المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا، فَلِصَاحِبِهِ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٤

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الْقَرْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الضَّمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا، فَلِصَاحِبِهِ

‌فَصْلٌ

إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ حَالًّا، فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَقَّهُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَيْسَ هَذَا مَنْعًا مِنَ السَّفَرِ، كَمَا يَمْنَعُ عَبْدَهُ وَزَوْجَتَهُ السَّفَرَ، بَلْ يَشْغَلُهُ عَنِ السَّفَرِ بِرَفْعِهِ إِلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَمُطَالَبَتِهِ حَتَّى يُوَفِّيَ. وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ السَّفَرُ مَخُوفًا، فَلَا مَنْعَ، إِذْ لَا مُطَالَبَةَ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ قَطْعًا، وَلَا يُكَلِّفْهُ الْإِشْهَادَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَجَلُ قَرِيبًا أَمْ بَعِيدًا، فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ مَعَهُ لِيُطَالِبَهُ عِنْدَ حُلُولِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُلَازِمَهُ. فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ مَخُوفًا، كَالْجِهَادِ، وَرُكُوبِ الْبَحْرِ، فَلَا مَنْعَ عَلَى الْأَصَحِّ مُطْلَقًا. وَفِي وَجْهٍ: يُمْنَعُ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ، أَوْ يُعْطِيَ كَفِيلًا، قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ. وَفِي وَجْهٍ: إِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً، مَنَعَهُ. وَفِي وَجْهٍ: إِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ مِنَ الْمُرْتَزَقَةِ لَمْ يُمْنَعِ الْجِهَادَ، وَإِلَّا، مُنِعَ، وَاخْتَارَ الرُّويَانِيُّ مَذْهَبَ مَالِكٍ رضي الله عنه فَقَالَ: لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْكَفِيلِ فِي السَّفَرِ الْمَخُوفِ، وَفِي السَّفَرِ الْبَعِيدِ عِنْدَ قُرْبِ الْحُلُولِ.

فَصْلٌ

إِذَا ثَبَتَ إِعْسَارُ الْمَدْيُونِ لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ، وَلَا مُلَازَمَتُهُ، بَلْ يُمْهَلُ إِلَى أَنْ

ص: 136

يُوسِرَ. وَأَمَّا الَّذِي لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيَجِبُ أَدَاؤُهُ إِذَا طُلِبَ. فَإِذَا امْتَنَعَ، أَمْرَهُ الْحَاكِمُ بِهِ. فَإِنِ امْتَنَعَ، بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ وَقَسَّمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ.

قُلْتُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْأَصْحَابُ: إِذَا امْتَنَعَ، فَالْحَاكِمُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ بَاعَ مَالَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَكْرَهَهُ عَلَى بَيْعِهِ، وَعَزَّرَهُ بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنِ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، حُجِرَ عَلَى الْأَصَحِّ كَيْلَا يُتْلِفَ مَالَهُ. فَإِنْ أَخْفَى مَالَهُ، حَبَسَهُ الْقَاضِي حَتَّى يَظْهِرَهُ. فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ. زَادَ فِي تَعْزِيرِهِ بِمَا يَرَاهُ مِنَ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ مَالُهُ ظَاهِرًا، فَهَلْ يَحْبِسُهُ لِامْتِنَاعِهِ؟ قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : فِيهِ وَجْهَانِ. الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ، الْحَبْسُ. فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ تَلِفَ وَصَارَ مُفْلِسًا، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. ثُمَّ إِنْ شَهِدُوا عَلَى التَّلَفِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلَمْ تُعْتَبَرْ فِيهِمِ الْخِبْرَةُ مُطْلَقًا. وَإِنْ شَهِدُوا بِإِعْسَارِهِ، قُبِلَتْ بِشَرْطِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: مُعْسِرٌ، عَلَى أَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى تَلَفِ الْمَالِ.

فَرْعٌ

إِذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، أَوْ قَسَّمَ مَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَبَقِيَ بَعْضُ الدَّيْنِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا آخَرَ، وَأَنْكَرَ الْغُرَمَاءُ، نُظِرَ، إِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، بِأَنِ اشْتَرَى، أَوِ اقْتَرَضَ، أَوْ بَاعَ سَلَمًا، فَهُوَ كَمَا لَوِ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَالِ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. وَإِنْ لَزِمَهُ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَالثَّانِي: يَحْتَاجُ إِلَى الْبَيِّنَةِ. وَالثَّالِثُ: إِنْ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَالصَّدَاقِ وَالضَّمَانِ لَمْ يُقْبَلْ، وَاحْتَاجَ إِلَى الْبَيِّنَةِ، إِنْ لَزِمَهُ لَا بِاخْتِيَارِهِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَغَرَامَةِ الْمُتْلَفِ، قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

ص: 137

الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِعْسَارِ مَسْمُوعَةٌ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالنَّفْيِ لِلْحَاجَةِ، كَشَهَادَةِ أَنْ لَا وَارِثَ غَيْرَهُ، وَتُسْمَعُ وَإِنْ أَقَامَهَا فِي الْحَالِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الشُّهُودِ مَعَ شُرُوطِ الشُّهُودِ، الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ كَطُولِ الْجِوَارِ أَوِ الْمُخَالَطَةِ. فَإِنْ عَرَفَ الْقَاضِي أَنَّهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا، فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهِمْ: إِنَّا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَيَكْفِي شَاهِدَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: يُشْتَرَطُ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا شَاذٌّ. وَفِيهِ حَدِيثٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ وَالِاحْتِيَاطِ. وَأَمَّا صِيغَةُ شَهَادَتِهِمْ، فَأَنْ يَقُولُوا: هُوَ مُعْسِرٌ لَا يَمْلِكُ إِلَّا قُوتَ يَوْمِهِ وَثِيَابَ بَدَنِهِ.

وَلَوْ أَضَافُوا إِلَيْهِ: وَهُوَ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ. قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : وَلَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، حَتَّى لَا تَتَمَحَّضَ شَهَادَتُهُمْ نَفْيًا، لَفْظًا وَمَعْنًى، وَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ. وَهَلْ هَذَا التَّحْلِيفُ وَاجِبٌ، أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ قَوْلَانِ. وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْوُجُوبُ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، هَلْ يُتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِدْعَاءِ الْخَصْمِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، كَمَا لَوِ ادُّعِيَ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ. فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ. وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. كَيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَالَ الْإِمَامُ: الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا سَكَتَ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: لَسْتُ أَطْلُبُ يَمِينَهُ، وَرَضِيْتُ بِإِطْلَاقِهِ، فَلَا يَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ.

فَرْعٌ

حَيْثُ قَبِلْنَا قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَيُقْبَلُ فِي الْحَالِ كَالْبَيِّنَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَأَنَّى الْقَاضِي وَيَسْأَلَ عَنْ بَاطِنِ حَالِهِ، بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَادَّعَى أَنَّ الْغُرَمَاءَ يَعَرِفُونَ إِعْسَارَهُ، فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَإِنْ نَكَلُوا، حَلَفَ وَثَبَتَ إِعْسَارُهُ. وَإِنْ حَلَفُوا، حُبِسَ. وَمَهْمَا ادَّعَى ثَانِيًا وَثَالِثًا أَنَّهُ بَانَ لَهُمْ

ص: 138

إِعْسَارُهُ، فَإِنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُمْ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَقْصِدُ الْإِيذَاءَ وَاللَّجَاجَ.

فَرْعٌ

إِذَا حَبَسَهُ، لَا يَغْفُلُ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ. فَلَوْ كَانَ غَرِيبًا لَا يَتَأَتَّى لَهُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ الْقَاضِي مَنْ يَبْحَثُ عَنْ وَطَنِهِ وَمُنْقَلَبِهِ، وَيَتَفَحَّصُ عَنْ أَحْوَالِهِ بِحَسْبِ الطَّاقَةِ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِعْسَارُهُ، شَهِدَ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي لِئَلَّا يَتَخَلَّدَ فِي الْحَبْسِ، وَمَتَى ثَبَتَ الْإِعْسَارُ، وَخَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَعَادَ الْغُرَمَاءُ وَادَّعَوْا بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا، وَأَنْكَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَيْهِمُ الْبَيِّنَةُ. فَإِنْ أَتَوْا بِشَاهِدَيْنِ فَقَالَا: رَأَيْنَا فِي يَدِهِ مَالًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ، أَخَذَهُ الْغُرَمَاءُ. فَإِنْ قَالَ: أَخَذْتُهُ مِنْ فُلَانٍ وَدِيعَةً أَوْ قَرَاضًا، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَهُوَ لَهُ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْغُرَمَاءِ. وَهَلْ لَهُمْ تَحْلِيفُهُ: أَنَّهُ لَمْ يُوَاطِئِ الْمُقَرَّ لَهُ، وَأَقَرَّ عَنْ تَحْقِيقٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا ; لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ لَمْ يُقْبَلْ. وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، صُرِفَ إِلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى إِقْرَارِهِ الْآخَرِ. وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا، تَوَقَّفَ حَتَّى يَحْضُرَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ، أَخَذَهُ، وَإِلَّا، فَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ.

فَرْعٌ

فِي حَبْسِ الْوَالِدَيْنِ بِدَيْنِ الْوَلَدِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ: يُحْبَسُ. وَأَصَحُّهُمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ، لَا يُحْبَسُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ.

ص: 139

قُلْتُ: وَإِذَا حُبِسَ الْمُفْلِسُ لَمْ يَأْثَمْ بِتَرْكِ الْجُمْعَةِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُ الْغَرِيمِ حَتَّى يَمْنَعَهُ، فَيَسْقُطُ الْحُضُورُ. وَالنَّفَقَةُ فِي الْحَبْسِ فِي مَالِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحَكَى الصَّيْمَرِيُّ، وَالشَّاشِيُّ، وَصَاحِبُ «الْبَيَانِ» فِيهَا وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا أَنَّهَا عَلَى الْغَرِيمِ. فَإِنْ كَانَ الْمُفْلِسُ ذَا صَنْعَةٍ، مُكِّنَ مِنْ عَمَلِهَا فِي الْحَبْسِ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَالثَّانِي: يُمْنَعُ إِنْ عُلِمَ مِنْهُ مُمَاطَلَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ، حَكَاهُمَا الصَّيْمَرِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَصَاحِبُ «الْبَيَانِ» . وَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ رحمه الله، أَنَّهُ سُئِلَ، هَلْ يُمْنَعُ الْمَحْبُوسُ مِنَ الْجُمْعَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِزَوْجَتِهِ وَمُحَادَثَةِ أَصْدِقَائِهِ؟ فَقَالَ: الرَّأْيُ إِلَى الْقَاضِي فِي تَأْكِيدِ الْحَبْسِ بِمَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ وَمُحَادَثَةِ الصَّدِيقِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنَ الْجُمْعَةِ إِلَّا إِذَا ظَهَرَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي مَنْعِهِ. وَفِي فَتَاوَى صَاحِبِ «الشَّامِلِ» أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَمَّ الرَّيَاحِينِ فِي الْحَبْسِ، إِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُمْنَعْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ بَلْ يُرِيدُ التَّرَفُّهَ، مُنِعَ. وَأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهَا لِحَاجَةٍ كَحَمْلِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ. وَأَنَّ الزَّوْجَةَ إِذَا حُبِسَتْ فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَتْهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يُسْقِطْ نَفَقَتَهَا مُدَّةَ الْحَبْسِ ; لِأَنَّهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَأَشْبَهَ الْمَرَضَ. وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ، سَقَطَتْ، هَكَذَا قَالَ، وَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهَا فِي الْحَالَيْنِ، كَمَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَتْ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ حُبِسَ فِي حَقِّ رَجُلٍ، فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَى عَلَيْهِ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فَسَمِعَ الدَّعْوَى، ثُمَّ يَرُدُّهُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ لَوْ مَرِضَ فِي الْحَبْسِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدِمُهُ فِيهِ، أُخْرِجَ. فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَخْدِمُهُ، فَفِي وُجُوبِ إِخْرَاجِهِ، وَجْهَانِ. فَإِنْ جُنَّ، أُخْرِجَ قَطْعًا. وَإِذَا حُبِسَ لِحَقِّ جَمَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ إِخْرَاجُهُ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى إِخْرَاجِهِ وَلَوْ حُبِسَ لِحَقِّ غَرِيمٍ، ثُمَّ

ص: 140