المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: وتجب بالجناية على العبد قيمته لا دية - روضة المستبين في شرح كتاب التلقين - جـ ٢

[ابن بزيزة]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ الإيلاء

- ‌ الظهار

- ‌[اللعان]

- ‌باب في العدة والاستبراء وما يتعلق بذلك

- ‌باب الرضاع وما يتعلق به

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب الإجارة

- ‌باب القراض

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الشركة

- ‌باب الرهون

- ‌كتاب الحجر والتفليس وما يتصل به

- ‌باب الصلح والمرافق وإحياء الموات

- ‌باب الوديعة والعارية

- ‌(كتاب الغصب والتعدي وما يتصل بذلك من الاستحقاق)

- ‌باب في الحوالة والحمالة

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإقرار

- ‌باب اللقطة والضوال والآباق

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌كتاب الجنايات (وموجباتها من قصاص ودية وما يتصل بذلك من أحكامها)

- ‌فصل والدية تختلف باختلاف حرمة المقتول ودينه

- ‌فصل: وتجب بالجناية على العبد قيمته لا دية

- ‌((فصل: والردة محبطة للعمل (بنفسها) من غير وقوف على موت المرتد))

- ‌كتاب الحدود

- ‌كتاب القطع

- ‌كتاب العتق والولاء وما يتصل (به)

- ‌فصل"والولاء للمعتق إذا كان عنه

- ‌فصل"الكتابة جائزة ولا يجبر السيد عليها إن طلبها العبد

- ‌فصل"والتدبير إيجاب وإلزام

- ‌كتاب الأقضية والشهادات

- ‌كتاب الأحباس والوقوف والصدقات والهباتوما يتصل بذلك

- ‌كتاب الوصايا والمواريث والفرائض

- ‌كتاب الجامع

الفصل: ‌فصل: وتجب بالجناية على العبد قيمته لا دية

بأن يقوم المجروح عبدًا صحيحًا، ثم يقوم معيبًا فما نقص فعلى الجارح مثله من ديته.

والألية: اللحم المجتمع في العجز. والفصل ظاهر، حظ الطالب حفظه، وتفهم كلام القاضي فيه فهو بين، وعين الأعور كعيني الصحيح ففيها الدية الكاملة عندنا، وبه قضى عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعمر بن عبد العزيز، وابن عباس وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وربيعة، وابن شهاب وهو قول جميع أصحاب مالك، وبيان القاضي نقص السمع ونقص البصر ظاهر إن شاء اله.

فصل

قال القاضي رحمه الله: "‌

‌فصل: وتجب بالجناية على العبد قيمته لا دية

": وهذا كما ذكره، لأن العبد عندنا مال من الأموال في هذا المحمل، فالقيمة فيه كالدية في الحر وقيمة ما نقصته الجناية في الجراحات كأرش جراحات (الحر إلا في الشجاج الأربعة فيها من القيمة بحساب ما فيها من الدية، ثم ذكر حكم جناية) العبد وهو مسترق بالجناية لقوله صلى الله عليه وسلم: (العبد فيما جنى) ولسيده إن اشترقه المجني عليه أن يفتديه بأرش الجناية إن أحب تغليبًا لحكم المالك.

ص: 1234

وتضمين السائق، والقائد، والراكب من باب أن فاعل السبب كفاعل المسبب وهى قاعدة معلومة شرعًا. وروى أبو هريرة أن رسول الله قال:(جرح العجماء جبار والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس).

(قال مالك) وتفسير الجبار أنه لا (شيء) فيه.

قال القاضي رحمه الله: ((والحكم بالقسامة واجب)).

شرح: الأصل في القسامة ما رواه مالك في موطئه عن العلاء بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصه خرجا إلى خيبر من جهد أصحابهم الحديث بكامله، وهو ثابت فى الصحيح، وقد اختلف أهل العلم في مفهوم هذا الحديث فذهب طائفة كبيرة من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم في هذه القضية بشيء، وإنما لاطفهم النبي صلى الله عليه وسلم وسايسهم وأراهم كيف (لا) يجرى الحكم بالقسامة على مقتضي القواعد، لن يمين المدعين على ما لم يحضروه غموس، وقبول إيمان الكفار مردود، وإلى هذا جنح أبو حنيفة ومن قال بقوله من أهل العراق، وجمهور العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بقوله: (إما أن

ص: 1235

يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب)، وروى أبو قلابة أن نفرا من الأنصار تحدثوا فخرج رجل منهم بين أيديهم، فإذا هم بصاحبهم يتشحط في الدم، وذكر (حكاية) القسامة، قال (مالك): والقسامة سنة لا رأي لأحد فيها، وكانت في الجاهلية فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام، وقال مالك وما ذكر الله في شأن البقرة ضرب القتيل ببعضها فحيي، فأخبر بمن قتله، دليل أنه يقسم من قول الميت. قال الشيخ أبو محمد فإن قيل: إن ذلك آية قيل: الآية حياته، فإذا صار حيا لم يكن كلامه آية قال المصنف عفا الله عنه: وفي حديث الجارية التي (رضخ) اليهودي رأسها أنها أشارت برأسها إليه، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرضخ) رأسه، وفي بعض طرقه من زيادة العدل الصحيحة المقبولة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى به فأقر، قال مالك: وقد فرق الله سبحانه بين الدماء وغيرها تعظيمًا لحرمة الدماء.

قوله: ((ففي العمد القود، وفي الخطا الدية) وهذا كما ذكره، وذكر

ص: 1236

أن الحكم بها مشروط بشروط، وهذه الشروط السبعة التي ذكر القاضي عليها تتفرع مسائل القسامة.

الشرط الأول: أن يدعى الدم على رجل بعينه بلوث يرجح الدعوة على بينة على المدعى عليه ولا بالإقرار، فإن قامت عليه البينة، أو أقر بالقتل فالقود واجب بغير قسامة.

والثاني: أن يكون المقتول حرًا مسلمًا، فإن كان عبدًا أو ذميًا فلا قسامة فيه، لأن العبد مال، وكذلك إذا كان كافرًا، لأن المسلم لا يقتل بالكافر، وإن كانا ذميين فالمشهور أنه لا يحكم بينهما بالقسامة، وإن تحاكموا إلينا، لأن سنة القسامة إنما كانت في حر مسلم فلا تتعدى محلها وقال عبد العزيز بن أبى سلمة لأهل القسامة فيقسم الذمي على الذمي إن تحاكموا إلينا، وأباه مالك وأصحابه، وروى ابن حبيب قال كان ابن القاسم: يقول في النصراني يقول دمي عند فلان المسلم أن ولاته يحلفون ويستحقون الدية، وذكره عن مالك، وأنكر ذلك مطرف، وابن الماجشون ولم يعرفاه لمالك، ولا أحد من علمائهم، وإنما قال مالك: إن أقام شاهدًا واحدًا على قتله حلف ولاته يمينًا واحدة، وأخذوا الدية في مال القاتل في العمد، ومن العاقلة في الخطأ، وقال ابن نافع: لا تحمل العاقلة ديته لأنها تستحق في هذه الصورة بيمين واحدة، ولا تحمل العاقلة ما يستحق بيمين واحدة، ولم يذكر القاضي البلوغ شرطًا، وذكره غيره من أشياخ المتقدمين، لأن الصبي لا حكم لقوله، ولا يقبل دعواه، قال محمد بن المواز: قال بعض العلماء: يقسم من قول الصبي وأباه مالك وأصحابه، قال بن القاسم: والصبي قي هذا بخلاف المسخوط والمرأة لأن الصبي لو أقام شاهدًا عليه حلفوا معه واستحقوا، وفي المجموعة عن أشهب قول كل واحد على نفسه أوجب من دعواه على حقه لم يحلف معه، ولو أقام المسخوط أو المرأة أو النصراني أو العبد شاهدًا على غيره، فإذا لم يقبل

ص: 1237

إقرار الصبي على نفسه بقتل، أو جرح فدعواه في ذلك على غيره أبعد قال سحنون: ومن قال يقسم مع قول الصبي لزمه أن يقول يقسم مع قول النصراني، وروى مطرف عن مالك لا يقسم مع قول الصبي إلا أن يكون قد راهق وأبصر وعرف فليقسم على قوله، وعده بعض شيوخ الصقليين خلافًا، واختار أنه لا يقسم على قوله كما لا يحلف مع شاهده حتى يبلغ والخلاف في (أحكام) المراهق مشهور هل حكمه حكم الصبي، أو حكم البالغ بناء على أن ما قارب الشيء هل يعطى حكمه أم لا؟ قال محمد: وتقبل القسامة مع الحر المسلم البالغ ذكرًا كان أو أنثى عدلًا كان او مسخوطًا، ولأنه لطخ لا شهادة، قال ابن المواز ومن لم يقبل قول المقتول حتى يكون عدلًا أخطأ ويلزمه أن لا يقسم مع قول المرأة، لأنها غير تامة الشهادة.

الشرط الثالث: أن يكون في قتل فإن كان في جرح فلا قسامة فيه، وهذا كما ذكره فلا قسامة في جرح، ولا في عبد، ولا في أمة وفيمن جد قتيلًا في محله. وروى أبو حنيفة أن وجود القتيل في المحلة لوث إذا كان به (أثر) اعتمادًا على حديث حويصة.

والرابع: أن يكون مع الأولياء لوث، وهذا كما ذكره. وإنما اعتبرنا اللوث، لأنه سبب (مرجع للدعوى) مع الأيمان، وذكر القاضي أن اللوث أنواع: أحدهما: الشاهد الواحد العدل على معاينة القتل، والثاني: الشاهدة غير العدل (أو العدل) على قرينة تدل على القتل مثل أن يراه بقربه وهو

ص: 1238

يتشحط في دمه وعليه آثار الدم (ونحو ذلك) والثالث: شهادة الجماعة غير العدول. والرابع قول المقتول دمي عند فلان عمدًا، وفي كونه لوثًا في دعوى الخطأ روايتان.

والخامس: شهادة النساء والعبيد. قال الشيخ أبو إسحاق: القسامة تجب بوجوه أربعة:

الأول: قول المقتول دمي عند فلان عمدًا.

والثاني: أن يشهد على الضرب، أو الجرح شاهدان مرضيان، ثم يقيم المضروب أو المجروح أيامًا بعد ذلك، ثم يموت.

والثالث: أن يشهد شاهد واحد مرضي أن فلانًا قتل فلانًا على غير وجه الغيلة، فإن شهد عدل على أنه قتله غيلة، قال ابن القاسم: لا يقسم مع شهادته، ولا يقبل في هذا إلا شاهدان، وقال يحي بن عمر: يقسم معه وهو الصواب، لأن اللوث حاصل، ولا فرق في المعنى بين الغيلة وغيرها.

الرابع: أن يشهد أهل البدو على قتله فيقسم الأولياء (معهم قتلهم) وروى ابن حبيب عن مطرف عن مالك أن من اللوث اللفيف من السواد والنساء والصبيان يحضرون ذلك مثل الرجلين، والنفر غير العدول، وقال ابن عبد الحكم ومن اللوث أن يوجد القاتل حدى المقتول، وعليه أثر القتل، ولم ير حين قتله، وذكر القاضي أبو محمد في المعونة من أصحابنا من يجعل شهادة العبيد والصبيان لوثًا وحكى أبضًا خلاف المذهب في الفئتين

ص: 1239

ينفصلان عن قتيل على روايتين إحداهما أن وجوده بين الصفين لوث فيقسم الورثة على من شاءوا أو يقتلونه. والثاني أنه ليس بلوث وديته عليهما إن كان من غيرهما، وإن كان من أحد الفئتين فديته على الفئة المنازعة لها. قال القاضي أبو الحسن بن القصار: القسامة تصح بأحد ستة أوجه منها قول المقتول: قتلنى فلان عمدًا، ومنها الشاهد الواحد على معاينة القتل سواء أنفذ مقاتله أو ضربه، ثم عاش بعد الضرب، ثم مات، ومنها اللطخ إذا وجد بقرب المقتول، وعليه آثار القتل، ومنها السماع المستفيض، ومنها الجماعة في السوق العظيم، ومنها أن يكون الضرب بآله لا تقتل غالبًا بحضرة البينة، ثم يموت في الحال، ومنها أن يكون الضرب من جماعة، فلم يعلم الذي مات من ضربه. قال في الموازية والمدونة يقسم مع الشاهد العدل، ولا يقسم مع شهادة المسخوط والنساء والعبيد والصبيان، قال: وإنما يقسم مع الشاهد العدل، وبه أخذ ابن القاسم وابن وهب، وابن عبد الحكم، وروى عن أشهب أن اللوث الشاهد الواحد، وإن لم يكن عدلًا، قيل: أفترى شهادة المرأة من ذلك قال: نعم، وليس شهادة (العبيد) من ذلك، وبه أخذ أشهب، قال مطرف عن مالك ومن اللوث الذي تكون به القسامة اللفيف من السواد والنساء والصبيان وغير العدول يحضرون ذلك، ومن روى عنه أن اللوث الشاهد العدل وحده فقدوهم وإنما كان يسأل هل الشاهد العدل لوث فيقول نعم، واللوث ما أخبرتك، وقد حكم به عندنا، وقال ابن القاسم، وأصبغ مثل قول مطرف، قال ابن المواز: وإنما كان يقسم مع شهادة الواحد على معاينة القتل بعد أن يثبت معاينة جسد القتيل ويشهدون على قتله، ويجهلون قاتله كما عرف موت عبد الله بن سهيل، قال محمد: وأما شهادة العبد والصبي والذمي فلم يختلف فهي قول مالك وأصحابه أنه ليس بلوث، قال ابن القاسم: ويقسم مع شهادة امرأتين مرضيتين، ويقتل بذلك، وقال ربيعة

ص: 1240

ويحي بن سعيد: شهادة المرأة لطخ يوجب القسامة، وكذلك العبيد والصبيان قال ربيعة ويحي بن سعيدة شهادة اليهودي والنصراني والمجوسي إذا حضروا القتل لوث، قال محمد في المجموعة وهذا لا يقوله مالك: ولا أحد من أصحابه، قال عبد الملك: إذا شهد شاهد واحد على قول القتيل فلان قتلني أقسم الأولياء مع شهادته، وقال غيره لا يجوز على قول الميت إلا شاهدان مرضيان، قال ابن القاسم: وإذا شهد شاهد واحد قول المقتول دمي عند فلان، وشهد شاهد (آخر) أنه قتله ولم تلفق الشهادتان ولا بد من القسام. قال القاضي أبو الوليد الباجي: ويكتفي بقول المقتول دمي عند فلان ضرب ولا جرح ولا وصف ضرب ولا غيره، ورواه ابن حبيب عن مالك، قال الشيخ أبو الحسن: إن قال قتلني عمدًا ولا جراح به فأحسن ذلك أن لا يقسم، هذا يقتضي اشتراط الإبان وحكاه عن مالك، وكذلك لو قال سقاني سمًا أو سكرانًا فإنه يقتل به بقدر ما يرى الإمام قيد أو لم يتقيد، وكذلك لو شهد شاهد أن فلانًا سقى فلانًا سمًا فمات ففيه القسامة. وقد قتل اليهودية التي سمت الشاة، وإن لم تعتد على النبي صلى الله عليه وسلم فقد اعتدت على بشر بن البراء بن معرور وقتلته، قال ابن القاسم: ولو ادعى على أورع

ص: 1241

أهل بلده فإنه يقسم الأولياء ويقتلون، وقال ابن عبد الحكم: لا يقسم في هذا لأنه ادعى ما لا يشبه وهذا هو الصواب.

قوله: ((وفي كون ذلك لوثًا في الخطأ روايتان)): والمشهور إنه لوث اعتبارًا لقبول قوله في العمد، والقول الثاني: أنه ليس بلوث، لأن حرمة المال دون حرمة النفس فيتهم على أنه يريد إغناء ولده.

قوله: ((والخامس أن يتفق الأولياء على ثبوت القتل)): هذا خامس شروط الحكم بالقسامة وفي هذا الشرط فروع:

الأول: إذا قال المقتول قتلني خطأ، وقال: الورثة عمدًا أبطل الدم، فلا دية ولا قصاص، لأن الميت أبطل القصاص بقوله خطأ والورثة أبطلوا الدية بدعوى العمد، وكذلك لو قال المقتول قتلني عمدًا، وقال الأولياء خطأ فلا قصاص ولا دية أيضًا، لأن المقتول قد نفى الدية: والأولياء قد نفوا القصاص فدمه هدر.

فرع: إذا قال المقتول قتلني ولم يبين صفة القتل، وقال الأولياء لا علم لنا، بطل الدم، إذا لم يعلموا هل حقهم في (النفس، أو المال) فإن أطلق المقتول قوله فقال: قتلني ولم يبين، واتفق الورثة على العمد، أو على الخطأ أقسموا على ما عينوا، واستحقوا القود في العمد، والدية في الخطأ، فإن اختلفوا فقال بعضهم: خطأ، وقال بعضهم عمدًا بطل القود، وأقسموا على الدية، إذ لم يتبعض الدم، وهذا إذا تساووا، فإن اجتمع أكثرهم على العمد فقال ابن القاسم: أحب إلي أن لا يقسموا (إلا على) الخطأ، ووقف عن

ص: 1242

العمد، وقال في موضع آخر يكشف عن حالة المقتول وجراحاته وموضعه وحالة القاتل وما كان بينهما من العداوة فيستدل بذلك ويقسمون، فقد يعلم العمد من تكرار الضرب وكون المدعى عليه من أهل الشر معاديًا للمقتول ممن يليق به العمد، وإذا بنينا على المشهور أنهم يقسمون على الخطأ. فاختلف المذهب في فروع:

الأول: هل تكون الدية كلها على العاقلة إعمالا لحكم الخطأ، أو يكون نصيب مدعي العمد في مال الجاني، إذ العاقلة لا تحمل العمد فيه روايتان:

فرع: لو قال بعضهم عمدًا وقال بعضهم لا علم لنا، بطل الدم وردت الأيمان على المدعى عليهم.

فرع: لو قال بعضهم خطأ، وبعضهم قال: لا علم لنا ففيه روايتان: فقيل يقسم مدعو الخطأ ويستحقون انصباءهم من الدية، وقيل: لا يقسمون، وترد الأيمان على المدعى عليهم وهو اختيار الشيخ أبي بكر الأبهري، فإن نكلوا عن اليمين فلا شيء لهم، ولا الآخرين، وهذا إذا استوت منزلتهم فكانوا بنين أو إخوة، فإن اختلفت منزلتهم مثل أن تقول الابنة خطأ والعصبة عمدًا فدمه هدر لا قود ولا دية، لأنه (ثبت) في العمد للعصبة (القود) ولم يثبت بمخالفة الابنة لهم، وفي الخطأ للابنة، ولم تثبت الدية لمخالفة العصبة لها، ويرجع اليمين على المدعى عليه (وإن قال العصبة خطأ، وقال النسوة عمدًا أقسم العصبة على نصيبهم من الدية) قال محمد: إذا ادعى جميع العصبة أنه عمدًا لم ينظر قول النساء.

فرع: متى بطل الدم بنكل أو اختلاف ردت الأيمان على المدعى عليه.

قوله: ((والسادس في العمد أن تكون ولاة الدم اثنان فصاعدًا)): وهذا

ص: 1243

كما ذكره أنه لا يقسم في العمد أقل من اثنين بخلاف الخطأ، لأنه مال، وفي العمد دم. فأقيمت أيمان الأولياء في العمد مع اللوث مقام البينة، وهو كما أن الشاهد الواحد لا يكفي في الحقوق، فكذلك الولي الواحد في العمد، وقد عرض صلى الله عليه وسلم الأيمان على الجماعة، فقال: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم والجماعة اثنان فصاعدًا، وللولي الواحد الاستعانة بالعصبة، وإن لم يكن لهم حق في الدم كالعمومة مع الابن، لأن ذلك من باب النصرة والموالاة كولاية النكاح لا من باب المواريث، ولهذا كان الأيمان على عدد الرؤوس، إذ ليس طريقها (التوارث) قال ابن القاسم: كان يمين الولي من ناحية الشهادة، وقد جعل الله اليمين في اللعان مقام الشاهد الواحد، قال عبد الملك: ألا ترى أنه لا يحلف النساء في العمد، إذ لا يشهدن فيه، وهذا هو الشرط (السابع) الذي ذكره القاضي.

قوله: ((وإذا حصل اللوث بدئ بأولياء الدم)): وهذا ما ذكره، لأنه بدأ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة يبدأ المدعى عليهم طرد للقاعدة في باب الدعوة، والصحيح ابتداء تبدئة المدعين.

واختلف المذهب إذا كان الأولياء أكثر من خمسين هل يكتفى بالخمسين أم لا؟ قولان عندنا، والمشهور الاكتفاء، لأن هذا العدد هو المنصوص عليه، والشاذ أن يحلف كل واحد منهم يمينًا واحدة أن له حقًا في الدم، أو الدية، ولا يستحق حقه إلا بيمينه.

ثم ذكر القاضي أن للأولياء الاستعانة بمن يحلف معهم من عصبة

ص: 1244

ليخففوا عنهم في الإيمان، وإن لم يكن للعصبة مدخل في الدم. وههنا فروع:

الأول: إذا كان الأولياء أكثر من خمسين فقد قدمنا الخلاف هل يقتصر على خمسين أم لا؟ فإن كانوا خمسين فأرادوا أن يحلف رجلان منهم خمسين يمينًا وهم في العقد سواء، ففي المجموعة عن مالك لا يجزئهم ذلك، وهو كالنكول، وفي الموازية عن ابن القاسم إن ذلك يجزء وينوب عن من بقى.

الفرع الثاني: قال أشهب: إذا كانوا ثلاثين حلفوا يمينًا يمينًا، ثم حلف منهم (عشرون) عشرين يمينًا.

الفرع الثالث: قال (أشهب) إذا استعان الأولياء بالعصبة حلف الأولياء مع العصبة ما ينوبهم من الأيمان، فإذا حلف المعينون أكثر من الأولياء لم يجز ذلك. وكان كالنكول من الأولياء.

قوله: ((ونكول المستعان بهم غير مؤثر)): وهذا كما ذكره بخلاف نكول بعض ولاة الدم، فإذا أنك الولي لم يكن للعينين من العصبة القسامة ولا المطالبة بالدم، إذ لا حق لهم في الدم، وإنما استعين بهم من باب النصرة، وإذا نكل المعين فللولي القسامة.

واختلف المذهب إذا نكل بعض الأولياء وكانوا عصبة فهل يقسم الباقون على حظهم من الدية أو ترد الأعيان على المدعى عليهم قولان: حكاهما القاضي، والأول أصح في النظر، لأنه حق مالي يمكن فيه التبعيض فإذا سقط

ص: 1245

أحدهما حظه لم يسقط حظ الآخر إلا بإسقاطه فإن كان الأولياء بنين أو إخوة، فنكل بعضهم، فإن الأيمان ترد على المدعى عليهم وليس لمن بقى أن يحلف هكذا حكى القاضي أبو الوليد عن المذهب وظاهر كلام القاضي إجراء الخلاف في صورة نكول بعض الأولياء مطلقًا من غير اعتبار الذي حكاه أبو الوليد وإذا حكمنا في هذه الصورة برد اليمين على المدعى عليه، فنكل ففيه قولان حكاهما القاضي أحدهما: أن الدية عليه في ماله كاعترافه، والعاقلة لا تحمل الاعتراف، والثاني: أنه يحبس حتى يحلف، فإن طال حبسه خلى سبيله، لأنها يمين الاستظهار، ألا ترى أن الورثة أضعفوا سبيلهم ودعواهم بنكولهم عن السبب المرجح للدعوى، فلم يثبت طلبهم بدعواهم حكم محقق، ولما كان الدم حق الورثة كان لهم التصرف فيه بالطلب والإسقاط على عوض الدية، أو ما وقع الصلح عليه، وههنا فروع تتعلق بهذا الأصل.

الأول: إذا كان الأولياء أولاد أو إخوة (فعفا بعضهم سقط الدم بلا خلاف، وكان لمن لم يعف حظه من الدية، وإن كانوا عصبة ففيه روايتان إحداهما أنهم كالأولاد والإخوة) والثاني أن الأيمان ترد على المدعى عليهم.

الفرع الثاني: اختلف في النساء هل لهن مدخل في الدم أم لا؟ فعن مالك في ذلك روايتان الإدخال ونفيه، وجه الإدخال قياس حق القصاص على حق الميراث، ولقوله صلى الله عليه وسلم (من له قتيل فأهله بين خيرين إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا وأخذوا الدية) ووجه نفي إدخالهن أن ولاية

ص: 1246

الدم مستحقة بالدفاع والنصرة، وهو مسلوب من النساء، والأول أصح، وإذا قلنا بدخولهن في ذلك فهل يدخلن في القود والعفو أو إنما يدخلن في العفو فقط قولان من مالك ويتفرع في هذا إذا اختلف أولياء المقتول فدعا بعضهم إلى القود، وبعضهم إلى العفو وفيه ثلاث روايات في المذهب أحدهما أن القود قول من دعا إلى القول لأنه الأصل في قتل العمد، والثاني: أن القول قول من دعا إلى العفو، لأنه أحب إلى الله تعالى. والثالث: أن القول قول الذكور من البنين أو العصبة دون النساء لأنهم بالنصرة أولى، وبطلب الدم أحرى، وفي الموازية عن مالك إذا اجتمع أب (وإخوة) فالأب أولى، من الإخوة، ولا قول للإخوة معه، قال ابن ابن المواز: أجمع مالك وأصحابه على أن الأب بعد (الولد الذكر) أولى من جميع من ترك الميت من إخوة وأم وغيرهم (لا اختلاف) فيه. واختلفت الرواية مع الجد والإخوة، فقال أشهب: الإخوة أولى منه بالعفو أو القود، لأنهم أقعد، وقال ابن القاسم: هو واحد من الإخوة، والإخوة الأشقاء أولى من الإخوة للأب، وليس للإخوة لوم في العفو عن الدم ولا للزوج، وكذلك لو اجتمعت بنات وعصبة فعفت بنت واحدة، وواحد من العصبة، فالمشهور أن ذلك جائز على من بقى وهو قول ابن القاسم، وقال أشهب: لا يجوز العفو إلا باجتماع البنات والعصبة ولا حق للأم (في الابن في عفو ولا قود، وإن انفردت الأم فهل لها مدخل في ذلك أم لا؟ فروى ابن حبيب: ليس الأم) ولاية في دم العمد، إلا أن يصير مالًا وروى عيسى عن ابن القاسم ومطرف عن مالك أن لها ولاية في الدم فهي أولى

ص: 1247

من العصبة وفي المجموعة في أم، وأخ، وعصبة لا عفو للأم دونها وفي الموازية أن البنات أولى من الأم، والأم أولى بالدم من الأخوات.

فرع: قد ذكرنا اختلاف المذهب هل للنساء مدخل في الدم أم لا، واظهر فائدته في فرع:

الأول: إذا عفا الذكور من الأولاد فهل يسقط حق البنات من الدية أم لا؟ قولان منصوصان أحدهما: أنه يسقط حق البنات من الدية بناء على أن النساء تبع لا حق لهن في الدم، وكذلك يسقط حق الأخوات إذا عفا الإخوة، وروى أشهب عن مالك أنه (إنما يسقط حق) العافي وحده، وحظ غيره من الدية باق، لأن الدم قد استحال مالًا.

وتحصيل هذا الضابط أن كان الأولياء كلهم ذكورًا ففيه ما قدمناه، وإن كانوا كلهم إناثًا أو فيهم الذكور والإناث لم يسقط حق الباقي، لأنه عفا بعد أن استحال الدم مالًا، ولو عفا الولي، ثم قال: إنما عفوت على الدية لا عفوًا مطلقًا، فالقول إلا أن تكذبه قرائن الأحوال ويحلف أنه ما أراد ترك الدية، ويأخذ حقه فيها، قاله مالك وابن القاسم.

قوله: ((ولا يقسم في العمد إلا على واحد)): وهذا هو المشهور من المذهب أنه لا يقسم في العمد إلا على واحد بخلاف الخطأ، فافترق العمد

ص: 1248

والخطأ في هذا القسم في نوعين: أحدهما: أن الخطأ يقسم الولي الواحد فيه، (لأنه مال واجب على العاقلة كالديون الثابتة بخلاف العمد، فإنه دم فلا يحلف فيه أقل من اثنين، الثاني أن الخطأ يقسم الواحد فيه) على الجماعة، فتحمل الدية على عواقلهم، ولا يقسم في العمد الأعلى واحد فيقتلونه هذا قول ابن القاسم، وأنكره سحنون، وسوى في هذا بين العمد والخطأ، وقال يقسمون على جميعهم، فيقتلون، وفي الخطأ، فتحمل الدية على عواقلهم، وبه قال الشافعي وغيره قياسًا على قتل الجماعة بالواحد إذا ثبت الدم بإقرار، أو بينه، وقال أشهب: لهم أن يقسموا على الجماعة، ولا يقتلون إلا واحدًا ممن أدخلوا في قسامتهم، وقال في كتاب محمد يقسمون على واحد من أيهم شاءوا، لا يقسمون على جميعهم، يقتلون واحدًا: ويقولون إذا قسموا على واحد من الجماعة لقد مات من ضربه، ولا يقولون من ضربتهم، واعتمد ابن القاسم على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث: الجاريتين يقسم خمسون منكم على رجل منهم الحديث. قال في المجموعة ولم يعلم قط قسامة كانت إلا على واحد، وههنا فروع تتعلق بما قدمناه.

الأول: لو ضربه رجلان أحدهما عمدًا والآخر خطأ فمات لم يقتل ضارب العمد بالشك. وقال أشهب: يقسمون على أيهما شاءوا فيقتلون في العمد وتحمل العاقلة، ولو مات من ضربات خطأ وقال الأولياء لا ندري من أيهما مات سقطت الدية، لأنه حمل بالشك، وقيل: يقضي على عاقلة الضاربين وهو أصح.

قوله: ((ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة)): وهذا كما ذكره قياسًا

ص: 1249

على قاتل العمد إذا عفا عنه (الأولياء بجامع حكمة الردع والتأديب المطلوب تحصيله شرعًا، قال في الموازية إذا عفا عنه) من له حق العفو بقى حق الله تعالى نظرًا إلى أن الزاجر قد اشتمل على حقين حق الله، وحق الآدمي فإذا أسقط الآدمي حقه بقى حق الله تعالى، قال في المجموعة سواء بجب الدم ببينة أو إقرار، أو قسامة، قال مالك: إذا تعلقت القسامة بجماعة فقتل واحد منهم بالقسامة، فإن سائلاهم يضرب كل واحد مائة، ويسجن سنة، لأن الأولياء قد ملكوا قتل كل واحد بالقسامة، فإذا تركوا قتله بالقسامة (إلى) غيره كان عفوا، (وإن) نكل ولاة الدم عن القسامة، وردت الأيمان على المدعى عليهم فحلفوا برئوا، قال ابن المواز: وعلى المدعى عليهم الجلد والسجن، وحكاه القاضي أبو الوليد، قال عبد الملك: إذا حلف المدعى عليه خمسين يمينًا برئ من الجلد والسجن.

فرع: إذا كان المقتول كافرًا كتابيًا، أو مجوسيًا، أو عيدًا للقاتل أو لغيره فعلى القاتل جلد مائة وسجن سنة، قال ابن القاسم، وأشهب، ومطرف، وابن عبد الحكم، وغيرهم قال عبد الملك إنما ذلك في المسلم عبدًا كان أو حرًا، قال أصبغ: إذا قتل السيد عبده لزمه الجلد والسجن، قال محمد: إذا قتلت أم الولد سيدها فعليها الجلد والحبس يعني إذا عفا عن دمها، قال أشهب: إذا قتل العبد فلم يقتل فليجلد ويسجن، قال أصبغ: على العبد والأمة الجلد دون السجن قياسًا على التغريب في الزنا، إذا هو ساقط في العبد، والأمة والمرأة، واختلفت الرواية بأيهما يبدأ ففي الموازية عن أشهب ذلك واسع إنشاء بالجلد أو بالسجن، وفي العتبية أنه يبدأ بالجلد، لأن في (تأخيره) تعريض لإبطاله لاحتمال أن يموت في أثناء السنة.

قال القاضي رحمه الله: ((وتقسم الدية بين الورثة)) إلى أخر الفصل.

ص: 1250

(قلت) وهذا كما ذكره لأن الدية مال موروث، فيستوي فيه جميع الورثة، وروى الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كب إلى أبيه أن يورث امرأة أشيم من دية زوجها) وقد اختلف الفقهاء في توريث القائل، ومذهب مالك أن قاتل العمد لا يورث مطلقًا، وقاتل الخطأ يرث من المال دون الدية، ثم تكلم على دية الجنين، والأصل في ذلك ما رواه مالك في موطئه من حديث أبي هريرة أم امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينًا ميتًا فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة) وفي مرسل ابن المسيب فقال: الذي قضى عليه كيف أغرم ما لا أكل ولا شرب ولا نطق ولا استهل)) ومثل ذلك بطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنما هو من إخوان الكهان) فإذا ثبت هذا فالنظر في ذلك في فروع:

الأول: (متى تجب الغرة) وعندنا أنها تجب إذا خرج ميتًا وهي حية، فإن ماتت، ثم خرج الجنين ميتًا فقد اختلف العلماء فيه، وفي مذهب مالك قولان: المشهور أنه لا شيء في الجنين وفي الأم الدية، أو القود إن كان الضرب عمدًا، وبه قال جمهور أصحاب مالك، وقال ابن شهاب، والليث،

ص: 1251

والشافعي: فيه الغرة وبه قال أشهب.

الفرع الثاني: إذا بنينا على المشهور أنه لا تجب فيه الغرة إذا خرج بعد موتها، فخرج بعضه وهي حية ثم ماتت فحكى الشيخ أبو إسحاق وغيره وجوب الغرة فيه روايتين مبنيتين على مراعاة ابتداء الخروج أو تمامه.

الفرع الثالث: الجنين الذي تجب فيه الغرة ما (علم) النساء أنه ولد كانت فيه الروح أو لم تكن كان (مخلقا) أو لم يكن.

الفرع الرابع: إذا كانا توأمين أو أكثر فهل يكتفي بغرة واحدة أم لا؟ قولان أحدهما الاكتفاء بغرة واحدة وفي العتبية فيهما غرتان من سماع أشهب، وفي المجموعة نحوه، وسواء كان الجنين ذكرًا أو أنثى.

الفرع الخامس: الغرة موروثة على كتاب الله سبحانه، وعليه جمهور أصحاب مالك ابن القاسم، وابن وهب، وأشهب، وابن الماجشون، ومطرف، وابن عبد الحكم وأصبغ، وابن أبى حازم، وقال المغير والمخزمي هي للأبوين خاصة فإن لم يكن إلا أحدهما فهي له، وقال ربيعة: للأم خاصة لأنها كعضو من أعضائها، والصحيح أنها دية، فهي موروثة عن كتاب الله سبحانه كسائر الديات.

الفرع السادس: قال مالك: القيمة في الغرة (حسنة) وليست كالسنة المجمع عليها، وإذا بذل غرة قيمتها خمسون دينارًا أو ستمائة درهم قبلت

ص: 1252

منه، وإن كان أقل لم تؤخذ إلا أن يشاء أهلها وذلك عشر دية أمه، ولم يذكر الإبل في ذلك في حق أهل الإبل قال ابن القاسم: لا مدخل للإبل في ذلك، وإن كان من أهل الإبل، وروى أبو زيد عن ابن القاسم يؤخذ فيها أهل الإبل. قال أشهب: لا يؤخذ من أهل البادية (فيها إبل) قال مالك: الغرة من الحمران أحب إلي من السودان إلا أن يغلوا فهو أوسط السودان، قال عيسى بن دينار القاتل مخير بين أن يعطي غرة عبد أو وليدة قيمتها خمسون دينارًا أو ستمائة درهم، أو يعطي الدنانير والدراهم.

الفرع السابع: إذا طرحته حيًا، ثم مات، وكان الضرب خطأ ففيه الدية على العاقلة، وإن كان الضرب عمدًا، فقد اختلف قوله مالك فيه، فالمشهور من قوله أنه لا قود فيه، قال أشهب: عمده خطأ لأنه بالضرب لأمه غير قاصد إلى قتله، وفي المجموعة عن ابن القاسم إذا تعمد (الجنين) بضرب البطن أو الظهر أو موضع يرى أنه أصاب به الجنين قاصدًا ففيه القود بالقسامة، فإن ضرب رأسها، أو يدها، أو رجلها ففيه الدية بالقسامة في مال الضارب قاله ابن القاسم، وقال أشهب على العاقلة.

الفرع الثامن: إذا ضرب امرأته فألقت جنينًا ميتًا ففيه (الغرة) كما ذكرناه، فإذا استهل صارخًا ثم مات وجبت فيه الدية كما ذكرنا في الأجنبي، وهل تغلظ لا؟ قولان في هذه الصورة المشهور أنها مغلظة، وقال أشهب لا تغلظ.

الفرع التاسع: تعلم حياة الجنين بالاستهلال والبكاء والصراخ، واختلف في التثاؤب والعطاس، والحركة، والبول، والحدث حكاه القاضي أبو الوليد

ص: 1253

الباجي، وقسم القاضي الأجنة خمسة أقسام وهي ظاهرة أولها جنين حرة مسلمة فيه عشر دية أمه كما ذكرناه. والثاني جنين كتابية حرة من زوج مسلم، وهو كالأول سواء كان زجها حرًا، أو عبدًا. والثالث: جنين الكافرة من الكافر فهو معتبر بديتها. والرابع: جنين الأمة من سيدها الحر المسلم فهو كالأول. والخامس: جنين الأمة من غير سيدها، ففيه عشر قيمة أمه. وقال ابن وهب: في كتاب محمد فيه ما نقصها، لأنه كعضو من أعضائها.

قال القاضي رحمه الله: ((فصل وتجب الكفارة في قتل الخطأ دون غيره): وهذا كما ذكره، والدليل على وجوبها في قتل الخطأ قوله سبحانه:} ومن قتل مؤمنًا خطًأ فتحرير رقبة مؤمنة {الآية وهل تجب في قتل العمد أم لا جمهور العلماء على أنها مخصوصة بالخطأ، وقال الشافعي: هي واجبة في العمد من باب الأولى والأحرى وعندنا أنها أعظم من أن يكفر كيمين الغموس.

قوله: ((إذا كان المقتول مؤمنًا حرًا)): احترازًا من الكافر والعبد، وأوجبها الشافعي في قتل العبد، وأوجبها غيره في قتل الكافر، والدليل التعلق بالنص، وأما العبد فإنه مال.

ص: 1254