المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة العيدين - روضة المستبين في شرح كتاب التلقين - جـ ١

[ابن بزيزة]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌باب صلاة العيدين

‌باب صلاة العيدين

قال المؤلف الأصل في صلاة العيدين قوله عز وجل: {قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى} [الأعلى: 14، 15] قيل: هو إشارة إلى صلاة العيدين. وقال تعالى: {فإذا فرغت فأنصب} [الشرح: 7] قيل: هو إشارة إلى صلاة العيدين وجمهور أهل العلم على أنها سنة. وقال قوم من أهل العلم هي فرض كفاية لما فيها من إظهار شرائع الإسلام، وقد استمر عليه عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده إلى الآن، وجعلها مؤكدة تنبيهًا على ما ذكرناه من إقامة شعائر الإسلام.

قوله: ((وسنتها المصلى دون المسجد)): وهذا كما ذكره إلا في أهل مكة فإنهم يقيمونها في المسجد لأن داخل الحرم أفضل من خارجه، والمقصود

ص: 413

تحصيل الأفضل ويخرج إليها الإمام، وكل من تلزمه الجمعة بقدر ما إذا (بلغ) المصلي حلت الصلاة. واختلف المذهب على قولين فيمن لا تلزمه الجمعة، هل يؤمر بالخروج إليها لما في ذلك من المباهاة أو لا يؤمر بها، والصحيح الأمر بذلك اعتمادًا على حديث أم عطية قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج العواتق والحيض (وذات الخدر) والحديث ثابت.

قوله: ((ويستحب في الفطر الأكل قبل الغدو، وفي الأضحى تأخيره إلى الرجوع من المصلى)): وهذا كما ذكره، وعليه كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة قالت:(كان عليه السلام لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي).

قوله: ((ومن سنتها الغسل والطيب)): قد اشتهر أن غسل الجمعة

ص: 414

والعيدين سنة مؤكدة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا اليوم جعله الله عيدًا فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك) والحديث ثابت في الصحيح.

قوله: ((والتكبير في المشي والجلوس إظهارًا لملة المسلمين)): وأما الرجوع من غير الطريق التي أتى منه فسنة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.

وقد اختلف العلماء في تعليل ذلك، فقيل: لكثرة الخطوات، وقال بعضهم: إنما كان عليه السلام لتصافحه ملائكة الطرقات، وقيل: لكثرة السواد والمباهاة للعدو، وقيل: لتنال بركته الطريقان، وقيل: ليتصدق على أهل الطريقين إلى غير ذلك من التعاليل التي ذكرها علماؤنا، ويحتمل أن يكون فعله عليه السلام معللًا بجميعها.

قوله: ((يزاد في الأولى ست تكبيرات بعد الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام)): وهذا مذهب مالك رضي الله عنه، والحكمة في ذلك أن يجتمع في هذه الصلاة عدد تكبيرة الرباعية فهذا هو من التخصيص.

قوله: ((بسبح والغاشية)): هذا هو المختار، وبهذا كان يقرأ

ص: 415

رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي أنه كان يقرأ ((بقاف)) في الأولى، وفي الثانية ((باقتربت)).

واختلف المذهب في فروع:

الأول: إذا لم يكبر حتى قرأ، فأمرناه بإعادة التكبير، فهل (يعيد التكبير) أم لا؟ فيه قولان في المذهب، وإذا أمرنا بإعادة التكبير فهل يسجد أم لا؟ فيه قولان في المذهب، وإن لم يكبر حتى ركع تمادى وسجد قبل السلام.

الفرع الثاني: إذا أتى المسبوق بعد تكبيرة الإحرام فهل يكبر في حال قراءة الإمام أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: أنه يكبر اعتبارًا له بحكم غير المسبوق. والثاني: أنه لا يكبر، لأن ذلك مخالفة على إمامه.

الفرع الثالث: إذا أدرك المسبوق التشهد، وقام بعد سلام الإمام، فهل يعتد بتكبيرة الإحرام أو يكبر سبعًا، لأنه غير مدرك للصلاة، فتكبير الأولى غير مجزئة عنه، ولا داخل في تكبيره، فيه قولان في المذهب ومبناهما على ما ذكرناه.

ص: 416

الفرع الرابع: إذا كبر الإمام في أثناء خطبته، فهل تكبيره محصور بعدد أم لا؟ فيه قولان فقيل: لا حد له، وقيل: حده سبع.

الخامس: هل يكبر الناس حينئذ بتكبيره أم لا، فيه قولان: فقيل: لا يكبرون، بل يصلون بالسماع والإنصات، وقيل: يكبرون اتباعًا للإمام.

قوله: ((ولا أذان فيها ولا إقامة)): هذا هو الذي مضى عليه العمل.

قوله: ((ويكبر خلف الصلوات يبدأ بالظهر من يوم النحر)): الأصل في التكبير في أيام التشريق في أدبار الصلوات الاقتداء بأهل منى والأصل في تكبيرات الغدو إلى المصلى قوله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله} [البقرة: 185] الآية. واختلف المذهب في هذا التكبير دبر الصلوات في مسائل:

الأولى: هل ينحصر بأدبار الصلوات فيه، أم يكون في سائر الأوقات، والمشهور أنه ينحصر بأدبار الصلوات، والشاذ: عمومه في سائر الأوقات لأهل منى خاصة.

الثانية: متى ينقطع هذا التكبير على أقوال كثيرة بين السلف، وفي المذهب في ذلك قولان، فقيل: ينقطع في صلاة الصبح من يوم الرابع، وقيل: في صلاة الظهر، ومبناه على اختلاف الروايات الواقعة فيه.

ص: 417

والثالثة: إذا نسي صلاة من أيام التشريق، ثم ذكرها بعد انقضائها هل يكبر أم لا؟ فيه قولان: التكبير إعطاء لها حكم وقتها الثاني نفي التكبير إعطاء (لها) حكم وقت القضاء.

الرابعة: اختلفوا في المستحب من التكبير، والمشهور ما ذكره القاضي، وقيل: يقتصر على ((الله أكبر)).

فرع: إذا صليت صلاة العيد في المصلى فلا يتنفل قبلها ولا بعدها عنده اقتداء بالعمل لوجهين الأول: سد الذرائع خيفة من أهل البدع. الثاني: قال ابن حبيب: صلاة العيد حظ ذلك اليوم من النافلة. فإن صليت في المسجد ففي جواز التنفل ثلاثة أقوال، فروى ابن القاسم عن مالك جواز التنفل قبلها وبعدها، وروي أشهب عنه لا يتنفل قبلها ولا بعدها. قال ابن حبيب: يتنفل بعدها، ولا يتنفل قبلها خشية التطويل في النافلة فتؤخر عن وقتها.

ص: 418