الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإقرار
قال القاضي رحمه الله: "باب الإقراء".
قسم القاضي رضي الله عنه عنه الحقوق على قسمين: حق الله سبحانه، وحق آدمي، فحي الآدمي يلزم بالإقرار، ولا يجوز الرجوع عنه لما له في ذلك من الحق ويجوز الرجوع عن الإقرار في حقوق الله سبحانه لتعاليه عن الأغراض، والأمر كما ذكره، وتفصيل القول في حقوق الله سبحانه: أنه أما أن يرجع إلي شبهه، أو إلى غير شبهه، فإن رجع إلى شبهه فلا خلاف أن رجوعه عن الإقرار جائز، وإن رجع إلى غير شبهه فهل يجوز رجوعه أم لا؟ قولان عندنا والأصل في هذا الباب قول النبي -صلي الله عليه وسلم- في معز: هل رددتموه حين قال: ردوني إلى رسول الله-صلي الله عليه وسلم- في معز: هل رددتموه حين قال: ردوني إلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ثم تكلم عن الإقرارات (المجملة)، وهي راجعة إلى مفهوم لسان العرب، منها أن يقر بجمع فيقول: على دراهم، أو دنانير فيلزمه أقل الجمع وهو ثلاثة عند مالك وكافة أصحابه تحكمًا للسان العربي في تفريقهم بين المفرد والمثني والمجموع، وإذا قال له: على دراهم كثيرة، فالمشهور أنه يلزمه بالتعظيم زيادة على ما يلزمه بإطلاق، فقيل: يلزمه ما زاد على الثلاثة، وقيل: تسعة دراهم، قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: وقال بعض شيوخنا الذين درسنا عليهم يلزمه مائتين درهم، وقال أبو حنيفة:
(عشرة دراهم، فإن أقر بمال، ولم يذكر مبلغه فقال بعض أصحابنا: يرجع إلى العشرة قل أو كثر، وقيل) يلزمه ربع، دينار (أو ثلاثة دراهم) أقل نصاب القطع، وقيل: عشرون دينارًا سكه أقل نصاب الزكاة فإن كان من أهل الإبل أو الغنم أو البقر (فأقل) نصابها، فإن وصف فقال: له عندي مال عظيم، فقيل: يرجع في تفسيره إليه كالمفرد غير الموصوف، قاله الشيخ أبوبكر الأبهري، وليس عن مالك فيه نص، وقال ابن المواز: لا يقبل في أقل من نصاب الزكاة، وقيل: نصاب السرقة، وكذلك لو قال لفلان: على شيء فيقبل في تفسيره في أقل مما يتمول، فإن أبي أن يفسر سجن حتى يبين ويحلف على ذلك، ولو قال له: على مائة درهم إلا شيئًا لزمه تسعة وتسعون، ولو قال له: على كذا دراهم، وأو بين المائة والألف، فيجري على الخلاف في المذهب في تعمير الذمة، ولو قال كذا وكذا لاحتمل من إحدى وعشرين إلى تسعة وتسعين، والصحيح أنه إذا فسر نيته بما يحتمله لفظه رجع إلى تفسيره ولزمه الأقل لأنه المقطوع به، واستظهر عليه باليمين في نفي الزائد.
قوله: "ويصح استثناء القليل والقليل من الكثير": أما استثناء القليل من الكثير فلا خلاف في جوازه ووقوعه، وأما استثناء الكثير من القليل فاختلف فيه الأصوليون والنحويون والمعتد في جوازه قوله سبحانه: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من أتبعك من الغاوين) [الحجر: 42] وقال سبحانه: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين) [ص: 82 - 83] وبالضرورة أن أحد الصنفين (أقل)، "وهم المخلصون" لقوله سبحانه:
{وقليل ما هم} [ص:24] والتطولي فيه، في فن العربية وقد ألف محمد بن الحسن الشيباني فيه كتاباً مستقلاً بنفسه، وذكر أبو بكر السراج في الأصول من ذلك مسائل (جمة).
والاستثناء من غير الجنس جائز، واقع لقول النابغة:"إلا أواري" وقد قيل: إن قوله: {إلا إبليس} [البقرة: 34] من الاستثناء المنقطع.
قوله: "والتهمة مؤثر في منبع الإقرار" وهذا كما ذكره أن التهمة (تمنع) الإقرار لما في ذلك من إبطال حق الورثة، أو الغرماء، فإذا أقر في المرض لمن يتهم عليه بطل إقراره، وإن كان ممن لا يتهم في إقراره له جاز، مثل: أن يقر لبعض العصبة الأباعد مع وجود أولاد الصلب فالتهمة تبعد في مثل هذا المحل فيقبل إقراره، وفي إقراره للصديق الملاصق روايتان أحدهما: رده، والأخرى: قبوله ويكون في الثلث فمن أنزله منزلة الوصية رده إلى الثلث، ومن اعتبر التهمة، ولاحظ نفس الإقرار، وهو مغاير للوصية ....
وقال أبو حنيفة: لا يقبل إقرار المريض للوارث جملة، وقال الشافعي: يقبل إقراره على كل حال.
قوله:"وإذا أقر أحد الأبنين بثالث لم يثبت نسبه وأعطاه ثلث ما في يده": وهذه المسألة من مشهور مسائل الخلاف فقال قوم من أهل العلم: لا يثبت بذلك النسب، ولا يجب الميراث وهو الصحيح من أقوال الشافعي، والقول الثاني: ثبوت النسب والميراث، ومذهب مالك رضي الله عنه أن (هذا) الإقرار يتبعض فيثبت به حكم الميراث، ولا يثبت به النسب، والمعتمد لنا أن الخطة إقراره يتضمن) شيئين: أحدهما: على نفسه وهو استحقاق المقر له حظه مما بيده، والثاني: على غيره وهو كونه ابنًا لأبيه، فيقبل إقراره على نفسه، ولا يقبل على غيره، ومن رأي أنه إقرار واحد لا يقبل التبعيض، ولم يتصور عند انفكاك المتلازمين أبطلهما أو أثبتهما، وهذان القولان للشافعية، وإذا أمضينا إقراره في المال على مقتضي المذهب أعطيناه (من يد المقر قدر ما حصل في يده في الزيادة على ميراث اثنين لو ثبت هذا النسب، فإذا أقر بأخ واحد أعطي) نصف ما بيده، وإن اقر باثنين (أعطاهما ثلثي) ما بيده، والأنثى في هذا الإقرار معتبرة بفريضتها في المواريث، وعلى الجملة فضابط مشهور المذهب أنه يعطي المقر له ما كان يجب عليه لو أقر الأخ الثاني أو ثبت النسب وهو مقدار الزيادة على ميراثه لأنه تمام الميراث في يد الابن الآخر، فلا يلزم المقر دفع ما ظلمه به الجاحد، ولو ترك أمًا وأخًا فأقرت بأخ
آخر، فإنها تخرج نصف ما بيدها وهو السدس فيأخذه الأخ المقر له وحده، قال محمد وهو قوله في موطئه، وعليه الجماعة من أصحابنا، وقال في رواية أخرى: يقسمه هو وأخوه والله الموفق.