الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المسح على الخفين
قال القاضي رحمه الله: "المسح على الخفين جائز في (السفر والحضر) للرجال والنساء" إلى آخره.
شرح: اختلف المذهب في المسح على الخفين على ثلاثة أقوال: أحدها أنه جائز في السفر والحضر، وقيل: إنه جائز في السفر فقط، وقيل: إنه [لا] يمسح في السفر والحضر، وروى أنه مكروه عند مالك وقد قال أهل العلم: فرآه من قرأ: {وأرجلكم إلى الكعبين} بالخفض على (أن) المقصود به المسح على الخفين، والأصل في ذلك السنة التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم -قولاً وفعلاً.
قوله: "وذلك إذا ادخل رجليه في الخفين بعد كمال وضوئه": جعل كمال الطهارة من شروط المسح، وهذا كما ذكره، أن المسح على الخفين جائز لمن لبسها على طهارة بالماء كاملة غير عاص بلبسهما. فقولنا:"على طهارة" احتراز من الحدث. وجمهور العلماء على اشتراط الطهارة في هذا الباب بخلاف
العصائب والجبائر، وذلك لأن المشقة حاصلة باشتراط في المسح على العصائب بخلاف الخفين. وقولنا:"بالماء" احتراز من الطهارة الترابية وهل ينزل منزلة الطهارة بالماء أم لا؟ فيه قولان في المذهب، والظاهر أنها كالماء عند قيام (مؤخره) وبناه بعض المتأخرين في التيمم هل يرفع الحدث أم لا؟ وقوله:"بعد كمال" احتراز من تفريق الطهارة، وفيه خلاف، المشهور ما ذكرناه.
قوله: "من غير توقيت بمدة": على المشهور من المذهب، وقد قيل: إنه يؤقت المسافر على أنه أباح له، وبه قال: جميع الصحابة والتابعين اعتمادًا على الحديث الثابت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم -وحد الخرق اليسير بما لا يمنع متابعة المشي فيه. وقد اختلف الناس هل من شرط اليسير أن يظهر الأصابع أو إلى الأصابع. وذكر الخلاف في المسح على الجوربين الجرموقين، والخلاف قائم فيهما بين الصحابة ومن بعدهم، ومبناه على القياس.
قوله: "والمختار مسح أعلاهما وأسفلهما": وهو كما ذكره، وقد اختلف المذهب في الاقتصار على أحدهما، قيل: يجزئ واحد منهما، وقيل: لا يجزئ من ذلك إلا المسح عليهما، ومشهور المذهب جواز الاقتصار على أعلاهما دون أسفلهما وهو خلاف مقتضى القياس، وإذا اقتصر على الأعلى أعاد في الوقت، ولو اقتصر على الأسفل أعاد أبدًا.
والمسح على العمامة مختلف فيها بين الصحابة ومن بعدهم، ومذهب مالك المنع من ذلك وههنا مسائل:
الأولى: هل يجزئ مسح الخف من ورث الدواب، أو لا بد من الغسل، فيه قولان في المذهب، والمشهور جواز الاكتفاء بالمسح، واتفقوا على أن أرواث بني آدم لا يجزئ المسح منها، والفرق بين الوجهين انفكاك الطرق، وحصول النجاسات الاجتماعية في أحد الحالين بخلاف الآخر.
واختلفوا في النعل هل يجري مجرى الخف أم لا؟ وظاهر المذهب أن النعل كالخف. وقال ابن حبيب، لا يجزئ في النعل إلا الغسل، وفرق علي وابن القاسم بين النعل والخف ورأى أن المسح جائز في الخف دون النعل.
الثانية: اختلف المتأخرون في الرجل هل يجزئ المسح أو لا؟ واختار القاضي أبو الوليد أن المسح يجزئ فيها، لأن العلة جارية في الرجل، لأن أكثر الناس يمشي حافيًا إلا أن يقال: الفرق بينهما أن الخف بخلاف القدم، فالغسل يستحب الاعقاد عليه، وقد روى ابن القاسم في العتبية عن مالك أن السيف يمسح من الدم، ويصلى به، لأنه يفسد بالغسل، ولأن الدم يبقى له بعد الغسل أثر كالمحاجم والله أعلم.