الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا عَكْسُهُ إِلَّا أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ جَائِزٌ. وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ. وَوَجْهٌ عَنِ الْقَفَّالِ: أَنَّهُ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا.
قُلْتُ: كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقِ، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ مَا صَحَّ ضَمَانُهُ، صَحَّ الرَّهْنُ بِهِ إِلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعُهْدَةِ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا، أَنَّ ضَمَانَ رَدِّ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ، صَحِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ بِهَا، بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمِمَّنِ اسْتَثْنَاهَا الْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ بِالدَّيْنِ الْوَاحِدِ رَهْنًا بَعْدَ رَهْنٍ، ثُمَّ هُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا. وَلَوْ كَانَ الشَّيْءُ مَرْهُونًا بِعَشَرَةٍ، وَأُقْرَضَهُ عَشْرَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا بِهَا أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْجَدِيدِ الْأَظْهَرِ. فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَفْسَخَ الْمُرْتَهَنُ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَرْهَنُهُ بِالْجَمِيعِ. وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ، فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لِيَكُونَ مَرْهُونًا، بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ نَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحَ الرَّهْنُ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِبْقَاءَهُ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَلَوِ اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ رَهَنَهُ أَوَّلًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بِعَشَرَةٍ، وَقُلْنَا: لَا يَجُوزُ، وَنَازَعَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَ الرَّاهِنِ، يُقَوِّي جَانِبَهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ فِي جَوَابِهِ: فَسَخْنَا الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، وَاسْتَأْنَفْنَا بِالْعِشْرِينَ رَهْنًا، فَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِاعْتِضَادِهِ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ، رَهَنَ بِعِشْرِينَ أَمْ قَوْلُ الرَّاهِنِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَسْخِ؟ وَجْهَانِ، مَيْلُ الصَّيْدَلَانِيِّ إِلَى أَوَّلِهِمَا، وَصَحَّحَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ الثَّانِي، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِأَلْفٍ، ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِأَلْفَيْنِ، مَا لَمْ يُصَرِّحَا بِأَنَّ الثَّانِي كَانَ بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ.
فَرْعٌ
رَهَنَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ عَشْرَةً لِيَكُونَ رَهْنًا بِهِمَا، وَأَشْهَدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّهُ رَهَنَ بِالْعِشْرِينَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الشَّاهِدَانِ الْحَالَ وَنَقَلَا مَا سَمِعَا، فَهَلْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ رَهْنًا بِالْعِشْرِينَ، إِذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَعْتَقِدُ الْقَوْلَ الْجَدِيدَ، وَجْهَانِ. وَإِنْ عَرَفَا الْحَالَ، فَإِنْ كَانَا يَعْتَقِدَانِ جَوَازَ الْإِلْحَاقِ، فَهَلْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ رَهَنَ بِالْعِشْرِينَ، أَمْ عَلَيْهِمَا بَيَانُ الْحَالِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إِلَى الْحَاكِمِ، لَا إِلَيْهِمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ كَانَا يَعْتَقِدَانِ مَنْعَ الْإِلْحَاقِ لَمْ يَشْهَدَا إِلَّا بِمَا جَرَى بَاطِنًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ، فِيمَا إِذَا شَهِدَا بِنَفْسِ الرَّهْنِ، وَفِيهِ صُوَرُ الْجُمْهُورِ: فَإِنْ شَهِدَا عَلَى إِقْرَارِ الرَّاهِنِ، فَالْوَجْهُ تَجْوِيزُهُ مُطْلَقًا.
قُلْتُ: كَذَا أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ هَذَا التَّفْصِيلَ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : إِنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مُجْتَهِدَيْنَ، فَفِيهِ التَّفْصِيلُ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُجْتَهِدَيْنَ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا، وَلَزِمَهُمَا شَرْحُ الْحَالِ. وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، فَرَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ عِنْدَ صَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ أَيْضًا، فَفِي صِحَّتِهِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الصِّيغَةُ، فَيُعْتَبَرُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، اعْتِبَارُهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْخِلَافُ فِي الْمُعَاطَاةِ وَالِاسْتِيجَابِ وَالْإِيجَابُ عَائِدٌ كُلُّهُ هُنَا.
فَرْعٌ
الرَّهْنُ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: مَشْرُوطٌ فِي عَقْدٍ، كَمَنْ بَاعَ، أَوْ أَجَّرَ، أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ زَوَّجَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ بِالثَّمَنِ، أَوِ الْأُجْرَةِ، أَوِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَوِ الصَّدَاقِ. وَالْقَسْمُ
الثَّانِي: مَا لَمْ يُشْرَطْ، وَيُسَمَّى: رَهْنُ التَّبَرُّعِ، وَالرَّهْنُ الْمُبْتَدَأُ. فَالْأَوَّلُ، كَبِعْتُكَ دَارِي بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهِ عَبْدَكَ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ وَرَهَنْتُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافًا فِي أَنَّهُ يَتِمُّ الرَّهْنُ بِهَذَا، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: ارْتَهَنْتُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَقُومُ الشَّرْطُ مَقَامَ الْقَبُولِ، كَمَا يَقُومُ الِاسْتِيجَابُ مَقَامَهُ، وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُمَا إِذَا شَرَطَا الرَّهْنَ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ، صَارَ مَرْهُونًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَهْنٍ، وَيُقَامُ التَّشَارُطُ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ.
فَرْعٌ
الشَّرْطُ فِي الرَّهْنِ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ، فَلَا يَضُرُّ ذِكْرُهُ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ، وَلَا فِي الرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ فِي عَقْدٍ، كَقَوْلِهِ: رِهْنَتُكَ عَلَى أَنْ تُبَاعَ فِي دَيْنِكَ، أَوْ لَا تُبَاعَ إِلَّا بِإِذْنِكَ، أَوْ يَتَقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ. وَالثَّانِي: مَا لَا يَقْتَضِيهِ، وَهُوَ إِمَّا مُتَعَلِّقٌ بِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ، كَالْإِشْهَادِ، وَإِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ، كَقَوْلِهِ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا الْهَرِيسَةَ، وَحُكْمُهُمَا كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. وَأَمَّا غَيْرُهُمَا، وَهُوَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا يَنْفَعُ الْمُرْتَهِنَ وَيَضُرُّ الرَّاهِنَ، كَشَرْطِ الْمَنَافِعِ أَوِ الزَّوَائِدِ لِلْمُرْتَهَنِ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، فَإِنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ، بَطَلَ الرَّهْنُ أَيْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يَجُرَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ، بِأَنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَحْبُوسًا شَهْرًا، فَسَدَ الرَّهْنُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَفِي فَسَادِ الْبَيْعِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا شَرَطَ عَقْدًا فَاسِدًا فِي بَيْعٍ، فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارَ، صَحَّ الرَّهْنُ أَمْ فَسَدَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ الشَّرْطُ، وَإِنْ جَرَّ جَهَالَةً، بِأَنَّ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا تَكُونُ مَنَافِعُهُ لِلْمُرْتَهَنِ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَجُرُّ جَهَالَةً، ثُمَّ الْبُطْلَانُ فِيمَا إِذَا أَطْلَقَ الْمَنْفَعَةَ. فَلَوْ قَيَّدَهَا فَقَالَ: وَيَكُونُ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً مَثَلًا، فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فِي صَفْقَةٍ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ.
النَّوْعُ الثَّانِي: يَنْفَعُ الرَّاهِنَ وَيَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ، كَرَهَنْتُكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ، أَوْ لَا يُبَاعَ إِلَّا بَعْدَ الْمَحَلِّ بِشَهْرٍ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِرِضَايَ، فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، كَذَا قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنِ ابْنِ خَيْرَانَ: أَنَّهُ قَالَ: يَجِيءُ فِي فَسَادِهِ الْقَوْلَانِ، وَهُوَ غَرِيبٌ. وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، فَلَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، عَادَ الْقَوْلَانِ فِي فَسَادِهِ بِفَسَادِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَدْ، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ.
فَرْعٌ
زَوَائِدُ الْمَرْهُونِ غَيْرُ مَرْهُونَةٍ، فَلَوْ رَهَنَ شَجَرَةً أَوْ شَاةً بِشَرْطِ أَنْ تُحْدِثَ الثَّمَرَةَ أَوِ الْوَلَدَ مَرْهُونًا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ: قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ مَعْدُومٌ، فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَفِي إِكْسَابِ الْعَبْدِ إِذَا شَرَطَ كَوْنَهَا مَرْهُونَةً وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَصْلِ. وَإِنْ أَفْسَدْنَا، فَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ قَوْلَانِ. فَإِنْ كَانَ شَرْطًا فِي بَيْعٍ، وَصَحَّحْنَا الشَّرْطَ، أَوْ أَبْطَلْنَاهُ وَصَحَّحْنَا الرَّهْنَ، صَحَّ الْبَيْعُ، وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ. وَإِذَا اخْتَصَرْتُ قُلْتُ: فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. أَحَدُهَا: بُطْلَانُ الْجَمِيعِ. وَالثَّانِي: صِحَّةُ الْجَمِيعِ. وَالثَّالِثُ: صِحَّةُ الْبَيْعِ فَقَطْ. وَالرَّابِعُ: صِحَّتُهُ مَعَ الرَّهْنِ دُونَ الشَّرْطِ.
قُلْتُ: هَذَا الرَّابِعُ، هُوَ الْمَنْصُوصُ، كَذَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
أَقْرَضَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ شَيْئًا يَكُونُ مَنَافِعُهُ لِلْمُقْرِضِ، فَالْقَرْضُ بَاطِلٌ. فَلَوْ
شَرَطَ كَوْنَ الْمَنَافِعِ مَرْهُونَةً، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْقَرْضُ صَحِيحٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ نَفْعًا وَفِي صِحَّةِ الرَّهْنِ الْقَوْلَانِ.
فَرْعٌ
لَوْ قَالَ: أَقْرَضْتُكَ هَذَا الْأَلْفَ بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَ بِهِ، وَبِالْأَلْفِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَذَا أَوْ بِذَلِكَ الْأَلْفِ وَحْدَهُ، فَالْقَرْضُ فَاسِدٌ. وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَقْرِضُ: أَقْرِضْنِي أَلْفًا عَلَى أَنْ أَرْهَنَهُ، وَبِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ، أَوْ بِالْقَدِيمِ فَقَطْ كَذَا، فَالْأَصَحُّ فَسَادُ الْقَرْضِ. لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِالثَّمَنِ وَالدَّيْنِ، أَوْ بِالدَّيْنِ رَهْنًا، بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا سَبَقَ. فَلَوْ رَهَنَ الْمُسْتَقْرِضُ، أَوِ الْمُشْتَرِي كَمَا شَرَطَ، فَإِنْ عَلِمَ فَسَادَ الشَّرْطِ، نُظِرَ، إِنْ رَهَنَ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ، صَحَّ، وَإِنْ رَهَنَ بِهِمَا لَمْ يَصِحَّ بِالْأَلْفِ الَّذِي فَسَدَ قَرْضُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ، وَالْأَعْيَانُ لَا يُرْهَنُ بِهَا. وَفِي صِحَّتِهِ فِي الْأَلْفِ الْقَدِيمِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فَإِنْ صَحَّ لَمْ يُوَزَّعْ، بَلْ كُلُّهُ مَرْهُونٌ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الرَّهْنِ عَلَى وَثِيقِ كُلِّ بَعْضٍ مِنْ
[أَبْعَاضِ] الدَّيْنِ بِجَمِيعِ الْمَرْهُونِ. فَلَوْ تَلِفَ الْأَلْفُ الَّذِي فَسَدَ قَبَضَهُ فِي يَدِهِ، صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَصَحَّ الرَّهْنُ بِالْأَلْفَيْنِ حِينَئِذٍ. وَإِنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ، فَإِنْ رَهَنَ بِالْقَدِيمِ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ: يَصِحُّ.
قُلْتُ: قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، هُوَ الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَزَيَّفَ الْإِمَامُ قَوْلَ الْقَاضِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ رَهَنَ بِالْأَلْفَيْنِ وَقُلْنَا: الصَّفْقَةُ تُفَرَّقُ، فَصِحَّتُهُ بِالْأَلْفِ الْقَدِيمِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ بَيْعٍ آخَرَ، فَأَنْشَأَهُ ظَانًّا صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي بَابِهَا.