المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[اللعان] قوله: ((واللعان بين كل زوجين)): إلى قوله: ((وصفة اللعان)). شرح: الأصل - روضة المستبين في شرح كتاب التلقين - جـ ٢

[ابن بزيزة]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطلاق

- ‌ الإيلاء

- ‌ الظهار

- ‌[اللعان]

- ‌باب في العدة والاستبراء وما يتعلق بذلك

- ‌باب الرضاع وما يتعلق به

- ‌كتاب البيوع

- ‌كتاب الإجارة

- ‌باب القراض

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الشركة

- ‌باب الرهون

- ‌كتاب الحجر والتفليس وما يتصل به

- ‌باب الصلح والمرافق وإحياء الموات

- ‌باب الوديعة والعارية

- ‌(كتاب الغصب والتعدي وما يتصل بذلك من الاستحقاق)

- ‌باب في الحوالة والحمالة

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الإقرار

- ‌باب اللقطة والضوال والآباق

- ‌كتاب الشفعة والقسمة

- ‌كتاب الجنايات (وموجباتها من قصاص ودية وما يتصل بذلك من أحكامها)

- ‌فصل والدية تختلف باختلاف حرمة المقتول ودينه

- ‌فصل: وتجب بالجناية على العبد قيمته لا دية

- ‌((فصل: والردة محبطة للعمل (بنفسها) من غير وقوف على موت المرتد))

- ‌كتاب الحدود

- ‌كتاب القطع

- ‌كتاب العتق والولاء وما يتصل (به)

- ‌فصل"والولاء للمعتق إذا كان عنه

- ‌فصل"الكتابة جائزة ولا يجبر السيد عليها إن طلبها العبد

- ‌فصل"والتدبير إيجاب وإلزام

- ‌كتاب الأقضية والشهادات

- ‌كتاب الأحباس والوقوف والصدقات والهباتوما يتصل بذلك

- ‌كتاب الوصايا والمواريث والفرائض

- ‌كتاب الجامع

الفصل: ‌ ‌[اللعان] قوله: ((واللعان بين كل زوجين)): إلى قوله: ((وصفة اللعان)). شرح: الأصل

[اللعان]

قوله: ((واللعان بين كل زوجين)): إلى قوله: ((وصفة اللعان)).

شرح: الأصل في اللعان الكتاب والسنة، أما الكتاب قوله تعالى:{والذين يرمون أزواجهم} الآية [النور: 6]، وأما السنة فقوله عليه السلام في حديث عويمر العجلاني حيث جاء إلى عاصم بن عدي النصاري فقال له: يا عاصم أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي عن ذلك يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم رسول الله عن ذلك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاء عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال عاصم لعويمر

تأتي بخير)). الحديث فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرجه الأئمة مالك وغيره. وقد انعقد الإجماع على أنه مشروع لضرورة دفع النسب، ونفي العقوبة المتوجهة عليه بالقذف.

وحكى بعض علمائنا الخلاف فيه، هل هو شرح عقوبة، أو خلاص من الزناة، وبالأول قال أبو حنيفة، وبالثاني قال مالك وأصحابه، فكان الأصل أن

ص: 854

الزوج كالأجنبي في حق القذف ( ..... ) إلى الوطء حرام في العمل والولد إلا أنه (ائتم) له اللعان لضرورة المناسبة، وقد تبين عليه اللعان إذا تحقق انتفاء النسب.

قوله: ((وهو بين كل زوجين حرين، أو عبدين، عدلين، أو فاسقين، أو أحدهما)): لعموم الآية. ونبه القاضي رحمه الله على مذهب أبي حنيفة وغيره من المخالفين حيث تمسكوا بلفظ الشهادة، فمنعوا منه من لا تجوز شهادته كالفاسق.

والمقصود عندنا أن تكون فيه أهلية اليمين، ويتلاعن الكافران من أهل الذمة، وتلاعن الكتابية تحت المسلم لترفع اللعن عنها، وإن لم تحد إذا زنت، وينفسخ النكاح بلعانها. فإن نكلت فهما على الزوجية، وترد إلى أهل دينها للجناية على زوجها فيعاقبها أساقفتهم لإدخالها اللبس في فراش زوجها. ويقع اللعان في النكاح الصحيح والفاسد وإن فسخ، إذا لحق الولد. ولو قذفها في حال الزوجية بزني قبل تزويجه إياها، فعليه الحد كالأجنبي، ولا مدخل للعان في قذف على الزوجية، ولو طلقها طلاقًا رجعيًا ولم ترجع، ثم أراد اللعان فله ذلك إذ الطلاق رجعي لا يقطع العصمة، ولو قذفها، ثم أبانها فله اللعان لدفع النسب فإن لم يكن له ولد (آخر) فليس له اللعان كالأجنبي، والأجنبي القاذف لا يلاعن.

واختلف المذهب في فروع:

الأول: إذا قذفها في عدتها من الطلاق البائن، وادعى الرؤية فإن كان حملًا لاعن (لنسبه)، فإن لم يكن فهل له أن يلاعن أم لا؟ المشهور أنه

ص: 855

يلاعن، وقال ابن المواز وسحنون يحد ويلاعن، لأن البينونة قد بطلت حكم الزوجية.

قوله: ((وهو موضوع لشيئين)): ذكر في هذا الكلام مضمون الكلام، ولا شك (أن له) أربعة آثار: سقوط الحد، وانتفاء النسب، وقطع النكاح، وتأبيد التحريم.

قوله: ((بثلاثة أوجه)): تضمن هذا الكلام موجبات اللعان. قال القاضي أبو الوليد ويجب اللعان بستة أوجه ثلاثة متفق عليها، وثلاثة مختلف فيها، فالثلاثة المتفق عليها أن ينفي حملًا، ويدعي قبلة الإستبراء. والثاني: أن يدعي الرؤية ولا يستبرئ بعدها الثالث: أن ينكر الوطء جملة ففي هذه المواضع الثلاثة اللعان بلا خلاف.

والمختلف فيه أن يقذف زوجته من غير دعوى الرؤية. واختلف المذهب في هذه الصورة على قولين، فأكثر الروايات على أنه يحد للقذف. ويلاعن اعتبارًا بالأجنبي، والشهود إذا لم يصفوا وهذا هو المشهور، والشاذ أنه يلاعن، وذلك لأن الزوج يضار إلى نفي نسب ليس له منه، فكان مخالفًا للأجنبي.

القسم الثاني: من المختلف فيه أن يدعي الرؤية، ولا يصف وصف الشهود.

القسم الثالث: أن ينفي الحمل، ولا يدعي قبلة الإستبراء، فاختلف في الاستبراء في هذا الباب، المشهور من المذهب أنها حيضة لحصول المقصود بها، وقال عبد الملك ثلاث حيض اعتبارًا بما عدا اللعان.

فرع: إذا نسبها إلى زنى أكرهت عليه، فله اللعان لنفي الولد ولا حد عليها، ولا لعان إذا أثبت الغضب.

قوله: {فأما سقوط الحد عن الزوج فمتعلق بالتعانه} : إلى قوله: {وصفة اللعان} .

ص: 856

شرح: سقوط الحد وانتفاء النسب متعلق بلعان الزوج وحده، لأن ذلك هو مقتضى لعانه. وسقوط الحد عن المرأة المتعلق بلعانها. واختلف المذهب في الفرقة وتأبيد التحريم، والمشهور أن ذلك لا يقع إلا (بإتمامهما) والشاذ أن ذلك واقع (بالتعان) الزوج.

واختلف الأشياخ إذا نكلت المرأة عن اللعان، ثم أرادت اللعان فهل لها ذلك أم لا؟ واختار الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن وابن خلدون وغيرهما (أن الحد قد تعين عليها بنفس النكول، فليس لها رجوع، واختار الشيخان أبو عمران وأبو القاسم بن الكاتب أن لها الرجوع إلى اللعان، ولا يكون نكولها عن اللعان أشد من إقرارها بالزنا، ثم رجوعها عنه).

وما ذكره القاضي من تأبيد التحريم هو الصحيح في المذهب. وحكى

ص: 857

الشيخ أبو بكر الأبهري من المذهب أن يقارن اللعان طلاق الثلاث وتحل بعد زوج. وقال بعض أهل العلم هي طلقة بائنة، وقيل رجعية.

وقوله: ((من غير حاجة إلى حكم حاكم)): تنبيه على مذهب المخالف أبي حنيفة وغيره. وقد تقدم أن اللعان يقع في النكاح الفاسد الذي يلحق به الولد.

وقوله: ((ولا يرتفع التحريم بإكذابه نفسه)): وهذا كما ذكره، ويتعين عليه حد القذف، ويلحق به النسب ويثبت الميراث. ومن مات من المتلاعنين قبل لعانه ورثه الآخر، وقيل لا يتوارثان بعد تمام لعان الزوج، وروى مطرف، وابن حبيب أن إن مات بعد التعانه وقبل التعانها ورثته إذ لا تلتعن.

قال القاضي: ((وصفة اللعان)): إلى آخره.

شرح: تبدئة الزوج باليمين هو نص الكتاب والسنة، لأنه القاذف ويحلف ليرفع عن نفسه حكم القذف والنظر في لفظ اليمين وفي التغليظ (فيه) والتغليظ فيه يكون بالزمان والمكان وبهما. أما الزمان فيتلاعنا دبر الصلوات. قال (عبد الحق) لا يكون إلا في معظم الحق بإثر الصلاة. روى ابن وهب عن مالك قال: كان اللعان عندنا بعد العصر ولم يكن سنة وأي ساعة شاء الإمام لاعن، وبعد العصر أحب إلي قال: في كتاب محمد وأي ساعة شاء الإمام لاعن، وعلى إثر المكتوبة أحب إلي، قال الشيخ أبو محمد أما كونه بعد العصر فغير واجب، فظاهر قول عبد الملك بن الماجشون

ص: 858

الوجوب، وأما التغليظ بالمكان ففي أشرف المواضع في البلد الجامع الأعظم. فإن كان في أحد الحرمين فهل يغلظ عليه اليمين عند المنبر أم لا؟ فيه اختلاف بين العلماء، ويحلف أهل الذمة حيث يعظمون بحضور عدول من المسلمين لقوله تعالى:{وليشهد عذابهما طايفةٌ} الآية [النور: 2]. وأقل ذلك من العدول.

وأما لفظ اليمين بحسب ما يصدر من القاذف، فإن ادعى الرؤية حلف على ذلك فقال: أشهد بالله الذي لا إله إلا هو لرأيته، وإن نفى الحمل فقال أشهد بالله الذي لا إله إلا هو ما هذا الحمل مني، ويرجح الإستبراء بيمينه حيث يتوجه عليه. واختلف المذهب هل يكفيه الاقتصار على ((بالله))، فالمشهور جواز الاقتصار وقال محمد: لابد أن يزيد الذي لا إله إلا هو.

واختلف المذهب في فروع:

الأول: إذا لم يصف وصف الشهود، وقد تقدم الخلاف فيه.

الثاني: إذا أبدل اللعنة بالغضب، أو الغضب باللعنة فهل يجزئه أو لابد من الإعادة، فيه قولان الاجتزاء لاتفاق المعنى، والإعادة وقوفًا على المعنى.

الثالث: إذا ابتدأت المرأة باللعان قال ابن القاسم لا يعاد عليها اللعان، وقال أشهب يعاد، واختاره ابن الكاتب.

الرابع: إذا حلفت المغتصبة تقول أشهد بالله الذي لا إله إلا هو ما أطعت.

الخامس: إذا أبدل لفظ الشهادة بالحلف فقال: أحلف، أو أقسم، فالمشهور الإجزاء لاتفاق المعنى.

قوله: ((فإن استلحق النسب بعد الالتعان حد ولحق به الولد)): لأنه أكذب نفسه في دعواه فتعين عليه حد القذف، وثبت النسب، فإن نفاه فلما مات استلحاقه لم يثبت لأنه متهم على الميراث، فإن كان للمستلحق ولد ثبت الاستلحاق لبعد التهمة.

ص: 859

ولعان الأخرس بما يفهم عنه واقع طلاقه وغيره، وقال الشافعي: لا يلاعن الأخرس والصحيح أن اللعان معنى يأتم باليقين، فإذا أكمل عليه قيل ( ..... ) سهمًا قصد بقلبه، ويلاعن الأعمى لنفي النسب، فإن قذف بالزنا فهل يلاعن لنفي الحد لإمكان عمله، بذلك بواسطة (عقله) أو يحد إذ لا يتصور منه الرؤية، فيه قولان في المذهب.

قوله: (((وإن) تصادقا على نفي النسب، أو الزنا ففي الاكتفاء بذلك من اللعان خلاف)): وهذا كما ذكره، وإنما ذلك لحق الحمل فيمكن اتفاقهما على نفيه، فلا ينتفي إلا بلعان، إذ هي الصورة الشرعية في هذا الباب، وهذا هو المشهور، والقول الثاني: أنه ينتفي بالتصادق، وفي هذا الباب فروع.

الأول: أن يخوفهما الإمام عقابهما قبل الالتعان رجاء أن يتوبا ويرجعا إلى الحق، ويقال له عند الخامسة إن هذه هي الموجبة التي توجب عليك العذاب والفراق.

الفرع: إذا نفى الحمل، ثم وطئ بعد علمه به ونفيه بطل النفي، ولحق الولد، ولو علك بوضع الحمل ولم ينفه سقط قوله: ولم ينتف عنه.

الفرع: إذا أتت بتوأمين فنفاهما لاعن لعانًا واحدًا، وإن نفى أحدهما ثبتا، وإن استلحق أحدهما استلحقا معًا حكمًا، لأن التبعيض في ذلك لا يتصور العلم به البتة.

الفرع: اللعان عن الحمل جائز عندنا اعتمادًا على حديث عويمر العجلاني لأنه لاعن زوجته وهي حامل، وقال أبو حنيفة وغيره لا يلاعن في الحمل إلا بعد الوضع لاحتمال أن يكون ريحًا (فينفش).

ص: 860