الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة الاغتسال
قال القاضي رحمه الله"باب صفة الاغتسال".
تكلم في هذا الباب على مفروضات الغسل، ومسنوناته ومستحباته، وذكر أن المفروضات ثلاث منها التدلك ووجوبه في أصل مذهب مالك، وروى الشافعي وغيره أن التدليك ليس بواجب مطلقًا وهو قول أبي الفرج من المالكية، ولابن عبد الحكم في ذلك قولان: أحدهما: أنه ليس بواجب مطلقًا وهو قول الشافعي، وأبي الفرج، والثاني: أنه ليس بواجب في الطهارة الكبرى دون الصغرى وهو قول ابن عبد الحكم جاريًا على مذهب الشافعي. ولا ينبغي أن يعزى إلى المذهب، لأنه في مذهب الشافعي، وإنما عدل عنه عند اختصار الشافعي حين أشار لأصحابه ثم [
…
] المتوضئ اجتماعهم إليه بعد موته، وكان ابن عبد الحكم يظن أنه يخصه بذلك فكان بعد
ذلك تخلف مذهبه، وربما وقع فيه. والمعتمد للشافعي وجوب التدلك على أنه شرط في تسميته "غسلاً" لغويًا بدليل أن العرب تفرق بين الغمس، والغسل لقوله تعالى:{وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 6] الآية، والمبالغة تقتضي الثلاثة لأنه أبلغ في النظافة، وفيه نظر، لأن المبالغة قد جاءت في التيمم، ومبناه على المسح المشروع تخفيفًا.
واختلف في مسائل:
الأولى: هل يشترط أن يكون العرك ملازمًا لصب الماء أو لا يشترط ذلك؟ فيه قولان في المذهب، والظاهر أنه إن كان عقبه أجزأ، لأن المقارنة حرج، وقد أسقطته الشريعة.
المسألة الثانية: اختلفوا إذا بقي في جسده موضع لا يصل إليه بيديه، فقيل: يلزمه الاستنابة وقيل: لا يلزمه ذلك، ى ويكفيه أن يكثر من صب الماء فينوب له ذلك منابة التدلك، وقيل: إن كان كثيرًا استناب، وإن كان يسيرًا بالغ في صب الماء وأجزأه.
قوله: "ويفعل الغسل بما يفعل به الوضوء من الماء المطلق": وهذا متفق عليه وانظر هل يجوز قول الحنفية في نبيذ أم لا؟ ومقتضى القياس جوازه في الغسل قياسًا على الوضوء، وذكر في تخليل اللحية في الغسل روايتان: أحدهما الوجوب، والأخرى أنه سنة، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أنه كان يخلل لحيته في الغسل) يروى عنه عليه السلام -أنه قال: (تحت
كل شعرة جنابة) وهو ضعيف الإسناد.
قوله: "ثم يتوضأ وضوء الصلاة": ظاهرة التكميل. وقد اختلف المذهب على أربعة أقوال: أحدهما تكميل الوضوء اعتمادًا على حديث ميمونة، وقيل: بالتخيير في ذلك حملا على جمع الحديثين، وفرق بعض العلماء بين أن يكون الموضع نقيًا فيقدمها، أو أن يكون قذرًا فيؤخرها فرارًا
من التكرار، إن قدم، وإذا غسلهما بعد فراغه من غسله، فإنه ينوي بذلك تكميل غسل الجنابة، وقد ذكرنا أنه يقصد النية بعد زوال الأذى عن فرجه عند شروعه في الغسل، ويبتدئ بعد زوال بغسل الفرج قاصدًا بذلك أمرين: الأول: نية رفع الأذى، الثاني: رفع الجنابة، وكان ابن عمرو (يأمر النساء أن ينقضن رؤوسهن) حينئذ بعد النية، ويشدهما.
واختلف بعض السلف هل يلزم نقض شعر الرأس في الغسل أم لا؟ قولان فقالت طائفة من الصحابة والتابعين: أنه ينقض، وقالت طائفة، إنه لا ينقض. والمنصوص عن مالك أنه لا ينقض، وروى بعض المتأخرين نقضه، وتؤول كلام مالك على شعور الأعراب، ولم تكن مربوطة بالخرق والخيوط، وإنما كانت (مبسولة) أو مربوطة ربطًا خفيفًا لا يدفع الماء، والأحاديث في ذلك مختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ظفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة قال:
(إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات). وكذلك في حديث ثوبان وروى هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها -أن النبي صلى الله عليه وسلم -قال لها في غسل الحيض: (انقضي واغسلي) قال النخعي: تنقض العروس رأسها لتغسل، وبلغ عائشة رضي الله عنها:(أن عبد الله بن عمرو بن العاص يأمر النساء أن ينقضن رؤوسهن ولا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن) فقالت: (كنت إذا اغتسلت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم -من إناء واحد، وما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث غرفات).