مَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ فَلِمَنْ يَقَعُ الْمِلْكُ؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ جَرَى مَعَهُ. وَأَحْكَامُ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَقَعُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى الْأَبُ لِلطِّفْلِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلطِّفْلِ ابْتِدَاءً، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، لَعَتَقَ عَلَيْهِ أَبُوهُ إِذَا اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ، فَلَا يَعْتِقُ قَطْعًا.
الثَّانِيَةُ: أَحْكَامُ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ، حَتَّى تُعْتَبَرَ رُؤْيَةُ الْوَكِيلِ لِلْمَبِيعِ دُونَ الْمُوَكِّلِ، وَتَلْزَمُ بِمُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ الْمَجْلِسَ دُونَ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ وَالتَّقَابُضِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ، يُعْتَبَرَانِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ. وَالْفَسْخُ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، إِنْ أَثْبَتْنَاهُ يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ، حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمُوَكِّلُ الْإِجَازَةَ، كَانَ لِلْوَكِيلِ الْفَسْخُ، ذَكَرَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» .
الثَّالِثَةُ: إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، طَالَبَهُ بِهِ الْبَائِعُ، إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ سَلَّمَ إِلَيْهِ مَا يَصْرِفُهُ فِي الثَّمَنِ، طَالَبَهُ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ وَكِيلًا، أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي، هَلْ هُوَ وَكِيلٌ، أَمْ لَا؟ طَالَبَهُ بِهِ. وَإِنِ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ، فَهَلْ يُطَالِبُ بِهِ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ؟ أَمِ الْوَكِيلُ فَقَطْ؟ أَمْ يُطَالِبُ أَيُّهُمَا شَاءَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الثَّالِثُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، فَهَلْ لِلْوَكِيلِ مُطَالَبَةُ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ. وَإِذَا غَرِمَ الْوَكِيلُ لِلْبَائِعِ، رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ الرُّجُوعِ اشْتِرَاطُ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالثَّالِثِ، فَالْوَكِيلُ كَالضَّامِنِ، وَالْمُوَكِّلِ كَالْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ إِذَا غَرِمَ. وَالْقَوْلُ فِي اعْتِبَارِ شَرْطِ الرُّجُوعِ، وَفِي أَنَّهُ هَلْ يُطَالِبُهُ بِتَخْلِيصِهِ قَبْلَ الْغُرْمِ، كَمَا سَبَقَ فِي الضَّمَانِ.
وَفَرَّعَ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى الْأَوْجُهِ فَقَالَ: لَوْ سَلَّمَ دَرَاهِمَ إِلَى الْوَكِيلِ لِيَصْرِفَهَا إِلَى الثَّمَنِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ، فَفَعَلَ، ثُمَّ رَدَّهَا الْبَائِعُ بِعَيْبٍ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّالِثِ، لَزِمَ الْوَكِيلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بِأَعْيَانِهَا إِلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَيْسَ لَهُ إِمْسَاكُهَا وَدَفْعُ بَدَلِهَا. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ إِلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَقْرَضَهُ إِيَّاهُ لِيُبَرِّئَ ذِمَّتَهُ. فَإِنَّ عَادَ، فَهُوَ مِلْكُهُ. وَلِلْمُسْتَقْرِضِ إِمْسَاكُ مَا اسْتَقْرَضَهُ وَرَدُّ مِثْلِهِ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: لَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ مَتَى يَرْجِعُ؟ وَبِأَيِّ
شَيْءٍ يَرْجِعُ؟ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، اتَّجَهَ أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ الدَّرَاهِمِ دَفْعًا لِمُؤْنَةِ التَّرَاجُعِ، لَا إِقْرَاضًا.
الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ، إِمَّا بِإِذْنٍ صَرِيحٍ، وَإِمَّا بِمُقْتَضَى الْبَيْعِ. إِذَا قُلْنَا بِهِ، فَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، وَالْمُشْتَرِي مُعْتَرِفٌ بِالْوَكَالَةِ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِحُصُولِ التَّلَفِ عِنْدَهُ؟ أَمْ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ سَفِيرُهُ وَيَدُهُ يَدُهُ؟ أَمْ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؟ فِيهِ الْأَوْجُهُ السَّابِقَةُ. فَإِنْ قُلْنَا: عَلَى الْمُوَكِّلِ أَوِ الْوَكِيلِ، فَغَرِمَ، لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: يَغْرَمُ أَيُّهُمَا شَاءَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا: أَنَّهُ إِنْ غَرِمَ الْمُوَكِّلُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ غَرِمَ الْوَكِيلُ، رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ، لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ. وَالثَّالِثُ: لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَالَّذِي يُفْتَى بِهِ مِنْ هَذِهِ الِاخْتِلَافَاتِ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُغَرِّمُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَلِذَلِكَ اقْتَصَرْنَا عَلَى هَذَا الْجَوَابِ فِي بَدَلِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ يُطْرَدُ فِيهِ الْخِلَافُ.
الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إِذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ بَانَ مُسْتَحِقًّا، فَلِلْمُسْتَحِقِّ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ. وَفِي مُطَالَبَتِهِ الْوَكِيلَ أَوِ الْمُوَكِّلَ، الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَالْأَقْيَسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إِلَّا عَلَى الْوَكِيلِ، لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ، وَبِظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ بَانَ أَنْ لَا عَقْدَ، وَصَارَ الْوَكِيلُ قَابِضًا مِلْكَ غَيْرِهِ بِلَا حَقٍّ. وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْقَرَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
السَّادِسَةُ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ، إِذَا بَاعَ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ، وَاسْتَوْفَاهُ وَدَفَعَهُ إِلَى الْمُوَكِّلِ، وَخَرَجَ مُسْتَحِقًّا أَوْ مَعِيبًا، فَرَدَّهُ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلِّمًا لِلْمَبِيعِ قَبْلَ أَخْذِ عِوَضِهِ. وَفِيمَا يَغْرَمُهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا:
قِيمَةُ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا. وَالثَّانِي: الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ انْتَقَلَ إِلَيْهِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَأَخَذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، طَالَبَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ. فَإِذَا أَخَذَهُ، دَفَعَهُ إِلَى الْمُوَكِّلِ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ.
السَّابِعَةُ: دَفَعَ إِلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ عَبْدًا بِعَيْنِهَا، فَفَعَلَ، فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ. وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ارْتَفَعَتِ الْوَكَالَةُ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ، وَاصْرِفْهَا إِلَى الثَّمَنِ، فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، لَمْ يَنْفَسِخِ الْعَقْدُ. وَلَكِنْ هَلْ يَنْقَلِبُ إِلَى الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ؟ أَمْ يَبْقَى لِلْمُوَكِّلِ. وَعَلَيْهِ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ؟ أَمْ يُقَالُ لِلْمُوَكِّلِ: إِنْ أَرَدْتَهُ فَادْفَعْ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ، وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنِ الْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. وَلَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ، لَمْ يَنْعَزِلْ. فَإِنِ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ، فَهَلْ يَقَعُ لَهُ، أَمْ لِلْوَكِيلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ.
قُلْتُ: هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : وَقَطَعَ فِي «الْحَاوِي» بِأَنَّهُ إِذَا قَالَ: اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِعَيْنِهَا، فَتَلِفَتِ، انْفَسَخَتِ الْوَكَالَةُ، وَانْعَزَلَ، فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَهُ، وَقَعَ لِلْوَكِيلِ قَطْعًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ شِرَاءً فَاسِدًا، وَقَبَضَ، وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، أَوْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إِلَى الْمُوَكِّلِ، فَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِالضَّمَانِ، ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ.
فَرْعٌ
لَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَسْتَقْرِضَ لَهُ، فَاقْتَرَضَ، فَهُوَ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي. وَفِي مُطَالَبَتِهِ
مَا فِي مُطَالَبَةِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُطَالِبُ، وَأَنَّهُ إِذَا غَرِمَ، رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: الْجَوَازُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعَزْلُ. وَلِارْتِفَاعِهَا أَسْبَابٌ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَعْزِلَهُ الْمُوَكِّلُ بِقَوْلِهِ: عَزَلْتُهُ، أَوْ رَفَعْتُ الْوَكَالَةَ، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ أَخْرَجْتُهُ عَنْهَا، فَيَنْعَزِلُ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ تَوْكِيلَهُ، أَوْ وَكَّلَهُ بِسُؤَالِ الْخَصْمِ، بِأَنْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ يُوَكِّلَ فِي الطَّلَاقِ، أَوِ الْخُلْعِ، أَوِ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ، أَوْ سَأَلَهُ خَصْمُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ. وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِ الْعَزْلِ إِلَيْهِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يَنْعَزِلُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ، فَالْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ. وَإِذَا قُلْنَا: يَنْعَزِلُ، فَيَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ: كُنْتَ عَزَلْتَهُ، لَا يُقْبَلُ.
الثَّانِي: إِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: عَزَلْتُ نَفْسِي، أَوْ أَخْرَجْتُهَا عَنِ الْوَكَالَةِ، أَوْ رَدَدْتُهَا، انْعَزَلَ قَطْعًا، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنْ كَانَتْ صِيغَةُ الْمُوَكِّلِ: بِعْ وَأَعْتِقْ وَنَحْوَهُمَا مِنْ صِيَغِ الْأَمْرِ، لَمْ يَنْعَزِلْ بِرَدِّ الْوَكَالَةِ، وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِذْنٌ وَإِبَاحَةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَبَاحَهُ الطَّعَامَ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُبَاحِ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِزَالِهِ بِعَزْلِ نَفْسِهِ حُصُولُ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ.
الثَّالِثُ: يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِخُرُوجِهِ، أَوْ خُرُوجِ الْمُوَكِّلِ عَنْ أَهْلِيَّةِ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ بِالْمَوْتِ أَوِ الْجُنُونِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَنْعَزِلُ بِجُنُونٍ لَا يَمْتَدُّ، بِحَيْثُ تَتَعَطَّلُ الْمُهِمَّاتُ. وَيَخْرُجُ إِلَى نَصْبِ قَوَّامٍ. وَالْإِغْمَاءِ، كَالْجُنُونِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّانِي: لَا يَنْعَزِلُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ فِي «الْوَسِيطِ» ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا يَلْتَحِقُ بِمَنْ تُوُلِّيَ عَلَيْهِ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِانْعِزَالِ الْتِحَاقُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِمَنْ تُوُلِّيَ عَلَيْهِ. وَفِي مَعْنَى الْجُنُونِ، الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ فَلْسٍ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا. وَكَذَا لَوْ طَرَأَ الرِّقُّ،
بِأَنْ وَكَّلَ حَرْبِيًّا، ثُمَّ اسْتَرَقَّ. وَإِذَا جُنَّ الْمُوَكِّلُ، انْعَزَلَ الْوَكِيلُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْعَزْلِ.
الرَّابِعُ: خُرُوجُ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، بِأَنْ بَاعَ الْمُوَكِّلُ مَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ. فَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ. ثُمَّ آجَرَهُ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إِنْ مَنَعَتِ الْبَيْعَ، لَمْ يُبْقِ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ، وَإِلَّا فَهِيَ عَلَامَةُ النَّدَمِ؛ لِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ لَا يُؤَاجِرُ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ. وَتَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ عَزْلٌ. وَفِي طَحْنِ الْحِنْطَةِ وَجْهَانِ.
وَجْهُ الِانْعِزَالِ، بُطْلَانُ اسْمِ الْحِنْطَةِ. وَأَمَّا الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ وَتَوْكِيلُ وَكِيلٍ آخَرَ، فَلَيْسَ بِعَزْلٍ قَطْعًا.
الْخَامِسُ: لَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ تَصَرُّفٍ آخَرَ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، فَفِي انْعِزَالِهِ أَوْجُهٌ. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الصِّيغَةُ: وَكَّلْتُكَ، بَقِيَ الْإِذْنُ. وَإِنْ كَانَتْ: بِعْ، أَوْ نَحْوَهُ، ارْتَفَعَ. وَالْكِتَابَةُ كَالْبَيْعِ. وَعَبْدُ غَيْرِهِ كَعَبْدِهِ. وَإِذَا حَكَمْنَا بِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ، لَزِمَهُ اسْتِئْذَانُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ لَهُ. فَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ، نَفَذَ تَصَرُّفُهُ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ وَإِنْ عَصَى، قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ.
قُلْتُ: لَمْ يُصَحِّحِ الرَّافِعِيُّ شَيْئًا مِنَ الْخِلَافُ فِي انْعِزَالِهِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ الْجُمْهُورُ. وَقَدْ صَحَّحَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَالْجُرْجَانِيُّ فِي الْمُعَايَاةِ انْعِزَالَهُ. وَقَطَعَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّحْرِيرِ. وَأَمَّا عَبْدُ غَيْرِهِ، فَطَرَدَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ مُتَابَعَةً لِصَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» . وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ، وَالَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ: الْقَطْعُ بِبَقَائِهِ. قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» : وَالْخِلَافُ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ، هُوَ فِيمَا إِذَا أَمَرَهُ السَّيِّدُ لِيَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ. فَأَمَّا إِنْ قَالَ: إِنْ شِئْتَ فَتَوَكَّلْ لِفُلَانٍ، وَإِلَّا فَلَا تَتَوَكَّلْ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، فَلَا يَنْعَزِلُ قَطْعًا كَالْأَجْنَبِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
السَّادِسُ: لَوْ جَحَدَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَزْلًا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: ثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَرَضٍ فِي الْإِخْفَاءِ، لَمْ يَكُنْ عَزْلًا، وَإِنْ تَعَمَّدَ