الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في الحوالة والحمالة
قال القاضي رحمه الله " الحوالة: تحويل الحق من ذمة إلى ذمة (تبرأ بها) الأولى ما لم يكن (غروراً) من (عيب) الثانية" إلى آخره.
شرح: الحوالة مستثناه من الدين بالدين، لأن المحيل باع الدين الذي له على المحال عليه بالدين الذي كان عليه، فهي من جملة العقود المستثناة لمكان الضرورة وقصد (المعروف)، وحدها بعضهم فقال: صرف ما حل فيما حل أولم يحل، وإنما اشترطنا حلول الدين المحال به، لأنه إذا لم يحل كانت معارضة خارجة عن باب المعروف إذا لم يرض بالتحويل من ذمة إلى ذمة إلا لمكان التعجيل، والأصل في جوازها ما رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- (مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع) ومحمله عندنا على الندب، ورواه سفيان الثوري بهذا الإسناد وفيه:(إذا أحيل أحدكم على غني فليستحل) ولا يخلو أن
تنعقد بلفظها الصريح المتفق على مقتضاه، فتلزم علي حكمها، أو بلفظ محتمل دائر بين الحوالة والوكالة مثل أن يقول: خذ الدين الذي لك على الدين الذي لي على فلان ففلس فلان، فقال ابن القاسم: محمله على الوكالة ولرب الدين أن يرجع على غريمه، وله أن يقول: إنما طلبت نيابة عنك، وفي العتيبة فيمن أحال رجلاً بدين على رجل آخر، فقال المحيل: إنما (أحلتك علي) دين لي ليكون ذلك سلفًا عندك، وقال القابض: إنما أخذته عوضًا (عما) كان لي عليك، فالقول قول المحيل، لأن الأصل براءة ذمته من الدين الأصلي إلا ببينة، ومحمل هذا على الوكالة لا على الحوالة، وقال ابن الماجشون: القول قول مدعي الحوالة إذا أدعي من ذلك ما يشبه، وحكي الإمام أبو عبد الله وغيره في هذه الصورة قولين: أحدهما: القول قول (المحيل) والثاني: أن القول قول (المحال) أنه لم يقبض إلا ما استحق.
قوله: "يبرأ بها الأول": تنبيه على خلاف أبي حنيفة حيث اوجب للمحال الرجوع على المحيل إذا مات المحال عليه، ر وأفلس، أو جحد الحق.
قوله: "ما لم يكن غروراً" تنبيه على مذهب الشافعي، ومذهبنا أنه إذا غره كان له الرجوع مثل أن يحيله على عديم، والمعتمد لنا قوله -صلي الله عليه وسلم-:(وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع) وهذا غير مليء.
قوله: "ويعتبر فيها رضي المحيل والمحال دون المحال عليه": قلت:
وهذا مذهب مالك رحمه الله وقد اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة مذاهب، فاعتبر الشافعي رضا الثلاثة: المحيل والمحال والمحال عليه تغليبًا لحكم المعاوضة، واعتبر مالك رضا المحيل والمحال فق، واعتبر داود رضا المحيل والمحال عليه دون المحال، واعتبر الشافعي ما ذكرناه من أنهما معاوضة صحيحة ومعاملة حقيقية فتفتقر إلى الرضا والإيجاب، ومن أنزل المحال عليه من المحال منزلته من المحيل لم يعتبره رضاه، إذا لا حجة له في دفع الحق الذي عليه لمن قبضه منه مطلقًا كائنًا ما كان، واعتمد داود على قوله -صلي الله عليه وسلم-:(وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع) والأمر للوجوب، وشرط علماؤنا في صحة الجواز ثلاثة شروط:
الأول: رضا المحيل والمحال كما ذكرناه.
والثاني: حلول الدين (المحال به).
والثالث: اتفاق الدينين نوعًا وقدرًا ووصفاً.
أما الشرط الأول فقد تكلمنا فيه (وأما حلول الدين) فاشترطنا حرزًا من الدين بالدين، فإن لم يكن للمحيل على المحال عليه دين بالدين فإن لم يكن للمحيل علي الحال عليه دين (فأحاله عليه) فأفلس المحال عليه، فهل يرجع المحال أم لا؟ قولان، قال ابن القاسم: يرجع عليه، وقال ابن الماجشون: لا يرجع عليه، وأما اشتراط الاتفاق فبين ليتحقق به المعروف، فإن لم يتفقا خرج إلى باب المعاوضة فيتعلق بهذا الشرط الحوالة في الطعامين، وقد منع من ذلك بعض الفقهاء خارج المذهب مطلقًا، لأنه من
باب بيع الطعام قبل قبضه، وتحصيل القول فيه على مقتضي المذهب أنهما إن كانا من قرض (فالحوالة جائزة، لأن بيع الطعام قبل قبضه جائز إذا كان من قرض) فإذا كان الطعامان من بيع أو احدهما فلا يخلو أن تتفق رؤوس الأموال أم لا؟ فإن اتفقت فهي تولية، وإن اختلفت لم تجز الحوالة على المشهور حلت الآجال أو لم تحل، لأن ذلك من بيع الطعام قبل قبضه، (وهو ممنوع).
قوله: "ولا رجوع (فيها) وإن تلف (الحق) إلا بالغرور": وقد قدمنا أنه نبع على مذهب أبي حنيفة القائل: أن له الرجوع عند الموت مفلسًا، أو جحد الحق، والمعتمد لنا قوله -صلي الله عليه وسلم-:(إذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع).
قوله: "وأما الحمالة فمعناها مشغل ذمة أخرى بالحق" قلت: الحميل والضامن والزعيم، والكفيل (والقبيل) واحد، قال تعالي:{أو تأتي بالله والملائكة قبيلة} [الإٍسراء: 92] والأدين أيضًا، وقال تعالي في الكفيل:{وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً} [النحل:91] وقال في الزعيم في الزعيم: {وأنا به زعيم} [يوسف: 72] وقال -صلي الله عليه وسلم- (لا تقوم الساعة حتى يكون زعيم القوم أرذلهم) وقال الشاعر:
فإن زعيم القوم لا يقبل الرشاد
…
يكون إمام القوم في الحادثات
وقال -صلي الله عليه وسلم- (تكفل الله لمن جاهد في سبيله ولا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله ابتغاء مرضاته أن يدخل الجنة أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة)، وقال تعالي في الأدين:{وإن تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم:7] وقال: {وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم} [الأية] وقال امرؤ القيس:
وإني (زعيم) إن رجعت مملكا
…
بسير تري منه الفرائق أزورا
علي لاحب لا يهتدي لمناره
…
إذا سافه النباطي جرجرا
والأصل في مشروعية الحمالة قوله سبحانه: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} وقال -صلي الله عليه وسلم-: (الزعيم غارم)، وقال -صلي الله عليه وسلم-:(لا تحل الصدقة إلا لثلاثة) وذكر فيهم: (رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يردها) الحديث خرجه الشيخان البخاري ومسلم، وهي على أربعة أوجه: حمالة بالمال، وحمالة بالوجه، وحمالة بالطلب، وحمالة مجهولة، أما الحمالة بالمال فثابتة، وأجمع العلماء على جوازها ولزومها وشذ قوم وقالوا:(ليست بلازمة) وتشبيهها بالعدة، والدليل على (لزومها) قوله -صلي الله عليه وسلم- (الزعيم غارم)، وأما حمالة الوجه، فقد اختلف الفقهاء فيها فأجازها
الجمهور، لأنها وثيقة كالرهن ومنعها الشافعي في أحد قوليه، ومنعها داود اعتمادًا على قوله سبحانه:{معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدها متعانا عنده} [يوسف: 76] وتأويله الجمهور على أن المعني أنه لا يأخذ بالحق إلا من تعين عليه وهو جار في حمالة الوجه (وحمالة المال وسائر الحقوق، وصف حمالة الوجه) أن يقول: أنا حميل بإحضاره، وأما حمالة الطلب مثل أن يقول: أن حميل بطلبه فيلزمه الطلب جهد استطاعته، فإن عجز عن الطلب لم يلزمه شيء، وكذلك إن غاب المطلوب إلى موضع بعيد، وليس من شأنه السفر إليه لم يلزمه طلبه، ولم يكن عليه شيء، وقال ابن الماجشون: يخرج لطلبه قرب موضعه أم بعد ما لم يتفاحش، قال أصبغ: يطلبه على ميسرة اليومين، وحيث لا مضرة فيه، فإن خرج لطلبه وقال: لم أجده فهل (يكلف) الحميل إثبات وصوله أم لا؟ المنصوص عليه أن القول قول الحميل إذا أشبه، واستقرئ من تكليف الأجير على توصيل الكتاب إثبات الوصول، إثباته هنا خرجه الأشياخ، وفي المبسوط إذا كان قادراً على إحضاره فتركه حتى غاب فهو ضامن، وفي كتاب محمد: إذا لم يعرف موضع الغريم لم يسجن حميل الطلب إلا أن يتهم بأنه (عرف مكانه) فأخفاه، وإن كانت الحمالة مجهولة لزمت، وكان القول قول الحميل فيما يدعي من ذلك.
قوله: "ولا تصح إلا بحق يمكن استيفاؤه من الضامن أو (بما) يتضمن ذلك" وهذا كما ذكره أن الحمالة إن تكون بالأموال، أو بما يتعلق بالأموال، ولا تجوز الكفالة بالحدود سواء كانت بحق الله سبحانه، أو بحق
الآدمي عندنا خلافًا لأبي حنيفة وغيره، وأجاز الكفالة في الحدود اعتمادًا على ما جاء في بعض طرق حديث العامرية أن النبي -صلي الله عليه وسلم- (أمرها بالانصراف حتى تضع) وفي بعض طرقه وهو موضع احتجاج الحنفية أنه -صلي الله عليه وسلم- كفلها.
تنبيه: الكفالة الممتنعة في الحدود هي أن يتكفل بما يجب على المطلوب، أو يتكفل بوجهه على أنه متى عجز عن إحضاره أخذ ذلك منه كل هذا لا يجوز، وأما الكفالة بطلبه خاصة فجائز في الحدود الواجبة (لحق الآدميين) على أن لم يحضره سقط حق الطالب نص على جوازه على هذه الصفة إسماعيل القاضي، ولا يجوز ذلك في حقوق الله سبحانه، بل الواجب أن يسجن حتى يقام عليه (الحد) إن تعذر تعجيله، وقد ذكرنا أن الحمالة على أربعة أوجه: الأولى: الحمالة بالمال وهي (على ضربين) مطلقة ومقيدة، فالمطلقة أن يقول: أنا حميل بما عليه، والثاني: أن يقول: أنا حميل بما عليه إن غاب أو افتقر (أو مات) وكلا القسمين جائز، ويبدأ في المطلقة بالغريم، وهل للطالب طلب الكفيل مع القدرة على الغريم فيه قولان عن مالك، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: واختلف عن مالك أيضًا إذا اشترط الطالب أن يبتدئ بأيهما شاء، فأجاز ذلك مرة، ومنعه أخرى، فقال: يعمد إلى هذا فيبيع مسكنه وخادمه وصاحبه حاضر مقيم لا أري أن يوفي بهذا
الشرط، وبه أخذ أشهب، وابن كنانة، وابن الماجشون، وبالأول أخذ ابن القاسم ورأي الوفاء بهذا الشرط لقوله -صلي الله عليه وسلم-:(المسلمون على شروطهم)، وأما الحمالة بالمال المقيد فيجري فيها على مقتضي التقييد بلا خلاف، قال المتأخرون: اشتراط الطالب تبدئة الحميل على ثلاثة أوجه: الأول: أن يكون للطالب في ذلك منفعة مثل أن يكون الغريم لا يقدر على الوفاء من رباع، والحميل موسر بالعين فله مقتضي شرطه في هذه الصورة لظهور المنفعة. والثاني: أن لا تكون له فيه منفعه أعني الطالب، ولا على الغريم مضرة مثل: أن يكونا موسرين بالعين فهل يوفي بهذا الشريط أم لا؟ قولان حكاهما الشيخ أبو الحسن اللخمي، واختار الابتداء بالغريم.
والقسم الثالث: أن يكون على الحميل في ذلك مضرة مثل: أن يكون الغريم موسرًا بالعين، والحميل موسرًا بعرض، أو عقار، فلا يمكن الطالب من بيع عرض (الحميل) أو عقار مع قدرته على أخذ العين (من يد غريمة) وكذلك لو كان في أيديهما عروضًا أو عقار، فليس له أن يعدل إلى الحميل إذا كان ما بأيديهما سواء في إمكان بيعه، ونفاق سوقه.
قوله: "وإن يأت به لزمه ما عليه": يريد في حمالة المال، لأنه مقتضاها، واختلف المذهب إذا حل الأجل، وسأل الحميل أن يؤخر رجاء حضور الغريم، فقال مالك وابن القاسم: ذلك له، وقال ابن وهب: يغرم المال، ولم يجعل فيه تلومًا وفي المدينة: إذا كان سفرًا قريبًا اليومين والثلاثة، وما لا يضر بالمحتمل له، وغرم الحميل على قدر ما يراه الإمام، ولو قال الطالب: أخاف أن لا يرجع الحميل إذا سافر كان له أن يأخذ عليه حميلاً.
فرع: إذا رفع الغريم نفسه للطالب عن الحمالة فهل يسقط الطلب عن
الحميل أم لا؟ قولان، المشهور أن لا يسقط، إلا أن يسلمه الحميل أو وكيله، وقال ابن عبد الحكم: تسقط الحمالة عن الحميل بإحضار الغريم نفسه للطالب وهو الصحيح، لأنه لا تمكن بذلك من طلبه.
قوله: "إلا أن يشترط أنه لا يلزمه إلا إحضاره فقط": قلت: حميل الوجه إذا قال: لست من المال في شيء لم يلزمه منه شيء، إلا أن يمكنه إحضاره فيلزمه لتفريطه غرم المال كمن تعمد إتلاف مال غيره، نص عليه القاضي أبو محمد، فإن تحمل بالوجه، ولم (يتعرض)(لنفي المال) عنه فأحضره موسرًا سقطت الحمالة عنه بلا خلاف، فإن كان الغريم مسجونًا في حق أو تعديًا، بريء الحميل بذلك، وكان إحضاراً، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: لأن ذلك كموته إذا تعدي عليه بالسجن، وكذلك إن أحضره معدمًا اللخمي: لأن ذلك كموته إذا تعدي ليه بالسجن، وكذلك إن أحضره معدمًا فالحمالة ساقطة عن الحميل إذا حضر ذلك في بلد تناله فيه الأحكام.
واختلف في مسائل:
الأولى: إذا قال: أنا حميل بوجهه ولم يقل: ولست من المال في شيء لزمه إحضاره، فإن لم يحضره فهل يغرم المال أم لا؟ فقال مالك وبان القاسم: يغرم المال إذا لم يحضره، وقال ابن عبد الحكم: لا شيء عليه، لأن الحمالة بعين لم تكن له قدرة على إحضارها، فلم يكن عليه غرم.
المسألة الثانية: هل تسقط الحمالة إذا ثبت فقره، المشهور سقوطها، وقال ابن الجهم: لا يبرئه إلا وصوله إلى صاحبه، لأنه تحمل به وقت يساره.
المسألة الثالثة: إذا حكم عليه بالمال فلم يغرم حتى حضر الغريم، فقال ابن الماجشون: قد مضي الحكم بالغرم فلا ينقض، وقال سحنون: لا غرم عليه.
المسألة الرابعة: إذا مات الحميل أو الغريم ففيه تفصيل، أما إذا مات الحميل فلا يخلو أن تكون الحمالة بالمال، أو بالوجه، فإذا كانت بالمال، ومات الحميل بعد حلول الأجل تعين طلبه بلا خلاف، وإن مات قبل الأجل ففيه ثلاثة أقوال، ففي المدونة لصاحب الحق: أن يأخذ ذلك من تركته الآن، وفي المبسوط: إذا حلف رباعًا وقال: ورثته هذا دينك في رباع الميت لم يكن ذلك لهم، وعن مالك أيضًا: أنه يوقف ذلك من ماله إلى الأجل، فإن دفع الغريم وإلا أخذ ذلك من الحميل، وفرق ابن نافع بين أن يكون للحميل ما مأمون أم لا؟ فإن كان له مال مأمون وقف (الحق وإلا أخذ الحق)، الآن من تركته، وأما حمالة الوجه يموت الحميل فيها. فقال مالك وابن القاسم: لا تسقط الحمالة، لأن الطلب متعلق (بالذمة، وعن عبد الملك في كتاب محمد تسقط، لأن الطلب متعلق) بعين الحيمل لا بذمته وهو عكس (القول الأول، وإذا فرغنا على أنها لا تسقط، فإن مات بعد حلول الأجل لزم ورثته ما لزمه، وإن مات قبل الأجل أنظر الورثة إلى حلول الأجل، وأما إن مات الغريم فيتعين طلب حميل المال بشرطه، وأما إن كانت الحمالة بالوجه فتسقط بموت الغريم إذا كان موته في البلد قبل الأجل، وبعده، واختلف إذا مات بغير البلد، فقال ابن القاسم في كتاب محمد: هو محمول على اللد وأنه لا يغرم إلا بعد أن يخرج إليه الحميل، فإن بقي من الأجل ما لو تكلف الحميل طلبه خرج ورجع قبل حلول الأجل سقطت عنه
الكفالة قال: وإن قلت لكم غير هذا فاطر حوه، وخذوا بهذا، وحمله ابن حبيب على الوفاء فقال: إذا بقي مال قدم الغريم ثم قدم عند حلول الأجل فلا شيء عليه، وقال أشبه: سقطت الحمالة إذا مات قبل الأجل لأنه قد ظهر أن غيبته لا تضره، وأنه لو كان حاضرًا لأتي الأجل وهو ميت فتسقط الحمالة.
قوله: "وتصح في المعلوم والمجهول" وهذا مذهب مالك رحمه الله، وخالف في ذلك الشافعي فمنعها بالمجهول، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله -صلي الله عليه وسلم- (الزعيم غارم)، ولأنه ألزم نفسه شيئًا فلزمه كالنذر المبهم.
قوله: "قبل وجوب الحق أو بعده"(وهذا كما ذكره، أما بعد وجوب الحق) فظاهر، وأما قبل وجوبه فمثل أن يقول: دائن فلانًا وأنا ضامن لما تعطيه، فيجوز ذلك ويحمل الإطلاق في ذلك على العوائد دون ما يخرج عنها، نص عليه القاضي أبو محمد.
قوله: "وعن الميت والحي": أما عن الحي فلا إشكال فيه، وأما عن الميت فلحديث أبي قتادة في الرجل الذي مات عليه دين فأبي رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أن يصلي عليه، فقال أبو قتادة:(صل عليه وعلى دينه) الحديث، خرجه أهل الصحيح، وباقي كلام القاضي في الباب قد تكلمنا على مقتضاه.